الرئيسة \  واحة اللقاء  \  معارك السيطرة على خان شيخون تأخذ أبعاداً خطيرة والنظام السوري يسيطر على تلة النمر الاستراتيجية

معارك السيطرة على خان شيخون تأخذ أبعاداً خطيرة والنظام السوري يسيطر على تلة النمر الاستراتيجية

21.08.2019
هبة محمد


القدس العربي
الثلاثاء 20/8/2019
دمشق – "القدس العربي" : دفع الجيش التركي أمس الاثنين برتل ضخم لتعزيز وإنشاء نقاط مراقبة جديدة له قرب مدينة خان شيخون، ضم عشرات الآليات والدبابات، تزامناً مع وصول وحدات من القوات الخاصة التركية "الكوماندوز" إلى الحدود السورية. وحسب مصادر عسكرية، فإن الرتل التركي ضم نحو 28 آلية ثقيلة، بينها 7 دبابات، وعربات مدرعة وشاحنات تحمل ذخائر، حيث عبر الرتل الطريق الدولي متجهاً نحو نقطة المراقبة في مدينة مورك شمال حماة، مشيرة إلى أن أنقرة بصدد تأسيس نقطتي مراقبة على الأوتوستراد الواصل بين مدينتي مورك وخان شيخون في (تلة النمر)، التي قطع النظام بالسيطرة عليها الأهداف التركية، حيث دخلت القوات المهاجمة التلة الواقعة شمال المدينة مباشرة، مساء الاثنين، أما النقطة الثانية فقد تكون في قرية "الطبيش" الواقعة على الأوتوستراد شمال خان شيخون بنحو خمسة كيلومترات.
علاقات أنقرة – موسكو على المحك وقصف يقطع الطريق أمام تعزيزات عسكرية تركية دعماً للمعارضة
وتزامن دخول الرتل التركي إلى المنطقة المنزوعة السلاح في ريف ادلب، مع وصول تعزيزات جديدة من القوات الخاصة التركية الكوماندوز إلى الحدود السورية، وفقاً لوكالة الأناضول التركية. وأمام التطورات العسكرية المتلاحقة يطرح السؤال هنا، كيف سيؤثر التدخل العسكري على الميدان العسكري، بعد وصوله إلى خطوط التماس، وما هو مدى تأثر العلاقات التركية –الروسية، في وقت يقول البعض ان كل ما يجري هو في اطار التنسيق العسكري الرفيع بين الجانبين.
يعتبر مراقبون في تصريحات لـ "القدس العربي" ان الهدف القريب من إقامة تركيا نقاط مراقبة جديدة شمال خان شيخون، هو منع النظام السوري من السيطرة على خان شيخون وبالتالي وقف حصار منطقة مورك، بينما يبقى الهدف البعيد منع روسيا من إذلال تركيا وإخضاعها للأمر الواقع في ادلب السورية.
تطورات عسكرية
الباحث السياسي طالب الدغيم، قرأ التطورات العسكرية في إدلب ، ودخول النظام السوري وميليشيا إيران بدعم جوي روسي لريف إدلب الجنوبي والوصول لأطراف خان شيخون الاستراتيجية على انه اختبار "للنفوذ المجالي العسكري" التركي (الإقليمي) وتهديد لأمنها المستقبلي، لافتاً إلى أن مرتكزات الدور التركي حالياً تدور حول "نزوح آلاف العائلات الجديدة من المناطق المحتلة إلى الحدود السورية التركية، والدعم الأطلسي من الناتو لأي تقدم تركي في إدلب؛ لأن أمن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودخول المنطقة الآمنة شرق الفرات قائم على الدور التركي في استقرار المدنيين في مناطق إدلب بدلاً من حدوث موجات نزوح جديدة قد تصل إلى مليون شخص إلى أوروبا، كما ان الاتفاق الذي وُقع بين ضامني خفض التصعيد في أستانة والذي يضمن لتركيا حماية المدنيين والطرق الدولية يخولها لعب دور عسكري مشروع".
