الرئيسة \  تقارير  \  لن تكون نزهة.. تكتيك حرب الشوارع قد يكلف روسيا آلاف القتلى في أوكرانيا

لن تكون نزهة.. تكتيك حرب الشوارع قد يكلف روسيا آلاف القتلى في أوكرانيا

26.01.2022
تي ار تي عربي


تي ار تي عربي
الثلاثاء 25/1/2022
بلغت المخاوف من غزو روسي محتمل للأراضي الأوكرانية ذروتها خلال نهاية الأسبوع، بعد فشل آخر جولة مفاوضات قادها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وانتهت قبل موعدها المحدد دون أن تسفر عن أي حلحلة للوضع الملتهب على الحدود الشرقية لأوكرانيا.
تزامناً مع ذلك، كثف الجانب الغربي من إمداداته العسكرية إلى الجيش الأوكراني، من أجل تعزيز دفاعه عن أرضه. كما حذرت الخارجية الأمريكية في بيان لها، رعاياها من التوجه إلى أوكرانيا، وطلبت من موظفيها المباشرين في سفارتها بكييف وأسر الدبلوماسيين المغادرة.
أمام جديَّة هذا التهديد تُعِّد كييف الخطط للمواجهة المحتملة، وفي جزء منها حرب الشوارع، فبدأت بتدريب المدنيين على تكوين ميليشيات لقيادتها، ما قد يجعل من البلاد جحيماً للجنود الروس ويكبح تقدمهم. تدريبات يديرها خبراء عسكريون أمريكيون وقوات خاصة من باقي الدول الغربية، حسبما تورد التقارير الإعلامية في هذا الصدد.
مدنيون يستعدون للحرب
صبيحة السبت البارد، اجتمع حوالي ستون رجلاً وامرأة بالغابة المتجمدة في ضواحي مدينة كييف. يمكن لهذا المشهد أن يكون نزهة اعتيادية للاستجمام بعد أسبوع عمل حافل، لولا أن طبول الحرب ترج أرجاء البلاد قادمة من الشرق حيث تحتشد جحافل الجنود الروس تأهبا للقيام بغزو محتمل، لقد كان الاجتماع تدريباً عسكرياً للمدنيين من أجل الدفاع عن أرضهم.
أصبحت حصص التدريبات العسكرية هذه طقساً شبه أسبوعي لما يزيد عن سنة في كافة أرجاء أوكرانيا، بعد أن فتحت السلطات الأوكرانية باب التطوع للمدنيين في المقاومة ضد العدوان الروسي المحتمل.
وتشمل هذه التدريبات تكتيكات حرب الشوارع، إضافة إلى كيفية التعامل مع الأسلحة النارية الخفيفة. لتكون هذه الكتائب أساس مقاومة قد تجعل من شوارع المدن الكبرى للبلاد جحيماً للقدم الروسية التي تطأها، وتُمكِّن الأوكرانيين من الدفاع عن بيوتهم وعائلاتهم من الاستباحة الروسية.
يقول إيجور سوبوليف، وهو النائب البرلماني الأوكراني السابق، والمتطوع حالياً في المقاومة المدنية، إن "هذه طريقة جيدة جداً لتدريب للأشخاص المدنيين الذين لديهم أسر وكبار السن، من أجل الدفاع عن أنفسهم". إذ يؤمن أن "هذا سيغير الوضع مع أمننا بشكل كبير" وذلك في حديثه لمراسلة شبكة الإذاعة العمومية الأمريكية (NPR).
ويضيف مدني آخر مشارك في نفس التدريب قائلاً: "كيف أشعر الآن؟ متعب قليلا. ولماذا أنا هنا؟ لأنني أوكراني، فهناك حرب مستمرة في بلادنا، ولأن بوتين في الواقع هو هتلر القرن الحادي والعشرين، التاريخ يعيد نفسه". وحسب متطوعة أخرى، وهي طبيبة في الأصل، فإن "خطر بوتين ليس فقط على أوكرانيا ولكنه خطر على العالم الديمقراطي بأسره (...) لهذا يشعر الناس أنهم يقاتلون من أجل شيء أكبر".
