اخر تحديث
الجمعة-02/05/2025
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أسماء شهداء الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
كتب
\ قراءة في كتاب : علي الطنطاوي في نور وهداية
قراءة في كتاب : علي الطنطاوي في نور وهداية
22.09.2019
يحيى حاج يحيى
yahyahaj@hotmail.com
الكتاب يضم مجموعة من المقالات كان الشيخ علي الطنطاوي قد نشرها في بعض المجلات و الصحف ، أو أذاعها بصوته ، و لم يضمها كتاب سابق ، و قد قام بجمعها و نشرها حفيده الأستاذ [ مجاهد مأمون ديرانية ] و استعار لها اسم برنامج للشيخ علي [ نور و هداية ] الذي أمتع المستمعين و المشاهدين و أفادهم ، و ما تزال بعض الفضائيات تعيد فقرات منه .
فأسلوب الشيخ - رحمه الله - لا يمل ، و لا ينقص منه الزمن و قد امتاز بأنه السهل الممتنع ، و العفوي ، و الجاذب لللسامع و المشاهد و القارئ .
* بلغ عدد المقالات ستا و ثلاثين مقالة ، توزعت ما بين محاضرة و خطبة جمعة و حديث إذاعي و مقال منشور في صحيفة عدد ما أذيع [14] و ما نشر [ 22 ] شهدتها بغداد و دمشق و مكة و عـمّـان .
و كانت مقالة [ يا أيها المذنبون ] أقدم ما نشر في هذا الكتاب مما أذيع فهو خطبة جمعة ألقاها الشيخ في مسجد الجامعة بدمشق [ 1956 ] و نقلتها الإذاعة على الهواء
و أما مقالته [ في ذكرى المولد ] المنشورة في بغداد فتاريخها [ 1937 ]
و في ثنايا هذه المقالات ، و في تضاعيفها يقع القارئ على درر من الحكم البليغة و الآراء النافعة و التجارب المفيدة
منها على سبيل المثال :
- يا ليت الموت هو الغاية ! إن الموت بداية لذة لا آخر لها أو ألم ما له من نهاية .
- ليست الصلاة ركوعا و سجودا و رياضة ، فإن ذلك جسمها ؛ و الجسم لا يقوم إلا بالروح ، فإذا خلت منها الصلاة كانت صلاة ميتة لا تنهى عن فحشاء و لا منكر ، و لا تُـشعر بلذة !
- الفضل في الإسلام بالتقوى وحدها ، أي بالمزية الشخصية التي يستطيع من شاء اكتسابها ، على حين يتفاضل الناس بالأحساب و الأنساب و المناصب و الأموال
- لقد فتحنا بالإسلام ثلث المعمورة من الأرض في ثلث قرن و رفرت رايتنا على ما بين البحر الهادي و البحر الأطلنطي ، ، فلما تركنا الإسلام رفرفت راية اليهود على القدس ، ثالث الحرمين و أولى القبلتين !
[ الله أكبر ] هذا النشيد العلوي الذي لم يهتف لسان الأرض و من فيها ، و لم تسمع أذن الكون نشيدا أسمى منه سموا و لا أروع منه روعة !
- إن سدت الطرق أمامكم ، و ضاقت عليكم الأرض فإن طريق السماء لا يسد أبدا ، و إن كرم الله لا يضيق بسائل و إذا كانت أبواب الملوك عليها الأقفال و الحجاب فباب ملك الملوك مفتوح دائما ؟!!
و إذا رحت تدقق في كل مقالة أو حديث مذاع أو خطبة لا تدري بماذا تعجب ، أبأسلوب الكاتب و هو يتحدث إليك بلا كلفة أم برجاحة عقله ، و صفاء فكره ، و غنى تجاربه ؟!!
و لا نبالغ بالقول أن عليا الطنطاوي مدرسة في أحاديثة المذاعة و كتاباته المتنوعة الرائعة ، مدرسة قائمة لا تغلق أبوابها في وجه أحد، ينجذب إليها و يفيد منها العامي و المثقف فهي لا تخص طبقة دون طبقة ؟!!
و إنك لواجد في هذا الكتاب بمقالاته الست و الثلاثين علي الطنطاوي كما تسمعه و تقرأ له ، ابتداء من أقدم مقال منشور في هذا الكتاب [ 1937 ] إلى أحدثه [ 1988 ] و جميعها على اختلاف موضوعاتها و ألوانها تصب في مجال التثقيف و التوعية و الإصلاح ، و تقديم صور من الحياة و نماذج من التجارب ، و لا ينبئك مثل خبير
و الرجل إن حلق في موضوعاته و أفكاره و سمق فهو لا يقطع الصلة بالواقع و لو كان الواقع مترديا
و إن صاغ معلوماته على السجية فهو لا ينزل بها إلا ليرتفع بقارئ قليل المعرفة أو سامع ضئيل التجربة ..
