الرئيسة \  ملفات المركز  \  في ذكراها التاسعة.. الثورة السورية : أرقام وذكريات وأحداث

في ذكراها التاسعة.. الثورة السورية : أرقام وذكريات وأحداث

16.03.2020
Admin


ملف مركز الشرق العربي 15/3/2020
عناوين الملف :
  1. عنب بلدي :المدرجات.. حكاية ثورة
  2. العربية :رموز لن تنسى.. هكذا بدأت ثورة سوريا قبل أن تغرق بالدماء
  3. الحرة :مليون لاجئ و5 جيوش متحاربة
  4. مبتدأ :المرصد السورى: 384 ألف قتيل سقط فى سوريا منذ 2011
  5. رووداو:سوريا تبدأ العام العاشر من مأساتها الكبرى .. أبرز المحطات وأهم الإحصائيات
  6. سويس انفو :الحرب السورية تبدأ عامها العاشر والمدنيون يدفعون الثمن الأكبر
  7. العربي الجديد :الثورة السورية... عن إهمال الفن الشعبي
  8. العربي الجديد :بلال موسى: الثورة ألهمتني والفن رسالة للشعوب
  9. صحافيو الثورة السورية: أحرارٌ وسط لعبة الموت
  10. تسع سنوات من الثورة السورية: من الأوج إلى الانحسار
  11. العربي الجديد :تسع سنوات روسية في سورية: نحو مستنقع أفغاني جديد؟
  12. هاوار :الأزمة السورية .. من حرب الوكلاء إلى حرب الأصلاء – 2
  13. نافذة العالم :أخبار العالم : في الذكرى التاسعة للثورة السورية
  14. المرصد :9 سنوات على انطلاقة الثورة السورية.. 586100 شخصاً استشهدوا وقتلوا..  وملايين السوريين هُجِّروا وأصيبوا.. ولا يزال القتل مستمراً..
  15. اخبار الان :في الذكرى التاسعة للثورة السورية.. هل بات السوريون يحكمون بلدهم؟
  16. حرية برس :في ذكرى ثورتي اليتيمة التي فضحت العالم
  17. الجزيرة :مواقف أبرز الدول المعنية بالملف السوري منذ انطلاق الثورة
  18. الوطن :قاتل شعبه".. شهادات لدبلوماسيين وزملاء للأسد بذكرى الثورة
  19. الجزيرة :في ظل متغيرات متسارعة.. كيف يرى ناشطو الثورة السورية مسيرتها بذكراها التاسعة؟
  20. الأزمة السورية .. من حرب الوكلاء إلى حرب الأصلاء – 1
  21. الجزيرة :الثورة السورية في ذكراها التاسعة.. قتلى وجرحى ومفقودون ومعتقلون ومهجرون بالملايين
  22. المدن :"قيصر" سوريا في الكونغرس:صرخة لإنقاذ المعتقلين في سجون الاسد
  23. ديلي صباح :في الذكرى 9 للثورة السورية.. "قيصر" يطالب بوضع حد لمجازر الأسد
  24. الجزيرة :من هيئة حكم انتقالي إلى لجنة دستورية.. تعرف على مبادرات الحل في سوريا والخيارات المستقبلية
  25. الشرق الاوسط :«رمز الثورة» في قبضة النظام السوري
  26. ترك برس :الثورة السورية.. إذ تعيد صياغة العلاقة بين النظامين السوري والإيراني
 
عنب بلدي :المدرجات.. حكاية ثورة
عروة قنواتي
لطالما كانت ملاعب وصالات ومدرجات سوريا في الزمن الماضي مسرحًا لصور القائد وأبنائه من درجة الوصاية العليا على الحكم، فكانت “المزرعة” بحد ذاتها، كما يحلو لأبناء الثورة إطلاق التسمية، وكان كل شيء يدور في فلك القائد وضمن حكمته بالمباريات والإنجازات ومنصات التتويج وحتى الحضور على المدرجات.
 
في كل الملاعب كانت عيون القائد وولديه على المتفرجين وعلى الحكام وعلى الكاميرات وعلى هتاف بالروح بالدم نفديك، والله سوريا و… حتى أصبح الهتاف عرفًا لا يمكن تجاوزه. فكم من مشهد لهتاف جماهيري ولصور ضباط حفظ النظام وهم يرفعون أيديهم بالولاء للقائد داخل الملعب وكأن المباراة أو النشاط الرياضي يقام في ثكنة عسكرية وليس في ملعب لكرة القدم تحتمل أحوالها ونتائجها الفوز والخسارة بالعرف الرياضي.
 
ليدخل آذار في العام 2011 وينقل الكثير من أبناء المدرجات والملاعب والصالات إلى ساحات الحرية في كل مكان، حيث الثمن الغالي كرمى لعيون الثورة ورفضًا للاستبداد والطغيان. لم تحتمل الرؤوس الأمنية في البلاد هذا المشهد، فبدأت تعتدي وتخفي وتضرب وتأسر وتعتقل وتلاحق أبناء الوسط الرياضي، فنيًا وإداريًا واعلاميًا وحتى جماهيريًا، فأفرغت الملاعب وحولتها إلى ثكنات للعسكر ومهابط للمروحيات ومرابض للمدفعية وأقبية للاعتقال والتصفية والتحقيق في دمشق وحلب وحمص وحماة ودرعا ودير الزور واللاذقية.
 
المدرجات تسأل عن أبنائها وأبطالها، وكيف لهذه الصور التي عبثت بتاريخ البلاد أن تتحول إلى آلة للذبح والتصفية والتهجير، وكيف لها أن تستمر في عمليات التغييب للشعب الطيب والصابر، كيف لها أن تجعل الصالات والملاعب مسارح للجريمة بل للجرائم.
 
آلاف الوثائق في ضمير الأحرار تتحدث بالصوت والصورة والأسماء عن الانتهاكات التي لحقت بالأسرة الرياضية، وبكل من خلع عباءة مؤسسة النظام الرياضية واتجه لصياغة عنوان جديد لسوريا التي تتسع للجميع، وليست سوريا التي أرادها النظام أن تكون دائما “سوريا الأسد”، آلاف الصور والمواد الصحفية كُتبت عن ضحايا الرياضة السورية الحرة، بين معتقلين وشهداء ومهجرين ومنكوبين، أمثال اللاعب الدولي جهاد قصاب، والمعتقلة الدكتورة رانيا العباسي، ولاعب كرة القدم المعتقل عامر حاج هاشم، وحكم كرة الطاولة الدولي سمير سويد، ولاعب كرة السلة سامح سرور، ورئيس اتحاد كرة القدم سابقًا الدكتور مروان عرفات، وكثير من الأسماء من مختلف الاختصاصات والألعاب والترتيب الإداري والإعلامي والرياضي.
 
سنوات الثورة السورية فضحت للعالم مكان ومسرح الجريمة، بالرغم من محاولات التغطية العمياء للإعلام العربي وإعلام النظام، وإظهار أن النشاط ما زال مستمرًا وأن اتحاد كرة القدم وغيره يتعاقدون مع خيرة المدربين في العالم العربي، وكان آخرهم التونسي نبيل معلول القادم لتدريب منتخب النظام الأول، أيضًا هذا المنتخب الذي أراد نظام بشار الأسد أن يفرض به الوحدة على السوريين بينما كانت طائراته ودباباته تقصف وتهجر المدنيين من عدة مدن وقرى في البلاد، وجلادوه يمارسون السادية والوحشية على المعتقلين في أقبية الظلم والاستبداد.
 
بدخولنا يوم الثورة، سنبقى مع أجيال قادمة نحفظ الصور والأسماء والوثائق، لأن ثورة الشعب لا يمكن إخمادها بسنوات عجاف، ولا بتآمر دولي ولا بقسوة القصف وإجرام الطائرات، لا بد للرياضة السورية الحرة أن تستقل يومًا ما وأن تبرز بالهوية السورية الحقيقية داخل البلاد بعيدًا عن الظلم والاستبداد والطغيان.
 
في ذكرى انطلاقة الثورة السورية.. كل عام ومبادئنا وحبنا للثورة بألف خير.
 
===========================
العربية :رموز لن تنسى.. هكذا بدأت ثورة سوريا قبل أن تغرق بالدماء
آخر تحديث: الأحد 20 رجب 1441 هـ - 15 مارس 2020 KSA 13:24 - GMT 10:24
المصدر: دبي - العربية.نت
تسع سنوات مرت، على انطلاق الثورة في سوريا، يوم خرج الآلاف مطالبين بالحرية وحياة كريمة، إلا أنها سرعان ما غرقت بدمائها، ومآسيها، مع مقتل ونزوح الآلاف.
دفع السوريون ثمن انتفاضتهم بالدم والنار، وما زالوا ينتظرون عدلاً لم يأتهم بعد.
 
 
 
 
آلاف القتلى والجرحى وآلاف من المعتقلين ونازحون بالملايين، بدأت قصتهم في السادس من مارس/آذار 2011، حين اعتقلت قوات النظام فتيانا بسبب كتابة شعارات مناهضة لرئيس النظام بشار الأسد على بعض الجدران في محافظة "درعا" جنوب سوريا، ما دفع العشرات إلى الخروج في مظاهرات للمطالبة بـ"الحرية" ورحيل الأسد الذي تمسك عائلته بحكم البلاد منذ سنوات طويلة.
 
بدأت قوات النظام عملية قمع المظاهرات المعارضة بالقوة والسلاح مع تمدد تلك الاحتجاجات ووصولها مدناً أخرى.
 
لم تكد تمر أسابيع قليلة على انطلاقة الأحداث في مارس/آذار 2011، حتى بدأت قوات النظام حملة اعتقالات موسعة طالت عشرات الآلاف لا يزال مصير أعداد كبيرة منهم مجهولا حتى اللحظة، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان على مدار السنوات التسع، 16163 مدنيا سوريا في سجون ومعتقلات النظام التي باتت أشبه بـ"أقبية موت".
 
"ابن درعا البار"
خلال تلك السنوات برزت أسماء ورموز كثيرة، ارتبط اسمها بشعلة الثورة في سوريا.
لعل أبرزها، الطفل حمزة الخطيب، الذي كان في الـ13 من عمره، عند انطلاق الثورة، فخرج في تظاهرة لكسر الحصار عن بلدات في درعا عانت الأمرّين من التجويع والقتل.
وظل حمزة يهتف مع أقرانه، حتى وصل حاجزا لجيش النظام فأطلق جنوده النار عشوائياً على المتظاهرين، ثم اعتُقل مع 50 شخصاً.
سأل بعدها أهل حمزة عنه، فأفيدوا بأنه في فرع المخابرات الجوية التي تحقق معه وستطلقه.
وبالفعل، أَعادته المخابرات إلى أهله، ولكن "جثة".
حينها نقلت صحيفة كندية عن طبيب شرعي أن حمزة عاد بلا فكّين وبجسد مليء بالحروق وبالصدمات الكهربائية وكدمات الضرب بالكابلات بينما قُطع عضوه التناسلي.
حمزة لم يضرب جنديا للنظام يوما، ولم يُلْقِ بالحجارة على أحد، لم يتآمر، حمزة ذو الـ13 ربيعاً رأى الناس يخرجون طلباً للحرية والتغيير فخرج معهم، إلا أنهم مثّلوا بجثته ليعرف أبناء درعا وسوريا قاطبة أن مصيرهم سيكون مماثلاً لو فكروا تفكيره فقط. حمزة غدا أيقونة لدى السوريين كما غدا غيره كثيرون.
"منشد الثورة"
إبراهيم القاشوش، مرت سنوات طويلة على مقتله تعذيبا في أقبية النظام السوري بعد اقتلاع حنجرته، إلا أن صوت مغني الثورة السورية ومنشدها إبراهيم قاشوش مازال يصدح في آذان كل من يعرفه وسمعه.
القاشوش ابن نواعير حماة لم يحمل السلاح يوما، ولم ينضم إلى "العصابات المسلحة" التي كان يتحدث عنها نظام الأسد في ذلك الوقت، لكن صوته أزعج أفرعة المخابرات التابعة للأسد، فقررت كتمه إلى الأبد، حيث عثر على جثته في عام 2011 ملقاة بنهر العاصي وقد قطعت نصف رقبته واستؤصلت حنجرته من الوريد إلى الوريد.
"الست الحرة.. ما بدي يحكم ابني ابن بشار الأسد"
"الست الحرة.. ما بدي يحكم ابني ابن بشار الأسد" بتلك العبارة هكذا عُرفت مي سكاف، أيقونة الثورة السورية.
لقبت بـ "الست الحرة"، بعد أن روت إثر هروبها من سوريا، ما حدث معها في فرع المخابرات عندما اعتقلت عام 2013.
===========================
الحرة :مليون لاجئ و5 جيوش متحاربة
15 مارس، 2020
تدخل الحرب السورية اليوم عامها العاشر، مخلّفة مأساة إنسانية هائلة ودماراً واسعاً، فيما لم تفلح كل الجهود الدولية المبذولة في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين.
اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون حينها أن مطالبهم بالديمقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع سيتحول حرباً مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصاً مع صعود نفوذ التنظيمات الجهادية.
وبعد مرور تسع سنوات، ما زال رئيس النظام السوري بشار الأسد على رأس السلطة. وباتت قواته، التي تدخّلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015 وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على سبعين في المئة من مساحة البلاد، وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وآخر ما حققته تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.
 
ويتزامن دخول النزاع عامه العاشر مع بدء روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، دوريات مشتركة لأول مرة في إدلب، تطبيقاً لوقف إطلاق نار توصلتا إليه دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي وأوقف هجوماً تسبب بفرار نحو مليون شخص.
خسائر الحرب
وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، وخلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، ويقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية، بينما بات أكثر من 5.6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدوره قال: "يدفع المدنيون الثمن الأكبر في سوريا حيث لم يجلب عقد من القتال إلا الدمار والفوضى".
فقدنا كل شيء
من جانبها، قالت حلا إبراهيم، 35 سنة، وهي أم لأربعة أطفال وتعمل في متابعة ملف مفقودي الحرب، تٌقيم في مدينة الدانا في إدلب مع عائلتها بعد محطات نزوح عدة أعقبت فرارها من مسقط رأسها في مدينة حلب، إثر سيطرة قوات النظام عليها بالكامل نهاية عام 2016: "تسع سنوات من الثورة كانت كافية لإيضاح عمق الألم الذي مرّ بنا من تهجير قسري ونزوح وقصف وشهداء".
وأضافت في تصريحات لوكالة فرانس برس، "فقدنا كل شيء في لحظة واحدة، فقد تركت جامعتي وعملي ومنزلي الذي قصف ولا أعلم حتى اللحظة شيئاً عنه".
وألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والأبنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.
وتعيش الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى "الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم، وخلق وظائف ومصادر دخل والحفاظ عليها.
وأوردت الأمم المتحدة في تقرير قبل يومين أن "الناس بحاجة الى المساعدة للتعامل مع التداعيات النفسية والعقلية التي نجمت عما مروا به خلال سنوات الحرب".
ساحة مبارزة
مع دخول الحرب عامها العاشر، تحوّلت سوريا ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة، فيما ذهبت هتافات صدحت بها حناجر مئات الآلاف من أبنائها المنادين بإسقاط النظام بدءاً من محافظة درعا جنوباً، أدراج الرياح.
وتنشط في سوريا اليوم خمسة جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الصغيرة الموالية لهذه الجهة أو تلك. ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها الخاصة. فينتشر إيرانيون من قوات "الحرس الثوري" ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكريها في مناطق سيطرة قوات النظام.
وتنتشر في شمال شرق البلاد قوات أميركية في مناطق سيطرة الأكراد، الذين أنشأوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة بعد شنّ تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم في أكتوبر الماضي.
ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم.
كما تسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة في سوريا، وتنشر قواتها في إدلب، حيث من المقرر أن تبدأ الأحد تسيير دوريات مشتركة مع موسكو على طول طريق دولي يعرف باسم "إم فور" يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب.
===========================
مبتدأ :المرصد السورى: 384 ألف قتيل سقط فى سوريا منذ 2011
عبير العدوى
 
2020-03-15 09:38
كشف المرصد السورى لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، عن إحصائية مفزعة، مؤكدًا أن 384 ألف شخص فقدوا أرواحهم منذ بدء الصراع فى سوريا "الثورة السورية"، منتصف مارس عام 2011.
وفى بيان له، أوضح أن من بين القتلى أكثر من 116 ألف مدنى، فيما بلغ عدد قتلى الفصائل الإرهابية المسلحة نحو 54 ألفا، والقتلى من القوات الكردية يقترب من 13 ألفا، وفقد الجيش العربى السورى 67 ألفا.
كما وثق المرصد مقتل 191 جنديا تركيا كانوا ضمن قوات الجيش التركى التى سعت لاحتلال سوريا عبر 4 عمليات عسكرية ضخمة، تركزت فى شمال شرق وشمال غرب البلاد.
 
وأكد المرصد أنه يواصل توثيق ورصد كل ما يجرى من انتهاكات بحق الشعب السورى، "لعله يأتى يوما يُحاسب فيه مرتكبو جرائم الحرب التى جرت خلال كل تلك السنوات على أفعالهم".
 
وسعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لاستخدام النزعة الدينية والجماعات المتطرفة لزعزعة استقرار سوريا منذ اندلاع الثورة السورية فى مارس 2011، فى محاولات عديدة لإسقاط الدولة السورية، وعمد النظام التركى إلى تمويل وتسليح تلك الجماعات، وتشكيل ما يسمى "بالجيش السورى الحر" بمشاركة عدة جماعات جهادية متطرفة، منها جبهة النصرة وأحرار الشام وفيلق الرحمن، لمحاربة الجيش السورى.
===========================
رووداو:سوريا تبدأ العام العاشر من مأساتها الكبرى .. أبرز المحطات وأهم الإحصائيات
منذ 4 ساعات  |  239 مشاهدة
رووداو- أربيل
 
تفتح سوريا اليوم باب العام العاشر، من مأساتها الكبرى، ليكون دم السوريين، الخبر الذي يتصدر وسائل الإعلام، يومياً مدة 9 أعوام.
 
وبدأت الحرب السورية عامها العاشر الأحد 15 آذار 2020، مخلّفة مأساة إنسانية هائلة ودماراً واسعاً، فيما لم تفلح كل الجهود الدولية المبذولة في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين.
 
حين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف آذار/مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديموقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع سيتحول حرباً مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصاً مع صعود نفوذ الفصائل المسلحة.
 
وبعد مرور تسع سنوات، ما زال الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة. وباتت قواته، التي تدخّلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015 وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على سبعين في المئة من مساحة البلاد، وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وآخر ما حققته تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.
 
ويتزامن دخول النزاع عامه العاشر مع بدء روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، دوريات مشتركة لأول مرة في إدلب، تطبيقاً لوقف إطلاق نار توصلتا إليه دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي وأوقف هجوماً تسبب بفرار نحو مليون شخص، في أكبر موجة نزوح منذ اندلاع النزاع.
 
وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، وخلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.
 
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد ومقتل ومصرع 384,000 شخصاً على الأراضي السورية، منذ انطلاقة الثورة السورية في الـ 15 من آذار / مارس من العام 2011، وحتى نهاية 14 من الشهر ذاته من العام 2020.
 
وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية بينما بات أكثر من 5,6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.
وألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والأبنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.
 
وترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى "الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم (..) وخلق وظائف ومصادر دخل والحفاظ عليها".
 
ومع دخول الحرب عامها العاشر، تحوّلت سوريا ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة، فيما ذهبت هتافات صدحت بها حناجر مئات الآلاف من أبنائها، أدراج الرياح.
 
وتنشط في سوريا اليوم خمسة جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الصغيرة الموالية لهذه الجهة أو تلك. ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها الخاصة. فينتشر إيرانيون من قوات "الحرس الثوري" ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكرييها في مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية.
 
وتنتشر في شمال شرق البلاد قوات أميركية في مناطق السيطرة الكوردية، الذين أنشأوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة بعد شنّ تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم في تشرين الأول/أكتوبر.
 
ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم.
 
وتسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة في سوريا. وتنشر قواتها في إدلب، حيث من المقرر أن تبدأ الأحد تسيير دوريات مشتركة مع موسكو على طول طريق دولي يعرف بإسم "إم فور" يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب.
 
ويأتي تسيير الدوريات تطبيقاً لوقف اطلاق نار بدأ سريانه في السادس من الشهر الحالي ووضع حداً لهجوم واسع شنّته قوات الحكومة بلغ ذروته مع مواجهات عسكرية بين الجيشين التركي والسوري.
 
ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها بالقوة أو عن طريق المفاوضات، فيما فشلت جهود المجتمع الدولي في تسوية النزاع سياسياً.
 
أبرز محطات المأساة السورية
 
في 6 آذار/مارس 2011، وفي خضم "الربيع العربي"، أوقفت قوات الحكومة السورية 15 فتى، وتعرضوا للتعذيب بسبب كتابة شعارات على الجدران مناهضة الحكومة في درعا (جنوب) التي أصبحت بعدها بمثابة "مهد الثورة" في سوريا، وذلك بعد تأثرهم بأحداث ثورة مصر، وانتشار شعاراتها.
 
في 15 آذار/مارس، تظاهر العشرات في دمشق مطالبين بـ"الحرية"، وقمعت قوات الحكومة، بالقوة التظاهرات المعارضة التي امتدت إلى مدن سورية أخرى.
 
في تموز/يوليو، أعلن عقيد في الجيش السوري لجأ إلى تركيا، تأسيس "الجيش السوري الحر" المؤلف من مدنيين قرروا حمل السلاح ومن منشقّين عن الجيش السوري.
 
وسرعان ما تحوّلت الاحتجاجات إلى نزاع مسلح. ودعم الغرب ودول عربية المعارضة. وسيطر مقاتلو المعارضة على مناطق مهمة خصوصا في حمص (وسط) وحلب (شمال)، ثاني أكبر مدن البلاد.
 
في آذار/مارس 2012، سيطر الجيش على معقل المعارضة في حمص. وشهدت مناطق عدة عمليات عسكرية دامية خصوصاً في حماة (وسط) بعد تظاهرات حاشدة ضد الحكومة.
 
في تموز/يوليو من العام ذاته، أطلقت فصائل معارضة معركة دمشق. احتفظت الحكومة بالسيطرة على العاصمة، لكن مقاتلين سيطروا على مناطق واسعة في ضواحيها أبرزها الغوطة الشرقية.
 
واعتباراً من 2013، بدأت الطائرات والمروحيات بإلقاء الصواريخ والبراميل المتفجّرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل تزامناً مع حصار بري خانق.
 
في نيسان/أبريل 2013، أعلن حزب الله اللبناني دخوله الحرب في سوريا دعماً لحليفه الأسد.
 
ودعمت إيران الحكومة السورية مادياً وعسكرياً عبر "مستشارين عسكريين" ومقاتلين شيعة من إيران وباكستان وأفغانستان والعراق.
 
في 21 آب/أغسطس 2013، تسبب هجوم بأسلحة كيميائية في ريف دمشق بمقتل أكثر من 1400 شخص، بحسب الولايات المتحدة، ووجهت أصابع الاتهام الى دمشق التي نفت تورطها.
 
وكان الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما قال إن استخدام الأسلحة الكيميائية هو خط أحمر، وهدد بتنفيذ ضربة عسكرية، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة بعد اتفاق مع موسكو تعهد بموجبه الجيش السوري، بتدمير ترسانته من الأسلحة الكيميائية.
 
في حزيران/يونيو 2014، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إقامة "الخلافة" في مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا وفي العراق المجاور. وبعد ثلاثة أشهر، بدأ تحالف دولي بقيادة واشنطن شنّ أولى ضرباته الجوية ضد التنظيم في سوريا، بعد العراق.
 
