الرئيسة \  واحة اللقاء  \  منصات موسكو ليست المكان الصحيح الذي يمكن مخاطبة الشعب السوري عبره

منصات موسكو ليست المكان الصحيح الذي يمكن مخاطبة الشعب السوري عبره

17.08.2017
ميسرة بكور


القدس العربي
الاربعاء 16/8/2017
بسرور وعقول وقلوب منفتحة، رحبنا ولم نزل نرحب بأن تلعب الدول العربية الشقيقة دورا قياديا لتحقيق عملية الانتقال السياسي الكامل في سوريا.
وهنا لا يمكن لأحد أن يتجاهل الثقل العسكري والسياسي لمصر العربية بالاضافة إلى بعدها العربي القومي وعلاقات الأخوة الوثيقة بين مصر والشام – التي تعود لعصر الفرعون رمسيس الثاني ومعركة قادش غرب عاصي حمص، وفي عهد الأمويين وصلاح الدين والمماليك "عين جالوت" والوحدة بين البلدين في القرن المنصرم وحرب تشرين – طالما أن الهدف هو نصرة الشعب السوري والحفاظ على ترابة الوطني تحت مرجعية الأمم المتحدة وبيان جنيف واحد. القاهرة مرحب بها .
مما لاشك فيه أن جميع أهالي المدن المحاصرة والمحترقة بطائرات روسيا والميليشيات الإيرانية يبحثون عن الخلاص والسلام بعيداً عن تنظيم بشار الأسد وميليشيات إيران الإرهابية، ويرحبون جميعاً بالوقف الفوري لإطلاق النار وإخراج المعتقلين من سجون بشار الأسد الأمنية والتشبيحية، والجميع يرغب بعودة الحياة الطبيعية لتلك المناطق بعد سنين الحرب الطوال، لكن لا أحد يرغب بالاستسلام أو التنازل عن دماء السوريين أو يقبل بالمصالحة مع تنظيم الأسد ورموزه الدموية تحت أي عنوان من العناوين، فهم لم يقدموا كل هذه التضحيات حتى يعودوا لزريبة السمع والطاعة.
هل نحتاج لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات واطلاق سراح المعتقلين، نعم بكل تأكيد نحتاج ذلك، بعدما تعب الأهالي، وهذا حقيقة ما عول عليه تنظيم الأسد، أن يقول الناس تعبنا، ويستسلموا لواقعهم الذي خذلهم فيه القريب والبعيد، لكن السوريين لم يقبلوا بهذا حتى الآن.
لسنا ضد السلام المستدام ونبحث عن العدالة الاجتماعية والسياسة والتعايش المشترك البناء، لكننا بكل تأكيد ضد الاحتلال والعدوان الروسي وغيره من صنوف الاحتلال، ولا يمكننا أن نقبل به وسنقاومه ونسميه باسمه الذي لا يحتمل لبسا أو تفسيرا.
وبكل صراحة: الوجود الروسي في سوريا هو عدوان واحتلال ومشروع تخريب ودمار، وأين ما حلت روسيا حل الفقر والخراب والفساد، ومن يسوق للمشروع الروسي هو شريك أصيل في كل ما ارتكبته روسيا من إجرام في سوريا خلال سنوات احتلالها بلادنا، ونضيف نحن لم نكن شركاء في ما تم التعاقد عليه بين تنظيم الأسد والاحتلال الروسي، وبالتالي لا نعترف بأي اتفاقيات تمت بينهما اعتباراً من عام 2011.
إن كانت روسيا جادة في صنع السلام في سوريا عليها أن توضح لنا ما هو مشروعها في سوريا دون لف ودوران لنتجه إلى الهدف بشكل مباشر، نحن لم نكن يوماً ضد الاتحاد الروسي ولم نذهب اليهم، هم من جاءوا الينا ليذبحونا ويشردونا، وبطركهم من قال إنهم يخوضون حربا مقدسة في سوريا، ووزيرهم لافروف من قـال إنهم تدخلوا في سوريا قبل أسابيع من سـقوط تـنظيم الأسـد ووصـول الثـوار إلى دمـشق..
لسنا في المجمل ضد موسكو ولكن عليها أن تبني الثقة مع الشعب السوري وتعترف بجرائمها أو على الأقل تعترف ولو على استحياء أنها أخطأت، وأن تتخلى عن مطالبها ببقاء تنظيم الأسد وتوقف دعمه بالسلاح والرجال، حينها ستجد كل أيادينا ممدودة للسلام، أما والحال كذلك من غطرسة وتسلط وعدوان فليس لها عندنا إلا المقاومة والصمود إلى آخر نفس.
