الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما هي أبعاد الاتفاق التركي – الأمريكي وخريطة المنطقة الآمنة شرق سوريا؟

ما هي أبعاد الاتفاق التركي – الأمريكي وخريطة المنطقة الآمنة شرق سوريا؟

20.10.2019
هبة محمد


القدس العربي
السبت 19/10/2019
دمشق – "القدس العربي" : بعد توقيع تركيا والولايات المتحدة الأمريكية مساء الخميس، اتفاقاً يقضي بتعليق عملية "نبع السلام" شمال شرقي سوريا لمدة 5 أيام، على أن يتخللها عدد من الخطوات على رأسها انسحاب قوات سوريا الديمقراطية وأسلحتها الثقيلة وتدمير تحصيناتها العسكرية حتى عمق 32 كم مربّع، وبطول 440 كم، هدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأن تتواصل عملية "نبع السلام" بحزم أكبر في نهاية مهلة الـ120 ساعة، إذا لم تلتزم أمريكا بتعهداتها، معتبراً ان "إشكالية المنطقة الآمنة ستحل إذا تمكنت واشنطن من الالتزام بوعدوها لنا لغاية انتهاء مهلة الـ120 ساعة مساء الثلاثاء المقبل".
وكشف اردوغان عن سيطرة جيش بلاده على 65 منطقة سكنية تمتد على مساحة 360 كيلومتر مربع تشمل مدينتي تل أبيض ورأس العين وتحدث عن مجريات اتصاله بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي سبقت الإعلان عن إطلاق العملية العسكرية، وقال "في السادس من الشهر الجاري اتصلت بترامب قلت له سنبدأ بهذه العملية، وبعد الاتصال وفقاً لما علمناه من وسائل الإعلام رأينا أن أمريكا ستسحب جنودها من هذه المنطقة، فلم يكن يوجد شيء يعيق البدء". لافتاً إلى إن الجانب الأمريكي سيشرف على إخلاء "المنطقة الآمنة" وسحب أسلحة الأكراد وتدمير تحصيناتهم وتعهد ببقاء قوات بلاده الموجودة في الشمال السوري.
وتضمن الاتفاق مع الأمريكيين أبعاد المنطقة الآمنة التي نص الاتفاق أن تكون تحت سيطرة الجيش التركي، ما يمنح تركيا أهدافها ويضمن أرضية ملائمة لتقويض حزب العمال الكردستاني، على اعتبار أنّ المنطقة الآمنة تضمن تحقيق انقطاع جغرافي مع فرعه السوري وحدات الحماية الكردية.
وأضاف اردوغان: "من ميزات اتفاقنا (مع الأمريكيين) هي أن قواتنا الأمنية لن تغادر المنطقة، وحصلنا على وعود من الجانب الأمريكي بأن تكون هذه المرحلة تحت قيادة تركيا وبتعاون كامل بين الجانبين". مؤكداً أنه "بمجرد اكتمال أعمال صياغة الدستور الجديد وضمان وحدة أراضي سوريا ووحدتها السياسية ستنتقل جميع الأراضي إلى سيطرة الحكومة الشرعية (المقبلة) في هذا البلد".
 