في تشرين الأول/أكتوبر 2017، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، من طرد التنظيم من الرقة التي كانت تعد أبرز معاقله في سوريا. ومُني التنظيم بعدها بخسائر متلاحقة على جبهات عدة وانكفأ مقاتلوه باتّجاه البادية وجيوب تم طرده منها تباعاً.
 
وقتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي عام 2019 في عملية نفذتها فرقة من القوات الخاصة الأميركية في إدلب بشمال غرب سوريا.
 
في 30 أيلول/سبتمبر 2015، بدأت روسيا تنفيذ ضربات جوية في سوريا دعماً للأسد. وشكّل هذا التدخل منعطفاً في النزاع السوري، سمح بتعديل موازين القوى ميدانياً لصالح دمشق. ومُني مقاتلو المعارضة بعد ذلك بهزيمة تلو الأخرى، أبرزها خسارتهم مدينة حلب نهاية 2016، ثم الغوطة الشرقية في ريف دمشق عام 2018.
 
في نيسان/أبريل 2017 أدى هجوم بغاز السارين نسب الى قوات الحكومة الى مقتل أكثر من 80 مدنيا في خان شيخون بمحافظة إدلب.
 
ردا على ذلك، أمر الرئيس الاميركي دونالد ترامب بضربات على قاعدة الشعيرات الجوية بوسط سوريا.
 
في نيسان/أبريل 2018، شنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضربات مشتركة على مواقع عسكرية للحكومة، رداً على هجوم كيميائي في دوما قرب دمشق.
 
في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، أطلقت تركيا مع مقاتلين سوريين موالين لها هجوما جويا وبريا لإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن الحدود مع سوريا، وذلك بعد انسحاب القوات الأميركية من مناطق حدودية. وسيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً وبعمق نحو 30 كلم يمتد بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.
 
وكانت تركيا نفذت من قبل عمليتين عسكريتين في الشمال السوري منذ 2016.
 
تشن دمشق منذ كانون الأول/ديسمبر 2019 وبدعم من ضربات جوية روسية هجوما لاستعادة إدلب، آخر معاقل الفصائل المسلحة المعارضة والجهادية.
 
وتسببت العملية بأزمة إنسانية، إذ أرغمت نحو مليون شخص على الفرار من مدنهم وبلداتهم وقراهم نحو منطقة ضيقة قرب الحدود مع تركيا.
 
العديد من الأزمات العالمية، بدأت وأنتهت خلال الـ9 السنوات التي مضت من عمر الأزمة السورية، ولا تزال رحى الحرب تدور في سوريا تطحن، معها مستقبل أطفالها المجهول، ولا أحد يستطيع أن يخمن الآن وسط تضارب الأحداث وتفاقم الأزمة، ماذا سيكون المصير، ومتى ينتهي هذا المخاض.
===========================
سويس انفو :الحرب السورية تبدأ عامها العاشر والمدنيون يدفعون الثمن الأكبر
هذا المحتوى تم نشره يوم 15 مارس, 2020 05:39 ص15 مارس 2020 - آخر تحديث - 05:39
تبدأ الحرب السورية عامها العاشر الأحد، مخلّفة مأساة إنسانية هائلة ودماراً واسعاً، فيما لم تفلح كل الجهود الدولية المبذولة في التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع توقف معاناة المدنيين.
 
حين اندلعت الاحتجاجات السلمية منتصف آذار/مارس 2011، لم يتخيل المتظاهرون أن مطالبهم بالديموقراطية والحريات ستكون مقدمة لأكبر حروب القرن الواحد والعشرين، وأن حراكهم الذي سرعان ما واجهته قوات الأمن بالقوة والقمع سيتحول حرباً مدمرة تشارك فيها أطراف عدة خصوصاً مع صعود نفوذ التنظيمات الجهادية.
 
وبعد مرور تسع سنوات، ما زال الرئيس بشار الأسد على رأس السلطة. وباتت قواته، التي تدخّلت روسيا عسكرياً لصالحها عام 2015 وتتلقى دعماً إيرانياً، تسيطر على سبعين في المئة من مساحة البلاد، وتعمل على توسيع نطاق سيطرتها، وآخر ما حققته تقدم استراتيجي في محافظة إدلب (شمال غرب) حيث سُجلت أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع.
 
ويتزامن دخول النزاع عامه العاشر مع بدء روسيا الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، دوريات مشتركة لأول مرة في إدلب، تطبيقاً لوقف إطلاق نار توصلتا إليه دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي وأوقف هجوماً تسبب بفرار نحو مليون شخص، في أكبر موجة نزوح منذ اندلاع النزاع.
 
وأودت الحرب بحياة 384 ألف شخص على الأقل بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، وخلّفت عدداً كبيراً من الجرحى والمعوقين عدا عن عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين.
 
وبحسب الأمم المتحدة، نزح أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، يقيم عدد كبير منهم في مخيمات عشوائية بينما بات أكثر من 5,6 مليون سوري لاجئين في دول أخرى، لا سيما لبنان وتركيا والأردن.
 
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "يدفع المدنيون الثمن الأكبر" في سوريا حيث "لم يجلب عقد من القتال إلا الدمار والفوضى".
 
- "فقدنا كل شيء" -
 
في مدينة الدانا في إدلب حيث تقيم مع عائلتها بعد محطات نزوح عدة أعقبت فرارها من مسقط رأسها في مدينة حلب، إثر سيطرة قوات النظام عليها بالكامل نهاية عام 2016، تقول حلا إبراهيم (35 عاماً) لوكالة فرانس برس "تسع سنوات من الثورة كانت كافية لايضاح عمق الألم الذي مرّ بنا من تهجير قسري ونزوح وقصف وشهداء".
 
وتضيف وهي أم لأربعة أطفال وتعمل في متابعة ملف مفقودي الحرب "فقدنا كل شيء في لحظة واحدة" موضحة أن الحرب حرمتها الكثير "تركت جامعتي وعملي ومنزلي الذي قصف ولا أعلم حتى اللحظة شيئاً عنه".
 
وألحقت الحرب دماراً كبيراً بالمنازل والأبنية والبنى التحتية والمدارس والمستشفيات، واستنزفت الاقتصاد وقطاعاته على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق وارتفاع قياسي في أسعار المواد الاستهلاكية.
 
وترزح الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت يحتاج ملايين الأشخاص إلى "الدعم لإعادة بناء حياتهم وموارد رزقهم (..) وخلق وظائف ومصادر دخل والحفاظ عليها".
 
وأوردت في تقرير قبل يومين أن "الناس بحاجة الى المساعدة للتعامل مع التداعيات النفسية والعقلية التي نجمت عما مروا به خلال سنوات الحرب".
 
في مخيم للنازحين في ريف إدلب الشمالي، تقول سهام عبص (50 عاماً) لفرانس برس "لم أر أصعب من هذه الأيام"، مضيفة بحسرة "لم أر ولديّ وهما في الغربة منذ عشر سنوات".
 
وتسأل "لماذا فعلوا بنا هذا؟ (..) الثورة تعني أن نبقى في منازلنا لا أن نتشرّد"، مضيفة "الطيران فوقنا وروسيا وإيران والدول كلها علينا".
 
- ساحة مبارزة -
 
مع دخول الحرب عامها العاشر، تحوّلت سوريا ساحة تتبارز على جبهاتها جيوش دولية ضخمة، فيما ذهبت هتافات صدحت بها حناجر مئات الآلاف من أبنائها المنادين بإسقاط النظام بدءاً من محافظة درعا جنوباً، أدراج الرياح.
 
وتنشط في سوريا اليوم خمسة جيوش نظامية على الأقل، غير المجموعات المحلية أو الخارجية الصغيرة الموالية لهذه الجهة أو تلك. ولكل قوة دولية أهدافها ومصالحها الخاصة. فينتشر إيرانيون من قوات "الحرس الثوري" ومقاتلون لبنانيون وعراقيون وقوات روسية بطائراتها وعسكرييها في مناطق سيطرة قوات النظام.
 
وتنتشر في شمال شرق البلاد قوات أميركية في مناطق سيطرة الأكراد، الذين أنشأوا إدارة ذاتية باتت مهددة بشدة بعد شنّ تركيا ثالث هجوم عسكري على مناطقهم في تشرين الأول/أكتوبر.
 
ولا تكفّ الطائرات الحربية الإسرائيلية عن اختراق الأجواء واستهداف مواقع للجيش السوري أو للمقاتلين الإيرانيين وحزب الله، وهدفها المعلن منع الإيرانيين من ترسيخ وجودهم.
 
وتسيطر القوات التركية على منطقة حدودية واسعة في سوريا. وتنشر قواتها في إدلب، حيث من المقرر أن تبدأ الأحد تسيير دوريات مشتركة مع موسكو على طول طريق دولي يعرف بإسم "إم فور" يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب.
 
ويأتي تسيير الدوريات تطبيقاً لوقف اطلاق نار بدأ سريانه في السادس من الشهر الحالي ووضع حداً لهجوم واسع شنّته قوات النظام بلغ ذروته مع مواجهات عسكرية بين الجيشين التركي والسوري.
 
ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرتها بالقوة أو عن طريق المفاوضات، فيما فشلت جهود المجتمع الدولي في تسوية النزاع سياسياً.
 
وقال الأمين العام للأمم المتحدة الخميس "لا يوجد حل عسكري. حان الوقت الآن لاعطاء الدبلوماسية فرصة للعمل".
===========================
العربي الجديد :الثورة السورية... عن إهمال الفن الشعبي
عمر بقبوق
15 مارس 2020
عندما نتفحصّ الأعمال الفنية التي أنتجها فنانو المعارضة السورية بعد تسعة أعوام من الثورة، سنلاحظ أن السمة الرئيسية لهذه الأعمال الفنية هي "نخبويتها" وتعاليها على الفن الشعبي الذي يبدو أن الشارع السوري بحاجة ماسة له اليوم. فعلى الرغم من اقتران الثورة السورية بمصطلح "الشعبية" عند معظم المؤسسات الثقافية التي دعمت الفن السوري الثوري، وأن غالبية الأعمال الفنية الثورية ذات الطابع النخبوي تغنت بشعبية الثورة؛ لكن المفارقة تكمن بأن الثورة السورية الشعبية عجزت عن إنتاج فن شعبي!
 
قد يجد بعضهم في هذه العبارات إجحافاً للفنون التي ولدت من رحم الثورة السورية، وخصوصاً أن الحراك الشعبي أتاح للمهمشين الفرصة للتعبير عن ذواتهم بأساليبهم الفنية الخاصة والمبتكرة التي كسروا بها القوالب الجامدة للتعبير الثقافي المركزي السائد، ونجمت عن ذلك أعمال فنية تتمتع بمكانة ثقافية وسياسية، أبرزها لافتات كفرنبل وجداريات سراقب والأغاني والشعارات التي رددها المتظاهرون في الشارع بمختلف المحافظات السورية. ولكن هذه الحركات الفنية لم تتحرر من طبيعتها الهامشية، ولم تتمكن من تكريس مركزية فنية مضادة، تجابه الفن السوري الذي ينتجه النظام على المدى البعيد؛ ربما توجد بعض الاستثناءات لفنانين تحولوا رموزاً للفن السوري الشعبي من خلال مشاركتهم بالغناء في المظاهرات، أبرزهم: القاشوش والساروت، ولكن النظام السوري قتل الأول واقتلع حنجرته بوحشية في العام الأول من الثورة، وتسبب بقتل الساروت منتصف العام الماضي. ومع رحيل الساروت فإن الثورة السورية اليوم تفتقد لوجود فنان شعبي يمثلها.
فالمشكلة لا تتمثل بعجز الشارع السوري عن ابتكار أساليب تعبير فنية في حراكه، بل إن ظهور العديد من الحركات والمؤسسات الثقافية، والاهتمام العالمي بالشأن السوري في الأعوام الماضية، ساهما بترسيخ مفهوم "المواطن الفنان"، وفتح ذلك الأفق أمام آلاف الهواة لخوض تجاربهم الفنية الأولى. وأما المشكلة الحقيقية، فهي تكمن بندرة الأعمال الفنية الشعبية التي قدمها فنانو المعارضة المحترفون، وعدم اهتمامهم بتشكيل مركزية فنية شعبية مضادة للمركزية الفنية التي يدعمها النظام السوري.
 
ما هي الفنون الشعبية في سورية؟
تعتبر الدراما التلفزيونية النمط الفني الأكثر شعبية في الشارع السوري، كما أنها تتمتع بنسبة عالية من المتابعة محلياً وعربياً؛ ومع ذلك لم ينتج فنانو المعارضة سوى مسلسلات تلفزيونية قليلة، تُعد على أصابع اليد الواحدة، ليتيحوا بذلك الفرصة أمام النظام السوري لسرد روايته الخاصة عن الأحداث السورية من خلال الفن الأكثر شعبية؛ وهو أمر ذو تأثير سلبي للغاية، إذ إن الجمهور السوري مرغم على متابعة مسلسلات تميل لكفة النظام، واجترار رواية النظام بالفن الأكثر شعبية، والذي سيكون له تأثير على تلقي الأجيال السورية التي نشأت بعد 2011 بكل تأكيد. في المقابل، فإن الفنانين المعارضين أنتجوا خلال الأعوام التسعة الماضية مئات الأفلام الوثائقية والقصيرة، التي لم تتوجه بالأصل إلى الجمهور السوري، بل تم إنتاجها للمشاركة في المهرجانات العالمية؛ وقد حقق بعض المخرجين السوريين من خلالها النجاح، فحصدوا عشرات الجوائز وتمكنوا من الدخول إلى سباق الأوسكار، كما حدث مع وعد الخطيب وفراس فياض هذه السنة، وآخرين في الأعوام الماضية. لكن هذه الأفلام، مهما علا شأنها، لن تنجح في سد الفراغ ولن تحل محل الفن الشعبي، وستبقى حالة الاغتراب قائمة بينها وبين الجمهور المحلي؛ فهي أعمال فنية نخبوية تتعاطى مع الشارع السوري كبيئة تستقي منها موادها، من دون أن تهتم باحتياجات الجمهور في الشارع السوري. وعلاوةً على ذلك، فإنه من الغريب حقاً أن مخرجي الأفلام الوثائقية والقصيرة، لديهم إيمان غير مفهوم بأن هذا الأعمال الفنية النخبوية التي يقومون بإنتاجها لتعرض في المهرجانات العالمية سيكون لها دور في تغيير مسار القضية السورية؛ وكأن المجتمع الدولي غافل عن جرائم نظام الأسد ويحتاج لوثيقة فنية لتحركه.
وأما في ما يتعلق بالكوميديا، والتي يفضلها الشارع السوري على غيرها من الأنواع الفنية، فإن حضورها اقتصر عند فناني المعارضة السورية على بعض البرامج البسيطة التي تستمد موادها من المحتوى التلفزيوني لإعلام النظام السوري؛ ومن أبرز هذه البرامج: برنامج "نور خانم" (على شاشتي قناة سورية والتلفزيون العربي) الذي يعيد تدوير مواد الإعلام السوري الرسمي ضمن سياق ساخر، وبرنامج "حمصوود" (على يوتيوب) الذي ينتقد المسلسلات التي أنتجتها الشركات التابعة للنظام السوري. ورغم أن هذه البرامج قد نجحت في الوصول إلى مكانة شعبية مقبولة في الشارع السوري، إلا أن مشكلتها تكمن في أنها لا تزال تكرس ما يقدمه النظام على شاشاته كمركزية لا غنى عنها للجمهور السوري، وأنها لم تنجح في خلق مركزية فنية مضادة يمكن الاستناد إليها لتأسيس مركزية جديدة للفن السوري.
 
وبعيداً عن الشاشات، فإن السوريين أنتجوا خلال الأعوام التسعة الماضية مئات المسرحيات في دول الجوار وأوروبا. وفي سورية لطالما كان المسرح فناً نخبوياً، إذا ما استثنينا تجربتي مسرح "دف الشوك" ومسرح همام حوت. لذلك كان من غير المنطقي التأمل من العروض المسرحية التي لا تصل سوى إلى عدد محدود من الناس أن تصبح فناً شعبياً؛ ناهيك عن كون معظم العروض السورية في الخارج بدت غير موجهة للجمهور السوري بسبب الشرط المكاني والعامل الجغرافي الذي يحدد جمهور المسرح.
 
 
جمهور الثورة السورية والفنان الشعبي
عندما بدأت الثورة السورية، اصطف العديد من الفنانين السوريين الذين يتمتعون بمكانة شعبية عالية في صف الثورة؛ منهم: فارس الحلو، جمال سليمان، يارا صبري، مكسيم خليل، أصالة وغيرهم. ولكن مواقفهم العلنية من الحراك الشعبي في بداية الثورة، وانحسار نشاطهم الفني على حساب النشاط السياسي والإنساني، رفعتهم إلى مكانة الفنان الملتزم بالقضية. وهذا التحول في العلاقة مع هؤلاء النجوم، وعدم تقبل بعض الجمهور المعارض الفنانين الشعبيين الموالين، جعل الجمهور يبحث عن فنان شعبي جديد، ووجد ضالته بالفنان السوري عمر سليمان، بعد أن انتشر فيديو "البسطار" الذي يستخدم تقنيات المونتاج لعرض الواقع السوري الكارثي بشكل كوميدي على أنغام أغنية "Crystalline" التي تجمع عمر سليمان وبيورك؛ وبعد أن أنشئت صفحة "ولدي ماهر" على "فيسبوك" التي استثمرت صور عمر سليمان للسخرية من الأحداث السورية والعالمية. عندها أعاد جمهور المعارضة السورية خلق عمر سليمان، ليحوله إلى فنان شعبي لجمهور المعارضة السورية، ولم يتوقف عن حضور حفلاته والاستمتاع بالرقص على أغانيه، حتى بعدما اكتشف أنه موالٍ للأسد، لتوضح هذه الحادثة أن الشارع السوري كان ولا يزال بحاجة لفنان شعبي.
===========================
العربي الجديد :بلال موسى: الثورة ألهمتني والفن رسالة للشعوب
أمل رنتيسي
15 مارس 2020
بمخيلةٍ خصبة ويدٍ ماهرة، يقوم، بلال موسى، البالغ من العمر 26 عاماً، برسم صور الكاريكاتير والجداريات. بلال هو فنَّان سوري من مدينة سراقب الواقعة في ريف إدلب، واكب أحداث الثورة السورية منذ بداياتها، وعبّر عنها بالورقة والقلم.
 
وبعد 9 سنوات من الحرب، يسعى بلال من خلال رسوماته لإيصال معاناة السوريين، ويقول لـ"العربي الجديد": "إلهامي يأتي من الثورة، أبطالها ونساؤها وأطفالها، وبالطبع المعتقلين. فأنا أعمل على إيصال رسالتنا ومعاناتنا إلى الشعوب الأخرى". ويضيف: "لو أتيحت لي الأدوات، سأجمعُ كافة أعمال الفنانين السوريين في مجلة واحدة موجّهة إلى العالم ليرى ويسمع صوتنا". بدأ بلال شغفه بتشجيعٍ من معلمته من المرحلة الابتدائية، فأحب رسومات الكاريكاتير، وبدأ برسمها قبل الثورة، ولكنه تعرّض إلى مضايقات وتخوفات، عن ذلك يقول: "هذا الفن يستهدف القضايا السياسية والاجتماعية في آنٍ واحد لذلك أحببته جدًا.
 
وقبل الثورة كان من الصعب أن يعبر الفنان بحريته، فامتنعت عنه، ومع بداية الثورة عدت للرسم مجددًا". يُذْكر أن انتهاكات النظام طاولت عددًا من فناني الكاريكاتير السوريين، منهم الفنان أكرم رسلان الذي توفي تحت التعذيب بعد أشهر من اعتقاله عام 2012، وفنان الكاريكاتير العالمي علي فرزات الذي الذي تم تكسير أصابعه عام 2011. وقام بلال بمشاركة أولى لوحاته في إدلب خلال الذكرى الثانية للثورة السورية، مع فنانين آخرين في معرض "سورية في عيون إدلب" للرسوم الكاريكاتيرية الذي أُقيم في مدينة سراقب عام 2017. وتوجّه للمشاركة الدولية عام 2018 بثلاث لوحات في معرض "سوريا في الرسوم الكاريكاتورية" الذي أقيم في مدينة برلين بدعم من مؤسسة "هاينريش بول".
 
 
 
وكما يساهم في الفعاليات التي تقام في الشمال السوري كحملة "نحن معك" التي سيشارك فيها باللوحات الجدارية "الغرافيتي". وتقوم هذه الحملة المدعومة من معهد صحافة الحرب والسلام IWPR والمقامة في مدينة الباب شمال شرق حلب، بدعم السيدات السوريات الناجيات من المعتقلات. وصرَّحت منسقة الحملة، نادين عبيدين، لـ "العربي الجديد": "تم إطلاق الحملة في يوم المرأة العالمي، وستكون على مدار شهر مارس/ آذار، وستقام أنشطة رسم على جدران المدينة تستهدف التصدي وكسر وصمة العار المجتمعية للمرأة المعتقلة، وإعادة الدمج المجتمعي للسيدات".
 
يعيش بلال الآن متنقلًا بين تركيا والداخل السوري بعدما هجِّر من مدينته سراقب التي سيطرت عليها قوات النظام السوري بمساندة روسيا، فتزداد همته الفنية وتضعف أحيانًا أخرى، ويقول: "من الصعب أننا عشنا في مدينة ثورية لمدة 9 سنوات، ثم يقوم النظام بالاستيلاء عليها. فهذا الشيء خلق عندي وعند أهالي المدينة شتاتاً كبيراً ومأساة"، وأما عن مستقبله فهو مجهولٌ في ظل الأوضاع الراهنة من قصف وتدمير ونزوح، ومع ذلك يطمح إلى أن يصبح يومًا ما رئيس تحرير لمجلة كاريكاتير.
===========================
صحافيو الثورة السورية: أحرارٌ وسط لعبة الموت
عماد كركص
15 مارس 2020
تدخل الثورة السورية اليوم عامها العاشر، بعدما أطلقت متطوعين لنقل أحداثها إلى العالم، عبر صور وفيديوهات صورت بهواتفهم المحمولة، متحدين التعتيم الذي فرضه نظام بشار الأسد، فوصفوا بـ"شهود العيان"، ثم "الناشطين الإعلاميين، فـ"المواطنين الصحافيين". بعضهم اتجه لاحقاً إلى امتهان الصحافة.
 
جواد المسالمة من أوائل أولئك الناشطين الإعلاميين الذين شاركوا في تغطية الحراك من محافظة درعا، عبر كاميرات هواتفهم النقالة بادئ الأمر. ورغم مشاركته في التظاهرة الأولى هناك في 18 مارس/ آذار عام 2011، إلا أنه لم يخطر في باله نقل التحركات إلا في اليوم الثاني. وعن الدافع، قال المسالمة لـ"العربي الجديد"، إن "النظام بدأ بقتل المتظاهرين منذ اليوم الأول، لاجئاً في الوقت نفسه إلى التضليل ونشر الشائعات، فوجدنا أنفسنا أمام نظام كاذب وإعلام منافق، واضطررنا حينها إلى توثيق انتهاكات النظام اليومية خلال التظاهرات ونقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام". وأضاف "لم أكن أتمنى أن تقع على عاتقي مثل هذه المهمة، نظراً لحجم الجرائم وبشاعتها التي التقطتها، لكن كان واجباً علينا نقل الصورة الحقيقية للإجرام المرتكب بحق الشعب السوري".
وأشار المسالمة إلى أن "أبرز المخاوف حينها كانت الاعتقال، بعدما تعمد النظام اعتقال الناشطين وتعذيبهم حتى الموت والتمثيل بجثثهم، فضلاً عن اعتقال أهاليهم والضغط المستمر عليهم لتسليم أنفسهم. الناشطون يفضّلون الموت أو التهجير على معتقلات النظام". المسالمة مقيم حالياً في الأردن، بعد سياسة "المصالحات" والتهجير التي رعتها روسيا في درعا وغيرها عام 2018، ويحلم بعودة قريبة إلى سورية حرة تحاكم المجرمين، ومبدؤها المساواة والعدالة.
 
