الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يولد الدستور السوري من جنيف؟

هل يولد الدستور السوري من جنيف؟

21.11.2019
رضوان زيادة


سوريا تي في
الاربعاء 20/11/2019
تستمر الاجتماعات العبثية في جنيف بين وفد "لا يمثل" النظام كما أعلن الأسد في مقابلة له مع محطة روسيا اليوم باللغة الإنكليزية وبين وفد "لا يمثل" المعارضة التي تفرقت بها السبل، وأصبح الأكثر انتهازية ونفعية هم الأكثر تحدثا باسمها، ووفد آخر أطلق عليه وفد "المجتمع المدني" وهو خلاصة تجميع بين دول عديدة كرغبة منها في طرح الأسماء ثم استأثرت الأمم المتحدة باختيار الأشخاص "الأقل" إشكالية و"الأكثر" موافقة بهدف المضي في حلقة اللجنة الدستورية.
فالتاريخ القصير للحرب السورية يُظهر أن مبادرات أخرى كانت أكثر دعماً من الدول العظمى كالولايات المتحدة لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من أهدافها مثل اجتماع المجموعة الدولية لدعم سورية في فيينا (ISSG) التي وضع فيها وزير الخارجية الأميركية الأسبق كيري جهوداً كبيرة لإنجاح الفكرة لكنها تحطمت على صخرة التدخل الروسي العسكري في سبتمبر 2015 وعدم رغبة الطرف الروسي في ضمان وقف إطلاق النار، ثم أتت مبادرة أستانا واعتقد بعض الأطراف أن روسيا وبالتنسيق مع تركيا جادة في الوصول وتطبيق خريطة مناطق خفض التصعيد لكن روسيا ومن ورائها النظام بدؤوا في حملة عسكرية مدمرة لمناطق خفض التصعيد في حلب ومن ثم الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق.
ليست فكرة اللجنة الدستورية التي هي عمليا بديل عن قرار مجلس الأمن 2254 وإنما هي وليدة مؤتمر سوتشي من أجل استبدال قرار مجلس الأمن بمبادرة لا قيمة لها على الأرض ما دامت روسيا ومن خلفها النظام استمروا في عملية الأرض المحروقة في إدلب آخر ما تبقى من الأرض بيد المعارضة السورية.
ولذلك لا يحتاج اثنان للنقاش أن فكرة اللجنة الدستورية ستلتقي بكل شقيقاتها السابقات في الفشل وفي نسيان التاريخ وسيستمر الشعب السوري في عذاباته وآلامه.
كان يجب على المعارضة السورية أن تطور خطة تقود إلى استراتيجية فعالة فيما يتعلق بالمطروح اليوم في اللجنة الدستورية التي تجتمع في جنيف.
فكما يعلم الجميع أن هناك ثلاث مراحل خلال عملية كتابة الدستور في أي دولة في العالم:
- الثقافة الدستورية والتي تعتمد على الوعي الشعبي بأهمية الدستور وموقعه في الحياة العامة، فلا معنى لدستور ينص على حفظ حق الحياة بالحد الأدنى وبنفس الوقت تقوم الحكومة التي مهمتها حماية الدستور والدفاع عنه في قتل السوريين تعذيبا وقصفا، وهنا أهمية أن تضاف عملية العدالة والمحاسبة لكل ما جرى في سوريا وأن لا تكون مسألة اختيارية.
- عملية كتابة الدستور وهو ما تهمله اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بشكل متعمد، فعملية كتابة الدستور هي بالأهمية ذاتها كالدستور ذاته، يجب أن تكون العملية شفافة وشاملة وتحظى بدعم شعبي من كل التيارات السياسية في البلد، وهو غير محقق أبدا في جنيف وما اقترح التركيز عليه خاصة أن السوريين لديهم خبرة في كتابة دستور عام ١٩٥٠ والذي جرى عبر هيئة دستورية منتخبة.
- ثالثًا الدستور نفسه والذي يعكس شكل الدولة المستقبلية التي يطمح السوريون إلى بنائها وهو يعكس توازنات القوى السياسية والاجتماعية في كل مجتمع خلال مرحلة من مراحله.
يجب أن تتحقق هذه الاستراتيجية عبر أكبر مشاركة من المجتمع المدني السوري والمعارضة السورية بحيث تصل إلى توافقات عامة حول الدستور المستقبلي يمكن لها أن تقدم في جنيف للأمم المتحدة وللرأي العام السوري والعالمي بحيث تقدم الرؤية السورية للدستور عبر أكبر مشاركة وليس عبر اجتماعات لا تمثيلية في غرف مغلقة في جنيف.
للأسف، يبدو أن المعارضة السورية تحولت من مبادرة وفاعلة إلى متلقية تحاول فقط قبول المبادرات التي تقدمها الأطراف الدولية بهدف البقاء على قيد الحياة، بدل أن تأخذ المبادرة في فرض الأجندة الدولية الخاصة بتطبيق القرارات الدولية الخاصة بسوريا.