الرئيسة \  كتب  \  عروض الكتب العربية والعالمية لشهر آب

عروض الكتب العربية والعالمية لشهر آب

16.08.2016
Admin


إعداد مركز الشرق العربي - إصدار شهري
 
عرض الكتب العربية :
  • د. محمد عمارة : كتاب القدس بين اليهودية والإسلام
  • نسيب شمس :العلاقات الإسرائيلية - التركية: واقع وتحديات
  • حسن صعب :قراءة في كتاب "الانتهاك الأميركي للسيادة السورية بين القانون والسياسة"
  • أحمد الراوي :علمنة اليهودية.. كتاب يكشف خبايا وأسراراليهودية
  • أحمد أصفهاني :غرائب وعجائب في كتاب معجمي
  • حسو هورمي. :"الفرمان الاخير" كتاب يوثق جرائم "داعش" ضد الكرد الايزيديين
  • حامد عبد الصمد  : كتاب "الفاشية الإسلامية" الممنوع نشره فى فرنسا
  • محمد شحرور :صدور الطبعة الثالثة من كتاب "السنّة الرسولية والسنّة النبويّة"
  • هانى سرى الدين :"إنه الاقتصاد يا عزيزى".. كتاب جديد لهاني سري الدين
  • د. سهيل عرّوسي :التصوف بين الدين والسياسة
  • حميد سليمان :مشفى الحرية".. كتاب لسوري عن علاج نفسي بالفن
  • أحمد الراوي :"يهودية بلا إله".. كتاب يكشف تخبط اليهودية وزيفها على لسان أهلها
  • صدور كتاب «الأمازيغ.. قصة شعب»، لمؤلفه عبداللطيف هسوف
  • «الفقر والبطالة».. كتاب جديد لمجد الدين خمش
  • كتاب "مدخل الى التنمية البشرية" للكاتب سلطان الخضور
  • كتاب «الطريق إلى الربيع».. الحياة والموت في فلسطين
  • عبدالله الطوالبة :قراءة في كتاب «العرب والديمقراطية.. أين الخلل؟»
  • شادي حميد :الكتاب: الاستثنائية الإسلامية.. كيف يعيد الصراع على الإسلام تشكيل العالم
  • عرض الكتب العالمية
 
عرض الكتب العالمية :
  • جيم إمرينس :عرض كتاب “إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط العثمانية: الحداثة، البيروقراطية الإمبريالية، والدولة الإسلامية
  • جاك اتالي: كتاب 100 يوم من أجل نجاح فرنسا.. بين «الانتحار» والنهوض
  • فيليبور كوليك :دليل للمنفى.. درب النجاح من خلال 35 درساً
  • توماس سنيغاروف :كتاب هيلاري كلينتون.. هل وراء كل امرأة عظيمة رجل؟
  • مارك سينجر : كتاب ترامب.. كثير من الرعب والكذب!
  • مايكل شيهان :«توازن القوى».. كتاب جديد يعرى الفوضى الدولية
  • مؤلفة أمريكية تفتح الصندوق الأسود عن أسرار الحياة داخل إيران..
  • غازي أورخان  :مراجعة كتاب، التاريخ السري للامبراطوريّة العثمانيّة
  • راي تقية، ستيفن سيمون :الكتاب: القوة العظمى البراجماتية: كسب الحرب الباردة في الشرق الأوسط
  • مارك لينش :الكتاب: الحروب العربية الجديدة: الانتفاضات والفوضوية في الشرق الأوسط
  • أوليفييه لاكوست :مستقبل الاتحاد الأوروبي.. بعد الخروج البريطاني
  • أنور شيخ : كتاب الرأسمالية.. لعبة الدوائر والمنافسة والصراعات
  • أنجا مانويل :كتاب السباق الهندي الصيني.. والاستراتيجية الأميركية
  • كيت أندرسون براور : كتاب السيدة الأولى.. الرفعة والقوة والمعاصرة
  • حول العالم في 40 كتابًا.. قائمة «فورين بوليسي» لكتبٍ من مدن العالم
  • روبرت ليغفولد :عودة الحرب الباردة..واقع العلاقات الأميركية الروسية
  • ديك موريس وآيلين مكغان :كتاب:كيف يمكن لترامب أن يفوز على هيلاري؟
  • يانيس توماس :صدر حديثا كتاب «أفريقيا الوسطى: مصير مسروق» لمؤلفه يانيس توماس
  • جان تيرول :نظرية اقتصاد الصالح العام
  • شيلا إليسون وباربرا آن بارنيت :كتاب 365 طريقة لتنشئة أطفال واثقين يؤكد: حب العائلة أساس بناء الأجيال
  • ميتشيو كاكو :كيف سيبدو العالم في 2100 .. كتاب فيزياء المستقبل يشرح لك ذلك
  • قراءة في كتابة “من يحكم العالم؟” لنعوم تشومسكي
  • فرانك ترنتمان  :كتاب إمبراطورية الأشياء..تاريخ الإستهلاك البشرى
  • تيتزيانو تيرتسانى :كتاب "خطابات ضد الحرب": ما فعلته أمريكا ضد أفغانستان خطأ كبير
  • مكرديج بولدوكيان :كتاب الصيارفة الأرمن : رأس المال الأرمني في الامبراطورية العثمانية
  • برتران بادي  :كتاب عندما يبدأ التاريخ : هل الحرب وحدها هي ما يبرر الدولة؟
  • فرانك ترنتمان :كتاب العالم يتطور على أساس سلوكيات الاستهلاك
  • زلماي خليل زاد  :سياسات إدارة بوش حافلة بالأخطاء
  • نداف شرجاى :"الكوتل المخفي" كتاب إسرائيلي جديد يكشف خطط تل أبيب لتهويد حائط البراق
  • مايكل ريد :البرازيل.. الصعود المتعثر لقوة عالمية
  • ذا ساكير :خنادق حرب عالمية في عيون «صقر» روسي
  • غريغ غراندين :ظل كيسنجر.. التأثير الطويل لرجل الدولة الأكثر إثارة للجدل في أمريكا
  • فيل كيلي :الجيوسياسية الكلاسيكية ... «نموذج تحليلي جديد»
  • "اعتداء ساراييفو" كتاب جورج بيريك المفقود
 
عرض الكتب العربية :
د. محمد عمارة : كتاب القدس بين اليهودية والإسلام
عرض/محمود الفطافطة
كثيرة هي الدراسات التي كتبها العرب والمسلمون عن مدينة القدس، والتي زخرت صفحاتها ببراهين الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في هذه المدينة المقدسة، ولكنها نادرا ما تهتم بمناقشة دعاوى اليهود والصهاينة والاستعمار الغربي حول "الحق" اليهودي في القدس، وأندر من ذلك أن تفند دعاوى هؤلاء الخصوم بالمنطق العقلي، والحجة والبرهان.
ومن أبرز الدراسات التي قامت بتفنيد جميع هذه الدعاوى بالمنطق والدليل دراسة المفكر الإسلامي د. محمد عمارة المعنونة بـ"القدس بين اليهودية والاسلام"، التي أكد فيها أن القدس إسلامية -هكذا كانت ولا تزال- وأنها لا علاقة لها بالدين اليهودي، ولا باليهود القدماء، فضلا عن الصهاينة المحدثين.
يناقش الكتاب، عبر تقديم قراءة متكاملة ومنطقية وجهة النظر اليهودية في القدس باعتبارها "يهودية" وليست إسلامية، مستعرضا الدعاوى الدينية والتحريفات التاريخية التي قامت بها الحركة الصهيونية واليهود على مر التاريخ لإثبات "أحقيتهم" بهذه المدينة دون أن يصلوا إلى شيء من ذلك. وفي المقابل يتتبع المؤلف وجهة النظر الإسلامية المؤكدة على إسلامية القدس وعروبتها، وأن السيادة الإسلامية على القدس ستعود يوما، لأن القدس جزء من عقيدة المسلمين، وهي ملك لهم، ومكان بارك الله ورسوله فيه.
-العنوان: القدس بين اليهودية والإسلام
-المؤلف: د. محمد عمارة
-الناشر: مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ـ القاهرة
-الطبعة: الأولى، 2016
عدد الصفحات: 176 صفحة
على خطى النازيين
يقول د.عمارة في مقدمة كتابه: "يبدو أن الصهيونية قد تعلمت من أعدائها النازيين فلسفتها في الدعاية والإعلام.. فالناظر في أكاذيبها حول "حقوقها" في القدس وفلسطين يجد أنها التطبيق الحرفي لفلسفة وزير الدعاية والإعلام في ألمانيا النازية (جوبلز) الذي كان شعاره: "اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، فإنك لا بد واجد من يصدقك".
وعلى هذا النحو، يسوق المؤلف جملة من المزاعم الصهيونية حول مدينة القدس نورد أبرزها. أولى هذه المزاعم ادعاء الصهيونية أن علاقتها بالقدس تعود إلى ثلاثة آلاف عام، عندما غزا الملك داود هذه المدينة في القرن العاشر قبل الميلاد. ويتناسى الصهاينة حقيقة أن القدس قد بناها العرب اليبوسيون في الألف الرابعة قبل الميلاد أي أن عمر عروبتها يزيد الآن على ستة آلاف عام، وأن الوجود العربي في هذه المدينة قد ظل متصلا عبر هذا التاريخ، بينما الوجود اليهودي بالقدس في عهدي داود وسليمان عليهما السلام لم يزيد على 415 عاما أي نصف عمر الوجود العربي الإسلامي في الأندلس!
أما ثاني هذه المزاعم، فيتمثل في اختلاق الصهيونية أن الرب قد وعد إبراهيم عليه السلام وذريته بأرض الميعاد، وأن اليهود هم ورثة هذا الوعد الإلهي. ويتناسى الصهاينة أن القدس عربية قبل دخول إبراهيم إلى أرض كنعان بأكثر من عشرين قرنا، وأن كتابهم (العهد القديم) يقول: إن هذه الأرض كانت أرض "غربة إبراهيم". أي أنه قد عاش فيها غريبا، وليس مالكا لها، كما يقول كتابهم: "إن إبراهيم في أواخر حياته قد اشترى من أهل هذه الأرض (العرب الكنعانيين) قبرا يدفن فيه زوجته (سارة) (سفر التكوين 23:1 ـ 20)، أي أنه حتى أواخر حياته لم يكن يملك في هذه الأرض شيئا حتى مكان قبر!
ويتناسى الصهاينة كذلك أن نصوص هذا "الوعد" في كتابهم ينقض بعضها بعضا.. فالوعد مرة بأرض كنعان (سفر التكوين 17: 3، 5، 8)، ومرة بالمساحة التي تبصرها عيون إبراهيم (التكوين 13: 14، 15)، ومرة بما بين النيل والفرات (التكوين 35: 12)، وهذه التناقضات تنسف هذا الادعاء من الأساس.
إعادة رسم الخرائط
وإلى جانب ذلك فإن سعي الصهاينة إلى تهويد القدس، وهدم المسجد الأقصى يدفعهم للحديث عن إعادة بناء المعبد (الهيكل) الذي بناه سليمان عليه السلام للرب في القرن العاشر قبل الميلاد، وهو المعبد الذي يريدون إقامته على أنقاض الحرم القدسي المبارك!
وفي تفنيد هذا الادعاء يؤكد عمارة أنه منذ احتلال الصهاينة للقدس سنة 1967 وهم يقلبون باطن الأرض بالحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي وحوله ولم يجدوا حجرا واحدا يُثبت أنه قد كان في هذا المكان معبد يهودي في يوم من الأيام. ثم على فرض أنه كان لهم معبد في القدس في غابر الأزمان، فهل يمكن أن يُعاد رسم خرائط الدول وحدودها، وملكيات الشعوب والجماعات البشرية بناءً على ما كان لأجدادها القدماء من معابد في بعض الأماكن!
فلقد بنى الملك الفارسي قمبيز (529 ـــ 522 ق.م) بمصر معابد عندما غزاها، فهل يأتي الفرس اليوم لاحتلال مصر بحجة أن ملكهم قد بنى فيها معابد لعبادة النار في ذلك الزمن القديم؟! كما بنى الإسكندر الأكبر (356 ـــ 323 ق.م) وخلفاؤه بمصر والشرق معابد على امتداد احتلالهم الذي دام عشرة قرون، فهل يأتي اليونان والرومان لاحتلال مصر والشرق الآن لاستعادة أماكن المعابد التي بناها أجدادهم في القرن الرابع قبل الميلاد!
وكذلك بنى العرب والمسلمون بالأندلس على امتداد ثمانية قرون المساجد والآثار الباقية حتى الآن، فهل نذهب لاحتلال إسبانيا لإعادة هذا التاريخ؟! ولقد كان لليهود بالأندلس المسلمة معابد طويت صفحتها مع خروجهم منها مع العرب فلم لا يطلبون من الإسبان استعادة هذه المعابد، والاستيلاء على أماكنها!
ثم إن سليمان عليه السلام الذي يزعم الصهاينة أنه قد بنى لله معبدا في القدس في القرن العاشر قبل الميلاد هو في عقيدتهم التي يتحدث عنها كتابهم (العهد القديم) "زير نساء" و"عابد أوثان" -كبرت كلمة تخرج من أفواههم- فهل زير النساء وعابد الأوثان وباني النصب لعبادتها من دون الله، الذي لم يحفظ عهد الرب وفرائضه -كما يقول كتاب اليهود- هو باني بيت الله الذي يريد الصهاينة إقامته على أنقاض الحرم القدسي الشريف!
وإذا كان كتابهم يقول إن مملكة سليمان -كل المملكة- قد تمزقت بغضب من الله، فكيف يسعى الصهاينة لإعادة وإحياء ما مزقه الله؟ وهل في ذلك إيمان منهم بربهم؟
تلك بعض الأكاذيب التي يروجها الصهاينة عبر الإعلام، ويخدعون بها ضحاياهم، وذلك حتى يقع في حبائلها الجهلاء. وإذا كان المنهج الإسلامي يُعلمنا مجابهة الأكاذيب بالحقائق، فإن هذا الكتاب هو إسهام متميز في دحض الأكاذيب الصهيونية حول القدس وفلسطين، وفي إبراز مكانة الحرم القدسي، ومدينة القدس، والأرض التي بارك الله فيها وحولها.
حائط للنواح فقط
وفي السياق ذاته يتطرق المؤلف للحديث عن حائط البراق؛ ليوضح أن معظم التقارير والدراسات تؤكد أن ما تسميه إسرائيل "حائط المبكى" هو جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف، وليس فيه حجر واحد يعود إلى عهد الملك سليمان، وطوال فترة الحكم الإسلامي للقدس لم يدّع اليهود يوما أي حق في الحائط، بل كانوا قانعين بالذهاب إليه للنواح حينا بعد آخر، وراضين بالتأكيدات التي أُعطيت لهم بأن العرب المتسامحين لن يتعرضوا لهم.
ويشير الكتاب إلى أن تقديس الحائط آت من أنه محل البراق، حيث نزل فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومر به، ثم ربط براقه في الحائط نفسه ليلة الإسراء، وأن وعد بلفور هو الذي حرض اليهود على تقديم مطالب لم يحلموا بها فيما مضى وصولا إلى احتلال القدس والاستيلاء على الحائط وسواه.
وبهذا فإن كتاب عمارة يسلك المنهج القرآني في التعامل مع دعاوى الخصوم، القائم على عدم تجاهل ادعاءاتهم، أو مصادرة أقوالهم، بل الرد عليها بالمجادلة بالتي هي أحسن، والحوار بالمنطق والحجة الدامغة. وعلى هذا الأساس نجح عمارة في تفنيد ادعاءات اليهود ومسانديهم في الأحقية بالقدس وجودًا وتملكا.
========================
نسيب شمس :العلاقات الإسرائيلية - التركية: واقع وتحديات
11 آب/ أغسطس 2016, 05:59م 50 قراءة
 تحاول الدراسة قراءة تطور العلاقات التركية - الإسرائيلية على المستويات الثلاثة: السياسية، والعسكرية والاقتصادية.
صدر أخيراً عن مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية دراسة للباحث اللبناني نسيب شمس بعنوان: "العلاقات الإسرائيلية - التركية: واقع وتحديات".تحاول الدراسة قراءة تطور العلاقات التركية - الإسرائيلية على المستويات الثلاثة: السياسية، والعسكرية والاقتصادية، كي تخلص إلى استشراف آفاق هذه العلاقات على ضوء التطورات في المنطقة وبخاصة في سوريا. كما تتابع الدراسة الموقف التركي من القضية الفلسطينية والعلاقة بين حكومة حزب العدالة والتنمية وحركة حماس.
المصدر: الميادين نت
 
========================
حسن صعب :قراءة في كتاب "الانتهاك الأميركي للسيادة السورية بين القانون والسياسة"
12 آب/ أغسطس 2016, 07:36م 94 قراءة
حسن صعب
 
هذا الكتاب هو رسالة جامعية تطرّقت بشكل منهجي وأكاديمي إلى قضية الانتهاك الأميركي للسيادة السورية، بالبعدين القانوني والسياسية.
شكّل التدخل الأميركي في سورية، على مختلف مستوياته، السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية وغيرها، سابقة خطيرة في إطار العلاقات الدولية وعلى صعيد الالتزام بمبادئ القانون الدولي والإنساني العام، وممّا قد يطيح ـ إذا ما انساقت الدول الكبرى  أو الصغرى وراء هذه السابقة ـ بسيادة الدول وبكلّ ما توصلت إليه الإنسانية من تقدّم على مستوى ترسيخ سيادة الدول والشعوب ومحافظتها على قرارها المستقل، بعد حروب ونزاعات دامية أزهقت أرواح ملايين الناس، وخصوصاً خلال الحربين العالميتين اللتين نشبتا خلال القرن الماضي -1914) 1918) و(1939 ـ 1945(.
من هنا كانت فكرة هذا الكتاب، وهو عبارة عن رسالة جامعية (ماجستير بالعلوم السياسية) تطرّقت بشكل منهجي وأكاديمي إلى قضية الانتهاك الأميركي للسيادة السورية، بالبعدين القانوني والسياسي، ومن عدّة جوانب ومسارات، لتخلص إلى مقترحات وتوصيات حول كيفية مواجهة وإسقاط هكذا تدخلات أجنبية سافرة ضدّ سيادات الدول في المستقبل، على قواعد قانونية وأخلاقية، راسخة ومتوازنة.
ورد في الفصل الأول من الكتاب أن مجموعة كبرى من القرارات والمؤتمرات الدولية تضمنت بعض القواعد والمبادئ المتعلقة بمبدأ السيادة، وهي رمت إلى تحديد حالات انتهاك هذا المبدأ. ومن هذه المبادئ:
أ ـ مبدأي وحدة الأرض وسيادة الشعب المكرّسين في ميثاق عصبة الأمم وفي ميثاق الأمم المتحدة، وفي القرار رقم 2625 (XXV) لعام 1970، وفي بيان هلسنكي (1975).
ب ـ حقّ كلّ دولة وكلّ شعب باختيار نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي بحرّية. وهذا الحقّ مكرّس في مختلف الإعلانات التي تمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتي تفرض حماية استقلال وسيادة هذه الدول، كالقرار رقم XX19652131، والقرار رقم XX26125 عام 1970.
لكن، في العصر الحالي، يدّعي البعض أن فكرة التدخل وحماية المدنيين تصبح مشروعة بناءً على قاعدتين قانونيتين أساسيتين يتضمّنهما القانون الدولي العام، وهما:
1 ـ التدخل بناءً على طلب الشعب.
2 ـ التدخل من أجل حماية حقوق الإنسان وتحقيق الحماية الإنسانية.
إلاّ أنه توجد معضلات عديدة تعيق التوصل إلى صياغة مقبولة عالمياً للتدخل الدولي، وأوّلها أن تخاذ القرار بصدد تدخّل خارجي، بغضّ النظر عن توافقه مع الشرعية الدولية، أو القانون الدولي العام، لا يكون مقبولاً في القانون الدولي التطبيقي دون موافقة مجلس الأمن الدولي. ويكفي اعتراض إحدى الدول الدائمة العضوية لمنعه) كما حصل مع الفيتو الروسي ـ الصيني ضدّ قرار أميركي بالتدخل العسكري في سورية، على خلفية مزاعم باستخدام أسلحة كيماوية في العام 2013.(
يتطرق الفصل الثاني من الكتاب، ضمن مبحثين موسّعين، لمواقف النظام وما يُسمّى قوى المعارضة السورية من التدخل الأجنبي في الشؤون السورية، وتحديداً التدخل الأميركي، لينتقل إلى عرض تحليل للذرائع الأميركية بشأن هذا التدخل، والمواقف الدولية والإقليمية منه، مع تركيز على مواقف الدول الفاعلة والمؤثّرة في هذا المجال.
ومن المواقف السياسية لقادة النظام في سورية، نقتبس موقفاً مميّزاً للرئيس السوري بشار الأسد، خلال استقباله وفداً أميركياً من أعضاء سابقين في الكونغرس وناشطين إعلاميين برئاسة رامزي كلارك، على أن السياسات التي تنتهجها الإدارة الأميركية في المنطقة، والمبنيّة على شنّ الحروب والتدخّل في شؤون الدول وفرض الهيمنة على شعوبها ومقدّراتها، لا تحقّق مصالح الشعب الأميركي وتتناقض مع قِيمه ومبادئه.
وبعد بدء إدارة أوباما بشنّ غارات جوّية على تنظيم (داعش) الإرهابي، الذي حقّق في العام 2014 تقدّماً مفاجئاً على الأرض (في سورية والعراق)، اعتبر الأسد أن الضربات التي تشنّها الولايات المتحدة وحلفاؤها هي انتهاك للسيادة السورية، وأن هذه الحملات الجوّية هي تدخل غير قانوني، أولاً لأنه لم يُغطّ بقرار من مجلس الأمن، ولم يراعِ سيادة دولة هي سورية.
أما قوى المعارضة، وأغلبها قوى عسكرية تسلّحت وتموّلت من قِبل دول إقليمية وأجنبية عديدة، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، فقد كانت لها مواقف ملتبسة أو متناقضة من التدخلات الخارجية في الأزمة السورية، بحسب مصالحها وتقديراتها، كما بحسب ارتباطها بهذه الدولة الداعمة أو تلك.
وبمعنىً آخر، فإن الجماعات والقوى (التي يصعب حصرها) كانت تؤيّد التدخل الخارجي (العسكري وغير العسكري) في الأزمة السورية، وهي باتت جزءاً منه في عدّة مراحل، وتستنكره حين يكون محدوداً أو ملتبساً أو موجّهاً لدعم فئات على حساب أخرى. ويبقى الرفض الكلامي لبعض مسؤولي وقادة قوى المعارضة للتمويه فقط، أو لإبراز استقلالية مدّعاة لهذه الجماعات ووطنية مزعومة أمام الشعب السوري، الذي أثبتت غالبيته رفضاً قاطعاً لأيّ تدخل خارجي مشبوه في الصراع الدائر على الأرض السورية، ومن دون رضا أو موافقة الدولة السورية، التي ما تزال تحظى بشرعية دولية وداخلية معتبرة، وهي تسيطر على أهم المدن والمناطق السورية.
ولا يخفى أن دعم النظام السوري الحاسم للمقاومة والممانعة التي تقوده إيران، هو سبب جوهري لمعاداة الإدارة الأميركية لهذا النظام الذي يهدّد مصالحها في المنطقة، كما يهدّد حليفتها «إسرائيل»؛ وهو كان دافعاً لتدخل تلك الإدارة، وبكلّ هذا العمق وهذه الخطورة في الصراع السوري، طيلة الأعوام القليلة الماضية.
الفصل الثالث والأخير من الكتاب، وعنوانه: أبعاد وتداعيات الانتهاك الأميركي للسيادة السورية، يعرض لمظاهر وأشكال الانتهاك الأميركي لسيادة الدولة السورية، على الصعد السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية، وموقعيّة هذا الانتهاك بين القانون والسياسة، من خلال آراء وتحليلات معتبرة لقانونيين وخبراء، ولينتهي بخاتمة شملت استنتاجات وتوصيات واقعية ومحدّدة خلص إليها مؤلّف الكتاب.
على المستوى السياسي والدبلوماسي، أورد الباحث العديد من النماذج والشواهد حول التدخّل الأميركي السافر في النزاع السوري، من خلال حركة السفير الأميركي الأسبق في سورية، روبرت فورد، لدعم المعارضين للنظام، أثناء وجوده في سورية، أو عبر المواقف الأميركية شبه اليومية، والداعية لإسقاط النظام؛ فضلاً عن الرعاية الأميركية الكاملة والمباشرة للتحرّكات والمؤتمرات واللقاءات التي كانت تهدف لإدانة النظام والضغط عليه وإحلال القوى المعارضة التابعة للأميركيين مكانه. وكلّ هذه الفعاليات تُعتبر خرقاً فاضحاً للسيادة السورية، وليست مبرّرة على الإطلاق، لأنها تخالف مبادئ وروح القانون الدولي.
وعلى المستوى العسكري والأمني، كان للسفير فورد ـ كما هو معلوم بالنسبة لكلّ سفراء أميركا في الخارج ـ مهام أمنية كبيرة قبل سحبه، لجهة دعم المعارضين السوريين للنظام، فضلاً عن دعم المؤسسات الإعلامية والقوى السياسية والجماعات الأهلية التي تواجه النظام، مدنياً أو ميدانياً، وذلك من خلال منظومة أمنية معقّدة برع الأميركيون في إنشائها ورعايتها قبل اندلاع الاضطرابات في مدينة درعا السورية (آذار 2011)، والتي تحوّلت إلى حرب عسكرية وأمنية شاملة فيما بعد، تحت نظر ورعاية الأميركيين المباشرة.
وكذلك كان واقع التدخل الأميركي على المستوى الإعلامي والنفسي، والذي أسهمت فيه أهم الأقنية التلفزيونية والصحف الكبرى والمحطات الإذاعية الأميركية، في سياق تشويه صورة النظام السوري وتضخيم أو تحوير ما يحصل على الأرض السورية، بهدف تأليب الرأي العام السوري والعربي والعالمي على النظام، ولتقديم المعارضين للنظام كضحايا للعنف الممارَس ضدّهم، وصولاً إلى تبرير ممارساتهم وجرائمهم الشنيعة ضدّ قوى النظام ومؤيديه وضدّ المدنيين السوريين عموماً، طيلة مراحل الصراع السوري المستمرّ حتى اليوم.
في نهاية الفصل الثالث من الكتاب، يحلّل المؤلّف موقعية الانتهاك الأميركي للسيادة السورية بين القانون والسياسة، من خلال عرض موثّق لأبرز وأخطر أنواع التدخل الأميركي في الشؤون السورية، رغم أن الكثيرين (من قوى المعارضة السورية والدول الداعمة لها) قد ساءهم ما وصفوه بتخاذل إدارة أوباما وعدم تدخلها المباشر لدعم ما سمّوه ثورة (الشعب السوري)، وتأييد العديد من المسؤولين الأميركيين لهذه المقولة.
أما في البعد القانوني، فيورد المؤلّف مواقف وآراء معتبرة لخبراء وقانونيين دوليين تدين التدخل الأميركي غير المشروع في الشؤون السورية، مثل رأي لرئيس كليّة الحقوق بجامعة لانكستر، سيجرون سكوغلي، الذي يقول: يلزم تناول الوضع في سورية من خلال ميثاق الأمم المتحدة. فإذا قرّر مجلس الأمن أن الوضع يمثّل خرقاً أو تهديداً للسلام والأمن الدوليين، فستتوافر لديه حجّة التفويض التي تحدّد استخدام الوسائل العسكرية الرامية لاستعادة السلام والأمن إن لم تُفلح الوسائل غير العسكرية وحدها. وتحتاج مثل هذه القرارات إلى موافقة جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وفي الوضع الراهن، ليس من المحتمل أن توافق روسيا والصين على مثل هذه الإجراءات. ومن ثمّ فإن قانونية التدخل دون موافقة صريحة من مجلس الأمن ـ التدخل لأغراض إنسانية ـ ستصبح محل شك.
وأخيراً، يقدّم الباحث في خاتمة الكتاب، جملة استنتاجات وتوصيات تصبّ في خانة تحقيق أهداف الكتاب، بإدانة التدخل الأميركي في النزاع السوري ومحاولة منع تكراره ضدّ دول وشعوب أخرى، من خلال اقتراحات محدّدة وعملية.
ومن أبرز المقترحات التي عرضها الكتاب، في الإطار القانوني: توسيع هيئة مجلس الأمن المقرّرة، والتي تضمّ حالياً الدول الخمس المعروفة (أميركا ـ روسيا ـ فرنسا ـ الصين وبريطانيا)، لتشمل دولاً صاعدة وقوية أخرى، بهدف إحداث توازن نسبي قد يصبّ في صالح الشعوب أو الدول المستضعفة؛ تشكيل لجنة أو مؤسسة دولية ذات رأي محترم، تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة أو من دونها، والتي يُختار أعضاؤها من كبار الشخصيات القانونية أو العلمية والإنسانية والسياسية، لكن من غير المرتبطين مالياً أو سياسياً بأية دولة، من أجل تقديم آراء وطروحات موضوعية وعادلة حول القضايا والأزمات والنزاعات الكبرى في العالم، إلى الهيئات والمؤسسات المعنية، بحيث لا يحصل تدخل عسكري أو غير عسكري في أيّ بلد إلاّ وفق رؤية واضحة ومرتكزة على مبادئ وروح القوانين الدولية والإنسانية.
أما في الإطار السياسي، فأورد مؤلّف الكتاب عدّة أفكار منها:
تطوير وترسيخ الروابط بين الدول والقوى المعادية للسياسات الأميركية، وتقسيم المهام بين هذه الدول والقوى، مع إطلاق فكرة (الجبهة العالمية المعادية للسياسات الأميركية) التي يمكن أن تتولّى إدارة الصراع مع الأميركيين وحلفائهم، سياسياً وعسكرياً وعلى المستوى القانوني والدولي ـ الأممي، بهدف كبح جماح هؤلاء ومنع تدخلاتهم السافرة وغير المشروعة في شؤون ومصائر الشعوب والدول المستضعفة.
والأهم في هذا السياق هو تبنّي طرح الدعم الشامل للحركات المقاومة والدول الممانعة للسياسات الأميركية التدخلية على مستوى منطقة (الشرق الأوسط) والعالم عموماً.
وفي نهاية الكتاب، ملاحق ثلاثة:
1)         لمحة عامة عن سورية ـ معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية.
2)         أهداف ومحدّدات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
3)         كرونولوجيا بالتدخلات الأميركية في الشرق الأوسط (2015 ـ 1920)؛ فلائحة: مصادر ومراجع الدراسة.
·       عنوان الكتاب: الانتهاك الميركي للسيادة السورية: بين القانون والسياسة.
·       المؤلّف: حسن صعب.
·       الناشر: مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية.
·       سنة النشر: 2016.
·       عدد صفحات الكتاب: 240 صفحة من القطع الكبيرة.
·       رقم ردمك ISBN 9-3507-0-9953-978
المصدر: الميادين نت
 