ولم يتوقع الباحث السياسي لـ "القدس العربي"، الحياد التركي في المرحلة الراهنة، لافتاً إلى إمكانية عدم تدخلها بصدام عسكري مباشر لكنها في الوقت نفسه، ستدعم الجيش الوطني وفيلق الشام والفصائل الثورية بسلاح م.د وم.ط (محدود وبموافقة أمريكية) وستجمد الاتفاقات السياسية مع الروس.
بينما أكدت مصادر ميدانية أن الرتل التركي مازال متوقفاً في شمال بلدة "حيش" بسبب استمرار الاشتباكات على تلة النمر التي سيطرت عليها قوات النظام السوري، لقطع الطريق ومحاصرة مدينة خان شيخون، إذ "تحاول موسكو منع الأتراك من إقامة أي نقطة مراقبة في المنطقة أو تعزيز النقاط الموجودة وبالأخص نقطة مراقبة مورك المهددة بالحصار" حسب رؤيتهم.
قطع الطريق على أنقرة
وقالت المصادر ان الرتل التركي "حسب التسريبات كانت وجهته تلة النمر فيما يفصل بينه وبين التلة إلى الآن، نحو 4 كيلومترات فقط" حيث انطلقت آليات تركية عسكرية وآليات تحصين هندسية من نقطة المراقبة التركية في الصرمان في اتجاه الرتل التركي على اطراف مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي. وتستمر هجمات النظام السوري بدعم وتغطية روسية منذ أكثر من 115 يوماً، على آخر معاقل الثورة شمال سوريا، قد حقق الروس خلالها تقدماً محدوداً بعد معارك طويلة وطاحنة، ويبدو أن الهدف البعيد للروس حسب قراءة الباحث السياسي محمد سرميني، هو تغيير قواعد التفاوض السياسي من خلال البحث عن انتصار يعلنونه في هذه المعركة. من جهتهم، فإن الثوار وقوى المعارضة يحاولون إيقاف التقدم وكذلك المبادرة بدعم كامل من الحليف التركي الذي يواجه تحديات كبيرة تتعلق بأمنه القومي إن كان في شرق الفرات أو في غربه أو في إدلب، إذ يعتبر الباحث السياسي أنَّ الجانب التركي متأثر بشكل مباشر بتأزم الوضع الإنساني في إدلب وتحديات الفوضى هناك، معتبرًا ان الحل الشامل للقضية السورية هو من يوقف الثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب السوري بالدرجة الأولى، ويستنزف كلَّ الأطراف مع استمرار المعارك.
المعارض السياسي درويش خليفة، اعتبر ان المعارك في محيط ادلب، قد بدأت تأخذ منحى آخر من خلال تعزيز الضامن التركي لنقاطه وإحداث نقاط جديدة بالقرب من خان شيخون والتي أصبحت بيضة القبان حسب اهتمام الاعلام لما يجري فيها من معارك، ولقربها من الطريق الدولي ام 5. معرباً عن اعتقاده ان العلاقات التركية – الروسية على المحك "وقمة رؤساء دول محور أستانة ستكون نقطة تحول في العلاقات وهذا ما ستحدده المعارك ونتائجها قبل لقاء بوتين – اردوغان – روحاني".
ويبقى الهدف من دخول الرتل التركي، باعتقاد خلفية هو لتثبيت سيطرة الثوار على خان شيخون وعدم خسارتها لصالح قوات النظام لأنه يضعف الموقف التركي في أي جولة مفاوضات مع الروس وحتى يساهم في قضم منطقة استراتيجية. ويبدو ان الاتراك تعاملوا مع المعارك الأخيرة بكل حذر إذ حافظوا على سلامة نقاطهم العسكرية، وقاموا بتذخير الثوار وبقائهم في دائرة التوازن الإيرانية الروسية، بعد تدخل حزب الله في المعارك الأخيرة. ولكن درويش اعتبر ان "حسابات الأتراك كانت غير موفقة بسبب عنجهية الروس في تعاملهم مع دول المحيط السوري". والعلاقات الروسية – التركية حسب رؤيته هي ضمن مرحلة قد تعيد الأتراك إلى الحلف الأمريكي وتهدد "بخسارة حليف مؤقت ومصلحي".