خالد أبو صلاح برز اسمه بنشاطه الملحوظ في مدينة حمص، وتحدث لـ"العربي الجديد" عن بداية نشاطه الإعلامي بعد أقل من شهر على بدء التظاهرات، حين شكّل مع أصدقائه، في حي بابا عمرو، نواة لما أصبحت "تنسيقية بابا عمرو". وقال أبو صلاح: "في هذه الأسابيع القليلة بعد انطلاقة الثورة أدركت أهمية توثيق الانتهاكات بحق المدنيين، في ظل غياب وسائل الإعلام وسيطرة رواية رسمية تحاول تشويه الحَراك الشعبي، وعبر هاتفي المحمول بدأت أول نشاط إعلامي لي مصوراً وموثقاً التظاهرات والانتهاكات في بابا عمرو. ومع تزايد أعداد الشهداء في حيّنا وعجز وسائل الإعلام المحايدة من الوصول إلى موقع الحدث، قررت الخروج والحديث عبر الفضائيات لهدم رواية النظام الرسمية، ونقل صورة الثورة وصوتها للعالم".
 
مواقف عدة لا ينساها أبو صلاح، لكن "لم يؤلمني شيء خلال سنين الثورة كاستشهاد عبد الباسط الساروت، وسبقه فقدان الكثير من المقربين، بمن فيهم أخي أحمد. لكن فقدان الساروت بما يمثله للثورة، وما يمثله لمن كانت تربطهم به صداقة ومعرفة، خسارة كبيرة"، قال الناشط السوري. في الوقت نفسه، لا ينسى "أول صرخة" في تظاهرة رفقة صديقه محمد الطحان: الله، سورية، حريّة وبس. وأردف: "أي إنسان مهما بلغ من معرفة، لم يكن له أن يتصور ما آلت إليه الأمور في سورية، وعن نفسي وعن كل من عرفتهم من أصدقاء وزملاء انخرطوا في صفوف الثورة منذ بدايتها، أقول واثقاً: لم نرد سوى مستقبل أفضل في الوطن، وتحصيل حقوق الشعب. والكل كانوا مستعدين للتضحية بحياتهم في سبيل الأهداف هذه. لم نتصور حجم تخاذل العالم وصمته عن إجرام النظام. ولا يتحمل النظام وحده مسؤولية ما جرى، بل القوى الإقليمية والدولية التي استثمرت في القضية السورية وحوّلتها إلى صراعات محاور وتصفية حسابات على حساب دماء السوريين".
 
راسم غريب أو "قيس أبو النصر"، وهذا الأخير هو الاسم المستعار لغريب الذي بدأ به نشاطه الإعلامي مصوراً في مدينته معرة النعمان في ريف إدلب وتظاهراتها، خوفاً من ملاحقة النظام له ولذويه. وقال في حديثه لـ"العربي الجديد": "في بداية الثورة وجدت متعة كبيرة في التظاهر، ولم يرد إلى ذهني حينها المشاركة في توثيق الحراك، لكن ما حصل في (جمعة العشائر) في معرة النعمان، بعد شهرين من اندلاع الثورة، من هجوم وحشي لقوات الأسد على المتظاهرين باستخدام الطائرات المروحية للمرة الأولى في تاريخ الثورة وارتكابها مجزرة بحقهم، دفعني إلى التوثيق بكاميرا هاتفي النقال وقتئذ بعض ما حدث، ولما كانت تغطية حدث كهذا تكاد لا تذكر من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية، قررت اقتناء كاميرا".
 وأوضح غريب أن "الخوف الأكبر، في ذلك الوقت، كان يكمن في أن تتم الوشاية بي وأن أتعرض أو أحد أفراد أسرتي للاعتقال من قبل النظام، أما مناورة رصاص جهاز الأمن في التظاهرات والبقاء على قيد الحياة لنقل صورة ما كان يجري، فيشعرك بأنك انتصرت على نظام الأسد بطريقة ما في لعبة الموت هذه". ورأى غريب الذي يعيش اليوم لاجئاً في ألمانيا، بعد مغادرة سورية إلى تركيا بسبب ملاحقته من تنظيم "جبهة النصرة" عام 2014، ومن تركيا إلى ألمانيا عام 2017، أن "للإعلام فضلاً كبيراً بعدم وأد الثورة في مهدها درعا، وأن أشرطة الفيديو التي خرجت من هناك ألهمت كل السوريين وكسرت من قداسة وألوهية نظام الأسد، وشجعت باقي المناطق على الخروج، بعد أن كان الشارع السوري على يقين شبه تام بأن قبضة النظام الأمنية ستمنع انتقال الربيع العربي إلى البلاد، ولما فشل النظام حتى في منع انتقال الثورة بين المحافظات السورية، أصبح استهداف الناشطين الإعلاميين (عيون الثورة) على رأس أولوياته".
 
استهدف النظام الناشطين الإعلاميين والصحافيين منذ بداية الحراك، سواء من خلال القتل أو الاعتقال أو ملاحقة ذويهم، ووثق "المركز السوري للحريات الصحافية" في "رابطة الصحافيين السوريين" وقوع 1305 انتهاكات، ارتكبت في سورية وخارجها ضد الإعلاميين السوريين، منذ منتصف مارس/ آذار عام 2011 إلى نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي.
 ويعتبر القتل أكثر أنواع الانتهاكات ارتكاباً بـ456 حالة قتل، من مجموع الانتهاكات الكلي الذي وثقه المركز خلال الفترة المذكورة. أما عن حالات الاعتقال والاحتجاز والاختطاف وحالات الإصابة والضرب، فبلغت 321 حالة اعتقال، و323 حالة احتجاز. في المقابل، ارتكبت 115 انتهاكاً ضد المراكز والمؤسسات الإعلامية، إضافةً إلى 90 حالة من الانتهاكات الأخرى (كالمنع من التغطية الصحافية، والتهديد، ومصادرة المعدات الصحافية، والملاحقة، وغيرها من الانتهاكات الأخرى).
 
وبحسب تصنيف المركز، تنوّعت فئات الإعلاميين (الجنس، النوع، الجنسية، خارج البلاد) الذين تعرضوا للقتل، فقد سجل المركز مقتل 456 إعلامياً منذ منتصف مارس/ آذار عام 2011 وحتى نهاية شهر فبراير/ شباط عام 2020، كان منهم 33 إعلامياً فقدوا حياتهم تحت التعذيب في سجون النظام السوري، و5 إعلاميين سوريين قتلوا خارج سورية، و64 إعلامياً (مراسل حربي) يعملون لدى قوى مسلحة في سورية، ومقتل 7 إعلاميات (سوريات وأجنبيات) في سورية، كما قُتل 19 إعلامياً أجنبياً في سورية، حيث كان نظام الأسد مسؤولاً عن مقتل 7 إعلاميين من الأجانب، فيما قَتَلَ تنظيم "داعش" 6 إعلاميين أجانب. كذلك يُعتبر النظام السوري المسؤول الأول عن الانتهاكات بارتكابه 602 انتهاك ضد الصحافيين والناشطين الإعلاميين، من مجموعها الكلي (1305 انتهاكات).
===========================
تسع سنوات من الثورة السورية: من الأوج إلى الانحسار
عماد كركص
15 مارس 2020
تدخل الثورة السورية عامها العاشر، بتحوّلات وانعطافات نقلت سورية من سيطرة المعارضة المسلحة على غالبية أراضي البلاد، مروراً بالتدخّل العسكري الإيراني، وبعده الروسي، وبروز جماعات متطرفة بدّلت بوصلة الأهداف الغربية والعالمية في سورية، وصولاً إلى استعادة نظام بشار الأسد المبادرة، في الفترة الأخيرة، بعد انخراط روسي كبير وإدارة اللعبة، لتتقلص سيطرة المعارضة على الأرض مع بداية شهر مارس/آذار الحالي إلى نحو 11 في المائة من الجغرافيا السورية. وبات النظام، ومن معه، يسيطرون على نحو 62 في المائة، وما تبقّى من الأراضي السورية يخضع لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) بنسبة تفوق الـ25 في المائة.
وشهدت الثورة تقلّبات عديدة ومفصلية، سياسياً وعسكرياً، كان أهمها سيطرة المعارضة المسلحة على مساحات شاسعة في سورية، وصلت إلى أكثر من 70 في المائة في العام 2013، قبل أن يأتي التدخّل الروسي إلى جانب نظام الأسد بشكل مباشر في خريف العام 2015، ما أدى إلى تراجع المساحات التي كانت تفرض عليها المعارضة سيطرتها وانحسارها، بالإضافة إلى ظهور أجسام وتشكيلات غير متوقعة على أرض الواقع، تكيل معارضةً للنظام، لكنها لا تعتبر الثورة والحراك الثوري مرجعية لها.
الكثير من العوامل جعلت من الثورة السورية في حالة جيدة في مراحل، وتراجع يصل إلى مستوى التدهور في مراحل أخرى، ولا سيما في العامين الأخيرين، مع زيادة عدد الفاعلين والمؤثرين في الملف السوري، على الصعيدين الإقليمي والدولي، دولاً وتنظيمات. أما عداد الضحايا فلم يتوقف، إذ وصل عدد المدنيين القتلى فقط منذ مارس/آذار 2011 وحتى مارس من هذا العام، إلى 226247 من الموثقين لدى "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، 200 ألف منهم قُتلوا على يد قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، فيما تعد الأرقام الحقيقية أكثر من ذلك بكثير، نظراً للأعداد الكبيرة للمختفين والمغيبين قسراً، وغير الموثقين بالاسم. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس السبت، إن الحرب أدت إلى مقتل 384 ألف شخص على الأقل، بينهم أكثر من 116 ألف مدني. وبين القتلى المدنيين أكثر من 22 ألف طفل و13 ألف امرأة.
 
انقلاب المشهد
 
كان عاما 2018 و2019، الأسوأين في تاريخ الثورة، إذ ابتلعت روسيا والنظام في 2018 ثلاث مناطق من "مناطق خفض التصعيد" الأربع المتفق عليها في مسار أستانة، ولم يتبقَ تحت سيطرة المعارضة إلا إدلب المدينة وبعض بلدات ريفها، التي تدخل ضمن "منطقة خفض التصعيد الرابعة"، التي تضم كامل محافظة إدلب وأجزاء من أرياف حماة الشمالي والغربي، وحلب الجنوبي والغربي، واللاذقية الشرقي، بالإضافة إلى المناطق الخاضعة للنفوذ التركي شمالي حلب وشرقي الفرات.
 
وحاولت روسيا الضغط في نهاية 2018 على إدلب عسكرياً، بعد انتهائها من الاستحواذ على كافة المناطق السابقة، فيما سعت تركيا لتجنيب المحافظة سيناريو سابقاتها، من خلال اتفاق سوتشي الموقّع بين موسكو وأنقرة في سبتمبر/أيلول 2018، والذي يقضي بنشر نقاط مراقبة حول إدلب، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محيطها. إلا أن روسيا ضربت الاتفاق، ومخرجات أستانة التي سبقته، عرض الحائط، ودعمت قوات النظام والمليشيات الإيرانية التي اجتاحت "منطقة خفض التصعيد" في إبريل/نيسان 2019، وسيطرت في المرحلة الأولى من الهجوم، التي امتدت حتى أغسطس/آب، على كامل الريف الشمالي من حماة التابع لـ"منطقة خفض التصعيد"، بالإضافة إلى سيطرتها على مدينة خان شيخون ومحيطها جنوبي إدلب.
 
وتوقّف الهجوم حينها باتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أن قوات النظام، وبدعم روسي من الجو، وإيراني على الأرض، استأنفت هجومها البري أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتقدّمت جنوب وشرق إدلب وجنوب وغرب حلب، وقضمت أجزاء واسعة من "منطقة خفض التصعيد الرابعة"، من بينها مدن معرة النعمان وكفرنبل جنوب إدلب، وسراقب في الريف الأوسط، بالإضافة إلى حيان وحريتان وعندان ومحيطها غربي حلب، وخان طومان وخان العسل وكفر حلب جنوبها، وغيرها من القرى والمدن، ما أدى لنزوح نحو مليون ونصف المليون مدني نحو الحدود الشمالية للمحافظة مع تركيا.
 
 
 
كل ذلك استدعى تدخلاً تركياً، جاء متأخراً، فأرسلت أنقرة مزيدا من الأرتال إلى إدلب، وأنشأت نقاطاً جديدة، إضافة إلى 12 نقطة سابقة. وعندما استمر النظام في تقدّمه، على الرغم من التهديدات التركية بضرورة الانسحاب إلى ما وراء حدود اتفاق سوتشي، شنّ الجيش التركي، بالتشارك مع فصائل المعارضة، عملية "درع الربيع" في 27 فبراير/شباط الماضي ضد قوات النظام. إلا أن العملية توقفت باتفاق جديد بين الروس والأتراك في السادس من الشهر الحالي، بقي مبهماً وغامض التفاصيل، ما يشير إلى إمكانية تجدد المواجهات، لتحديد هوية الطرف المسيطر على إدلب.
 
وسبق ذلك إطلاق روسيا مسار أستانة، بالتشارك مع إيران وتركيا بداية العام 2017، مع استغلال موسكو تدخّلها العسكري بالعمل على مسار سياسي بعيداً عن أجندات الأمم المتحدة، ودور الولايات المتحدة الفاعل فيها، وتراجع الدور العربي والأميركي في الملف السوري، بالإضافة إلى عجز الأوروبيين عن تقديم أي إضافة مع تعنّت النظام والروس، لجهة تطبيق القرارات الدولية لصالح الشعب السوري وثورته. وكان من أبرز ما تمخض عن مسار أستانة، اتفاق "مناطق خفض التصعيد الأربع"، وهي: درعا والجنوب، غوطة دمشق، شمالي حمص وجنوب حماة، وإدلب ومحيطها. وكانت تركيا قد أظهرت نيّتها السيطرة على الشريط الحدودي الشمالي تباعاً، من خلال معركتها الأولى، "درع الفرات"، ضد تنظيم "داعش" في كل من جرابلس والباب شمالي حلب في أغسطس/آب 2016، ومن ثم عملية "غصن الزيتون" ضد "قوات سورية الديمقراطية" في عفرين ومحيطها شمالي حلب أيضاً.
 
لكن روسيا، عملت في ما بعد، على الالتفاف على اتفاق "مناطق خفض التصعيد" تباعاً، من خلال سياسة "المصالحات" التي اتّبعتها في تلك المناطق، وهي سياسة هدفت لتهجير المعارضين للنظام (مدنيين وعسكريين) نحو الشمال السوري وإدلب. فأخذت موسكو والنظام بابتلاع تلك المناطق بالتدريج، وبدأت من الغوطة في مارس/آذار من عام 2018، ثم ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي بعد شهرين من ذلك، ثم درعا والجنوب في يوليو/تموز من العام نفسه. وقبلها عمدت، بالمشاركة مع إيران، إلى حصار بعض المناطق لإرغام أهلها على تركها، ولا سيما في حمص القديمة وحي الوعر، والريف الغربي من دمشق، والأحياء الشرقية من حلب، بعد معارك طاحنة مع قوات المعارضة.
 
كيف انطلقت الثورة؟
 
يختلف السوريون على موعد تحديد موعد انطلاق ثورتهم، ما بين 15 مارس/آذار 2011، حينما خرج عشرات المتظاهرين في سوق الحميدية داخل العاصمة دمشق، وطالبوا بالحرية ونادوا بسلمية الحراك، وما بين 18 مارس من العام ذاته، حين خرجت التظاهرة الأولى في درعا، والتي واجهتها أجهزة النظام بالعنف، ليسقط أول قتلى الثورة السورية. وحين طالب وجهاء درعا بالإفراج عن عدد من الأطفال، كتبوا على جدران مدرستهم عبارات مناهضة للنظام اعتقلهم النظام وعذبهم، أهان الوجهاء الذين طالبوا بالإفراج عنهم، لتندلع الاحتجاجات داخل المحافظة بشكل واسع. إلا أن الشرارة الحقيقية لاندلاع الثورة، وكسر حاجز الصمت في وجه النظام، والخروج بحراكٍ شعبي أو تظاهرة شارك فيها نحو 1500 مواطن دمشقي، كانت في حي الحريقة داخل العاصمة في 17 فبراير/شباط 2011، حين وصف المتظاهرون أجهزة الأمن والشرطة بـ"الحرامية"، بعد اعتقال أحد الشبان من أبناء أحد تجار الحريقة، ليتجمع أهالي الحي للمطالبة به، بهتاف "الشعب السوري ما بينذل"، ما استدعى تدخّل وزير الداخلية الذي أرسله الأسد للتخفيف من احتقان المتظاهرين.
 
 
 
عموماً، تمددت الثورة وانتشرت على معظم الأراضي السورية، وكان الخيار الوحيد المقدّم من قبل أجهزة الأمن لبشار الأسد في التعامل مع الحراك، الذي أخذ بالانتشار سريعاً، هو الخيار الأمني والقمع منذ البداية، إلا أن ذلك كان عاملاً في توسيع رقعة التظاهرات وتعاظم حجمها في الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الثورة. ومع زيادة حجم القمع والاستهداف للمتظاهرين من قبل النظام، وانشقاق عدد من الضباط عن صفوف قواته، اتخذت الثورة جانباً مسلحاً إلى جانب الحراك السلمي لحمايته، فولد "لواء الضباط الأحرار" على يد المقدم حسين هرموش، ومن ثم تشكل "الجيش السوري الحر" بإعلان من العقيد رياض الأسعد، في يوليو/تموز 2011.
مجموعات بأهداف مختلفة
 
منذ بداية عسكرة الثورة، ظهرت الكثير من المجموعات المسلحة التي أعلنت انتماءها لـ"الجيش السوري الحر"، إلا أن هذه المجموعات افتقدت للترابط والتنسيق في ما بينها، وعدم تكوين مركز رئيسي لإدارة عملياتها وحتى تشكيلها من الأساس، فغلبت العشوائية على التخطيط وتنفيذ العمليات. وربما يعزو البعض ذلك لكون العقيد رياض الأسعد ترك الباب مفتوحاً أمام الثوار من المتطوعين المدنيين للانخراط في تلك المجموعات، بعد أن كان منحى هرموش مختلفاً تماماً، من خلال حصر عسكرية الثورة بالضباط والعناصر المنشقين عن قوات النظام، ومن ثم تأهيل المتطوعين في مرحلة لاحقة.
وفتح ذلك الباب أمام تشكل مجموعات، لم يكن يستهويها إعلان تبعيتها، ولو شكلياً، لـ"الجيش الحر". فتشكّلت تلك المجموعات، التي أصبحت في ما بعد كتائب، وأخذت صبغة إسلامية، لا سيما كتائب "أحرار الشام" في إدلب وحماة التي أصبحت "حركة" منظمة في ما بعد، و"لواء التوحيد" في حلب، ومن ثم تشكيل "جيش الإسلام" في ريف دمشق، والذي قام على تحالف نحو 40 فصيلاً، معظمها كانت تبدي ولاءً لـ"الجيش الحر". ولا شك أن لتشكيل "جبهة النصرة لأهل الشام"، التي تأسست أواخر العام 2011، وأعلن عنها بداية 2012، والتي تعتبر فرع "تنظيم القاعدة" في سورية، كان له أثره الكبير على مفاصل مهمة من عمر الثورة في ما بعد.
 
في المقابل، ومع سيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من سورية، بين عامي 2013 و2015، بات النظام مهدداً بالانهيار والسقوط، خصوصاً أن محيط دمشق كان بشكل شبه كامل تحت سيطرة المعارضة، فاندفعت إيران للتدخّل، والذي جاء عبر مراحل وبشكل تدريجي دعماً للأسد. وقد أكد أكثر من مسؤول إيراني، من مستويات مختلفة سياسية وعسكرية، أنه لولا تدخّل إيران و"حزب الله" في سورية لكان النظام سقط خلال بضعة أسابيع، ولا سيما في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حين اقتربت فصائل المعارضة من أسوار العاصمة، بل والوصول إلى بعض أحيائها، قبل وبعد ذلك التاريخ.
 
ثم كان التدخّل الروسي عسكرياً بشكل مباشر إلى جانب قوات الأسد، ولا سيما من خلال الإسناد الجوي، الحدث الأبرز والأهم في تاريخ الثورة السورية، والذي شكّل محطة مفصلية على صعيد تغيير خرائط السيطرة على الأرض لصالح النظام، جنباً إلى جنب مع التدخّل الإيراني، الذي زاد من حجم تواجده على الأرض، من خلال الزج بمزيد من المليشيات من العراق وأفغانستان، بالإضافة للتواجد والنفوذ الكبير لـ"فيلق القدس" والحرس الثوري الإيراني، اللذين تسلما زمام المبادرة في إدارة المعارك على الأرض. وفيما بعد كان للدور الروسي جانب سياسي، في تغيير المعادلة السياسية إلى جانب التدخل العسكري، ما زاد من ضعف الثورة لصالح الأسد.
 
في موازاة ذلك، كان تنظيم "داعش" قد أعلن عن نفسه بعد انشقاق العديد من عناصره وقيادته عن تنظيم "جبهة النصرة"، ومبايعتهم "تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام"، ومركزه العراق. وأخذ التنظيم يكبر ويتمدد على حساب قتال فصائل الثورة التابعة لـ"الجيش الحر"، أو الفصائل الإسلامية الأخرى، حتى وصل الأمر لقتال تنظيم "جبهة النصرة"، الذي يشبهه من حيث الفكر الراديكالي، والمعتقدات والفلسفة الدينية السلفية الجهادية. وتوسع "داعش" حتى أعلن "دولة الخلافة" في العام 2014، وعاصمتها مدينة الرقة شرق سورية.
 
وفي الوقت ذاته، طفا إلى السطح الكيان العسكري الكردي، "وحدات حماية الشعب"، المؤسس منذ العام 2004 (تتضارب التواريخ الرسمية حول تأسيسها بشكل منظم بين 2004 و2012)، والذي يعد الجناح العسكري لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، فرع حزب "العمال الكردستاني" في سورية. وتوسع هذا الفصيل وتعاظم نفوذه وحجمه، باتباعه سياسة التجنيد الإجباري وقتال تنظيم "داعش" شرقي سورية، بدعم أميركي، ومن ثم تشكيل "قوات سورية الديمقراطية"، من فصائل عربية وكردية شرقي سورية، ونواتها الأساسية "وحدات حماية الشعب" بقيادة كردية.
وكان قتال "داعش" للفصائل بداية الاقتتال الفصائلي في سورية، والذي ظهر كذلك في ريف دمشق، حين ابتلعت فصائل كبيرة فصائل أصغر منها حجماً. وامتد الاقتتال إلى الشمال السوري، ولا سيما في إدلب وحلب، وهنا بدأت مرحلة التشظي الفصائلي في الثورة، والذي كانت نتيجته ضعف الجناح العسكري، والارتهان إلى يد الدول الإقليمية والدولية المتنفذة في الثورة، والذي امتد حكماً إلى جناحها السياسي.
 
التطورات السياسية
 
سياسياً، حظيت الثورة بتعاطفٍ دولي في أيامها الأولى، تُرجم من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد من معظم دول العالم. وكان مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، الذي استضافته العاصمة التونسية في بداية العام 2012، بمشاركة نحو 70 دولة، توسعت دائرتها في ما بعد، حدثاً هاماً على صعيد الدعم الدولي للثورة سياسياً. وحظي "المجلس الوطني السوري"، الذي كان يقود المعارضة السياسية في ذلك الوقت، باعتراف تلك الدول كممثل شرعي للشعب السوري، قبل تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة".
 
