الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مسلمو الصين ضحية صعود بكين الدولي

مسلمو الصين ضحية صعود بكين الدولي

19.09.2018
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 18/9/2018
أصدرت "هيومن رايتس ووتش" قبل حوالي أسبوع، تقريراً جديداً لها بعنوان "القضاء على الفيروسات الأيديولوجية: حملة الصين لقمع مسلمي سنجان"، يركّز التقرير الذي يقع في 117 صفحة على الانتهاكات الجسيمة المتزايدة ضد حقوق الإنسان، والتي ترتكبها الحكومة الصينية بشكل ممنهج ضد مواطنيها المسلمين من أقلية الإيجور المسلمة في سنجان شمال غرب الصين.
ويورد التقرير أدلة جديدة على الاعتقال التعسفي الجماعي على يد الحكومة الصينية، والتعذيب وسوء المعاملة والقيود المتزايدة على الحياة اليومية، ويشير التقرير إلى أن المسلمين في تلك المنطقة من الصين يخضعون للتلقين السياسي القسري، والعقاب الجماعي، والقيود المفروضة على الحركة والاتصالات، والقيود الدينية المتزايدة، والمراقبة الجماعية، في انتهاك صريح لـ "القانون الدولي لحقوق الإنسان".
التقرير دليل إضافي على قيام السلطات الصينية بأكبر عملية غسيل دماغ قسري لملايين البشر في التاريخ الحديث، وهو ما كانت أشارت إليه أيضاً تقارير موثوقة تم الكشف عنها من قبل لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في أغسطس الماضي، تؤكد هي الأخرى قيام السلطات الصينية باحتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيجور المسلمة في الصين، فيما يشبه "معسكر احتجاز ضخماً محاطاً بالسرية" وذلك بغرض "التلقين السياسي".
ولا يقتصر ذلك على الشق السياسي والأيديولوجي، بل يتضمن أيضاً اضطهاداً ثنائي الوجه دينياً وعرقياً لدفع الأقلية المسلمة من عرق تركي إلى التخلي عن عاداتها وتقاليدها وثقافتها، وكذلك انتمائها الديني الذي ترى فيه الصين تهديداً لهوية الدولة وأيديولوجيتها، غالباً ما يتم تجاهل هذه الانتهاكات أو التقليل من أهميتها أو حجمها إذا كان ضحاياها من المسلمين، لكن بالرغم من ذلك، فإن الدول "الديمقراطية" الغربية، عادة ما تحرص على أن تنتقد هذا النوع من الممارسات من منطلق حرصها على تعميم نموذجها، على المستوى الإسلامي أيضاً، عادة ما تبدي بعض الدول الإسلامية تضامنها مع المسلمين أينما كانوا، إذا ما تعرضوا لانتهاكات جسيمة.
لكن لوحظ في السنوات القليلة الماضية، أن قدرة الدول الغربية أو الإسلامية على انتقاد الانتهاكات الجسيمة والواضحة لأبسط الحقوق الإنسانية للأقلية المسلمة في الصين آخذة في الاضمحلال، السبب الرئيسي في عدم القدرة على انتقاد ممارسات الصين غير الإنسانية، فضلاً عن مقاومتها يعود إلى لعبة المصالح بالنسبة للدول الغربية من جهة، وإلى الخلل الهائل في ميزان القوى بين الصين والدول الإسلامية من جهة أخرى، الغرب يمتلك ما يستطيع به الضغط على الصين، لكنه يخشى على المصالح التجارية والمالية معها، بالإضافة إلى ذلك، فإن الدفاع عن حقوق المسلمين ليس أولوية لديه فضلاً عن أن يكون واجباً، وما سكوتهم والمجتمع الدولي على الفظاعات التي تعرض لها مسلمو الروهينجا في ميانمار الصغيرة مقارنة بالصين إلا دليل على ذلك.
أما الدول الإسلامية، فبعضها تخلى منذ زمن بعيد عن واجباته التي تفرضها مكانته الدينية، والبعض الآخر ليس لديه إلا الصين في مواجهة الولايات المتحدة، والجزء الثالث إن كان قد خاض مواجهة سياسية مع الصين قبل عدة سنوات للدفاع عن الإيجور المسلمين، لكن المواجهة السياسية كانت مكلفة جداً، وأدت إلى خسارة المعركة، باختصار، مسلمو الصين ضحايا لصعودها الدولي، لكن ما لم تتعلمه الصين من دروس التاريخ، هو أن نتيجة هذه الأساليب عادة ما تجلب معها تداعيات سلبية، إن لم يكن اليوم فربما غداً.;