المرصد السوري لحقوق الانسان قال إن قوات النظام تقدمت شمال خان شيخون وقطعت طريق دمشق – حلب الدولي عقب معارك عنيفة مع الفصائل المقاتلة والمجموعات الجهادية، لافتاً إلى ان المعارك العنيفة لازالت قائمة بين الفصائل المقاتلة والإسلامية ومجموعات جهادية من جهة، وقوات النظام والمليشيات الموالية لها بدعم روسي من جهة أخرى في القطاع الجنوبي من محافظة إدلب، وبتمهيد جوي وبري مكثف لقوات النظام والمسلحين الموالين لها على تلة النمر وأحراش خان شيخون الشمالية الغربية بعد معارك عنيفة لتتمكن قوات النظام من التقدم والسيطرة على حاجز النمر على اوتوستراد دمشق – خان شيخون الدولي وقطع الطريق من الجهة الشمالية – الغربية لخان شيخون.
وعلى ضوء هذه التطورات، دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية إلى إدلب، حيث جاء ذلك حسب ما يقول الباحث السياسي فراس فحام "كخطوة منفردة من جانب أنقرة ودون التنسيق مع روسيا حولها" مدللاً على ذلك من خلال تكثيف طيران النظام السوري للقصف على الطريق الدولي الذي يسلكه الرتل العسكري التركي الأمر الذي أجبره على التوقف قرب بلدة "حيش" في ريف معرة النعمان، وهذا القصف ما كان ليحدث من دون ضوء أخضر وموافقة روسية.
تنسيق مدروس
هدف تركيا من إرسال التعزيزات، في هذا التوقيت، وفق رؤيته هو إقامة نقاط عسكرية جديدة شمال غربي خان شيخون لوقف زحف النظام السوري بدعم روسي إليها، حيث أن دخول المدينة يعني تطويق مركز المراقبة التركي في مورك في ريف حماة، ومن ثم دفعها للانسحاب بعد مفاوضات مع موسكو. حيث تمهلت تركيا قبل اتخاذ هذه الخطوات، وكانت تعول على قدرة فصائل المعارضة المعتدلة المدعومة منها في وقف تقدم قوات النظام، إلا أن دفع روسيا بقوات خاصة وعتاد حربي متطور جعل الميزان العسكري مختلاً بين النظام وبين فصائل المعارضة، ما أتاح للنظام تحقيق تقدم بري، وبالتالي لم يتبق أمام أنقرة سوى التدخل المباشر. لافتاً إلى أن التحرك التركي يأتي بعد أسبوع واحد من إنشاء مركز العمليات المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة في ولاية "شانلي أورفة"، فبالتأكيد إن تقليص مساحة الخلاف بين أنقرة وواشنطن في الملف السوري سيعطي النشاط التركي زخماً أكبر في محافظة إدلب.
وبينما يعتقد البعض ان دخول الرتل التركي إلى ادلب هو لوقف زحف النظام السوري وقوات روسيا الخاصة إلى خان شيخون، وحرص أنقرة على الحفاظ على ادلب لأسباب عديدة أهمها أن منطقتي شمال حلب وعفرين ستكونان عديمتي النفع عسكرياً وسياسياً في حال سقطت ادلب، يعتبر محللون انه لا مكان للحديث عن صدام تركي – روسي، متحدثين عن "تنسيق عسكري دولي في الشمال السوري"، حيث رجحت المصادر لـ"القدس العربي": "ان مستوى التنسيق قبل وبعد الحدث لا يترك مجالاً ابداً للأخطاء، وكل ما يحدث اليوم ليس إلا فصلاً من فصول التنسيق العالي المستوى بين مجموع الأطراف" غير مستبعدين "ان يكون التنسيق يشمل الدول الغربية وخصوصاً فيما يحدث مؤخراً في الشمال السوري".