الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن خطة "ب" الأميركية

عن خطة "ب" الأميركية

13.02.2016
أيمن الحماد



الرياض
الخميس 11/2/2016
    لوّح رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري في حوار مع واشنطن بوست باللجوء إلى خطة "ب" إذا لم يقم الروس بخطوات جادة لإنهاء الأزمة السورية التي تدخل اليوم منعطفاً هو الأكثر أهمية وخطورة منذ اندلاع الأزمة قبل خمسة أعوام.
وكان جون كيري يشير ضمناً إلى تخلي واشنطن عن الحل السياسي والقيام بتدخل عسكري في سورية. وتأتي هذه الخطوة التصعيدية من جهة الولايات المتحدة بعد أن بدت مفاعيل حصار حلب تتشكل من خلال مشاهد الزحف البشري الرهيب صوب الحدود التركية، والذي يعني أن أوروبا بصدد موجة جديدة من اللاجئين وتوابعها، وهي التي قدمت حوافز كبيرة إلى تركيا من أجل وقف تدفقهم نحوها.. لكن أمام هذه الوضع الإنساني المتفاقم صرح الرئيس التركي إرودغان بإمكانية فتح الحدود، كما أن سقوط حلب يعني إصابة المعارضة السورية في مقتل، ووصول الأزمة إلى أفق مسدود لا يمكن معه بأي حال من الأحوال إنهاء هذا النزاع.
سبق التحذير الأميركي الاجتماع الذي سيحضره وزراء خارجية الدول المعنية بالشأن السوري، والتي اتفقت في وقت سابق على دعم المفاوضات التي وُجّهت لها ضربة موجعة، بعد أن صعّدت روسيا من حملتها العسكرية في سورية، بالتزامن مع انطلاقها ملحقة بقوات المعارضة والمدنيين خسائر بشرية وعسكرية، ما استوجب رفع المحادثات إلى أواخر الشهر الحالي خوفاً من انهيار العملية السياسية برمّتها لعل وعسى أن يتمكن دي ميستورا من ترميمها.. لكن ماذا يمكن أن تقوم به إدارة الرئيس أوباما في حال استمرت روسيا في منهجها بضرب المعارضة السورية؟
في البدء يجب أن نعود إلى حادثة "سوروج" الانتحارية على الحدود التركية أواخر العام الماضي التي تبنتها "داعش" وسقط فيها عدد كبير من الضحايا غالبيتهم من الأكراد، وبعد هذه الهجمات شرّعت أنقرة أبواب قاعدة "انجرليك" للقوات الأميركية من أجل تكثيف الضربات على معاقل التنظيم داخل سورية، كما اتفقت الولايات المتحدة وتركيا على إنشاء منطقة "خالية من داعش" بمساحة 90 كلم2، تمتد من جرابلس حتى أعزاز، بالرغم من أن هذا الخيار هو رغبة تركية، لكنه يصطدم بتحفظ كردي، حيث ترى "وحدات حماية الشعب" الكردية أن جرابلس منطقة تتبع الأكراد، لذا لا مفر لواشنطن إلا الضغط على صالح مسلم رئيس الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي سيحضر إلى "ميونيخ" ومغازلته، وقد بدت ملامح ذلك تتضح عندما أشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية بشكل مفاجئ أن "وحدات الحماية" ليست فصيلاً عسكرياً إرهابياً، ما أثار غضب تركيا التي استدعت السفير الأميركي في أنقرة، ويبدو مغزى التصريحات الأميركية واضحاً مع سيطرة الأكراد بشكل جزئي على مناطق محاذية لباب السلامة الحدودي بين سورية وتركيا.
الاحتمال الآخر هو منطقة حظر جوي واسعة على غرار التي تم تنفيذها شمال العراق عام 1991 من أجل حماية الأكراد من عمليات الاضطهاد، وقام على أنقاض هذه العملية العسكرية فيما بعد ما يعرف اليوم بإقليم كردستان.
ويُنتظر في حال تنفيذ أحد هذين الاحتمالين أن يمر بصعوبات سياسية وعسكرية؛ لكنه سيحظى بدعم أوروبي وعربي، وربما نشهد زواجاً مصلحياً بين المعارضة والأكراد، وامتعاضاً تركياً يجب التعاطي معه لا محالة؛ إذ إن دور أنقرة في هذا الأمر حيوي.
إن مسألة إقامة منطقة حظر جوي ستكون أقل كلفة سياسياً ومادياً؛ لو تم ذلك في وقت سابق عندما قصف النظام السوري الغوطة بالأسلحة الكيماوية، لكن يبدو أن الرئيس الأميركي سيجد نفسه مضطراً إلى اتخاذ هذه الخطوة، إلا إذا قدمت له موسكو عرضاً على غرار ما حدث في "أزمة الكيماوي".. ويبدو أن الكرملين يعد لذلك.