الرئيسة \  دراسات  \  مشروعنا السياسي ـ2ـ .. في مضامين الشعارات الخمسة .. الله غايتنا – الرسول قدوتنا

مشروعنا السياسي ـ2ـ .. في مضامين الشعارات الخمسة .. الله غايتنا – الرسول قدوتنا

10.12.2014
زهير سالم




ترفع جماعة الإخوان المسلمين شعاراتها الخمسة : الله غايتنا – الرسول قدوتنا – القرآن دستورنا -  الجهاد سبيلنا – والموت في سبيل الله أسمى أمانينا عنوانا لمشروع إسلامي دعوي عام يربط الدنيا بالآخرة ، ويحدد الطريق والمنهج الذي تنهجه هذه الجماعة المباركة في سبيل تحقيق أهدافها الكبرى في حياة الناس .
 يقولون إن توضيح الواضحات من أشكل المشكلات ؛ ولكن ومع إغراق أرباب الكيد الظاهر والخفي في عمليات التشويه ، وسوء التوظيف ، أو الإخراج عن السياق و الانحراف عن المقصود في الفهم يصبح من اللازم في كل مرحلة بحسبها العودة إلى هذه المفاهيم بالشرح والتوضيح ، ليبقى السالكون على بصيرة من أمرهم في كل حين يعرفون ما يأخذون وما يدعون وما يقدمون وما يأخرون ..
فحين يعلن الإخوان المسلمون بوضوح لا لبس فيه شعارهم الأول ( الله غايتنا ) فهم يعيدون على أنفسهم على عقولهم وقلوبهم  أولا ثم على الناس كل الناس  ترتيل قوله تعالى على لسان أبيهم إبراهيم  : (( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ. وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) .
( الله غايتنا )
 تكون بداية الأخ الداعية مع الله ، ليبقى ( الله )بهذا الشعار المذكر الملزم دائما معه . الله معه عند كل نأمة شعور أو كلمة تجري على لسان أو خطوة تسعى بها قدم في ميدان   .
 ( الله غايتنا )
وتتساقط كل الأوراق الجافة عن الشجرة الطيبة ، فتتقشع سحب الغين والغفلة ، دائما يردد الداعية الشعار ( الله غايتنا ) فتتوارى كل السبل التي تضل عن سبيل الله ، وكل المناهج التي تشغل عن منهج الله . ( الله غايتنا ) و أنت لا تسلك إلى حضرة الله طريقا لا ترضي الله . ( الله غايتنا ) وأنت لا تقرع باب الله بيد لا يحبها الله ولا تقف بين يدي الله بثوب لا يرضاه  الله  ...
( الله غايتنا ) ، وفي كل محفل ، يستطيع الإنسان أن يخاتل ويبهرج ويزخرف ويموه ويخادع ويظهر ويبطن  إلا في حضرة الله حيث كل شيء مكشوف (( يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى )) وما هو أخفى من السر ،  من الذي لا نعلمه من أنفسنا ولا نقدر عليه في عقولنا وقلوبنا ...
الله غايتنا ...
وتسقط تلبيسات إبليس وتزيينات النفس والهوى ، وينادي علينا سيد قطب الشهيد ( نحسبه ولا نزكي على الله أحدا ) الذي أعطى فما أكدى : ( إن مصلحة الدعوة صنم يجب أن يحطمه الدعاة ) صنم يحتل  مكانة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى حين تنسى النفس مبتداها ومنتهاها (( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) ...
الله غايتنا ...
وتسقط أمام هذه الغاية الأولية الحاكمة على كل ما بعدها أي إرادة للعلو في الأرض ، ولن نتحدث أمام ضمير داعية مسلم عن إرادة فساد ، إرادة العلو وحب الرياسة الذي قالوا إنه آخر ما يخرج من قلوب الصديقين تتضائل وتذوي على وهج هذا الشعار . كينونة يوسف على خزائن الأرض كانت متلفعة بالحفظ والعلم والقدرة على تحقيق مصالح الناس ، وتأمين عيشهم وحماية ضعفائهم وصون أرزاقهم . حفظ وعلم تعني قدرة متميزة هي أساس ما كان يتطلبه المقام ...
الله غايتنا ...
يجب أن تكون حين يصدق قائلها رسالة أمان لكل الناس الذين يتنازعون ويتنافسون ويتناجشون ....فهذا الداعية ليس منافسا على ما يعتقده ( لعاعات ) وما يؤكد أنه أهون على ربه ( من جناح بعوضة ) ، أو ( من جدي أسك ميت ) .
( الله غايتنا )  قيد تكبح جماح نفسا تريد ، لجام يلجم صاحبه عن موطن طمع ودافع يدفعه إلى مواطن الفزع . شعار يقول لكل لناس إن صاحبه لا يريد أن يزاحم أو يستأثر وأن يستوفي .
 قال لأبي هريرة بعد أن سقى كل من حوله من مذقة لبن ، اشرب أبا هر .. اشرب أبا هر ، حتى قال أبو هر ، الذي كان يخاف  على نصيبه من المذقة ، والذي بعثك بالحق لا اجد له مساغا .
