الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لن يكون اللاجئون السوريون مكسر عصا باسيل وعنصريي لبنان

لن يكون اللاجئون السوريون مكسر عصا باسيل وعنصريي لبنان

12.02.2019
رأي حرية برس


 حرية برس
الاثنين 11/2/2019
لا يكل ولا يمل جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني من إطلاق تصريحات عنصرية تحريضية حول موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، محاولاً جعل اللاجئين السوريين مكسر عصا في صراعاته السياسية مع خصومه، خصوصاً مع تولي “صالح الغريب”، المحسوب على ميليشيا “حزب الله”، حقيبة وزارة الدولة لشؤون النازحين، خلفاً للسيد “معين المرعبي” الذي كان ضمانة قوية تستند إليها ظهور السوريين المستضعفين في لبنان.
لقد تخلى “تيار المستقبل” وزعيمه “سعد الحريري” عن ملف اللاجئين السوريين لصالح حلفاء الأسد؛ مليشيا “حزب الله” وشريكه في التسلط على لبنان، “التيار الوطني الحر” لأصحابه رئيس الجمهورية الجنرال “ميشيل عون”، وأقاربه، وهذا التخلي المشبوه لا يدع مجالاً للشك أن حكومة لبنان مختطفة بكل معنى الكلمة من قبل قوى الأمر الواقع في لبنان، الحليفة لنظام البراميل ونظام الملالي الإرهابي في ايران، وهو شأن لم يكن ليخص السوريين في شيء لولا أن دماء السوريين لم تجف بعد عن أيدي مجرمي ميليشيا حزب الله وشركائه في لبنان، ولولا أن مصير مئات آلاف السوريين الهاربين من جحيم جرائم الأسد هو اليوم على المحك أكثر من أي يوم مضى، ولا ينفع معه الصمت، وخاصة صمت قيادة المعارضة السورية، و”أصدقاء الشعب السوري”، إن وجدوا.
إن المتتبع لكمّ التصريحات العنصرية والأكاذيب والتحريض الذي يخرج من فم باسيل، يدرك حجم الحقد الذي يكنّه للاجئين السوريين، وكرهه للثورة السورية التي خرج أبناؤها يطالبون بالحرية والكرامة من النظام الذي أذل زعيمه “الجنرال” حين كان قائداً للجيش اللبناني، وجعله يهرب بجلده فقط، ليحتمي بالسفارة الفرنسية، ويبدو أن الجنرال وصهره، يستعذبان بقاء نظام الأسد، الذي شردهما عشرات السنين خارج لبنان، وكانا بفضل جرائمه لاجئين في أصقاع العالم!
ولا يفوت المتابع لتصريحات الوزير باسيل أن أسلوب رمي التهم على الآخرين، اللاجئين العزل المستضعفين، ما هو إلا محاولة للهروب من الأزمات المتلاحقة التي يعيشها لبنان وشعبه، وهي أزمات لا علاقة للاجئين السوريين بها، إذ أنها أزمات تعصف بلبنان منذ سنوات طويلة سبقت اللجوء السوري، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، والمتسبب الحقيقي فيها هو فشل الطبقة السياسية في لبنان بإدارة هذه الأزمات ومواجهتها بمنطق رجال الدولة، لا منطق رجال العصابات الذين لا يرون مشكلة في تغول الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة والفساد والتوريث السياسي، والمحاصصة الطائفية وحشد الأنصار بالتخويف من بقية الطوائف.
هذه الطبقة السياسية التي تحكم لبنان اليوم، تعيش في معظمها حالة إنكار لواقع البلاد المزري، وتهرب للتلطي خلف ملفات أزمات وهمية، مثل ملف اللاجئين الفلسطينيين، واللاجئين السوريين، وربما أرادت هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي أشعلت الحرب الأهلية اللبنانية وأدراتها بمنطق العمالة للخارج، واستفادت منها في الحرب كما انتهزت فرصة توقفها للتمسك بسلطة تتسلط على مستقبل الشعب اللبناني المنكوب على مختلف الصعد، المعيشية والخدمية والوطنية والهوياتية، لربما أرادت هذه الطبقة أن تكون سوريا نسخة من لبنان الحالي، مفككة وضعيفة ومحكومة بالتسلط والطائفية والصراعات التي لا تنتهي.
