اخر تحديث
الخميس-28/03/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ كلمات بلون الثلج : ( من لا يَرحم لا يُرحم)
كلمات بلون الثلج : ( من لا يَرحم لا يُرحم)
09.06.2019
يحيى حاج يحيى
يوما بعد يوم تكشف الحضارة المادية عن زيفها ، و فقدانها لأهم شروط الاستمرار والبقاء ، بعد أن جردت أبناءها من المشاعر الإنسانية و أوهنت الروابط الاجتماعية ، و جعلت المادة و الربح و الخسارة مقاييسها [ فقد جاء في تحقيق استغرق ست سنوات قامت به لجنة فرعية بمجلس النواب الأمريكي ، أن أكثر من مليون مسن ومسنة تتجاوز أعمارهم الخامسة و الستين يتعرضون لإساءات خطيرة! !فيضربون ويعذبون عذابا جسديا و نفسيا ، و تسرق أموالهم من قبل أهلهم ؟!
كما أن هذه الإساءات ليست مقتصرة على طبقة اجتماعية معينة ، بل تحدث في كل طبقات المجتمع الغنية و الفقيرة على حد سواء ، و في المدن الكبيرة و الصغيرة و القرى !].
و من المدهش حقا أن هذه الإساءات لها جذور عميقة في تلك المجتمعات فالذي يساء إليهم – اليوم – لم يكونوا أحسن معاملة لغيرهم! تقول الدكتورة (سوزان ستايمنتر)أستاذة الدراسات الفردية و العائلية بجامعة (ديلاوير) : [ اعتدنا طوال تاريخنا على الإساءة للمسنين ، ويمكن للمرء أن يجد حالات كثيرة في سجلات المحاكم في القرنين السابع عشر و الثامن عشر . إننا نميل للعنف البدني ، و قد أصبح هذا جزءا ثابتا من طبيعة عائلات كثيرة تسيء بالعنف للمسنين و الأطفال].
و يقول ربنا عز وجل في كتابه الحكيم ، دالا و مربيا و مرشدا (و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا ، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما ، فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما ، و قل لهما قولا كريما ، و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة ، و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ).
و قال عليه الصلاة و السلام فيما رواه الإمام مسلم : رغم أنف ، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر ، أحدهما أو كليهما ، ولم يدخل الجنة ). و هذا الإحسان إليهما في حياتهما ، و هو إحسان لا ينقطع بموتهما ، فقد روى أبو داود أن رجلا من بني سلمة قال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال : (نعم ، الصلاة عليهما ، و الاستغفار لهما ، و إنفاذ عهدهما من بعدهما ، و صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما ) ، وهو إحسان يتعدى إلى كل من تقد مت به السن فقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم – الشباب بإكرام الشيوخ و أنهم سيلقون في شيخوختهم من يكرمهم ، جزاء لما قدموه في شبابهم !! و هذه الرحمة تتجاوز الطاعنين من المسلمين لتشمل كل من أقعده العجز و بلغ الشيخوخة ، فقد رأى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في السوق شيخا كبيرا يسأل الصدقة فقال له : ما أنت يا شيخ ؟ قال أنا شيخ كبير ، أسأل الجزية و النفقة و كان يهوديا من سكان المدينة . فقال عمر : ما أنصفناك ، يا شيخ . أخذنا منك الجزية شابا ، ثم ضيعناك شيخا ! فمضى به إلى بيته ليعطيه طعاما ، ثم أرسل إلى خازن بيت المال يقول: افرض لهذا و أمثاله ما يغنيه ، و يغني عياله !..
في حضارة الإسلام لا تشمل الرحمة الأقارب فحسب ، و لكنها تشمل الأبعدين أيضا ، و تعم حتى المخالفين في الدين ، لأنها حضارة تحترم إنسانية الإنسان .
وفي حضارة الزيف و الطين جفت ينابيع الرحمة ، فلم تعد القسوة مقتصرة على المخالفين في الدين فحسب ، و لا على الأبعدين فحسب . و لكنها امتدت لتشمل الأبوين و الأقربين ، و هم في سن أكثر ما يكونون حاجة إلى الرحمة ! و شتان ما بين حضارتين !!