في ما بعد، انخرطت المعارضة السياسية في المسار التفاوضي مع النظام، تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، واستطاعت تحصيل بيان "جنيف 1" عام 2012، الذي يتبنّى تشكيل "هيئة حكم انتقالي" لتحقيق انتقال سياسي شامل في سورية. وفي ما بعد كان للضغط الأميركي في مجلس الأمن دور في إصدار القرار 2254 لعام 2015، الذي أكد تطبيق بيان "جنيف 1"، ولا سيما في ما يخص الانتقال السياسي، وتحديد سلال أربع للعمل على تكريسها من خلال مسار جنيف، وهي: الانتقال السياسي، والإفراج عن المعتقلين، وصياغة دستور جديد، والانتخابات. وأضاف إليها النظام في جولات تفاوضية لاحقة في جنيف ملف "مكافحة الإرهاب"، لمساعدته في استثمار الوقت والالتفاف على القرارات لجهة عدم تطبيقها. وتعددت جولات مسار جنيف الأممي، حتى وصلت إلى تسع جولات، من دون أن يكون لأي من مخرجاتها، ولا حتى القرارات والبيانات الأممية حول سورية تطبيق فعلي على أرض الواقع.
===========================
العربي الجديد :تسع سنوات روسية في سورية: نحو مستنقع أفغاني جديد؟
موسكو - سامر إلياس
15 مارس 2020
 
وظّف الكرملين كلّ إمكاناته السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية، طوال تسع سنوات من عمر الحرب السورية، من أجل استخدام ورقة هذه الحرب، بأكبر قدرٍ ممكن في سياساته الداخلية، وطموحاته لاستعادة الدور العالمي كطرفٍ لا يمكن الاستغناء عنه في حلّ الأزمات الدولية، من آسيا إلى أميركا اللاتينية، مروراً بأوروبا وأفريقيا. وسمحت الظروف الدولية، خصوصاً سياسة التردد واستراتيجية الانكفاء لدى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفرض وصايةٍ كاملة روسية على سورية، عزّزتها سياسة التنسيق مع الأطراف الإقليمية المستثمرة في أزمة هذا البلد (تركيا، إيران، وإسرائيل)، وسط تراجعٍ ملحوظ للدور العربي، جعلته الأزمة الخليجية ومقاطعة قطر يكاد يكون معدوماً.
 
وعلى الرغم من نشوة "الانتصارات" العسكرية والدبلوماسية الروسية، فإن الوصول إلى حلٍّ سياسي شامل وفق رؤية موسكو، ويحظى في الوقت ذاته بقبول السوريين والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، لا يزال بعيداً، ويتطلب تنازلاتٍ روسية كبيرة لقوى إقليمية تتناقض رؤيتها حول مستقبل سورية، وبات من الصعب التوفيق بين مطالبها. ولعل الأهم أن موسكو مجبرةٌ على الاستعانة بجهود بلدان الخليج وأوروبا والولايات المتحدة وغيرها، من أجل ضمان استقرار سورية، التي فقدت أكثر من 90 في المائة من اقتصادها، وتحتاج إلى مئات المليارات لإعادة الإعمار لا طاقة لروسيا وحلفائها على ضخّها. ومن الطبيعي أن تتطلّب هذه الاستحقاقات تنازلات سياسية دونها غوص روسيا في مستنقعٍ أفغاني جديد، وتكرار ما كانت حذرت منه واشنطن في تدخّلاتها في أفغانستان والعراق.
 
وفي بداية ثورات الربيع العربي، كشفت مواقف موسكو عدم تحمسها لأي حراكٍ جماهيري، ورأت أنها تأتي في سياق "الثورات الملونة" التي اجتاحت بلداناً في الاتحاد السوفييتي السابق. ومع وصول رياح التغيير سريعاً إلى سورية، لم تكن روسيا تملك استراتيجية واضحة للتعامل مع آخر حليفٍ لها في الشرق الأوسط، لكن مواقفها دعمت رؤية النظام في تفسير الحراك على أنه "مؤامرة كونية" لإسقاطه، مع دعوات شكلية للإصلاح السياسي وتلبية مطالب المتظاهرين السلميين. ودعمت روسيا نظام بشار الأسد سياسياً ودبلوماسياً، وزودته بالعتاد والأسلحة لمواصلة الحرب ضد "الإرهابيين والمندسّين". والواضح أن صعود حركات الإسلام السياسي في بلدان عربية عدة كونها الطرف الوحيد المؤهل لملء الفراغ في السلطة لعوامل أورثها غياب الحياة السياسية لعقود من قبل الأنظمة الشمولية، أثار حفيظة روسيا ودفعها نحو التشدد. وغطّت موسكو تشددها بـ"متلازمة 1973"، وهو رقم القرار الدولي الذي سمح لحلف شمال الأطلسي والغرب بالتدخل في ليبيا. وقالت موسكو إنه تمّ خداعها لتوافق على القرار الذي استُخدم لاحقاً من أجل شنّ حملة على حليفها معمر القذافي. وبحجة منع التدخل الخارجي، ومحاولات إسقاط الأنظمة من الخارج، عطّلت موسكو عشرات القرارات الدولية، وأشهرت حق النقض (الفيتو)، مانعةً معاقبة النظام السوري، ما منحه غطاءً لاستمرار قمع وقتل السوريين. ومع رفضها كل العروض العربية من أجل إيجاد حلٍّ لحقن الدماء في سورية، مع ضمان مصالحها في حال خلع الأسد، بدا واضحاً أن موسكو تريد استخدام الورقة السورية حتى النهاية لخدمة أهداف جيواستراتيجية كبرى بهدف إعادة دورها العالمي.
 
وعلى الرغم من موقفها الثابت في دعم نظام الأسد، لم تتوقّف موسكو عن بحث الحلول مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية، لكنها لجأت إلى تكتيكاتٍ تهدف لكسب الوقت من أجل إطالة عمر النظام، منها التوصل إلى توافقات دولية بعد نقاشات طويلة، ومن ثم محاولة فرض تأويلاتها الخاصة للاتفاقات. وحدث ذلك مع بيان "جنيف 1" في يونيو/ حزيران 2012، أو مع الوصول إلى صفقات تضمن عدم معاقبة النظام كما جرى في عام 2013 بإتمام صفقة الكيميائي مع الولايات المتحدة التي تضمّنت وقف أي ضربة لنظام الأسد مقابل تخليه عن ترسانته الكيميائية، في صفقة سحبت سلاح الجريمة ولم تعاقب المسؤولين عن قتل المئات بهذا السلاح في دوما، وسمحت للنظام بمواصلة إبادة كل من يشق عصا الطاعة، بالبراميل والصواريخ والقذائف.
 
 
 
وازدادت أهمية الورقة السورية لدى الكرملين بعد أحداث شرقي أوكرانيا وضمّ القرم والعقوبات الغربية على خلفيتها. وشكّل التدخل العسكري المباشر في سورية خريف عام 2015 سابقةً في تاريخ روسيا بعد السوفييتية. واللافت أن التدخل جاء بطلبٍ من إيران التي باتت عاجزة عن حماية النظام، ومباركة من بلدان الخليج العربي التي انطلقت من أن أجندات ومصالح روسيا غير الطائفية يمكن أن تمنع دمشق من السقوط نهائياً في فلك نفوذ الملالي.
وباستخدام أسلوب الأرض المحروقة، وكثير من التركيز على المعارضة غير الإسلاموية، وضرب أهداف محدودة لـ"جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، استطاعت موسكو وقف تقدّم المعارضة، وقلب المعادلات على الأرض لصالح النظام الذي كانت قد انحسرت مساحة سيطرته بحسب المسؤولين الروس عشية التدخّل العسكري إلى 17 في المائة من الأراضي السورية. وتعرضت الجهود الروسية لنكسةٍ كبيرة بعد إسقاط إحدى مقاتلاتها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 من قبل تركيا. وعلى الرغم من خلافات الطرفين التركي والروسي بشأن مصير الأسد ودعمهما طرفين متحاربين في الميدان، تجاوزت موسكو وأنقرة العداء التاريخي المستأصل بينهما منذ قرون، وبدأ البلدان بنسج علاقات لإدارة الأزمات وفصل الملفات. وتسبّبت حادثة إسقاط الـ"سوخوي 24" في 2015 بقطيعة بين "القيصر" و"السلطان" لم تدم طويلاً، لتعود العلاقات أقوى بعد موقف موسكو من الانقلاب الفاشل على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (يوليو/ تموز 2016)، وتراجع العلاقات بين أنقرة وكلٍّ من بروكسل وواشنطن.
 
ومثّلت السيطرة على حلب الشرقية في نهاية عام 2016 محطةً فاصلة في تاريخ الثورة السورية، وسارعت موسكو إلى السعي لاستغلال الاختلال في موازين القوى لصالح النظام، لإطلاق مشروعها للحل السياسي بعيداً عن جنيف وتفاهمات فيينا، والاعتماد على روافع إقليمية تساعدها في الحل وتشرعنه وتثبته. وقبلها رعت موسكو مئات الهدن والاتفاقات المحلية في جنوب دمشق، والقلمون وغيرها لتثبيت الأوضاع وعدم تشتيت قوة النظام والمليشيات المساندة له على الأرض. وفي بداية عام 2017، أطلق الروس مسار أستانة مع تركيا وإيران، وفيه عمدت موسكو إلى التوصل إلى حلول عسكرية للأوضاع، وابتكرت في مايو/ أيار من ذلك العام مناطق خفض التصعيد في غوطة دمشق والجنوب، وشمال حمص وإدلب. وفي 2018، بدأ النظام بمساعدة القوة الروسية المفرطة في إنهاء ثلاث من هذه المناطق واحدة بعد الأخرى، عبر مقايضات مع تركيا، ونيل موافقة إسرائيل في ما يخص الجنوب. ومع التراجع عن الهدن والسيطرة على هذه المناطق، انتشر النظام على نحو 60 في المائة من مساحة سورية، وضمنت روسيا الاستيلاء على "سورية المفيدة" بشرياً، ووجود دائم شرق المتوسط كخيار أدنى في حال الخلاف مع الجانب الأميركي الذي كان يسيطر عبر حلفائه الأكراد على قرابة 30 في المائة من الأراضي الغنية بالنفط والغاز والماء والتي تنتج المحاصيل الغذائية الاستراتيجية.
 
وفي الوقت ذاته، لعب الكرملين على عامل تفتيت المعارضة إلى منصات متنافرة (موسكو، القاهرة، الرياض) ودمجها في الهيئة العليا للتفاوض. ولم يقتصر جهد الروس على محاربة المعارضة، بل ذهب إلى ترتيب أوضاع تسمح لهم بنفوذ واسع في المؤسسات الأمنية للنظام وجيشه.
 
وبعد ميل الكفّة بشكل واضح إلى مصلحة النظام، دفعت موسكو بفكرة مؤتمر سوتشي للحوار السوري، رغبةً في احتكار الحلّ السياسي بعد تسوية الأمور العسكرية على الأرض مع الفصائل المعارضة باستثناء إدلب، واستباقاً لإعلان النصر على تنظيم "داعش". وأبصر المؤتمر النور في نهاية يناير/ كانون الثاني 2018. وعلى الرغم من تأكيدها المستمر على التعاون مع المبعوثين الأمميين لحل الأزمة السورية، فإنها أفرغت كل مبادراتهم من فحواها، ولعبت على عامل الوقت والخوض في تفاصيل التفاصيل من أجل تقويض جهودهم، واستغرق موضوع اللجنة الدستورية وتشكيل وفد النظام والمعارضة أكثر من عام ونصف العام، على الرغم من ذهاب المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا إلى تغيير أولوياته والتركيز على اللجنة الدستورية التي لم تظهر إلا بعد أشهر من تولّي خلفه غير بيدرسن.
 
ومن الواضح أن الكرملين حقّق خلال تدخّله في سورية اختراقات مهمة، من عودة موسكو بقوة إلى الملفات الدولية، إلى تحقيق أحلام الإمبراطورية بوجود دائم في المياه الدافئة، ووضع قدم لروسيا في شرق المتوسط لتكون لاعباً مهماً في مراكز إنتاج ونقل الطاقة إلى أوروبا بعد اكتشافات النفط والغاز الكبيرة، وغيرها من المكاسب الاقتصادية، وزيادة بيع الأسلحة بعد حقل الرماية السوري.
 
ومع دخول ثورة السوريين عامها العاشر، لا يبدو أن موسكو قادرةٌ على إعلان نصرٍ نهائي بعد إعلانات سابقة، فمواصلة استراتيجية القضم التدريجي للأراضي لفرض سيطرة النظام الكاملة على الجغرافيا السورية، ستؤدي إلى صدام مع تركيا والولايات المتحدة. كما أن حجم التناقضات بين تركيا وإيران من جهة، وإيران وإسرائيل من جهة أخرى، تتزايد، ما قد يبقي سورية ساحة حرب بالوكالة بينهما. واقتصادياً، يبدو الروس عاجزين عن الدفع بإعادة الإعمار مع سريان قانون قيصر الأميركي قريباً، وعدم تشجع الأطراف الإقليمية والدولية على ضخ أموال من دون استقرار سياسي. وتلعب الظروف الاقتصادية ضد قدرة الكرملين على الصمود طويلاً، في ظلّ الأزمة الاقتصادية العالمية الوشيكة بسبب "فيروس كورونا" واشتعال الحرب على الأسواق، والتي حرقت حتى الآن نحو 300 مليون دولار يومياً من دخل روسيا مع إمكانية زيادة الخسائر. وأخيراً فإن بوتين الذي استطاع "تصفير" فترات رئاسته الأربع السابقة، لن يكون قادراً على "تبييض" صفحة نظام قتل مئات الآلاف من السوريين، وأخفى قسرياً عشرات الآلاف منهم، وشرّد الملايين. وربما بات على الروس التفكير ملياً في تقديم تنازلات تضمن لهم جزءاً مما تحقق، وتمنع انزلاقهم في مستنقع "أفغاني" جديد، بعدما لعبت أفغانستان عاملاً كبيراً في كسر شوكة الاتحاد السوفييتي وانهياره.
===========================
هاوار :الأزمة السورية .. من حرب الوكلاء إلى حرب الأصلاء – 2
أدت التدخلات الخارجية في سورية إلى تعقد أزمتها, ورأت كافة الأطراف أن سوريا باتت كعكة وتهافتوا على تقسيمها, وسعت هذه الدول لشرعنة تدخلاتها وتحقيق مصالحها من خلال التغطية عليها باجتماعات غاب عنها السوريون.
منذ أن بدأت الثورة السورية وانحرافها عن مسارها نتيجة التدخلات العسكرية الإقليمية والدولية، أرادت القوى الإقليمية والدولية التدخل سياسياً أيضاً في هذا البلد، وكانت البداية عبر مبادرة عربية تنص على وقف العنف والإفراج عن المعتقلين وسحب الجيش من المدن، نهاية عام 2011.
 
وبعد شهرين من هذه المبادرة وبالتحديد في كانون الثاني/يناير 2012، أقر وزراء الخارجية العرب مبادرة جديدة تدعو لنقل سلطات بشار الأسد إلى نائبه وحكومة وحدة وطنية لكن النظام رفض هذه الخطة.
 
9 جولات من جنيف وفشل دولي
 
بعد ازدياد وتيرة التدخل الدولي أصبحت جنيف أحد أبرز المحطات الخارجية لحل الأزمة السورية بعيداً عن رغبة شعبها وتحقيق لمصالح المتدخلين، حيث بدأت أولى جولات جنيف في 30 حزيران 2012 بناء على دعوة المبعوث الأممي إلى سوريا آنذاك كوفي عنان.
 
وعقدت حتى الآن 9 جولات من سلسلة جنيف كان آخرها في 25 كانون الثاني/يناير من عام 2018، ولكنها لم تحقق أي اختراق لحل الأزمة لغياب السوريين عنها.
 
وأبرز ما جاء في هذه الاجتماعات كان تغيير أكثر من مبعوث أممي إلى سوريا من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي وستيفان دي مستورا, ومنذ 7 كانون الثاني 2019 المبعوث غير بيدرسن وتغيرت أيضاً خلالها موازين القوى لصالح النظام بفعل التدخل الروسي.
 
وفي الجولة الثامنة التي عقدت في الفترة ما بين 28 تشرين الثاني – 14 كانون الأول 2017، أعلن المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا صراحة عن فشل جنيف عندما قال "لم نجر مفاوضات حقيقية ...".
 
أستانا.. صفقات لم تكن خيراً على السوريين
 
بالتزامن مع الفشل الذي شهدته جولات جنيف ومعها المنظومة الدولية التي تحكمت فيها ثنائية القطبين واستخدام الفيتو, بدأ التقارب الروسي التركي الإيراني لينطلق على إثرها مسار أستانا كاجتماع موازٍ لجنيف يحقق أهداف هذه الأطراف الثلاث في سوريا.
 
وبدأت سلسلة أستانا في 30 كانون الثاني/يناير عام 2017 ، وعقدت حتى الآن 14 جولة منها كان آخرها في 10 و 11 كانون الأول/ديسمبر  عام 2019، وذلك بغياب للسوريين أيضاً.
 
وكانت هذه السلسلة نقطة تحول نحو سيطرة الحكومة السورية على ما فقده من أراضي لصالح المسلحين، وسرعان ما بدأت الاتفاقيات بين تركيا وروسيا، ففي 30 كانون الثاني 2017 تم نقل المرتزقة من منطقة وادي بردى في الريف الشمالي الغربي لدمشق، ومنطقة نبع الفيجة إلى إدلب وسيطرت الحكومة السورية عليهما بشكل كامل.
 
وكانت الجولة الرابعة من هذه السلسلة التي عقدت يومي 45 أيار/مايو 2017 نقطة التحول الأكبر في الأزمة السورية، حيث توصلت كل من روسيا وتركيا وإيران إلى اتفاق ما يسمى "خفض التصعيد" تم بموجبها تشكيل 4 مناطق خفض تصعيد والذي بدأ معه مسلسل الصفقات وإعادة المناطق لسيطرة الحكومة السورية واحتلال تركيا لأجزاء من الأراضي السورية وإجراء التغيير الديمغرافي فيها على حساب مناطق شمال وشرق سوريا.
 
وبموجب هذا الاتفاق، جرت تسوية في بلدة "خان الشيح" جنوب دمشق والقرى المحيطة بها وعادت للحكومة السورية مرة أخرى.
 
وفي الغوطة الشرقية التي لم تتمكن الحكومة السورية من الدخول إليها عبر العمليات العسكرية، تم تسليمها للنظام في 14‏ نيسان ‏2018 بشكل كامل بعد صفقة تركية روسية سمحت من خلالها الأخيرة للأولى باحتلال عفرين في آذار/مارس 2018.
 
وبذلك باتت قوات الحكومة السورية تسيطر على ما يزيد عن 60 % من مساحة سوريا بعد أن كانت نسبة سيطرتها على الأراضي وصلت إلى أقل من 20 % أثناء التدخل الروسي نهاية عام 2015.
 
فيما باتت تركيا تحتل أجزاء من سوريا تمتد من جرابلس إلى إدلب مروراً بعفرين، تعرض فيها السكان الأصليون وخصوصاً الكرد إلى تهجير ممنهج.
 
منظمة حقوق الإنسان في عفرين والمؤسسات المعنية في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم عفرين، وكذلك وكالتنا، ووسائل إعلامية أخرى نشرت العديد من التقارير والوثائق عن انتهاكات تركيا ومرتزقتها بحق الشعب الكردي وتغيير ديمغرافية المناطق التي تحتلها وتتريكها وتغيير المناهج الدراسية إلى اللغة التركية.
 
وبعد الجولة الأخيرة التي عقدت في ديسمر 2019، سيطرت قوات الحكومة السورية على أكثر من 250 قرية وبلدة في ريفي إدلب وحماة واللاذقية وباتت تركيا ومرتزقتها يسيطرون على مساحة قليلة من إدلب ما دفع تركيا لخوض الحرب مباشرة ضد الحكومة السورية وروسيا وإيران.
 
اللجنة الدستورية الروسية التركية ... أين ممثلو الشعب الحقيقيين؟
 
واللافت للانتباه أن روسيا سعت بمساعدة تركيا وإيران إلى حصر الأزمة السورية في موضوع اللجنة الدستورية التي اعتمدها مجلس الأمن في كانون الأول/ديسمبر عام 2015 في القرار 2252 بعنوان "خارطة الطريق لعمليات الانتقال السياسي في سوريا" التي تضمنت 4 سلال بينها اللجنة الدستورية.
 
وهذا القرار يدعم صياغة دستور سوري جديد وفق المعايير الدولية لمدة 18 شهراً تحت رعاية الأمم المتحدة، ولكن بسبب التدخلات الخارجية وتضارب مصالح المتدخلين لم يتم تشكيل اللجنة حتى جاءت اجتماعات أستانا ليتم في كانون الثاني/يناير 2018 بمبادرة روسية ومباركة تركية إيرانية، الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية في اجتماع بسوتشي الروسية ضم ممثلين عن الحكومة السورية وتركيا كممثل عن مرتزقتها.
 
وتضم اللجنة 50 ممثلاً عن الحكومة السورية و50 عن المجموعات التابعة لتركيا تختارهم الأخيرة و50 من المجتمع المدني يتم اختيارهم من قبل روسيا وتركيا وإيران.
 
وأقصيت من هذه اللجنة المكونات الأساسية السورية وخصوصاً ممثلي شمال وشرق سوريا التي يعيش فيها ما يزيد عن 5 مليون نسمة.
 
ورغم تشكيلها إلا أن هذه اللجنة لم تنجح في عقد سوى جولتين فقط سادهما الاختلافات نتيجة الدعم المختلف للأطراف المتدخلة بسوريا والخلافات بينهم.
 
ورغم كل هذه الاجتماعات إلا أنه لم يتم تحقيق أي اختراق لحل الأزمة السورية وما زال القصف والاحتلال مستمراً وما زال الشعب يدفع ثمن التدخلات الخارجية.
 
شمال وشرق سوريا.. بقعة ضوء يحاول المتدخلون إطفائها
 
ورغم الحرب والدمار الذي حل بسوريا حافظت مناطق شمال وشرق سوريا على حيادها واتخذت من مبدأ الخط الثالث (الأمة الديمقراطية) أساساً لها وتمكنت من إنشاء إدارة سياسية وقوة عسكرية شاركت فيها جميع المكونات.
 
إذ اجتمع أبناء المنطقة من كافة الشعوب لإعلان إدارة ذاتية في 21 كانون الثاني 2014 عملت على توفير الاحتياجات الأساسية لمواطني المنطقة، كما بدأت الأحزاب السياسية بالنشاط بحرية.
 
كما تشكلت قوات سوريا الديمقراطية في تشرين الأول 2015 واتخذت من مبدأ الدفاع المشروع أساساً لها، لتطلق بعدها مباشرة أول حملاتها ضد مرتزقة داعش في ناحية الهول التابعة لمقاطعة الحسكة، واستكملت حملاتها بعد ذلك حتى حررت بلدة هجين آخر معاقل داعش في شمال وشرق سوريا في 23 آذار/مارس 2019.
 
وبعد تعقد الأزمة السورية في المناطق السورية الاخرى، أعلن عن مجلس سوريا الديمقراطية في مؤتمر عقد في 10 ديسمبر/كانون الأول 2015 بمشاركة واسعة من جميع أبناء الجغرافية السورية وعشائر عربية، وذلك كجسم ممثل للشعب السوري في شمال وشرق سوريا.
 
وفي هذا السياق قال الباحث السياسي غياث نعيسة لوكالتنا "استناداً على نهوض الحركة السياسية الديمقراطية الكردية في شمال شرق سورية، هي بقيت الأكثر تماسكا تنظيمياً وسياسياً بمتابعة الحراك الثوري وصولاً إلى تشكيل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، هكذا اذن هنالك تفاوت في ديناميات الحراك الجماهيري في بلادنا، من جهة تراجع وهزيمة، ومن جهة أخرى مشروع وتجربة جديدة وثورية".
 
