الرئيسة \  ملفات المركز  \  في ذكرى مجزرة السارين السادسة ... العدالة غائبة والمجرم طليق

في ذكرى مجزرة السارين السادسة ... العدالة غائبة والمجرم طليق

22.08.2019
Admin


ملف مركز الشرق العربي 21/8/2019
عناوين الملف :
  1. موقفنا :الذكرى السادسة لمجزرة السارين ...وهولكست السوريين المستدام !!
  2. سوريا 24 :“كيماوي الأسد”.. رغم مرور 6 سنوات على مجزرة الغوطة لا زال المجرم طليقاً!
  3. صحيفة خبر :شهداء 21 آب “كيماوي الأسد”
  4. الحل :أصبح عمر الجريمة ست سنوات.. ذكرى الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية
  5. الحوار المتمدن :سوريا والسارين والعالم
  6. الشبكة السورية لحقوق الانسان : المحاسبة لا تزال غائبة في الذكرى السنوية السادسة لأكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في العالم بعد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
 
موقفنا :الذكرى السادسة لمجزرة السارين ...وهولكست السوريين المستدام !!
يصادف اليوم الذكرى السادسة لمجزرة السارين في غوطة دمشق رمز الإباء والعنفوان . المجزرة  الجريمة التي راح ضحيتها أكثر من ألف وست مائة إنسان جلهم من الأطفال الأبرياء . المجزرة التي ارتكبت على عين من دول العالم أجمع فكان فيها بين مشارك ، ومتواطئ .
وحين يتحدث البعض عن المجزرة بوصفها جريمة حرب لبشار الكيماوي ، ولزمرته الأسدية الطائفية العفنة ؛ فإن الجريمة البشعة ، والحق أحق أن يتبع، كانت جريمة دولية بامتياز ، ارتكبت ضد القانون الدولي والإنساني وتحت غطائهما في الوقت معا .
لقد كان الهولكست النازي المستنكر والمدان الذي طال مجموعات بشرية متعددة منها اليهود والغجر  فعل مجرم حرب اسمه هتلر وبشراكة حركة عنصرية اسمها النازية؛ بينما الهولكست الذي ما زال يدور على الشعب السورية منذ تسع سنوات ، والذي كانت مجزرة الغوطة بكل عنفها وقسوتها وتماديها محطة من محطاته تتم إدارته بإرادة دولية جماعية ، بشراكة بعض وبتواطئ وصمت آخرين .
لا يجوز أن تتحول ذكرى مجزرة الغوطة بالنسبة إلينا نحن السوريين إلى محطة للتوجع والتأوه مع فظاعة الألم وعمق الجراح ..وإنما يجب أن تكون محطة حقيقية لاقتناص الدروس والعبر ، وطرح التساؤلات ، واستنباط القواعد والأحكام ..
ولعل أهم سؤال يطرحه سوري على نفسه : لماذا يجتمع أشرار العالم على كراهيتنا رغم أننا لا تجمعنا بهم حدود ولا تربطنا بهم قيود ؟!
ماذا يضر بعض الدول التي ما تزال تصوت ضدنا في المحافل الدولية أن ينال الشعب السوري حريته ويتمتع بحقوقه ؟!
لماذا لا يزال هؤلاء وأولئك مصرين على استكمال الهولكست البشع ضد شعبنا بكل عناد متجاوزين كل ما يدعون إليه من قيم وحقوق إنسانية ..؟!
والأهم من كل ذلك : كيف نواجه وكيف ندافع عن وجودنا الذي يريدون استباحته ، وعن حقوقنا التي يريدون مصادرتها ؟!
هل نرد على الكراهية بالكراهية ؟! وعلى البغي بالبغي ؟! دون أن تكون لنا تبصرة بكل ما يجري ؟! وقدرة على وضع كل الحدث ، وكل حدث في سياقه القيمي والأخلاقي والإنساني ؟!
إن الدعوة إلى الفهم وإلى العمل المبصر ليست دعوة إلى التخاذل أو إلى إهدار الحقوق أو التخلي عنها كما يتصوره البعض وإنما هو دعوة إلى الرشد المنتج الذي يقودنا من نصر إلى نصر .
كل التساؤلات التي سبقت تضع على " سراة السوريين " وأولي الأحلام والنهى منهم مسئولية أكبر في تفهم السياقات واقتراح السبل للتعامل معها . يجب أن لا نمل من تكرار أن المقدمات الخاطئة لا تنتج نتائج صائبة أبدا ..
وقبل أن نغادر محطة الذكرى الفاجعة الأليمة لا بد أن نذكر ..
أن بعض الجماعات البشرية التي تأذت من جحيم الهولكست النازي ظلت تلاحق مجرميه على مدى عقود طويلة ..ومن هنا يجب على أصحاب القرار الوطني من السوريين أن يوثقوا  الجريمة ، بل كل الجرائم التي ارتكبت ضدهم ، بكل تفاصيلها . وأن يصدروا قائمة العار لكل الضالعين فيها من المجرمين المحليين والدوليين ولاسيما الذين شاركوا في الجرائم عمليا ، والذين غطوا على هذه الجرائم  بقراراتهم ومواقفهم وسياساتهم  ، دون أن ننسى صاحب الخط الأحمر في موقفه الكالح الكئيب .
نقف خاشعين اليوم في رحاب الذكرى الأليمة الفاجعة
نترحم على شهدائنا ..
ندعو لأطفالنا الذين مزق السارين رئاتهم : اللهم اجعلهم فرطا وذخرا ..
نسأل الله أن ينزل على قلوب أمهاتهم وآبائهم السكينة وأن يلهمهم حسن العزاء ...
ونجدد العهد مع الله الذي أكرمنا بآدميتنا ..
ومع كل الأحرار من أبناء شعبنا ومع كل محبي الخير في العالم ..
أن لن نقبل عن إنسانيتنا وحريتنا وكرامتنا بدلا ..
أيها السوري الحر النبيل
 " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لايوقنون "
لندن : 20/ ذو الحجة / 1440 - 21/ 8 / 2019
زهير سالم : مدير مركز الشرق العربي
===========================
سوريا 24 :“كيماوي الأسد”.. رغم مرور 6 سنوات على مجزرة الغوطة لا زال المجرم طليقاً!
أحمد زكريا - SY24 منذ دقيقة واحدة 8
 أطلق عدد من الناشطين الميدانيين والإعلاميين داخل سوريا وخارجها، وخاصة من مهجري الغوطة الشرقية، اليوم الأربعاء، وسم هاشتاغ #AssadChemicals أو “كيماوي الأسد”، وذلك لإحياء ذكرى مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات نظام بشار الأسد في عام 2013.
وطالب مطلقو الهاشتاغ، في عاصفة التغريدات على هذا الهاشتاغ، بمحاسبة الأسد والكشف عن الحقيقة الغائبة التي غيبتها المنظمات الدولية وساعدت الأسد بذلك، على حد تعبيرهم.
