الرئيسة \  مشاركات  \  وضع الأمر، في غير زمانه ومكانه ، لايجلب خيراً ، وقد يسبّب كارثة

وضع الأمر، في غير زمانه ومكانه ، لايجلب خيراً ، وقد يسبّب كارثة

23.10.2019
عبدالله عيسى السلامة




الأمر في غير زمانه ، تقديماً أو تأخيراً :
ثمّة قاعدة تقول : مَن استعجل الشيء ، قبل أوانه ، عوقب بحرمانه ! ومن ذلك : قتل الوارث مورّثَه ؛ استعجالاً للحصول على الإرث ! ففي هذه الحال ، يُحرم القاتل ، من ميراث مورّثه !
والصور كثيرة متنوّعة ، لوضع الأمور ، في غير أزمنتها المناسبة ،  منها :
العبادة في غير وقتها ، مثل : مَن يفطر في أيّام الصيام ، ويصوم يوم العيد ، لدى المسلمين والنصارى! وكذلك الحجّ قبل أيامه المعلومة ، أو بعدها ، لدى المسلمين ! ومثل ذلك : الصلوات المكتوبة، إذا أدّاها المكلف بها ، قبل أوقاتها المحدّدة ! أمّا تأديتها ، بعد أوقاتها ، فتُعدّ قضاء !
كما أن ثمّة أموراً كثيرة ، لاتصلح ، إلاّ في أزمنتها المناسبة ، ولو أدّيت في غيرها ، لكانت نوعاً من العبث، أو اللهو المقيت ، وقد تدلّ على حماقة فاعلها، برغم كونها مفيدة ، في الأصل، أو مندوبة ، أو مباحة ! ومنها : النصيحة في غير زمانها .. الثورة على الظلم ، في غير أوانها.. الغناء في مأتم .. البكاء في عرس .. تذكّر حكَم ، والتذكير بها ، في غير أوقاتها المناسبة ..!
طرفة : كان أحدهم يركب درّاجة ، في طريق منحدر، فتذكّر أثراً يقول : إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك ، فأغمض عينيك ! فأغمض عينيه ، فهوت به الدرّاجة في الوادي ، فأصاب جسمه عطب كبير!
نموذج من التاريخ :
كان أحد الهاشميين ، من آل بيت النبوّة ، قد خرج على حكم بني العبّاس ، أيام الخليفة العباسي المنصور، لكنه لم يعلن الثورة ضدّهم ، انتظاراً للوقت ، الذي تكتمل فيه عدّته وقوّته ! وقد علم به  المنصور، لكنه لم يكن يملك ضدّه حجّة ، يعاقبه عليها ، فأراد استدراجه للثورة ، قبل اكتمال قوّته ، وأرسل له من يغريه ، بالتحرّك العسكري ، ضد الخليفة العباسي ، وزيّن له الامر، وهوّن من قوّة الخليفة ، ومن قدرته على قمع الثورة ، فثار الرجل ، وأعلن خروجه ، على حكم بني العباس ، قبل اكتمال قدرته ، على إحراز النصر! وحين علم المنصور، بإعلانه الثورة ، خبط عمامته بالأرض ، فرحاً ، وصاح : أنا أبو جعفر، استخرجت الضبّ من جحره ! ثمّ أرسل إليه قوّة صغيرة ، قضت عليه !
وضع الأمر، في غير مكانه !
نماذج وصور:
وضع الأشياء الثمينة ، في مكان يعرّضها للسرقة ؛ كمن يضع جواهر، أوذهباً ، أو نقوداً، أمام باب داره ، ويتركها عرضة لأيدي المارّة ! فلو سرقها أحد ، فلايقام عليه حدّ السرقة ! وكذلك ، وضع الأشياء الثمينة ، في أيدي الأطفال ، ممّا يعرّضها للتلف !
ومِن وضع الأمور في غير أماكنها ، ما نبّه إليه السيّد المسيح ، في قوله : لاتُلقوا دررَكم أمام الخنازير! ومن تلك الصور: النوم بين الوحوش المفترسة .. ومنها : ربط الدوابّ الأهلية ، في غرف نوم البشر.. وغير ذلك الكثير !