وبيّن نعيسة إن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا هو المكسب الوطني لكل السوريين، وليست فقط لقسم من الجغرافيا أو الشعب في سورية. وخصوصاً، أنها تقدم، رغم الصعوبات والأخطاء أنموذج ديمقراطي ومتقدم جداً على صعيد قدرة السوريين على إدارة شؤون حياتهم بعدل وحرية ومساواة ومن الأسفل.
 
وأكد نعيسة بأن مشروع الإدارة الذاتية يقف على النقيض من السياسات الاستبدادية للأنظمة ومنها الحاكم في دمشق، كما أنها على نقيض مع مصالح الهيمنة والنفوذ للقوى الاقليمية والدولية المتدخلة في بلادنا.
 
هل ستنتهي الأزمة السورية؟
 
ومع دخول الأزمة السورية عامها العاشر, اشتد الصراع بين الأصلاء بسبب تضارب مصالحها؛ ففي شمال غرب سوريا تحتدم المعارك بين قوات الحكومة السورية مدعومة بروسيا وإيران, وتركيا مدعومة بجبهة النصرة والمجموعات المرتزقة.
 
وعقب إطلاق الحكومة السورية لعملية عسكرية باتجاه إدلب تصاعد الصراع, وسيطرت الحكومة السورية على مواقع مهمة كمعرة النعمان وسراقب وطريقي "M4.M5", وتأمين محيط حلب, وقتل خلال هذه المعارك العشرات من جنود الاحتلال التركي.
 
ومع استمرار تضارب المصالح ووجود قوات روسية وأمريكية وإيرانية وتركية على الأرض السورية ووجود مسلحين ومرتزقة من مختلف أنحاء العالم وقصف إسرائيل للمواقع السورية التي يتنشر فيها الإيرانيون وحزب الله، يبدو أنه لا حل يلوح في الأفق لإنهاء معاناة السوريين بعد أن باتوا غرباء بلادهم.
 
وفي هذا السياق يقول الباحث السياسي غياث نعيسة "إذا بقي السوريون خارج دائرة الفعل، فإن المخرج من الوضع الراهن ستفرضه تفاهمات الدول الإقليمية والدولية المتدخلة في سورية، ومنها تركيا، ولن تكون لصالح الشعب السوري وطموحه بالسلام والحرية".
===========================
نافذة العالم :أخبار العالم : في الذكرى التاسعة للثورة السورية
 
الأحد 15 مارس 2020 06:30 صباحاً
 
نافذة على العالم - العلامة الأبرز في المرحلة الأولى من الثورة السورية كانت الابتكار والتجريب. خرج الناس على القديم، على مسارات حياتهم اليومية، وعلى القنوات المعتادة التي يغذّيها الاستبداد، ويتغذّى عليها، إلى مساراتٍ جديدة غير مألوفة، فوجدوا أنفسهم مرغمين على الابتكار والتجريب. وهو إلى هذا ابتكارٌ محفوفٌ بالرعب. كيف يمكن تنظيم مظاهرة في بلدٍ لم تشهد شوارعه منذ عقود أي تجمعات احتجاجية، ولم تعرف سوى مسيرات التأييد والولاء؟ ثم كيف يمكن إيصال الصوت إلى الخارج، للاستفادة من ثقل الإعلام، ومن قوة الرأي العام العالمي، ومن خشية النظام من الفضيحة بأمل لجمه عن "التفظيع" بالمحتجين؟ وكيف يمكن توثيق الانتهاكات التي يتعرّض لها المحتجّون؟ وبعد ذلك، كيف تمكن إدارة مناطق تخلى عنها نظام الأسد طوعاً أو كرهاً؟ وعلى طول الخط، كيف تمكن إدارة هذه العلاقة السياسية الطارئة بين السوريين الرافضين استمرار دورة الاستبداد السياسي المتمثلة في نظام الأسد؟
 
كانت العلاقة التضامنية التي طرأت فجأة بين السوريين الثائرين تحتاج إدارة تنظيمية، ابتكر لها السوريون شكل التنسيقيات. وكانت تحتاج أيضاً إلى إدارة سياسية: تحديد الشعارات، تحديد الملامح الأساسية للثورة ضد محاولات التشويه الداخلية (من داخل الثورة) والخارجية (من النظام)، أو بكلمة واحدة، إبراز خط سياسي عام للثورة، هو الخط الوطني والديمقراطي والعلماني، بوصفه النقيض المباشر لنظامٍ استبداديٍّ، يستثمر في خطوط الانقسام الطائفية والقومية في سورية، ويستعمر الدولة ويفخخها، بحيث يكون موقع الرئيس فيها هو مركز ثقلها وصمام أمانها، حتى أصبحنا أمام دولة الرئيس، بدلاً من رئيس الدولة.
لم تتوفر للثورة السورية إدارة سياسية من جنس مطالبها وبواعثها الأساسية، الأمر الذي جعلها  "لم تتوفر للثورة السورية إدارة سياسية من جنس مطالبها وبواعثها الأساسية، ما جعلها تحت تأثير القوة الإسلامية"تحت تأثير القوة الإسلامية التي تستمد "جاذبيتها" من عامل ذاتي، هو حضور الإسلاميين الذين كانوا في الغالب أكثر جرأةً وثقة بالنفس، وإخلاصاً لمبادئهم من غير الإسلاميين، حتى أصبح كثيرون من هؤلاء ينظرون إلى الإسلاميين أنهم أصحاب الشأن، ويسلمون بأنهم "أم الصبي"، مرتضين لأنفسهم دوراً هامشياً في القضية. هذا فضلاً عن عنصرين موضوعيين داعمين للقوة الإسلامية، هما قوتا التقليد الديني والدعم الخارجي، ليس فقط التركي والخليجي، بل والغربي أيضاً.
لم يقصّر الإسلاميون (بمختلف تلاوينهم) في تولي القضية، وكان هذا، في الحق، يدل على إقدام ومثابرة وانخراط يحسب لهم، بصرف النظر عن روحهم الإقصائية، وعن مدى الاختلاف معهم فكرياً وسياسياً وعمقه. وعليه، كان من طبيعة الأمور أن تصاغ مسيرة الثورة وفق نظرتهم وتصوراتهم، فارضين على الآخرين من غير الإسلاميين الانصياع لهم أو الخروج من "الثورة". خلال مرحلة من عمر الثورة السورية، أصبح نقد الإسلاميين يعادل نقد الثورة. وإذا كان هذا التطور قد رفع من عتبة تماهي نسبةٍ كبيرة من السوريين مع الثورة، فإن نسبة كبيرة أيضاً من السوريين غير الإسلاميين تقبلت هذا التحول وتماهت معه، ومنهم من راح يجتهد في "اكتشاف" المعنى الثوري في كل ما يصدر عن الإسلاميين الذين صاروا بالفعل قوة "التغيير" الفعلية الوحيدة.
من طبيعة الاستجابات القصوى أن تولد استجابات قصوى مضادّة. وعلى هذا، حين سار نظام الأسد إلى نهاية الطريق في استخدام كل وسائل البطش والتركيع الممكنة، بما في ذلك استخدام وسائل محرّمة دولياً، مثل أسلحة الدمار الشامل وحصار المدن، سار الإسلاميون إلى نهاية الطريق في "إسلاميتهم"، وصولاً إلى إعلان الخلافة والإمارات والمحاكم الشرعية... إلخ. على هذا، لم يعد ممكناً لغير الإسلاميين أن يجاروا الإسلاميين في مواصيلهم تلك.
عانت النخبة المعارضة الديمقراطية السورية، أو غير الإسلامية، من التمادي الإسلامي، ووجدت نفسها في النتيجة مقطوعة، لا هي قادرة على المضي أكثر في "مسايرة" الإسلاميين في ذهابهم البعيد، ولا هي راكمت القدرة الذاتية على الفعل المستقل. كما عانى جمهور الثورة أيضاً من هذا التمادي، بمن في ذلك الجمهور التاريخي للإسلاميين. النخبة السورية التي أيدت نظام الأسد وجدت نفسها في المأزق نفسه، حين ذهب النظام في سياساته إلى حدود الإبادة والارتهان للدول المساندة، فقط كي لا يرى في معارضيه سوى "طرف آخر" أو "إرهابيين".
قام السكوت الشعبي الذي أحاط بسياسة البطش الأسدي، في البداية، على أرضية التخوف من  "سار نظام الأسد إلى نهاية الطريق في استخدام كل وسائل البطش والتركيع الممكنة، بما في ذلك استخدام وسائل محرّمة دولياً"التحول الإسلامي، ثم على أرضية الرفض المطلق للتمادي الإسلامي (على خلفية طائفية وعلى خلفية سياسية). وبالمثل، قام السكوت الشعبي عن "التطرف الإسلامي" في مناطق سيطرته، على أرضية الرفض المطلق لنظام الأسد (على خلفية طائفية أو سياسية). رفضان مطلقان امتلكا القدرة على حرق كامل الطيف الذي بينهما، وأنتجا صراعاً دمّر السياسة والمجتمع والبلاد. ولكن لم يعد هذا السكوت خاوياً بعد هذه السنوات، فقد بات، كما نعتقد، مشحوناً بالشعور بمحدودية الفكر القصووي، هنا وهناك، وبتبعاته المدمّرة، ولا نظن أن هذا الشعور العميق يوفر النخبة المؤثرة في كلا الطرفين.
أدّت الاستجابات المتطرّفة المتبادلة إلى حرمان السوريين من اختبار ما ابتكروه في السياسة والتنظيم خلال الثورة، وكان هذا من أسوأ النتائج التي فرضها البطش الأعمى الذي واجه به نظام الأسد البشائر الأولى ليقظة السوريين.
اليوم، وبعد تسع سنوات من صراعٍ كان يسير باضطراد على درب الاختزال والفقر السياسي كلما تمادى أكثر في الدم والدمار، يبدأ الجمهور، كما النخب، في كل سورية، يتلمسّون حدود أفكارهم السياسية وطفوليتها. يرى "الجمهور الموالي" بالعين المجرّدة أن نظام الأسد يقترب من هزيمته أكثر كلما اقترب من "انتصاره" أكثر، ويرى "الجمهور المعارض" أيضاً أن الإسلاميين الذين شكلوا القوة المعارضة الأساسية لنظام الأسد، لا يقلّون بطشاً وفساداً عن هذا النظام، وهم، بعد كل شيء، تتقلص إمارتهم، ويتحولون، مع الوقت، إلى فضلة صراع مهملة مرشّحة للتحول إلى أتباع وخدم عند النظام الذي ثار السوريون لإسقاطه، أو عند أنظمةٍ خارجيةٍ أخرى، وفي خدمة سياساتها ومطامعها الخاصة.
في اللوحة السورية المريعة، يمكن لنا، مع ذلك، أن نلمح ضوءاً باهتاً، يمكن أن يدعم الأمل في أن يكون السوريون (الجمهور والنخبة معاً) قد اكتشفوا حدود أفكارهم، وقد لمسوا وأحسوا وأدركوا أن التطرّف في إلغاء الآخر السياسي، لا يفضي سوى إلى صراع عقيم، أو قل يفضي إلى إلغاء الذات، في الوقت نفسه الذي تخال فيها الذات أنها تقترب من إلغاء الآخر.
===========================
المرصد :9 سنوات على انطلاقة الثورة السورية.. 586100 شخصاً استشهدوا وقتلوا..  وملايين السوريين هُجِّروا وأصيبوا.. ولا يزال القتل مستمراً..
 15 مارس,2020 3 دقائق
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد ومقتل ومصرع 384,000 شخصاً على الأراضي السورية، منذ انطلاقة الثورة السورية في الـ 15 من آذار / مارس من العام 2011، وحتى نهاية اليوم الـ 14 من الشهر ذاته من العام 2020، وتوزعت الخسائر البشرية على النحو التالي::
 
الشهداء المدنيون السوريون:: 116,086، هم 80307 رجلاً و22,075 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و13,704 مواطنة فوق سن الثامنة عشر.
 
فيما بلغ عدد المقاتلين السوريين في صفوف الفصائل المقاتلة والإسلامية وفصائل وحركات وتنظيمات أخرى:: 54,281، بينما وثق المرصد من قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية:: 12,694 كذلك وصل عدد المنشقين عن قوات النظام إلى:: 2,625
 
كما بلغ تعداد قتلى قوات نظام بشار الأسد:: 67,388، فيما وثق المرصد من قوات الدفاع الوطني والمسلحين السوريين الموالين للنظام:: 52,060، بينما بلغت حصيلة قتلى حزب الله اللبناني:: 1,697، في حين بلغ عدد قتلى المسلحين الغير سوريين الموالين للنظام والمسلحين من الطائفة الشيعية:: 8,331 من ضمنهم 264 من الجنود والمرتزقة الروس، ووصل عدد الجنود الأتراك إلى:: 191
كذلك بلغ عدد الجهاديين في صفوف هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” وعدد من التنظيمات الجهادية الأخرى:: 27,581، ووصل عدد قتلى عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى:: 39,715، كما وثق المرصد من المقاتلين غير السوريين في صفوف قوات سوريا الديمقراطية:: 930.
ولم يتمكن المرصد من توثيق الخسائر في صفوف قوات التحالف الدولي بسبب التكتم الشديد
بينما بلغ مجموع القتلى مجهولي الهوية الموثقون بالأشرطة والصور:: 421 وكان المرصد السوري في عام 2017 قد تمكن من توثيق أسماء 3,691 شخصاً كانوا مجهولي الهوية.
 
هذه الإحصائية للخسائر البشرية والتي وثقها المرصد السوري لحقوق الإنسان عبر جهود متواصلة، لم تشمل نحو 88,000 مواطن استشهدوا تحت التعذيب في معتقلات نظام بشار الأسد وسجونه، كان حصل المرصد على معلومات عن استشهادهم خلال فترة اعتقالهم، كما لم تُضمَّن مصير أكثر من 3,200 مختطف من المدنيين والمقاتلين في سجون تنظيم “الدولة الإسلامية”، إضافة لأنها لم تشمل مصير أكثر من 4,100 أسير ومفقود من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وما يزيد عن 1,800 مختطف لدى الفصائل المقاتلة والكتائب الإسلامية وتنظيم “الدولة الإسلامية” وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، بتهمة موالاة النظام، بينما قدَّر المرصد السُّوري لحقوق الإنسان، العدد الحقيقي لمن استشهد وقتل أكثر بنحو 105 آلاف، من الأعداد التي تمكن من توثيقها، نتيجة التكتم الشديد على الخسائر البشرية من قبل كافة الأطراف المتقاتلة، ووجود معلومات عن شهداء مدنيين لم يتمكن المرصد من التوثق من استشهادهم، لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية في سورية، كما أسفرت العمليات العسكرية المتواصلة وعمليات القصف والتفجيرات عن إصابة أكثر من 2 مليون مواطن سوري بجراح مختلفة وإعاقات دائمة، فيما شرِّدَ نحو 12 مليون مواطن آخرين منهم، من ضمنهم مئات آلالاف الاطفال ومئات آلاف المواطنات، بين مناطق اللجوء والنزوح، ودمرت البنى التحتية والمشافي والمدارس والأملاك الخاصة والعامة بشكل كبير جداً.
 
المرصد السوري عمل بشكل توثيقي أدق عبر جداول ضمت تفاصيل الخسائر البشرية تبعاً للقاتل، فتوزع المجموع العام للشهداء المدنيين البالغ عددهم 116,086 على أقسام مفصلة تتبع لطريقة القتل التي أزهقت أرواح المدنيين السوريين لتكون على الشكل التالي::
 
حيث بلغت الخسائر البشرية على يد قوات نظام بشار الأسد والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية بلغت (( 45,382 شهيد مدني سوري هم:: 27,980 رجلاً وشاباً، و10,902 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و6,500 مواطنة فوق سن الـ 18،)) بينما وصلت الخسائر البشرية في غارات طائرات نظام بشار الأسد الحربية والمروحية إلى ((26,407 شهيد مدني سوري هم:: 16,653 رجلاً و5,965 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و3,789 مواطنة فوق سن الـ 18))، في حين بلغت الخسائر البشرية في معتقلات النظام وسجونه ((16,163 شهيد مدني سوري هم:: 15,974 رجلاً وشاباً، و125 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و64 مواطنة فوق سن الـ 18))
 
وعلى يد القوى المتدخلة في سورية بذريعة تخليص أبنائها من الظلم والقتل، بلغت الخسائر البشرية في الضربات الصاروخية والجويَّة الروسيَّة ((8,627 شهيد مدني سوري هم:: 5,221 رجلاً وشاباً، و2,086 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و1,320 مواطنة فوق سن الـ 18))، فيما وصلت الخسائر البشرية جراء قصف التَّحالف الدَّولي لـ ((3,835 شهيد مدني سوري هم:: 2,152 رجلاً وشاباً، و972 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و711 مواطنات فوق سن الـ 18))، في حين بلغت الخسائر البشرية بقصف القوات التركيَّة وطائراتها ((995 شهيد مدني هم:: 676 رجلاً وشاباً، و194 طفلاً دون سن الثامنة عشر و125 مواطنة فوق سن الـ 18)) بينما بلغ تعداد الخسائر البشرية على يد حرس الحدود التُّركي ((447 شهيد مدني هم:: 325 رجلاً وشاباً و80 طفلاً دون الثامنة عشر، و42 مواطنة فوق سن الـ 18))
 
كذلك نزفت دماء السوريين على يد الفصائل وقوات سوريا الديمقراطية والحركات والتنظيمات الموجودة على الأرض السورية، والتي صُنِّفت على أنها “معارضة” للنظام، حيث بلغت الخسائر البشرية على يد الفصائل المعارضة ((8,018 شهيد مدني هم:: 6,042 رجلاً و1,225 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و751 مواطنة فوق سن الـ 18))، فيما وصل تعداد الخسائر البشرية على يد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى ((6,204 شهيد مدني:: 5,281 رجلاً وشاباً، و523 طفلاَ دون سن الثامنة عشر، و400 مواطنة فوق سن الـ 18))
كذلك قتلت الاستهدافات الجوية والبرية الاسرائيلية 8 شهداء مدنيين سوريين هم:: 3 رجال و3 أطفال ومواطنتان اثنتان
===========================
اخبار الان :في الذكرى التاسعة للثورة السورية.. هل بات السوريون يحكمون بلدهم؟
أخبار الآن | دبي - الإمارات العربية المتحدة (غرفة الأخبار)
 
يستعد السوريون لإحياء الذكرى التاسعة لانطلاق الثورة السورية، لكن الذكرى هذه المرة تختلف عن سابقاتها، إذ انتقل الصراع من داخل سوريا إلى صراع عليها وخاصة من قبل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في سوريا ولا سيما روسيا وإيران وتركيا.
 
 
ومع دخول الحرب في سوريا عامها العاشر يتشعب الصراع بين الأطراف كافة، إذ يحاول كل طرف أن يجد حلولاً تناسبه ولو على حساب الأطراف الأخرى.
 
روسيا التي دخلت بكل ثقلها العسكري والدبلوماسي إلى جانب النظام السوري منذ اللحظات الأولى لاندلاع شرارة الثورة السورية، تحاول الآن حلحلة ما تبقى من عقد أمام النظام السوري ولا سيما في إدلب (على أن تحل عقدة شرقي الفرات لاحقاً)، التي يتدخل فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل مباشر، بحجة أن أي حرب هناك ستؤدي إلى مزيد من عمليات النزوح الجماعي للسوريين باتجاه الأراضي التركية.. أمر ترفضه أنقرة بذريعة أنها غير قادرة على تحمل تبعات النزوح المادية، لذا فهي تحاول اليوم الضغط على الاتحاد الأوروبي بورقة إدلب من خلال فتح حدودها أمام آلاف اللاجئين ليعبروا خلالها إلى أوروبا.
 
الاتحاد الأوروبي يقف متفرجاً أمام ما يحصل في إدلب، مكتفياً بنداءات وقف الحرب والقصف والدمار من قبل الطيران الروسي والنظام السوري، حتى الآن لم يتخذ أي موقف فاعل على الأرض يشكل ولو بارقة أمل في حل النزاع المستعصي، ورغم الاجتماعات المتكررة بين قادة الاتحاد الأوروبي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أن هذه الاجتماعات لم تفرج إلا عن رؤى ضيقة لحل مشكلة النزوح، بل ربما زادت أردوغان تعنتاً وقناعة بأن الأوروبيين لن يساهموا في الحل، تتقاسمهم في ذلك واشنطن التي دعمت أنقرة كلامياً فقط لكنها لم تحرك ساكناً حتى الآن، ما جعل أردوغان يتفق مع بوتين  على تثبيت هدنة ولو مؤقتة في إدلب.
 
لكن إيران التي تسعى إلى مد نفوذها إلى سوريا لم تطب لها تلك الهدنة التي تعني بالضرورة إبعاد مليشياتها عن مناطق الصراع، لذا تسعى بكافة الوسائل إلى إفشال تلك الهدنة من خلال الخروقات اليومية التي تمارسها على الأرض، ولعل إيران وجدت في سوريا ضالتها ومنطلقها لتمددها في المنطقة ولا سيما بعد أن وقعت الاتفاق النووي مع القوى الدولية الكبرى، وهي تسعى إلى فرض سياسة الأمر الواقع ولو بالقوة بأنها موجودة في المنطقة وخاصة بعد أن ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق النووي معها.
 
بحلول الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية، تبدو الأوراق مختلطة ومبعثرة أكثر ما يجب، فالقرارات التي تتخذ بشأن سوريا تطبخ في عواصم شتى ولا دخل للسوريين ولا حتى نظامهم بصنعها.. وعليه يبدو أنه لا حل في الأفق حتى الآن.. ويبقى الخاسر الوحيد الشعب السوري وحده الذي خرج يطالب بالحرية والعدالة، واليوم بات همه الوحيد أن تبقى دولته وحدة جغرافية متكاملة فقط.
===========================
حرية برس :في ذكرى ثورتي اليتيمة التي فضحت العالم
منذر فؤاد14 مارس 2020آخر تحديث : منذ 16 ساعة
عندما أكتب عن الثورة السورية، وما تعرضت له من مؤامرات وحروب لم تتوقف حتى الآن، فإنني أكتب عن الثورة اليتيمة، الفاضحة الكاشفة، أعظم ثورة عربية أسقطت في طريقها الكثير من الأقنعة، وكشفت قبح الوجوه وزيفها، وتقلب المواقف وتبدلها.
 
لا زالت ترن في أذني، هتافات المظاهرات التي كانت تخرج في درعا وحمص وحماه وإدلب للمطالبة بالحرية وإسقاط النظام الأسدي. كانت الإحصائيات التي تنشرها تنسيقيات الثورة تتحدث عن تظاهرات في مئات النقاط، وكانت شاشة الجزيرة تنقسم إلى ثمانية مربعات، في كل مربع مشهد لتظاهرة في مدينة من المدن، وعندما أوشك جزّار دمشق على السقوط تدخل كل الساقطين لإنقاذه.
 
آلاف المجازر أسفرت عن مئات الآلاف من الشهداء، وأضعافهم من الجرحى، وأضعاف أضعافهم من المشردين والمهجرين؛ في كل بيت مأساة وقصة، وفي كل حي مئذنة مدمّرة وبيوت مهدمة، وفي كل مدينة ثورة لم تكتمل وجلادون معدومي الضمير.
 