========================
أحمد الراوي :علمنة اليهودية.. كتاب يكشف خبايا وأسراراليهودية
الأربعاء, 10 أغسطس 2016 20:29
كتبت: هبة مصطفى
الديانة اليهودية هي تنقسم يهوديات وفي كل منهما اختلافات حادة تصل إلى الاعتقاد بوجود إله، أو عدم وجوده، وكل هذا يأتى تحت مسمى "اليهودية".. هكذا بدأ الكاتب الأستاذ الدكتور أحمد الراوي المتخصص في الشئون الإسرائيلية كتابه الجديد .
ويناقش الكتاب قضية الهوية اليهودية الإسرائيلية، ويحاول الإجابة على التساؤل المطروح من هو اليهودى؟ إلى جانب انفراد اليهودية بالدمج بين الديانة والقومية، وأن اليهودية قد تغيرت صورتها فى سياق خلق الثقافة الإسرائيلية التى هى مزيج من هويات علمانية ودينية طائفية.
ويهدف الكتاب إلى فهم اليهودية المعاصرة والجهود المبذولة من قبل أتباعها نحو علمنتها ومعرفة طبيعة الثقافة المعاصرة المتحكمة فيها، وفهم طبيعة المجتمع اليهودى بشكل عام، وطبيعة المجتمع الإسرائيلى بشكل خاص وهو مجتمع تسوده هذه اليهودية العلمانية وتسيطر عليه.
وترجع أهمية الكتاب إلى ما يكشفه من الأسرار تتخلل اليهودية، بارزا علمانيتها التى لاتعتقد فى وجود إله، وقد تم التعبير عن هذا الاعتقاد فى مقدمة الكتاب وفى أول فقرة من فقراته حيث تقول :" يؤمن اليهود العلمانيون بالإنسان ويرون أنه خالق القيم الإنسانية ولا يؤمنون بالله، فالله حسب اعتقادهم من صنع الإنسان ، إنهم يؤمنون بتطبيق قيم الإنسانية فى إطار اليهودية، وبحريتهم فى أن يختاروا لأنفسهم سبل تطبيق اليهودية".
========================
 
 أحمد أصفهاني :غرائب وعجائب في كتاب معجمي
آخر تحديث: السبت، ٦ أغسطس/ آب ٢٠١٦ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش) لندن – «الحياة»
كتاب «من أسماء العائلات العربية والإنكليزية» صدر عن «دار جليل للنشر والتوزيع» في عمّان، جمعه وأعده داود عبده، الاختصاصي في علم اللغة، وساعده في جزء منه الزميل أحمد أصفهاني. ومجموعة الأسماء الواردة في الكتاب، وتعد بالآلاف، هي حصيلة جهد بذله الدكتور عبده على مدى عقود في عدد من الدول العربية، واستكملها خلال إقامته في لندن قبل تقاعده إلى الأردن أخيراً. وورد في مقدمة الكتاب: «جُمعت أسماء العائلات الواردة في هذا الكتاب من مصادر عدة، قليل منها مسموع ومعظمها مقروء. وهي تمثل أسماء عائلات في جميع الدول العربية من دون استثناء، وردت في برامج مختلفة في الفضائيات وفي الصحف وبعض أدلة الهاتف وأسماء مؤلفي الكتب التي اطلعنا عليها وهي كثيرة».
ولعلّ اختصاص الدكتور عبده بعلم اللغة هو الذي أثار، في المرحلة الأولى، اهتمامه بأسماء العائلات العربية من حيث أوزانها. وقد لفت نظره أن غياب حركات وعلامات الضبط كالشدة والسكون «جعل بعض الأسماء تُقرأ بوجوه مختلفة». ومثال ذلك الأسماء على وزن «فِعال» أو «فَعال» أو «فعّال». وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إعطاء قراءات ذات معان مختلفة، بعضها طريف وبعضها الآخر مثير للدهشة.
وجاء في المقدمة: «وقد عجبنا من تمسك أصحاب بعض هذه الأسماء بأسمائهم تلك. ولا نلوم من يعتقد أن بعض هذه الأسماء ليس حقيقياً، لكننا نؤكد للقراء أننا لم نذكر في هذا الكتاب إلا ما سمعناه أو قرأناه».
يتألف الكتاب من اثني عشر فصلاً للأسماء العربية، وثلاثة فصول للأسماء الإنكليزية. ويعطي الفصل الأول «التنابز بالألقاب» صورة طريفة عن أسماء عائلات لا يتوقع الناس العاديون أن يجدوها قيد التداول. فمن العاهات والإعاقات: أبرص، أجرب، أحول، أخرس، أخنب، أشرم، أصم، أطرش، أفكح، أعرج، أعمش، أعمص، أعمى، أعوج، أعور، أفطس، اقرع، أكتع، أنقر، أهبل. وفي المخلوقات غير البشرية: أرنب، بس، جاموس، جحش، جحيشة، خروف، خزعل (ضبع)، ضبع، عجل، علوش (خروف)، فار، كليب، نمس، واوي (ابن آوى).
أما الأسماء المركبة الغريبة، فمنها: اُشرق لبن، بوز الجدي، حلاب النملة، دبس وطحينة، دبس ولبن، دك الباب، ذيب الوادي، ربع مد، سقف الحيط، سنقرط (سن اقرط)، صب لبن، عازم القط، عتمة الراس، عين الشايبة، قذاف الدم، قرن التيس، نايم الليل.
ومن الأسماء اللافتة تلك التي يتكرر مقطعها: بصبص، بعبع، بلبل، تفتف، جعجع، دحدح، رفرف، زعزع، زقزق، زمزم، سعسع، سكسك، فتفت، فشفش، كتكت، كركر، نعنع، هشهش، بوبو، جوجو، دودو، صوصو، طوطو، لولو، نونو، ديدي، سيسي، طيطي، كيكي، ميمي، بابا، دادا، ماما.
وهكذا، صفحة بعد أخرى يأخذنا الكتاب في رحلة لغوية مع الأسماء وأوزانها، فتتكشف أمام القارئ عوالم غريبة. والطريف كذلك، أن اللغة الإنكليزية تحتوي أيضاً على أسماء مشابهة. فمن الأسماء المركبة (مترجمة): صخرة النملة، حقل الرماد، رجل سيئ، ابن النحلة، أفخاذ عارية، حجر أسود، قدم عريضة، رأس مكنسة، براز الديك، قدم الغراب، رجل ميت، فأر الحقل، دون حب، بيت مجنون، فيضان الشتاء، ذباح الدود، فيضان الشتاء... وغيرها.
يمكن القول إن الكتاب معجم واسع، وإن كان من المستحيل أن يغطي كل شيء. وهو يشكل قاعدة قوية يمكن الانطلاق منها لاستكمال الجمع، أو للقيام بدراسات اجتماعية مقارنة بين العربية والإنكليزية. ذلك أن أسماء العائلات تعطينا صورة عن نظرة المجتمع إلى ذاته، وعن نظرة الناس بعضهم الى بعض.
========================
حسو هورمي. :"الفرمان الاخير" كتاب يوثق جرائم "داعش" ضد الكرد الايزيديين
GMT 14:19 2016 الجمعة ,05 آب / أغسطس
AddThis Sharing Buttons
بغداد – نجلاء الطائي
جرت في اربيل ، مراسم التوقيع على كتاب "الفرمان الاخير" عن الجرائم التي اقترفها تنظيم "داعش" ضد الكرد الايزيديين، للكاتب الكوردي الايزيدي حسو هورمي.
وجرت المراسم بحضور وكيل وزارة الثقافة والشباب في حكومة الاقليم وعدد من الكتاب والمثقفين والفنانين، على قاعة مديرية الرياضة والشباب في اربيل.
وكتاب "الفرمان الاخير" من تأليف الكاتب الكردي الايزيدي حسو هورمي، كتب باللغة العربية، ويوثق الجرائم التي ارتكبها تنظيم "داعش" ضد الكرد الايزيديين وكارثة سنجار والابادة الجماعية وخطف الفتيات الكرديات الايزيديات.
الكتاب يتألف من 184 صفحة تم طبع 2500 نسخة منها وتم طلع 500 نسخة منها في كل من العراق ولبنان وكندا، اعتمد فيه المؤلف على 175 مصدرا مهما لاثبات وتعريق الابادة الجماعية التي تعرض لها الكرد الايزيديون.
وقال الكاتب حسو هورمي ان الهدف من نشر الكتاب باللغة العربية هو تعريف 22 دولة عربية على جرائم "داعش" ضد الكرد الايزيديين في "جنوب كردستان" في اشارة الى المناطق ذات الاغلبية الكردية في العراق.
========================
حامد عبد الصمد  : كتاب "الفاشية الإسلامية" الممنوع نشره فى فرنسا
كتب أحمد إبراهيم الشريف  Share on googleplus Share on whatsapp
"الفاشية الإسلامية" اسم كتاب يثير الضجة دائما منذ كتبه صاحبة الألمانى المصرى الأصل الروائى حامد عبد الصمد وترجم للألمانية والإنجليزية وهو عادة ما يحقق الأكثر مبيعا، لكن فى فرنسا أعلنت دار نشر    بيرانا أنها عدلت عن نشر الترجمة الفرنسية خشية أن يحدث لها مثل شارلى إبدو"
"الفاشية هى نوع من الدين السياسي، اتباعها يعتقدون انهم يحتكرون الحقيقة المطلقة" هذه هى الجملة الأساسية التى يقوم عليها كتاب حامد عبد الصمد.
والكتاب، هو الرابع فى سلسلة الكتب التى أصدرها الباحث فى مواضيع متقاربة هي: مستقبل العالم الإسلامى، التحولات الأخيرة فى العالم العربي، والإسلام السياسى أو "الفاشية الإسلامية" كما عنوّن كتابه الأخير، دون مواربة أو رتوش.
 فكرة الكتاب جاءت إثر فتوى بالقتل أصدرها بحق الكاتب بعض رموز السلفية المصرية، بعيد إلقاءه محاضرة فى القاهرة فى 4 يونيو 2013، حول "الفاشية الدينية فى مصر".
الكتاب مقسم إلى 11 فصلا، يقارن الباحث فيها فكرة الإسلام الأصولى بالإيديولوجية الفاشية، لا لكونهما ينبعان من المعين الزمان ـ مكانى نفسه، ولكن من حيث تشابه شروط التجنيد والولاء، وبيئة العمل.  
ويتوقف الباحث على بدايات الدعوة الإسلامية، الشق المدينى منها خصوصا وناقش الباحث الحوادث التى وردت حيثياتها فى كتب السيّر والأخبار الإسلامية، مشيرا إلى استناد الأفكار والأدبيات الأصولية الحالية على تلك الحوادث و"جرّها" إلى الزمن الحاضر، من أجل انتزاع الشرعية و"المسند الشرعي" لها.
ويركز الكتاب على البيئة الاجتماعية والسياسية التى أخرجت كل من ابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب وأبو الأعلى المودودى وسيد قطب.
 ويخوض الكاتب فى مواقف حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين من النازية والفاشية، وكيفية إشادته بكل من هتلر وموسوليني، وينقل أجزاء من كتابة البنا عن تجربة كل من هتلر وموسولينى فيقول: هتلر وموسولينى يقودان دولتهما إلى الوحدة والتقدم والسلطة. يقومان بالإصلاحات الضرورية فى الداخل وإحقاق سمعة طيبة فى الخارج. يبثان الأمل فى الأفئدة، ويوحدان الشراذم تحت راية واحدة قوية" ص 36.
كذلك يعرض المؤلف فى كيفية احتضان البنا وتنظيمه للشيخ أمين الحسيني، مفتى فلسطين وحليف النظام النازى لاحقا، ومحاولة البنا اقتباس "الانضباط" النازى فى تشكيل "الجناح العسكرى السرى المسلح" للجماعة، فيذهب عبد الصمد بأن طريقة التفكير والعمل والشمولية فى الأهداف وإخضاع الفرد للسيطرة وفرض الولاء الأعمى عليه، وإذابة شخصيته وفردانيته فى التنظيم و"الافتداء" به من أجل "الهدف الأعلى"، لهو سمة مشتركة بين الفاشية الأوروبية والإسلام السياسي، نعم، كان الإخوان المسلمون مأخوذين بنموذج هتلر فى الحكم، وكانوا يحلمون بنفس قوة التنظيم والولاء الأعمى، وتوحيد المجزأ بقوة السلاح، وإخضاع الداخل وتذليل كل قوة خارجية.
ويشير الباحث إلى تجربة الإخوان المسلمين فى مصر بعد "ثورة يناير 2011" وكيف إنهم أرادوا مصادرة الدولة وتطبيق رؤيتهم الشمولية و"إحياء" التنظيم القديم والوسائل القديمة ذاتها، بالاعتماد على الفكر ذاته،  الإخوان اعتبروا الديمقراطية فى مصر حصان طروادة للقفز على الحكم.
========================
محمد شحرور :صدور الطبعة الثالثة من كتاب "السنّة الرسولية والسنّة النبويّة"
السبت, 06 أغسطس 2016 18:24 آية فتحي
  تستعد دار الساقي للنشر والتوزيع ﻹصدار الطبعة الثالثة من كتاب "السنّة الرسولية والسنّة النبويّة: رؤية جديدة" تأليف محمد شحرور.
 يقدم الكتاب قراءة معاصرة للسنة النبوية، بديلاً للمفهوم التراثي لها، الذي يفيد الاتباع والقدوة والأسوة والطاعة، حيث تُطرح هذه الأيام شعارات «الإسلام الوسطي» و«الوسطية»  و«الإسلام هو الحل» لكنها تبقى شعارات ضبابية وعاطفية، يعمد أصحابها إلى توظيف الدين والسنة النبوية خاصةً بما يخدم أغراضهم وأهدافهم.
بهذه الشعارات تقدمت الحركات الإسلامية إلى الأمام من خلال صناديق الاقتراع. وهذا النجاح يضعها أمام مسؤوليات هائلة، فكل فشل يصيب هذه الحركات سوف ينظر إليه أنه فشل للإسلام، وكما أنهم يعزون نجاحهم إلى الإسلام، فإن معارضيهم سوف يعزون فشلهم إلى الإسلام أيضاً.
محمد شحرور باحث ومفكر سوري، حائز على دكتوراه في الهندسة المدنية، بدأ في دراسة القرآن في العام 1970. من مؤلفاته "الدولة والمجتمع"، "الإسلام والإيمان – منظومة القيم"، "نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي"، "تجفيف منابع الإرهاب"، وعن دار الساقي "القصص القرآني" بجزءيه الأول والثاني، و"الكتاب والقرآن: قراءة معاصرة".
========================
هانى سرى الدين :"إنه الاقتصاد يا عزيزى".. كتاب جديد لهاني سري الدين
الخميس 11/أغسطس/2016 - 12:56 م
 
 القسم الاقتصادى
" انه الاقتصاد ياعزيزي" كتاب جديد للدكتور هانى سرى الدين - أستاذ القانون التجاري والخبير الاقتصادي المعروف.
الكتاب بمثابه تشريح للوضع الإقتصادى في مصر، وذو قيمه مضافه لأنه لا يكتفى فقط بكشف الأسباب الحقيقية للإرتفاع الخطير فى الديون وعجز الموارد وغياب العدالة الإجتماعية وتآكل الطبقة الوسطة وغيرها من القضايا المرتبطة بالإقتصاد المصري، ولكن يقدم كاتبه حلولًا واقعية قابلة للتنفيذ لكل هذه المشكلات.
الخبرة العملية والممارسة المتعمقة للعمل الاقتصادى والسياسى والممزوجة بالثقل الأكاديمى للدكتور هانى جعلت أطروحاته ورؤيته الإقتصادية أكثر منطقية وممتزجة بالواقع الذى تعيشه مصر، فالكتاب لا يطرح أفكارًا فلسفية ونظريات أكاديمية منفصلة عن الحياة، ولكنه يطرح نماذج إصلاحية تم استنباطها من الممارسة العملية وصالحة للتطبيق عبر رؤى وخطوات واضحة تتجانس مع الواقع الصعب للاقتصاد المصرى.
يقول الدكتور هانى سرى الدين "حاولت مخلصًا من خلال الكتاب أن أساهم فى وضع أسس طريق واضح إلى مستقبل اقتصادى أكثر إشراقًا، وهو أمر لن يتحقق بدون مصارحة أنفسنا بواقع الأزمات والمشكلات الإقتصادية التى نعيشها، ووضع برنامج إصلاحى حقيقى لديه أولويات واضحة تساعد على تحقيق نهضة اقتصاية ملموسة نشعر بها ويظهر أثرها بوضوح فى كافة جوانب الحياة".
الكتاب من القطع المتوسط وتبلغ عدد صفحاته 311 ويضم 87 مقالًا نشرها الدكتور هاني سري الدين على مدار العامين الماضيين تقدم الحلول قبل طرح المشكلات، وتبعد تمام البعد عن العواطف الشخصية والأهواء، وهى مكتوبة بلغة سهلة تجذب القارىء العادى وتجعله يستمتع بها بسلاسة، ليصبح أكثر دراية بحقيقة الوضع الإقتصادى والأزمات التى تواجهه ويتعرف على الحلول المتاحة، فهو كتاب يجمع بين ألم الواقع الإقتصادى العصيب والأمل فى مستقبل أكثر إشراقًا.
الكتاب من تقديم الإعلامى والكاتب الصحفى إبراهيم عيسى الذى يؤكد فى تقديمه على القيمة الكبيرة للكاتب قائلًا أنه " يملك ما لا يملكه كثيرون فى عالم الاقتصاد، فخبرته المهنية الكبيرة والناجحة فى عالم الاقتصاد والإستثمار تؤهله لقراءة دقيقة مالكة لمنطقها ومستندة لمرجعها العملى والعلمى فهو لديه كنزه المعرفى والأهم خريطة بألغام القوانين واللوائح الحكومية المنظمة للنشاط الاقتصادى.
========================
د. سهيل عرّوسي :التصوف بين الدين والسياسة
تاريخ النشر: الجمعة 05 أغسطس 2016
الصوفية سلوك وحياة لأهل التصوف، وهؤلاء كما يقول أحد أئمتهم، وهو عبد الكريم أبو القاسم القشيري، صاحب الرسالة القشيرية في علم التصوف، هم الذين إذا ما تكلموا عن أحوالهم وخلجاتهم وخواطر قلوبهم ومشاعرهم الذوقية، لم تسعفهم العبارة بتصوير تلك البارقة من الأحاسيس، لعدم وجود ما يماثلها في عالم الواقع والمحسوس غالباً.
وفي كتابه «التصوّف بين الفقه والأيديولوجيا» يرى الباحث السوري الدكتور سهيل عروسي أن التعامل مع موضوع التصوف كنزعة دينية ذات طابع فلسفي، هو تعامل محفوف بالمصاعب والمخاطر، ما يقتضي العمل على إزالة الشوائب والعوالق التي لحقت به عبر التاريخ، والتي أبعدته عن المعنى والمضمون لمصلحة المبنى والشكل.
ويأتي الكتاب في 232 صفحة، تتوزعها خمسة فصول؛ أولها «التصوف: النشأة والتعريف»، وثانيها «التصوف: المراحل والمصادر»، وثالثها «مرتكزات الخطاب الصوفي»، ورابعها «المذاهب الكبرى للصوفية»، أما الفصل الخامس والأخير فهو «اضطهاد الصوفية»ويتعمق الدكتور عروسي في موضوع كتابه، مبيناً سمتين رئيسيتين للخطاب الصوفي:
أولاهما الفرادة والخصوصية، سواء على مستوى الأداة (اللغة)، حيث تصعب دراسة النص الصوفي دون امتلاك خزين مفاهيمي قادر على التعامل مع المفردات الصوفية برموزها ومقاصدها؛ أو على مستوى القصد، والذي هو في جوهره القرب من الله ونيل المقامات التي يتجلى فيها الخالق للمخلوق.
أما السمة الثانية للتصوف فهي الإشكاليات التي رافقت الخطاب الصوفي على مستويات الدين والسياسة والمجتمع، والتي جعلته في أحيان كثيرة موضوع ريبة وشك واستهجان لدى البعض، واستحسان مشوب بالحذر لدى البعض الآخر. فظاهرة التصوف هي في جوهرها تعبير عن القلق الروحي، أو هي بالأحرى رحلة ذوقية وتجربة روحية ذات بُعد تخيلي غامض وإدهاشي.
ويبين المؤلف بعض الأسباب التي تجعل من مسألة التعامل مع التصوف مسألة مسوغة ولازمة، وهي عمومية وعالمية الخطاب الصوفي، وكونه مبدئياً لا يقتصر على دين دون آخر (إذ لكل دين متصوفته)، وانطلاق الخطاب الصوفي في التعامل مع الآخر من وحدانية الخالق ووحدة الدين، وتحديه للنزعات الاستمتاعية بروح زاهدة في العيش وراغبة عن المتع الحسية، وكون التصوف -كنهج وفكر وممارسة- يعارض الطغيان والظلم والاستبداد، كما تتحرك الصوفية ضمن الإطار العام للإسلام وداخل روحه الكونية الجامعة.
 