وحمل الهاشتاغ عبارات من مثل” كي لاننسى مجزرة الكيماوي”، وعبارة أخرى تحت عنوان “ناموا ليلتها يحلمون برغيف فأخذتهم نسائم السارين إلى الجنة” في إشارة إلى أطفال الغوطة ضحايا تلك المجزرة، إضافة لعبارات أخرى قال فيها أحدهم”  لن أنسى ما حييت تلك المجزرة، و لن أتوقف عن تجديد ذكراها كل عام حتى نحصل على حقوق الشهداء”.
كما أرفق رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عددًا من الصور لضحايا قضوا جراء تلك المجزرة، بالإضافة لشعار مخصص لتلك الحملة باللون الأصفر، عليه صورة رأس النظام بشار الأسد وشعار الأمم المتحدة، في رسالة واضحة على تآمر المجتمع الدولي الذي يشاهد الجرائم المرتكبة وسط صمت رهيب منه.
كما تضمن الهاشتاغ، عدد من القصص والروايات المؤثرة لأشخاص ناجين عاشوا ليلة وقوع المجزرة، لتكون تلك الروايات كشاهد على العصر، وكورقة إدانة في وجه نظام الأسد.
وفي هذا الصدد قال الدكتور “محمد كتوب” رئيس الجمعية الطبية الإنسانية السورية الأمريكية “سامز” في سوريا، إن “المجرم ما يزال طليقًا ولا ينقص ذلك لا تحقيقات ولا شهود ولا تقارير ولا معلومات، إذ إن هناك تحقيقات أجريت وأثبتت مسؤولية الأسد عن العديد من الجرائم الكيميائية، وهناك الكثير من أجسام التحقيق الدولية أثبتت استخدام الكيماوي وأثبتت مسؤولية الأسد عن تلك الاستهدافات، لكن المجرم ما زال طليقًا”.
وأضاف، حقق في استهدافات الكيماوي 4 لجان حتى الآن 2 منهما منبثقة عن منظمة حظر الأسلحة ولجنة التحقيق الدولية الخاصة التي أسسها مجلس حقوق الإنسان عام 2011، وآلية التحقيق المشتركة التي شكلها مجلس الأمن نهاية عام 2015 واستمر عملها لسنتين وأثبتت مسؤولية عن كثير من الاستهدافات الكيميائية، ومع ذلك مازال المجرم طليقًا”.
وبين “كتوب” أنه “وثق في سوريا ما يزيد عن 200 استهداف بالسلاح الكيميائي، وتم التحقيق بجزء كبير منها من قبل هذه اللجان وأُثبتت المسؤولية بشكل واضح ودقيق، والمشكلة اليوم بعدم فعالية مجلس الأمن الذي أصدر تحت الضغط 3 قرارات تتعلق باستخدام الكيميائي في سوريا من عام 2013، فبعد مجزرة الغوطة أصدر المجلس قرار في سبتمبر عام 2013، وبعد ذلك في عام 2015 أصدر قرارين واحد يتعلق باستخدام الكلور، والآخر يتعلق بتشكيل آلية التحقيق المشتركة، ومع ذلك لم يتغير شيء”.
وختم بالقول: إنه “لا ينقص قضية الكيماوي لا قرارات من مجلس الأمن، كون القرار الأولي صدر بالشهر التاسع عام 2013 ويوجد فيه بند يتحدث عن استخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال تكرر استخدام السلاح الكيماوي، والقرارات الأخرى تتحدث عن التحقيقات وعن استخدام الكلور بسوريا وأثبت ذلك عن طريق لجنة شكلها مجلس الأمن نفسه، ومع ذلك لم يتغير شيء”.
يذكر أن النظام السوري استخدم السلاح الكيميائي خلال قصفه للغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق، في 21 أغسطس/آب 2013، حيث قضى على إثرها أكثر من 1450 شخصا أغلبهم من الأطفال.
===========================
صحيفة خبر :شهداء 21 آب “كيماوي الأسد”
ربما يكون هذا اليوم عادياً جداً في أي مكان، وربما يكون عيدًا أو ذكرى أو مناسبة لدولة أو أي شخص كان.
ولكن يوم 21 آب في سورية له ذكرى خاصة في قلوبنا، إذ يحيي اليوم السوريون بألم ذكرى مجزرة الغوطة التي وقعت في 21 آب 2013 التي قُتل فيها 1400 مدني جراء استنشاقهم الكيماوي الذي قصفهم به نظام الأسد، كل ذلك جرى وسط تنديد عربي فقط، وصمت دولي اكتفى بتحديد خطوط حمراء.
واستخدم نظام الأسد بضربته على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام في الغربية صواريخ تحمل غاز السارين المؤثر على الأعصاب في الجسد، وأتت الضربة بعد أيام من زيارة بعثة مفتشين دوليين لدمشق، كأن النظام أراد أن يقول للعالم: تباً لكم ولمفتشيكم سأقتل كيفما أريد.
ونفى النظام مسؤوليته عن الصواريخ الستة عشر التي أطلقت من القلمون، واتهم قوات المعارضة بها رغم تأكيد من الأمم المتحدة بأن الصواريخ خرجت من مخازن الجيش النظامي وقتها، كما لم تتدخل أي دولة وقتها بشكل مباشر وتحقق بالأمر لأن حكومة النظام كانت تخيفهم دوماً بأن المنطقة غير آمنة وربما يتعرضون للخطر.
وتعد مجزرة الكيماوي لعام 2013 شاهد على تواطؤ الأمم المتحدة والدول التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان مع الأنظمة القمعية في كل دول العالم.
وسيذكر التاريخ أن أطفالاً ونساء وشيوخًا عُذبت أرواحهم قبل الموت خنقاً تحت أنظار العالم أجمع.
===========================
الحل :أصبح عمر الجريمة ست سنوات.. ذكرى الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية
2019-08-21
(الحل) – “بدأت شفتاي بالرجفان والانتفاخ، وعيناي أيضاً، وانعدمت الرؤية أمامي. كان جميع الناس مرميين على الأرض يصرخون، وكان هنالك العشرات من الشهداء. كان لون وجوههم أصفر، كانوا جاحظي الأعين ومفتوحي الأفواه. عائلة كاملة من بيت جيراننا كانت تنازع الموت ولم أستطع إنقاذهم. حاولت إنقاذ بعض النساء، اللواتي كن تصرخن وتطلبن النجدة. كان الأطفال يرجفون بشكل مخيف ويتساقطون الواحد تلو الآخر. ثم بدأ الزبد يخرج من فمي. عدت إلى البيت فوراً، فوجدت أفراد عائلتي وقد أغمي عليهم جميعاً. قام أحد المواطنين بمساعدتي في نقلهم إلى النقطة الطبية بعد عدم تمكني من قيادة السيارة”.