بالنسبة للجانب الروسي، هؤلاء المدنيين المتطوعين في القتال هم "فاشيون ونازيون تسلحهم كييف ضدها"، في محاولة لتصوير الحرب كأنها نزاع عرقي بين المكون الروسي والأوكراني في البلاد. وهذه الدعاية لا تقتصر على وسائل الإعلام الموالية للكرملين، بل سبق للمتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن اتهمت كييف بتدريب ما أسمتهم بـ"النازيين الجدد" ودفْع الأوروبيين والأمريكيين تكاليف تلك التدريبات.
حرب الشوارع في قلب خطة الدفاع الأوكرانية
منذ اندلاع حرب دونباس سنة 2014، وبعدها احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم، اعتمد الجهد الدفاعي الأوكراني على ميليشيات شبه عسكرية تقود حرب عصابات ضد الانفصاليين في دونباس المدعومين روسياً. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تكون نافعة أيضاً في الوقت الحالي من أجل ردع أي اجتياح روسي للأراضي الأوكرانية.
هذا ما يجمع عليه محللون استراتيجيون، كون حرب العصابات قد ترفع من تكلفة التقدم روسي المحتمل داخل الأراضي الأوكرانية، أي بدفعها لخوض حرب طويلة مع نشاط حرب عصابات كبير خلف خطوط الروس، بأسلحة خفيفة غير مكلفة يمكنها إحداث خسائر كبيرة في القوة المعادية.
إضافة إلى ذلك، وحسب مقال تحليلي على موقع مؤسسة "المجلس الأطلسي"، فإن "استخدام العبوات الناسفة من قبل قوات حرب العصابات الأوكرانية فعال جداً لمهاجمة نقاط الضعف رئيسية للجيش الروسي". وبالاعتماد على هذه التقنية الارتجالية وغير المكلفة يمكن للأوكران قطع مهاجمة خطوط إمداد الروس، أو حتى عزل وحداتهم إذا ما توغلت في العمق الأوكراني.
بالمقابل يحيلنا المحلل العسكري والسياسي الأوكراني، ألكسندر كوفالينكو، إلى خلل آخر في دفاعات الجيش النظامي الأوكراني، يمكن تكميله بتلك القوات شبه العسكرية والمتطوعين المدنيين. فقال: "لدينا الآن 250.000 جندي في الجيش النظامي، وذلك ليس كافياً لقيادة الجبهة وفي نفس الوقت الحفاظ على عودة القوات لتأمين الأجزاء الداخلية من أوكرانيا"، وبالتالي حسب كوفالينكو فإن "القوات شبه العسكرية مورد مهم لما لا نستخدمه".
ويقدر كوفالينكو أن هناك ما بين 50 إلى 60 ألف مقاتل من هذه القوات شبه العسكرية، وهي منخفضة التكلفة بالنسبة للحكومة الأوكرانية التي تعاني أساساً من ضعف تمويل مجهودها الحربي. إذ لم تتعدى ميزانية سنة 2021 المرصودة لتجهيز الجيش 838 مليون دولار، مقابل 60 مليار دولار خصصها الكرملين لهذا الغرض.
وحسب موقع ذا صن البريطاني يمكن للقوات الروسية المتأهبة لاجتياح أوكرانيا أن تلقى نفس المصير الأمريكي في حرب فيتنام، جراء اعتماد الدفاع الأوكراني على ميليشياته التي أثبتت إتقانها لحرب العصابات. ويضيف ذات الموقع أن "المساعدات الغربية العسكرية لأوكرانيا اهتمت أيضا بهذا الشق من الحرب، إذ تتولى قوات خاصة من وكالة الاستخبارات الأمريكية، تدريب المقاتلين الشبه عسكريين الأوكران على تقنيات حرب العصابات".
هذا ويذكر أن كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول البلطيق أرسلوا أسلحة مضادة للدروع إلى الجيش الأوكراني، كما أرفقت لندن أسلحتها بخبراء عسكريين لتدريب قوات كييف على استعمالها. فيما أرسلت كندا هي الأخرى قوات خاصة إلى هناك، قالت إنها "من أجل المساعدة على إخلاء البعثات الدبلوماسية في حال نشوب حرب".