الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مؤتمر ميونخ للأمن إيران والإرهاب الإسلامي

مؤتمر ميونخ للأمن إيران والإرهاب الإسلامي

22.02.2017
عبير العلي



الوطن السعودية
الثلاثاء 21/2/2017
لقد أدرك العالم منذ سنوات أن إيران بؤرة للإرهاب والفوضى، فكانت تحت طائلة العقوبات الاقتصادية التي استطاعت التخفف منها بعد الاتفاقات النووية الأخيرة
كاد مؤتمر ميونخ للأمن الذي امتد على مدى ثلاثة أيام الأسبوع الماضي، وشارك فيه رؤساء أكثر من 30 دولة، وقرابة 60 وزير خارجية ودفاع من حول العالم، أن يكون منصة لتبادل الاتهام بين دول الاتحاد الأوربي وروسيا وأميركا التي تحضر هذا المؤتمر للمرة الأولى في عهد رئيسها المنتخب الجديد دونالد ترمب. وفي نفس الوقت اتفقت آراء الكثير حول ضرورة تعزيز الأمن الدولي ليس بحل الخلافات بين تلك الجبهات الثلاث، بل بالتعاون على مواجهة جادة للإرهاب الإسلامي.
أستخدم هنا ذات المصطلح الذي يدور في أروقة المؤتمرات العالمية (الإرهاب الإسلامي)، والذي يتداوله الإعلام العالمي بسبب الجرائم التي ترتكب في عدد من دول العالم كافة وفي الدول العربية والإسلامية المستقرة والمضطربة على السواء، ويرفع مرتكبوها شعار الإسلام والانتصار له وقتال الكفار ويجعله مبررا له. لم تفوت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل في كلمتها في مؤتمر ميونخ للأمن، الحديث عن أن محاربة الإرهاب الإسلامي تعدّ من نقاط التقارب مع روسيا التي تعد علاقة الأخيرة مع حلف الأطلسي غير مستقرة، ولكنها وضحت في الوقت نفسه بشكل واضح أن على العالم أن يفهم أن الإسلام كدين ليس مصدرا للإرهاب وإنما قاد تفسيره بشكل سيئ واستغلاله من قبل بعض الفئات للإعمال الإرهابية. وقد قدمت في كلمتها دعوة صريحة لقادة الدول الإسلامية على وضع حدود واضحة تبين الإسلام الحقيقي والإرهاب، وقارنت أهمية مشاركة قادة تلك الدول في محاربة الإرهاب بكافة الوسائل كأهمية مشاركة "أميركا" في محاربته حول العالم، وهي تلمح هنا عن معارضتها رأي ترمب في الإسلام، وتعميمه في أن الإرهاب حول العالم مصدره الإسلام والمسلمون.
حينما تذكر الدول الإسلامية في العالم، فإن السعودية وإيران من أكبر الدول التي تمثل الإسلام بالمنطقة، ولكن الفرق بينهما وفي دعمهما أو محاربتهما الإرهاب، وفي خلوها من الأعمال الإرهابية أو تعرضها المستمر لعمليات تهدف إلى الإخلال بأمنها واضح وجلي ومعروف لديهم. الدولة السعودية تمثل الجانب السني للإسلام، ولكنها تعد صمام الأمان للمنطقة العربية، وتبذل جهودا واضحة في محاربة الإرهاب الذي يتسمى بالإسلام وينسب نفسه للسنة بالذات، كداعش والقاعدة، والتي منذ قرابة 20 عاما وهي تتعرض لعدد من العمليات الانتحارية والإرهابية داخل حدودها، وما زالت تحاربه حتى اللحظة. وإيران تمثل الجانب الشيعي للإسلام في العالم، وهي تسعى إلى أن تضم جميع الشيعة في العالم تحت جناحها تسخيرا لأهدافها الثورية التي وردت واضحة في دستورها. على مستوى الداخل الإيراني ومن زاوية الصراع المذهبي الذي صعد بشكل كبير منذ الثورة الخمينية في العالم الإسلامي، فإن إيران لم تشهد أي عملية إرهابية داخلية نفذتها أي من المنظمات الإرهابية كداعش أو القاعدة، بل إنها كانت توفر الحماية والتدريب وعددا من الاجتماعات السرية بين عناصر القاعدة، وصارت مأوى لعائلة بن لادن بعد فرارهم من أفغانستان وباكستان على مرأى من العالم. كما أن إيران تمارس سياستها التوسعية في المنطقة باستغلال ثنائية المذهب الشيعي - السني، وزرع ميليشياتها في الدول التي تشهد الصراعات في المنطقة كسورية والعراق واليمن، وتقوم بتزويدها بالأسلحة والمال والأفراد.
لقد أدرك العالم منذ سنوات أن إيران بؤرة للإرهاب والفوضى، فكانت تحت طائلة العقوبات الاقتصادية التي استطاعت التخفف منها بعد الاتفاقات النووية الأخيرة، التي تمت في عهد أوباما، ويعدّها ترمب نوعا من التساهل والتصرف الكارثي الذي حدث مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذي ينبغي أن يُصحح.
في مؤتمر جنيف للأمن الذي انتهى الأحد الماضي تحدثت ثلاث دول عن خطورة إيران في المنطقة وتأثيرها على أمن العالم، من ضمنها تركيا والسعودية، التي أشار وزير خارجية الأخيرة عادل الجبير في كلمته في ختام مؤتمر جنيف للأمن، إلى عدد من ممارسات إيران الداعمة للإرهاب في المنطقة، أهمها دعمها العلني للحوثيين بالسلاح، وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول، في محاولة لتحقيق أهدافها من قلب الحكم في دول الجوار، وتحقيق أهدافها التوسعية. وأكد أن السعودية لن تتعامل مع إيران حتى تشاهد أفعالا تثبت حسن نواياها ونزعتها للسلام والإصلاح في الشرق الأوسط.
ما بين حقيقة إيران وكلمة المستشارة الألمانية ميركل في ضرورة تعاون قادة العالم الإسلامي لمحاربة الإرهاب، يتضح أن التعويل على ما توهم إيران العالم به من محاربة للإرهاب يتناقض مع أفعالها هي وحلفائها في المنطقة، فذلك لن يقدم حلولا للحد من الإرهاب ونشر رقعة الأمن في العالم. على دول العالم المتقدم أن تتفق على الوقوف ضد الفوضى الإيرانية في المنطقة، عن طريق استغلال فكرة العقوبات الاقتصادية المكثفة عليها، وإعادة عزلها أكثر عن المشاركة السياسة الدولية، حتى تحسن التصرف الذي يراعي السلم العالمي. وعلى قادة الدول الإسلامية في حربهم مع الإرهاب الذي يستغل الإسلام وينتشر باسمه، أن يشكلوا حلفا سياسيا واستخباراتيا واجتماعيا لمحاربة شاملة للإرهاب الذي انطلق من بين ظهرانيهم وأرهقهم قبل أن يرهق العالم من حولهم.