الرئيسة \  مشاركات  \  نداء إلى الشيخ اليعقوبي

نداء إلى الشيخ اليعقوبي

26.10.2020
محمد حمادة



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: من المحب الغيور محمد حمادة الغنيمي الميداني الدمشقي، إلى أخي الذي أحببته في الله فضيلةِ الشيخ أبي الهدى اليعقوبي ذي الجذور المغربية العريقة: عرفتُكَ عالماً ضليعاً في العلم، وعرفتكَ صوفيا حريصاً على نشر مراقبة القلوب بين يدي علام الغيوب، وعرفتك صداحا بالحق لا تأخذكَ في الله لومة لائم، وعرفتكَ خطيباً مُفَوها مؤثراً، وعرفتُ نسبك الطيب من والدك الكريم العالم فضيلة المرحوم الشيخ إبراهيم اليعقوبي عليه من الله سحائب الرحمة والرضوان. وعرفتكَ ثائراً في وجه النظام، وأزلامه وشبيحته وعلماء سلطانه.
عرفتُك وعرفتَني، وجالستُك وجالستَني، وذكَرْتُكَ بخيرٍ على طول الطريق وذكرتني، وبادلتكَ أطراف الحديث في كيفية النهوض بالأمة من كبوتها وبادلتني، فبعد كل هذا لا يجوز لبوصلة رجلٍ مثلك أن تضيع عند صاحبها معالم الطريق، وإلا حمل صاحبها وزر مَن وراءه، وضاعتْ فوق ذلك دنياه جنباً إلى جنب مع ضياع آخرته لا سمح الله.
لذا وجب على أخٍ محب لكَ مثلي أن يبادلك النصح بصدق دون مواربة أو مجاملة، ولزم أن يعرضَ ذلك عليك بلطفِ الأخ الغيور بعيداً عن حظوظ النفوس وأغراضها، كما لزم أن يكون ذلك على العلن بعد أن حمل بيانَك الركبانُ في قضيةٍ لم تكن يوماً قضية شخصية، وإنّما كانت ولا زالت قضية أمة على نحو ما فعلتَ يوم انتفضتَ كالأسد الهصور في وجه من حاد عن جادة الصواب حسون.
كذلك فإني أكتب هنا ما أكتب لكي يكون وثيقة تاريخية تقرؤها الأجيال المعاصرة والقادمة، ولكي تكون حجة لي أتقرّب بها إلى الله تعالى حين أُبرئ ذمتي بين يدي ربي، وأمام إخوتي وأمتي، و تكونَ حجة عليكَ إنْ لم ترجع عما أنت فيهلا قدّر الله .
وفي النتيجة أنتَ صاحب القرار في ذلك وليس غيرك، ويكفيني وإياكَ قوله تعالى: (وقفوهم إنّهم مسؤولون) سورة . الصافات:الآية 24
أخي الشيخ اليعقوبي:
قرأت بيانَكَ الأخير حول عملية التفجير التي استهدفت (عدنان الأفيوني) المُعين من قبل طاغية الشام بشار مُشرفاً عاماً على (مركز الشام الدولي الإسلامي لمواجهة التطرف)، في الوقت الذي تَعْلمُ فيه يقيناً أنّه لا تطرف ولا غلوّ ولا إرهاب في الدنيا يمكن أن يعدل إرهاب النظام السوري وزبانيته ومؤيديه وعلماء السلطان فيه، وأنّ المركز إنما أسس لتشويه تضحيات الشهداء والمستبسلين في سبيل الله والوطن والعِرْضِ والأرض بهدف تلميع صبيِّ العدو الصهيوني في المنطقة.
كما تعلمُ أنّ الأفيوني كان جزءاً لا يتجزأ من تلك التركيبة القذرة التي انغمست يداها في دماء الشعب السوري، وتلطخت جبهته في عِرْض الأحرار والحرائر في معتقلات النظام وخارجه!.
استغربتُ ومعي أبناء سوريا، وثوارها، ومؤسساتها، وعلماء الأمة قاطبة مِن وصفك الأفيوني بالشهيد، والرجل الصالح، والورع والتقي،المستقيم!.