نعرف جميعاً أن الأحزاب المأزومة تلجأ إلى العنصرية لإيهام جمهورها المنهك من فشل سياساتها ومن الفساد والسرقات والنهب، أن السبب هو “الآخر”، ولا يجد قادة هذه الأحزاب الفاشلة حرجاً من التحريض العنصري على هذا “الآخر”، وانتهاك أبسط حقوقه وهو لاجئ ضعيف، والدفع به مكرهاً للاختيار بين الذل أو الموت، ذل البقاء أسير سياسات تمييزية عنصرية، أو العودة إلى محرقة الأسد والموت في سجونه بالتعذيب والتجويع، ولا يفكر قادة نظام الطوائف أن أفعالهم هذه تندرج تحت وصف الاشتراك بجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها نظام الأسد بحق شعبنا، وهي جرائم لا يسقطها التقادم، وستطالهم المحاسبة على المشاركة فيها عاجلاً أم آجلاً، وإننا مصممون على رؤية زعماء الفساد في لبنان يُحاكمون امام محاكم شعبهم المظلوم، أو محاكم سوريا الحرة، أو المحاكم الدولية، مهما طال الزمن.
يدرك ثوار سوريا الأسباب المتنوعة لأفعال طبقة الفساد السياسي الحاكمة في لبنان، وأن ما يقومون به من ضغط على اللاجئين ومن ممارسات عنصرية، يهدف أيضاً إلى إعادة السوريين الهاربين من الموت إلى حكم “البسطار العسكري” لنظام الأسد، كي يبتز العالم بهم ويطالبه بالأموال لإعادة إعمار ما هدمه وحلفاؤه بالصواريخ الإيرانية والروسية وبراميله الوحشية، وكي يزج بهم جنوداً في محرقة حربه ضد من تبقى من شعبه الثائر عليه، من دون أن يأخذوا بعين الاعتبار أن الظروف التي أجبرت هؤلاء على النزوح إلى لبنان لم تتغير، وما زال الخطر يحيق بحياتهم في حال عودتهم، وهذا ما حصل مع كثير ممن عادوا إلى مناطق سيطرة نظام البراميل الذي قتلهم في سجونه ومعتقلاته تحت التعذيب.
إن محاولات بعض الأطراف اللبنانية، في ظل صمت رسمي من حكومته، ليست إلا مشاركة للأسد في جرائمه ضد الإنسانية، وهي شكل من أشكال إرهاب الدولة، تمارسه الأجهزة الرسمية اللبنانية من دون خجل أو خوف، كما أنها انتهاك صارخ إجرامي لجميع القوانين والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين، وقبل كل هذا هي جرم أخلاقي واجتماعي مدان، لن ينساه الشعب السوري وقواه الثورية، وسيحاسبون عليه كل مشترك ومرتكب، بكل ما أمكنهم من وسائل.
وكما يحفظ ثوار سوريا أفعال من ارتكب بحق شعبنا جرائم القتل والإذلال، نفسح في قلوبنا للأحرار مكاناً، أولئك الذين ما زالوا يتمسكون بأخلاق حسن الجوار وبإنسانيتهم من خلال دفاعهم المتواصل عن اللاجئين السوريين، داعين إلى توفير الملاجئ الآمنة لهم، ومتصدين لمحاولة إعادتهم مكرهين إلى الموت لدى نظام الأسد، وفي مقدمة هؤلاء الأحرار الزعيم وليد جنبلاط، ونتوجه بالشكر له على مواقفه التي لن ينساها السوريون الأحرار، ومعه كل أحرار لبنان وشرفائه.
ويبقى أن نذكّر قادة المعارضة السورية أن صمتهم وسوء إدارتهم ملف حماية اللاجئين السوريين في لبنان من تعسف سلطاته الرسمية السياسية والأمنية والمليشياوية، هو جرم مدان يضاف إلى سلسلة جرائم المعارضة بحق السوريين الأحرار، جرم سيحاسبون عليه أسوة بجرائمهم الأخرى، في تفرقهم، وتخاذل بعضهم وضعف آخرين، وعمالة بعضهم لأجهزة ودول خارجية لا تقيم وزناً لآمال وآلام السوريين الذي قدموا الغالي والثمين من أجل كرامتهم وحريتهم، ولن يبخلوا في تقديم كل ما يلزم من جهد لمحاسبة كل مجرم ومتخاذل.