لقد رأينا الأشلاء والمجازر، الأحياء والمنازل المدمرة، باصات الترحيل، لكن هذا هو الجزء الظاهر من الصورة، وكان كافيا لإثارة مشاعر التعاطف والتضامن مع الضحايا، ومشاعر الحقد والكراهية ضد جزّار دمشق ومناصريه من الدول والتنظيمات وشبيحة الممانعة أينما كانوا، لكن ماذا عن الجزء الذي لم تظهره الصورة؟
 
على امتداد سنين الثورة، نقلت لنا شاشات التلفاز الجزء الظاهر الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة، لكنها لم تستطع أن تنقل لنا مشاعر الضحايا النفسية التي تلازمهم طوال الوقت؛ شعور الفقدان الذي يتكرر بمأساة جديدة، شعور الحنين إلى المنزل والبلدة قبل التهجير، شعور الأسى والحزن بعد اختطاف شخص عزيز أو قتله بدم بارد، شعور الذل والهوان بعد اقتحام الجلادين للمنزل، شعور الكراهية والبغض تجاه صورة الطاغية وكل مايتعلق به، شعور الوداع عند ركوب حافلات الترحيل، شعور الخوف المصاحب للقصف بالبراميل المتفجرة، شعور البهجة بتجاوز الحاجز الأمني دون توقيف.
 
إن الحديث عن أكثر من 15 مليون مابين شهيد وجريح ومختطف ومشرد، يعني الحديث عن ملايين القصص التي لم يوفها الإعلام حقها بعد، ولو كنا في مجتمع سوي لكانت قصة واحدة كافية لإنزال الطاغية من عرشه، ولكن ثمة طريق طويل بين “لو” و “لكانت”.
 
وعلى الرغم من مرارة المأساة، التي عوقب بها الشعب السوري بسبب ثورته، إلا إن هذه الثورة يحسب لها، أنها كشفت حقيقة كذبة مايسمى المجتمع الدولي وتغنيه بحقوق الإنسان وهذه رسالة لمن لايزال يضع ثقته بهذا المجتمع ويعول عليه في الانتصار للضحايا، وكشفت الثورة السورية أيضا، حقيقة أنظمة العار العربية التي وقفت بكل قوتها في صف طاغية الشام، وحقيقة تيار الممانعة الذي تتزعمه إيران ومليشياتها في المنطقة، وظهرت حقيقة هذا التيار الذي يزعم مقاومته للكيان الصهيوني، في حين أنه كان يمارس أبشع الجرائم بحق السوريين، والتقى مع إسرائيل في نفس الخندق؛ خندق الدفاع عن جزّار دمشق والحيلولة دون إسقاطه مهما كان الأمر.
 
ولقد برهنت الثورة السورية بشكل عملي، على هذه الحقائق وغيرها، مما كان يحتاج لإقناع الناس بها زمنا طويلا.
 
ومما يرثى له في موضوع الثورة السورية، إعلاء كثير من العرب للجنسية والقومية، فأضحت الثورة اليتيمة لا تهمهم كونها خارج حدود دولهم التي رسمها اتفاق سايكس_ بيكو، بل أضحى التعاطف ودعم الثورة السورية ضربا من التدخل بشؤون الآخرين. يالوضاعة هذا التفكير، الذي يسمح بإزالة شعب من على الخارطة وإبقاء صنم واحد فقط، يالوضاعة تفكير يستنكر التدخل بالكلمة في شؤون الدول ولا يستنكر سفك دماء مئات الآلاف من الناس، ويالوضاعة تفكير يرفض تدخل الجار التركي المسلم ويصفه بالاحتلال، ويرحب بالتدخل الروسي الإيراني الأمريكي ويصفه بالتعاون المشروع.
 
ولقد تعرضت فيما مضى لانتقاد من أصدقاء لمجرد اهتمامي بمتابعة أخبار المسلمين في أكثر من قطر، ومنها أخبار الثورة السورية وما تتعرض له من ظلم وبطش شديدين، إذ كانوا يرونه اهتماما مبالغا فيه، ويشدون أزري للعودة إلى حظيرة الجنسية والوطنية، وكنت أشفق عليهم وعلى طريقة تفكيرهم تلك، ثم أسأل نفسي: لماذا يتحد الطغاة فيما بينهم بينما الشعوب تصنع حواجز فيما بينها؟ لماذا يتدخل حاكم الإمارات في سوريا وليبيا والهند والصين لمحاربة المسلمين، بينما يرتفع هرمون الوطنية عندما تتدخل الشعوب لمناصرة بعضها ولو بسلاح الكلمة؟ لماذا يعتبر الحزب التركستاني إرهابيا لمناصرته المستضعفين السوريين، بينما لا يعتبر كذلك تدخل ميليشيات حزب الله وفاطميون وزينبيون؟
 
إن أحلام الحرية والكرامة التي كانت تغشى الثائرين في ميادين سوريا وليبيا وتونس ومصر، كانت هي أحلامي وعندما انتكست، كانت هي أحلامي أيضا، وما شهدته سوريا منذ اندلاع ثورتها قبل تسع سنين، جعلها في أولويات متابعاتي واهتماماتي، كأعظم ثورة عربية ضد طاغية حتى الآن.
 
شعور العجز الذي كان يحيط بالمستضعفين وقد أفرغ الجلادون الرصاص عليهم، كان يصيبني أيضا، البيت الذي دكته عصابات الأسد في حمص وتقصفه روسيا في إدلب هو بيتي، الأسرة التي حاصرتها عصابات الأسد في الغوطة ومضايا وحلب هي أسرتي، الأم التي فقدت ابنها في سجون الجزّار هي أمي، وقبل ذلك الثورة التي خرجت ضد نظام الأسد وغيره من أنظمة الظلم، هي ثورتي، ومن واجبي الدفاع عنها بما أستطيع حتى آخر نفس لي في هذه الحياة.
===========================
الجزيرة :مواقف أبرز الدول المعنية بالملف السوري منذ انطلاق الثورة
منتصر أبو نبوت-سوريا
 
مرّت الثورة السورية منذ انطلاقها بمراحل وتغيرات جذرية، وواكبت تطورات سياسية وعسكرية في المحيطين العربي والإقليمي جعل دولا عربية وغربية تغير مواقفها تجاه الثورة السورية، استنادا إلى التحولات السياسية التي تطرأ داخل كل دولة، بالإضافة إلى التحالفات الخارجية للدولة تبعا لما يحصل في المنطقة العربية بشكل عام.
 
نستعرض أهم المواقف لدول عربية وغربية منذ انطلاق الثورة السورية:
 
السعودية بين حكمي عبد الله وسلمان
وجّه الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في أغسطس/آب 2011 رسالة إلى الشعب السوري قال فيها إن المملكة لا تقبل ما يحدث في سوريا، ويمكن للقيادة السورية تفعيل إصلاحات شاملة وسريعة، ودعمت الرياض لاحقا الجهود العربية لحل الأزمة في سوريا، وأرسلت مراقبين إلى دمشق قبل أن تسحب بعثتها من لجنة المراقبين العرب بداية 2012، وأعلن بعدها وزير الخارجية السعودي الراحل سعود الفيصل أن بلاده لن تكون شاهد زور، أو أن تستخدم لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري.
 
خلال السنوات اللاحقة من أعوام 2012 و2013 و2014 و2015 دعمت المملكة العربية السعودية فصائل المعارضة السورية التي تمكنت من بسط نفوذها على مناطق واسعة من البلاد، قبل أن تبدأ الانحسار بعد خلافات ظهرت سريعا بين تلك الفصائل.
 
ومع وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم في المملكة تغيرت لهجة السعودية بشأن الرئيس السوري بشار الأسد ومصيره، وقد بدا ذلك جليا بداية أغسطس/آب 2017، حيث دار الجدل حول ما إذا كانت المملكة مارست ضغطا على المعارضة أثناء اجتماعها مع وزير الخارجية عادل الجبير الذي طلب -حسب تسريبات المعارضة- التنازل عن الثوابت الأساسية المتعلقة بضرورة رحيل الأسد قبل أي عملية انتقالية.
اعلان
 
وهذا ما بدا عكس النبرة الحادة التي تحدثت بها الرياض مرارا وتكرارا بأنه لا مكان للأسد في سوريا.
 
مصر بين الثورة والانقلاب
تراجع المواقف المصري الرسمي عن دعم الثورة السورية بعد الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، وجاء تربع عبد الفتاح السيسي على عرش مصر نقطة تحول نهائية بموقف القاهرة تجاه الشعب السوري، حيث أعلن في فبراير/شباط 2016 رفض التدخل العسكري في سوريا ضد نظام الأسد.
 
أميركا بين أوباما وترامب
شكل ظهور السفير الأميركي في سوريا روبرت فورد بجانب المتظاهرين في مدينة حماة (وسط البلاد) رسالة واضحة عن وقوف واشنطن مع الثورة السورية.
 
ورفعت الولايات المتحدة السقف مع إعلان الرئيس السابق بارك أوباما أنه لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا، ودعمت واشنطن لاحقا بشكل محدود الفصائل المعارضة، مع تأكيد ضرورة الحل السياسي في البلاد.
 
لكن تجرؤ النظام السوري على شن هجوم كيميائي ضد مدن وبلدات غوطة دمشق كان منعطفا رئيسيا في موقف الإدارة الأميركية، حيث أعلن أوباما عزم بلاده على توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري، لكن الإعلان تلاشى بعد صفقة أدارتها موسكو؛ تمثلت في تخلي النظام عن السلاح الكيميائي في سوريا مقابل تراجع الرئيس الأميركي عن الضربة وخطه الأحمر.
 
بريطانيا بين الدعم والتهديد
دعمت لندن الحراك السلمي في سوريا منذ اندلاعه، بل وطالبت النظام السوري بإجراء تغيير وتجنب العنف في مواجهة الاحتجاجات الشعبية.
اعلان
 
وصعدت بريطانيا لهجتها بعد أن استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية في ريف دمشق، حيث طالب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون الإدارة الأميركية باتخاذ إجراءات عسكرية ضد النظام، إلا أن البرلمان البريطاني عطل مشروع قرار يسمح للقوات البريطانية بدعم أي حراك من هذا النوع.
 
لكن خليفة كاميرون في رئاسة الوزراء البريطانية اتخذت قرارها عام 2018، وشاركت في ضربة محدودة ضد النظام السوري إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا، وأصبح بعدها موقف لندن يراوح بين دعم الحل السياسي وتهديدات غير مباشرة للنظام، من دون أن تشير إلى مصير الأسد من الحل السياسي.
 
فرنسا بين ساركوزي وماكرون
تعتبر باريس في عهد نيكولا ساركوزي من أبرز الداعمين والمتحمسين للثورة السورية.
 
تغير موقف باريس لاحقا بعد أن تعرضت المدن الفرنسية إلى هجمات "إرهابية"، وذلك بعد ضغوط من اليمين السياسي.
 
الإمارات
أعلنت أبو ظبي خلال تصريحات عديدة بداية الثورة السورية دعمها للحراك السلمي ومطالب السوريين في التغيير، لكن خلال ذلك الموقف المعلن كانت الإمارات تمارس سلوكا مختلفا تمثل في استقبالها عددا من أفراد عائلة الأسد، فضلا عن استمرار الاستثمارات الاقتصادية لرجال أعمال مرتبطين بالنظام في دبي وأبو ظبي.
 
وتطور ذلك لاحقا إلى التضييق على ناشطين، وتصنيف فصائل معارضة كمجموعة إرهابية، قبل أن ينتهي موقف أبو ظبي بإعادة افتتاح سفارتها في دمشق مع النظام السوري، وإجراء زيارات متبادلة على مستوى قطاعات الدولتين المختلفة.
اعلان
 
قطر
وقفت الدوحة منذ البداية إلى جانب الشعب السوري رغم العلاقة القوية التي جمعتها مع النظام السوري قبل انطلاق الثورة، وأعلنت صراحة أن تلبية مطالب المتظاهرين أمر واجب على النظام السوري.
 
الأردن
أعلنت عمان مع بداية الحراك السلمي دعمها لمطالب لمتظاهرين، وكان الأردن من الدول التي دعمت المبادرة العربية لوقف سقوط القتلى في سوريا التي لم يستجب لها النظام.
 
ومع دخول الصراع المسلح، كان الموقف الأردني العلني غير حاد تجاه النظام السوري، والأمر مرتبط بمخاوف أمنية كون هناك شريط حدودي طويل مع سوريا.
 
تركيا
موقف أنقرة من الثورة السورية تمثل في إرسال وزير الخارجية حينها داود أوغلو في أبريل/نيسان 2011 إلى سوريا، حيث التقى الأسد ونصحه بعدم استخدام العنف في مواجهة مطالب المتظاهرين، واستمر الموقف التركي في دعم الحراك السلمي والمطالب المحقة في تغيير ديمقراطي بسوريا، لكن مع تصاعد العنف وسقوط المئات من القتلى؛ شكلت أنقرة ملاذا آمنا مبكرا للفارين من نظام الأسد، مسلحين أو ناشطين سلميين، وأصبحت تركيا الرئة التي يتنفس منها معارضو الأسد، باعتبارها مقرا للائتلاف الوطني المعارضة والحكومة السورية المؤقتة.
 
ألمانيا
دعمت ألمانيا الحراك السلمي في سوريا ضد النظام السوري، وأصرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على ضرورة وجود حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري الصادمة، كما أنها استخدمت سياسة الأبواب المفتوحة مع اللاجئين السوريين، واستقبلت برلين عشرات الآلاف خلال فترات اللجوء، مع تصاعد العنف في البلاد.
 
روسيا
دعمت موسكو النظام السوري سياسيا منذ البداية، وكان أبرز تحرك لها عندما أنقذته من الضربات الأميركية التي كانت متوقعة عام 2013 بعد اتفاق على تسليم السلاح الكيميائي، ثم تدخلت عسكريا منذ عام 2015.
اعلان
 
الصين
دعمت النظام السوري سياسيا، ووقفت إلى جانبه بعلاقات تجارية، كما استخدمت مع روسيا حق النقض (الفيتو) في مواجهة القرارات التي تدين النظام بمجلس الأمن.
 
إيران
تدخلت منذ البداية مع النظام السوري سياسيا وعسكريا بإرسالها مليشيات موالية لها تقاتل إلى جانب النظام السوري.
===========================
الوطن :قاتل شعبه".. شهادات لدبلوماسيين وزملاء للأسد بذكرى الثورة
واشنطن - (وكالات): رغم أنه تدرب كي يكون طبيب عيون ولم يكن مرشحاً لرئاسة سوريا بسبب خجله وخوفه من الدم كما كان والده حافظ الأسد يعتقد، فقد أثبت بشار الأسد أنه أكثر القادة وحشية ودموية في القرن الحادي والعشرين، وفق تقرير لموقع "يو إس إيه توداي" بمناسبة تسع سنوات على اندلاع الثورة.
 
ويشير التقرير، الذي اعتمد شهادات من دبلوماسيين وزملاء سابقين للأسد، أنه نجا وتمسك بالسلطة رغم سقوط طغاة آخرين في الشرق الأوسط.
 
ويصادف 15 مارس مرور تسع سنوات على اندلاع الاحتجاجات في سوريا التي دعت إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية والمزيد من الحريات، ما أشعل حرباً أهلية امتدت إلى خارج حدود البلاد.
 
وما بدأ كانتفاضة مفعمة بالأمل تضخم إلى صراع مدمر ومستعص على الحل ساهم في أزمة اللاجئين الأكثر حدة منذ الحرب العالمية الثانية. وأدت الحرب في سوريا إلى مقتل مئات الآلاف، وتشريد الملايين، وساعدت على تحفيز صعود تنظيم الدولة "داعش"، الإرهابي.
 
ويشير التقرير إلى أن قصة بقاء الأسد -وتفكك سوريا- تشكل جزءاً من اللاإنسانية الشخصية، وجزءاً من اللامبالاة الدولية. وقبل خمس سنوات، اعترف الأسد في خطاب متلفز بأن جيشه كان متعباً وأن جيشه بدأ يفقد أرضه.
 
لكن اليوم، عادت معظم سوريا إلى سيطرة الأسد، حيث يقوم جيشه وحلفاؤه الروس بقصف الرقعة المتبقية من الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، على الرغم من أن بعض السوريين الذين يعيشون في المنفى يعتقدون عكس ذلك، ويرون أن حكم الأسد ينهار.
 
ووفق التقرير، وصف روبرت فورد، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في سوريا في الفترة من 2011 إلى 2014 وتعامل معه، الأسد بالقوي جدا وأنه تحول إلى "قاتل شعبه".
 
ووفق التقرير نقلاً عن الأمم والجماعات الإنسانية والهيئات الرقابية في سوريا، فقد اتخذ عنف الأسد أشكال منها: فرض حصار التجويع على المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، القصف المتكرر بمساعدة روسية للمستشفيات والبنية التحتية المدنية؛ اعتقال وتعذيب الآلاف من النشطاء والمدونين والمدنيين، ثم اعتقالهم في سجون سرية في أعماق الأرض، حيث يقبعون دون محاكمة.
 
كما استخدم قنابل الكلور وغاز السارين -الأسلحة الكيميائية- ضد مقاتلي المعارضة، مما أسفر عن مقتل الأطفال والمدنيين في هذه العملية.
 
ونقل التقرير عن أيمن عبد النور، وهو صديق سابق للزعيم السوري منذ أيام دراستهما الجامعية في الطب في دمشق، "كل من يعرف الأسد يعرف شيئين عنه، أولا: أنه يكذب - عن كل شيء. ثانياً: أنه غيور للغاية. إذا كان لديك ساعة لطيفة أو كاميرا، سوف يسعى للحصول على أفضل منها".
 
وحصل الأسد على دعم روسيا، التي ترى في الحرب السورية وسيلة لإعادة تأكيد نفسها كوسيط دولي للسلطة، كما تم جر إيران إلى الصراع، حيث دعمت نظام الأسد بالاستخبارات العسكرية والتدريب، وفق التقرير.
 
وعلى عكس ما يروج له النظام من سيطرته من جديد، يعتقد آخرون أن نظام الأسد انتهى.
 
وقال فراس طلاس، الذي كان أحد أغنى الرجال في سوريا وأحد المقربين السابقين من عائلة الأسد، في مقابلة هاتفية من دبي، حيث يعيش في المنفى، إن هناك "مزاجاً داخل سوريا اليوم يشير إلى أن النظام قد ينهار قريباً، وأنه لا يمكن أن يستمر".
 
وقال إنه في حين أن الأسد قد يكون له حالياً اليد العليا إقليمياً وعسكرياً، إلا أنه الوضع يتغير كل بضعة أشهر، والحياة اليومية، حتى بالنسبة للموالين للنظام داخل سوريا، صعبة: انقطاع الكهرباء، وقلة فرص الحصول على الرعاية الصحية".
 
ويقول نور "إن المكاسب العسكرية التي حققها الأسد تخفي نظاماً في أيام تدهور".
 
أما زكي لبابيدي، رئيس المجلس السوري الأميركي ومقره واشنطن العاصمة، والذي يدعو إلى ديمقراطية علمانية في سوريا، فيرى أن الأسد "ليس منتصراً بالتأكيد". بدلاً من ذلك: "إنه دمية في يد روسيا، ويرأس دولة مدمرة، اقتصاد مدمر".
 
ويخلص التقرير إلى أنه مهما كان تقييم نظام بشار الأسد، فقد أثبت أنه ربما سفاح وقاس مثل والده، إن لم يكن أكثر منه.
===========================
الجزيرة :في ظل متغيرات متسارعة.. كيف يرى ناشطو الثورة السورية مسيرتها بذكراها التاسعة؟
قبل 20 ساعة
 
 
عمر يوسف-شمال سوريا
 
تحل الذكرى التاسعة للثورة السورية ضد نظام بشار الأسد وسط متغيرات أساسية ألقت بظلالها على المشهد في سوريا، أبرزها تضاؤل المساحة الجغرافية التي تسيطر عليها المعارضة السورية شمالي البلاد، ونزوح قرابة مليون سوري من منازلهم منذ بداية عام 2020، وفق تقارير الأمم المتحدة.
 
ويستحضر النشطاء والأهالي بمناطق المعارضة البدايات الأولى للمظاهرات السلمية المطالبة بالحرية ونظام حكم ديمقراطي في ربيع 2011، ويقولون إن الأحداث الدولية وتداخل المصالح السياسة لعبت دورا كبيرا في تغير مسار الحراك الثوري خلال تسع سنوات.
 
وأكدوا أن الجغرافيا وخسارة المدن لصالح النظام أمر واقع ومؤثر، لكنها لا تعني نهاية الثورة وتوقف الحراك الشعبي.
 
 
ارتباط الجغرافيا
رئيس اتحاد إعلاميي حلب إسماعيل الرج، وهو من أوائل المشاركين في الحراك السلمي، قال "إن الثورة السورية بدأت سلمية وبأهداف محددة في الحرية وإسقاط نظام الأسد، ومع تعنت النظام واستخدامه كل وسائل الإرهاب ضد الشعب السوري تحولت لحراك مسلح من أجل حماية المتظاهرين، وفيما بعد أصبحت القضية السورية من أكثر القضايا عالمية وفتح الباب للتدخل الدولي".
 
وأضاف للجزيرة نت "هذا التدخل وتغير مسارات الثورة أمر واقع، إلا أن الأهداف بقيت كما هي منذ تسع سنوات، من خلال تمسك السوريين بأرضهم حتى إسقاط النظام الذي جلب الاحتلال الروسي والإيراني لسوريا في محاولاته الأخيرة لوأد ثورة الشعب ومطالبه".
 
وعن المخاوف من توقف الثورة واقترابها من نهايتها مع انحسار مناطق المعارضة، رأى الرج أن استمرارها ليس مرتبطا بمكان معين أو بجغرافيا "فمن أشعل ثورة الحرية وتنقل بنشاطه السلمي من مكان لآخر في ظل القبضة الأمنية، يستطيع إعادة الحراك من أي مكان".
 
وكما ساهم الإعلام في إذكاء الثورة وعكسها للعالم الخارجي -بحسب الرج- "كان لفريق الدفاع المدني -الذي تأسس بمناطق سيطرة المعارضة- بالغ الأثر في مسيرة الحراك وتداعياته، من خلال إنقاذ الأرواح وضحايا القصف، ويؤكد المتطوعون فيه أن أهداف الثورة لن تتغير رغم كل الدمار والنزوح إثر قصف النظام".
 
إبراهيم أبو الليث، أحد أفراد فرق الدفاع المدني التي عايشت الحملة العسكرية على مدينة حلب وتهجير سكانها عام 2016، أوضح أن "مطالب الثوار كانت بسيطة في الحرية والكرامة، ولم يكن لديهم تصور أن النظام سوف يواجه الأهالي بهذا الحجم من الدمار"، مشيرا إلى أن العالم بأكمله وقف في وجه الحراك السلمي السوري.
 
وبحسب أبو الليث، فإن "فريق الدفاع المدني ولد من رحم الشعب وجمع متطوعيه حب العمل الإنساني وخدمة الثورة والبلد، خصوصا بعد استخدام النظام الطيران الحربي والمروحي لإسكات روح الثورة".
 
وأكد المتحدث للجزيرة نت أن الحراك انطلق من الشعب، معتبرا أن "الثورة فكر، والفكر لا يموت حتى في حال سيطرة النظام على مناطق المعارضة شمالي سوريا".
 