ويلاحظ الدكتور عروسي أنَّ الصوفية حين وجدوا أنفسهم بين مطرقة السلطة وسندان الفقه، تمكَّنوا من تجاوز تلك الثنائية القائمة على التحالف بين السلطان والفقيه، عبر ثنائية مضادة قائمة على التحالف بين الفكر وعامة الشعب. أي ثنائية الظاهر والباطن، وفلسفة التأويل التي عكست فكراً متقدماً وأفصحت في الوقت ذاته عن حنكة ودهاء وذكاء في أساليب المعالجة والمواجهة.
وإلى ذلك فقد حاول الكاتب التعرض لهذه النزعة الفلسفية، وما تعرض له أقطابها من عنف واضطهاد وصل أحياناً إلى حد القتل بأشكاله المختلفة، دون أن يعني ذلك وقوفه (الكاتب) مع ما حملته بعض النزعات الصوفية من شعوذات وخرافات في بعض الأحيان والمواقف. وفي هذا الإطار كان اعتماده على مصادر ومراجع متنوعة تعكس مختلف ألوان الطيف الفكري والسياسي، دون التحفظ على أي مرجع أو مصدر سوى ما يخالف الحقائق الأساسية للعقل والتاريخ والشرع.
ويذكر المؤلف أن أوَّل مدرسة عرفت للتصوف كانت في مدينتي البصرة والكوفة، أما المدارس التي عُرفت وشاعت، فأبرزها: مدرسة المدينة المنورة (وكانت متمسِّكة بتعاليم النبي عليه الصلاة والسلام في الزهد والورع)، ومدرسة الكوفة (مع أبي هاشم الكوفي الذي ارتدى جلباباً من الصوف في منتصف القرن الثاني للهجرة، واعتكف وحيداً يصلي ويتعبَّد)، ومدرسة البصرة (برز فيها الحسن البصري، أبو التصوف الإسلامي في مرحلته الأولى)، ثم مدرسة خراسان (مؤسسها أبو اسحق إبراهيم بن أدهم في القرن الثامن الميلادي).
وهكذا فإن نزعة التصوف هي أحد تيارات الفكر الإسلامي التي بدأت سياسياً بتأسيس الدولة الأموية، وفكرياً بحركة التدوين والتأويل في مطلع القرن الثاني الهجري. كما أن الصوفية هي انعكاس لحركة المجتمع ولا يمكن فهمها بمعزل عن باقي ظواهر المجتمع الأخرى، وقد أدى انغراسها في قاعدة المجتمع وهمومه لأن تكون في حالة ود وتفاهم مع العامة، محققة مكانة راقية، بل فريدة، في الآداب والفنون على اختلاف أنماطها.
محمد ولد المنى
الكتاب: التصوّف بين الفقه والأيديولوجيا
المؤلف: د. سهيل عرّوسي
الناشر: الهيئة العامة السورية للكتاب
تاريخ النشر: 2016
============================
حميد سليمان :مشفى الحرية".. كتاب لسوري عن علاج نفسي بالفن
 الإثنين 25-07-2016 PM 08:15كتب: أ ف ب
الفنان السوري حميد سليمان
يتحدث الفنان السوري حميد سليمان (30 عاما) اللاجئ إلى فرنسا، عن علاج نفسي بالفن في كتابه "مشفى الحرية"، وهو من نوع القصص المصورة ويروي بشكل مؤثر، النزاع السوري الذي هرب منه "سليمان" في 2011 بعدما سجن بسبب مشاركته في مظاهرات سلمية.
ويتحدر "سليمان" من دمشق، من والد مهندس ووالدة محامية معارضين منذ أمد طويل لعائلة "الأسد" التي تحكم سوريا، وفي سن الخامسة والعشرين، كان الشاب الأسمر صاحب الشعر الطويل، يتابع دراسة عليا في الهندسة المعمارية عندما بدأ "الربيع العربي" الذي حمل نسمة من الحرية إلى بلده.
لكن الانتفاضة الشعبية التي بدأت آنذاك ضد نظام الرئيس بشار الاسد قُمعت بقوة، وشارك حميد سليمان مع مجموعة في مظاهرات وفي تنشيط شبكة من الإعلاميين الهواة أصبحت في مرمى التهديدات، ويروي بصوت هادئ: "سُجنت لمدة أسبوع أدركت بعده أنه لا يمكنني البقاء".
ويتابع أنه غادر إلى مصر بسرعة "من دون أن يُتاح لي الوقت لوداع" الأصدقاء، وتعرض أحد أصدقائه للتعذيب حتى الموت على يد جهاز أمني، بحسب قوله، مشيرا إلى أنه لم يتخيل أن "الأمر سيطول كل هذا الوقت".
ويقول "كل القوى الغربية كانت تؤكد أن بشار الأسد لا يمكن أن يبقى، وكنا نصدقها".
بعد ستة أشهر في القاهرة، غادر إلى برلين، ثم انتقل إلى فرنسا، حيث عاش بشكل غير قانوني إلى أن حصل على اللجوء في 2014، وتزوج من ممثلة ومخرجة يقول إنها تساعده على تحسين لغته الفرنسية التي كانت لغة مجهولة بالكامل بالنسبة إليه.
بعد اعتداءات 13 نوفمبر في باريس، نشر الزوجان صورة على حساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهران فيها، وهما يتبادلان قبلة حاملين جوازي سفرهما وعاريي الصدر وراء لوحة تحمل رسالة حب وأمل في ساحة الجمهورية في العاصمة الفرنسية.
========================
أحمد الراوي :"يهودية بلا إله".. كتاب يكشف تخبط اليهودية وزيفها على لسان أهلها
كتبت- هبة مصطفى
"وشهد شاهد من أهلها.. اليهودية يتخللها عنصرية وانقسامات وتصدعات خطيرة تفوح منها عاكسة الوجه الحقيقى لها" بهذه العبارات بدأ الدكتور  "أحمد الراوي" المتخصص في الشئون الإسرائيلية كتابه "يهودية بلا إله" مستشهدا ومترجما للباحث الإسرائيلي يعقوب ملكين.
ويقدم الكتاب الصادر عن "دار رؤية للنشر" موقف غالبية اليهود اليوم من اليهودية ويعرض تعريفا جديدا لها ونظرة اليهود لليهودية باعتبارها ثقافة لا تتطابق مع الديانة فهى ثقافة اليهود فى كل عصر، ثقافة ممثلة فى مجمل إبداعات أعمال فنية وأدبية وفكر وأنماط حياة وطقوس دينية وعلمانية ومبادئ سلوكية.
ويوضح الكتاب أن الديانة اليهودية مرت بتحولات جذرية في كل عصر مما نتج عنها توقف أبناء الطوائف الدينية نفسها عن الحفاظ على قسم كبير من فرائض الشريعة في معظم مجالات حياتهم، وأن معظم اليهود في العالم وفي إسرائيل صاروا غير متدينيين فهم لا يحافظون على أحكام الشريعة ولا يترددون على المعبد ولا يسترشدون بالحاخامات ولا يرسلون أبناءهم إلى المدارس الدينية.
ويعترف الكتاب بفشل كل المحاولات التي أرادت بلورة الديانة اليهودية كديانة واحدة متجانسة ويشير إلى التعددية التي هيمنت عليها على مر العصور ويقدم وصفًا تفصيليًا لهذه التعددية الفكرية والدينية في كل عصر على حدة، ويرى أنها مبدأ موجه في الفكر اليهودي ومميز له.
ويبرز الكتاب حقيقة انفتاح اليهودية على ثقافات الشعوب الأخرى وتأثرها بها قديمًا وحديثًا، ويرى أن هذه التأثيرات قد أدت إلى ظهور أجيال يتمتعون بثقافات ولغات مختلفة. كما يعرض مفاهيم جوهرية لدى اليهود وينتقدها مثل مفهوم "الشعب المختار" والذي يعتبر اليهود أسمى من كل الشعوب وأنهم مختارون من قبل رب العالمين، ويرى أن هذا الاعتقاد يشكل خطرًا على عقلية المؤمنين به وإنسانيتهم وهو يمثل تعصبًا دينيًا وسيآسيا يجب التحرر منه وأن يحل محله مفهوم جديد وهو "شعب له حق الاختيار".
وقد عرض المؤلف الخلاف بين الأغلبية السكانية العلمانية والأقلية الدينية بإسرائيل  ويرى أنه خلاف حول أيهما أسمى وأفضل : قوانين الديمقراطية أم الشريعة الدينية. ومن هذا الخلاف انبثقت سائر الخلافات بين المتدينين والعلمانيين بإسرائيل، مثل الخلاف بشأن تفضيل القيم الإنسانية على فرائض الشريعة، والخلاف حول المساواة التامة بين النساء والرجال، والخلاف حول التعليم الإنسانى اليهودى، وحول قانون العودة، وقوانين التهود، وتعريف الانتماء إلى اليهودية، ومكانة المحاكم الربانية وحقوقها وتشكيلها، وواجب التجنيد، وفرض أحكام يوم السبت وشرائع دينية أخرى على العلمانيين، وغير ذلك من أوجه الخلاف المتصاعدة بين الجانبين.
ويناقش الكتاب العهد القديم من خلال رؤية نقدية ثقافية؛ فيقدم الدور الذى يلعبه العهد القديم فى الثقافة اليهودية وفى حياة كل التيارات والفرق اليهودية حيث يرى الكاتب أن العهد القديم لعب دورا حيويا فى كل ثقافات اليهود وبخاصة فى تجديد الثقافة العبرية فى فلسطين خلال المائة وعشرين عاما الأخيرة. ويكشف الكاتب عن نظرة قطاع عريض من يهود اليوم للعهد القديم ، كتابهم المقدس، على أنه مثل أى أدب قصصى وشعرى ويشكل أدب العهد القديم أيضا وثيقة تاريخية تعكس واقع اجتماعى وروحانى وثقافى لأبطال ومبدعى العصر الذى ظهر فيه هذا الأدب.

========================
صدور كتاب «الأمازيغ.. قصة شعب»، لمؤلفه عبداللطيف هسوف
يبحث كتاب «الأمازيغ.. قصة شعب»، لمؤلفه عبداللطيف هسوف، الصادر أخيراً عن دار الساقي للنشر، في الأصول الإثنية والثقافية للأمازيغ، موضحاً أنهم شعب غامض تكتنفه الألغاز والأسرار، وما زال يثير الكثير من الأسئلة والإشكاليات.
ومن ثم يسبر المؤلف أغوار المكنون في حياة هذا الشعب قديماً، ويبحث في أصوله الإثنية والثقافية، عبر الغوص في تاريخه وأساطيره، أديانه.. وأخبار الزعماء والأمراء منه.. والملوك والملكات.
المصدر - البوابه
========================
«الفقر والبطالة».. كتاب جديد لمجد الدين خمش
<< الخميس، 28 يوليو / يوليه/تموز، 2016 ShareThis Tweet Facebook  Print this page
عمان - الدستور
يعمل كتاب «الفقر والبطالة.. المؤشرات والسياسات العلاجية برؤى فلسفية»، الصادر حديثا لمجد الدين خمش، على تحليل مشكلتي الفقر والبطالة باستثمار المؤشرات الإحصائية الأردنية والعربية المنشورة؛ ويركز الكتاب على استعراض ومناقشة السياسات العلاجية الحكومية والأهلية المتبّعة لضبط ومعالجة هاتين المشكلتين في ضوء إعلان وثيقة الأردن 2025، «رؤية واستراتيجية وطنية» والتي جعلت من أبرز أهدافها تخفيض نسبة الفقر إلى 8% من السكان فقط من النسبه الحالية في الفترة 2010-2014، والبالغة 14,4% من السكان. وتخفيض معدل البطالة إلى 9,17% من معدلها المرتفع الحالي في منتصف عام 2015 والذي وصل إلى 12,9% من القوى العاملة، مرتفعاً نقطة مئوية كاملة عن هذا المعدل عام 2014، والذي كان 11,9%. كما وصل هذا المعدل في الربع الأول من عام 2016 الحالي إلى 14.6% من القوى العاملة.
يتكون الكتاب من خمسة فصول متوازية من حيث الأهمية والحجم، حيث يعمل الفصل الأول على تحليل الفجوات التنموية بين المحافظات الأردنية، وعمان العاصمة؛ والفجوات التنموية بين المحافظات ذاتها.
الفصل الثاني يعالج مشكلة الفقر ومصادرها في الأردن وعدد من البلدان العربية، وتداعياتها الاجتماعية والسياسية في البلدان العربية.
يقدم الفصل الثالث بيانات إحصائية أردنية وعربية منشورة حول معدلات البطالة، ونتائج دراسات ميدانية لتوثيق العوامل والأسباب الاجتماعية للبطالة.
أما الفصل الرابع، وهو حول البرامج والسياسات الموجهة لمكافحة البطالة والفقر فيبرز الدور الكبير لهذه السياسات في ضبط مستويات مشكلتي الفقر والبطالة ضمن حدودهما المألوفة.
أما الفصل الخامس والأخير في الكتاب، وهو حول المبادرات الفردية ودورها في مكافحة الفقر والبطالة.
========================
كتاب "مدخل الى التنمية البشرية" للكاتب سلطان الخضور
 الجمعة ,29 تموز / يوليو
AddThis Sharing Buttonsصدر حديثا عن دار الأبرار للنشر والتوزيع في عمان كتابا جديدا بعنوان " مدخل إلى التنمية البشرية " للكاتب سلطان الخضور.
ويقع الكتاب في 164 صفحة من القطع المتوسط حاول فيها الكاتب تسليط الضوء بشيء من التفصيل عن عناوين مهمة ولها علاقة بالتنمية البشرية.
ويشتمل الكتاب على ستة أبواب توزعت على 13 فصلا تناولت مفهوم التنمية البشرية وتطوره واهمية التنمية البشرية وامكانية استدامتها وخصائصها وإستراتيجياتها ومؤشراتها والاردن في تقرير التنمية البشرية لعام 2015 بالإضافة لعوامل نجاحها ومعيقاتها والتحديات التي تواجهها وكذلك الفرق بين التنمية البشرية وتنمية الموارد اضافة الى الفرق بين التدريب والتكوين في التنمية البشرية ودور المرأة والشباب فيها.
واشتمل الكتاب أيضا على ثلاثة ملاحق تناول الأول التجربتين الصينية واليابانية والثاني احتوى على مئة نصيحة للمؤلف في مجال التنمية البشرية فيما خصص الملحق الثالث لما يقارب 150 مفردة باللغتين الغربية والإنجليزية ذات علاقة بالتنمية.
وكان قد صدر للخضور في وقت سابق كتابا ثقافيا بعنوان بوح الخواطر وديوان شعر بعنوان لست عبثيا.
========================
كتاب «الطريق إلى الربيع».. الحياة والموت في فلسطين
رام الله «العمانية»: على مدار العقود الماضية، استمر النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي العنيد، الذي أصرَّ على اغتصاب الأرض والتوسع في بناء المستوطنات دون النظر إلى معاناة الفلسطينيين وسط تجاهل الدول الغربية. وفي هذا الإطار يتناول كتاب «الطريق إلى الربيع: الحياة والموت في فلسطين» للكاتب الأمريكي بن إهرنريش، الصراعات التي تشهدها الحياة اليومية الفلسطينية حيث ينقل المشهد من أرض الواقع.
ولا يُعدّ هذا الكتاب محاولة للتحقيق، بل إنه يعرض الجانب الآخر الذي يتجاهله الكثير من الكتاب الغربيين، ففيه وصف تفصيلي لواقع الحياة الفلسطينية والمقاومة في الضفة الغربية. ويتميز هذا الكتاب عن سواه بتوثيقه مأساة الفلسطينيين من دون انتقائية أو أي حذر من الحقائق والأرقام لدعم حججه لرصد معاناة المواطنين على أرض الواقع وشعورهم بأقصى درجات القهر.
وترجع أهمية الكتاب لخبرة كاتبه، فقد اعتاد على مدار ثلاث سنوات (2011-2014) السفر إلى الضفة الغربية، حيث كان يعمل لصالح جهات أمريكية منها صحيفة «نيويورك تايمز». وخلال تلك الفترة، التي قضاها في الضفة، كان يقيم مع عائلات فلسطينية في المدن الكبرى والقرى الصغرى على حد سواء منذ اندلاع «الربيع العربي» في عام 2011 حتى الاجتياح الدموي الإسرائيلي الأخير لقطاع غزة.
يُركز الجزء الأكبر من الكتاب على قرية النبي صالح، والتي تقع شمال غرب رام الله، في الضفة الغربية المحتلة، كما يتطرق إلى الأوضاع في مدينة الخليل. ففي عام 2009، بدأ سكان قرية النبي صالح -وخاصة عائلة التميمي- في تنظيم سلسلة طويلة من المسيرات، ولكنهم وُوجهوا من قِبَل المستوطنين المسلحين وقوات من الجيش الإسرائيلي. ويروي الكاتب أن القوات الإسرائيلية استخدمت الغاز المسيل للدموع -في كثير من الأحيان- وأطلقته على وجوه المتظاهرين مباشرة، كما أطلقت الرصاص المطاطي الذي يمكنه اختراق الجسد وكسر عظم الفك. وفي المقابل، كان الشباب الفلسطينيون يقومون بإلقاء الحجارة على الجنود من مسافات بعيدة عنهم.
وعلى الرغم من أن مسيرات تلك القرية لم تحقق أيّ شيء نظراً لاختلال موازين القوى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لحساب الأخير، إلّا أنها لفتت انتباه بعض وسائل الإعلام وجذبت اهتمام النشطاء والمراقبين ليس من «إسرائيل» فحسب ولكن من جميع أنحاء العالم. وكانت تلك المسيرات تهدف -كما يوضح الكاتب- إلى توصيل رسالة للعالم مفادها أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، وأن الفلسطينيين لديهم الحق في النضال ضده ومعارضة سياساته.
ويستطرد الكاتب في حديثه قائلاً إنه على الرغم من معاناة سكان تلك القرية، إلا أن لديهم آمالا كثيرة يبذلون الجهود في سبيل تحقيقها، ويتعرضون للاعتقال والإصابات وحتى الموت من أجلها.
ويذكر الكاتب أن الفلسطينيين اعتادوا تنظيم مسيرات منظّمة إلى القرية للاحتجاج ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان ينضمّ إليهم نشطاء إسرائيليون ودوليون تابعون لمنظمات حقوقية متضامنة معهم. ويشير الكاتب إلى أن عائلة التميمي وبقية سكان «النبي صالح» كانوا يُقيمون في هذه القرية لعقود حتى جاء المستوطنون الإسرائيليون وأسسوا فيها مستوطنة عُرفت فيما بعد باسم «الحلاميش»، واستولوا على مصادر المياه في المدينة، تلك التي يعتمد عليها المزارعون لري حقولهم. وسيطرت «إسرائيل» على إمدادات المياه في الضفة الغربية، وتحول معظمها إلى المستوطنين بدلاً من السكان الفلسطينيين على الرغم من كثرة أعداد الفلسطينيين. وبمرور الوقت استولى الاحتلال على مزيد من الأراضي وتوسعت «الحلاميش» بزعم الاحتياجات العسكرية في كثير من الأحيان، وحتى في عام 2008 اغتُصب «الربيع الفلسطيني».
ويقصد الكاتب «بـالربيع» هنا، تلك المسيرات التي قام بها سكان القرية وغيرهم من الفلسطينيين من أجل تحرير «النبي صالح» من الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن «الربيع العربي» تعبير مجازي، ولكن ما حدث في تلك القرية هو الربيع الحقيقي، لذلك كان عنوان الكتاب «الطريق إلى الربيع».
وفي هذا السياق، يؤكد الكاتب أن الكثير من الفلسطينيين يعيشون ظروفاً أسوأ من سكان قرية النبي صالح، مشيراً إلى فلسطيني يُدعى «سعدات صبري»، يعيش في منزل مُسيج تماماً بالحواجز الأمنية الإسرائيلية مع بوابة يستطيع من خلالها الدخول والخروج فقط عندما تسمح له السلطات بذلك.
ويوضح الكاتب أن الاحتلال الإسرائيلي حين يُحاصر غزة ويحتل الضفة الغربية، فإنه يحكم سكانها بنظامين قانونيين منفصلين، لافتاً إلى انتهاك الإسرائيليين القانون الدولي وقيامهم بمصادرة الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات عليها وحرمان الفلسطينيين من الإقامة فيها. ومع مصادرة الاحتلال مزيداً من الأراضي، تضاعفت المستوطنات الإسرائيلية وتم ربط الطرق بينها من جهة وبين «إسرائيل» التي يحظر على الفلسطينيين دخولها. ويصل عدد المستوطنين في الضفة الغربية حالياً إلى أكثر من 350 ألفاً، إذ تضاعف عددهم ثلاث مرات منذ بداية عملية السلام عام 1993.
ويذكر الكاتب، أن «إسرائيل» عندما احتلت الضفة الغربية عام 1967، بدأت في التطبيق الانتقائي لبعض القوانين الأردنية التي ترجع إلى القانون العثماني لملْكية الأرض لعام 1858، ومن ذلك أن مساحة من الأرض لا تُزرَع لمدة ثلاث سنوات متتالية، ستعود للدولة، وأن الدولة يحقّ لها تحويل الأراضي إلى الملّاك من القطاع الخاص؛ أي المستوطنين. وعلى مدى عقود، استخدمت «إسرائيل» هذه الآليات لتوسيع المستوطنات اليهودية في الوقت الذي تَحدّ وتعرقل فيه عمليات البناء الفلسطينية في مجالات محددة.
وطوال الوقت، ترفض «إسرائيل» منح الفلسطينيين تراخيص البناء سواء لمن يعيشون داخل فلسطين أو يرغبون في الانتقال إلى المنطقة (ج) والتي تمثل نحو 61% من مساحة الضفة الغربية وتقع مباشرة تحت الإدارة الإسرائيلية، مما يعني أن السلطة الفلسطينية لا تمارس أيّ سلطة هناك.
وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال تفرض قيوداً مشددة على الفلسطينيين، إلا أن كثيراً من الإسرائيليين يكرهون سياسات حكومتهم في الضفة الغربية، وبعضهم يتغاضى عنها أو يبررها – بل ويدعمها- لأسباب تتعلق بالخوف من «الإرهاب» -على حد تعبير المؤلف- وفقدان الثقة في الدول العربية المجاورة، بالإضافة إلى إيمانهم بحقهم الكامل في الأرض من النهر إلى البحر.
وللتدليل على مراوغة الاحتلال الإسرائيلي، يستشهد الكاتب بحالة «الجدار الفاصل»، حيث بررت «إسرائيل» سبب بنائه بمنع فلسطينيي الضفة الغربية من تنفيذ هجمات «إرهابية» -بما في ذلك «التفجيرات الانتحارية-» داخل إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية في الفترة 2000-2005.
وبدلاً من أن يتم بناء الجدار على طول الخط الأخضر وحدود الإقليم، قامت «إسرائيل» بتشييده داخل الضفة الغربية، وصادرت المزيد من الأراضي الفلسطينية وواصلت تقسيم القرى. ويرى الكاتب أن هذا الجدار ما هو إلا مثال حديث لجهود «إسرائيل» المستمرة لتعزيز سيطرتها على الضفة الغربية.
ويناقش الكاتب أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار الاحتلال، وهو الانقسام العميق في المجتمع الفلسطيني ككل. فقد استغلّت حكومة محمود عباس، الذي خلف ياسر عرفات في رئاسة حركة «فتح» بعد وفاة عرفات في عام 2004، كراهية الكثير من الفلسطينيين للتعامل مع الإسرائيليين، للقبول بسيطرة السلطة الفلسطينية على جزء صغير من الضفة الغربية.
وفي هذا الإطار، يستحضر الكاتب تصريحاً لـ«باسم التميمي» -أحد داعمي المقاومة غير المسلحة- بأنه «أيا كانت النتيجة التي ستحصل عليها السلطة الفلسطينية بالحصول على المميزات السياسية في رام الله سواء من خلال الوظائف أو المال، فإنها في النهاية عبارة عن قفص، ولا يهم ما إذا كان القفص حديدياً أو مصنوعاً من الذهب».
ويتوّصل الكاتب -من خلال تجربته- إلى أن الفلسطينيين يعيشون وسط حكم الاحتلال الإسرائيلي ويتعرضون باستمرارٍ لمضايقات من قِبل الإسرائيليين الذين يعترفون علناً برغبتهم في طرد الفلسطينيين من الأرض ويجبرونهم على التفاوض على تنازلات أكثر من أيّ وقت مضى، كما يُضيقون الخناق عليهم من خلال الأسوار ونقاط التفتيش والحواجز التي تفصل المنازل عن بعضها بعضاً، وبذلك يعيش الفلسطينيون في ظروف استثنائية من الصعب تخيّلها.
========================
عبدالله الطوالبة :قراءة في كتاب «العرب والديمقراطية.. أين الخلل؟»
<< الخميس، 21 يوليو / يوليه/تموز، 2016 ShareThis Tweet Facebook  Print this page
 عمان - الدستور - ياسر علاوين
ألقى الدكتور علي محافظة محاضرة بعنوان: قراءة في كتاب «العرب والديمقراطية.. أين الخلل؟»، لمؤلفه الدكتور عبدالله الطوالبة، وقدم المحاضر وأدار الحوار الدكتور أحمد ماضي، يوم أمس الأول في مقر رابطة الكتاب الأردنيين، في جبل اللويبدة، وذلك بالتعاون بين مركز تعلم واعلم والرابطة.
وقال د. محافظة: يطرح المؤلف في المقدمة تساؤلات طالما رددها العديد من المفكرين والكتاب العرب، وحاولوا الإجابة عليها إجابات متباينة، تكرر بعضها في ثنايا كتاب الطوالبة وبعضها الآخر جاء أصيلا من بنات أفكار المؤلف ومع الجهد المميز الذي بذله في تحليل الأسباب التي أدت الى عجز العرب فكريا وعمليا عن بناء الدولة الحديثة، دولة القانون التي يشارك المواطنون في بنائها وإدارتها، ويشعرون بأنها وجدت لخدمتهم وتوفير الأمن والاستقرار لهم، وذلك ضمن مسلك الباحث العالم المتواضع وأخلاقه إذ يؤكد للقارئ أنه اجتهاد لا يدعي مؤلفة الكمال بل يرى وراء النقد الهادف البناء وميض أمل، ويعتقد بضرورة الاستمرار بطرح الأسئلة بلا توقف للانتقال إلى واقع أفضل.
وأضاف د. محافظة: يجيب الكتاب ضمن فصوله الأربعة على مجموعة من الأسئلة التي تضغط على العقل وتلح على الذاكرة حول الواقع العربي القابل للتشرذم والانقسام والاندفاع إلى تدمير الأوطان وتفشي الاستبداد والفوضى والاضطرابات والاقتتال الداخلي، في محاولة منه للكشف عن الخلل  بهدف تعطيل آليات إنتاج الاستبداد في الحياة السياسية والاجتماعية العربية.
ويتناول الفصل الأول «الربيع العربي.. فرصة تاريخية ولكن؟»، ويتقصى الفصل الثاني جذور الاستبداد في الثقافة العربية وفي المرجعيات التأسيسية ودور القاع الثقافي الاجتماعي في إنتاج الاستبداد عبر تناوله السلطوية الثقافية والسلطوية السياسية ومدى ارتباطها مع بعضهما البعض، ويتحدث الفصل الثالث عن إشكالية السلطة السياسية، وعن موضوع الدين والدولة وتداخل الديني والسياسي في المرجعية العربية، ويتمحور الفصل الرابع  استمرار الماضي في الحاضر وتوالد الاستبداد حول دولة الحاضر العربية من حيث ولادتها المشوهة كحالة استبدادية لا تستمد شرعيتها من المحكومين على أساس التعاقد، بالإضافة إلى تركيبتها الاجتماعية والاقتصادية الهشة.
ويخلص الكتاب في خاتمته إلى ضرورة إجراء مراجعة نقدية للثقافة العربية ومرجعياتها المعرفية متمثلة بالتراث ضمن جوهر مشروع تنويري يستلهم روح العصر من خلال ثوابت ومنطلقات رئيسية للسير على طريق التحول الديمقراطي.
ومن جانبه قال مؤلف الكتاب الدكتور عبدالله الطوالبه: الكتاب موضوع هذه الندوة خرج إلى حيز الوجود، منهجا وأسلوبا وتبويبا، مدفوعا بقضية الديمقراطية بالنسبة لواقعنا العربي ولا أقول في واقعنا العربي بناء على قناعتي بأن العقل العربي أصبح في مواجهة تحدي الديمقراطية للمرة الأولى في تاريخه وجها لوجه، وبخاصة بعد اندلاع شرارة ما يعرف بانتفاضات الربيع العربي مع بزوغ شمس عام 2011 أو تداعياتها المستمرة حتى يوم الناس هذا.
========================
شادي حميد :الكتاب: الاستثنائية الإسلامية.. كيف يعيد الصراع على الإسلام تشكيل العالم
المؤلف: شادي حميد
الناشر: مطبعة سانت مارتن
تاريخ الإصدار: 7 يونيو 2016
عدد الصفحات: 320
اللغة: الإنجليزية
ترجمة وعرض: علاء البشبيشي
- العلاقة التي تربط بين الإسلام والسياسة هي في الواقع استثنائية، ولذلك آثار عميقة على كيفية فهمنا لمستقبل الشرق الأوسط
- الانقسامات بين مواطني الشرق الأوسط ليست فقط متعلقة بالسلطة، لكنها أيضا نتاج خلافات جوهرية حول طبيعة وهدف الدولة الحديثة، وإشكالية دور الإسلام في الحياة العامة.
- ليس عليكَ أن تحبه، لكن يجدر بك أن تفهمه؛ لأن الإسلام- كدين وفكرة- سوف يستمر في كونه قوة تشكل ليس فقط المنطقة ولكن أيضًا الغرب على مدى العقود القادمة.
هذه الثلاثة من أهم الأفكار الرئيسية التي يدور حولها كتاب "الاستثنائية الإسلامية.. كيف يعيد الصراع على الإسلام تشكيل العالم" لمؤلفه شادي حميد، والصادر عن مطبعة سانت مارتن بتاريخ 7 يونيو 2016 في 320 صفحة باللغة الإنجليزية.
يشرح "حميد" كيف يشكل الإسلام والإسلاموية السياسة، عبر دراسة نماذج مختلفة. ومن خلال تواصله الاستثنائي مع القادة والنشطاء الإسلاميين في أنحاء المنطقة، يوفر الباحث تفسيرًا بانوراميًا وطَموحا لانزلاق المنطقة إلى مستنقع العنف. من أجل ذلك يَعتبر الناشر أن هذا الكتاب يمثل إسهاما حيويًا لفهم الإسلام في الماضي والحاضر، ودوره الضخم في السياسة الحديثة.
"بريطانيا وفرنسا تجاهلتا الطائفية عندما أنشأتا الشرق الأوسط، ولا زلنا ندفع ثمن ذلك حتى الآن. وافتراض هيمنة القومية العلمانية بطرازها الغربي على الهويات الطائفية أمر ينطوي على مغالطة. ودليل ذلك أن محاولة تجاوز الطائفية وخلق هياكل قائمة على القومية العلمانية الغربية أثبتت فشلا ذريعًا.
 