مع أنّه لم يكن ممن يعِين الظالمين على ظلمهم فقط، وإنّما كان واحداً منهم، يقيم في خنادقهم، ويأكل من موائدهم، ويضرب بسيوفهم، ويطعن الأمة من الخلف معهم، فكيف تجرّأ قلمك ولسانك على إطلاق تلك الأوصاف الخطيرة عليه، مع أنّك تعلم أنّ الوصف موقف، وأنّ الموقف هو في حقيقته موضع سؤالِ قيوم السماء والأرض، وقد قال تعالى: (وقفوهم إنّهم مسؤولون) سورة .!؟ الصافات:الآية 24
وإذا كان الله عز وجل قال لنا في محكم التنزيل: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَّكُمُ النار)سورة هود:الآية 113 ، وإذا كان الركون للظالمين عند جمهور المفسرين هو الميل بالقلب، وإذا كان مجرد الميل القلبي للظالم يستلزم العذاب الأليم في نار جهنم، فكيف بمن يؤدي مع الظلمة دور الملمّع لجرائمهم، المبرِّر لمجازرهم، المغطي لعقيدة تأليه فرعونِهم، المتستر على جريمة عقيدة الكفر بمصاحف المسلمين وتمزيقها بحقدٍ على أيدي أعوانهم إلى درجة التبوّل عليها من قبل أزلامهم، وإلى حدِّ استهداف المساجد التي أودعت فيها نسخ القرآن الكريم بقذائف مدافعهم ورشاشات بنادقهم!!!!!!!.
وإذا كان من يعين القاتل على ضحيته ولو بشق كلمة أي: (اُقْ)، وليس(اُقْتُل) يبعث يوم القيامة وهو مكتوبٌ على جبينه (آيسٌ من رحمة الله)، فكيف بمن يفتي ويصفق ويشير إلى الضحية، ويوقّع؟!.
وكيف بمن يشيدُ بإنجازات إرهابهم وقذاراتهم في جامع سعد بن معاذ في داريا، فيضرب المظلومين بسيف الظالمين، ويتلاعب بالحقائق لتلميع صورة الطغاة الأفّاكين؟!.
إني أبرأ إلى الله تعالى مما وصفتَ وقلتَ وزعمتَ. وإني أسأل الباري سبحانه أن يرزقك القوة لتعتذر بها عما قلتَ وأقدمتَ.
لقد كان الأفيوني جزءاً من مشروع التشيع الصفوي في سورية، أي كان جزءاً من مشروع شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشتم صحابته الكرام، ومشروع تزوير شريعته بالغدوّ والآصال، وإذا كنّا نغضب من ماكرون بسبب الرسوم المسيئة فإنّ المشروع الصفوي أكثر إساءة منها، أما المسوّقون لمشروع طهران بيننا من أدعياء العلم والانتساب لأهل السنة والجماعة فهم أشدّ خزياً وعاراً من الصفويين في طهران،ومن العلمانيين المتطرفين في باريس.
الأمر الثاني: ذكرتَ (أنّ الاختلاف في الآراء والمواقف السياسية لا يبيح دماء المخالفين من العلماء والكتّاب والمفكرين، وأنّ الفكرة تواجه بالفكرة،وأنّ الحجة لا تقارع إلا بالحجة)، وكل هذا حق، ونحن معك فيه، إذ لا يجوز شرعاً تصفية خلافات الرأي بالقتل والإقصاء، لكن مع اتفاقي معك في هذا الجانب أحب أن أسألك: من قال لك إنّ جماعة إسلامية هي التي نفذت التفجير في حقّ الأفيوني؟.
أنت تعلمُ أنّ النظام أخلاقه أخلاقٌ يهودية، وأنّ اليهود يعملون وفق قاعدةٍ في تلمودهم تقول: (الناس حمير كلما نفق حمارٌ ركبنا حماراً آخر)، لهذا قاموا بتصفية كل شخص انتهت صلاحيته عندهم سواء كان شيخاً أو أمنياً مهما قدّم لهم من خدمات، لأنهم لا أمان لهم، ولا عهد عندهم.
إذن كيف افترضتَ افتراضاً لا دليل لكَ عليه بأنّ الجماعات الإسلامية هي من نفذت التفجير؟!. ثم كيف بنيت أحكامك على افتراضٍ لا سلطان للحقيقة العلمية عليه؟!.
ألم يقْتل الأفيوني يوم صدورِ مرسومٍ بحلِّ لجنة المصالحات التي كان يرأسها، والتي كان بها رأسَ الحربة في فك الحصار عن دمشق، وبالتالي فهذا مؤشر على أنّ منفذ التفجير هو النظام أو أحد أجنحته المتصارعة فيما بينها، فكيف نسبتَ ذلك للجماعات الإسلامية؟. وكيف انتقلتَ من تلك الجماعات بعمومها إلى جماعة الإخوان المسلمين بخصوصها في قفزة غير موفقة؟. ومن قال لك إنّ الإخوان المسلمين تنظيم سري!.