وأد الثورة
الإعلامي شحود جدوع من ريف حماة يرى أن "الثورة -سواء اليوم أو بالأمس- ليست شيئا ماديا يمكن احتواؤه أو وأده بالسلاح والقصف، وإنما هي حالة انطلقت لمواجهة عقود من الكبت والقمع والظلم"، مؤكدا أنها قد تتطور من ثورة ضد نظام قاتل ومجرم إلى ثورة ضد احتلال.
===========================
الأزمة السورية .. من حرب الوكلاء إلى حرب الأصلاء – 1
التدخل التركي في سوريا الأكثر بشاعة وخطورة على السوريين الثورة السورية لم تدم طويلاً بل تحولت إلى أزمة أكملت عامها التاسع دون أن تكف القوى الإقليمية والدولية أيديها عن السوريين الذين دخل بلدهم أحد أسوأ النزاعات؛ فتحولت الحرب من حرب الوكلاء إلى حرب الأصلاء؛ فماذا حل بالسوريين خلال هذه السنوات؟
 
مع بدء ربيع الشعوب في المنطقة عام 2010، تأثرت معظم البلدان التي كانت سلطاتها تحكم على أنفاس شعوبها بهذا الربيع، فبدأت الانتفاضة من تونس والتي أشعلها محمد بوعزيزي بإضرام النار بجسده، ما أدى إلى موجة عارمة من الاحتجاجات في مختلف أنحاء تونس لتنتشر بعدها إلى مصر، ليبيا، واليمن. 
 
كيف اندلعت الشرارة في سوريا؟
 
وكان لسوريا نصيب من هذا الربيع، إذ كانت محافظة درعا أول منطقة انتفضت في وجه الحكومة السورية، وجاءت جمعة الكرامة في 18 آذار/مارس 2011 بمثابة الشرارة الأولى والأهم للثورة السورية التي شهدت مدنها تظاهرات عارمة بعد أن كتب أطفال على الجدران عبارات طالبوا فيها بإسقاط النظام.
 
قوبلت الاحتجاجات برد فعل عنيف من قبل الحكومة السورية التي واجهت المتظاهرين بالسلاح، لكن بطش الحكومة لم يثن الشعب عن المطالبة بالحرية والعدالة والمساواة، وانتشرت هذه الانتفاضة لتشمل معظم المدن والمحافظات السورية.
 
التدخل الخارجي يحرف مسار الثورة
 
دخل الحراك السوري مرحلة جديدة تلوح بالدموية، بعد أن أصبحت البلاد مسرحاً للصراع العسكري والسياسي وتصفية الحسابات بين القوى العالمية والإقليمية، حتى تحولت سوريا لأرض مستباحة من قبل دول العالم، في الوقت الذي يرحل عنها جزء كبير من أهلها، فكان التحول الكبير للتظاهرات السلمية بعد إدخال الأسلحة إلى الأراضي السورية بمساعدة تركيا لمحاربة الحكومة السورية لتبدأ في سوريا حرب الصراع على السلطة.
 
فتركيا هي أولى الدول التي تدخلت في سوريا مع حدوث انشقاقات في صفوف قوات الحكومة السورية، إذ دربت تركيا بعض المنشقين على أراضيها ليتشكل ما يسمى "الجيش السوري الحر" تحت رعاية الاستخبارات العسكرية التركية.
 
وفي تموز/يوليو 2011 بدأت تركيا بتقديم الدعم والسلاح لما يسمى "الجيش الحر" بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية وقطر.
 
وكان الدور التركي هو الأوضح في سوريا حيث فتحت الحدود على مصراعيها أمام آلاف المسلحين الأجانب إلى الداخل السوري في عام 2011, كما أنها أنشأت مخيمات لجوء مبكراً على أراضيها قبل أن يلجأ إليها أحد وتحدثت عن المنطقة العازلة حينها.
 
وكشف مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، في 2 آب/أغسطس 2019 عدد القوات التركية في سوريا وقال "النظام التركي ينشر داخل الأراضي السورية 10655 عسكرياً بين ضابط وصف ضابط وجندي وأدخل إلى الأراضي السورية 166 دبابة و278 عربة مدرعة و18 راجمة صواريخ و173 مدفع هاون و73 سيارة مزودة برشاش ثقيل و41 قاعدة صواريخ مضادة للدبابات".
 
وفي الطرف الآخر أعلنت المملكة العربية السعودية ودولة قطر في ربيع عام 2012 عن قيامهما بدعم ما تسمى "المعارضة السورية" بالسلاح والأموال, وفي شهر أيار/مايو 2013 أشار تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز أن السعودية أصبحت أكبر مورد للسلاح لما يسمى المعارضة السورية.
 
وقالت الصحيفة أن هاتين الدولتين زودتا المسلحين بالرشاشات والجنود والأسلحة المضادة للدبابات القادمة من كرواتيا عبر الأردن، وعلق رئيس النظام السوري بشار الأسد على هذا الدعم قائلًا "السعودية هي الداعم الأكبر للإرهاب".
 
ولم يتوقف التدخل على الدول التي تدعم المسلحين لإسقاط النظام، بل تدخلت الأطراف الداعمة للحكومة السورية أيضاً، فإيران الحليف الاستراتيجي للحكومة السورية تدخلت مباشرة إلى جانب الأخيرة، فتحولت مدينة الزبداني في شهر حزيران/يونيو عام 2011 إلى مركز لقوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
 
ومع التدخل الإيراني في دعم الحكومة السورية ، تدخلت أمريكا لدعم المسلحين، وفي البداية اقتصر الدعم على تقديم أدوات غير قتالية من أطعمة وعربات النقل، ولاحقاً دربت الاستخبارات الأمريكية مجموعات مسلحة داخل الأراضي التركية.
 
وفي حزيران/يونيو 2013 أصدر الرئيس الأمريكي، حينها،باراك أوباما، قرارًا بتقديم دعم قتالي مباشر للمسلحين ممثلة في المجلس العسكري الأعلى لما يسمى المعارضة، وهو ما بدأ بالفعل على أرض الواقع منذ شهر أيلول/سبتمبر التالي حيث تم رصد دخول أسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات، وبلغت قيمة إمدادات الولايات المتحدة للمسلحين بحوالي 15 مليون دولار أمريكي.
 
وفي شهر تموز/يوليو عام 2014، قامت الولايات المتحدة بالترخيص لمنظمة غير حكومية تسمى “مجموعة الدعم السورية” من أجل جمع الأموال لما كان يسمى بالجيش السوري الحر.
 
إلا أن الدعم الأميركي للمسلحين تعرض لضربة كبيرة عندما سقطت شحنة أسلحة بأيدي جبهة النصرة المصنفة أمريكياً على أنها إرهابية في عام 2015, فقررت بعدها واشنطن وقف هذا الدعم.
 
ونتيجة لتوسع هجمات داعش في سوريا، وقيامه بإعدام رهائن أمريكيين، بدأت الولايات المتحدة تحشد دولً مختلفة للمشاركة شن ضربات جوية ضد داعش عبر تحالف دولي تقوده هي وذلك في عام 2014.
 
ولم يدعم التحالف الدولي ضد داعش دعم المسلحين المدعومين من تركيا وقطر لأنها أصبحت ضعيفة وسيطرت عليها جبهة النصرة وغيرها من المجموعات المتشددة، فقرر التحالف دعم قوات سوريا الديمقراطية.
 
التدخل الروسي يقلب ميزان القوى
 
روسيا ومنذ بداية الأزمة السورية أعلنت دعمها للحكومة السورية لكن بعد إسقاط نظام معمر القذافي في ليبيا من قبل الدول الغربية شعرت روسيا بالخطر على مصالحها في سوريا فقررت زيادة دعم الحكومة السورية.
 
وفي شهر أيلول/سبتمبر 2015 تدخلت روسيا عسكرياً بشكل مباشر في سوريا، عبر تنفيذ ضربات جوية على مواقع المسلحين، في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السورية على حافة الهاوية، حيث تمت محاصرة الحكومة في العاصمة دمشق.
 
وعلى الرغم من أن روسيا أعلنت أن الضربات سيتم توجيهها ضد داعش إلا إن الضربات تم توجيهها للمسلحين المدعومين من تركيا وقطر، وخصوصًا جبهة النصرة وأحرار الشام.
 
التدخل يقضي على الثورة
 
وأدى اختلاف مصالح الدول الإقليمية والدولية المتدخلة في سوريا إلى تشكيل مجموعات مسلحة بلغ تعدادها المئات باتت تُعرف الجهة الداعمة لها من خلال الأسماء التي أطلقتها، مثل السلطان مراد وسليمان شاه وهي أسماء سلاطين عثمانيين.
 
كما تشكلت كيانات سياسية مختلفة باتت تعرف بأسماء داعميها مثل مجلس اسطنبول، ائتلاف الرياض، منصة موسكو وغيرها.
 
وتقاتلت هذه المجموعات المسلحة والكيانات وتناحرت فيما بينها لتحقيق أهداف الأطراف التي تدعمها، فتحولت الأزمة السورية إلى حرب بالوكالة بين المتدخلين، وقضت على آمال السوريين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بحقوقهم والعيش بكرامة على أرضهم.
 
قتل وتدمير واقتصاد منهار...
 
التدخلات الخارجية والصراع على السلطة أديا إلى تدمير سوريا بشكل شبه تام، ففي الشأن الإنساني وبحسب إحصائية للمرصد السوري لحقوق الإنسان في 4 كانون الثاني/يناير 2020 فإن نحو 585 ألف شخص قتلوا منذ بداية الأزمة، فيما هجر ملايين السوريين البلاد نحو الخارج، ونزح الملايين داخلياً نتيجة الصراع، كما تسبب الاحتلال التركي بنزوح مئات الآلاف في شمال شرق وشمال غرب سوريا بعد احتلالها لمناطق غالبية سكانها من الكرد وكان آخرها في تشرين الأول 2019 عندما احتلت مدينتي سريه كانيه وتل أبيض/كري سبي.
 
وإلى جانب ذلك تدمر الاقتصاد السوري، فمدينة حلب التي كانت أكبر المدن الصناعية تحولت إلى مدينة منكوبة بعد أن قامت المجموعات المرتزقة المدعومة من تركيا بفك معاملها ونقلها إلى تركيا وبيعها هناك.
 
وكذلك سيطرت المجموعات المرتزقة التابعة لتركيا على الطرق الاستراتيجية في سوريا كطريقي M4 و M5 فتوقفت حركة النقل بين المدن السورية، ما أدى لانهيار الاقتصاد السوري بشكل كامل دفع الشعب ثمنه.
 
من حرب الوكلاء إلى حرب الأصلاء
 
دخلت الحرب بالوكالة بين الأطراف المتدخلة في سوريا بشكل غير مباشر، إلى حرب الأصلاء في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 حيث شهدت محافظة إدلب ولأول مرة اشتباكات مباشرة بين روسيا وإيران من طرف وتركيا من طرف آخر.
 
ففي 27 شباط/فبراير 2020 قتل 34 عنصراً من جنود الاحتلال التركي في المنطقة الواقعة بين البارة وبليون شمال غرب سوريا، بحسب ما وثقه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
 
ورداً على قصف جنودها، شنت دولة الاحتلال التركي هجمات عسكرية مباشرة ضد قوات الحكومة السورية ومن خلفها روسيا وإيران تحت مسمى "درع الربيع"، قبل أن تتوقف في الساعة الأولى من يوم 6 آذار/مارس بعد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان في العاصمة الروسية موسكو.
 
'التدخل التركي في سوريا الأكثر بشاعة وخطورة على السوريين'
 
وفي هذا الشأن يقول الباحث السياسي غياث نعيسة لوكالتنا إن "وحشية النظام عموماً ولا سيما سياسة التصفية التي قضت على أفضل العناصر الواعية في التنسيقيات أعاق من ولادة قيادة سياسية حقيقية للثورة".
 
وأشار أن تدخل القوى الإقليمية والدولية وبالأخص قطر وتركيا غيرت مسار الثورة حيث فرضوا "قيادة" للثورة تابعة لهم وتخدم مصالحهم، إضافة إلى دعم بعضها وبالتحديد تركيا وقطر "للميليشيات السلفية الجهادية" وهذا ما أجهز على الثورة السورية، وما تلا ذلك من احتلالات وتدخلات عسكرية لقوى متعددة.
 
ولفت نعيسة خلال حديثه بأن النظام التركي استفاد من عاملين أساسيين منذ عقد من الزمان، الأول كان ازدهار الاقتصاد التركي، ما أعطى للدولة التركية قدرات مادية أكبر، والثاني كان الانسحاب (أو الانهزام) الأمريكي من العراق عام ٢٠١١ والتراجع الأمريكي في المنطقة والعالم.
 
وأوضح نعيسة بأن "الاحتلال التركي للأراضي السورية أكثرها بشاعة وخطورة ولا يدع مجالاً لمواجهته إلا من خلال المقاومة الشعبية وبالقوة".
 
وتطرق الباحث السياسي خلال حديثه إلى خطورة بقاء السوريين خارج دائرة الفعل وقال "إذا بقي السوريون خارج دائرة الفعل، فإن المخرج من الوضع الراهن ستفرضه تفاهمات الدول الإقليمية والدولية المتدخلة في سورية، ومنها تركيا، ولن تكون لصالح الشعب السوري وطموحه بالسلام والحرية".
===========================
الجزيرة :الثورة السورية في ذكراها التاسعة.. قتلى وجرحى ومفقودون ومعتقلون ومهجرون بالملايين
13/3/2020
 
سيلا الوافي-شمال سوريا
 
مرّت تسع سنوات على انطلاق الثورة السورية وما زالت قوائم القتلى والمهجرين والمعتقلين تزداد دون حلول تلوح في الأفق.
 
وتدخل الثورة السورية عامها العاشر بأعداد مضاعفة من النازحين والقتلى، فبحسب أحدث تقرير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة لعام 2020، فإن عدد النازحين خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط بلغ أكثر من 900 ألف، منهم 300 ألف منذ بداية الشهر الماضي.
 
وذلك جراء الحملة العسكرية الأخيرة التي قادها النظام السوري بدعم روسي إيراني على محافظتي حلب وإدلب، وتمكن خلالها من السيطرة على مناطق إستراتيجية، وفتح الطريق "إم 5" الدولي الذي يصل العاصمة دمشق بحلب والساحل.
 
أرقام متضاربة
وتتضارب أرقام عدد القتلى الذين سقطوا على أيدي قوات النظام السوري وحلفائه منذ اندلاع الثورة السورية.
 
ويقول ياسر الفرحان رئيس الهيئة الوطنية للدفاع عن المعتقلين والمفقودين في الائتلاف السوري المعارض للجزيرة نت، إن الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت مقتل أكثر من 222 ألف شخص في سوريا منذ مارس/آذار 2011 وحتى بداية مارس/آذار 2020.
اعلان
 
فيما تقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن أكثر من 400 ألف شخص قتلوا في سوريا منذ 2011.
 
ويشير الفرحان إلى أن هذه الأرقام تعبر عن جزء من الحقيقة، فبالرغم من الفرق المتخصصة والميزانيات المخصصة لدى منظمات التوثيق، فإنها لا تستطيع رصد جميع الانتهاكات في سوريا بسبب اتساع رقعتها وتزايد شدتها، فضلا عن صعوبات الوصول إلى كافة المناطق.
 
ويضيف الفرحان أن الأمم المتحدة أعلنت في عدة بيانات عما يزيد عن نصف مليون قتيل في سوريا، "إلا أننا نتوقع أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير".
 
تشغيل الفيديو
 
ويوضح الفرحان طريقة توثيق القتلى في سوريا، قائلا إن جهات التوثيق المختصة ترصد الانتهاكات بشكل مستمر، وتتحقق من صحتها من خلال التواصل مع الشهود وأسر الضحايا.
 
وتابع "نحن نساهم في جمع الأدلة اللازمة لتوصيف جرائم النظام وروسيا وإيران، من خلال تعاوننا مع اللجنة الدولية للتحقيق، ومع الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي وقعنا معها مذكرة تفاهم ونتشارك معها البيانات والأدلة".
 
ووفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، خلفت سنوات الثورة التسع الماضية 6.6 ملايين نازح داخلي و5.6 ملايين لاجئ في جميع أنحاء العالم.
 
أعداد المعتقلين
وبعد تمام تسع سنوات على اندلاع الثورة السورية المطالبة بسقوط نظام بشار الأسد، بلغ عدد المعتقلين ما لا يقل عن 129 ألفا و973 شخصا، ما يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام السوري.
اعلان
 
وكشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن 13 ألفا و983 شخصا قُتِلوا جراء التَّعذيب في سجون النظام منذ مارس/آذار 2011.
 
كما وثقت الشبكة في تقريرا لها ما لا يقل عن 193 حالة، اعتقال تعسفي تم توثيقها في فبراير/شباط 2020، بينها 121 تحولت إلى اختفاء قسري، حيث شكَّل الاعتقال التعسفي ومن ثم الاختفاء القسري انتهاكا واسعا منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي.
 
وبحسب التقرير، فقد طالت الانتهاكات التي مارستها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري والمليشيات التابعة له مئات الآلاف من السوريين.
 
وبحسب الفرحان، فإنه لا أحد يزعم أن إحصاءاته كاملة لأن النظام مستمر في كل وقت بتنفيذ حملات اعتقال جديدة في مناطق المصالحات ومناطق سيطرته، ويمنع وصول الجهات الحقوقية والمستقلة للتحقق، ولأن بعض أسر المعتقلين لا يدلون ببيانات أقربائهم خوفا عليهم من انتقام النظام.
 
تشغيل الفيديو
 
خمسة ملايين
ويقول الفرحان "إذا أردنا أن نوجز عدد ضحايا الاعتقال والتعذيب والتصفية في سوريا، فهذه يقودنا إلى رقم خمسة ملايين إنسان، يمثلون أسر المعتقلين والناجين الذين عاشوا ويعيشون الألم الذي ستبقى آثاره في نفوسهم إلى أن يتم إنصافهم بالإفراج عن أبنائهم وكشف مصيرهم وإنصافهم من مرتكبي الجرائم بحقهم".
 
وأوضح تقرير للشبكة السورية أن غالبية حالات الاعتقال في سوريا تتم من دون مذكرة قضائية وإنما تعتقل الضحية لدى مرورها على أحد حواجز النظام، وغالبا ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيدا عن السلطة القضائية.
 
ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرم من التواصل مع عائلته أو محاميه، كما تُنكر السلطات اعتقاله تعسفيا ويتحول معظم المعتقلين إلى مخفيين قسرا.
 
ويوضح ياسر الفرحان للجزيرة نت أنهم قدموا وثائق حول الانتهاكات التي ترتكب في سوريا لمجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة، مبرزا أنه بالرغم من القرارات الصادرة لردع النظام السوري عن انتهاكاته بحق المدنيين، فإن تلك القرارات ظلت على الورق وتنفيذها على الأرض معدوم جراء الفيتو الروسي.
===========================
المدن :"قيصر" سوريا في الكونغرس:صرخة لإنقاذ المعتقلين في سجون الاسد
المدن - عرب وعالم|الخميس12/03/2020شارك المقال :0
 
دعا المنشق السوري، المعروف باسم "القيصر"، أعضاء الكونغرس الأميركي إلى فرض تدابير أكثر صرامة ضد النظام السوري بسبب الأعمال الوحشية التي ارتكبها خلال الحرب.
وقال القيصر خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ انعقدت وسط إجراءات أمنية مشددة: "لقد عملنا ونواصل العمل من أجل توصيل نداءات وصراخ عشرات الآلاف ممن لا يزالون رهن الاحتجاز".
 
وأضاف "زاد القتل في الأماكن نفسها وبالأساليب نفسه وعلى أيدي المجرمين أنفسهم، والسبب ببساطة هو أن نظام الأسد اعتبر تقاعس المجتمع الدولي ومجرد تصريحات الإدانة بمثابة ضوء أخضر له لمواصلة جرائمه".
 
وقال كبير الديموقراطيين في اللجنة السناتور بوب مينينديز إنه يأمل في أن توقظ الشهادات حول أثر هذه الحرب ضمير الولايات المتحدة، مضيفاً "لم نر سياسات حازمة من أي من الإدارتين الأخيرتين"، في إشارة إلى الرئيس دونالد ترامب وسلفه باراك أوباما.
 
من جانبه، قال السيناتور الجمهوري جيم ريش، إنه يعمل مع إدارة ترامب لضمان تنفيذ العقوبات، وأن الشعب السوري يستحق الأفضل.
 
وكانت كل من لجنة مجلس الشيوخ ولجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب عقدت جلسات استماع بمناسبة مرور تسع سنوات على بدء الحرب الأهلية في سوريا. كما أدلى ممثلون عن المنظمة السورية للطوارئ ومنظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء" بشهاداتهم أمام مجلس الشيوخ.
 
 
من هو القيصر؟
"القيصر" لقب أطلق على عسكري سوري سابق انشق عن النظام وسرّب عشرات آلاف الصور لضحايا التعذيب من المدنيين السوريين، اعتمدت عليها لجنة التحقيق الدولية المكلفة ببحث جرائم الحرب في سوريا لإثبات وقوع فظاعات على يد النظام السوري.
 
وعمل "القيصر" مجنداً بالجيش السوري مكلفاً بالتقاط صور في الإماكن التي جرت فيها جرائم مدنية. ومنذ اندلاع الثورة السورية في 2011، كلّف بتصوير جثث المدنيين من ضحايا التعذيب والقتل على يد النظام السوري.
 
تمّكن "القيصر"، من تهريب عشرات آلاف الصور التي تكشف عن المجازر التي ارتكبها نظام الأسد في السجون السورية إلى فرنسا حيث عاش متخفياً لفترة تحت حماية الشرطة.
 
"القيصر" الذي يقف وراء تحقيق فُتح في فرنسا واستهدف النظام السوري بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية"، إتصل بالمعارضة السورية التي أعدت خطة لتسهيل هربه من سوريا بعد إعلان وفاته.
 
بعد خروجه من سوريا إلى فرنسا، انتقل الى الولايات المتحدة وأدلى بشهادته أمام الكونغرس للمرة الأولى عام 2014 كما تم عرض صوره للضحايا الذين يعانون من الكدمات والهزال في مقر الأمم المتحدة ومتحف الهولوكوست التذكاري في واشنطن.
المعلومات المتعلقة به قليلة نوعاً ما، حرصاً على سرية التحقيق وحفاظاً على سلامته، ولكن وفقا للمعلومات المتوفرة، عمل كعنصر عادي في الشرطة العسكرية السورية لمدة 13 عاما، منها عشرة قبل اندلاع الثورة حين كان عمله يقتصر على تصوير الجرائم المدنية التي تحصل أثناء جمع الأدلة، ولكن بعد اندلاع الأزمة عام 2011 أضحت مهمته تصوير ضحايا الأفرع الأمنية تحت التعذيب بعد نقلهم إلى مستشفى في  دمشق.
 
وهذه الصور كانت تؤخذ بهدف إصدار وثيقة وفاة دون الحاجة إلى تبرير قانوني للعائلة، والتأكد من تنفيذ الضباط أوامر الإعدام التي صدرت لهم.
ظل "القيصر" في مهمته حتى 2013، وكان يقوم بحفظ تلك الصور على جهاز كمبيوتر محمول في بطاقة تخزين. وقبل أن يقرر الانشقاق عن النظام وتهريب الصور عن طريق بطاقة التخزين التي خبأها داخل جوربه أثناء خروجه من سوريا، من دون أن يُثير الشكوك حوله.
وكان "القيصر" قد أدلى بشهادته أمام لجنة مجلس النواب الأميركي في عام 2014، مما ساعد على إصدار تشريع فوري بإسمه يدعو إلى فرض عقوبات جديدة على حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد وروسيا وإيران اللتين تدعمانه.
 
وصار ذلك الإجراء قانوناً ضمن مشروع قانون تفويض الدفاع الذي وقعه ترامب في  كانون الاول الماضي. لكن لم يتم تنفيذه بالكامل حتى الآن.
===========================
ديلي صباح :في الذكرى 9 للثورة السورية.. "قيصر" يطالب بوضع حد لمجازر الأسد
وكالة الأناضول للأنباء
طالب "قيصر"، المصور العسكري السوري المنشق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب الشعب السوري، ووضع حد للمجازر التي لم يتوقف نظام بشار الأسد عن ارتكابها منذ 9 سنوات.
 