يقول المؤلف:
نحن راغبون في الاعتقاد بأننا جميعًا متشابهون في الأساس، ونريد الأشياء ذاتها، لكن ما ذا لو لم نكن كذلك؟
إن العلاقة بين الإسلام والسياسة، على المستويين النطري والعملي، استثنائية. وانطلاقًا من دوره الضخم في القانون والحكم، لطالما كان الإسلام- وسيستمر-  مقاوما للعلمنة.
وإني لأشعر بعدم ارتياحٍ قليلا وأنا أطرح الزعم التالي، خاصة في ظل تفاقم موجة التعصب ضد المسلمين: لا يمكن وصف هذه الاستثنائية بأنها جيدة أو سيئة. إنها فقط استثنائية، وعلينا فهمها واحترامها، حتى لو كانت تتعارض مع آمالنا وتفضيلاتنا.
هنا عاملان يجدر التركيز عليهما:
مرحلة تأسيس الإسلام: على عكس المسيح، كان النبي محمد عالم دين، وخطيبا، ومحاربا، وسياسيًا، كل ذلك في آن واحد. وكان أيضا قائدا ومؤسس دولة جديدة، بسط سيطرته على أراضٍ وأقام فوقها نظاما للحكم. هذا الاضطلاع بالوظائف الدينية والسياسية- على الأقل في نظر المؤمنين- لم يكن خبط عشواء، بل كان مقصودا أن تكون هذه الوظائف كافة مترابطة تحت قيادة رجل واحد.
يرى المسلمون أن القرآن أكثر من مجرد كلمة الرب، بل هو خطاب الإله المباشر والحرفيّ. هذا لا يعني أن المسلمين حرفيين، ومعظمهم ليس كذلك، لكنه يعني أن النص لا يمكن تجاهله بسهولة في الإسلام. بالطبع لا يقف المسلمون جامدين عند لحظة التأسيس الأولى، لكنهم لا يستطيعون الانخلاع منها تماما.
في العالم المثالي، ربما نأمل في أن يربح العلمانيون المسلمون حرب الأفكار، لكن من الصعب رؤية هذا يحدث في أرض الواقع.
إذا كان الإسلام يختلف جذريا عن المسيحية ، فلا توجد أسباب قوية للاعتقاد بأنه (أو حتى ينبغي له أن) يتبع مسارا مماثلا من الإصلاح ثم التنوير.
"هم يحاولون بيع مفهوم خارجي إلى منطقة دينية إلى حد كبير. وأسوأ من ذلك، إنهم يساوون أنفسهم بقوتين يُزعم أنهما علمانيتان، هما الأسد وإيران اللذان يزعزعان استقرار المنطقة إلى حد كبير. ويشكل هذا وصفةً لنشوب اشتباك قد يكون أكثر خطورة حتى مما هو عليه في أوكرانيا".
(انطباع خرج به جيمس جيفري سفير الولايات المتحدة السابق لدى ألبانيا والعراق وتركيا، وآنا بورشفسكايا زميلة "آيرا وينر" في معهد واشنطن، من زيارتين منفصلتين قاما بها إلى روسيا مؤخرًا)
مالذي يعنيه هذا للآخرين؟
يعني أن المراقبين الغربيين بحاجة إلى القيام بشيء غير مريح وصعب. سيكون عليهم قبول دور الإسلام الحيوي والمتنوع في السياسة، ووضع ذلك في الاعتبار أثناء صياغة السياسات، بدلا من الأمل في مخرجات علمانية، وهو ما لن يحدث قريبًا، هذا إن حدث أصلا.
تعريف بالمؤلف:
شادي حميد، زميل مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكنجز، ومؤلف كتاب إغراءات السلطة: الإسلاميون والديمقراطية غير الليبرالية في الشرق الأوسط الجديد. عمل سابقا مديرًا للأبحاث بمركز بروكنجز الدوحة حتى يناير 2014. قبلها، عمل مديرًا للأبحاث في مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، كما كان زميل هيوليت بمركز التنمية والديمقراطية وسيادة القانون في جامعة ستانفورد.
يشغل الآن منصب نائب الرئيس لمشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، وعضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي، ومراسل لمجلة ذي أتلانتك. وهو أيضًا خبير في برنامج الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الأمريكية، وزميل تشريعي في مكتب السيناتور ديان فينستين.
ظهرت كتاباته في النويورك تايمز، وواشنطن بوست، وذي أتلانتك، وفورين بولسي، وذا نيو ريببلك ستيت، وفوربس، وذا ناشونال انترست، وبوليسي رفيو، وديموكراسي: جورنال أوف أيدياز، بالإضافة إلى العديد من الدوريات والمجلات العالمية. وهو حاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير من كلية الشؤون الدولية بجامعة جورجتاون، وشهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة أكسفورد.
مركز إدراك
========================
عرض الكتب العالمية
 
جيم إمرينس :عرض كتاب “إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط العثمانية: الحداثة، البيروقراطية الإمبريالية، والدولة الإسلامية
Screen Shot 2016-07-30 at 13.01.02
الكتاب: إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط العثمانية: الحداثة، البيروقراطية الإمبريالية، الدولة الإسلامية
المؤلف: جيم إمرينس
الناشر: I.B.Tauris
السلسلة: مكتبة الدراسات العثمانية (31 كتابًا)
تاريخ الإصدار: 15 ديسمبر 2011
عدد الصفحات: 208
اللغة: الإنجليزية
Screen Shot 2016-07-30 at 13.01.02
أصبح النقاش القوميّ عن انهيار الإمبراطورية العثمانية أمرًا مألوفًا منذ قيام الدولة التركية الحديثة. وفي مواجهة هذا السرد، يسبر كتاب “إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط العثماني” أغوار الطرق المتباينة المؤدية إلى الحداثة خلال القرن التاسع عشر.
وفي حين ركز المؤرخون بشكل تقليدي على تفسيرات أحادية لتتبُّع العثمانية خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، يجادل المؤلف بأن الإطار الإقليمي يمثل أداة تحليلية أفضل، إذ يكشف مسارات بديلة للحداثة.
ويعتبر الكتاب دراسة تاريخية تحليلية، تستعرض كافة المناطق الآسيوية التي كانت تنضوي تحت راية الإمبراطورية العثمانية لأكثر من مائة عام، في محاولةٍ لرصد التنوع داخل الساحة العثمانية
من أجل ذلك، لم يبحث المؤلف في المصادر الأولية، المتاحة داخل الأرشيفات الإمبريالية والقومية والإقليمية والاستعمارية، والتي تركز على مكان أو إطار زمني معين. بدلا من ذلك، استخدم الكاتب معظم الآداب المتاحة حول الإمبراطورية العثمانية واستكملها بقراءات واسعة من العلوم الاجتماعية والتاريخ.
وإجمالا، يقدم الكاتب إجابات حديثة على مجموعة متنوعة من الأسئلة الهامة المتعلقة بماضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، ومنها: كيف كانت طبيعة حكم الإمبراطورية العثمانية، التي وفَّرت شرعية أيديولوجية، ورغم ذلك لم تستطع كبح جماح الانهيار الإمبراطوري؟ كيف أضفى الإسلام الشرية على الدولة العثمانية، وكيف لعب دور الأيديولوجية الاعتراضية؟
وفي سياق سعيه للمقارنة بين مختلف مناطق الإمبراطورية، يتطرق الكاتب إلى ثلاث مسارات بارزة ومتزامنة يرى أنها أسهمت في تشكيل الإمبراطورية العثمانية، هي
علاقات السوق في المناطق الساحلية،
(2) البيروقراطية الإمبريالية في مدن وسط الأناضول وسوريا وفلسطين،
(3) شبكات الثقة الإسلامية في المناطق الحدودية داخل شبه الجزيرة العربية.
موضحًا أن كلا من هذه المسارات يتمتع باقتصادات سياسية وترتيبات اجتماعية مختلفة إلى حد كبير، وكذلك علاقات متنوعة مع الدولة العثمانية والعالم الخارجي، بما يمثل مسارات متباينة للحداثة في الشرق الأوسط.
ويلفت الكتاب إلى أن المناطق الساحلية ارتبطت بالشبكات العالمية، وعززت التحالفات مع الطبقة المتوسطة، وصاغت أشكالًا جديدة من الصراع السياسي. فيما كانت مدن كـ أزمير وسالونيك تمثل بيئات متعددة الأعراق والأديان، تتسم بمناخ عام مميز ومجموعة متنوعة من الاتصالات العالمية، وهو ما أدى إلى ابتعاد الساحل عن السيطرة الإمبريالية الفعالة.
في المقابل، كان الداخل العثماني أبعد عن التعلق بعالم الإمبراطورية، ولم تكن الأناضول وسوريا وفلسطين معرضة لأي تهديد أجنبي، وكان وجود الأسواق العالمية محدودًا جدًا، وهو ما أدى إلى هيمنة التحول الذي تقوده الدولة والقيم المحافظة.
وهكذا يمكن القول بأن هذه المناطق الداخلية كانت تنتمي سياسيًا واجتماعيًا وماديًا للعالم العثماني، حيث كانت الإمبراطورية قادرة على تشكيلها وفقًا لأولويات الدولة العثمانية والكتلة الإسلامية بالمناطق الحضرية.
وعلى عكس المنطقتين المشار إليهما آنفًا، كانت الحدود العثمانية تتسم بالاضطراب السياسي والتخلف الاقتصادي والتفرق الديموجرافي، وكانت عاجزة عن التواصل مع النخبة المحلية أو تحويل المنطقة من خلالالمؤسسات الإمبريالية.ورغم التطورات اللاحقة في القرن العشرين، حافظ الساحل على إطلالته العالمية، وأبقى الداخل على هويته المحافظة، أما الحدود فكانت مقاربتها ممزوجة بالتمرد.
وبنسج هذه التطورات معًا، يقدم الكاتب صورة مختلفة عن روايات الدولة المركزية، ويرى أن فهم العالم العثماني السابق وإرثه يجب أن يبدأ من استكشاف المسارات الإقليمية والتاريخية؛ وهو بذلك يقدم مقاربة جديدة لفهم تاريخ هذا العالم.
وبينما انهارت الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، لكن هذا النموذج ثلاثي المسار الذي يطرحه المؤلف يمكن تتبعه فيما يتجاوز العصر العثماني، بل وفيما يتجاوز تركيا ذاتها.
وكما يقول المؤلف: “حتى في وقت لاحق خلال القرن العشرين، حافظت المنطقة الساحلية على رؤيتها العالمية، وأبقت المنطقة الداخلية على هويتها المحافظة. وقد اجتمعت عدة طبقات من المسار ذاته، أو من مسارات متنافسة، في كل الدول ما بعد الحقبة العثمانية. ولعل هذا ساهم في نقص الشرعية، هذا العامل الذي كان كثيرًا ما يستشهد به كسبب لعدم الاستقرار المستمر في الشرق الأوسط”.
=========================
جاك اتالي: كتاب 100 يوم من أجل نجاح فرنسا.. بين «الانتحار» والنهوض
التاريخ: 29 يوليو 2016
    يتفق المحللون والباحثون الفرنسيون على القول بأن بلادهم تعاني من أزمة حقيقية كبيرة وأنها غدت ذات طابع «مزمن» إلى هذه الدرجة أو تلك.
لكنهم يختلفون من حيث قراءة المستقبل وينقسمون إلى تيارين كبيرين؛ يقول أحدهما إن أفق النهوض مفتوح، بل وإن بعض ملامحه ترتسم في المشهد القائم.
بينما يرى الذين ينضوون في خانة التيار الآخر يرون أن البلاد تسير نحو أزمة أكبر وأعمق بحيث إن البعض تحدّث عن «الانتحار الفرنسي»، كما جاء في عنوان للباحث أريك زيمور وبيع منه عشرات، بل مئات، آلاف النسخ.
وفي مثل هذا السياق يقدّم جاك اتالي، المستشار الشخصي السابق للرئيس الراحل فرانسوا ميتران وأستاذ الاقتصاد الذي أسس وتولّى رئاسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، نوعاً من «خارطة الطريق» المستقبلية في منظور الانتخابات الرئاسية الفرنسية في ربيع العام القادم 2017، بحيث يرى أنه من المطلوب إعداد مشروع قبل الخوض في مسألة أسماء المرشحين.
 
ذلك بصورة كتاب ــ برنامج يحمل عنوان «100 يوم من أجل إنجاح فرنسا» وفي منظور تقديمه لرئيس الجمهورية القادم. والإشارة أنه تساهم في هذا الكتاب مجموعة كبيرة من الفرنسيين الذين يتولّى جاك اتالي إدارتها وتوجيه مساهماتهم واستخلاص النتائج منها.
من المقولات الأساسية التي ينطلق منها المؤلف هي أنه على مدى العقدين الأخيرين فشلت «المحاولات النادرة» التي قام بها رؤساء الجمهورية الثلاث جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند في إجراء التحوّل الجذري المطلوب في توجهات البلاد وقيادتها نحو «النجاح المنشود».
مظاهر ذلك الفشل المستمر يحدد جاك أتالي مجالاتها الرئيسية الثلاثة في استمرار، بل تعاظم «ظاهرة البطالة» التي تصيب ما يزيد عن 10 بالمائة من القادرين على العمل؛ وفي «شيوع حالة من عدم الأمن»، كما يدل تزايد إيقاع العنف والاضطرابات لدى شرائح الشباب من أبناء الضواحي خاصّة؛ وفي واقع «التشاؤم» الذي يخيّم لدى الفرنسيين حيال مستقبل بلادهم.
أمام المشهد القائم وبعيداً عن الجنوح نحو صياغة الإنذارات ذات النزعة التشاؤمية يعلن «أتالي» عن قناعته الثابتة، مع مجموعته، أنه يمكن للفرنسيين أن يستعيدوا ثقتهم بأنفسهم وبالتالي أن تستعيد فرنسا مكانتها التي كانت لها في أوروبا والعالم. وفي مثل هذا المنظور يضع بين يدي رئيس الجمهورية القادم ما يسميه «برنامجاً طموحاً لتنفيذه خلال مئة يوم»، ويقصد المئة يوم الأولى من الفترة الرئاسية لذلك الذي سينتخبه الفرنسيون رئيسا لهم.
وما يتم التأكيد عليه هو أن إعداد هذا البرنامج ــ خارطة الطريق ــ جرى من قبل آلاف الفرنسيين الذين ساهموا في إنجازه. وهم ينتمون إلى مختلف شرائح العمر ومختلف الشرائح الاجتماعية والأصول والكفاءات. ذلك بعيداً عن تمويل أية جهة أو حزب سياسي أو مجموعة ضغط.
ولا يعفي واضعو هذا البرنامج ــ خارطة الطريق ــ الطبقة السياسية الفرنسية من مسؤولياتها عن الوضع القائم، حيث إنها «مأخوذة بالخصومات الشخصية وبالمعارك الخيالية وليس بالبحث عن مشروع للبلاد». بهذا المعنى يريد جاك اتالي ومجموعته تحديد التحديات العشرين الأساسية التي تواجهها فرنسا وينبغي حلّها خلال الفترة الرئاسية القادمة.
ذلك بحيث يستفيد الرئيس الجديد من فترة الشعبية الأولى التي يكتسبها بعد المئة يوم الأولى على انتخابه. التحدي الأول هو على صعيد «المؤسسات والحياة السياسية». وهنا يتم التأكيد على «التجديد والاستقامة» وجعل الفترة الرئاسية «سبع سنوات غير قابلة للتجديد». والتأكيد على الرقابة المالية الحازمة على البرلمانيين والجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ــ السينا.
وعلى صعيد السياسة الخارجية يتم التأكيد على «الفعل والتوقف عن مجرّد التحمّل والتلقي». هذا مع اقتراح «محكمة دولية للبيئة» و«تأسيس برلمان لمنطقة اليورو». وبالنسبة لتحدي الدفاع «إعطاء الدفاع من جديد العمق الإستراتيجي» عبر تكريس «2 بالمئة على الأقل من الميزانية للدفاع» و«المحافظة على مكونات الردع النووي على مستواها الحالي».
وتشكّل الثقافة التحدي الرابع باعتبارها «حجر الزاوية في أي مجتمع ديمقراطي». هنا يتم اقتراح جعل وزير الثقافة في عداد الوزراء الرئيسيين «بروتوكولياً» و«فتح المؤسسات الثقافية للجمهور»...الخ. والتحدي الخامس يخصّ «الأمن» حيث يتم التأكيد على «تأمين وسائل الحماية للجميع» وإطلاق تسمية «وزارة الأمن الداخلي على وزارة الداخلية»...الخ.
وكذلك تفاصيل كثيرة حول «تحدي الاندماج» عبر خلق «نسيج مشترك»؛ و«تحدي العدالة» من خلال «الفعالية والحياد والوضوح»؛ و«تحدّي تأسيس المشاريع» عبر «تطويرها وتقديم التسهيلات»؛ و«تحدّي إعادة النظر بسياسة الضرائب» بحيث يتم تبنّي «الوضوح والتبسيط» ؛ و«تحدّي إيجاد فرص العمل» على أساس قاعدة «التكوين من أجل العمل».
و«التحدّي الرقمي» عبر العمل من أجل النجاح في تحوّل يتسارع؛ وتحدّي التربية نحو استقلالية ذاتية أكبر.
إصلاحات
خطة مستقبلية في منظور واحد، هو ألا يتم في الانتخابات الرئاسية القادمة اختيار مجرّد شخص، بل تبنّي برنامج لإنقاذ البلاد. و«هذا ممكن».
كما ينتهي المؤلف تقديمه لعمله. والإشارة في هذا السياق أن «غياب البرنامج الواضح يخلق شروط القيام بأعمال تمرّد». ذلك أن البلاد، فرنسا، كما يتم رسم ملامحها الرئيسية اليوم هي في أسوأ وضع؛ فهي «بدون أفق ودون مشروع» و«تعاني من حالة توقف حقيقية». وبالتالي لا بدّ من إجراء «إصلاحات حقيقية».
ادلمؤلف في سطور
جاك اتالي هو المستشار الشخصي السابق للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك. أستاذ في الاقتصاد وروائي وكاتب مسرحي وصحفي...ومؤسس وأوّل رئيس للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية. من مؤلفاته الكثيرة «تاريخ الحداثة» و«العوالم الثلاثة» و«السبيل الإنساني»...الخ.
====================
 