كما يجب على موسكو إن كانت حقاً ترغب في السلام في سوريا أن توضح لنا وبشكل علني ما هي استراتيجيتها في بلادنا، أي ما هي الخطوة التالية لوقف إطلاق النار، وهل ستتخلى عن بشار الأسد أم لا، وهل ستعترف روسيا بأن الشعب السوري قام بثورة ضد تنظيم الأسد ذيل الكلب بالوصف الروسي، على هذا الأساس نبني نظرتنا للتعاون المستدام معها. دولة، لدولة، وليس تنظيم تابع ودمية يحركها كرملين موسكو حيث يشاء ومتى يشاء.
في ظل ما نتابعه من تصرفات وسياسات بوتين في سوريا لا نعتقد أن موسكو في وارد التخلي عن نظام الأسد، ربما تقوم بتغييرات شكلية في النظام وتسليم أذرعها التي استنبتتها في سوريا، بعض المناصب الشكلية في إطار المشهد السوري لكن الاستراتيجية النهائية لا تعني التخلي عن بشار الأسد وهذا لا يحتاج لتوضيح.
في موضوع بنود الهدنة دعونا نسأل: ألم يصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2254 وجاء فيه كل ما جاء في هذه الهدن المزعومة وقامت روسيا بعرقلة تنفيذه؟ ألم تعلن موسكو من أستانا اتفاقية وقف التصعيد بالتشارك مع إيران وتركيا؟ وما هو الجديد الذي قدمته هذه الهدنة؟.
نقول بكل وضوح روسيا مازالت العدو والمحتل بنظر الشعب السوري الحر، ولم تغير سياستها، وكل ما تفعله من وراء هذه الهدن أنها تحاول تبييض وجهها القبيح كصانعة للسلام في سوريا بعد كل ما فعلته.
تلميع دور احمد الجربا وتياره ومنحه دور البطولة في مرحلة مقبلة، هذا أمر غير مقبول لدى الجماعة الوطنية السورية وشرفاء الثورة الذين يطرحون عشرات علامات الاستفهام والتعجب حول "الجربا" وتياره وارتباطاته وانخراطه في المشروع الروسي.
نحن وإن كنا نرحب ونرجو أن يقوم الأشقاء العرب بدور فعال في سوريا تحت سقف قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، نعتقد أن عنوان البريد الذي أرسلت عبره رسائل للشعب السوري كان غير موفق لتيار "الغد" الذي لا يحظى باي دعم شعبي والجميع ينظرون له بعين الريبة والحذر.
لا مانع لدى الثوار أن يكون للأشقاء العرب مصالح في سوريا، لكن من المهم أن يختاروا رجالاتهم بعناية ولا يعتمدوا على شخصيات مستهلكة ومكشوفة أمام السوريين، وإن كان البعض منهم في هذه المرحلة قبل بعض الأدوار التي كتبتها له تيارات "موسكو" نتيجة شراء الذمم والولاءات وبسبب الحاجة والوضع المزري في الداخل السوري أو بعض المتسلقين الذين يتواجدون عند أي قسمة او مائدة، ومن تخوف من التهديد والوعيد بالطائرات الروسية، لكن بالنهاية هذه شخصيات غير مرحب بها في الحراك الثوري السوري وما إن تهدأ الأمور حتى يعود الكثير منهم لرشده ورفضه لهذه الفطريات التي لا تستطيع العيش إلا على الجيف.
نعتقد أن أمام القاهرة وبقية الدولة، قنوات أخرى وفرصا أفضل تستطيع عبرها تحقيق مصالحها بعيدا عن الأوراق المحترقة المتساقطة كآخر أوراق الخريف، أو التي لا مستقبل لها.
ونرحب بأي دور بناء لها في إطار الوطن السوري الواحد وانتصارها للشعب السوري وتضحياته العظيمة.
في الختام نقول وبكل أمانة ومحبة، تيارات "موسكو" بعناوينها المتعددة ليست العنوان المناسب أو البريد الصحيح الذي يمكن مخاطبة الشعب السوري عبره، كما يقول السوريون في ما بينهم وإن أجبروا بسبب طبيعة المرحلة وضغط الظروف على القبول بهم مكرهين، مرحلياً .