اخر تحديث
الجمعة-26/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ لو تمكّنت اللغات ، من نقل المشاعر البشرية .. فهل يتغيّر سلوك البشر !؟
لو تمكّنت اللغات ، من نقل المشاعر البشرية .. فهل يتغيّر سلوك البشر !؟
21.03.2019
عبدالله عيسى السلامة
المشاعر البشرية ، لايمكن نقلها ، كما هي ، في أيّة وسيلة ، من وسائل التعبير، أو الاتصال : لايمكن نقلها ، عبر مفردات اللغة ، ولا عبر أيّة وسيلة ، من وسائل التصوير ، أو النحت .. أو غيرها !
كما لايمكن وصفها ، وصفاً دقيقاً ، كما هي ؛ إنّما يعبَّر عنها ، بطرائق ، تشير إليها ، أو تدلّ عليها ، من حيث القوّة والضعف ، أومن حيث الحرارة والبرودة ، أو من حيث العمق والسطحية !
ففي الكلام العادي ، يقال ، مثلاً : أنا سعيد.. أنا سعيد جدّاً .. أنا حزين .. أنا حزين جدّاً .. كنت مكتئباً ، إلى حدّ كبير.. أنا أشعر بألم شديد .. أنا أحسّ بخوف شديد .. أنا قلق ، إلى حدّ كبير .. وهكذا !
وقد حاول الأدباء والفنانون ، نقل المشاعر الإنسانية ، فما استطاعوا ، أن ينقلوا منها شيئاً ! وكلّ مافعلوه ، هو: التعبير عنها ، بطرائق مختلفة ، دون نقلها ، إلى عقول الناس ، أو قلوبهم ، أو حواسّهم !
أراد رسّام محترف ، تصوير المشاعر البشرية ، أثناء التعذيب ، فجلب أحد العبيد ، وباشر بتعذيبه ، ورسْمِ ملامح وجهه ، وهو يتعذّب ! فنقل بعض ملامح الوجه ، في أثناء إحساس العبد ، بالتعذيب .. لكنه عجز، عن نقل مشاعرالمعذّب ، كما يحسّ المعذّب ، هو ، بآلام التعذيب !
وبالطبع ، عجز الرسّام ، نفسه ، عن نقل مشاعره ، هو، التي أحسّ بها ، في أثناء عملية التعذيب ، ولم يتحدّث، عن نوعية هذه المشاعر، أيْ : مشاعر الحزن ، أم الفرح ، أم اللذّة .. أم غيرها ! ربّما لأنه غير مهتمّ ، بهذا الموضوع ؛ فموضوعه هو: محاولة نقل مشاعر المعذّب ، فحسب ! بَيدَ أنه ، لو حاول نقل مشاعره ، هو، فسيعجز، كما عجز البشر، على مرّ العصورر !
فالمشاعر والإحساسات ، لا يمكن نقلها ، ألبتّة ، إنّما يحسّ بها الناس ، إحساساً ، كما قال الشاعر:
لا يَعرفُ الشوقَ ، إلاّ مَن يُكابدُهُ ولا الصَبابَةَ ، إلاّ مَن يُعانيها !
وهاهنا وصف ، بطرائق مختلفة ، لبعض المشاعر الإنسانية ، المختلفة :
وصفُ بعض مشاعر الحبّ
قيس بن الملوّح :
كأنّ القلبَ ، ليلةَ قيلَ : يُغدى بليلى العامريّة ، أو يُراحُ
قطاةٌ ، عَزّها شَـرَكٌ، فباتتْ تُجاذِبُه ، وقد عَلِقَ الجَناحُ
لها فَرخان، قد تُرِكـا بقَفْـرٍ وعشّهما تُصفّقهُ الريـاحُ
ذو الرُمّة :
وإنّي لتَعرونيْ ، لذِكراكِ ، هِزّةٌ كما انتفضَ العصفورُ ، بَلّلهُ القَطْرُ!
وصفُ الحُمّى / المتنبّي :
وزائرتي كأنّ بها حَياءً فليسَ تَزورُ ، إلاّ في الظلامِ
بَذَلتُ لها المَطارفَ والحَشـايا فعافَتها ، وباتت في عظامي
كأنّ الصبحَ يَطردُها ، فتَجريْ مَدامعُها ، بأربعةٍ ســِجامِ
وصفُ الحزن / الخنساء :
يذكّرني طلوعُ الشمس صَخْراً وأذكرُه ، لكلّ غُروبِ شَمسِ
ولولا كثرةُ الباكينَ ، حَولـيْ على إخوانهمْ ، لقَتلتُ نفْسي
وصفُ الخوف / النابغة الذبياني :
فبتّ ، كأنّيْ ساوَرَتنيْ ضَئيلةٌ مِن الرُقْشِ ، في أنيابها السُمّ ناقعُ
وصف السرور/ شاعر قديم :
هَجمَ السرورُ عليّ ، حتّى إنّه مِن فَرْطِ ماقد سَرّني ، أبكاني !
وتبقى الأسئلة الهامّة ، مطروحة ، بلا إجابات ، ومنها :
لو نُقلت مشاعر الناس ، على حقيقتها ، كما يحسّون بها ، وبأيّة وسيلة ، فهل يتغيّر سلوك البشر، بعضهم تجاه بعض !؟
لو نقلت مشاعر المعذَّبين: بأدوات التعذيب ، أو بالحرمان من النوم، أو بالتجويع، أو بالعدوان على الكرامات ، في السجون .. فهل يتغيّر سلوك معذِّبيهم ، زيادة في القسوة ، أو تخفيفاً منها ؟
ولو نُقلت مشاعر الجلاّدين ، الذين يعذّبون الناس ، في السجون ، وهم يعطفون عليهم ، ويلعنون رؤساءهم ، الذين يأمرونهم بالتعذيب .. لو نُقلت هذه المشاعر، إلى رؤسائهم ، فهل يتغيّر سلوك الرؤساء ، تجاههم ، أو تجاه المعذّبين ؟
ولو نُقلت مشاعر الضحايا، الذين تُكَسّر عظامهم ، أو تبتر أطرافهم ، أو تشوّه أجسادهم: بالتفجيرات الإجرامية، أو بالرصاص ، أو بالصواريخ .. لو نقلت مشاعر هؤلاء ، كما هي ، إلى الناس ، فكيف تكون مشاعر الناس ؟ وكيف تكون مشاعر القتلة ، أنفسهم ؟ وهل يغيّر هذا ، من سلوكهم العدواني : تخفيفاً ، أو تشديداً ؟
كان الجلاّد ، الذي يجلد الفقيه أحمد بن حنبل ، بالسوط ، يحبّ الفقيه ، ويحترمه ! وقد قال له : لقد جُلدتُ بالسوط ، في سبيل الحرام ، أكثر ممّا تجلد ، الآن ، في سبيل الحقّ ، فاصبرّ وتجلّدْ ! فزاد هذا ، من عزيمة الفقيه ! فهل التعبير، عن هذه المشاعر المتعاطفة ، مجرّد التعبيرعنها ، دون إيصال حقيقتها ، إلى الخليفة العبّاسي.. يغيّر، من سلوكه ، تجاه الفقيه ، أو تجاه الجلاّد ؟ وهل نقل المشاعر، ذاتها، يكون له التأثير، ذاته؟