ما تزال صور قتلى القصف الكيماوي على الغوطة الشرقية محفورة في ذاكرتنا، أنفاسهم وهم يقاتلون الموت، أعينهم المفتوحة والزبد الخارج من أفواههم، جثث الأطفال المرمية في كل مكان. لن يمحو الزمن ولا التاريخ ما فعلته الحكومة السورية بهؤلاء المدنيين الأبرياء، وسيبقى السؤال مطروحاً: متى سيأتي يوم الحساب؟ متى سيعاقب هؤلاء المجرمين على انتهاك كل المواثيق والمعاهدات الدولية والإنسانية والمبادئ الأخلاقية؟
يصادف اليوم 21 آب/ أغسطس 2019 مرور ست سنوات على الهجوم على الغوطة الشرقية بغاز السارين السام، مما أسفر عن مقتل 1429 شخصاً أغلبهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من عشرة آلاف شخص من أهالي الغوطة. رغم ادعاء المجتمع الدولي الاهتمام بهذا الهجوم إلا أن كل جهد تم بذله لإيقاف هذا النوع من الجرائم اللاإنسانية في الصراع السوري باء بالفشل. لقد قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بتوثيق ما يزيد عن الـ 85 هجوماً بالأسلحة الكيماوية في سوريا منذ هجوم عام 2013 على الغوطة الشرقية، كما ما زالت الاتهامات بهجمات جديدة مستمرة حتى اليوم دون أن تستطيع أية قوى دولية أن تسيطر على الموقف أو تعاقب الفاعلين.
كي لا ننسى
“كنت في المنزل عندما بدأ القصف، بعد لحظات أخذ صوت الصراخ يتعالى فركضت إلى الخارج. كانت رائحة المكان كالكبريت، النساء مرميات على الأرض والأطفال فاقدي الوعي والزبد يخرج من فمهم. لم أفهم شيئاً كنت كأنني في حلم. حينها بدأت أشعر بالدوار ولم أتمالك نفسي، سقطت أرضاً وظللت أحاول الزحف لأبتعد عن المكان لكنني فقدت الوعي أخيراً. أخبروني في المركز الطبي أن الرجل الذي قام بإسعافي قد تسمم أيضاً وهو في حالٍ خطرة. كان أسوء يومٍ في حياتي. شعرت كأن يوم القيامة قد بدأ”.
اتهمت الحكومة السورية في أولى ساعات يوم الأربعاء 21 آب/ أغسطس 2013 بارتكاب جريمة بحق المدنيين الساكنين في بلدات الغوطة الشرقية، حيث قامت بقصف ثلاثين صاروخاً وقذيفة محمّلين بالمواد الكيماوية عليهم، ليكون هذا هو الهجوم الكيماوي الأضخم ضد المناطق الثائرة. وما يزيد الأمر بؤساً هو توقيت هذا الهجوم الذي جاء متزامناً مع تواجد لجنة الخبراء الخاصة بالكشف عن استعمال المواد الكيماوية في مدينة دمشق بعد وصولهم الى الأراضي السورية قبلها بعدة أيام فقط، علمأً أن عمل اللجنة المذكورة كان محصوراً بالمناطق المتفق عليها مسبقاً مع النظام، ومهمتها الوحيدة هي معرفة ما إذا كان هذا السلاح قد تم استخدامه أم لا.
سادت مع سقوط أول قذائف الكيماوي حالة من الهلع والارتباك بين السكان، وبسبب اعتقادهم بأنه قصف عادي بالهاون قاموا بالاختباء بالأقبية بدل أن يصعدوا إلى الطوابق العليا حيث يكون الهواء أقل تسمماً، مما أدى إلى سوء وضعهم الصحي وإلى موت عدد كبير جداً منهم. كما أن توقيت الضربة المتزامن مع نوم السكان لعب دوراً كبيراً في زيادة عدد الضحايا الذين توفوا على أسرّتهم.
عند انتشار نبأ القصف الكيماوي سارعت طواقم المسعفين والمتطوعين إلى الأماكن الأكثر تضرراً لنقل المصابين إلى النقاط الطبية، إلا أن معظم المسعفين تضرروا صحياً بسبب عدم توفر الأقنعة الواقية والأدوية الكافية لمثل هذا الهجوم الكبير، كما أن عدد المشافي القليل والحصار الطويل على الغوطة لعب دوراً رئيسياً في عدم توفر الأدوية وغيرها من المواد الطبية اللازمة والأساسية.
يقول أحد العاملين في أحد المراكز الطبية في الغوطة: “وصلت أولى الحالات المصابة بالغازات الكيماوية في الساعة الثانية ليلاً، وبلغت ذروتها بين الساعة الثالثة والسادسة صباحاً. أحضرنا صهاريج ماء وكنا نقوم بخلع ملابس المصابين وغسل أجسادهم بالصهاريج. وصلنا نحو ألف مصاب. لا يتواجد لدينا في النقطة الطبية مادة اتروبين (مادة تستخدم لتخفيف أعراض الإصابة بالأسلحة الكيماوية) كافية للجميع، ولم يبق لدينا أكسجين على الإطلاق ولا يوجد كهرباء ولا مازوت لتشغيل المولدات. أصبحنا نعطي الإبر فقط للحالات الصعبة جداً أما البقية فنكتفي بغسلهم بالماء. الأتروبين الذي كان متوفراً لدينا منتهي الصلاحية أصلاً منذ شهرين لكننا استخدمناه، كما أحضر لنا أحد الأطباء البيطريين اتروبين معد للحيوانات قمنا باستخدامه بنسب قليلة جداً ايضاً للعلاج”.
كانت للنساء والأطفال الحصة الأكبر من الألم، الأطفال بسبب ضعف مقاومتهم والنساء نظراً لضيق الأماكن وعدم وجود ردهات خاصة تتيح خلع ثياب النساء قبل غسلهن من آثار المواد السامة.
حفر سكان المكان المقابر الجماعية ليواروا الجثث المكدسة التي بدأت تتفسخ سريعاً في حر شهر آب، ويقول شهود العيان أن كثيراً من الجثث كانت غير معروفة الهوية لأن عائلات بأكملها قتلت ولم يكن هناك وقت أو سبيل لمعرفة أصحابها.
موقف الحكومة السورية من هجمات الكيماوي في الغوطة
أنكرت الحكومة السورية مسؤوليتها عن الهجوم على الغوطة، وألقت باللوم على جماعات المعارضة لكنها لم تقدم أي دليل يدعم مزاعمها. بناءً على الأدلة المتوفرة، وجدت هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الدولية أن قوات الحكومة السورية كانت مسؤولة عن هذه المجزرة، خصوصاً أن كل الأدلة المتعلقة بنوع الصواريخ والقاذفات المستخدمة موجودة فقط في حوزة القوات الحكومية السورية. كما أن كل التحقيقات الدولية (رغم محدوديتها) تقول أن ادعاءات الحكومة بأن “المعارضة هي المسؤولة عن الهجمات” تفتقر إلى المصداقية ولا تتفق مع الأدلة الموجودة في مكان الحادث.
خطر الأسلحة الكيماوية
كثيرة هي الجرائم التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه كل يوم من قصف وتجويع وتشريد واعتقالات تعسفية، ولكن لا شيء يضاهي خطورة الأسلحة الكيماوية المروعة التي تمتد لتشمل الأجيال القادمة أيضاً، ناهيك عما تسببه من دمار للحيوانات والأراضي الزراعية. تتسبب هذه الأسلحة بقتل المئات بشكل عشوائي كما أنها تشكل سبباً لدخول الناجين والعاملين في مجال المساعدة الإنسانية والطبية بحالة من الصدمة النفسية قد تصل إلى حد فقدان الذاكرة المؤقت. تقول أم إحدى الطفلات الناجيات من القصف في الغوطة أن ابنتها لم تتمكن من التعرف عليها بعد أن استيقظت من الإغماء وأنها ظلت تبكي باحثة عن أمها تائهة بين الحقيقة والخيال.