اردوغان يهدد بمواصلة "نبع السلام" بحزم إذا لم تلتزم واشنطن بتعهداتها
 
ويُعتبر البيان المشترك الصادر عن البلدين اتفاقاً استراتيجياً، حسب وصف الخبير السياسي محمد سرميني، الذي قال انه يماثل من حيث الفاعلية بروتوكول أضنة (1998)، محللاً في حديثه مع "القدس العربي" أبرز مضامينه، حيث اعتبر ان الاتفاق بين البلدين يقوم – في حال نجاحه – على أبعاد تتجاوز المنطقة الآمنة شمال سوريا، لتصل إلى نقاش دور تركيا في المنطقة واستعادة الثقة في مسار التعاون بين أنقرة وواشنطن على المستويات كافة، إذ ان الاتفاق يحقّق عملياً كل ما كان يطالب به الأتراك منذ أكثر من عامين، وبالسيناريو الأفضل له (32 كم)، كما تمكّنت تركيا من الحصول على مطلبها بشكل دبلوماسي دون أي جهد عسكري. موضحاً أن الانسحاب الأمريكي سيكون من شمال سوريا وليس من كامل البلاد – حالياً على أقل تقدير- إذ تربط الولايات المتحدة بقاءها في المنطقة من عدمه بمدى التأكّد من تأمين مصالحها الاستراتيجية في ظل تعويل على استعادة دور تركيا الحيوي الذي كانت تؤديه في حفظ استقرار الأمن الإقليمي للمنطقة كعضو أساسي في الناتو. وبالتالي سيقع على عاتقها مكافحة ملف تنظيم داعش وأنشطته.
الاتفاق يضمن لتركيا أهدافها في تقويض حزب العمال الكردستاني، حسب المتحدث وذلك سواءً باستئناف المفاوضات معه لاحقاً أو باستمرار مكافحة أنشطته في المنطقة؛ على اعتبار أنّ المنطقة الآمنة تشكل حزام أمان بين الاراضي التركية والسورية، ويُشكّل الاتفاق فرصة لوحدات الحماية الكردية لمراجعة مواقفها، كونه لا يؤدي بالضرورة إلى إنهائها تماماً ويفتح لها المجال لمواجهة مستقبل وجودها في المناطق المتبقية خارج المنطقة الآمنة.
وبيّن من وجهة نظره ان هذا الاتفاق يتيح استئناف مساعي تعزيز التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وتركيا التي تستهدف زيادة التبادل التجاري ليصل إلى 100 ميار دولار سنويا، كما يساهم في تخفيف الضغط الغربي على تركيا، والذي تزايد بعد انطلاق عملية نبع السلام، ويعزز موقفها أمام أي تفاهم مع روسيا حول مستقبل المناطق التي دخل إليها النظام السوري لا سيما عين العرب/ كوباني ومنبج، وكذلك الحال في مسار العملية السياسية، رغم وجود تحدٍّ أمامها في هذا الصدد.
وبينما عبر الرئيس التركي عن عدم اعتراضه على دخول النظام إلى مدينة منبج وعين العرب فسر هذا التصريح مصدر سياسي مطلع لـ"القدس العربي"، معتبراً ان مدينة منبج ينتظرها "اتفاق رباعي، يضم مجلس قسد بعربه وكرده، والنظام السوري، والثوار والجيش الحر المدعوم تركياً، والتركمان". مرجحاً ان يكون الترتيب المنتظر لا يرضي اي طرف منهم لكنه سيسمح بالعودة للجميع.
واستنتج المتحدث من الاتفاق التركي – الروسي، ان مدينة "عين العرب – كوباني" ستكون ضمن مناطق من شرق تل ابيض، اي قرى كردية، بإدارة قسد فعلياً، مع عودة دوائر الدولة السورية للعمل، بشكل طبيعي وبحماية قوات الشرطة الكردية المعروفة باسم "الاسايش" وتنتشر القوات السورية مع شرطة عسكرية روسية على خط الحدود مع تركيا.
أما المناطق التي ستكون بإدارة الجيش الوطني، وتركيا بالطبع، فتمتد من تل ابيض إلى رأس العين وصولاً للطريق الدولي، ماعدا تل تمر المدينة. أما بلدة "تل تمر" ومن شرق رأس العين حتى الحدود العراقية اي "الدرباسية، عامودا، القامشلي، القحطانية، المالكية"، فستكون بإدارة مشتركة بين النظام وقسد كشرطة ومكون سياسي، مع إبعاد القوات العسكرية لقسد إلى ما بعد الطريق الدولي، لتنتشر قوات النظام السوري والشرطة العسكرية الروسية على الحدود.
وأوضح المتحدث ان "الرقة سلمت السدود والمواقع العسكرية للنظام لكن ستكون مشاركة فاعلة لقسد لادارة المحافظة، اما دير الزور فتبقى على صفيح ساخن وعلى ما يبدو سيكون دور لدول الخليج والعراق وايران في هذه المناطق وفي الصراع عليها، اما النفط والغاز والقمح فستكون بإدارة تامة من النظام، ويمكن ان تشارك قسد في حمايتها مقابل عقود مبدئياً لحين إدماج اسايش قسد مع الشرطة السورية".