الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا الانسحاب الروسي من سوريا؟

لماذا الانسحاب الروسي من سوريا؟

14.12.2017
الخليج


الافتتاحية
الخليج
الاربعاء 13/12/2017
أن يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة مفاجئة إلى سوريا عبر مطار حميميم العسكري فهذه قضية عادية بالنسبة لرئيس تشارك قواته في الحرب على الإرهاب وتقدم الدعم للنظام السوري، والزيارة بهذا الشكل تأتي في إطار إجراءات أمنية متبعة في كل الدول التي تواجه أوضاعاً أمنية غير مستقرة.
لكن المفاجئ هو الإعلان عن بدء انسحاب القوات الروسية من سوريا بعد أن استكملت مهامها في المشاركة الفاعلة بتحرير معظم الأراضي السورية من تنظيم "داعش" الإرهابي، مع الاحتفاظ بقاعدتَي حميميم الجوية وطرطوس البحرية لأن وجودهما مرتبط باتفاق بين البلدين.
أما لماذا الانسحاب الآن؟ لأن موسكو ترى أن الوقت مناسب للانسحاب، فالجيش السوري بات قادراً بفضل الدعم الروسي وتجهيزه بأسلحة حديثة على حفظ الأمن، ولأن وجود "داعش" كتنظيم موحد وكتشكيل صلب انتهى، وسيستمر القتال ضد فلوله المشتتة المختبئة في البادية وبعض الجبال، وذلك لا يحتاج إلى مشاركة مكثفة من الجانب الروسي لتصفيتها إلا إذا احتاج الأمر تدخل القوات الجوية الروسية المتواجدة في قاعدة حميميم. ثم إن روسيا تتجنب بقاء قوات كبيرة الحجم في سوريا كي تتفادى المزيد من الخسائر، أو جرها إلى حرب استنزاف، خصوصاً أن القوات الروسية خسرت خلال مشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش السوري أعداداً معتبرة من الجنود والخبراء والمستشارين.
ثم إن الرئيس الروسي يرى ضرورة استثمار الإنجاز العسكري فوراً على طاولة المفاوضات وصولاً إلى حل سياسي، لذلك عرج على القاهرة وأنقرة حيث اجتمع إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان الحل في سوريا محور المحادثات بينهما، حيث اتفقا على ضرورة الإسراع في التوصل إلى تسوية سلمية تلبي تطلعات الشعب السوري، وكذلك كان الأمر خلال محادثاته مع الرئيس التركي أردوغان الذي أشار إلى لقاء آخر قريب مع الرئيس الروسي في مدينة سوتشي لبحث تفاصيل العمل سوياً بشأن الحل في سوريا.
لذلك، وفي تزامن مع جولة بوتين السريعة لثلاث دول في يوم واحد، أعلنت وزارة خارجية كازاخستان أن مؤتمر "أستانة 8" بِشأن سوريا سوف يعقد يومَي 21 و22 كانون الأول/‏ ديسمبر الحالي لمناقشة ملفَي المعتقلين والمفقودين ونزع الألغام، ونتائج ما تحقق في مناطق "تخفيف التوتر"، التي تتم برعاية روسيا وتركيا وإيران، وهي خطوات تراها موسكو ضرورية لإغلاق ملفات حيوية، أمنية وإنسانية تساهم في الحل السياسي وتخلق حالة من الثقة المتبادلة بين أطراف الصراع داخل سوريا.
روسيا تحسب خطواتها بدقة في ساحة صراع مفتوحة وتحاول تجنب أي خطأ كي تظل ممسكة بمعظم الأوراق