لفهمٍ أكثر عن مخاطر الأسلحة الكيماوية لا بد لنا أن ننظر إلى الحروب التاريخية السابقة، وبحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة فإن الحرب العراقية الإيرانية تعد من أبرز حالات استخدام هذا النوع من السلاح، وهناك وُجد أن معظم الناجين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق واليأس والاكتئاب، حتى أن بعض الناجين أقدموا على الانتحار.
وبالعودة إلى الغوطة الشرقية، تحدّث المسعفون عن الأعراض التي شهدوها بالمصابين ومن أبرزها: الإقياء، سيلان اللعاب بشكل رغوي، هياج شديد، حدقات دبوسية، احمرار في العينين، زلة تنفسية، اختلاجات عصبية، توقف التنفس والقلب، خروج الدم من الأنف والفم، والهلوسة وفقدان الذاكرة. يقول أحد الأطباء: كان الفارق الزمني بين القصف وبين بدء الأعراض نحو نصف دقيقة فقط، لذلك في العديد من الحالات لم يتمكن المصابون من التحرك أو الهرب وماتوا في مكانهم”.
موقف المجتمع الدولي
لم تقم سوريا بالتصديق على الاتفاقية الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيمياوية إلا بعد قيامها بالقصف على الغوطة وذلك في شهر أيلول/ سبتمبر عام 2013، وكان من المفترض أن تقوم الحكومة السورية بتدمير كل مخزونها البالغ 1200 طن من الأسلحة الكيمياوية. ولكن يبدو أنها إما لم تدمر كل المخزون أو أنها استمرت بانتاج تلك المواد حيث أن الحكومة استمرت باستخدام السارين في عمليات قصف أخرى، كما أنها بدأت باستخدام الكلور كسلاح كيماوي آخر. ووفقاً لتقرير صادر عن الجمعية الطبية السورية الأمريكية في عام 2016 عن الهجمات الكيمياوية في سوريا، فقد وقع 77% منها بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي أنشأ إطاراً لتدمير مخزونات الأسلحة الكيمياوية المعلن عنها في سوريا.
أما بالنسبة للتحقيق بهذه الجريمة فلم تتمكن آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية والأمم المتحدة من التحقيق بهجمات الأسلحة الكيمياوية بسبب استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) ضد مهمة هذه الآلية علماً أن روسيا استخدمت الفيتو لمنع التحقيقات أربع مرات. ولكن على الرغم من معارضة روسيا المستمرة، فقد تم أخيراً منح منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية الإذن بالتحقيق لمعرفة ماذا جرى في سوريا ومن هي الجهة التي قامت بضرب الكيماوي، ولكن من المؤكد أن عمل المنظمة سيكون مليئاً بالتحديات بسبب رفض الحكومة السورية منح فريق التحقيق حق الوصول إلى سوريا.
ضرورة تحقيق العدالة
من أجل كل ضحايا الهجمات الكيمياوية في الغوطة وفي غيرها من المجازر الكيماوية في دير الزور وريف دمشق ودرعا وسواها، يجب أن تكون هناك مساءلة ولو بعد حين. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك سريعاً لمحاسبة الفاعلين لأن استخدام هذه الاسلحة الكيماوية هو عمل محظور دولياً وليس من الممكن انتظار حدوث المزيد من الضربات حتى يتأكد مجلس الأمن أن السوريين هم فعلاً ضحايا لحكومتهم التي تقتلهم بالآلاف على مرأى ومسمع من الجميع. يجب علينا كلنا كسوريين أن نوثق هذه الحالات وأن نمتلك القوة اللازمة لإعطاء الشهادات للمنظمات والجهات المعنية كي تضغط أكثر على المجتمع الدولي ليقف بوجه الطاغية الذي يقتل بلا رقيب. فأقل ما يمكنه فعله هو الضغط على الحكومة كي تتوقف فوراً عن هذا العمل الذي يدمر مجتمعات كاملة بلا حساب أو رقيب.
مصدر الشهادات: معظم الشهادات تم أخذها من تقارير “مركز توثيق الانتهاكات في سوريا” ولم يتم ذكر الأسماء حفاظاً على سرية وخصوصية المعلومات.
غالية مردم بك
===========================
الحوار المتمدن :سوريا والسارين والعالم
ياسين الحاج صالح
     
الحوار المتمدن-العدد: 6326 - 2019 / 8 / 20 - 21:07
ثمة لحظات بالغة الكثافة، تنفتح وكأنها نوافذ على التاريخ، نرى منها بوضوح عالمنا في مسارات هي في العادة خفية مبهمة. ومن بين هذه اللحظات المنيرة للإدراك تلك الأسابيع الثلاثة التي انقضت بين المجزرة الكيماوية في الغوطة الشرقية في الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس 2013 وبين الصفقة الكيماوية التي عقدتها أمريكا وروسيا في الثالث عشر من شهر أيلول/سبتمبر 2013 بشأن نزع الأسلحة الكيماوية من يد نظام بشار الأسد. وثمة أيضاُ أمكنة يتفق لها أن تكون بمثابة مقاطع عرضية تكشف بنية العالم في تلك اللحظات، والغوطة الشرقية إبان تلك الأسابيع هي إحدى هذه الأمكنة. وما حدث فيها كان أولاً وأخيراً مجزرة نفذت باستخدام أسلحة كيماوية محظورة دولياً، وكان ثانياً مكافأة الجزار الكيماوي من خلال القبول به كطرف سياسي رغم أنه كان للتو ارتكب مجزرة إبادية، بغرض إبقاء محكوميه خارج السياسة، سبقتها مجازر أخرى أوقعت إلى حينه نحو 200 ألف منهم. تسعى هذه الورقة إلى إظهار أن المجزرة هي دولة في سوريا ونظام دولي في العالم.
