الرئيسة \  مواقف  \  وجهة نظر : قصة النظافة

وجهة نظر : قصة النظافة

27.09.2025
زهير سالم



وجهة نظر :
قصة النظافة

زهير سالم*
كنت أطمح إلى ولوغ تاريخي أكثر علمية..
وأبدأ من عالم الحيوان..
ألاحظ كل فتحات خروج الفضلات من عالم الحيوان، متوارية في مكان خفي أو قصي..
الفم والأعين والأنف أو الغلاصم دائما في المقدمة..
ذلك المكان دائما وراء وراء.. أدعوك للتأمل معي!!
آدم وحواء عليهما السلام برا وتوقير عندما أدركا ذاتيهما طفقا يخصفان على تلك المواضع من ورق الجنة....
موضع الذيل في عموم الفقاريات معروف، وهو مما يلي ما تعودنا أن نسميه "السوأة"
قصة النظافة في عالم الحيوان قصة طويلة..
الطير يقف على الغصن ويفلي نفسه بمنقاره.
الهرة تلمع جلدها باللعق بلسانها.
الحيوانات ذات الذنب تلوح بذيلها لتذب عن نفسها. وأحيانا تمرغ نفسها بالتراب والطين، ثم تغطس في مجاري المياه.
بعض الدواب تباعد بين ساقيها عندما تبول لئلا يصيبها رذاذ البول..
أحاول أن أكتشف أنثربولوجيا النظافة في تاريخ الإنسانية والإنسان، متى بدأ الإنسان يتقذر من فضلاته!! ويحاول أن يتطهر منها..!!
بالنسبة للأديان الكبرى عندي تصورات أولية عن السنن التي جاء بها إبراهيم عليه السلام
 الاغتسال، الختان. نتف الإبط- حلق العانة- قص الأطافر…
أعرف عن ديانة الصابئة أنها ولدت على شاطئي دجلة والفرات وكان التطهر بالماء أحد طقوسها الكبرى..
أعرف عن اليهودية، وأن طقوس النظافة فيها حازمة وأحيانا تتجاوز.. حتى قرأت أنهم يقصون موضع النجاسة تقع على الثوب. ليس كل ما قرأته صحيحا، فقد يكون مجرد ادعاء. ذهب بعضهم إلى أن ذلك من الإصر الذي وضع عنهم!!
أعرف عن حضارة الرومان، وما زلنا نسمي في بلدنا الحمامات العامة بالحمامات الرومانية!! ولكن إلى أي مدى تغلغلت هذه العادة في الحياة اليومية..
أعرف عن الارتكاس في هذه الشعيرة الإنسانية عند المسيحية، ولا أدري من أين تسللت فكرة تعذيب الجسد إلى المسيحية، مع أن يوحنا المعمدان والمسيح عليهما السلام كانا يعمدان الناس بتغطيسهم في نهر الشريعة.. ولكنني أحفظ من تاريخ البابوات والرهبان، من كان يتباهي بأن جسده لم يمسه الماء منذ عقود
أعرف عن تاريخ النظافة في الإسلام وهذا الاقتران المباشر..وقرأت قصصا عجيبة عن المقارنة في كتاب "الاعتبار" لأسامة بن منقذ. ملوك وأمراء صليبيون لم يمسوا شعر جسدهم وكذلك برنسيسات
تابعت أن المغول كذلك ممن كانوا يتباهون بقذارتهم ونتانتهم..
لا أعرف كثيرا عن شعوب الأمريكتين المايا وإخوانهم..
لا أعرف كثيرا عن سكان استراليا..
لا أعرف كثيرا عن ديانات الهند وهي كثيرة ولا عن بوذية الصين ولا عن أخلاق الهيبيين الحديثة.. ولكن ما أدركت منها أنها معادية للفطرة الإنسانية في دنيا النظافة
التصوف البوذي قام على فكرة تعذيب الجسد وإضعافه وازدرائه
فرقة الملامتية في تاريخ الإسلام أو شق منها كانت مولعة بالانغماس في القاذورات والنجاسات تعبدا!!
أذكر مرة أنني كنت في مطار دولي فمر بي قطيع من الهيبيين والهيبيات فصرت كأنني وسط قطيع من الماعز..
كنت أرغب أن أتحدث عن قصة العطور وأين بدأت وكيف بدأت وتطورت.. وما هو سر ارتباطها بالنظافة..
وهل يستعمل العطر تكميلا .. أو تعويضا.. لا تبخل عليّ فأنا طالب علم مكروب…
هل سنخرج من ثقافة النظافة إلى ثقافة العطر؟؟ وأين ومن أين وكيف..
مثلا عند الحلبيين والحلبيات "ماورد على الصنان" يذكر للاستنكار ، وكذا يفعل بعض الناس!!
أحاول أن أفر من عالم السياسة، فحين يصير دأب الناس تحليل الحرام، وتحريم الحلال، فلنرجع إلى أساس الأمر..
إلى غسل الجنابة وغسل الطهر وغسل الجمعة. ولبعض الفقهاء فقه في قوله (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ)..
لندن: 3/ ربيع الثاني/ 1447
27/ 9/ 2025
____________
*مدير مركز الشرق العربي