الرئيسة \  مشاركات  \  قادة الدول والشعوب : بين المُرور والاستمرار، وبين الهَلاك والاستهلاك !

قادة الدول والشعوب : بين المُرور والاستمرار، وبين الهَلاك والاستهلاك !

08.05.2019
عبدالله عيسى السلامة




يمكن تصنيف قادة الدول والشعوب ، عبر الزمان والمكان ، أصنافاً عدّة ، تختلف ، باختلاف البيئات ، والظروف ، والأشخاص ..!
وأبرز الأصناف :
الصنف الأوّل قادة يُبدَّلون ، ويَمرّون: قادة يحكمون بلدانهم وشعوبهم ، فترات محدّدة ، ثمّ تنتهي فترات حكمهم ؛ سواء أحَكمَ أحدهم فترة ، أم فترتين ! وتبدّلهم شعوبهم ، عبر الانتخابات الحرّة ، فيمضي كلّ من هؤلاء ، إلى بيته ، أو إلى عمل آخر.. ويحلّ محلّه شخص آخر، يحكم، ويمضي ، كما مضى سابقه !
وهذا الصنف ، من الحكّام ، يأتي عبر نظم ديموقراطية ، تتضمّنها دساتير، تسنّها الشعوب ، عبر ممثّليها ، الذين تنتخبهم ، بالاقتراع الحرّ النزيه !
الصنف الثاني قادة يستمرّون ، ولا يستقرّون : هذا الصنف ، من القادة ، يأتي عبر انقلاب عسكري ، يفرز حكماً من المستبدّين ، الذين يحكمون البلاد والعباد ، بالحديد والنار.. ولايملك أحد ، أن يطلب منهم التنازل عن السلطة ، وتركها لمن يستحقّها ، عبر الاختيار الحرّ، من قبل الشعب ؛ لأن مصير من يطالبهم بهذا ، سيكون : الموت ، أو السجن ، أو النفي من البلاد !
الزمن يمرّ على الجميع : أمّا الزمن ، فيمرّ على الجميع ، بلا استثناء ؛ يمرّ على الحكّام وشعوبهم وبلدانهم ، فيفعل فعله ، بالجميع :
يُهلك المارّين ، ذوي الفترات المحدّدة ، وتبقى دولهم وشعوبهم ، تَذكرهم : بما أنجزوا ، وبما حقّقوا لها ، من تقدّم ، أو رقيّ ، أو نهضة : علمية ، أو صناعية ، أو ثقافية ، أو عسكرية .. أو نحو ذلك ! ويبني مَن بعدَهم ، على الأسس التي وضعوها ، مع التطوير والتحسين ؛ بما يناسب ظروف كلّ دولة وشعب ، وبما تطمح إليه أحزابهم ، وشعوبهم ، التي تراقبهم ، لترى ما قدّموا لها ، فتعيد انتخابهم ، أو تأتي بغيرهم ، عبر صناديق الاقتراع !
ويُهلك المستمرّين ، بعد أن يُهلكوا دولهم وشعوبهم : أمّا الذين يحكمون الدول والشعوب ، بالقوّة؛ سواء أوَصلوا إلى السلطة ، عبر انقلاب عسكري ، أو عبر حكم ورثوه ، عن انقلاب عسكري ؛ فيطول بقاؤهم في السلطة ، على قدر مايملكون من القوّة ، وعلى قدر ماتعانيه شعوبهم ، من الضعف ، الذي يحرص الحكام المستبدّون ، على تعزيزه ، وزيادته باستمرار، كي يظلّوا محافظين ، على بقائهم في السلطة !( مع ملاحظة : أن الأنظمة الملكية المطلقة ، تظلّ أرحم، بكثير، بشعوبها ، وأحرص على سعادتها وراحتها ، من الأنظمة الجمهورية ، التي تأتي ، عن طريق الانقلابات المسلّحة ، والتي تظلّ عيونها مفتوحة ، على مايمكن أن تسرقه ، من أموال البلاد والعباد .. قبل أن يطيح بها ، ضبّاط مغامرون آخرون ، يرسلونها إلى السجون ، أو القبور) !
وحين يمضي هؤلاء ، بالموت ، أو بثورات شعبية قويّة ، لايتركون ، وراءهم ، سوى الضعف والتخلّف ، لبلدانهم وشعوبهم !
ويستثنى ، من الأنظمة الملكية ، تلك التي تنصّ دساتير دولها ، على أنها تملك ، ولاتحكم ، وتسمّى : ملكيات دستورية ! وهي وراثية ، كالملكيات المطلقة ، بَيدَ أن الشعب يحكم نفسه ، عبر حكومات ينتخبها ، بالاقتراع الحرّ النزيه !
نموذجان :
مصر: دولة حكمها العسكر، من بداية الخمسينات ، في القرن العشرين ! وهي دولة تسمّى جمهورية ! واليابان دولة ملكية ، رأسُها الأعلى إمبراطور، هو رمز للدولة ، يملك ولا يحكم! وأيّة موازنة بين الدولتين ، تُظهر الفارق العظيم ، في مستوى كلّ منهما : علمياً ، واقتصادياً ، وعمرانياً ، وحضارياً !
وقد حكم اليابان رؤساء وزارات ، فترات محدّدة ، ومضوا : بالتبديل ، أو الموت ! وحكم مصر عسكر، بالقوّة المسلّحة ، ومضى كلّ منهم ، بالموت .. إلى أن جاءت الثورة الأخيرة / عام 2011 / التي أطاحت بآخرهم ، وانتُخب رئيس شرعي ، قام ضدّه انقلاب عسكري ، استمرّ سنين ، عدّة ، ومازال مستمرّاً ، وعدّل دستور دولته ، ليبقى إلى ماشاء الله ، في السلطة .. وشعبُه يعاني أسوأ أنواع المعاناة ، من : الفقر، والجوع ، والبطالة .. دون أيّ إنجاز يُذكر، على أيّ صعيد !