فالقراءة لمثل علي الطنطاوي كما أنها تسر النفس ، و ينشرح لها الصدر فهي تعلم و تربي و تثقف و تنـوَّر و تبشر و تصلح و من جميل ما وقع لي في أثناء قراءتي الكتاب أن وجدت جوابا و تعليلا لتساؤل مضى عليه سنوات طويلة
ذلك أني زرت بغداد [ رد الله غربتها ] عام 1982 و صليت الظهر في مسجد الإمام الأعظم فيها فشعرت بحالة من الرقة و الخشوع إلى حد البكاء ، و حدثت إخوانا لي كثيرين بذلك و أنا في تعجب طال .. فلما قرأت مقالة الشيخ [ بين يدي الله ] المنشورة 1939 ، عرفت السبب و بطل العجب .. كما يقولون ؟!
يقول الشيخ علي الطنطاوي - طيب الله ثراه - للمسجد في ساعة الفجر روعة و جلال و أثر في النفس لا يدركه البيان و لمسجد أبي حنيفة أوفر نصيب من ذلك ، و أشهد أني لم أجد في بغداد كلها مكانا أحس فيه الاطمئنان و أشعر فيه بالخشوع و التجلي كهذا المسجد ، لا لمكان أبي حنيفة منه ، فإن أبا حنيفة لا يضر و لا ينفع ، و لا يكون مؤمنا من يرى فيه ذلك ، أو يتخذ من قبره صنما يعبده و يتمسح به ، و لكن الله قد خص هذا المسجد بهذه الروح لإخلاص أبي حنيفة الإمام الأعظم ، و علمه و أثره في الفقه الإسلامي و إجماع المسلمين على محبته و إجلاله .
أقول مضيفا : و مثل ذلك وجدت في مسجد تلميذه أبي يوسف - رحمه الله - أديت فيه صلاة المغرب مع صديق لي ، و لم ندرك صلاة الجماعة ، فأحسسنا أن ثقلا زال عن صدورنا ، و لا سيما بعدما مررنا على أضرحة و مشاهد يدعى فيها غير الله ، و تطلب من مدفونيها الحاجات .. و هم أحوج ما يكونون إلى الدعاء لهم بالرحمة و المغفرة .
و إذا كانت هذه المقالة تعجز أن تذكر كل ما في الكتاب من مضامين فإن في عناوينها أو بعضها استدراكا لما عجزنا. من مثل : روح الصلاة - هل نحن مؤمنون - التوبة - من روض النبوة - عبرة السيرة - النفس الأمارة بالسوء و النفس اللوامة - الرزق مقسوم و لكن العمل له واجب- يا سيدي يا رسول الله - يا شباب الإسلام - النية الصالحة أصل لكل خير - الحرب و الإيمان - رحلة الحج - فطرة الإيمان
و لا أجدني في هذه العجالة ، و قد أعيا القلم أن يحيط بكل ما في الكتاب و يعرض ما فيه من درر ، إلا أن أقف عند هذه الحادثة التي وقعت للشيخ - رحمه الله - و هي تهز القلب و تدمع العين ، و فيها عبرة لمن أراد أن يعتبر كان الشيخ - رحمه الله - مع أقربائه في دعوة كبيرة ، و لم يمض إلا نصف ساعة حتى أحس بالضيق و لم يعرف له سببا ، فعجب الحاضرون ، فخرج معتذرا ، و لم يستعمل وسيلة نقل ، فمشى و كان الطريق مقفرا و الليل ساكنا ، فوجد امرأة تحمل ولدا و تسحب بيدها ولدا ، و هي تنشج و تبكي ، و تدعو دعاء خافتا لم يتبينه ، يقول : فاقتربت منها و سألتها : مالك يا أختي ؟ فنفرت مني ، و حسبتني أبتغي السوء منها ، و نظرت إليَّ ، فلما رأت أنني كهل ، و أنه لا يبدو علي ما تخشاه ، نفضت لي صدرها و شرحت لي أمرها ، و إذا قصتها أنها من حلب ، و أن زوجها يعمل موظفا في دمشق ، و أنه طردها من بيته ، و هي لا تعرف أين تذهب ، و ما لها إلا خال لا تستطيع الوصول إلى مكانه .
فقلت لها : أنا أوصلك إلى بيت خالك ، و اذهبي من الغد إلى المحكمة فارفعي شكواك إلى القاضي ، فازداد بكاؤها و قالت : و كيف لي بالوصول إلى القاضي و أنا امرأة مسكينة ، و القاضي لا يستقبل مثلي ، و لا يستمع إليه ؟
و كنت أنا يومئذ قاضي دمشق ، فقلت لها : لقد استجاب الله دعاءك يا امرأة لأنك مظلومة ، و دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب ، و أنا القاضي ، و قد استخرجني الله من بين أهلي ، و جاء بي إليك لأقضي - إن شاء الله - حاجتك
و هذه بطاقتي تذهبين بها غدا إلى المحكمة فتلقينني ]
جزى الله خيرا حفيد الشيخ الأستاذ [ مجاهد ] الذي أتحفنا بهذه المقالات ، و استخرجها كما يستخرج الغواص الدر و شكر الله للناشر الذي أبرزها و هو الخبير العارف قدرها ، في كتاب جميل ، جيد طبعا و إخراجا و ترتيبا.