الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

09.07.2020
د. أحمد موفق زيدان



العرب القطرية
الاربعاء 8/7/2020
كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة ولم تتحدث عنها في حينه، إلا بعد أن كشفتها وسائل التواصل الاجتماعي الروسية، مما سبب حرجاً كبيراً لها، بعد أن تقاسم الاحتلال الأميركي والروسي الفرات بين شرقيه وغربيه، وتقول الوثائق الأميركية الأخيرة -التي كشفت عنها صحيفة النيويورك تايمز- إن وحدة المخابرات العسكرية في جهاز المخابرات الروسية بدأ بدفع مبالغ مالية لمسلحين طالبانيين أو موالين ومقربين للحركة من أجل قتل جنود أميركيين، تماماً كما فعلت المخابرات الأميركية قبل ثلاثة عقود يوم كانت تدفع للمجاهدين الأفغان لقتال السوفييت.
وتجزم الوثائق بتورط الوحدة العسكرية الاستخباراتية الروسية بقتل حوالي عشرين من القوات الأميركية في هذه الاستهدافات، وهو ما تسبب بحالة من القلق والاضطراب الأميركية باستثناء ربما الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي شكك بالأمر، بل ولم يكلف نفسه قراءة التقارير أو درسها وتوجيه الاتهام لروسيا في قتل جنوده، وهو ما يتسق مع سجل صمت ترمب على تصرفات وأفعال بوتن العدائية تجاه الانتخابات الأميركية وتدخلها فيها، لصالحه، أو الانتخابات الأوروبية بشكل عام لزعزعة الثقة بالديمقراطية الغربية.
الكشف الأخير، والمواجهة الروسية الأميركية على المسرح الأفغاني، كسرت روتيناً إعلامياً وصحافياً قاتلاً للحرب الأفغانية الذي امتد تسعة عشر عاماً...
حين الحديث عن العلاقة الطالبانية - الروسية لا بد من الأخذ بعين الاعتبار حدثين مهمين لفهم مساق العلاقة المبهمة والغامضة والمهمة في الوقت نفسه بين الطرفين، الحدث الأول كان الاهتمام الروسي المبكر بالعناصر القادمة من القوقاز إلى أفغانستان من أجل القتال في صفوف بعض الجماعات الجهادية العالمية بأفغانستان، وهو أمر مقلق لموسكو، وعكسته الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، وتحدثت الأوساط الإعلامية الروسية يومها عن تنسيق روسي ـ طالباني من أجل كبح جماح مثل هذه العناصر، أما الحدث الثاني فهو الإعلان عن وفاة زعيم حركة طالبان الأفغانية ومؤسسها الملا محمد عمر عام 2015، فخلفه يومها الملا أختر منصور والذي تؤكد المصادر الطالبانية أنه فتح الحركة على مسرح السياسة العالمية، إذ تواصل مع موسكو وعلى أعلى المستويات، وربما هذا ما يفسر التصفية الأميركية المبكرة له، عبر قتله بطائرة بلا طيار وهو عائد من إيران على الحدود مع باكستان، وربما كانت الضربة الأميركية الأولى بهذا المستوى لمسؤول طالباني، وتزامن هذا مع كشف أميركي من أنه خلال تلك الفترة تأكد وجود تنسيق إيراني ـ روسي لإقامة معسكرات تدريب طالبانية على الحدود مع إيران، وتسليم مسلحين طالبانيين في تلك المنطقة أجهزة رؤية ليلية تسببت في إيقاع إصابات في صفوف القوات الأميركية في الغرب الأفغاني، وهو ما شكّل نقلة نوعية في عمليات طالبان، ونقلة نوعية أيضاً في عودة روسية إلى الساحة الأفغانية، بحسب مسؤولين وخبراء أميركيين.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي" الرصينة، فإن موسكو متورطة بدعم مباشر لطالبان شهرياً بمبلغ وقدره مليونان ونصف المليون دولار عبر إرسال صهاريج نفط من أوزبكستان إلى معبر حيرتان في الشمال الأفغاني...
لكن لم تعد العلاقة الروسية ـ الطالبانية سراً بعد أن دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مسؤولين أفغان رسميين ومسؤولين طالبانيين في فبراير من عام 2019 إلى موسكو لحضور احتفالات الذكرى السنوية المائة على الصداقة بين البلدين.