من كان الله غايته لا يمكن ان تكون مذقة اللبن أو شربة اللبن له غاية ، أيها الساعون إلى الله ، غلى أجمل غاية أروا الناس جمال غايتكم بجميل أدائكم ..
والرسول قدوتنا ..
(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ))
والرسول قدوتنا في عظيم خلقه وفي عظيم سيرته وفي عظيم إنجازه وفي عظيم احتماله وفي عظيم إبداعه ...
والرسول قدوتنا ..
وجميل أن تقتدي بالجميل في سمته وهديه ولبسه ومدخله ومخرجه ونومه ويقظته ولكن الأجمل والأكمل والأهم أن تقتدي به في العظيم الذي جعله عظيما وفي الجميل الذي جعله جميلا ، أن ترث الرسول  في جوهر رسالته وفي حكيم  سيرته وفي عظيم إنجازه وخطير ما حققه في حياته : أعظم إنجاز في أقصر وقت بأضعف الأدوات . .
الرسول قدوتنا ..
وكان محمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا واتبّاعه وهو بهذا الوصف حتم واجب ودين لا زم لا يجوز مفارقته ، ولا الخروج على ما رسم من خطته في صلاة وصوم وحج وزكاة وقبض وبسط ومنح ومنع وحل وحرمة ..
الرسول قدوتنا ...
وكان محمد صلى الله عليه وسلم  إماما ( حاكما ) ، وتصرف بحكم إمامته كما يتصرف الحاكم تكون له خياراته فيما يقبل ويرد ، ويقدم ويؤخر ، ويعقد ويحل ، وفي كل موطن كانت خياراته ترتبط بمعطيات الحدث ولا أحد يدري أنه لو تغير الظرف لتغير الاختيار ، ليبقى حسن التقدير والتدبير والحكمة هو الأصل في الاختيار  ..
الرسول قدوتنا ...
وكان محمد صلى الله عليه وسلم وهو الإمام البشر يقول إنكم تختصمون إلي ، وإنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم ، فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة .  الرسول النبي  جاء برسالة من ربه ، وكان من أمانته أن التزم حدود رسالته أمر ان يقول لنا بكل التواضع (( وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ )) فقال وتبرأ من كل دعوى وادعاء ..
الرسول قدوتنا ..
والرسول الرؤوف الرحيم بنا والإمام المحب المشفق علينا لم يشأ أن يأخذ على أمته سبل عيشها ، ولا طرائق مصالحها ، ولا آفاق الضرب في سبل الأرض والحياة فنفض يده من أمر تدبير معايشنا وهو قد بعث لهدايتنا إلى  معادنا فأطلق أيدينا في أمر دنيانا  : انتم اعلم بأمور دنياكم . فاحذروا أيها المسلمون أن تغلوها أو أن تسمحوا لأحد باسم هذا الرسول الكريم أن يغلها عليكم
فوّض إليكم رسولكم الرؤوف الرحيم بكم  أمر التدبير والتقدير وإثارة الأرض وعمرانها والسعي على أنفسكم  تفويضا لا يحده إلا من يرفض الاقتداء الحقيقي بمحمد رسول الله ..
ثم الرسول قدوتنا ...
وكان محمد رسول الله صلى الله عليه بشرا مثلنا (( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ )) مثلية تقربه وترفعه وتعليه ، كان يقول ( إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد في بطحاء مكة ..) كان محمد رسول الله ( البشر ) يلبس كما يلبس قومه ، ويأكل مما يأكلون ، ويعاف ما يعافون ، ويسكن في البيوت التي يسكنون ، كان يحب ويسخط ويرضى ويغضب وتعجبه ثياب وألوان وأطعمة وأشربة وينفر من أخرى ؛ و جميل من المحب أن يشرب من حيث وضع الحبيب فمه على شفة الكوز . ولكن القدوة الحقيقية في مجاليها العملية  الأولى في ندائنا ( الرسول قدوتنا ) هي في الاقتداء بالرسول الكريم صاحب الخلق العظيم الذي لخص له ربه رسالته حصرا وقصرا : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ...هذا هو جوهر الرسالة ولبها وغايتها وهذا هو جوهر الاقتداء ولبه وغايته وكل ما عداه تفاصيل وتفاريق من غير تهوين ولا تصغير ولا  ..والاقتداء بالرسول العظيم فعل عظيم فلا تختصروه بما لا يليق بالرجل العظيم واذكروا ( إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها )
يتبع ( والقرآن دستورنا )
لندن في 17 / صفر / 1436
9 / 12 / 2014
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232826
zuhair@asharqalarabi.org.uk