فيليبور كوليك :دليل للمنفى.. درب النجاح من خلال 35 درساً
التاريخ: 29 يوليو 2016  
يعيش العالم اليوم أحد مواسم الهجرة الكبرى في تاريخه الحديث. هذا ما تشير له مختلف الإحصائيات الصادرة عن الجهات والمؤسسات المختصّة.
وهناك نسبة كبيرة من هؤلاء المهاجرين قد غادروا بلدانهم قسراً إلى بلدان المنافي حيث يواجهون سلسلة طويلة من العقبات قبل تحقيق عمليّة اندماجهم، إلى هذه الدرجة أو تلك، في المجتمعات الجديدة التي تستقبلهم.
لكن «النجاح في المنفى» أمر ممكن. هذا ما يؤكّده ويشرحه فيليبور كوليك، الكاتب والناقد الأدبي البوسني - من البوسنة - الذي نال في عام 2014 جائزة «الإشعاع اللغوي والأدبي الفرنسي» عن مجمل أعماله. ذلك في كتاب يحمل عنوان «دليل للمنفى» مع العنوان الفرعي التالي: «كيفية النجاح في المنفى من خلال 35 درساً».
وكان فيليبور كوليك قد غادر بلاده عام 1992 بسبب نشوب الحرب الأهلية التي اندلعت في منطقة البلقان. وقصد فرنسا كـ «أرض للمنفى». وكانت تجربته الكبرى هي في مدينة «رين» في منطقة بروتانيا حيث يعيش حتى الآن.
ومنذ وصوله لم يتوقف أبدا عن الكتابة باللغة الصربية - الكرواتية أوّلاً وباللغة الفرنسية مباشرة اعتبارا من عام 2008. وفي جميع الحالات يكتب عن تجربة حياته منذ الطفولة حتى سنوات الشباب في يوغسلافيا السابقة ثمّ في فرنسا. وهو يقدّم هنا حكايته باعتباره «بطل»الحكاية التي يرويها كعمل روائي، إبداعي.
ومثل الغالبية العظمى من المهاجرين قسرا والمنفيين وجد مؤلف هذا الكتاب نفسه بعد وصوله إلى فرنسا في أحد دور استقبال اللاجئين إلى فرنسا لأسباب عديدة. وعاش لفترة من الزمن وسط مجموعة متنافرة من البشر تضمّ «عائلات إفريقية وجنوداً سابقين من روسيا وخليطاً من مختلف النماذج والمنابت».
وفي مثل ذلك الجو كان، كما يقول، في «معركة دائمة وقاسية مع الذكريات». ومحاطا بكل أشكال «القهر» التي تضخّمها «الغربة والوحدة». ولكنها بالمقابل تجربة تستحق التأمّل بالنسبة لأولئك الذين يقسرهم قدرهم للابتعاد عن مرابع طفولتهم وعن أحبّتهم.
ومما زاد في يأس المؤلف، كما يشير، أنه لم يكن يملك أي مبلغ من المال ولا يتحدّث اللغة الفرنسية وليس حوله أي صديق...إلخ. ويستدرك أنه كان يعرف ثلاث كلمات هي التالية «جان وبول وسارتر».
يكتب: «وصلت إلى مدينة رين ولم يكن في جعبتي سوى ثلاث كلمات هي جان وبول وسارتر. ووثائق خدمتي كجندي وخمسين ماركا ألمانيا وقلم حبر ناشف وحقيبة رياضية من صناعة يوغسلافية كان بداخلها مخطوط وبعض الجوارب وصابونة مشوّهة الشكل بحيث تشبه ضفدعة ميتة..».
ويروي أن معرفته باسم الفيلسوف الفرنسي الشهير جان بول سارتر تعود لاهتمامه ككاتب كان قد صدر له في بلاده عدّة روايات كانت قد حازت إحداها على جائزة أدبيّة هامّة. وكانت إحدى مخطوطاته قد غدت رمادا مثل بيته الذي حرقته الحرب. أمّا في فرنسا فكان «مجرّد لا شيء»، كما يشير..
ومما يكتبه المؤلف عمّا عرفه، ويعرفه أغلبية أولئك الذين يطلبون اللجوء في بلد مثل فرنسا، الكلمات التالية حول ما أثاره لديه مبنى طلب اللجوء في مدينة رين. نقرأ ما مفاده:«لقد أعاد لي ذلك المبنى المرمم حديثا ذكريات مدرستي الثانوية. ذلك ببابه الزجاجي العريض والممرات الطويلة، ومع فارق كبير هو أن الحجرات هنا ليست مكرّسة للطلبة ولكن لاستقبال اللاجئين.(...). إن بؤس العالم كلّه ضرب لنفسه موعدا هنا في رين بنهاية هذا الصيف 1992
ويضيف: «استقبلتني سيّدة تلبس نظّارتين سميكتين وتحدثت بهدوء وهي تتفحّصني بنظراتها الحادّة. وأفهمتني أنني سأفوز بغرفة منفردة مثل تلك المخصصة للعازبين بينما الحمّام والمطبخ فمشتركان مع آخرين. كما أفهمتني أنني سأتلقى دروسا باللغة الفرنسية خلال ثلاثة أيام أسبوعياً». أحسّ المعني بالغضب وقال للسيدة باللغة الإنكليزية: «أنا جامعي وكاتب وروائي». فأجابته:«لا أهميّة لذلك يا صغيري. فهنا ستبدأ حياة جديدة».
فهم المعنى ــ المؤلف أنه عليه التحلّي بأكبر قدر ممكن من التصميم والإرادة. واعتباراً من عام 2008 أصبح يكتب مباشرة باللغة الفرنسية. وهذا ما يعبّر عنه بالقول أنه «استعار هذه اللغة». يكتب:«لقد استأجرت لغة، هي اللغة الفرنسية. إنها ليست لغتي وليست ملكاً لي. ولكن كما هو الحال بالنسبة لبيت تستأجره ينتهي الأمر بالإحساس بحسن الإقامة فيه».
العمل يتركز في المحصّلة على رسم صورة المهاجرين والمنفيين حيث تمتزج الملامح بـ«الخوف المتأصّل والعميق» وبـ«العطش لمختلف عواطف الحنان الإنساني» وبأنه «مجرّد رقم في الإحصائيات»التي ما يهمّ فيها هي الأرقام وليس الأسماء أو الشخصيات. و«تلك الإحصائيات يرى فيها المؤلف الخطوة الأولى نحو النسيان الكامل».
ويعود المؤلف كثيراً أيضاً إلى الخطوات الأولى له في فرنسا كطالب للجوء. ويروي أنه وجد في استمارة طلب اللجوء السؤال التالي: «ما هو مشروعك في فرنسا». ويقول إنه أجاب عنه بكلمة واحدة هي«الغونكور». كان يقصد «جائزة الغونكور الأدبية»، الأكثر شهرة في فرنسا، بل وفي العالم الفرنكفوني برمّته.
بداية
في هذا الكتاب - الدليل يعود فيلبور كوليك إلى تجربة السنوات الأولى التي أمضاها منفياً في فرنسا. وهو يبدأ حكايته بوصوله إلى مدينة رين، حيث لم يكن يملك أي شيء بعد أن فرّ، عندما كان في الثلاثين من عمره، من الجيش البوسني الذي أمضى فيه خمس سنوات يصفها بـ«الجهنميّة» حيث كان العنف والقتل بمثابة خبز الحياة اليومية بجميع الاتجاهات بالنسبة لجميع المنخرطين في الحرب الأهلية.
المؤلف في سطور
فيليبور كوليك، كاتب وناقد أدبي وروائي من البوسنة، من مواليد عم 1964، فرّ من الجيش البوسني عند اندلاع الحرب الأهلية في منطقة البلقان في مطلع عقد التسعينات الماضي، ولجأ إلى فرنسا حيث يعيش حتى اليوم بمدينة رين، ونال عدّة جوائز أدبية.
====================
توماس سنيغاروف :كتاب هيلاري كلينتون.. هل وراء كل امرأة عظيمة رجل؟
تاريخ النشر: الجمعة 29 يوليو 2016
مع صعود نجم هيلاري كلينتون مرة أخرى، وعودتها للأضواء من جديد باعتبارها المرشحة «الديمقراطية» للرئاسة الأميركية، التي ستجرى انتخاباتها في بداية شهر نوفمبر المقبل، بعدما كانت قد دخلت دائرة الضوء من قبل كسيدة أولى خلال فترتي رئاسة زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون، وأيضاً كوزيرة خارجية في فترة الولاية الأولى للرئيس باراك أميركا، ها هي تستقطب الآن أيضاً اهتمام كثير من كتاب السير الذاتية، الذين يتقصّون عن كل تفاصيل حياتها، ويغوصون في طبيعة الشراكة الشخصية -والسياسية- التي ربطتها منذ سنوات شبابها الأولى مع بيل كلينتون. ومن ضمن هذه الكتب، ولعل من أكثرها عمقاً وتوثيقاً كتاب: «هيلاري وبيل كلينتون: هاجس السلطة» الذي أصدره المؤرخ والمؤلف الفرنسي توماس سنيغاروف، وقد تعمد فيه، كما يبدو من العنوان الإصرار على اعتبار سيرة الزوجين كلينتون وكأنها بمثابة سيرة ذاتية واحدة ذات صور متقاطعة، عاشها شخصان، لكل منهما مع ذلك ذاتيته وخصوصيته، وطباعه وانطباعاته، وانتصاراته وانكساراته. ولعل مما يزيد من قيمة هذا العمل أن مؤلفه مؤرخ متخصص تقريباً في شؤون الرئاسة الأميركية، وقد كتب من قبل عن تاريخ هذه المؤسسة المؤثرة في تشكيل وجه ووعي المشهد السياسي الأميركي في الداخل، وأيضاً التي هي إيقونة أميركا في عيون كثير من الشعوب الأخرى.
وفي البداية يقول المؤلف إن كتابة سيرة هيلاري وبيل كلينتون تعني في الواقع تتبع كل كبيرة أو صغيرة من حياة شخصين طبعا بصماتهما بقوة على الحياة السياسية الأميركية، منذ كان بيل كلينتون حاكماً لولاية أركنساس، وهو المنصب الذي أمضى فيه 11 سنة، وحتى توليه منصب الرئيس ودخوله مع هيلاري البيت الأبيض، طيلة فترة ولايتين رئاسيتين، امتدتا من 1993 إلى 2001. ومن هنا فإن كتابة سيرتهما تعني أيضاً، بالقدر نفسه، غوصاً في تفاصيل بالغة التشعب والتعقيد من العمل والصعود السياسي الذي بلغ ذروته منذ أكثر من عقدين متواصلين من الزمن، بكل ما حفلت به هذه السيرة أو المسيرة من انتصارات ومفاجآت وفضائح وخيانات ومواقف وفاء وتسامٍ على الجراح. وعلى رغم أن حياة الثنائي كلينتون ظلت طيلة العقود الثلاثة الماضية في حالة انكشاف أمام وسائل الإعلام، بحكم قوة المتابعة والتتبع لكل تفاصيلها، إلا أنها أيضاً ما زالت تزخر بالكثير من المخبوء ومما يمكن قوله، بالنسبة للباحث الاستقصائي المدقق، المطلع على خزان هائل من المعلومات عن هيلاري وزوجها، إن كان يستقيها من مصادر كثيرة منوعة ما بين أصدقاء العائلة، ورفاق العمل، وأيضاً رفاق الطفولة والدراسة.
وعلى ذكر رفاق الطفولة والدراسة فقد شاعت في التسعينيات أمثولة تحكى على ألسنة الأميركيين عن قوة وصلابة شخصية السيدة الأولى السابقة، وهي طبعاً أمثولة متخيلة لم تقع من الأساس، ومؤداها أن بيل كلينتون أثناء فترة رئاسته كان يقود سيارته رفقة زوجته هيلاري وتوقف عند محطة وقود لإعادة تزويد السيارة بالبنزين، فجاء عامل المحطة حاملاً مضخة البنزين، وبدأ تزويد السيارة، وفجأة تعرف العامل على هيلاري، فحياها قائلاً: ألا تتذكرين أننا كنا زميلين في المدرسة الثانوية وصديقين في الدراسة، فقالت: بلى، وحيّته. وبعد امتلاء خزان السيارة انطلق الرئيس الأسبق يقودها في الشارع، وسأل زوجته: ألا تعتقدين يا هيلاري، أنني لو لم أتزوجك لتصبحي الآن سيدة أولى، كان من الوارد أن يكون زوجك عاملاً في محطة وقود؟ فقالت، على الفور، دون تردد، لو كان تزوجني زميلي هذا في الدراسة، لكان الآن رئيساً للولايات المتحدة، وليس عاملاً في محطة وقود! والشاهد في هذه القصة، المتخيلة، أن قوة شخصية هيلاري كلينتون كان لها هي أيضاً دور كبير في كتابة جوانب غير مرئية من قصة صعود زوجها الرئيس الأسبق. ومع إبراز هذه الحقيقة، لا يغفل المؤلف أيضاً، أن لبيل كلينتون كذلك دوراً مماثلاً في تقديم هيلاري للجمهور العريض، ولفت الانتباه إلى صلابة شخصيتها، وقوة أدائها السياسي، حتى وهي في موقع السيدة الأولى، وهو موقع جرى التقليد السياسي الأميركي، على ألا تكون لشاغلته عادة أية اهتمامات سياسية ملفتة، وأن يقتصر دورها وحضورها على رعاية الأعمال والأنشطة الخيرية لا أكثر. ولعل مما يروى، في هذا المقام، عن ضرورة ابتعاد السيدات الأول في أميركا عن المعترك السياسي، عبارة شهيرة تنسب لإليانور روزفلت، زوجة الرئيس فرانكلين روزفلت، التي قالت إن على المرأة أن تبتعد عن السياسة، ولكن إن دخلتها عليها أيضاً أن تتمتع بجلد سميك كجلد وحيد القرن، لكثرة ما ستتلقى من طعنات!
وقد تلقت هيلاري كلينتون بالفعل الكثير من الطعنات ليس فقط على أيدي خصوم زوجها ومنافسيه السياسيين، وإنما أيضاً على يد زوجها نفسه، وفي الذهن هنا ما عرف بفضيحة مونيكا لوينسكي الشهيرة في أواخر عهد الرئيس كلينتون في البيت الأبيض! وقد كان لتساميها كسيدة أولى على تلك الجراح، ووقوفها مع زوجها في تلك اللحظات الصعبة، ودفاعها عن عائلتها، دور كبير في تعظيم رصيدها في قلوب قطاعات واسعة من الأميركيين، وهو ما تمكنت بحنكة وذكاء من استثماره مباشرة عند خروج زوجها من البيت الأبيض، حين ترشحت في نيويورك وانتخبت، لتبدأ مسيرتها كمشرّعة، ومن ثم كوزيرة في عهد أوباما -منافسها السابق على ترشيح الحزب الديمقراطي- وصولاً إلى استعدادها سياسياً وإعلامياً للترشح لتكون بذلك هي أول سيدة يرشحها أحد الحزبين الكبيرين لرئاسة الولايات المتحدة.
وبين دفتي الكتاب الواقع في 400 صفحة تطالعنا عناوين تفصيلية كثيرة من قبيل «طفولة أميركية» حيث يتتبع المؤلف توماس سنيغاروف طفولة هيلاري، ومحطات انتقال أسرتها خلال هذه الطفولة، وتقاطعات طرق ودروب الحياة التي ستؤدي بها إلى الالتقاء بمكن سيكون زوجها ورفيقها في الحياة والسياسة إلى الآن، بكل ما حفلت به تلك الشراكة الشخصية والسياسية من تقلبات وتطلعات ويوميات صعبة مريرة. كما تطالعنا في الكتاب أيضاً عناوين أخرى من قبيل «قصة غزو البيت الأبيض» حيث يؤرخ لكيفية وصول كلينتون للرئاسة، والعوامل التي ساعدته على ذلك. هذا فضلاً عن عناوين من قبيل: «ثنائي في السلطة»، و«بيل وهيلاري، ومونيكا»، و«حول هيلاري» وسوى ذلك كثير.
ومثلما وقفت هيلاري مع زوجها بإرادة صلبة وثبات لا يلين -بل آثرت حتى اسمه العائلي على اسمها هيلاري رودهام- وكان لها دور أساسي في كافة حملاته السياسية، وفي مواجهة لحظات رئاسته الصعبة، وقف بيل كلينتون أيضاً بقوة وصبر معها في كافة تفاصيل ومفردات صعودها السياسي، وكاد ينتزع لها بطاقة الترشيح الديمقراطي للرئاسة لولا فوز أوباما عليها في تصفيات الحزب التمهيدية عند رئاسة أوباما الأولى. ومنذ اقتراب فترة ولاية هذا الأخير الثانية من نهايتها بدأت من جديد قصة تسويق هيلاري كلينتون، سياسياً ورئاسياً، وكان لزوجها الرئيس الأسبق أيضاً نصيب الأسد فيها، ليس فقط بحكم خبرته كرئيس وسياسي مخضرم ومتمرس، وإنما أيضاً لجاذبيته الخطابية وأفكاره التقدمية ذات الشعبية الواسعة في صفوف الحزب الديمقراطي، ولدى شرائح عريضة للغاية من الطبقة الوسطى الأميركية. وفي هذا المسعى يواصل كلينتون جهده وكدّه لتسويق وتسويغ زوجته مرشحة، ورئيسة محتملة، وهو في صلابة عزمه وتحمسه ووقوفه خلف حملتها بكل ثقله السياسي وجهده، يكاد يعكس معنى القول العربي المأثور: إن وراء كل رجل عظيم امرأة.
وفي المجمل يتميز كتاب «توماس سنيغاروف» بأنه ليس فقط سيرة ذاتية غنية بالمعلومات المدققة والشهادات الموثقة، وإنما هو أيضاً تحليل عميق لعلاقة قبل أن تكون سياسية، هي في المقام الأول علاقة إنسانية، تعج بصور المحبة والوفاء والتضحية والتعاون والتعاطف الوجداني والرمزي بين رجل وامرأة، يقتسمان الكثير من المشتركات في التوجهات والميول والمزاج وطريقة النظر إلى الحياة والناس. ومعهما أيضاً إن نظرنا من هذه الزاوية طرف ثالث هو ابنتهما الوحيدة شيلسي، التي طالما ارتبطت في أذهان الأميركيين بهذه الأسرة، وخاصة خلال فترة وجودها في البيت الأبيض.
حسن ولد المختار
الكتاب: هيلاري وبيل كلينتون: هاجس السلطة
المؤلف: توماس سنيغاروف
الناشر: تايلاندييه
تاريخ النشر: 2016
====================
مارك سينجر : كتاب ترامب.. كثير من الرعب والكذب!
تاريخ النشر: الجمعة 29 يوليو 2016
من «البريكست» إلى المذابح الإرهابية في أنحاء العالم، بدا 2016 عاماً مثيراً للإحباط، ولكن لا شيء أكثر إثارة للإحباط من الاضطرار إلى الانتباه وإعارة الأذن بأية طريقة كانت للاستماع إلى تراهات وسخافات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية «دونالد ترامب». وعبر حملة ترشيحه هذه للرئاسة الأميركية، وجد الملياردير النيويوركي طريقة لإجبار الأغلبية الصامتة، التي ربما تفضل أكل الزجاج على مشاهدة برنامجه التلفزيوني، على تجرّع سماع ما لا يروق لها بطبيعة الحال، من خلال التصريحات الاستفزازية الغريبة.
ولعل مما يذكر حين يتعلق الأمر بالمرشح الجمهوري التذكير بأن الكاتب «مارك سينجر» اضطر في إطار عمله في مجلة «نيويوركر» التركيز، في عام 1997، على حياة ترامب لفترة طويلة من الوقت. ومثلما أوضح «ديفيد ريمنيك»، رئيس التحرير الحالي للمجلة، في تقديمه لكتاب «سينجر» المعنون: «ترامب وأنا»، الذي نعرض قراءة سريعة فيه هنا، أن المؤلف ربما كان يفضل الاضطلاع بمهمة أخرى، وهو أمر مفهوم نظراً لعدم جاذبية موضوع الكتابة عن ترامب، ولكن لعل من حسن الحظ بالنسبة لنا نحن القراء أنه قد تحمل ذلك في النهاية، ليكشف لنا حقيقة ذلك «الشخص الأحمق الذي أصبح الآن مرشحاً عن الحزب الجمهوري لواحد من أقوى المناصب التي يجري الانتخاب عليها في العالم».
وقبل عشرين عاماً، اكتشف «سينجر» ما يصارع الآن كثيرون خلال دورة الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية لمعرفته، وهو حقيقة «أنه لا يوجد ما يُقال عن ترامب»، لأن موضوع الحديث عنه بات مكروراً مبتذلاً إعلامياً، بمعنى من المعاني. وهذا الأمر ينطبق تماماً على وصفه بأنه «مندوب مبيعات جاد في سعيه إلى الترويج لذاته، وقد حصل على تغطية مكثفة من وسائل الإعلام إلى درجة أنه لم يعد هناك ما يقال عنه»، ولكن استنتاج «سينجر» ينطوي على تداعيات أعمق، إذ وجد أن موضوعه هو شخص معروف عالمياً، ولكن ثمة شكوك لا يمكن التغاضي عنها تخيم على كثير من تفاصيل حياته. وقد حاول «سينجر» التوصل إلى توضيحات، ليجد أن ترامب كما هو الآن شخص ضحل في أعماقه الخفية، فهو يحب المال والتفاهات، ولا يتورع عن الكذب علانية وبلا خجل.ويشير المؤلف إلى أن كذب ترامب، ناهيك عن عنصريته واحتقاره للمرأة، وجهله المطبق في كل شيء تقريباً عدا المال والجولف والتفاهات، كان ينبغي أن يحول دون الحصول على الترشيح للحزب الجمهوري. ومثلما يقول «ألير تاونسيند»، نائب عمدة نيويورك السابق: «لا أصدق دونالد ترامب في أي شيء حتى لو سجلوا لسانه عند الكاتب العدل»!
ويرى المؤلف أن عيوبه الشخصية تجعله غير ملائم لأن يكون قائداً أعلى، وصفقاته الماضية، وتمويلاته الشخصية الغامضة تشي بأنه لا يمتلك ما تصفه القوانين الأميركية بـ«الشخصية الأخلاقية» لتولي منصب رفيع، غير أن ترامب لا يسعى إلى أن يبدي فيه المتذمرون والخاسرون رأياً جيداً، إذ يرى ترامب أن كل ما يقلقه كمرشح هو أن «يتصور الرئاسة وستأتي إليه!».
وعندما تتراجع الحماسة في حشوده الصاخبة، يعترف ترامب بأن كل ما عليه هو أن يصيح «ابنوا الجدار» -ويعني بناء جدار على الحدود مع المكسيك- أو يصرخ «إنهم حمقى». والحقيقة أنه من الناحية الموضوعية، لا يمكن بناء ذلك الجدار على الحدود الجنوبية مع المكسيك، لأسباب مالية وتقنية، ومن ثم فهي سياسة غريبة لا علاقة لها بالواقع سوى أنها «جدار في عقل ترامب».
وليست لدى ترامب سياسة بالمعنى التقليدي، فترشحه ليس إلا إنكاراً للسياسة، وهجوماً عليها. وبحسب المؤلف، فهو «مرشح الصفقة»، وكل ما يفعله حماقات لا علاقة لها بالسياسة.
وزعمه الأساسي هو أنه «عملاق قادر على إبرام الصفقات مع الكبار الآخرين الذين يديرون العالم، فباعتباره الرئيس التنفيذي للولايات المتحدة، سيناطح الرؤوس ويحصل على أسعار منخفضة بجنون من بوتين ومن الصين!».
ويرى «سينجر» أن ترامب يرمز لعالم يتفاوض فيه الأقوياء الفعليون فيما بينهم، من دون أي إشارة إلى أي «شعب» على الإطلاق، وكل تلك الصفقات التي يبرمونها لا تعترف حتى بالسياسة، وإنما هي صفقات تجارية.. مجرد صفقات خاصة.
وهنا يطرح سؤال نفسه: هل هو عنصري؟ أو فاشي؟
ويعتبر المؤلف أن الحقيقة هي أن ترامب لا يكترث كثيراً لمثل هذه الأسئلة، أو الأشخاص الذين يطرحونها. وإذا وصف أحد ترامب بمثل هذه «الإهانات اليسارية مثل عنصري أو فاشي أو نحو ذلك»، بقصد «إحراجه وتقليل قوته كصوت موثوق في النطاق العام الديموقراطي»، فربما من الأفضل لهذا الشخص أن يصمت! فترامب سيرى أن هذا الشخص يحرك شفتيه، ولكنه لن يعترف حتى بحقه في الحديث أو الوجود من الأساس. وبالنسبة لأنصاره، يعتبرون هم أيضاً من يوجه هذه «الإهانات» لترامب منغمساً في طقوس ليبرالية غريبة لا ثمن لها ولا قيمة عندهم.
ويتحدث ترامب أيضاً بلغة إنجليزية محدودة، وتشير التحليلات الأكاديمية لخطاباته إلى أن المفردات التي يستخدمها لا تتجاوز «مستوى الصف السادس». ويرى المؤلف أن ذلك ينعكس على مدى شعبيته ووصوله إلى أكبر قدر ممكن من الناس، موضحاً أن هناك شعوراً بأنه في أسواق المال وتكنولوجيا الشبكات ثمة دفع في اتجاه «الترامبية». ويؤكد «سينجر» أنه بالنسبة للمفكرين من اليمين، يفتح ترامب الباب أمام احتمالات تزيغ الأبصار، وقد باتت المسألة لا تتعلق بمدى الملاءمة الأخلاقية لشخص كي يتولى دفة القيادة، وإنما تتعلق بشيء «لا علاقة له بالمنطق ولا بالإنسانية».
وقد وصلت معدلات تأييد ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة إلى مستويات سلبية غير مسبوقة، وتبدو حملته الانتخابية ضعيفة، وفرصه في هزيمة هيلاري كلينتون في الانتخابات العامة ضئيلة للغاية. ولكن حتى إذا لم يصبح رئيساً للولايات المتحدة، فهو يمثل دلالة على مستقبل يبدو قاتماً، ولاسيما أن إمكانية انهيار السياسات الديموقراطية، أو على الأقل حدوث فجوة، أو تعليق مؤقت لقيم مثل الشفافية والمحاسبة وحكم القانون، تحلق في الأفق منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. والآن اتخذت الأوضاع شكلاً لم تتخذه من قبل.
 
