الرئيسة \  مشاركات  \  عملُ الخير : بين إخلاصه لله .. وإبطاله ، بالمنّ والأذى

عملُ الخير : بين إخلاصه لله .. وإبطاله ، بالمنّ والأذى

09.12.2019
عبدالله عيسى السلامة




قال ربّنا ، عزّ وجلّ ، يصف حال العمل وأصحابه ، بين الإخلاص لله ، والمَنّ والأذى، المبطلين للعمل ، الحارمَين  للثواب :
) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
من صوَر المنّ ،  قديماً :
 منّ قوم على النبيّ ، بإسلامهم ، فقال عنهم الله ، عزّ وجلّ :
( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ).
من  صور المَنّ ، حديثاً :
ما أكثر مانسمع ، من بعض الناس ، قولهم : أنفقتُ كذا وكذا ، في سبيل الله ؛ مَنّأً على غيرهم من الناس ، الذين ينالون شيئاً ممّا قدّم هؤلاء .. أو تَظاهراً ، أمام أناس آخرين ؛ طلباً للشهرة ، أو للثناء ، أو للحظوة !
وما أكثر مانسمع ، من بعض الناس ، قولهم : جاهدت في سبيل الله ، وشاركت في فتح المنطقة الفلانية ، وقتلت كذا رجلاً من الأعداء !
 وما أكثر مانسمع ، من بعض العلماء ، والمحسوبين عليهم : ألّفتُ كذا كتاباً ، وكتبت كذا بحثاً، وناظرت كذا عالماً ، وشاركت بكذا مؤتمر علمي !
وهنا تَدخل النيّة ، عاملاً حاسماً، في كسب ثواب العمل، أوفي إحباطه ! فإذا كانت النيّة متّجهة، إلى تَحدُّث صاحبها ، بفضل الله عليه ، دون مَنّ ، ولا تظاهر، ولاتفاخر على الناس .. فالثوابُ على قدر العمل ، وقد يضاعفه الله ، أضعافاً !
وكذلك ، إذا كانت النيّة متّجهة ، إلى حضّ الناس ، على فعل الخير، من : جهاد ، وبذل للمال، وطلب للعلم ، ونشره ، دون منّ ، أو تظاهر، أو تفاخُر !
وقد يقدّم بعض الناس خيراً ، لايعلنون عنه ، أو يتفاخرون به ، لكن النيّة لديهم ، متّجهة إلى كسب الثناء ، أو الحظوة ، أو الشهرة .. فهؤلاء كشَف أمرهم الحديث النبوي ، الذي يخبرنا ، أن أوّل مَن تسعّر بهم النار ثلاثة، عَلمَ الله نيّاتهم على أفعالهم : مُقاتلٌ يَدّعي الجهاد ، في سبيل الله.. ومنفقٌ ماله ، يدّعي أن الإنفاق ، كان في سبيل الله .. وعالمٌ يدّعي أنه طلب العلم ، وعلّمه ، في سبيل الله ! فيقال ، لكلّ منهم : كذبتَ ؛ إنّما فعلت ، ليقال ، وقد قيل! ( أيْ: نال أجرَ عمله في الدنيا) !
وممّا هو رائج ، كثيراً ،  قول بعضهم ، عاتباً ، أو مستنكراً : أنا من أصحاب الفضل والسابقة ، ويُفضّل عليّ غيري ! وقولُ بعضهم : لولا جهودي ، لَما حصل كذا وكذا !