الرئيسة \  برق الشرق  \  محاكمة رفعت الأسد في باريس

محاكمة رفعت الأسد في باريس

20.06.2020
اللجنة السورية لحقوق الإنسان



اللجنة السورية لحقوق الإنسان
18-حزيران-2020
أصدرت محكمة في باريس، يوم الأربعاء 17 حزيران / يونيو، حكمًا على  رفعت الأسد بالسجن لمدة أربع سنوات مدينة إياه بجرائم الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال والتحايل الضريبي واختلاس مال الشعب السوري.
وأمرت المحكمة بمصادرة العقارات التي يملكها رفعت الأسد في فرنسا والتي تُقدر قيمتها بنحو 90 مليون يورو أي ما يعادل 100 مليون دولار. بالإضافة إلى الأصول العقارية التي يملكها في العاصمة البريطانية ، لندن والتي يقدر ثمنها بـ 29 مليون يورو أي ما يعادل 33 مليون دولار.
 وشمل التحقيق في الجرائم المذكورة الفترة الواقعة ما بين 1984 وهو تاريخ انتقال رفعت الأسد إلى أوروبا و عام 2016. 
ونص الحكم الصادر بحقه على تغريمه أيضاً مبلغ 10 ملايين يورو بالإضافة إلى 30 ألف يورو يدفعها لمنظمة مكافحة الفساد (شيربا) التي تدافع عن حقوق ضحايا الجرائم الإقتصادية والتي أقامت عليه دعوى عام2013 بامتلاكه عقارات في فرنسا تفوق أضعاف دخله المعروف والمصرح به، إلا أن القضاء الفرنسي لم يحله إلى المحاكمة إلا بعد خمس سنوات من الدعوى المرفوعة.
وزعم محامي رفعت بأن الحكم قاسٍ وغبر مبرر وان موكله سيستأنف ضد الحكم الصادر بحقه.
رفعت الأسد (82) سنة، شقيق الرئيس السوري السابق وشريكه في الحكم وفي الجرائم ضد الإنسانية وضد الشعب السوري، قائد سرايا الدفاع التي نفذت جريمة مجزرة سجن تدمر الصحراوي في 27/6/1980 وقتلت زهاء ألف معتقل سياسي في زنزانات السجن ، وهو الذي قاد بسراياه مجزرة حماة واستباح المدينة من 2-27 شباط / فبراير 1982 فدمر ثلث المدينة القديمة وقتل الآلاف من سكانها ، وارتكبت سرايا الدفاع التابعة له مباشرة العديد من المجازر في المدن والبلدات والقرى السورية في الفترة بين 1980-1983، وهو الذي أمر سراياه بنزع حجاب المحجبات في شوارع دمشق والمدن السورية والاعتداء عليهن ، وهو الذي استولى على التعليم العالي وجعل المنح حكراً لمحاسيبه فدمر التعليم العالي وهو نائب الرئيس للشئون الأمنية الذي أوغل في سفك الدماء وظل يحتفظ بهذا اللقب حتى بعد إبعاده عن سورية عام 1984 حتى عام 1997 عندما شن حافظ الهجوم على آخر معاقل أخيه وأغلق ما سماه بالموانيء غير الشرعيه التي كان يتخذها رفعت لتهريب المخدرات إلى أوروبا، إثر اتخاذ حافظ القرار النهائي بتوريث ابنه بشار وأخذ البيعة له من كبار الضباط والمتنفذين ولا سيما في طائفة النظام، لأن رفعت كان يعارض ذلك ويسوق نفسه انه الأحق بالخلافة والأقدر عليها.
