الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن الآباء والأبناء

عن الآباء والأبناء

24.03.2019
شادي خادم الجامع


سوريا تي في
السبت 23/3/2019
بعد الانقطاع عن عائلته وتعريض حياته للخطر في كل دقيقة لمدة سنتين كاملتين، استطاع المخرج السوري طلال ديركي مع المصور قحطان حسون أن يصلا بفيلمهما "عن الآباء والأبناء" إلى العالمية والفوز بجائزة سندس للأفلام الوثائقية في عام 2018 والترشح للقائمة القصيرة لجائزة الأوسكار في عام 2019.
(تحذير) المقال يحوي ذكراً تفصيلياً لمشاهد الفيلم، فلمن لم يشاهد الفيلم ننصحك في البداية أن تشاهده قبل قراءة المقال.
في البداية لا بد لنا أن نوضح نقطة مهمة وجوهرية عن فيلم "الآباء والأبناء"، وهي أن العمل لم يتناول السلفية والجهادية أو النصرة والقاعدة من باب الترويج أو التشهير، فمخرج الفيلم لم يتعرض لأي من ممارساتهم في القتال أو المعارك وخلافها، القصة ببساطة هي قصة مجتمع، لذلك لم يكن هنالك أي مشاهد عنف على الإطلاق.
قد يشاهد البعض الفيلم بشكل عابر أو دون أن يقرأ ما بين السطور، وبالتالي سيقوم بتحليل الفيلم بألف طريقة مختلفة، فمنهم من وجده فيلماً للترويج للنصرة، ومنهم من وجده فيلماً عن القاعدة والفكر الجهادي، وآخرون وجدوا أن مخرج الفيلم قام بتلميع اسم النظام بطريقة ما أو أخرى ومنهم من نسف انتماءه للثورة، ولكن النقطة التي لم ينتبه إليها أحد أن المخرج طلال ديريكي لو قام بذكر اسم النظام السوري بشكل صريح فمن المؤكد أن فيلمه لن يصل الى أي من المهرجانات العالمية.
طبعا لم يخلُ الفيلم من الرمزيات والإشارات والمشاهد ذات الأبعاد المتعددة والتي تقبل وتحمل العديد من الوجوه والتأويل والتفسير بالعديد من الطرق والأساليب.
 طبعا لم يخلُ الفيلم من الرمزيات والإشارات والمشاهد ذات الأبعاد المتعددة والتي تقبل وتحمل العديد من الوجوه والتأويل والتفسير بالعديد من الطرق والأساليب.
لكن علينا أن نكون حذرين ونشير إلى أن هذه النوعية من الأفلام ليست معنية بإيضاح من على حق ومن على باطل، وليس معنياً أيضاً بإيجاد الحقيقة الأبدية في المعضلة السورية أو البحث عن حلولها، الفيلم كان واضحاً جداً في تسميته فالاسم لم يأتِ عن عبث، فعنوان الفيلم كان أوضح من كل شيء "عن الآباء والأبناء" بكلمة أخرى بسيطة "أجيالنا" أو "مجتمعنا".
 لم يكن (حسين حبوش) أبو أسامة الجهادي هو بطل القصة أبداً بل كان السياق، إنما أطفاله (أسامة وأيمن) هما بطلا هذه القصة الحقيقيان، أبو أسامة هو من رسم معالم وخريطة هذه القصة.
أسامة وأيمن وتلك البيئة التي ترعرعا فيها والمجتمع المحيط بهما والظروف الإجبارية التي وضعا فيها والتي لم يكن لهم فيها لا حول ولا قوة حتى أصبحا على ما هم عليه في نهاية الفيلم.
القصة من البداية مشى فيها المخرج بطريق متوازية ما بين الشخصيات الثلاث: الأب أبو أسامة من جهة والأطفال أسامة وأيمن من جهة أخرى، فأبو أسامة كان من يخطط للمستقبل والحياة بحسب ما يراه الأفضل لأطفاله وقضيته.
لمدة سنتين على امتداد زمن الفيلم كانت هذه الفترة هي المرحلة المفصلية في حياة هؤلاء الأطفال رغم صغر سنهم، إلا أن والدهم رسم لهم المستقبل بطريقة ما أو أخرى دون أن يكون لهم يد في ذلك.
في البداية كانوا مجرد أطفال يركضون خلف بعضهم البعض تملؤهم الحياة بكل ما فيها من جمال وطاقة ولعب وحب
 (يقال: فاقد الشيء لا يعطيه وإذا لم يستطع الحصول عليه أو لمسه فيحاول تخريبه في بعض الأحيان)
مع سير أحداث الفيلم واكتشافنا كيف أن أطفال أبي أسامة حرموا حقهم في التعليم، إلا أن ذلك لم يذهب سدىً في نفوسهم بل كان له ردة فعل عكسية تجاه طلاب المدارس ممن هم في عمرهم، ردة فعل كانت عنيفة يملؤها العنف بشكليه المادي والمعنوي واستطعنا أن نرى هذا الكلام من خلال ما قام به الأطفال عندما كانوا بجانب المدرسة كيف كانوا يقومون برشق باص معلمات المدرسة والطلاب بالحجارة.