الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لبنان البوابة الواسعة لسوريا على العالم

لبنان البوابة الواسعة لسوريا على العالم

15.09.2021
غسان الحجار


 النهار
الثلاثاء 14/9/2021
مع ولادة الحكومة، وعودة المعزوفة عن “حصة” أو هوى سوري لدى بعض وجوهها الجدد، وتزايد البيانات والتصريحات عن ضرورة اعادة ترميم العلاقة بين البلدين المتجاورين، من منطلق نفعي على ابواب الانتخابات، أكثر منه منطلقاً وطنياً، اذ بات معروفاً ان المصالح الشخصية وضمان الوراثة السياسية وغيرها هي التي تحرك السياسيين اللبنانيين. ويكثر كلام “تبييض الوجّ” من ان #سوريا رئة لبنان التي لا يتنفس من دونها. وهذا صحيح نسبياً، لكن العلاقة برئتين، ولم يكن النظام الاسدي ليصمد في حربه لولا الرئة اللبنانية.
وعلى رغم الحاجة المتبادلة بين بلدين متجاورين، ولديهما علاقة تاريخية، وإنْ كانت ملتبسة على الدوام، فإن لبنان شكَّل بوابة سوريا الى العالم، وليس العكس كما يروّج البعض باستمرار بأن سوريا المعبر الوحيد للبنان. صحيح أنها المعبر البري للمنتجات اللبنانية الصناعية والزراعية الى العالم العربي، لكن قراءة متأنية في الوقائع، تظهر ان الفائدة التي تجنيها سوريا من بوابة لبنان، توازي، بل تتجاوز النفع المحقق للبنان، خصوصاً في زمن الحرب السورية. أضف الى ذلك ان الاقتصاد الحديث، يقوم على العالم الافتراضي الذي لا يحتاج الى معابر حدودية، وهو الاقتصاد المستقبلي.
وفي قراءة للأحداث الأكثر جدّية، فإن الترحيب السوري بإمرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان، لا يدخل اطلاقاً في الرغبة السورية بمساعدة الأشقاء في لبنان كما تردد في تصريحات مسؤولين سوريين، لأن المردود السياسي للخطوة أبعد بكثير من النفع الاقتصادي. ذلك أن النظام السوري ألزم لبنان الرسمي إعادة تفعيل التواصل معه عبر زيارة وفد وزاري رسمي، اضطر الى التغاضي عن غياب العلم اللبناني، متجاوزاً مطباً سورياً، لتحقيق مصلحة وطنية. أضف إلى ذلك أن إمرار الغاز والكهرباء يحقق منفعة مادية بحصص تجارية لكل الدول التي يمر المنتج عبر اراضيها، ما يعني ان سوريا ستفيد من الغاز والكهرباء معاً.
وزيارة الوفد الوزاري اللبناني لدمشق، استُتبعت بلقاء وزاري لبناني – سوري – مصري – أردني، أعاد النظام الأسدي الى خريطة المفاوضات واللقاءات العربية. ولم تكن الخطوة بعيدة عن موافقة ضمنية من الإدارة الأميركية التي علّقت – بغضّ النظر- “قانون قيصر”، وهذا التغاضي سيحمل دولاً غربية عدة على إعادة النظر في العلاقة مع دمشق انطلاقاً من مصالح شركاتها في إعادة الإعمار والاستثمار في بلد سيعاد بناؤه.
وفي المجالات الأخرى، فإن #مطار بيروت شكّل بوابة السوريين الى العالم منذ العام 2011 والى اليوم، ومثله #مرفأ بيروت لبضائع سورية مصدَّرة ومستوردة. ولا يمكن التغاضي عن مئات العائلات – من دون احتساب اللاجئين – التي لجأت او نزحت الى لبنان هرباً من جحيم الحرب السورية، فوجدت فيه ملاذاً آمناً.
وإذا كان الرئيس السوري تحدث مراراً عن ودائع مالية كبيرة في المصارف اللبنانية تؤثر سلباً على اقتصاد بلاده، فإن الواقع أن أصحابها أخرجوا أموالهم من وصاية نظامه ليفيدوا منها في مشاريع استثمارية وفي شراء عقارات، وبعضهم حملها من بوابة مصارف لبنان الى الخارج.
أما الاستشفاء والدواء فحدّث ولا حرج، ولولا القطاع الصحي اللبناني لما أمكن المسؤولين – تحديداً – في سوريا الصمود مدة عشر سنين وأكثر.
ومثله شهد قطاع النفط، إذ يهرّب البنزين والمازوت اللبناني الى سوريا، بعدما استهلك لبنان رصيده من الدولارات، لتغذية أسواق بلدين.
فهل بعد كل ذلك يُقال إن سوريا هي المعبر أم أن لبنان هو البوابة الواسعة للبلد الشقيق؟ من هنا، فان تصحيح العلاقة يفرض تصحيح النظرة الى الامور اولاً، فلا تستعاد علاقة دونية يفيد منها بعض اصحاب النفوس المريضة والمصالح الوضيعة.