إنّ ما أعلمه علم اليقين، ويعلمه كل مطلع على شأن الجماعات الإسلامية أنّ الإخوان المسلمين جماعة إسلامية دعوية اجتماعية إغاثية دينية ذات اهتمام بقضايا الأمة المصيرية.
أما الذي فرض عليها السرية في فترة زمانية حرجة من تاريخ سورية فهو المقبور الذي استهدفها واستهدف الحركة الإسلامية في عموم سورية بذريعة محاربتها،وبالتالي فمن الواجب عليك أن تستهدف المقبور في نقدك اللاذع لا أن تستهدف إخوانك في ساحة العمل الدعوي، وساحة العمل الثوري.
إنّ أعضاءها عندما اضطروا للهجرة في سبيل الله في شتى أنحاء الأرض كانوا يكشفون عن هويتهم، ويقدمون أنفسهم للمجتمعات التي حطوا رحالهم فيها على أنهم أبناء الجماعة،ولم يكونوا يتعاملون مع قادة البلاد التي نزلوا ضيوفاً على أهلها بأي سرية.
هذا ما فعلوه في الأردن وفي السعودية وفي قطر وفي تركيا وفي أوربا وفي كل مكان توجهوا إليه، مما يؤكد لنا أنّ السرية كانت عرضاً طارئاً ألجأهم إليه المقبور إلجاء، ولم يكن من ثقافتهم، وهو عين ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعظم أصحابه يوم هاجروا سراً من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فلما زال السبب بطلت السرية.
ومما يثبت ما أقول أنّهم الآن ضمن نسيج المجلس الوطني السوري، ونسيج الائتلاف لقوى المعارضة والثورة السورية، وجزء من الروابط والمؤسسات العلمية والدعوية والإغاثية على اختلاف مستوياتها بأسمائهم وأعيانهم وبرامجهم جنباً إلى جنب مع سائر مكونات الشعب السوري.
إنّ المهاجرين من جماعة الإخوان المسلمين لم يحدثوا أيّ إساءة للبلاد التي نزلوا فيها، وإنما ساهموا في بنائها وتطويرها مع مراعاة تامة لقوانينها وخصوصيتها فلم تتذمر منهم دولة،ولم تشعر من طرفهم بريبة أو خوفٍ حتى إنّ الشيخ زايد رحمه الله كان أقربُ المقربين إليه مستشاراً، وكان واحداً منهم، وهكذا....
لقد استهدفهم المقبور فكانت السرية علاجاً مؤقتاً أشبه بالكورتزون الذي يضطر إليه المريض، لكن ما إنْ تذهب أسبابه حتى يتوقف العلاج به.
من ناحية أخرى فإنّ من يستهدفه المقبور ويعلن الحرب عليه تضع الأمة على صدره شهادة تزكية تضرب في أعماق جذور تاريخها.
إنّه مما يؤسف له أنّه لوحظ عليكَ في الآونة الأخيرة تكرار الهجوم على جماعة الإخوان بمناسبة وبدون مناسبة، وهذا لا يليق بعلمك واتزانك وهيبتك، وهي الصفات الجليلة التي أسأل الباري عز و جل أن لا يحرمك منها أبداً.
هذا وإنّي هنا لست بصدد الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين، ففيها من العلماء والدعاة والإعلاميين والناشطين من يقومون بهذه المهمة، كما أني لا أظن أني أعرف عن الجماعة أكثر مما تعرف أنتَ عنها، لكنني هنا بصدد الدفاع عن وحدة العمل الإسلامي، ووحدة الشعب السوري، وبصدد الحديث عن (فقه الأولويات في الدعوة الإسلامية، ومتطلبات الثورة السورية سواء بسواء) وهو ما يفرض على العالِمِ أن يجمع لا أن يفرّق، وأن يحدد ثوابته لا أن تضيع عنده البوصلة، وقد حددت الأمة ثوابتها منذ عهد النبوة حتى اليوم وإلى أن يقوم الناس بين يدي رب العالمين، ومن ثوابتنا جميعاً أننا على اختلاف مشاربنا نرفض في نسيج مجتمعاتنا التكفيريين الإقصائيين سواء كانوا سلفيين أو صوفيين، أو تحت عنوان جاؤوا، لأنهم يستبيحون دماء المسلمين وأبناء المجتمع أجمعين، كما نرفض المميعين الذين يخرجون عن ثوابت هذا الدين مستبدلين إسلامنا الذي نزل وحياً من عند الله بإسلام تصنعه لنا أمريكا في مختبراتها الفاسدة،! لكننا ما وجدنا جماعة الإخوان المسلمين تكفيرية و لا تمييعية، وإنما وجدناها تحارب أفكار الغلو والتطرف، كما تحارب أفكار التمييع على نحو ما تحارب الظلم والظالمين، وتبرير من يسهل ذلك للطغاة المجرمين.
