الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن قصف دمشق مجدداً

عن قصف دمشق مجدداً

29.08.2015
سلامة كيلة



العربي الجديد
الخميس 27/8/2015
لا يكفي الشعب السوري جنون النظام الذي يلقي البراميل المتفجرة كل يوم على المدن والبلدات، ولا يكفي الحصار الذي يُفرض عليه في مناطق عديدة، ولا سطوة داعش ووحشيتها، أو أصولية جبهة النصرة أو جيش الإسلام، والفساد الذي يتخفى خلف ذلك كله، حيث يستغلّ الحصار من أجل "التجارة والكسب". بعد ذلك كله، نجد أن جيش الإسلام مستمر في القصف العشوائي لمدينة دمشق، قتل المئات، وقبل أيام قصف الذاهبين لزيارة ذويهم المعتقلين في سجن عدرا، وهم معتقلو الثورة.
طبعاً، من الواضح أن جيش الإسلام يحاول تجاوز مأزق عدم مشاركته في كسر الحصار ووقف الهجوم على الزبداني، والذي طالبت به قوى وشخصيات كثيرة، كما يريد تجاوز مأزق الاحتجاجات التي تطاوله في سقبا وحمورية ودوما، نتيجة تسلطه، والاستغلال البشع الذي يمارسه، مستفيداً من الحصار الذي يفرضه النظام على الغوطة الشرقية، والذي أسهم هو به حينما سلّم العتيبة. وكان تسرّب، في الفترة الأخيرة، أنه سهّل لوجاهات في الغوطة للذهاب إلى دمشق ومحاورة السلطة.
واضح أن زهران علوش لا يعتبر أن سكان دمشق من الشعب السوري، بل ربما لا يعنونه من الأساس. لهذا، يقصف خدمة لأهدافه، ولكن، أيضاً خدمة لأهداف النظام الذي يريد إظهار الوجه البشع ل "الثورة"، على الرغم من أن زهران علوش وجيش الإسلام ليس من الثورة، وفق كل الممارسات التي قام بها في الماضي، ويقوم بها الآن. استحوذ على أسلحة كثيرة، ورفض توزيعها على الكتائب المسلحة، على الرغم من عدم حاجته لها، ويرفض المشاركة إلا بما يطلبه "الداعمون"، وهذا ما جعله يشارك في جيش الفتح الذي هو التعبير عن سياسة كل من السعودية وقطر وتركيا، التي تريد الضغط على السلطة، وإضعافها فقط، تهيئة لحل سياسي برعاية دولية. والواضح أن داعميه، وهنا السعودية تحديداً، لا تريده أن يشارك في معارض دمشق، بل أن يحكم سيطرته على منطقته، ويمنع الآخرين من إحراز أي تقدّم، وهو ما دفعه لتصفية كتائب مسلحة بحجج واهية.
فإلى الآن، تتحدد الخطوط الحمر للقوى الخاضعة لتمويلها بعدم مس دمشق، وعدم التقدم نحو الساحل، واللعب في المناطق الأخرى، من باب الضغط فقط كي تقبل روسيا بالحل الذي يقوم على إبعاد بشار الأسد، وتكريس "أزلام" لها في السلطة الميمونة. هذا ما يمنع زهران علوش إسناد الزبداني، وعدم تحريك جبهة دمشق، لكنه لا يكترث لسكان دمشق، فيقصفهم بصفتهم أعداء، ويبرر للسلطة أن تمطر دوما بالبراميل المتفجرة بوحشية، بينما كان الأجدى أن يدعم الزبداني، ويهدد السلطة في دمشق.
ذلك كله يظهر أن زهران علوش لا يعترف بالسوريين، لا يعرف معنى المواطنة، وليس معنياً بواقع هؤلاء وبحياتهم، وهذا ما يجعله يستغلّ الحصار، لكي يتاجر في وضعهم البائس، ويراكم الأموال من دون حساب لوطن أو شعب. وبالتالي، ليس من الثورة التي تريد إسقاط النظام، من أجل حق المواطنة والعيش الكريم، هو من المافيا التي تستغل الحرب، من أجل النهب، وربما يكون من مافيا السلطة القادمة. وهو كذلك أداة بيد القوى الإقليمية، أقصد هنا السعودية، التي تعمل لكي يصبح من "اشترتهم" أداة بيدها في مساوماتها التي تهدف لأن يكون لها ثقل في السلطة المنوي تشكيلها. وجيش الإسلام من هذه الأدوات، مثل النصرة وأحرار الشام وغيرها.
انطلاقاً من ذلك كله، نفهم لماذا يتصرف زهران علوش بهذا الشكل المعادي للشعب، في الغوطة ودمشق، وكيف يجب أن يواجَه، وأن يُدعم الحراك ضده. هذا الشعب القاطن في كل أنحاء سورية هو الذي تسعى الثورة إلى أن تحقق مطالبه، والذي يجب أن يُحمى من بطش السلطة، وكل الزعران.