وعندما مرض حافظ الأسد في أواخر عام 1983 وأوائل عام 1984 حاول رفعت الأسد الإنقلاب على شقيقه، ولكن حافظ بادر إلى إبعاده عند شفائه من مرضه، واستقر رفعت في أوروبا متخذاً من اسبانيا مقراً له ثم تمدد إلى فرنسا وأنشأ منبراُ إعلامياً في لندن، وظل يستفيد بسرقة المال السوري العام حتى بعد إبعاده بقرار من أخيه حتى عام 1997 . وشكل بعض أبنائه منظمة لحقوق الإنسان وعملوا على تبييض جرائمه واتهام الضحايا وتجرميهم، واستخدمت الأموال السورية المنهوبة لتقديم الهدايا وتذاكر السفر وطعام الفطور والغداء الفاخر في البرلمانات وأفخر المطاعم للسياسيين والبرلمانيين الأوروبيين لتغطية الجرائم  والترويج لشخص رفعت.
ولقد رفعت اللجنة السورية لحقوق الإنسان دعوى ضد رفعت الأسد لارتكابه جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري في إسبانيا ودعوى ثانية في فرنسا في تسعينيات القرن المنصرم لكن القضاء في البلدين لم يتجاوب على الرغم من استكمال جوانب الدعاوى وتوفر الشهود، وحاولت بوسائل عديدة عبر محاميها وبالتعاون مع منظمات إنسانية عالمية تحريك الدعاوى المقدمة بدون تجاوب من سلطات البلدين، ووصلنا إلى قناعة أن هناك حماية لرفعت الأسد من الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، وترسخت هذه القناعة أكثر في الدعوى التي رفعها رفعت الأسد ضد نزار نيوف بجريمة التشهير به على قناة الجزيرة واتهامه بارتكاب مجزرة سجن تدمر الصحراوي، ولقد استعان الأخير باللجنة السورية للإدلاء بشهادتها، ووقف رئيس اللجنة السورية لحقوق الإنسان أمام المحكمة ساعات وسرد جرائم رفعت وزودها بوثائق دامغة عن ارتكابه لمجزرة تدمر وغيرها من المجازر، وعندما عجز محامو رفعت عن الرد كانوا يرددون أن رفعت كان موظفاً مأموراً ينفذ ما يملى عليه من رئيس سورية. ومع كل الأدلة التي تدين رفعت، فقد اكتفت القاضية برد دعواه وبإشارة غير مباشرة إلى أنه ارتكب جرائم في بلده وهو يتمتع في الغرب بالحرية ويمارسها ليضغط على ضحاياه ومعارضيه. وما يرسخ القناعة أكثر أن منظمة (شيربا) الفرنسية لمكافحة الفساد الإقتصادي رفعت دعوى ضد رفعت عام 2013 ولم تفتح القضية إلا بعد خمس سنوات في عام 2018 بعد كفاح وجهد كبير من المنظمة الفرنسية المعروفة، وكأن ثمة دلائل سياسة في مجريات الواقع السوري جعلت الحكومة الفرنسية تسمح للقضاء الفرنسي (المستقل ! ) بفتح الدعوى والتحقيق فيها.
لقد حمى حافظ الأسد أخاه الذي أبعده كي لا ترتد الإدانة عليه وعلى نظامه الإستبدادي وعلى جرائمه التي ارتكبها، واستفاد رفعت أيضاً من حماية بعض الأنظمة والشخصيات العربية بسبب روابط الصداقة والمصاهرة واستمرت حتى بعد أفولهم. 
إن الاجراءات القضائية الفرنسية التي جاءت متاخرة غير كافية وعليها تقديم رفعت للمحاكمة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا وتدمير مدن وقرى وسرقة الأموال العامة وانتهاك الحريات والحرمات ولا يزال الكثير من الضحايا والشهود متوفرون ومستعدون للأدلاء بما عاينوه وعانوه وبما اقترفته يد سرايا رفعت الأسد في ثمانينات القرن المنصرم.
وتطالب اللجنة السورية لحقوق الإنسان بتحويل المبالغ المصادرة إلى ضحايا الشعب السوري من جرائم رفعت الأسد وسرايا دفاعه.
اللجنة السورية لحقوق الإنسان
18 حزيران 2020