لهذا فإنّه من واجبنا بعد ذلك أن نسددّ ونقارب ونجمع كلمة سائر الجماعات العاملة على الساحة السورية والإسلامية، ففي النتيجة نحن أمة واحدة مرجعها الكتاب والسنة، ويسعنا ما وسع سلفنا الصالح من الاختلاف ما دامت المرجعية واحدة،ويبقى هامش الاختلاف في الرأي في الجزئيات عنوان تلاقح فكري ضمن ما يعرف بمنطقة العفو، وهو ما ينطبق على جماعة الإخوان المسلمين كما يندرج على غيرها من الجماعات أيضاً.
إنّني أتساءل: لمصلحة من نُحدث شرخاً مع جماعة لها جمهورها المحلي والإقليمي والعالمي سواء اتفقنا معها في بعض النقاط أو اختلفنا، فهم أولاً و آخراً بشر غير معصومين قد يقدرون شيئاً فيخطؤون في تقديره، والله أعلم بنياتهم، ولا سلطان لأحد على قلوبهم، وعند الله يجازى الجميع بين يدي خالقهم؟.
وإذا كنتُ أتفق معك بأنّ لديهم أخطاء، أو لدى بعضهم ما لا يروق لك ولا لي، لكنّك لا تخالفني الرأي في أنّ ذلك لا يبيح لنا التعميم،ولا كما لا يجيز لنا الإقصاء، كذلك لا يأذن لنا شرعاً بالتشويه إذا كانت بوصلتنا الحب في الله والبغض في الله، والغضب لأجل الله، بعيداً عن الأجواء الدولية المتقلبة، فنحن نبحث عن مرضاة ربنا وقوة أمتنا، لا عن أشرعة السياسات الدولية التي لا دين لها ولا عنوان.
وإذا كنتَ قد رفضتَ قتلَ الأفيوني بباعث الإقصاء، وهو ما أوافقك عليه، فإني أربأُ بك أن تقع مع أي جماعة إسلامية أخرى في شباك ما حذَّرت منه. الشيء الآخر أنني لا أعلم أن جماعة الإخوان المسلمين تستخدم ثقافة العمل السري المسلح سبيلاً للوصول إلى الحكم، وإني إذ أصرح بذلك فإنما أنطلق من دراستي للجماعات الإسلامية التي أعتقد أنّ لديّ من الاطلاع ما يمنحني أن أحكم عليها وأنا واثق مما أقول.
إنّ معلوماتي التي لا يدخل إليها شك أنهم يؤمنون بآلية الخيار الديمقراطي، وأنّ التكفيريين كفروهم لهذا، ولا أدلّ من خوضهم الانتخابات في مصر،وتصريحهم بذلك في سورية.
إنّ الإخوان المسلمين إذا كانوا قد أُلجؤوا إلى العمل السري في سورية مرغمين في فترة مأساوية من تاريخ سورية فما ذلك إلا بسبب الضربات المتلاحقة التي جعلت بعض شرائح طلائع شبابهم تخرج عن سيطرتهم كردة فعل على جرائم المقبور، وهو ما أدى ببعض شبابهم المندفع والغاضب من بطش الهالك إلى استدراج قيادات الجماعة إلى ما لم تكن تسعى إليه، لكنها وجدت نفسها فجأة في قلب الإعصار،و قدّر الله وما شاء فعل.
وإذا كنا منصفين فلماذا لا نذكر في جماعة الإخوان المسلمين السورية الدكتور مصطفى السباعي الذي قاد كتائبه في حرب 48 جهاداً في سبيل الله، وحفاظاً على القدس والأقصى وفلسطين، وحاصر وإخوانه مائة ألف يهودي مما اضطر الجنرال كليب البريطاني أن يعلن وقف المعارك لإنقاذهم قبل أن تعلن عصبة الأمم ذلك رسمياً؟!.