في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليل الحادي والعشرين من شهر آب/أغسطس 2013 استيقظ من لم يمت فوراً من سكان زملكا وعين ترما في الغوطة الشرقية والمعضمية في الغوطة الغربية على وقع هجوم صاروخي بصواريخ مزودة برؤوس حربية كيماوية تحتوي على مادة السارين. وقد تم الكشف لاحقاً من خلال تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش أن الصواريخ التي استخدمت في هذا الهجوم الكيماوي الأكبر من بين كل الهجمات التي سبقته أو تلته قد تم إطلاقها من القواعد التابعة لقوات النظام في مطار المزة العسكري وفي مقرات الفرقة المدرعة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق بشار وابن حافظ الأسد. ووفقاً لما أورده إليوت هيجنز في الموقع الالكترونيBellingcat، ولما أوردته تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش فقد تم إطلاق الصواريخ باستخدام منصات إيرانية. وقد تزامن هذا القصف الصاروخي للمناطق المستهدفة مع قصف مدفعي كان الناس قد اعتادوا عليه خلال ما يقارب سنة سبقت تلك الليلة (وسيستمر على مدى أربعة أعوام ونصف أعقبت تلك الليلة حتى عاد النظام إلى احتلال المنطقة في شهر نيسان/أبريل 2018). كان المقصوفون يلجؤون أثناء القصف المدفعي إلى الأقبية أو الطوابق السفلية للاحتماء والحد من الأضرار، غير أن ذلك الخيار كان لسوء الحظ هو الأسوأ في حالة الهجوم الكيماوي. وبدا الأمر كما لو أن المهاجمين أرادوا زيادة عدد الضحايا إلى أكبر قدر ممكن، وذلك بأن يقتلوا بالسارين من لجأوا إلى الأقبية وأن يقتلوا بقذائف المدفعية من تسنى لهم أن يدركوا أن الهجوم هو هجوم كيماوي.
ولقد حكت رزان زيتونة في نثر حزين لا ينسى عن ذلك المزيج من الانكسار والعجز الذي ورد في كلمات أم تخاطب ابنها قائلة: "ابني اغسل أسنانك واذهب إلى سريرك فقد تأخر الوقت. ولا تشرب الكثير من الماء قبل النوم! وإذا سمعت هدير الطائرة انزل إلى القبو، وإذا شممت رائحة غير طبيعية اصعد إلى السطح، وإذا لم تجد الوقت كيف تفعل أي شيء، فاعلم أني أحبك كثيرا، لكن ليس باليد حيلة. العالم قذر ومتوحش. ستفهم يوما حين تكبر، إذا أتيح لك أن تكبر!"
وفي صباح اليوم التالي أعلن مركز توثيق الانتهاكات أن عدد الضحايا بلغ 1,302 شخصاً. وكانت رزان، وهي مؤسسة المركز ومن كبار العاملين فيه، تتابع شخصياً الموقف على الأرض بمساعدة عدد من الناشطين المحليين ومن شركاء مركز توثيق الانتهاكات. كان ثلثا الضحايا من النساء والأطفال، كما أبيدت عائلات بأكملها: الأب والأم والأطفال. وقد دفنت أشلاؤهم في مقابر جماعية، وكان دفنهم سريعاً نظراً لاستحالة الاحتفاظ بالأجساد في قيظ شهر آب/أغسطس، ولا سيما في ظل الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية وقد ابتدأ منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر2012، أي قبل نحو تسعة أشهر من وقوع المجزرة. وكان القادرون من السكان المحليين يعتمدون على مولدات كهربائية أصبح الوقود اللازم لها باهظ الثمن بفعل الحصار المفروض على المنطقة. لم يتم توثيق جميع أسماء الضحايا بسبب الإسراع في أعمال الدفن ولأن بعض حالات الدفن قامت بها عائلات الضحايا بنفسها. ولم تتمكن بعض العائلات من معرفة مصير بعض أفرادها المفقودين، ومنهم من قتلوا ودفنوا قبل أن يتمكن بقية أفراد عائلاتهم من معرفة ما حدث لهم أو المكان الذي نقلتهم إليه سيارات الإسعاف. فقد كان المصابون ينقلون إلى أمكنة مختلفة نظراً لإسهام أطراف عديدة في أعمال الإسعاف من سكان وفرق دفاع مدني وجيران في سباق مع الوقت. وهكذا تشتت أفراد العائلة الواحدة بين أكثر من نقطة طبية في أكثر من بلدة، وفقد بعضهم آثار بعض.
كان الكادر الطبي محدوداً من حيث العدد والعدة، ولكنهم حاولوا فعل كل شيء ممكن على الرغم من عدم كفايته. وهكذا تم علاج المصابين باستخدام أتروبين منتهي الصلاحية أو أتروبين المخصص للحيوانات. وعلى الرغم من أن أرواحاُ كثيرة قد تم إنقاذها إلا أن أرواحاُ كثيرة أخرى فقدت بفعل نقص الموارد البشرية والدوائية. ووفقاً لتقارير مركز توثيق الانتهاكات فقد تجاوز عدد المصابين 9,000 شخص، فيما بلغ عدد الذين قتلوا زهاء 1,466 شخصاً وفقاً للأرقام التي نشرها المركز الطبي الموحد في الغوطة الشرقية بعد أيام من تاريخ وقوع المجزرة.
تحوز المجزرة الكيماوية التي حدثت في آب/أغسطس 2013 أهمية خاصة في تاريخ سوريا وفي تاريخ العالم، وذلك لعدة أسباب.
أولها هو أنها تمثل أوسع استخدام لأسلحة الدمار الشامل المحظورة دولياً ضد معارضي الدولة الأسدية التي سبق لها أن استخدمت الأسلحة الكيماوية 31 مرة من بينها 14 هجوماً أقر الأمريكيون بوقوعها، وذلك حسب ما ذكرته رزان زيتونة في اتصال شخصي معها عقب المجزرة مباشرة. قبل ذلك، كان النظام قد انتقل تدريجياً من استخدام الرصاص الحي إلى استخدام المدفعية الثقيلة، ومن استخدام الدبابات إلى استخدام الصواريخ بما فيها صواريخ سكود بعيدة المدى، كما استخدم الطائرات الحربية والبراميل المتفجرة إلى جانب القتل بالتعذيب وتحت التعذيب. وهذا الاستخدام لأسلحة الدمار الشامل ضد سكان محاصرين نائمين، وبالترافق مع القصف المدفعي ثم غارات الطيران الحربي في صبيحة اليوم التالي، يندرج ضمن نموذج يمكن أن يدعى الحكم بالقتل، سواء أكان القتل جماعياً أم فردياً، أو لعل الأصوب أن يدعى الحكم بالمجزرة. لقد كان القصد في كل مرة تستهدف فيها منطقة ما بقذائف المدفعية أو الصواريخ أو الطائرات الحربية أو الأسلحة الكيماوية هو قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين. وعلى وجه الخصوص فإن البراميل المتفجرة لا ترتكب المجازر بحق البشر وحسب وإنما بحق الأبنية أيضاً، وذلك بأدنى كلفة ممكنة وبأكبر قدرة تدميرية.