وهذه الانتخابات، والأحداث المماثلة الأخرى في أرجاء العالم، تفسح الطريق أمام أشخاص أو أشياء غير متوقعة تماماً. وربما يسخر «سينجر» من ترامب في كثير من الجوانب، ولكن ترامب ليس القضية في حد ذاته، فهو في أفضل الأحوال شخص لا يفهم القوى التي يسعى لحكمها، وفي أسوئها، هو مهرج يمهد الطريق أمام مستقبل يحكمه شخص لديه القدرة على حرق القيم التنويرية الأميركية التي تمثل حاجزاً عالمياً هشاً أمام كثير من أشكال الوحشية والفوضى والرعب في العالم.
وائل بدران
الكتاب: ترامب وأنا
المؤلف: مارك سينجر
الناشر: تيم دوجان
تاريخ النشر: 2016
====================
مايكل شيهان :«توازن القوى».. كتاب جديد يعرى الفوضى الدولية
 مبتدا  منذ 7 ساعات  0 تعليق  1  ارسل لصديق  نسخة للطباعة
اخبار اليوم العاجلة | صدر حديثًا عن مركز المحروسة للنشر والتوزيع، كتاب بعنوان "توازن القوى.. التاريخ والنظرية"، تأليف مايكل شيهان، وترجمه أحمد مصطفى.
جاء على ظهر غلاف الكتاب: تحمل فكرة "توازن القوى" الكثير من المتناقضات، فما الداعى إذًا إلى دراستها؟ على الرغم من جميع عيوبها، فإن فكرة توازن القوى هى إحدى أهم الأفكار فى التاريخ، فقد اعتقد الدارسون للعلاقات الدولية لقرون طويلة أن هذا المفهوم هو مفتاح فهم الأنماط المتكررة لسلوك الدول فى الأوضاع التى تتسم بالفوضى الدولية.
يعد هذا المفهوم أيضًا هو ما استرشد به رجال السياسة، ووجدوا فيه منهجًا لتأمين استقلال بلادهم بصورة دائمة، إن هذه الأهمية البالغة لمفهوم توازن القوى، وعلى الرغم من قصوره كأداة للتحليل أو الاسترشاد فى عالم السياسة، فهو حقيقة تاريخية يجدر بنا تحليلها وفهم مدلولها.
يتكون الكتاب من 9 فصول، جاءت بعناوين "معنى توازن القوى، البوادر الفكرية والتطور المبكر، سياسات توازن القوى، أنظمة توازن القوى، القرن الثامن عشر 1700- 1815، القرن التاسع عشر 1815-1914، مناظير متبارية، توازن القوى فى الحقبة النووية، مستقبل مفهوم توازن القوى".
========================
مؤلفة أمريكية تفتح الصندوق الأسود عن أسرار الحياة داخل إيران..
عرض وتحليل : مصطفى سامى تأليف : لورا سيكور
0478طباعة المقال
حققت إيران فى السنوات الأخيرة نجاحات كثيرة على مستوى السياسة الخارجية ولم تعبأ بكل الضغوط التى حاولت الولايات المتحدة وعملاؤها فى الغرب أن يفرضونهاعليها من أجل التراجع عن برنامجها النووى ، وواجهت تحديات ووقاحات اسرائيل وغرور رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بمزيد من التجاهل والازدراء .
لكن الثورة الاسلامية فشلت منذ قيامها من 37 عاما فى تحقيق أهم بنود برنامجها الذى أعلنه آية الله الخمينى مع رفاقه الايرانيين العلمانيين واليساريين الذين شاركوه فى النضال ضد الشاه والثورة عليه ، وهو تحقيق الحرية والأمن والعدالة الاجتماعية وإحترام حقوق المواطن الايرانى التى إبتذلها الشاه ورجال حكمه .
 كان الشاه يواجه المعارضين بكافة أنواع القمع والقهر بمساندة ومباركة من واشنطن ، وبينماسجن وأعدم العشرات من المناضلين الايرانيين الذين طالبوا بالتغيير خلال حكمه ، الا أن حكام الثورة الاسلامية الذين ثاروا على الشاه وعلى جرائمه لم يكونوا أفضل منه ، بل هم أشد قسوة وأكثر تخريبا للانسان الايرانى . فقد أعدم حكام يران الجدد مئات النشطاء الايرانيين وإمتلأت السجون بأعدادهائلة من المعارضين والمثقفين الرافضين لأفكارهم ، وأعادت أجهزة الأمن بانتهاكاتها لكرامة المواطنين الى الذاكرة أيام حكم الشاه . ‎ لورا سيكور الصحفية الأمريكية التى تكتب منذ سنوات عن إيران لمجلتى النيويوركر والنيويورك تايمز قضت عدة سنوات فى إيران وفتحت لنا فى كتابها « أطفال الفردوس « الذى صدر أوائل هذا العام [ 2016] الصندوق الأسود الذى تختفى بداخله أسرار الحياه داخل إيران ومعاناة المواطن الايرانى الذى قامت الثورة الاسلامية من أجل النهوض به ورد حقوقه التى إختطفها الشاه ورجال حكمه . إنها تعرض علينا صورا للصحفيين والمنشقسن والاصلاحيين وطلبة الجامعات النشطاء الذين يناضلون بشجاعة دفاعا عن مبادئهم وأفكارهم فى دولة يواحه فيها أى معارض للحكم عادة السجن والتعذيب والتشريد والموت .
 لاأذكر فى عرض هذا الكتاب سوى الحقائق التى عرضتها مؤلفته الخبيرة فى الشئون الايرانية ، فأنا لاأنساق وراء الاعلام الأمريكى والكتابات التى تصدر فى الغرب تتضمن إفتراءات وأكاذيب وهجوم حاد على الثورة الاسلامية التى قادها آية الله الخمينى عام 1979 والتى أسقطت حكم الشاه الموالى للولايات المتحدة وإسرائيل . لكن هناك كتبا قليلة تصدر يستخدم أصحابها الاستقصاء العلمى المحايد الى حد كبير فى كشف حياة الايرانيين من الداخل وتعرض بأمانة الظروف السياسية والاجتماعية التى يعانى منها الايرانيون تحت حكم آيات الله والصراع الدائر بين الصقور المتشددين وبين دعاة الاصلاح والمعتدلين الذين يطالبون بالتغييرويناضلون من أجل الفصل بين السياسة والدين والمعروف أن نسبة كبيرة من هؤلاء المناضلين ينتمون سياسيا للفكر الديموقراطى والحريات الغربية .
الحلم فى دولة اسلاميةتتسع للفكر الديموقراطى
 بعض هؤلاء النشطاء الذين تطلق عليهم الكاتبة « أطفال الفردوس « الذين تتناولهم الكاتبة ظهروا فى البداية كأعداء للغرب شاركوا فى عملية الهجوم على السفارة الأمريكية فى طهران وإتخذوا الدبلوماسيين والعاملين الأمريكيين فيها رهائن وهم يطالبون اليوم بالاصلاح الديموقراطى . وآخرون بدأو كثوريين لديهم حلم كبير فى إنشاء دولة اسلامية حديثة تتسع للأفكار الليبرالية والانسانية والثقافات المتعددة ، فوجدوا أنفسهم الآن فى قبضة المتطرفين الذين يسعون الى فرض نظامهم بالقوة والقضاء على كل المعارضين ، وهناك من حاولوا إعداد المسرح لنظام سياسى نشيط متعدد الأحزاب والأفكار والمعتقدات يحترم الحرية والرأى اآخر . وهناك من قتلوا وشردوا فى السجون وأرسلت تهديدات الى عائلاتهم وأصدقائهم .
 الكاتبة تعرض لنا إيران اليوم المليئة بالمتناقضات والعقد النفسية والخفايا الغير مسموح للاعلام فى الداخل أن يقترب منها أما الاعلام الخارجى فليس لديه المعلومات التى تسمح له أن يتناولها . الكتاب يعرض باتفصيل واقع الحياة والثورة الثقافية التى يعدون لها هؤلاء النشطاء من أجل التغيير ودور كل جيل فى هذه الثورة التى تواجه من النظام بكافة أنواع القمع والقهر . إنهم يناضلون من أجل إيجاد صيغة مصالحة بين مختلف التيارات ولأفكار والطوائف الاسلامية مع التركيز على المساواة بين الجميع فى الحقوق والواجبات لكن المحافظين الذين يتولون الحكم فى الجانب الآخر غير مقتعين سوى بأفكارهم المتشددة . المشكلة أنهم يرون أنفسهم فقط كمسلمين مؤمنين أما المعارضين الذين هم « أعداء الله « فهم يرتكبون خطيئة كبرى يستحقون عليها أشد صنوف العقاب والعذاب والقتل وغير مسموح لأمثالهم المشاركة فى الحكم .
» أعداء الله «
 فى صيف عام 1988 أعدم العشرات من « أعداء الله « بناء على فتوى من آية الله الخمينى ، وقد ذكرت الكاتبة أن الجلادين – المسئولون عن تنفيذ الاعدام شنقا - تقدموا بشكاوى للمسئولين من كثرة العمل ومن الأعداد الهائلة للمتهمين المطلوب إعدامهم وطالبوا بتنفيذ الاعدام باطلاق الرصاص على المتهمين إختصارا للوقت والجهد « فى صمت وفى سرية كاملة « وإضطر المسئولون الى شحن المسجونين فى عربات مصفحة الى السجون ووضع كل ستة منهم على منصات الاعدام وهم مكبلين بالحديد وكان ينفذ إعدامهم الجماعى مرة واحدة . وظلت عمليات الاعدام مستمرة على مدى شهرين من السابعة والنصف صباحا وحتى الخامسة بعد العصر .
 لورا سيكور تؤكد أن الثوريين الأوائل فى إيران كانوا من المعتدلين أمثال مهدى بزارجان وأبوالحسن بنى صدر ، ولذلك أبعدهم المتطرفون من الحكومة لينفردوا بالحكم . وهى تكتب والألم يظهر فى سطور الكتاب بوضوح الحكايات المثيرة للرعب التى تعرض لها السجناء وآلامهم وآمالهم وأحلامهم والثمن الفادح الذى دفعوه من أجل مبادئهم ورسالتهم . وتضرب الكاتبة أمثلة لبعض هؤلاء الضحايا ، فالكاتب المعرون « أكبر جانجى « الذى كان أحد حراس الثورة فى بداية الثمانينات تحول الى ليبرالى مثيرا للشغب – فى نظر الحكومة – وأصبح بالتالى من أشهر السجناء السياسيين فى ظل حكم الثورة الاسلامية ، وهناك «عباس أمير إنتظام « والذى خدم فى حكومة مهدى بزارجان – أول من تولى رئاسة الوزراء بعد قيام الثورة الاسلامية والذى عرف بأنه من المعتدلين بين قادة الثورة ـ وكان يعرف بين المناضلين ب « نيلسون مانديلا الايرانى « وقد قضى 27 عاما فى السجن وتحت الاقامة الحبرية وكان محبوسا فى زنزانة تزدحم بالنزلاء ولاتتسع سوى لأقل من نصفهم وكانوا يضطرون للنوم على الأرض بالدور . كل منهم لمدة ثلاث ساعات فقط كل 24 ساعة .
 كتاب لورا سيكور الذى يعد دراسة عن واقع الحياة فى إيران تحت حكم قادة الثورة الاسلامية بدأ بمقدمة من الكاتبة عن الثوريين الايرانيين فى الستينات والسبعينات من القرن الماضى الذين مهدو لقيام الثورة الاسلامية فيما بعد ، وقد كانوا جماعات من المثقفين والمفكرين الرافضين لحكم الشاه وخضوعه للولايات المتحدة ووللانتهاكات والمذابح التى يرتكبها رجال « السافاك « فى حق المناضلين الثوريين . لقد مهد هؤلاء الأبطال للثورة التى قامت بعد ذلك عام 1979 وكان أغلب هؤلاء الثوار غير معروفين بالنسبة للغرب يعملون فى السر خوفا على حياتهم من بطش الشاه . الكاتبة تركز الضوء على عدد من الشخصيات أمثال عالم الاجتماع على شرياتى والناقد السياسى جلال الأحمد وكانا موضع إحترام وتقدير كافة المثقفين الذين قاموا بتنظيم حركة مناهضة للاستعمار وضد تدخلات الغرب فى الشئون الايرانية ولك كانت لديهم رؤية عصرية لثورة إيرانية فى مجتمع شيعى . وقد كان هناك تحالفا تحت حكم الشاه بين إيران والولايات المتحدة وقد فتح بلاده للاستثمارات الأجنبية ، وقد أسفرت الأموال التى تدفقت على إيران والتدخل الغربى عن ما أطلق عليه الثوريون « تسميم الغرب للبلاد « لكن ذلك لم يمنع من أن يتبنى هؤلاء المثقفين الثوار بعض الأفكار الغربية الخاصة بالديموقراطية وحقوق الانسان والمطالبة بنقل التكنولوجيا الى البلاد . وقد كان معظم هؤلاء المنشقين من المسلمين المعتدلين { وقد ألقى القبض على شرياتى عدة مرات ومات أخيرا وهو فى منفاه خلال حكم الشاه } وآخرون كانوا من اليساريين المتعاطفين مع الفكر الماركسى ، وكان هناك أيضا عددا من المحافظين المساندين للشاه . لكن الجميع كانوا يتفقون على رفض الأفكار والمبادئ الأساسية للغرب . كان المثقفون المؤيدون للشاه يرون إحترام حقوق الانسان بلا حدود . وكانت الأولوية الملحة فى نظر الثوار اليسارييين تأتى من الحاجة الى إقامة وحدة وطنية تقف ضد طغيان الشاه وتأثيرات الغرب قبل النظر الى حقوق الأفراد . وبالنسة للمنشقين الاسلاميين فقد كان اهتمامهم الأساسى أن يرتبط الاله بالانسانية والاعتدال بما يفتح الطريق لقبول كل من يختلفون مع الدين فى مواقفهم .
 تقول الكاتبة أنه بعد أن تولى ية الله الخمينى السلطة أبعد كل من اليساريين والعلمانيين الذين شاركواالاسلاميين فى معارضة حكم الشاه . وأصبح من الواضح بعد حكم الخمينى أن الجمهورية الاسلامية لن تسمح بالحريات ولن تحقق أغلب مطالب المثقفين كما كانوا يأملون .
المفكرون الاسلاميون الجدد
 مع بداية التسعينات أصاب الاحباط أعداد كبيرة من المثقفين الذين كانوا من الشباب وشاركوا فى الثورة وذلك بعد أن قام رجال الدين المتحالفين مع قوى الأمن بفرض سيطرتهم على المجتمع وعلى السياسة . لم يعد من الممكن إجراء أى حوار بين الطرفين حلفاء الأمس الذين أصبحوا أعداء اليوم . دفع هذا الوضع الثوريون القدامى لأن يتحولوا عن طموحات الأمس ويبدأوا البحث عن لغة جديدة يعبرون بها عن مطالبهم وأحزانهم على أمل أن يتقدموا بالخطوة الأولى لاصلاح النظام .
 المفكرون والنشطاء الذين صكوا فى الماضى عبارات التغريب والعودة الى الجذور والشهادة والتعاون تضمنت مطالبهم مصطلحات مختلفة مثل الديموقراطية والحرية والمساواة وإحترام حقوق الانسان والمجتمع المدنى ومصطلح جديد لأول مرة يعنى « المواطنة « و قد عرف هؤلاء المثقفون ب « المفكرون الاسلاميون الجدد « .
 كان آية الله الخمينى قد شكل لجنة برئاسة عبدالكريم سوروش أحد شباب الثورة من المثقفين الذين درسوا الفلسفة والعلوم الكيمائية فى جامعات لندن للاعداد « لثورة ثقافية اسلامية « فى برامج التعليم العالى تماثل الى حدما الحملة التى قام بها الزعيم ماوتسى تونج فى الصين عندما قام بثورته الثقافية وكان الهدف من هذه اللجنة تحصين الجامعات الايرانية من تأثير الثقافات الغربية . ولكن عندما تحقق سوروش من أن الاسلاميين المتشددين ليس لديهم النية فى مشاركة الآخرين وخاصة المثقفين المطالبين بالاصلاح فى السلطة والرأى وأنهم يصرون على فرض نظرتهم المتشددة فى الدين ويرفضون المطالب بالحرية والديموقراطية . ومع منتصف التسعينات إكتشف سوروش أنه أصبح هدفا للمحافظين المتشددين وعندما كان يلقى محاضراته فى الجامعة تعرض لهجوم شديد من المتشددين وبعض الحاضرين من الذين ينتمون اليهم . وصدرت الأوامر من السلطات باغلاق مجلة « كيجان « التى أصدرها ، وقد سلب من كل مسئولياته الأكاديمية وأجرت المخابرات الايرانية تحقيقا معه بعد أن وجه اليه رئيس المجلس الأعلى آية الله على خامئنى إنتقادات علنا . ولم يكن أمام سوروش خيارا سوى أن يهرب الى منفاه فى الخارج وحصل بعد ذلك على عدد من الوظائف الأكاديمية فى جامعات الولايات المتحدة .
 وبالرغم من غياب سوروش عن إيران لعدة سنوات الا أن الكاتبة تضعه كواحد من قادة التحول الثقافى الذى تشهده البلاد منذ عقدين ، وقد أصبح بالنسبة للأجيال الجديدة من النشطاء والمفكرين فى نفس مكان شيرياتى أثناء بديات التحرك الثورى .
دين التسامح والاعتدال. ‎ وقد أعلن سوروش فى مقابلة مع الصحافة الغربية فى عام 1997 أنه يسعى الى تنقية الاسلام من كل الشوائب والمغالطات التى فرضها المتشددون على الاسلام ليصبح كما كان « دين التسامح والاعتدال « .
 المفكرون الاسلاميون الجدد يتجاوبون الى حد كبير مع الجيل الجديد من النشطاء من الشباب الذين ولد أغلبهم بعد عام 1979 والذين يمكن أن يطلق عليهم « أحفاد الثورة» . لقد قامو بتهيئة المناخ لاطلاق حركة الخضر التى قادت مظاهرات الاحتجاج ضد إنتخابات الرئاسة عام 2009 التى أعادت أحمدى نجاد المعروف بتشدده للرئاسة برغم الاتهامات بالتزوير لصالحه .
 لورا سوكور تعرض فى كتابها صورة مضيئة لهؤلاء الشباب المنشقين على النظام القائم والذين هم : طلاب جامعات وصحفيون تحولوا الى الاعلام الأليكتروني ونشطاء فى حقوق الانسان يعملون من أجل تحقيق المساواة للمرأة والمطالبين بالغاء عقوبة الاعدام . وبالرغم من أن النظام وبلا رحمة واجه هؤلاء المنشقين بمنتهى العنف عن طريق القبض العشوائى على المئات وتعرضهم للضرب والتعذيب والاعتراف القسرى تحت التهديد ، الا أن كثيرون من قادة المعارضة تحالفوا معهم مثل حسين موسوى ومهدى خروبى الذين فرضت عليهما الاقامة الجبرية لسنوات حتى أثناء رئاسة حسين روحانى الذى يعد نسبيا من المعتدلين والذى تولى الرئاسة بعد أحمدى نجاد عام 2013 . وبالرغن من أن الضباب السياسى فى إيران يشير الى إنحسار حركة الخضر لكن روح الاصلاحيين لم تموت .
النشطاء والاصلاحيون اليوم يرفضون كل دعوات التيار المتشدد الذى ينتمى الى الخمينى ، ولايتصورون إمكانية أى لقاء أو توافق فكرى معهم ، وقد إكتشفوا أن قطاعا كبيرا من الايرانيين يرفضون المصطلح الذى أطلقه الخمينى الذى يقول أن « الاسلام هو الحل « . وبالرغم من أن المتشددين الاسلاميين لاتزال قبضتهم قوية على السلطة ويرفضون الرأى الآخر ، فالكاتبة تؤكد أنه لامفر فى المستقبل القريب من الحوار بين أصحاب التيار المتشدد وبين المعتدلين من شباب النشطاء أو الثوار الجدد .
========================
غازي أورخان  :مراجعة كتاب، التاريخ السري للامبراطوريّة العثمانيّة
21 يوليو 2016
عبد القادر زينو - خاص ترك برس
هَدَفَ المؤلف من هذا الكتاب كسر الصورة النمطية المرسومة عن السلاطين العثمانيين بأنّهم المجاهدون الأشاوس في ساحات الوغى فحسب، أو بأنَّ من يقف في حضرتهم فهو يرتجف فَرَقًا، فأراد إبراز الجوانب الإنسانيّة والاجتماعيّة والأدبيّة والتعبديّة في شخصياتهم يقول:
"ألا يهمسون بآذانكم بأنَّ لهم وجوهًا أخرى مخبوءة محرَّمة غير تلك التي تُقدَّم بشكلٍ باهت في كتب التاريخ [ومن هذه الصور المخبوءة] كصورة الفاتح الذي يُطَعِّم أشجار الورد في حديقته، وسليم الجبار الذي يَصْهُر الذَّهب ويصوغُه كالتطريز، وسليم الثاني الذي يصنع عكاكيز للحجاج مُخففًا عن نفسه عدم استطاعته الذهاب إلى الأرض المقدّسة!"(1).
فتناولَ الكتابُ حيواتَ 36 سلطانًا وخليفةً واحدًا (أي بسلطة دينية فقط حسب اصطلاح المؤلف) علمًا أنّ هذا الفصلَ والتفريق فاسدٌ فالخليفة في الإسلام يتمتع بالسلطة الدينية والدنيويّة معًا، فهو يتناول جوانب حيوات هؤلاء السلاطين واهتماماتهم بتعلّم اللغات واهتماماتهم الفنيّة والأدبيّة والعسكريّة وحتى الفكريّة فسنجد أنّ بعضهم انتمى إلى الطرق الصوفية وواحدًا منهم اعتنق عقيدة "وحدة الوجود" الفاسدة، فيصف مصطفى أرمغان عادات السلاطين الطعام والشرّاب والتدريب على استخدام مختلف الأسلحة الحربية ومهارتهم وتفوّقهم في استخدامها.
والمفهوم من الكتاب أنَّ ما دُرِسَ وبُحِثَ من التاريخ العثماني أقلّ من ما لم يُدرس.
ومما يؤخذ على المؤلف تشابهُ المعلومات في كل سلطان وإعادتها، فقد كان يمكنُه أن يذكرَ اهتمامات السلاطين العامّة في أول الكتاب دونَ تكرار.
فلا يخفى على أحدٍ أهميّةَ وعظيمَ أثر الخلافة العثمانيّة على المسلمين:
"لو لم تدخل دورة التاريخ قوةٌ وحّدت العالم الإسلاميّ ، ورفعت رايةَ الإسلام كالدولة العثمانية في الوقت المناسب ، لكان من المحتمل أن يعيشَ هذا العالمُ الذل والتجزئةَ التي عاشها 1918م ولكن قبل فترة طويلةٍ ، أي في القرنين الخامس والسادس عشر"(2).
والرائعُ في سلاطين بني عثمان أنَّ كثيرًا منهم كان يأكلُ من عملِ يده، فعمل السلطان غازي عثمان بالرعي واقتتات على عائدات الأنعام من حليبٍ وألبانٍ وجبنٍ حتّى إن تَرِكَتَهُ عند موتَه كانت بضعَ دوابٍ وأثوابٍ وأداواتٍ بيتيةٍ بسيطة(3).
وكذلك وَلَعُ السلطان عبد الحميد الثاني بالنِجَارة قبل توليّه الخلافةَ ويُقال أنّه لو استمرّ في عمل التحفِ الخشبية الإبداعية من تصميمه الخاص لجمَعَ ثروةً كبيرةً.
فمن اهتمامات السلاطين الأدبيّةِ اهتمامهم بالشعر ومن ذلك قصيدةٌ للسلطان غازي عثمان يقول فيها:
"ابنِي مدينةً وسوقًا جديدةً بموادّ بناءٍ من القلب
اعمل ما تريد ولكن لا تظلم فلّاحًا
انظر إلى المدينة القديمة الجديدة إنيغول فهي قائمةٌ دائمًا
اهدم بورصة التي كسرتُ فيها الكفّار وابنها من جديد
اغد ذئبًا واقصد قطيعًا، وكن أسدًا ولا تتقهقر
افعل شيئًا وكن جنديًّا، وحاصر مضيقَ اللسان
لا تستخفّ بمدينة إزنيك، ولا تتدفق كنهر صقاريا
خذ إزنيك ولا تبالِ، ابنِ سورًا لكل برجٍ فيها
أنت عثمان بن أرطغرل من سلالة الأُغُوظ وقراخان
أكمل حقك، وافتح اسلامبول، واجعلها حديقةَ ورد"(4).
أمّا المقدام غازي أورخان فقد كان شديد اللباقة وكريمًا بشكل خاصٍ مع الفاتحين والفانين والفقراء وكان يحبُّ حفظةَ القرآن وخصص لهم رواتبَ تُسمى بالعثمانيّة أُلفة(5).
ومن مآثر السلاطين العثمانيين أنّ ثلاثةً من السلاطين العشرة الأوائل قضَوا أثناء الحملات العسكرية، وهم مراد الأول، والفاتح، والقانوني، ولكن على الرغم من أنّ الأخيرَين أسلما الروح أثناء الحملة، إلا أنهما لم يكونا على تماس مع العدو ، ويُحتَمل أن تكونَ وفاةُ السلطان الفاتح خلال حملته ضد المماليك ناتجة عن مضاعفات إصابته بالنقرس(6).
بل إنَّ بعضَهم – وهو عبد الحميد الأوّل – ماتَ قهرًا – وأصيبَ بالجلطةِ بعد تلقّيه خبرَ مقتل خمسةٍ وعشرينَ ألفًا من الجنود المسلمين في معركة القرم واحتلال هذه الأرض مِن قِبل روسيّة!!!(7).
أمّا بيازيد الصاعقة فقد أنشأ مؤسسةَ الصيد في القصر العثمانيّ التي استمرّت طويلًا ، وحاول فتح إسطنبول مرتين، ولكنّهم هُزِمَ من قبل تيمورلنك ووقع بين يديه أسيرًا في أنقرة عامَ 1402م.
أما السلطان محمد الأول فقد كان مهتمًا بالمكتبات وقد زاره المؤرخ العربيّ الشهير ابن عربشاه، "ولكثرةِ هوسه بعمل الخير كان يأمر بطهي الطعام من ماله الخاص مساءَ كلِّ جمعةٍ، ويوزِّعه بنفسه على الفقراء"(8).
ولنتفكّر قليلًا في وصيّة مراد الثاني التي طلب فيها: "ألا تُسدَّدَ نفقات دفنه من خزينة الدولة"، و"بيع خاتميه الياقوتي والألماسي أو رهنهما إذا لم يُباعا لتسديد نفقات الجنازة، وطلبَ أن يكونَ سقف القبر مكشوفًا لكي يهطل المطر - رحمة الله - فوقه(9).
أما السلطان المحبوب محمد الفاتح فقد كان يعمل بالأحجار الكريمة وصناعة خواتم الرماة ويهتم بالقراءة وقرأ عن روما وباباواتها، كما اهتمّ بأعمال البستنة والحدائق والرياضةِ والشطرنج.
أما السلطان بيازيد الثاني فهناك شبه إجماع على أنّه أكثر السلاطين العثمانيين تديّنًا، حتّى قيل أنّه لم يضيّع صلاةَ سنّةٍ قطُّ(10).
أما السلطان سليم الجبار فقد اعتنق عقيدةَ وحدةِ الوجود الفاسدة، وأحبَّ القراءةَ حتّى ضعف بصره(11).
كما عُرفَ عن السلاطين العثمانيين اهتمامُهم بأرض الحجاز المقدسة فقد أرسل السلطان سليمان القانوني منبرين من الرُّخام يُعدّان قطعتين فنّيتين إلى الحرم الشريف وضريح سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأضافَ مئذنتين جديدتين للحرم الشريف، وأعادَ بناءَ بيتِ سيدتنا آمنة حيث ولد الرسول، وجرّ عينَ زبيدةَ إلى مكّة، ودفعَ من أجل ذلك مئةَ ألف ذهبيّة، وأنشأت زوجتُه حُرّم مكانًا لإطعام الفقراء(12).
وأمّا سليم الثاني سليم الأصفر فقد كان يحفر أهلّةً على العكاكيز ويشعرُ بالسعادة من إهدائها بواسطة رجاله إلى الحجاج ليتّكئوا عليها ، ولعلّه يجدُ بهذا سلوانًا لعدم ذهابه إلى الحجّ(13).
أمّا السلطان عثمان الثاني -1622م فقَد أطلق عليه أنصار تركيا الفتاة في 1908م أنّه عثمان الفتى وعدّوه ملهمًا لهم بعدَ أنْ إعلان المشروطية في هذا التاريخ ويصوّرنه على أنّه إصلاحيّ ثوريّ، وعلى الرغم من وجود جانب حقيقي في هذه الصورة، لكنّ وثائق عهده لا تثبتُ صحّة الإدعاء القومي التركي بأنّه "أراد أن يذهبَ إلى الأناضول، ويشكّل جيشًا جديدًا من الأتراك، ويعيد فتح إسطنبول، ويكسر هيمنة الانكشاريّين والمحولّين دينيًا "فهذا غير صحيح، لقد كان عازمًا على تشكيل جيشٍ جديدٍ من التركمان والعرب والأكراد، ومع الأسف جزء "العرب والأكراد" ما زال محظورًا في عقليّة التاريخ القوميّ لدينا(14)(يقصدُ القوميين الأتراك).
أمّا أحمد الثالث فقد كان ماهرًا بالتسديد بالبندقية وتروي الكتبُ أنّه أصابَ دينارًا ذهبيًّا في مركزه من بعدِ خمسٍ وثمانين خطوةً.
هكذا كانت حياة هؤلاء السلاطين بين علم وأدب وفنون وجهاد وخُطَب وفي بعض الأحيان ضعفٌ ولعب، وهنا أستذكر قول الشاعر علي باكثير عندما زار إسطنبول في عام 1969م مُتأثّرًا بإنجازات العثمانيين ومآثرهم:
وكَمْ بالأسِتَانَـةَ مـِنْ مَعَـانٍ             أثارتْ في حَنَايايَ الشُّجُونَـا
معانٍ ليـس تَعْدِلُهَـا مَعـانٍ             تُفَجِّرُ فِي الفُؤادِ هُدًى مبينـَا
مآثرُ مِن بنيْ عثمانَ شـادتْ          مِنَ الدينِ الحنيفِ بِها حُصونَا
تزيدُ الكافرينَ أسًى وغيظـًا          إذا نظروا وترضي المُؤمنينَا
جوامعُ مشمخـراتٌ حسـانٌ           خوالدُ مـن بنـاءِ الخالدينَـا
تراها من بعيـدٍ كالرواسـي           فإن دوّين أقْـرَرْنَ العيونـَا
بفـنٍ عبـقـريّ مستـمـدٍ                من الإسلام يَهدي الحائرينَـا
كأن قبابَها خُـوذاتِ صُلـبٍ           لَمَعْنَ على رُؤوسِ مجاهدينَا
ومَن ينظر مآذنْهـا يجدْهَـا            رِماحًا في صدورُ الكافرينـَا
========================
راي تقية، ستيفن سيمون :الكتاب: القوة العظمى البراجماتية: كسب الحرب الباردة في الشرق الأوسط
المؤلف: راي تقية، ستيفن سيمون
الناشر: W. W. Norton & Company
تاريخ الإصدار: 31 مارس 2016
عدد الصفحات: 416
اللغة: الإنجليزية
(1)
الربيع العربي، وطموحات إيران النووية، وحرب العراق، وما يصر الغربيون على تسميته الحرب الأهلية السورية؛ كلها صراعات معاصرة تعود جذورها العميقة إلى مرحلة انتقال الشرق الأول من فترة الاستعمار ما بعد الحرب.
في هذا الكتاب، يعيد خبيرا السياسة الخارجية راي تقية وستيف سايمون صياغة إرث الانخراط الأمريكي في العالم العربي ما بين 1945 و1991، ويسلطا ضوءًا جديدًا على الشرق الأوسط المعاصر.
وإذ يسبح المؤلفان عكس تيار المعتقد السائد، يجادلان بأن واشنطن- قليلة الخبرة- حينما اقتحمت عالم السياسة المضطرب في الشرق الأوسط؛ نجحت من خلال براجماتية عنيدة، وحجزت مكانها كقوة عظمى عالمية.
وبينما كانت العيون مركزة على الصراع العالمي مع الاتحاد السوفيتي، مخرت أمريكا بدهاء عباب صعود القومية العربية، وتأسيس إسرائيل، وعددا من الصراعات من بينها حرب السويس والثورة الإيرانية.
ويكشف تقيه وسيمون في كتابهما "القوة البراجماتية العظمى" أن أهداف أمريكا في المنطقة كانت في الغالب غير معقدة، لكنها نادرًا ما كانت متواضعة. إذ انتهجت واشنطن دبلوماسية بارعة لمنع التسلل السوفيتي إلى المنطقة، واستمرار الحصول على مواردها النفطية الكبيرة، وحل الصراع بين الوطن القومي لليهود والدول العربية التي تعارضه.
ويوفر الكتاب إطلالة على مناورات واشنطن في السباق من أجل السلطة العالمية، ويقدم تقييما مختلفا لسياسات أمريكا خلال فترة الحرب الباردة في منطقة حساسة من العالم.
(2)
يحاول الكتاب في الأساس أن يوضح كيف كانت سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط خلال فترة الحرب الباردة، ما بين 1946 وحتى 1991، ناجحةً في الواقع- ليس نجاحا تامًا، ولكنه نجاح ملحوظ.
وذلك عبر دراسة مجموعة من الأزمات: كيف تعاملت الولايات المتحدة مع الوضع الثوري، والصراع بين الدول، والحروب العربية-الإسرائيلية، والثورة، وانهيار نظام الدولة. هذا هو في الأساس فحوى النقاش الذي يدور حوله الكتاب.
