الرئيسة \  مشاركات  \  لماذا تعثرت ثورتنا ؟؟

لماذا تعثرت ثورتنا ؟؟

11.08.2018
لمى الزعبي

 
هل لك أن تتخيل شعور أم و أطفالها حولها ينتظرون منها الطعام و الشراب وهي تحاول تخفيف آلامهم ومخاوفهم بمجرد كلمات دافئة صادرة عن أم تحبهم ويحبونها ، كلمات تشعرهم بأن كل شيء على ما يرام في الوقت الذي تقف فيه عاجزة أمام ماتسمع وما ترى من حولها؟.
هل لك أن تتخيل شعورها و طفلها يتألم بين يديها وهي عاجزة عن تخفيف ألامه وتهدئة مخاوفه .
وماذا عن ذلك الأب أو الزوج أليس من واجباتهما ( الأم والأب ) تأمين العيش الكريم و الأمان لأسرتهما.
ماذا كان بإمكان ذلك الاب أن يفعل ـ بدوره ـ حين يسمع صوت الطيران يحوم من فوقهم و يسمع القذائف تتفجر حولهم و العيون كلها متجهة إليه يطغى عليها الذعر و الخوف و هو غير قادر مثل أمهم على فعل أي شيء لحمايتهم ،. إن الشعور بالعجز في مثل هذه الحالات يمكن ان يجبر الإنسان أن يلجأ إلى أفعال و قرارات معينة ما كان ليتخذها في ظروف طبيعية أخرى .
من السهل علينا نحن من في المهجر أن نلوم مثل هذه الأم ومثل هذا الأب ونتهمهم بالتخاذل والجبن و نقول لهم لماذا لم تصمدوا مدة أطول؟ لماذا هجرتم دياركم ؟ لماذا رميتم سلاحكم ؟ لماذا و لماذا و لماذا ؟. هل لنا و لو للحظة واحده أن نقف و نضع أنفسنا في مكانهم ، وهل كنّا سنتصرف بطريقة أخرى يا ترى؟ فلنكن صادقين مع أنفسنا للحظة واحدة و نجيب على هذا السؤال. (هل من يأكل العصي كمن يعدها ? ) .
من المؤكد أن ثورتنا ليست أول ثورة شعبية في العالم فشعوب كثيرة سبقتنا إلى ذلك عبر السنين و دفعت أثماناً باهظة ثمناً لمواقفها ، ولكنها انتصرت أخيرا على طواغيتها وفرضت ديموقراطيتها، فلماذا تعثرت ثورتنا إذن؟ و لماذا فقد بعضنا الأمل بنجاحها؟. السبب بتقديري بسيط للغاية ، وهو ان ثورتنا فعلاً ليست الأولى في العالم ، بيد أنها الثورة الشعبية الأولى في العالم التي واجهتها معظم دول العالم وقفت ضدها و حاربتها إما بالسلاح ، (بالطائرات والدبابات والصواريخ والسلاح الكيماوي) ناهيك عن الكذب والتدليس . إنها الثورة الوحيدة التي اتفق على تدميرها و الوقوف في وجهها المسلم والمسيحي ، العلماني و المتطرف ، الغربي و الشرقي ، الأبيض و البني ، فما هو السبب ياترى ؟.
السبب برأي المتواضع ، أنه عندما انطلقت ثورات الربيع العربي عام 2011 وبدأت تنتقل من دولة لأخرى ، دق ناقوس الخطر عند الغرب و الشرق ،عند إسرائيل و دول الخليج ، عند الدول البعيدة و القريبة . فالبعض خاف على مكاسبه الاقتصادية في المنطقة و البعض خاف على أمن حدوده ( حدود سايكس ـ بيكو طبعاً) و البعض الآخر خاف على عرشه و كرسي حكمه فكان لابد للعالم أن يباشر "ثورة مضادة "ليسقط ثورات الربيع العربي كلها وعلى رأسها ثورتنا السورية العظيمة" ، ليجعل منها درسا يرهب به شعوب العالم الثالث خاصة بل و شعوب العالم عامة ، حتى لا تتسنى لها ولو للحظة أن تفكر يوما ما أن تنتفض على حكامها و ديكتاتورياتها ،على مستغليها و مستعمريها ، وخاصة على طغاتها مثل بشار الأسد . نعم أصبحنا نحن كبش الفداء لتعليم الشعوب الأرض كلها الخنوع و الاستسلام والركوع لأسيادهم.
إننا نقول لكافة شعوب العالم المغلوبة على أمرها ، والمحكومة من قبل طغاة مستبدين ، صغاراً كانوا أم كباراً ، نقول لهم : نحن من كسر حاجز الخوف في شرق المتوسط ، ونحن من كسر قيود العبودية و انتفض على الطاغوت في سوريا ، و نحن من هتفوا بصوت واحد بعد أن رفض الديكتاتور الإستجابة لمطالب الثورة في الحرية والكرامة (الشعب يريد إسقاط النظام) .
يبدو اننا الآن و بعد مرور أكثر من سبع سنوات على ثورتنا المباركة قد أصبحنا إمام خيارات ثلاث .
* الأول هو أن نستمر بالنهج نفسه الذي اتبعناه في سنوات ثورتنا السبع الماضية و الذي أدى إلى استشهاد أكثر من مليون سوري و أكثر من مليون جريح و مئات الآلاف من السجناء و أكثر من ثمان ملايين مهجر و تدمير البنية التحتية و الفوقية لوطننا.
* الخيار الثاني هو أن نستسلم و نعلن فشل ثورتنا و نطلب العفو و الغفران من المجرم الذي قتل وجرح وهجر هذه الملايين ، ونعده بأن نكون عبيد أوفياء له ونقبل راضين حكمه الديكتاتوري .
* والخيار الثالث هو أن نعيد النظر بشجاعة بأحداث السنوات السبع الماضية ونتوقف عن اتهام بَعضُنَا البعض بالمسؤولية عن الأخطاء السابقة و نتحمّل جميعنا مسؤولية هذه الأخطاء كثوار حقيقيين ، ونعيد بالتالي ترتيب أوراقنا ونعيد كفاحنا الثوري لمساره الحقيقي ، ولكن بطرق أذكى و وخسائر أقل وأترك لشباب ثورتنا الخيار.
لمى محمد الزعبي
تجمع أحرار بلا حدود