ولقد سبقت المجزرة الكيماوية مجازر كبيرة أخرى قتل فيها بعض الضحايا بالسلاح الأبيض أو بحرقهم أحياء، كما في المجازر التي حدثت في بانياس ورأس النبع أو قبلها في داريا وفي كرم الزيتون في حمص. وقد ترافق ذلك دائماً مع أعمال السطو ونهب محتويات البيوت فيما أطلق عليه اسم التعفيش للدلالة على هذا السلوك المتكرر. وقد مهد هذه الطريق أمام هذه المجزرة توصيف الثائرين على النظام بأنهم إرهابيون وحثالة وعملاء لقوى أجنبية مختلفة مما ساعد على تجريدهم من إنسانيتهم في وسائل الإعلام العامة. كذلك كان لهذه المجازر دافع آخر يتمثل في سوابق قريبة العهد لعمليات إبادة جماعية ناجحة نجا من دبروها من كل عقاب وملاحقة. وهنا تبرز مجزرة حماة الكبرى في عام 1982 كمثال جلي عن الإبادة المدينية urbicide، أي قتل أو إبادة مدينة. فقد كانت حماة مثالاً لإبادة جماعية ناجحة مهدت الطريق لنجاح حكم الدولة الأسدية لنحو ثلاثين عاماً بعدها. وخلال هذه السنوات تحول رعايا هذه الدولة إلى كائنات مذعورة تستجيب إلى كافة أنواع المؤثرات والحوافز بردود فعل مدجنة كالتجنب والانكفاء وإنكار الذات على المستوى السياسي. وينقل عن رفعت الأسد بطل مجزرة حماة قوله إنه بات بالإمكان الآن حكم المدينة بوساطة حارس ليلي واحد. هذه الفكرة عن إمكانية تحقيق السيطرة السياسية من خلال عمل حارس ليلي واحد يكفي لضمان أمن قرية بأكملها أو بلدة صغيرة ما هي إلا يوتوبيا الاستبداد السعيد.
وثاني أسباب أهمية المجرزة الكيماوية هو أن هذا الهجوم وقع على منطقة محاصرة عانى سكانها أصلاً من نقص الغذاء والدواء والماء والكهرباء. وكان الحصار الممنهج أسلوباً في السيطرة طوره النظام خلال الثورة السورية عندما لم يعد قطع الطرقات بين المدن والبلدات وفصلها عن بعضها بالحواجز ونقاط التفتيش يكفي للسيطرة على الحراك المدني، وسبق للنظام أن طور هذا التكنيك في سياق الحرب الأسدية الأولى 1979-1982. وجرى إطلاق شعار مسجوع لمناسبة الحصار وهو: الجوع أو الركوع. أي أنه يتوجب على السكان الاختيار بين المجاعة أو الخضوع السياسي. وقد حدثت بالفعل حالات موت من الجوع في المعضمية ومضايا وفي دوما والغوطة الشرقية، وهو ما شهدت عليه سميرة الخليل في كتابها: يوميات الحصار في دوما 2013. وقد تكرر حدوث ذلك بين وقت وآخر في هذا الجيب الخارج على سيطرة النظام، وقد وصفه أسامة نصار الذي عاش الحصار طوال حو خمس سنوات بأنه معسكر اعتقال. وهو بالفعل ثاني أكبر معسكر اعتقال في الهواء الطلق في العالم بعد قطاع غزة.
ويشبه شعار الجوع أو الركوع في بنيته شعارات عدمية أخرى مثل :الأسد أو لا أحد! و: الأسد أو نحرق البلد! و: الأسد أو بلاها هالبلد! ويجب ألا ننسى أن هذه الشعارات هي تعبيرات أكثر صراحة عن شعارقيد، أقل مباشرة في التعبير: الأسد إلى الأبد! بإكراه السوريين على الاختيار بين الموت وبين نظام الذل الأبدي، ما الذي يستبعد؟ تسبعد السياسة، أي الاجتماع والحديث والاحتجاج ورفع الصوت عالياً بشأن المسائل العامة، ناهيك عن مفاهيم التغير والمستقبل. وترتكز بنية النظام الأسدي على الحرب ضد المستقبل من خلال حرمان السوريين في بلدهم من السياسة ومن التغيير. وهو حرمان يتطلب ارتكاب المجازر بين فترة وأخرى من أجل تأبيد النظام. وبهذا المعنى تكون المجازر والحصار والمجاعة هي استمرار لنظام العدمية السياسية، أي الدولة الأسدية، بوسائل شديدة العنف. أتكلم على عدمية سياسية لأنه لا وجود للسياسة في الدولة الأسدية التي وضعت كلمتي إلى الأبد، وما تقتضيانه من إعدام المستقبل، في شعار تفرض على رعاياها تكراره كل صباح، وهو ما يعني أن نهاية هذه الدولة وحدها هي شرط ظهور السياسة. وهذا الأمر بالذات هو ما يرفض الإقرار به الكثيرون من المتواطئين مع النظام بما فيهم القوى الدولية ذات النفوذ كالأمم المتحدة التي تقدم التمويل لمنظمات "المجتمع المدني" من قبيل "جمعية البستان" التي يملكها أغنى رجل عربي، رامي مخلوف.
ونضيف هنا أن نظام العدمية السياسية يوفر الشروط المثلى لظهور نمط آخر من العدمية السياسية أي عدمية السلفية الجهادية. فإذا أبقينا ذلك في البال ظهر لنا أن استراتيجية النظام الدولي الحالي، والمتمثلة في القضاء على عدمية واحدة (الجهاديين) من دون التخلص من الأخرى (الأسدية) هي بمثابة طريق مفتوح لعنف عدمي لا تعرف له نهاية.
والمجزرة مهمة لسبب ثالث: أن الاتفاقية الروسية ـــ الأمريكية التي تمت بعد ثلاثة أسابيع من المجزرة الكيماوية هي بحد ذاتها مجزرة ضد العدالة والسياسة والحقيقة. فالمجرم لم ينج من العقاب وحسب، بل تم القبول به على المستوى السياسي من دون فرض أي حدود على قدرته على مواصلة الحرب ضد رعاياه، ونكرر هنا مرة أخرى أنها حرب تهدف أساساً إلى استبعادهم من حقل السياسة. بهذا المعنى أضحى إبعاد السوريين عن السياسة ومنعهم من ممارسة السلطة السياسية مكفولاً دولياً .
فما الذي جرى في تلك الصفقة؟ لقد تم الاتفاق على نزع سلاح النظام عقاباً على انتهاكه للقانون الدولي، وليس عقاباً غعلى قتله رعاياه بهذا السلاح المحرم وغيره. وقد تم الإيحاء بفكرة هذه من قبل إسرائيل، الدولة التي يتنافس الروس وألأيمريكون على إرضائها: HYPERLINK "https://www.nytimes.com/2015/06/16/world/middleeast/israeli-helped-inspire-us-russia-weapons-deal-with-assad-memoir-says.html?_r=0"https://www.nytimes.com/2015/06/16/world/middleeast/israeli-helped-inspire-us-russia-weapons-deal-with-assad-memoir-says.html
ما جناه الروس من الصفقة الكمياوية هو نقاذ نظام يدعمونه، وأراد الأمريكان منع سقوط لا يتحكمون به هم للنظام. أما النظام ذاته فيريد أن يحكم إلى الأبد. وأرادت إسرائيل أن تحرمه من سلاح يحتمل أن يصبح خطراً عليها. ووفقاً لما قاله الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينتس الذي صرح بأن الصفقة كانت فكرته هو ونتانياهو فإن السوريين سيربحون أيضاً: "فهم لن يعانوا من هجمات كيماوية أخرى". ونعلم اليوم أنه حتى هذا الأمر لم يكن صحيحاً. فالسوريون الذين كانوا يتعرضون من قبل للقتل بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها السلاح الكيماوي ظلوا يتعرضون للقتل بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها السلاح الكيماوي.