ثم يحاول الكتاب استكشاف لماذا نجحت هذه السياسة حيثما نجحت، ولماذا فشلت حيثما فشلت. ليخلُصَ إلى أن ذلك يرجح جزئيًا إلى البراجماتية الأمريكية، وجزئيًا إلى القدر. وإن كان تقية يعترف بأن الولايات المتحدة جيدة جدًا في شن الحرب، لكنها ليست جيدة دائما في توقع ما يأتي بعد.
ووسط حالة الفوضى التي يموج بها القرن الـ21، يرى تقيه وسيمون أن هناك حاجة ملحة للنظر للوراء، إلى تلك الفترة التي أدارت فيها الولايات المتحدة الأمور كما ينبغي. عندها فقط- بحسب المؤلفان- سوف نفهم التحديات التي نواجهها اليوم على نحو أفضل.
(3)
حين سُئِل راي تقيه عما يعنيه بالبراجماتية تحديدا، أجاب: أن الولايات المتحدة تحدد مصالحها بعناية وبطريقة محسوبة. فليس لها أعداء على طول الخط، أو حتى حلفاء دائمون. ويمكن رؤية ذلك بشكل خاص في عهد أيزنهاور، حيث كانت سنواته الأربعة الأولى فاشلة إلى حد كبير، ثم عاد برؤية ثاقبة أكثر إلى حد كبير، بعد إعادة النظر في افتراضاته، وافتراضات إدارته.
ويرى تقية أن الرئيس الأمريكي الأكثر براجماتية، هو: أيزنهاور؛ لأنه قام بشيء نادر: غيَّر سياسته، ما يعني تغيير افتراضاته. على الجانب الآخر، كان أيزنهاور يولي ثقة كبرى في العمليات السرية، وجميع العمليات السرية التي جربها في الشؤرق الأوسط فشلت: في إيران العملية أجاكس عام 1953،  وسوريا، والعملية أوميجا التي كانت تستهدف تقويض نظام عبدالناصر.
وفي حين يرى تقية أن الرئيس الأمريكي الأقل براجماتية، كان: كارتر وريجان- الأول لأنه نادرا ما تحدى افتراضاته، ولم يكن لديه الوقت الكافي، وكان غارقا في أزمة لم يفهمها. والثاني فلم يكن يمثل له الشرق الأوسط شيئًا ذا معنى. يخالفه سيمون فيما يتعلق بـ كينيدي الذي يراه كان براجماتيا جدًا، ويضيف اسم جونسون إلى القائمة.
(4)
- "يُحدِث ثقبا في جدار الخرافات المتأصلة.. واضح وميسر"  (بابلشرز ويكلي)
- "طرح ثاقب وشامل" (نيويورك تايمز بوك ريفيو)
- "إطلالة فريدة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط" (كيركوس ريفيوز)
- "سطر تقيه وسيمون- وكلاهما عالم بارز في شؤون الشرق الأوسط- تحديًا حيًا واستفزازيًا للمعتقد السائد بشأن السياسة الأمريكية تجاه هذه المنطقة المضطربة خلال الحرب الباردة. يرون أنه باستبعاد الاتحاد السوفيتي، ودعم الحلفاء العرب المحافظين، واستغلال ظهور إسرائيل كقوة كبرى، أحاط واضعو السياسة الأمريكية مصالحهم خلال الحرب الباردة بسياجٍ آمن. وهي دراسة يجب أن يقرأها صناع القرار والطلاب الذين يدرسون السياسة الأمريكية، لأنها تمثل إسهاما كبيرًا في مناقشاتنا الجارية حول دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". (روبرت كاجان، مؤلف كتاب "العالم الذي صنعته أمريكا").
- حكاية رائعة لانخراط أمريكا المتشابك في الشرق الأوسط، يحكيها اثنان من أكثر خبراء واشنطن الإقليميين ذكاء وحنكة. الأصداء الغريبة لعناوين اليوم يتردد صداها في جنبات هذه الإطلالة الأخَّاذة على تاريخ أحد المسارح الحاسمة للحرب الباردة. وكما قال فوكنر*: الماضي لا يموت. بل إنه ليس بماضٍ. وهي المقولة التي لا تتجلى في ثوب أكثر صدقًا مثلما تتجسد في الشرق الأوسط، وهذا الكتاب الممتاز الذي ألفه تقيه وسيمون يوضح لك لماذا". (جدعون روز، محرر، مجلة فورين أفيرز).
 * وليام فوكنر- رواية "قداس لراهبة Requiem for a Nun"
- مركز إدراك
========================
 مارك لينش :الكتاب: الحروب العربية الجديدة: الانتفاضات والفوضوية في الشرق الأوسط
المؤلف: مارك لينش
الناشر: بابليك أفيرز
تاريخ الإصدار: 26 أبريل 2016
عدد الصفحات: 304
اللغة: الإنجليزية
ترجمة وعرض: علاء البشبيشي
"الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدأت للتو، وآمال الأنظمة العربية وصناع السياسة الغربيين بالعودة إلى عادات الاستقرار الاستبدادي القديمة مآلها الفشل المحتوم".
(1)
بدأ مؤلف هذا الكتاب مبكرا في التعرف علي الوطن العربي، الذي عاش في جنباته ثلاث سنوات بداية التسعينات، متنقلا بين عمان والقاهرة، وهو متخصص في شؤون الشرق الأوسط، خاصة شؤون الإسلاميين والعراق وفلسطين، وله رؤية بضرورة دمج الإسلاميين في الحياة السياسية في المجتمعات العربية.
هو مارك لينش؛ أستاذ العلوم السياسية المساعد بجامعة ويليامز، حصل على الدكتوراة من جامعة كورنيل، وألف كتاب "أصوات الشعب العربي الجديد" الصادر عن دار جامعة كولومبيا للنشر في ديسمبر 2005، إلى جانب نشر كتاباته في مجلة فورين بوليسي.
(2)
بعد مرور أقل من 24 شهرًا على الربيع العربي المفعم بالأمل، تحولت الحركة الشعبية إلى واقع مرير، حيث عاود الطغاة الظهور، وفشلت دول، واندلعت حروب أهلية.
انتهى التحول المصري إلى الديمقراطية بانقلاب عسكري عنيف، وانزلقت اليمن وليبيا إلى حروب أهلية، وابتليت البحرين بقمع طائفي، واستأثرت سوريا بنصيب الأسد من النكبة.
في خضم هذه الفوضى، أعلنت جماعة مسلحة عنيفة قيام دولة إسلامية، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضي لتصبح مصدر إلهام للإرهاب في أنحاء العالم. فما الذي حدث؟ والأهم: كيف حدث؟
(3)
بعمقٍ، يشرح كتاب "الحروب العربية الجديدة" أسباب هذا الكابوس، ويفصِّل فاتورة القرارات السيئة التي اتخذتها الأطراف الإقليمية الفاعلة، ويقدم تحليلا قاسيًا لسوء قراءة الغرب لهذه الصراعات، ويدين التدخل الدولي الذي أدى إلى تفاقم العنف.
أكثر ما يقدمه كتاب "لينش أهميةً، هو: التأكيد على أن الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدأت للتو؛ هذا هو الخبر السيء. لكن ثمة خبر جيد، مفاده أن آمال الأنظمة العربية وصناع السياسة الغربيين بالعودة إلى عادات الاستقرار الاستبدادي القديمة مآلها الفشل المحتوم.
ورغم هذه الجرعة المعقولة من التفاؤل، لا يقدم "لينش" إجابات سهلة، فضلا عن أن يوفر مهربًا، بل يطرح رؤيته بصراحةٍ صارمة: جذور انتفاضات الربيع العربي عميقة، وستكون عصية على القمع بأيدي المستبدين الجدد، سواء في مصر أو السعودية، ولن يكون بإمكان التدخل الأمريكي منع سوريا من التفتت، أما التطرف الإسلامي فسوف يتفاقم إلى الأسوأ.
(4)
من أجل ذلك يصف ديفيد إجناتيوس من صحيفة واشنطن بوست، هذا الكتاب بأنه "شديد الصراحة حدّ القسوة، يُغَرِّد خارج السرب. وحتى من لا يوافقون على بعض استنتاجات لينش، سيجدون أن كتابه "الحروب العربية الجديدة" جدير بالقراءة".
ويقول عنه وليام ج. بيرنز، رئيس مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، ونائب وزير الخارجية الأمريكي السابق: "هو كتاب هام، ملء بالرؤى الحادة، والتحليل المتزن. وأي شخص يسعى لفهم جذور ومسارات الانتفاضات العربية، وتأثيراتها على مستقبل منطقة حاسمة، سوف يستفيد من هذا الكتاب الرائع".
وكتب عنه رامي خوري، مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية- الجامعة الأمريكية، بيروت: "كتاب "الحروب العربية الجديدة" هو عرض مقنع ودقيق وشامل للحالة شديدة الاختلاط التي تمر بها منطقتنا المضطربة في هذه اللحظة الانتقالية التاريخية.
التقط فيه "لينش" كافة التفاصيل الدقيقة، ومواطن القمة والضعف، والفاعلين، والأخطار، والوعود؛ التي تتضافر لتشكل صورة الشرق الأوسط اليوم. وإني أوصي بشدة بهذا الكتاب لكل من يسعى إلى فهم ما يجري في منطقتنا، وكيف وصلنا إلى هذه الحالة، وكيف نقيم الأدوار المتغيرة التي يلعبها العديد من اللاعبين الإقليميين والدوليين".
مركز إدراك
========================
أوليفييه لاكوست :مستقبل الاتحاد الأوروبي.. بعد الخروج البريطاني
تاريخ النشر: الجمعة 22 يوليو 2016
لماذا يتعين المضي قدماً، على رغم كل العقبات والعراقيل، في استكمال المشروع الاتحادي الأوروبي، والسير به خطوات أخرى إلى الأمام؟ وما هي آفاق وأهداف هذا المشروع أصلاً؟ وفي ضوء الانسحاب البريطاني «البريكسيت»، هل بات حديث اللحظة الآن هو النهاية المحتومة للحلم الأوروبي برمته، أم أن هذه الكبوة يمكن أن تكون دافعاً لإعادة تأسيس جديدة على أسس أصلب وأشد رسوخاً؟ وكيف يمكن تعريف وتوصيف النهاية والغاية من الاتحاد من الأساس؟ وبعد أن اختار البريطانيون، أو أغلبيتهم الناخبة، الخروج بدل البقاء، فما الذي في مقدور الاتحاد، وخاصة الدول المحورية فيه، فعله في المستقبل لإعادة تعويم الحلم الأوروبي من جديد، وتسويقه بطريقة فعالة لشعوب القارة التي بدأت شرائح واسعة منها تستبطن نوعاً من الشك، أو على الأقل عدم اليقين تجاه المسيرة الاتحادية القارية الطموحة؟ هذه أسئلة ضمن أخرى كثيرة يثيرها كتاب المؤلف والأكاديمي الفرنسي أوليفييه لاكوست الذي سيصدر قريباً -وتتوافر الآن منه مقتطفات- وعنوانه: «نهاية أوروبا.. الاتحاد وتحدي البريكسيت»، وهو كتاب يأتي الآن في وقته تماماً، ويزيد من قيمته أن المشروع الأوروبي يواجه اليوم بالفعل أسئلة حول مستقبل المسار والمصير بشكل جذري وقلق لم يعرف له مثيلاً طيلة العقود الستة الماضية. ومن هنا فإن تصدي كاتب وأكاديمي متمرس لتحليل خلفيات هذا الواقع الصعب يبدو ضرورياً ومطلوباً في اللحظة الراهنة.
وفي البداية يقول الكاتب إن تصويت أغلبية البريطانيين ضد البقاء في الاتحاد ليس هو أول مؤشر على وجود تململ وعدم رضا شعبي عن مسيرة الاتحاد الأوروبي، فقد سجلت أيضاً مؤشرات سابقة على ذلك وخاصة عندما رفضت أغلبية الفرنسيين والهولنديين مشروع الدستور في 2005، وكذلك صوّت ضد روح المشروع الأوروبي كل من الإيرلنديين في 2008، واليونانيين في 2015 والبريطانيين في 2016، وكل هذا يدل على وجود حالة استياء واسعة في صفوف قطاعات كبيرة من شعوب القارة تجاه البيروقراطية الأوروبية وتدخلها في مجالات حيوية كانت حتى الأمس القريب تعتبر من ضمن صلاحيات الدول الوطنية، هذا فضلاً عن وجود تيارات سياسية يمينية انعزالية ترفع لافتات سيادية في أكثر من بلد أوروبي أيضاً. وهذا يعني أن «البريكسيت» قد يكون هو صافرة الإنذار الأخطر التي انطلقت حتى الآن للفت انتباه الزعامات الأوروبية إلى ضرورة إيلاء آراء واهتمامات شعوب القارة قدراً كافياً من الاهتمام، ومن ثم العمل على ضخ جرعة أكبر من الديمقراطية في قرارات وممارسات البيروقراطية المتنفذة في تسيير شؤون الاتحاد من بروكسل.
والآن بعد انسحاب المملكة المتحدة، التي تعتبر أحد أقوى الاقتصادات الأوروبية، كما أنها عادة كانت تتصدر أيضاً القوى الداعمة، بل المروجة للنزعة الليبرالية وللانفتاح على الأسواق، كيف سيكون في مقدور أوروبا العمل من أجل تحقيق المزيد من التكامل الاقتصادي، والمنافسة بقوة والنفاذ إلى الأسواق الدولية، في ظل شدة المنافسة من طرف الاقتصادات الدولية الكبرى الأخرى، وأيضاً مع زيادة حجم نصيب الاقتصادات الصاعدة والدول البازغة في كعكة التجارة العالمية؟ لاشك أن سؤالاً كهذا يؤرق صانع القرار في الدول الأوروبية المحورية، وخاصة أن عليها الاستمرار كرافعة لاتحاد أوروبي يجر وراءه عدداً غير قليل من الدول المتعثرة اقتصادياً، أو المهددة الآن بالتعثر بشكل مثير للقلق.
ومن أجل مزيد من الفهم يعود المؤلف بقارئه إلى الأسس الصلبة والدافعة أصلاً لبناء المشروع الأوروبي، حتى لو كان بعض تلك الأسس لم يتحقق إلى الآن، أو أدى في بعض تجلياته ومحاولات ترجمته على أرض الواقع إلى آثار عكسية غير مرغوبة. ومهما قيل عن الاتحاد الأوروبي اليوم من أوجه نقد أو مظاهر إخفاق، فلا أحد يستطيع الزعم أنه لم يحقق بعضاً من أكثر الأهداف أهمية وحيوية بالنسبة لشعوب القارة، حيث كان مُنجزه الأول ترسيخ ثقافة التعاون والتعايش والسلام بين شعوب قارة اكتوت بالحربين العالميتين، هذا فضلاً عن إنجازات هائلة أخرى كثيرة ليس أقلها العملة الموحدة «اليورو»، وحرية تنقل الأشخاص والبضائع، وانفتاح الأسواق ووضع آليات منسقة لتقديم المساعدة الاقتصادية والتسييرية بين الدول الغنية والدول الأقل غنى في القارة.
لقد ذهب كثير من المؤلفين والخبراء الاقتصاديين والقانونيين والسياسيين إلى أن مشكلات المشروع الأوروبي البنيوية، وعثراته المزمنة، وخاصة الأخيرة منها، يمكن أن تكون دافعاً لتصحيح أوجه الاختلال بما يسمح له بالاستمرار بوتيرة أقوى ولكن أكثر حنكة وحكمة في خطواتها، من قبيل عدم التفكير في التوسيع لعضوية الاتحاد، وتخفيف قبضة وتدخلات البيروقراطية في بعض الأمور الوطنية، أو بكلمة أخرى إعادة تنظيم اختصاصات الدول الوطنية، والمؤسسات الاتحادية القارية، وبناؤها على أسس أكثر شعبية وديمقراطية مما كان قائماً حتى الآن. ولا يشذ المؤلف «لاكوست» عن هذا التوجه العام، وإن كان يفعل ذلك مع إبداء أوجه الضعف في أداء الاتحاد الأوروبي، مع تذكير بمنطلقاتها التي كان يراد من ورائها تحقيق غايات إيجابية، وهو ما يعني بالنتيجة أن الخطأ، إن وجد، كان في التنفيذ وآليات التطبيق، ولم يكن في الهدف التكاملي في حد ذاته كفكرة وكمطمح سعى إليه الآباء المؤسسون للمشروع الأوروبي.
وينبّه الكاتب خلال عمله إلى ضرورة التمييز بين المسارين السياسي والاقتصادي للاتحاد، لأن مستوى الأداء متفاوت في كل منهما، كما أن مكاسب الاقتصاد تتأثر أحياناً، سلباً أو إيجاباً، بأعبائها وتجاذباتها بين دول القارة، وأيضاً تأثراً بتعقيدات المشهد الداخلي لكل دولة على حدة، ولعل الاستقطاب الواسع الذي شارف حدود الصدع والشرخ العميق الذي عرفته المملكة المتحدة خلال حملة استفتاء «البريكسيت» يعد دليلاً واضحاً على أن الجوانب السياسية من المشروع الاتحادي هي الأصعب، وهي الأصعب خاصة على الترويض والتوفيق، في كل الأحوال. بل إن الكاتب يقول إنه على رغم تكريس السياسة الاقتصادية المشتركة، ووضع الأسس التشريعية ممثلة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، إلا أن بعض أوجه الاتحاد السياسي ظلت في كثير من الأحيان محدودة الدور والحضور، هذا إن لم تكن صورية وكاريكاتورية من الأساس.
وكذلك واجهت السياسة الاقتصادية افتراق مواقف أيضاً بين الدول الأعضاء في بعض الأحيان، كل حسب مصلحته الوطنية، هذا فضلاً عن عدم شعبية بعض قرارات البيروقراطية الاقتصادية في بروكسل. بل إن السمة العامة لسياسة الاتحاد الاقتصادية هي سيادة نوع من المحافظة والتردد تجاه ضخ جرعة أقوى من الليبرالية الاقتصادية، التي هي بمثابة وصفة منافسة في الأسواق العولمية الدولية. بل إن روح دولة الرعاية والرفاه، واتساع حضور التيارات المحافظة والاشتراكية الاجتماعية في العديد من دول القارة هو الذي جعل النظرة إلى ما يسمى الليبرالية العولمية المتوحشة تكتسي قدراً غير قليل من الحذر والتردد. وهذه الجزئية الأخيرة مهمة للغاية إن تذكرنا دور النزعات الحمائية والانعزالية في تغليب كفة دعاة الخروج البريطاني على حساب دعاة البقاء ضمن المشروع الأوروبي ومن ثم تحمل تبعات استمرار الانفتاح على أسواق وشعوب أوروبا القارية، ومن ورائها العالم أجمع.
وفي الجزء الثالث من الكتاب يتحدث المؤلف عن موضوع اللحظة الأهم اليوم وهو السؤال: إلى أين من هنا؟ ونعني سؤال مستقبل الاتحاد من دون بريطانيا؟ لا يتركنا المؤلف هنا ظمأى للإجابة حيث يفصل في قراءة ما يمكن أن يكون عليه مستقبل الاتحاد، وكذلك أيضاً في وضع الوصفات التي تضمن تحويل «البريكسيت» إلى فرصة لضمان انطلاق أوروبا إلى الأمام لكسب كافة رهانات المستقبل، وأيضاً للتخلص من بعض نقاط ضعفها الراهنة، وأول ذلك تخفيف وطأة الأورثوذكسية المالية وتطوير آليات أكثر فاعلية في احتواء سلبيات سياسات التقشف وديكتاتورية الأسواق، وتطوير آليات اتخاذ القرار وكبح جموح البيروقراطية الأوروبية، وجعلها تتحرك في حدود أسس وقيم الديمقراطية، في نهاية المطاف.
حسن ولد المختار
الكتاب: نهاية أوروبا.. الاتحاد وتحدي «البريكسيت»
المؤلف: أوليفييه لاكوست
الناشر: إيرول
تاريخ النشر: 2016
========================
أنور شيخ : كتاب الرأسمالية.. لعبة الدوائر والمنافسة والصراعات
التاريخ: 22 يوليو 2016
    تمثل الرأسمالية، حسب التعريف الشائع المقبول عموماً، إحدى أشهر المنظومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي شهدها التاريخ الإنساني في العصر الحديث.
هذا مع الإشارة إلى أن هذا التعريف شهد الكثير من التعديلات والصياغات تبعاً للأمكنة والأزمنة، بل وتبعاً لتفسيرات الأشخاص وأمزجتهم. هذا مع الاحتفاظ في جميع الحالات بقبول أن جوهرها يتمثّل في تكدّس رؤوس الأموال «المنتجة» وتحقيق الأرباح من ذلك.
وتحت عنوان «الرأسمالية.. المنافسة والنزاعات والأزمات» يقدّم أنور شيخ، الاقتصادي الأميركي من أصل باكستاني وأستاذ الاقتصاد في كلية الدراسات العليا بمدينة نيويورك، كتاباً يزيد عدد صفحاته على 1000 صفحة. وأشار المؤلف إلى أنه أمضى مدّة 15 سنة في البحث والتنقيب لإنجاز هذا العمل.
المؤلف يولي في هذا العمل الضخم اهتمامه الرئيسي لدراسة «الرأسمالية الحقيقية» وآليات عملها في الواقع وليس إعطاء الأهمية الأولى للمسائل ذات الطابع النظري التي تميل في الكثير من الأحيان لإصباغ صيغة «مثالية» أو لتوجيه «النقد» للمنظومة الرأسمالية. وبالإجمال يقدّم المؤلف نظرة جديدة فيما يتعلّق بتحليل اقتصاد السوق الرأسمالي.
وفي جميع الحالات التي يشرع فيها أنور شيخ في دراسة هذا الجانب النظري والمفاهيمي للرأسمالية أو ذاك، ومختلف المقولات التي قدّمها آباء الفكر الرأسمالي مثل «سميت» وريكاردو وكنزي وغيرهم، يلجأ باستمرار إلى «اختبار» كل الحجج النظرية الرئيسية على أساس «الواقع التجريبي».
ولا يتردد المؤلف في تأكيد أنه يريد لهذا العمل أن يشكّل «مقاربة مختلفة جداً عن الاقتصاد الكلاسيكي وعن مختلف الأنماط المتنوّعة المستجدة في بحث المسائل الاقتصادية». هكذا ينأى أنور شيخ عن المقاربات الاقتصادية التي تنطلق من مقولات «المجتمعات الكاملة والأفراد الكاملين والسلوك الفردي الكامل.. إلخ». وينطلق بالمقابل مما يصفه بـ«السلوك الإنساني الحقيقي»، بكل ما يمثّله من احتياجات ومشاعر وانفعالات وليس من «الإنسان الاقتصادي المزعوم».
ويحدد المؤلف في مقدّمة الكتاب أنه يريد من هذا العمل «استنباط النظرية الاقتصادية من العالم الحقيقي ثم تطبيقها على مشكلات العالم الحقيقي». وهو يطبّق ذلك على المسائل الاقتصادية الأساسية الكبرى. وعلى رأسها تلك المتعلّقة بالعرض والطلب وبالأسعار الخاصّة بالمنتجات والخدمات وبأسعار الفائدة وبتأثيرات التبدّلات التكنولوجية الكبرى.. إلخ.
وهذا يعطي أهمية خاصّة بالنسبة للمهتمّين بصياغة السياسات الاقتصادية على مختلف مستوياتها أو الباحثين عن فهم آليات عمل الرأسمالية بـ«نسختها» الحالية.
ويشير أنور شيخ إلى أنه يستلهم عملياً تلك الحلول من مسار التطوّر التاريخي ومن النماذج التجريبية التي عرفتها المنظومة الرأسمالية منذ ظهورها حتى اليوم. وبالاعتماد على «المنافسة الحقيقية» كما يفرضها الواقع وليس من «المنافسة» كمفهوم اقتصادي نظري عام.
والتركيز باستمرار على ما يعتبره المؤلف بمثابة «الإجراءات - المفاتيح» التي تترك آثارها الدائمة في الحياة الاقتصادية. ذلك مثلاً على غرار تبنّي الإجراء الشهير الخاص بتقييم سعر الذهب بالدولار الذي يشكل «الإجراء الأساسي للقيمة في الرأسمالية الحديثة».
وبالنسبة لـ«الأزمات» في ظل الرأسمالية، فإن المؤلف يكرّس لها الكثير من الصفحات. ذلك خاصّة بالنسبة لسبل التعرّف إليها وهي في المراحل الجنينية من تشكّلها. ويحدد القول إنه «على مستوى الشكل الظاهري» بالنسبة للأزمة الأخيرة التي انفجرت انطلاقاً من الولايات المتحدة في خريف عام 2008، يوحي ما جرى أن الأمر يتعلّق بأزمة «إفراط في التمويل».
لكن هذا لا يدل، حسب رأي من يصفهم المؤلف بـ«الكينزيين ــ أتباع أفكار كينزي» و«ما بعد الكينزيين»، على السبب الحقيقي لنشوب تلك الأزمة. بل يتم تحميل مسؤولية الأزمة الراهنة لـ«التفاوت الكبير في الدخل» ولـ«البطالة». وبالتالي يتم التأكيد بناء على ذلك أنه ينبغي الاستمرار في تثبيت الأجور وانتهاج سياسة ضريبية ومالية تسمح بالمحافظة على فرص العمل.
لكن أنور شيخ يرى أن انتهاج مثل تلك السياسة لا يمكنه، على صعيد الولايات المتحدة على الأقل، أن يكون فاعلاً بسبب حركة «المردودية» التي تمثّل برأيه حجر الزاوية في الرأسمالية. بالتوازي مع ذلك، أدّى الانخفاض الكبير على صعيد أسعار الفائدة في سنوات الثمانينات المنصرمة إلى «تعاظم سياسة الإقراض». وفي المحصّلة العامّة يرى المؤلف أن سياسات الميزانية التي تمّ تبنيها في الولايات المتحدة الأميركية لم تسمح بالمحافظة على النمو الاقتصادي.
رؤية شاملة
يطوّر المؤلف في مختلف فصول هذا الكتاب النظريات الاقتصادية الشائعة ويناقشها مع المعطيات التي يبرزها الواقع الحقيقي. هكذا يناقش في مثل هذا السياق ما يصفه بـ«المنافسة الحقيقية» ويطبّقها بالنسبة للأسعار وهوامش الربح ومعدلاته والعرض والطلب وغير ذلك من المسائل الاقتصادية. والكتاب قد يغدو في المستقبل القريب جداً بمثابة مرجعية أساسية في الفكر الاقتصادي الرأسمالي الحديث، وموضع اهتمام استثنائي بالنسبة للدارسين وواضعي السياسات الاقتصادية.
المؤلف في سطور
أنور شيخ اقتصادي أميركي من أصل باكستاني، من مواليد كراتشي عام 1945 ــ وأستاذ للاقتصاد في كلية الدراسات الاقتصادية العليا في نيويورك. يولي اهتمامه لدراسة النظريات الاقتصادية الخاصّة بالتمويل والتجارة الدولية والاقتصاد السياسي، من مؤلفاته «العولمة وأسطورة التجارة الحرّة» و«شرح الأزمة المالية العالمية»..الخ.
=========================
أنجا مانويل :كتاب السباق الهندي الصيني.. والاستراتيجية الأميركية
تاريخ النشر: الجمعة 05 أغسطس 2016
منذ بداية القرن الحادي والعشرين، تراقب الهند بقلق شديد جارتها جمهورية الصين الشعبية وهي تطوقها بمجموعة متزايدة من موانئ المياه العميقة وصفقات بيع الأسلحة إلى الدول القريبة منها داخل المجال الآسيوي المباشر. وقد قامت بكين بشق طرق وأنفاق جديدة عبر الهضاب والسلاسل الجبلية من الصين إلى باكستان (الجار والخصم اللدود للهند)، وكذلك إلى نيبال وبنجلادش. وبطبيعة الحال، فإنه يمكن نقل السلع المصنعة عبر هذه الطرق والأنفاق، كما يمكن نقل الأسلحة بمختلف أنواعها من المدافع الرشاشة إلى الدبابات.
ومثل كثيرين في آسيا عموماً، يخشى الهنود كذلك من أن زيادة إنفاق الصين على تحديث جيشها وتعزيز قواتها البحرية ليس المقصود منه حماية حدودها الترابية فحسب، ولكن أيضاً بغرض تخويف دول الجوار وردعها عن معارضة السياسات الإقليمية للصين. وقد دفع هذا النهوض العسكري الصيني الهند إلى زيادة ميزانيتها الدفاعية هي أيضاً، ما وضع القوتين الصاعدتين على مسار سباق للتسلح ربما يكون طويل الأمد.
وفي هذه الأثناء، تحاول الولايات المتحدة اكتشاف استراتيجية ما لمواكبة هذه المنافسة المتصاعدة بين العملاقين الآسيويين الصاعدين. وفي عام 2012، تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بموازنة القوة الصينية الصاعدة بـ«تمحور» قوات جوية وبحرية أميركية في آسيا، بيد أن تراجع القوة والهيبة الأميركيتين على الصعيد العالمي، حمل بعض الدول الصغيرة على محاولة التقرب والتملق للصين.
وفي كتابها الصادر مؤخراً، وعنوانه «هذا العالم الجديد الشجاع.. الهند والصين والولايات المتحدة»، تقدم الكاتبة الأميركية «أنجا مانويل» تحليلاً متعمقاً لهذه المنافسة الآسيوية، مع الإشارة إلى استراتيجية عامة للحيلولة دون تحول هذا التنافس إلى صدام عنيف. وبصفتها من المؤسسين لإحدى شركات الاستشارات، بالتعاون مع «كونداليزا رايس» وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش الابن، وكذلك «ستيفن هادلي» و«روبرت جيتس»، فإن «مانويل» ترتبط بصلات وثيقة مع رموز وشخصيات سياسية رفيعة، ومعظم المعلومات الجديدة الواردة في كتابها هذا إنما هي مستخلصة من جلسات ومحادثات مطولة أجرتها مع مسؤولين رفيعي المستوى في كل من الصين والهند.
وتسلط «مانويل» الضوء على الاستياء المتصاعد من الفساد المتفاقم بين الطبقتين العليا والمتوسطة في كلا البلدين، بيد أن الحكومة الصينية، التي تمكنها قبضتها القوية من محاربة الفساد بقوة أكبر مقارنة مع الهند، إذ قامت بسجن مسؤولين سامين وجنرالات رفيعي المستوى. ورغم ذلك تشير «مانويل» إلى أنه من الصعوبة بمكان معرفة ما إذا كانت هذه الحملة الصينية ضد الفساد ستمتد إلى ملاحقة أهداف رمزية وأكثر أهمية، والقيام بإجراء إصلاح مؤسساتي فعال وذي بال.
وإلى ذلك فقد ذكرت المؤلفة أن الفساد ليس سوى أحد الأسباب الكثيرة لحالة الغضب الشعبي المتنامي في الصين، فغضب أعداد كبيرة من الرجال الصينيين المحرومين من الزوجات بسبب الإجهاض الانتقائي للإناث، قد تمخض عن وجود مخاوف من اندلاع تمرد من نوع ما، إلى درجة دفعت الحكومة إلى شنّ حملة شعبية تروج لتربية البنات والاهتمام بتنشئتهن. وعلاوة على ذلك، تتسبب ظروف العمل الصعبة ومستويات المعيشة المتدنية في حالة من العداء تجاه الوضع القائم بين الطبقات الصينية الفقيرة.
وتوقعت «مانويل» في كتابها أن تصل التوترات بين المواطنين الصينيين ونظام الحكم في العاصمة بكين إلى مرحلة قريبة من الانهيار، وذلك بحلول عام 2030، لكنها تشكك في الزعم القائل بأن ذلك الاستياء سيفضي حتماً إلى إرساء دعائم النظام الديمقراطي في الصين، مؤكدة أنه فيما يخص الطبقات المثقفة فإن النمو الاقتصادي الكبير الذي حققته الصين شجع على الاعتقاد بأن نظام الحزب الواحد فعال وقادر على هزيمة الديمقراطية. لذا، ترى المؤلفة أن الاحتمال الأرجح، وبدرجة أكبر من احتمال انتصار الديمقراطية، هو احتمال اندلاع ثورة يمكن أن تفضي إلى نظام مماثل للحكم القائم.
وثمة نتيجة أخرى محتملة في هذا السياق، وقد أتت «مانويل» على ذكرها بشيء من التفصيل، ألا وهي انبثاق محاولة حكومية لتخفيف حالة الاحتقان الداخلي، وذلك باللجوء إلى إثارة المخاوف من الدول الغربية، منوّهةً إلى أن الحكومة الصينية قد اتخذت خطوات فعلية في ذلك الاتجاه، من خلال حملة دعاية مناهضة لليابان.
وألمحت المؤلفة إلى أنه قد يكون من الحكمة أن تتبنى الولايات المتحدة استراتيجية احتواء وتحالف صريح مع الدول الآسيوية الأخرى ضد الصين، لكنها حذرت من أن ذلك قد يفضي إلى كارثة استراتيجية إذا تسببت مثل هذه الاستراتيجية في شعور الصين بعدم الأمان والعداء، مما قد يدفعها للتصرف كعدو.
 