جاء ذلك في إفادة للقيصر أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، الأربعاء، بمناسبة اقتراب الذكرى التاسعة للثورة السورية، شاركه فيها رائد الصالح، رئيس منظمة "الخوذ البيضاء" للإغاثة في سوريا.
 
ونظمت الجلسة بحضور رئيس اللجنة، السيناتور الجمهوري جيم ريش، والسيناتور البارز فيها، الديمقراطي بوب ميندنيز.
 
وقال قيصر إنّ نظام الأسد يستغل "تقاعس" المجتمع الدولي كضوء أخضر لمواصلة جرائمه ضد السوريين.
 
وأضاف: "لمدة 9 أعوام، تراقبنا الولايات المتحدة ونحن نعيش في قصف وتعذيب، نرجو منكم كإدارة، أن تتصرفوا لصالح الشعب السوري وأن تنظروا إليه باعتبارهم إخوة لكم في الإنسانية".
 
وتابع: "أطلب من الإدارة ببساطة إنهاء القتل الممارس في سوريا".
 
وكان "قيصر" يعمل مصور طب شرعي في الجيش السوري، قبل أن يصبح أحد أهم الكاشفين عن مخالفات، وجرائم نظام الأسد.
 
وكشف "قيصر" ـ بعد انشقاقه عن الجيشـ عن آلاف الصور عالية الجودة لأشخاص تم تعذيبهم حتى الموت في مستشفى عسكري، قرب العاصمة دمشق.
 
وأشار قيصر خلال إفادته أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، أنّ عمليات الاعتقال والقتل التي يرتكبها نظام الأسد "زادت منذ أن غادر سوريا قبل نحو خمس سنوات".
===========================
الجزيرة :من هيئة حكم انتقالي إلى لجنة دستورية.. تعرف على مبادرات الحل في سوريا والخيارات المستقبلية
13/3/2020
 
منتصر أبو نبوت-سوريا
 
عبر الربيع العربي إلى سوريا بعد أن جرف حكم كل من الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، ووصل إلى نظيريهما الليبي معمر القذافي واليمني علي عبد الله صالح.
 
ومنذ اللحظة الأولى التي صرخ فيها أهالي درعا بأول شعارين في البلاد منذ عقود طويلة لحكم عائلة الأسد "الله، سوريا، حرية وبس" و"الموت ولا المذلة" جاء الرد من قوى الأمن السوري برصاص كثيف أراق أول الدماء في 18 مارس/آذار 2011.
 
وبدأت بعد هذا التاريخ محاولات الحل والتهدئة من خلال دول إقليمية وعربية للقيام بإصلاحات سياسية حقيقية في سوريا، قبل أن تفشل المحاولات وتدخل البلاد في سباق طويل لمسار الحل السياسي في البلاد بعدها.
 
وتدخلت الجامعة العربية من أجل إيجاد حل سياسي مناسب في سوريا بمبادرة حملها الأمين العام للجامعة آنذاك نبيل العربي إلى دمشق نصت على خطة انتقال إلى حكم ديمقراطي، قبل أن يرفضها النظام السوري في 10 سبتمبر/أيلول 2011، وحاولت الجامعة بمبادة ثانية في يناير/كانون الثاني 2012 تضمنت تسليم الأسد صلاحياته إلى نائبه فاروق الشرع.
وشهد الملف السوري تدويلا عالميا للمرة الأولى بعد بيان جنيف في يونيو/حزيران 2012 نص على تأسيس هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وبقي هذا البيان الأساس في أي حل سياسي للأوضاع في سوريا.
 
وقد تم تدعيم البيان في ديسمبر/كانون الأول 2015 بالقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الذي نص على أربع سلال للحل السياسي في سوريا يبدأ بكتابة دستور جديد للبلاد تنتج عنه هيئة حكم انتقالي وانتخابات برعاية أممية، بالإضافة إلى إجراءات بناء الثقة التي يتم العمل عليها خلال المراحل السابقة.
 
لكن النظام السوري ضغط من أجل جعل محاربة الإرهاب هي الأولوية ضمن أي حديث عن حل سياسي، قبل أن تتمكن موسكو لاحقا من إقحام مسار جديد للحل السياسي في البلاد وهو أستانا الذي انطلاق بداية 2017 وغير مسار المفاوضات من حل شامل في سوريا إلى وقف إطلاق نار وتقسيم مناطق سيطرة المعارضة إلى خفض تصعيد.
 
وانتهى بعد جولات طويلة من المفاوضات بدخول النظام إلى أغلب المناطق، والإعلان أخيرا عن لجنة دستورية احتفى بها النظام السوري كأنها المطلب الذي كان منذ البداية، فصار الحديث يتراوح بين كتابة دستور جديد للبلاد وبين تعديل الدستور الحالي.
وسائل ضغط
وشكل تراجع المعارضة السورية على الأرض وتقدم النظام إلى مناطقها أزمة حقيقة أثرت بشكل مباشر على المسار السياسي، فقد كانت تعتمد في مفاوضاتها مع النظام السوري على سيطرتها الواسعة لمناطق من الأراضي السورية.
 
أما اليوم وبعد انحسارها في رقعة جغرافية ضيقة فإنها خسرت من وسائل الضغط التي يمكن أن تدفع بالعملية السياسية السورية التي دخلت عامها التاسع.
 
وفي حوار مع الجزيرة نت قال المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضي إن أدوات الضغط لدى المعارضة لا تزال موجودة، وعلى رأسها ملفات القتل الذي مارسه النظام السوري ضد الشعب طوال سنوات الثورة.
 
وأضاف العريضي أن ملف المعتقلين إحدى أهم وسائل الضغط على النظام والذي تسبب بعقوبات اقتصادية وحصار خانق سيكون آخرها قانون قيصر الذي يدخل حيز التنفيذ خلال أقل من ثلاثة أشهر.
في المقابل، استبعد الكاتب والمحلل السياسي السوري عمر كوش خلال حديثه مع الجزيرة نت أن تكون هناك وسائل ضغط على النظام ولا حتى حل سياسي قريب أو متوسط المدى.
 
وأكد كوش أنه لا توجد دولة تسعى إلى إيجاد حل سياسي حقيقي وعادل ينصف الشعب السوري، خصوصا أن النظام السوري استخدم في مناسبات كثيرة ما يمكن أن يودي به إلى التهلكة، في إشارة منه إلى السلاح الكيميائي الذي قتل آلاف المدنيين دون أن يجد الموضوع أي تحرك جدي من الولايات المتحدة ولا دول أوروبا.
 
آفاق الحل
وقد جعل عدم وجود آلية تلزم النظام السوري وحلفاءه بتطبيق القرارات الأممية الباب مفتوحا على مصراعيه لكل الاحتمالات، فقد تحول الحديث عن الحل السياسي في سوريا من هيئة حكم انتقالي لا مكان للأسد فيها إلى مقارعة المعارضة والنظام بعضهما البعض على اللجنة الدستورية التي شكلت مؤخرا.
 
وفي السياق، أكد العريضي أن اللجنة الدستورية ليست المخرج أو الحل السياسي في البلاد كما يروج النظام السوري، بل هي خطوة ضمن مجموعة خطوات ينص عليها القرار 2254.
 
وشدد على أن المعارضة لديها آفاق للحل السياسي، من بينها البقاء على تحالف مع تركيا على الصعيد السياسي، لأن أنقرة أكثر الجهات الملتزمة بحل سياسي بدون الأسد.
وبشأن الموضوع ذاته والمتعلق بآفاق الحل، قال المحلل السياسي الروسي يفغيني سيدروف إن سوريا لن يكون فيها حل سياسي يرضي جميع الأطراف، لكن يمكن إيجاد حل وسط يتمثل على سبيل المثال بتقاسم المناصب الوزارية في الحكومة التي قد تشكل بعد انتخابات رئاسية تشريعية استنادا إلى الدستور الجديد.
 
وأضاف سيدروف للجزيرة نت أنه يتوجب أولا على المعارضة السورية التغلب على الخلافات الداخلية بين منصاتها، ووضع مبادئ موحدة في حوارها مع الحكومة السورية، على حد وصفه.
 
وأشار إلى أن صاحب قرار مستقبل سوريا هو الشعب السوري الذي سينتخب رئيسا جديدا للبلاد، مع ضرورة عدم وجود أي تدخلات خارجية لا سياسية ولا إعلامية بحضور مراقبين دوليين لتفادي حدوث أي تزوير.
 
أما عمر كوش فقد شكك بوجود أحد بين السوريين بعد تسع سنوات يقتنع بأن هناك حلا سياسيا أو عسكريا للإطاحة بالنظام السوري في ظل وجود دعم عسكري روسي وإيراني مقابل تخل شبه تام عن الشعب السوري وثورته.
===========================
الشرق الاوسط :«رمز الثورة» في قبضة النظام السوري
الأربعاء - 2 رجب 1441 هـ - 26 فبراير 2020 مـ
لندن: «الشرق الأوسط»
سيطرت قوات النظام السوري على بلدة كفرنبل التي عرفت بأنها «رمز» أو «العاصمة الثقافية للثورة السورية»، ضمن أربع خطوات مفصلية قامت بها بدعم إيراني - روسي ضد حركة الاحتجاجات التي انطلقت في ربيع 2011.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات النظام واصلت «قضم» المناطق في ريف إدلب الجنوبي، بعد تمهيد بري وجوي، وتمكنت من السيطرة على بلدة كفرنبل، «وسط قصف بري وجوي مكثف»، موضحا أنها «تكون بذلك قد سيطرت على 19 قرية وبلدة في أقل من 48 ساعة».
 
وباتت كفرنبل تحت سيطرة المعارضة السورية العام 2012 بعد نحو عام من بدء الانتفاضة السلمية ضد النظام التي سرعان ما تعرضت للقمع. وضمت البلدة ناشطي معروفين مناهضين لدمشق، بينهم رائد فارس وحمود الجنيد، اللذان قتلا بأيدي مسلحين مجهولين في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وعرفت بلافتات شهيرة كتبها معارضون ووصلت أصداؤها إلى العالم.
«مهد الثورة»
 
 
وفي بداية 2018، دخلت قوات النظام أحياء يسيطر عليها مقاتلو الفصائل المعارضة في مدينة درعا التي عرفت بأنها «مهد الثورة»، ورفعت العلم السوري في المدينة التي كانت مهد الاحتجاجات التي أشعلت حرباً في البلاد استمرت سبع سنوات.
 
وشوهدت قافلة للشرطة العسكرية الروسية وضباط النظام تدخل المدينة مع صحافيين لرفع العلم، في إجراء «رمزي» بموجب اتفاق مصالحة رعته موسكو بين المعارضة والنظام.
Image result for مدينة درعا  رويترز
 
وشكلت استعادة النظام لدرعا البلد ضربة رمزية كبيرة للمعارضة، ذلك أن «درعا كانت معقلا للثورة صمد حتى النهاية».
 
 
«عاصمة الثورة»
 
وفي منتصف 2017، خرجت الدفعة الأخيرة من مقاتلي المعارضة من حي الوعر، آخر معاقلهم في مدينة حمص، لتسيطر بذلك قوات النظام على كامل المدينة، التي تعرف بـ«عاصمة الثورة».
 
 
وفي نهاية 2016، دخلت قوات النظام إلى الأحياء الشرقية في حلب ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتعرف بأنها «العاصمة الاقتصادية» للبلاد. وقبل أيام استعادت السيطرة على طريق دمشق - حلب الحيوي بين شمال سوريا وجنوبها.
===========================
ترك برس :الثورة السورية.. إذ تعيد صياغة العلاقة بين النظامين السوري والإيراني
نشر بتاريخ 10 فبراير 2020
عاصم مشوح - خاص ترك برس
مقدمة
ربما يُدرك الخبراء المطلعون على الشأن الإيراني وتجلياته في سوريا، كساحة رئيسة من ساحات تمدده وامتداده، أن العلاقات بين الطرفين مرت بمرحلتين أساسيتين، مرحلة الأسد الأب، والتي كان يغلب عليها الندّية والتنافس والمصالح، ضمن لعبة التحالفات، ومرحلة الأسد الابن، والتي تغوّلت فيها إيران في الشأن السوري، وتوغلت في مفاصل الدولة والمجتمع بأشكال مختلفة، ما يُمكن معه أن نصفها بمرحلة التبعية، والتي باتت فيها سورية ساحة من ساحات النفوذ الإيراني.
ويبدو أن قيام الثورة السورية عام 2011 أعطى إيران فرصة تاريخية كي تعيد رسم شكل علاقتها بسوريا الدولة والمجتمع، بعيداً عن العلاقات التقليدية الآنفة الذكر، ضمن استراتيجيات جديدة تُصبح فيها سوريا، مُجرّد مُلحقية تتجسّد فيها شعارات "تصدير الثورة الإيرانية".
المحاور:
1. سوريا وإيران.. ندّية العلاقة
لم يكن عام 1979 جيداً بالنسبة للمشرق العربي، فقد وُلد كيان جديد قائمٌ على أٌسس مختلفة، يُسمى "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، كان نتيجة ما أُطلق عليه "الثورة الإسلامية في إيران"، بقيادة الخميني الذي وصل حينها على طائرة فرنسية إلى مهد "الثورة"، والذي رأى أنه لا يمكن لإيران الجديدة أن يشتدّ عودها إلا ببناء تحالفات بينية على قيم مشتركة مع دول وكيانات في المنطقة التي تتنازعها قوىً مختلفة.
لم يكن أحدٌ يعلم بعدُ أن العين الخمينية التي تحمل لونين من السياسي والمذهبي، كانت تمتدّ إلى دولة مركزية ومؤثرة ذات طابع تاريخي وحضاري موغل في العراقة، وهي سوريا التي شهدت هي الأخرى ما يُسمى بـ "الحركة التصحيحية" بقيادة حافظ أسد الذي أتى بانقلاب أطاح برفاقه في حزب البعث في نفس العَقد وبالتحديد عام 1970.
وإذا أردنا أن نلقي نظرة على مجمل التشابهات بين النظامين الإيراني والسوري فيمكننا القول بأن ثمّة جينات مشتركة بينهما ساعدت في تقوية أواصر العلاقات إلى حد كبير، منها طبيعة النظامين السلطوية الشعبوية، وكونهما كذلك يتسمان بالشمولية، إضافة إلى كون سلطة القرار متركّزة في رأس الدولة، فضلاً عن المشترك المذهبي بين النظامين.
وبالانتقال إلى الطبيعة الذهنية والنفسية لحافظ أسد التي ساهمت في إدارة سياسته الخارجية أنه وجّه دعوة إلى الخميني للإقامة في سوريا بعد مغادرته العراق، على الرغم من أنّ إيران في عهد الشاه دعمت الأسد بقرض قيمته 150 مليون دولار بعد حرب 1973 ، وهو ما يوحي بالتلاعب والمصلحية السياسية التي كانت تتحكم في علاقاته مع الآخرين.
أما قائد الحرس الثوري الإيراني خلال الحرب العراقية الإيرانية "محسن رفيق دوست" فيكشف في مذكراته كيف أنهم كانوا يحتاجون إلى صواريخ مكافئة للرد على الصواريخ العراقية، حيث أرسله رفسنجاني إلى سوريا للقاء الأسد الأب لطلب هذه الصواريخ منه، وكيف أن حافظ اعتذر عن ذلك بحجة أن الصواريخ السورية تحت سيطرة السوفيتي.
إنّ الواقعية والموضوعية تقول بأنّ حافظ أسد على الرغم من أنه كان يتستر بالقومية والوطنية وأنه كان دكتاتوراً يستبطن الطائفية، وأنه حمى حدود سوريا مع الصهاينة في الجولان عقوداً أربعة، إلا أنه لم يكن يسمح لإيران أن تهيمن على سوريا وتبتلعها، ولعل ما يؤكد ذلك ما رواه السفير السوري السابق صقر الملحم عن إحدى زيارات الأسد الأب إلى إيران، وكيف أن الرئيس سأله عما يحتاجه لتطوير السفارة السورية في طهران، فردّ عليه الملحم بأن هناك طلباً صغيراً وهو أن يُسمح للإيرانيين بالدخول إلى سوريا بدون تأشيرة، أسوةً بالإخوة العرب، ويضيف السفير بأني لم أنسَ كيف أصبحت عيون الرئيس وكيف شعرتُ أن الأرض ستُزلزل من تحت أقدامنا بسبب انزعاج الأسد الشديد من هذه الفكرة، وكيف أنه أنهى اللقاء مع السفير الملحم.
2. بشار أسد.. "وذيليّة" الدولة السورية أمام إيران
"ومَن مَلَك البلاد بغير حرب،، يهون عليه تسليم البلادِ"
ليس من نافلة القول إن المسرحية الهزلية التي استلم فيها بشار أسد كرسيّ السلطة من أبيه في سوريا، كانت عنواناً عريضاً لما آل إليه حال البلاد بعد ذلك، حيث تم تعديل الدستور ليُناسب عمر الرئيس الجديد، فضلاً عن تجهيزه في وقت قياسي، كي يكون بديلاً للتوريث عن أخيه ماهر أسد الذي اختطفه الموت في حادث سيارة عام 1994 قيل إن هناك مَن دبّره من داخل الطائفة.
كانت آذان الشعب السوري تسمع من بشار أسد عن الإصلاح والتغيير في سوريا أكثر مما تراه عينه، وهو المعنى الذي أكّده أحد المسؤولين الأمريكيين بعد الجلوس معه، فكسْر القانون وتسلط الأجهزة الأمنية والاعتقالات التعسفية وانعدام الحريات وحكم الحزب الواحد، وغيرها من مظاهر الدولة البوليسية، أصبحت مُكرّسة بصورة كبيرة في عهده، ما يوحي بأنّ هذا النظام يستبطن عناصر كثيرة تجعله غير قابل للإصلاح.
لم تكن العين الإيرانية غافلة عن سوريا الحليف الاستراتيجي القديم، وما يحدث في عهد الرئيس الجديد، بل كانت مستبشرة بزوال الأسد الأب، عندما قال أحد القادة الإيرانيين الكبار في عزاء حافظ في السفارة السورية في طهران: "لقد أزاح الله الجبل من أمامنا (قاصداً حافظ الأسد) وقريباً ستنهض زينب من غفوتها في دمشق، وسترسو سفننا في البحر المتوسط".
لقد وجد الإيرانيون وراء هذا "الجبل" سهول سوريا الخضراء التي أعطاهم بشار إياها دون أي مساومات سياسية تفرضها على الأقل هيبة الدولة أو هيبته هو كرئيس أو مركزية سوريا في المنطقة أو تاريخها العريق، فضلاً عن الشعب بمختلف أطيافه والذي لم يكن مجرّد الرأي في أيّ شأن من شؤون الدولة، فشرعت إيران في إنشاء مشاريع اقتصادية ضخمة وبناء مصانع للسيارات وإقامة مدن وتجمعات سكنية خدمةً لمشروعها المذهبي، فضلاً عن خسارته الاستراتيجية في لبنان وتسليمها لإيران وذلك بعد مقتل الحريري وإخراج الجيش السوري ذليلاً من لبنان بعد ثلاثة عقود من التحكم الكامل في هذا البلد، وهو ما أكّده عبد الحليم خدام في مقابلة معه عام 2017.
3. الثورة السورية.. وسياسة غرز المخالب الإيرانية في الدولة والمجتمع
"إنّ أهداف الإيرانيين تغيير البنية السكانية للشعب السوري، عبر دفع السوريين من أجل الهجرة وهذا يفسر استخدام العنف المفرط في سوريا، ونرى الآن أن دمشق تحولت إلى مستوطنة إيرانية، وسبب التركيز على دمشق يعود لأسباب تاريخية، لأن الدولة الأموية في دمشق هي من أسقطت الدولة الفارسية، فإيران أهدافها عقائدية في سوريا".
بات عام 2011 رقما صعباً في التاريخ السوري المعاصر، حيث فجّرت تراكمات نصف قرن من الحكم الشمولي، البعثي في ظاهره والطائفي في باطنه، ثورة جابت جهات سوريا الأربع، خرج فيها الشعب السوري يُطالب بحقوقه من الكرامة والحرية، في ممارسة سلمية استمرت نحواً من عام، حيث كان يبلغ عدد الشهداء في المرحلة السلمية في أوقات الذروة نحواً من 250 شهيداً في اليوم الواحد، دُفع فيها السوريون بقوة لحمل السلاح من أجل الدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، ما جعل الثورة تأخذ شكلاً عسكرياً خصوصاً مع بدء انشقاقات في مُرتبات جيش النظام، وانضمامهم إلى صفوف الثوار لحمايتهم وحماية المظاهرات التي استمرت طويلاً، حتى مع تحوّل الثورة إلى العسكرة.
استخدم النظام كلّ قوته العسكرية في قمع الثورة وقتل الثوار السوريين، بداية من السلاح الخفيف وانتهاءً بالسلاح الصاروخي والكيميائي، ما أوصل الجيش إلى حالة من الإنهاك الكبير، والذي حدا بالنظام إلى الاستعانة بالإيرانيين الموجودين سابقاً ودعمهم بالمزيد من القوات النظامية الإيرانية كمستشارين وخبراء وضباط ومقاتلين، إضافة إلى الميليشيات الشيعية المختلفة والتي نكّلت بالسوريين وارتكبت في حقهم مجازر يندى لها جبين التاريخ.
ومن الأهمية بمكان أن نُجمل أشكال التدخل الإيراني في سوريا فترة الثورة، والتي أصبحت تتحكم بكل مفاصل الدولة السورية، والتي تبلغ نحواً من 30 ألف مقاتل تابع للحرس الثوري وميليشيات مختلفة على رأسها ما يُسمى حزب الله اللبناني ولواء فاطميون.
* الدعم المالي، حيث تفيد الدراسات بأن إيران قدّمت لسوريا مبلغ 4 مليارات دولار على شكل ائتمان، بينما أفادت تقديرات غير مؤكدة بأن النظام في طهران يُعطي لسوريا نحواً من 700 مليون دولار شهرياً.
* الدعم العسكري، المتمثل بالسلاح الخفيف والثقيل فضلاً عن تخطيط وقيادة معارك كاملة من قِبلِ الإيرانيين، يأتي على رأس ذلك إشراف فيلق القدس على أنشطة طهران في سوريا.
* الدعم الاستخباري، حيث أصبحت أجهزة الأمن السورية الـ 15 المعروفة بسطوتها وتدخلها في كل مجالات المجتمع، تحت نظر الضباط الإيرانيين، توجيهاً وإشرافاً ودعماً، وعملياتُ التحقيق من قبلهم مع المعتقلين السوريين مشهورة.
* تشييع السوريين، ببناء الحسينيات في كثير من القرى والمدن، وإقامة محافل ومدارس للطلبة السوريين في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب وغيرهما، ونشر المذهب الشيعي بالإغراء بالمال بين أبناء الأغلبية السنية.
من كل ما سبق يتبين لنا أن إيران عملت على منظومة كاملة تقمع من خلالها الشعب السوري الثائر، وتأمَن من غضبة من تبقى منهم بالتشييع والتغيير الديموغرافي، حتى يتم تشكيل سوريا جديدة عبّر عنها بشار أسد في إحدى لقاءاته با "المتجانسة"، ما يضمن لإيران مصالحها الاستراتيجية في سوريا على المدى البعيد، حتى تصبح المحافظة الإيرانية الخامسة والثلاثين.
ولعل ما يُتوّج هذا الذوبان والتماهي بين الدولة في سوريا وإيران قيام بشار أسد بزيارة طهران وتقديمه التهاني للإيرانيين بالذكرى الأربعين "لثورتهم"، حيث ظهر العلم الإيراني وغاب العلم السوري، فضلاً عن رغبة خامنئي في تقوية العلاقات الدينية بين إيران وسورية.
أما الشعب السوري الثائر فقد كان يردد قول فاتح الشام عمر بن الخطاب:" ليت بيني وبين فارس جبلاً من نار".
==========================