ولم تنص الاتفاقية أبداً على وجوب توقف النظام عن قتل رعاياه، ولم يتم حتى تسجيل ملاحظة بهذا الشأن. وقد أدرك النظام بسهولة أن قتل رعاياه باستخدام أسلحة غير كيماوية كان أمراً مسموحاً به. وهكذا كانت الصفقة الكيماوية منعطفاً كبيراً في الصراع السوري، وذلك بالتحديد لأنها عنت أن النظام لن يحاسب عن جرائمه وأنه صار مشمولاً في التفاعلات السياسية الدولية كتلك القائمة بين أمريكا وروسيا وإسرائيل. بهذا المعنى كانت الصفقة الكيماوية استمراراً للمجزرة الكيماوية عن طريق القانون الدولي، وكانت بمثابة خديعة دولية كبرى تصور التضحية بالشعب السوري على أنها انتصار للعدالة والسياسة. وخلافاً لكل وهم فقد كان أوباما وبوتين امتدادين لبشار الكيماوي بقدر ما كان رمز الإبادة المكثفة الذيم مثلته المجزرة الكيماوية امتداداً للإبادة السياسية المستمرة التي جرت طوال سنوات الحكم الأسدي.
وأكثر من ذلك فقد شكلت الصفقة الكيماوية سابقة على صعيد استخدام أسلحة الدمار الشامل. فلن يكون بمقدور النظام الدولي الحالي فعل أي شيء في الحالات التي قد تحدث مستقبلاً طالما أنه شرعن سابقة وكافأ عملياً مرتكبيها. فإذا استخدم أي نظام إبادة جماعية آخر الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية أو حتى النووية ضد رعاياه، فمن سيكون في موقع قانوني أو أخلاقي سليم حتى يحاسبه؟ وهل يحتمل أن ينجح النظام الدولي في التوحد في وجه مرتكب جريمة إبادة جماعية بعد أن فشل في التوحد في وجه مرتكب آخر؟ لا ريب أن ذلك سيكون غاية في الصعوبة مع وجود حجة جاهزة تصب في صالح أي مرتكب لجريمة جديدة. والواقع أن هذه السابقة التي ارتكبتها الدولة الأسدية شكلت الأساس لقيام النظام ذاته باستخدام السلاح الكيماوي لاحقاّ. لقد انتفع النظام الذي يفترض أنه قد جرد من سلاحه الكيماوي من شهادات حسن السلوك التي سارع إلى إغداقها عليه الأمريكيون والروس والأمم المتحدة. ونالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية جائزة نوبل للسلام تقديراً لدورها في التجريد المزعوم للنظام السوري من أسلحته وذلك بعد مضي شهرين فقط على الصفقة الكيماوية، وكانت شهادة الزور هذه بمثابة تربيتة على الظهر وشهادة حسن سلوك للقاتل الإبادي بشار. ولم تسحب الجائزة من المنظمة بعد الاستخدام المتكرر من قبل النظام لغاز الكلورين ضد رعاياه ولا حتى بعد استخدامه مجدداً لغاز السارين في شهر نيسان/أبريل 2017 في خان شيخون. فلم يعتذر أحد، ولم يراجع أحد موقفه، ولم يطالب أحد بمحاسبة المجرم الذي ما كان ليستخدم أسلحة الدمار الشامل مجدداً لو لم يشعر بأنه قد منح الحصانة في المرة السابقة. وقد استنتج بشار محقاً من الصفقة الكيماوية ومن الشهادة السريعة بتعاونه مع "المجتمع الدولي" بأن هذا الأخير ليس جاداً حتى بخصوص تجريده من غاز السارين طالما هو يستخدامه حصراً ضد رعاياه. النظام بعلم جيداً بالمقابل أنه لو كان قد استخدم ذلك السلاح القاتل ضد إسرائيل لتم سحقه على الفور.
وتستمد لمجزرة أهميتها من سبب رابع يتعلق بتطور حالة الحصار الداخلي، وهي حالة تعرضت لها بشكل خاص الغوطة الشرقية ودوما بعد أن استبعدت جميع فرص التغيير في سوريا وبضمانات دولية. فبعد أسبوعين من الصفقة الكيماوية قام فصيل سلفي مسلح بترقية نفسه من لواء إلى جيش مصراً على التعريف بنفسه ببساطة بوصفه جيش الإسلام، تماماً كما أطلقت داعش على نفسها اسم الدولة الإسلامية. وتستفيد المجموعات السلفية عموماً من ظروف اليأس والتشاؤم العام ومن غياب الجمهور أو من إقصائه تماماً عن السياسة. وسياسة السلفيين نخبوية بشكل حصري تميز بين المسلمين المؤمنين وغير المؤمنين على قاعدة المعرفة الدينية، وتجعل من ذلك أساساً للحصول على السلطة والامتيازات. وكانت الصفقة الكيماوية هدية عظيمة لهذه المنظمات الإسلامية العدمية، حيث عززت من رؤيتها للعالم بوصفه مكاناً هو في جوهره آثم وفاسد وعدائي. وهذا ما يسهل عليهم مهمة السيطرة على الرعايا وعزلهم فيتهمون كل من لا يخضع لهم بـ"الكفر"، تماماً مثلما كان المحكومون أنفسهم مهددون بتهمة الخيانة من قبل العقيدة البعثية التي صورت العالم بدورها كخطر محدق ومؤامرة لا تنتهي. والسلفيون كالبعثيين ينثرون بذور العنف في الحياة اليومية بغرض تخويف الناس وضمان أمن أصحاب السلطة. وكان من بين ضحايا هذا النموذج الديني من العدمية المرأة التي وثقت المجزرة الكيماوية، رزان زيتونة. وكما تقدم ذكره كانت رزان هي المحرر الرئيس لتقرير صدر عن المجزرة بعد يوم من وقوعها. كما كانت وراء تقرير ثان صدر بعد ذلك بأسبوع، وإلى جانب رزان اختطفت أيضاً سميرة الخليل، وهي شاهدة أخرى على المجزرة، وفي كتابها المذكور آنفاً قامت سميرة بعقد مقارنات مؤلمة بين الاعتقال السياسي الذي تعرضت لها شخصياً ما بين عامي 1987 و1991، وكان تحديداً في سجن دوما للنساء، وبين حالة الحصار التي عاشتها مع أهالي دومابين أيار وكاون الأول 2013، وخلصت إلى أن اعتقالها هو مزحة بالمقارنة مع الحصار الذي طال الأطفال والنساء والرجال على حد سواء، فوق كونه مصحوباً بالقصف. وكانت هاتان المرأتان علمانيتين ديمقراطيتين غير محجبتين، وشهادتهما لا تقدر بثمن لأي تحقيق دولي أو جهد دولي يسعى لتحقيق العدالة بشأن هذه المجزرة. ولعل اختفاؤهما القسري قد تم تدبيره لهذا السبب بالتحديد. وقد اختطف مع رزان وسميرة كل من وائل وناظم اللذين لم يكونا في الغوطة لحظة المجزرة ولكن الرجلين اختفيا مع المرأتين.