لماذا لا نذكر أن العلامة السباعي أسس كلية الشريعة في دمشق التي تخرج منها أجيال ينشرون العلم والإسلام في كافة بقاع الأرض؟!.، لماذا لا نصرح بأن الدكتور السباعي رحمه الله وضع أول أنموذج لمادة التربية الإسلامية على امتداد الأرض السورية، وأرسى (الفتوة والكشافة الإسلامية)، واتخذ من صندوق الاقتراع سبيلاً لنشر الدعوة الإسلامية، وتحسين الأوضاع السورية فبايعه كافة علماء سورية بمن فيهم الشيخ حسن حبنكة الميداني والشيخ أبو الخير الميداني؟.
لماذا لا نذكر أنّ العلامة السباعي جلس جنباً إلى جنب مع العلمانيين والنصارى في لقاءات شاقة ومضنية حتى أنجز معهم دستور سورية للعام 1950 الذي كان بنسبة %50 منه إسلامياً بدعم من العلماء وفق جهد جبار بذله،أعذر به نفسه بين يدي الله تعالى حين رأى أنّه خطوة على الطريق، وأنّ على الأجيال أن تتابع المسيرة، ولم يكن ذلك بسرية أو تسلح إلا بالفكرة والحجة والموقف.؟.
لقد تم التآمر على السباعي مما أرداه طريح الفراش، حتى فارق الحياة وهو على فراشه دون أن يعلن الحرب على أحد، أو ينتقم ممن أوصلوه إلى مرض الموت إلا من خلال جهاد الكلمة حيث كان آخر ما سطرته أنامله كتاب (هكذا علمتني الحياة) حيث دوّن حكمه وهو على فراش الموت؟.
لماذا لا نذكر الشيخ عصام العطار الذي أُخرج من سورية فبنى في ألمانيا أعظم نشاط إسلامي وما يزال، دون أن يستخدم السرية أو العنف أو القتل حتى دخل الناس على يديه في دين الله أفواجاً، فحفظ هوية مئات الآلاف من أبناء المسلمين، وحفظ الآلاف القرآن الكريم خلال ستة عقود من حياته العامرة؟!.
أخيراً فإنّي أختلف مع جماعة الإخوان المسلمين في قائمة من المسائل، وتختلف أنت معي أيضاً، لكنني لا أقصيهم، ولا أشوه صورتهم، ولو فعلنا هذا مع كل من خالفنا لأدخلنا بلادنا وأمتنا في حرب لا تبقي ولا تذر، وبالتالي فإنني أنطلق من منهجي من الحفاظ على سدى ولحمة الدعوة الإسلامية ونسيج المجتمع السوري، وإذا كنا لا نقصي من خالفنا في الدين فكيف نقصي من نحن وإياه على مائدة القرآن الكريم حتى وإن اختلفنا معه في مئات المسائل، وعليه فالإخوان المسلمون مسلمون، وسطيون، وناشطون، ولهم ما لهم وعليهم ما عليهم، نوثق معهم عُرى ما لهم، وننصحهم في هامش ما عليهم، شأنُهم في ذلك شأن سائر الجماعات الإسلامية على امتداد العالم الإسلامي،فضلاً عن الأرض السورية، وهو عين ما أفعله معك حين قررتُ أن أنصحك وأنت قريب إلى قلبي وعقلي بنسبة تزيد على 90 % وأن نتناصح فيما بيننا في نسبة ال 10 % الباقية، أفليس هذا أولى من الطعن والتخوين والتشكيك؟.
أخي الشيخ اليعقوبي: بيانك في حق الأفيوني بالرغم من كون كلماته قليلة إلا أنّه مهدِّد لمستقبلك العلمي والدعوي والسياسي والثوري،وهذا ليس تهديداً والله وإنما هو محض نصح وتوصيف، لأنك بما كتبت جعلتَ مصداقيتك وموضوعيتك وشفافيتك وحياديتك على المحك، وإني أخشى عليك بالقدر الذي أحبك فيه، وإنَّك إن استمعت لنصح إخوانك الذين يحبونك فأنتَ رصيدٌ للأمة ولنا جميعاً، ونحن لا نريد لأنفسنا أن تخسر أمتنا هذا الرصيد الطيب.
في ختام الكلام أقول: اعلم أخي أنني قد حررتُ نية خالصة لوجه الله تعالى قبل أن أرسل لك هذا النداء، ثم صليتُ صلاة الاستخارة بعد أن كتبته وقبل أن أنشره، فما أقدمت إلا بعد تحرير النية والتوجه بالاستخارة لرب البرية، فخذ هذا بعين الاعتبار، والله الهادي إلى سواء السبيل.
أخيراً لك خالص حبي وصدق نصحي و صفاء غيرتي، السلام.

أخوك في الله محمد حمادة
في 25/10/2020
1442 /3/ 7 شهر ربيع الأنور.