وبعد عدة أسابيع من الصفقة الكيماوية قام النظام بتشديد سيطرته على حركة الدخول إلى منطقة المجزرة والخروج منها، حتى فرض عليها حصاراً كلياُ مطبقاً في تشرين الأول 2013. وبالتزامن مع ذلك كان جيش الإسلام يفرض حصاره الداخلي على ما كان ثاني أكبر معسكر اعتقال في الهواء الطلق في العالم بعد غزة.
المجزرة الكيماوية والصفقة الكيماوية تظهران امّحاء للحدود بين الحرب والسياسة سواء في الداخل السوري أم على المستوى الدولي. فسياسة النظام هي الحرب على رعاياه المتمردين، وقدرة النظام على الاستمرار في الحرب ضد رعاياه تضمنها سياسات القوى الدولية صاحبة النفوذ. وبعبارة أخرى فإن حرب بشار هي سياسة أقوياء العالم. وبالتالي، ليست المجزرة حدثاً محلياً عارضاً، بل هي نهج في الحكم يحظى بحماية دولية. قبل المجزرة كان النظام يقتل رعاياه طيلة نحو عامين ونصف، واستمر بعدها في قتلهم طيلة أربعة أعوام ونصف حتى يومنا هذا.
وحتى لحظة تلك الحادثة كان قد قتل نحو 100,000 شخص في صراع كان إلى حد بعيد صراعاً داخلياً سورياً. ومنذ أن قتل بشار الأسد السوريين بغاز السارين ومكافأته لاحقاً بالقبول به كطرف سياسي مساو لغيره من النافذين الدوليين في شأن مستقبل سورية (وهو الامتياز الذي استخدم غاز السارين لمنع السوريين من الحصول عليه) سقط ما لا يقل عن أربعة أضعاف ذلك العدد من الضحايا، وحدث نصف كل التهجير القسري الذي فرض على السوريين طوال فترة الصراع. فهل ثمة مبالغة إذن في القول إن الإبادة الجماعية والتهجير القسري يحدثان في سوريا ضمن إطار دولي صنعته الصفقة الكيماوية التي، ونكرر القول هنا، لم تتطلب من النظام وقف قتل رعاياه بوسائل أخرى؟ أو في القول إن الإبادة والتهجير يحدثان ويستمران إلى يومنا هذا بموافقة دولية ورقابة دولية؟ أو في القول إن تدويل الصراع السوري منذ المجزرة الكيماوية الأولى كان امتداداً للسياسات الأسدية في الإبادة والتهجير؟ ويجري الكلام اليوم على إعادة تأهيل بشار الأسد ونظامه، وهو كلام دشنته الصفقة الخسيسة التي أعقبت المجزرة. وهكذا قصف الأسد السوريين بالسارين وقصف العالم نفسه بسوريا يحكمها بشار الساريني. وفي هذا ما يكفي لتسويغ الكلام على “سورنة” العالم.
===========================
الشبكة السورية لحقوق الانسان : المحاسبة لا تزال غائبة في الذكرى السنوية السادسة لأكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في العالم بعد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية
النظام السوري يشجع أنظمة أخرى في العالم على استخدام سلاح الدمار الشامل الكيميائي
أولاً: التاريخ والمجتمع السوري لن ينسى ما فعله النظام السوري ضدَّ أبناء غوطتي دمشق على مرِّ السنين:
يصادف اليوم الذكرى السنوية السادسة لواحدة من أفظع وأبشع المآسي التي تعرَّض لها الشعب السوري في تاريخه الحديث، حيث شنَّ النظام السوري ضدَّ شعبه ليلة الأربعاء 21/ آب/ 2013 أوسع هجوم كيميائي عرفه السوريون والعالم بعد اعتماد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي دخلت حيز النفاذ في 29/ نيسان/ 1997، ولقد مثل هذا الهجوم من خلال عدد الذخائر المحملة بالغازات التي استخدمت وحصيلة الضحايا المرتفعة صدمة للعالم أجمع، توقع الشعب السوري أن يتحرك المجتمع الدولي ويطالب بعزل حكومة ونظام استخدمت أسلحة دمار شامل، لأن ذلك يعتبر بموجب القانون الدولي تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وكان يفترض بدول العالم كافة، التي صادقت على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية أن تحارب دون توقف النظام الذي استخدم هذا السلاح، وتعمل على معاقبته سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وصولاً إلى استبداله بنظام يحترم القانون الدولي ويُساهم في الدفاع عنه، لكن ردة فعل المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية اقتصرت على المطالبة بتسليم سلاح الجريمة والإبقاء على المجرم، وهذا شجَّع المجرم على عدم تسليم كامل كميات السلاح التي لديه، وعلى استخدامه مرات عديدة بعد ذلك بدعم من دول لا تكترث بالقانون وحقوق الإنسان مثل إيران وروسيا.
ولم يكن هجوم الغوطتين الكيميائي الأول من نوعه، لكنه كان الأوسع والأضخم من حيث حصيلة الضحايا والمصابين، والمساحة الجغرافية المستهدفة، وقد دأبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على تسجيل جميع الحوادث التي نعتقد أنَّه قد تمَّ استخدام أسلحة كيميائية فيها، ضمن قاعدة بياناتنا، ذلك منذ أول هجوم كيميائي موثَّق لدينا ضدَّ أهالي حي البياضة في مدينة حمص بتاريخ 23/ كانون الأول/ 2012 حتى آخر هجوم موثَّق لدينا على قرية الكبينة بريف اللاذقية الشرقي في 19/ أيار/ 2019، ذلك عبر جهد تراكمي استمرَّ طيلة السنوات الماضية، وتحتوي قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان تفاصيل تلك الحوادث التي تمكنَّا من توثيقها كافة، مثل توقيت الهجوم ومكانه، وحالة الطقس، وحصيلة الضحايا من قتلى ومصابين، ونوع السلاح المستخدم، وتواصل مع شهود عيان، ومع ناجين من الحادثة، وتفاصيل الاتصال بهم، ومجموعة ضخمة من الصُّور والفيديوهات التي وردت إلينا وقمنا بمعاينتها والتَّحقق من صدقيتها، وغير ذلك من الأدلة، ولم نتمكن من القيام بعمليات تحليل اختصاصية كتحليل الأتربة أو الدم، وقمنا في كثير من الحوادث بتحليل كيفية وقوع الهجوم وطرحِ تصوُّرٍ لشكل الهجوم ونمطه بناءً على الشهادات، وبناءً على الصور والفيديوهات، وقمنا برسم مقاطع أفقية وشاقولية توضِّح أماكن سقوط القذائف، والآثار التي تسبَّبت بها، وغير ذلك من التفاصيل، ويحتوي الرابط التالي تقارير توثِّق 222 هجوماً بأسلحة كيميائية قام بها كل من النِّظام السوري، الذي ارتكب 217 هجوماً، وتنظيم داعش، الذي ارتكب خمس هجمات، وتردُ في هذه التقارير بيانات كافة التفاصيل السَّابقة التي أشرنا إليها:
==========================