وفي هذه الأثناء، أوصت «مانويل» بضرورة احتفاظ الولايات المتحدة والهند بقوة عسكرية في الشرق الأقصى، لكن عليهما أيضاً أن تبذلا «جهداً حقيقياً» لتفادي استعداء الصين. ودعت الأميركيين إلى التوقف عن إظهار القلق والتذمر بشأن الصين، وبدلاً من تبني نبرة الخصم عند الحديث عن الأمور المتنازع عليها، عليهم أن يتصرفوا كأداة «توجيه».
وتقترح «مانويل» زيادة التجارة الغربية مع الصين، بما في ذلك إبرام اتفاقيات تجارة حرة تشمل بكين، مثل «اتفاق الشراكة عبر المحيط الأطلسي». وهي تدعو أيضاً إلى حوار أوسع مع بكين بشأن القضايا الأمنية الملحة، وذلك للحيلولة دون تحول أي حادث صغير إلى حرب. كذلك طالبت الولايات المتحدة بالتخلي عن الرد على الاستفزازات الصينية بعقوبات صارمة، مثلما حدث عند توجيه الاتهام إلى خمسة قراصنة صينيين في عام 2014.
وبعض هذه التوصيات تبدو منطقية، ذلك أن الانتقادات العلانية قلما حملت الصينيين على القيام بأكثر من العناد، لذا فإن التواصل بصورة أفضل بين الجيشين الأميركي والصيني يمكن أن يمنع وقوع حادث عرضي.
ورغم ذلك يحذر كثيرون من أنه إذا كانت القيادة الصينية تسعى إلى الهيمنة الإقليمية أو العالمية، فإن إبرام صفقات تجارية جديدة معها لن تقلص مخاطر الصراع، وعليه يرون أن الاستراتيجية الأحوط هي أن تعزز الولايات المتحدة وحلفاؤها قوتهم العسكرية لموازنة القوة الصينية المتصاعدة، مع التأكيد لبكين أن أي انتهاكات للمبادئ الدولية لن يتم التسامح معها.
وقد أوصى كثير من القادة العسكريين الأميركيين باستراتيجية استعراض العضلات بالفعل، لكن دون جدوى. وعندما يتعلق الأمر بالصين، تواصل أميركا اتباع سياسة ضبط النفس والتصالح الذي توصي به «مانويل» بإلحاح. وربما تسمح هذه السياسة لأميركا بتحقيق نتائج إيجابية حتى نهاية فترة الرئيس أوباما، لكنها تسمح للصين أيضاً باقتناص مزيد من الامتيازات التي سيصعب على من يخلف أوباما التراجع عنها، حسبما ترى المؤلفة.
وائل بدران
الكتاب: هذا العالم الجديد الشجاع
المؤلفة: أنجا مانويل
الناشر: سيمون آند شوستر
تاريخ النشر: 2016
========================
كيت أندرسون براور : كتاب السيدة الأولى.. الرفعة والقوة والمعاصرة
عرض/مرح البقاعي
مؤلفة هذا الكتاب هي الصحفية المخضرمة كيت أندرسون براور، وقد عملت في خلال السنوات الأربع الأخيرة مراسلة في البيت الأبيض لوكالة بلومبرغ العريقة للأخبار. وعملت قبل ذلك منتجة برامج في محطة سي بي أس التلفزيونية وفوكس نيوز. تعيش الكاتبة في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن دي سي مع زوجها وولديها.
يرسم هذا الكتاب البحثي الشامل من خلال مراجع موثوقة لتقارير صحفية مقرّبة من أهل البيت الأبيض، وكذا من كتب المذكرات التي كتبتها زوجات الرؤساء الأميركيين عن حياتهم خلف أسوار هذا القصر، يرسم سيرة حياة سيدات كن داعمات لأزواجهن خلال فترة حكمهم التي تمتد بين أربع إلى ثماني سنوات، دون أن تتدخلن مباشرة في السياسة، بل من خلال العمل الإنساني والمدني العام الذي غالبا ما يضعهن في دائرة الضوء بحيث يطغى حضورهن أحيانا على حضور أزواجهن، ويكن أكثر جاذبية لعدسات الصحافة وصفحات المجلات والكتب من الرؤساء أنفسهم.
-العنوان: السيدة الأولى.. الرفعة والقوة والمعاصرة
-المؤلف: كيت أندرسون براور
-عدد الصفحات 400
-الناشر: هاربر
- تاريخ النشر: أبريل/نيسان 2016
يسرد الكتاب تجربة سيدات البيت الأبيض من خلال روايات كبار الموظفين في بيت الحكم الأميركي من الذين كانوا على صلة مباشرة ويومية بالسيدات كيندي، ريغان، كلينتون وأوباما، حيث يغطي الكتاب سيرتهن بشكل واقعي ولافت في آن.
1600 جادة بنسلفانيا
مِن هذا العنوان الأشهر في العالم الذي يحمل رقم 1600 على جادة بنسلفانيا العريقة في العاصمة الأميركية واشنطن، تبدأ حكايات ومشاهد الحياة اليومية لسيدة البيت الأبيض التي ستكون خلال سنوات حكم زوجها الرفيق والمواكب له رسميا واجتماعيا على المستوى المحلي والدولي، والتي ستقف إلى جانبه بقوة ورعاية لدعم برنامجه ورؤيته لمستقبل أميركا.
فمن جاكي كنيدي وصولا إلى ميشيل أوباما تسير بنا الكاتبة بتؤدة وتشويق في آن، لتشرح ظروف حياة السيدة الأولى، وأهم التحديات التي تواجهها على اختلاف الأحداث والوقائع التي تمر فيها البلاد أثناء حكم زوجها. وتسلط كذلك الضوء على جوانب في حياة الأسرة الأولى، ولاسيما تلك التي وصلت مع أطفالها الصغار في السن الذين رافقوا الوالدين في رحلتهما الاستثنائية في سنوات البيت الأبيض.
تقول براور: إنها واحدة من المناصب الأكثر تحديا في العالم، والتي -في الحقيقة- لا يلتفت البعض إلى حساسيتها وأهميتها، فالسيدة الأولى في البيت الأبيض ذات مهمات متعددة، فعليها أن تكون مثالا يحتذى، وينظر إليه كنموذج إيجابي وملهم للشعب الأميركي، ويجب عليها أن تكون محنكة سياسيا بحيث تتمكن من تجاوز المنعطفات، وأحيانا المطبات السياسية، في كواليس واشنطن.
وفي الوقت نفسه عليها أن تؤدي دورها كزوجة وأم بأفضل صورة ممكنة، على الرغم من أنها تحت الرقابة المستمرة. هذا بالإضافة لإدارتها مجموعة كبيرة من العاملين في البيت الأبيض فيما يتعلق بالمناسبات الرسمية والإعداد لها، وعليها أيضا أن تكون مضيفة من الطراز الرفيع حين يستقبل البيت الأبيض ضيوفا رسميين من الحكام والأمراء والملوك والمشاهير في العالم.
تقدم براور عشر حكايات لعشر سيدات في البيت الأبيض منذ العام 1960 حتى يومنا هذا ‏معتمدة على مصادر موثوقة من المرافقين الشخصيين والمستشارين والأصدقاء المقربين وأقارب السيدة الأولى. أما السيدات في المجموعة فهن على التوالي جاكلين كينيدي، ليدي بيرد جونسون، باتريشيا نيكسون، بيتي فورد، روزالين كارتر، نانسي ريغان، باربرا بوش، هيلاري كلينتون، لورا بوش، وميشيل أوباما.
"السيدة الأولى في البيت الأبيض ذات مهمات متعددة، فعليها أن تكون مثالا يحتذى، وينظر إليه كنموذج إيجابي وملهم للشعب الأميركي، ويجب عليها أن تكون محنكة سياسيا بحيث تتمكن من تجاوز المنعطفات، وأحيانا المطبات السياسية، في كواليس واشنطن"
القصص المختارة في هذا الكتاب تتراوح في أحداثها ومشاهدها بين القصص الحميمية والأخرى الصادمة، بل المأساوية أحيانا. وتتحدث الكاتبة بالتفاصيل والوقائع عن التحديات التي تواجه السيدة الأولى من نظيراتها في المواقع السياسية، وكذلك عن الصداقات التي تنشأ بين زوجات الرؤساء والروابط المشتركة بينهن، هذا إلى جانب علاقة السيدة الأولى بزوجها رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وكيف تتناوب هذه العلاقة بفصولها بين العام والخاص، وما هو ظاهر للجمهور ومعلن، والآخر الذي وراء جدران البيت الأبيض الذي يخص الزوجين فقط المرتبطين ضمن أسرة واحدة قبل وصول الزوج إلى الكرسي الأعلى في البلاد.
الأهم من هذا كله هو الصورة التي تنقلها الكاتبة عن هيلاري كلينتون وكيف ستستفيد من تجربتها السابقة كسيدة أولى لتنقلها إلى زخم حملتها الانتخابية التي غدت سابقة تاريخية في الولايات المتحدة، حيث تقود امرأة لأول مرة حزبها نحو الانتخابات الرئاسية كمرشحته للمنصب.
ولا تنسى براور أن تتساءل عن مرقع الرئيس كلينتون وتسميته حين سيعود إلى البيت الأبيض هذه المرة ـ طبعا في حال فوز زوجته بالانتخابات الرئاسية- يعود إليه زوجا مرافقا للرئيسة المرتقبة!
أدوار سياسية بأيدٍ ناعمة
"رغم أن السيدة الأولى في البيت الأبيض لا تتدخل في قرارات زوجها السياسية فإنها في معظم الحالات تتمتع بتأثير سياسي غير مباشر على الرئيس قد يكون أقوى من أي تأثير غير مباشر لأي موظف حكومي أو مستشار كما تفيد براور"
وتسرد الكاتبة الدور الذي لعبته نانسي ريغان في البيت الأبيض في محاولتها إنعاش الحلقة الإدارية لمكتب زوجها، الرئيس رونالد ريغان، من خلال حثه على إقالة مدير موظفي البيت الأبيض، دونالد ريغان، الذي كانت تشعر تجاهه بعدم الارتياح بل والاستياء أيضا. ورغم أنه كان وزير خزانة جيد فإنه كان غير موفق في إدارة موظفي البيت الأبيض، ولم يكن أيضا يتعامل بشكل مناسب مع السيدة الأولى نانسي ريغان.
وبعد أن توصلت نانسي بضغط على زوجها من إقالة الأخير تمّ تعيين السناتور هوارد بيكر في منصب دونالد ريغان. وبيكر هو السياسي المحنك الخبير بدخائل وكواليس السياسة في العاصمة واشنطن.
وبالفعل استطاع بيكر أن يعيد الزخم إلى الحراك السياسي في البيت الأبيض، ومع العالم، وساعد الرئيس ريغان في ذلك الحين في التوصل إلى صفقات نووية واسعة النطاق مع الاتحاد السوفييتي.
وتتابع براور رحلتها الكتابية في عالم سيدات البيت الأبيض فتحدثنا عن العلاقة الباردة التي كانت تميز التواصل بين هيلاري كلينتون وميشيل أوباما. وبالطبع فإن سبب برود هذه العلاقة هو هزيمة باراك أوباما لهيلاري كلينتون في الترشح للانتخابات الرئاسية عن الحزب الديمقراطي في العام 2008. إلا أن السيدتين اجتمعتا على أمر واحد وهو كرههما المشترك لمساعد أوباما ورئيس موظفي البيت الأبيض رام إيمانويل. فهيلاري كانت تجد فيه من الصلافة ما جعلها تحاول أن تقيله من إدارة زوجها كلينتون حين كان رئيسا.
وأخيرا تفيدنا براور بأن بعض العلاقات بين سيدات البيت الأبيض كانت واضحة وسلسة كما كانت العلاقة بين باربارا ولورا بوش، زوجة الابن والحماة اللتان تناوبتا على شغل مكانة السيدة الأولى مع جورج بوش الأب ثم ابنه جورج دابليو بوش. وكانت زوجة الابن كثيرا ما تأخذ مشورة حماتها والدة زوجها في كيفية إدارة الشؤون المتعلقة بالسيدة الأولى سواء في المناسبات أو الأمور المتعلقة بموقعها كزوجة الرئيس.
كتاب مشوّق وواقعي ومفعم بالمعلومات عن وجهي الحياة، الرسمي والعائلي، لسيدة البيت الأبيض، أقوى بيت للحكم في العالم.
========================
حول العالم في 40 كتابًا.. قائمة «فورين بوليسي» لكتبٍ من مدن العالم
مترجم عنAround the World in 40 Booksللكاتب BRITT PETERSON
 رفيدة طه
منذ 12 ساعة، 27 يوليو,2016
كيب تاون- جنوب أفريقيا
الرقم: بحثًا عن الهوية بين عالم الجريمة وعصابات السجون في كيب تاون.. للكاتب جوني شتاينبرج
شتاينبرج كاتب وأكاديمي أفريقي. له العديد من الكتب عن الحياة اليومية في جنوب أفريقيا. في كتابه الرقم والمأخوذ عن قصة حقيقية، يروي شتاينبرج حكاية «ماجاديان وينتزيل»، زعيم عصابة السجون سيئة السمعة «28 إس». «ماجاديان» فتى ينشأ في إحدى ضواحي كيب تاون، لا يعرف أمه أو أباه، لا يعرف اسمه الحقيقي ولا سنه ولا دينه. ينحرف الفتى نحو الجريمة، في السجن يتعرف إلى ما يمنح حياته أخيرًا بعض المعنى، عصابة الرقم «28 إس». يأخذ الكتاب قارئه في جولة نادرة حول إحدى أكثر مدن العالم جمالًا وعنفًا معًا، ليريه لمحة عن كيف تعمل الشبكات الإجرامية في البلاد.
فتى بوم.. للكاتبة ييويند أوموتوسو
ولدت أوموتوسو في باربادوس، ونشأت في نيجيريا ثم انتقلت لتعيش في جنوب أفريقيا. حصلت على تدريب معماري، وحاصلة على ماجستير في الكتابة الإبداعية. كتابها «فتى بوم» هو عملها الروائي الأول، حصل على تقدير كبير من النقاد، ورشح لجوائز عديدة. يحكي الكتاب قصة «ليك»، شاب يعيش في ضواحي كيب تاون، يبدأ باعتياد تصرفات غريبة، مثل سرقة الناس والتجسس عليهم، ويزور الطبيب تلو الطبيب بحثًأ عن صحبة لا عن علاج. في كتابها تنحت أوموتوسو الشخصية المعقدة لبطلها بدقة وعناية، وتظهر بمهارة أشكال التوتر العرقي في جنوب أفريقيا.
لاجوس: تاريخ الثقافة والأدب.. للكاتب كاي وايتمان
وايتمان يتحدث عن الأفكار الرئيسية في كتابه لاجوس
لاجوس هو عرض لتفاصيل عن إحدى أكبر مدن أفريقيا وربما العالم، بصورة تليق بصحفي ومحرر كبير مثل «كاي وايتمان»، الرجل الذي وصفته الجارديان بأنه كنز من المعرفة عن أفريقيا وحكامها وشعوبها. يحاول وايتمان في كتابه وصف لاجوس، ثقافةً وحضارةً، بعيدًا عن الصورة النمطية لمدينة أفريقية يسودها التخلف والفقر.
لاجوس هي إحدى أسرع مدن العالم نموًا، بتجربة ثرية في التحرر من الاحتلال، ومحاولة النمو بشكل كبير. مدينة الموسيقى ورواد الأعمال، ومدينة الفقر المدقع والفساد المستشري. يخلق كل هذا ثراءً ثقافيًّا، وتناقضاتٍ كثيرةً، لا يمكن أن تطرح بشكل سطحي، يحاول وايتمان تقديم نظرة أكثر عمقًا عن كيف تبدو مدينة بهذا الحجم بشكل أقرب إلى الواقع.
كل الأيام للّص.. للكاتب تيجو كول
ينحدر «كول» من لاجوس، نيجيريا، ويعيش في أمريكا، درس الفنون والتاريخ، كتب في العديد من كبريات الصحف، وحصدت أعماله الأدبية العديد من الجوائر. بعد أعوام من الحياة في نيويورك يعود بطل روايته، كاتب بلا اسم، إلى موطنه لاجوس، بحثًا عن نفسه وعن المعنى. لا يعرف الرجل عن ماذا يبحث، ولا ماذا يريد. في روايته يتجول «كول» في المدينة متأملًا الناس والمكان، محاولًا رسم لوحة متناغمة لا تغفل التناقضات التي تعج بها المدينة.
أديس أبابا- إثيوبيا
ملك الملوك: مأساة الإمبراطور هيلا سيلاسي الأول وانتصاره.. للكاتب آسفا-ووسين آسيريت
هيلا سيلاسي
سيرة ذاتية للإمبراطور، يعرضها «آسيريت»، محلل سياسي ألماني إثيوبي، ومستشار للشؤون الأفريقية والشرق أوسطية. هيلا سيلاسي هو آخر أباطرة إثيوبيا، تعبده ديانة محلية، ويطلقون عليه اسم «المسيح الأسود». الكتاب يعرض أيضًا تاريخ أديس أبابا، ونشأة إثيوبيا الحديثة.
تحت ناظري الأسد.. للكاتبة مازا مينجيستي
مازا مينجيستي
ولدت «مينجيستي» في أديس أبابا، إثيوبيا، ودرست الكتابة الإبداعية في جامعة نيويورك. ترجمت أعمالها الأدبية للعديد من اللغات، وحصلت على تقدير النقاد. تحت ناظري الأسد حكاية ملحمية لأب وولديه إبان الثورة الإثيوبية. تحكي مينجيستي من خلال تلك العائلة قصة الكفاح من أجل استعادة النظام بعد الثورة الإثيوبية، وتعرض رؤيتها لفترة حرجة من التغييرات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية المكثفة.
هانجتشو- الصين
مدن جيانجان في نهاية الإمبراطورية الصينية.. للكاتبة ليندا كوك
قبل عام 1830، كانت «هانغتشو» مركزًا حضاريًّا وثقافيًّا رائدًا، يفوق في أهميته حتى شانغهاي. يساعد هذا الكتاب في تكوين نظرة تاريخية وثقافية عن المدينة، ووضعها في السياق الإقليمي والتاريخي.
قبلات لينين.. للكاتب يان ليانك
الرواية التي حصلت على العديد من الجوائز تتخيل خطة لشراء جسد لينين من روسيا، وعرضه في ضريح كعامل للجذب السياحي، تتميز الرواية بسخرية لاذعة غير معتادة في الأدب الصيني، وهو ما يعرف به أسلوب «ليانك»، الأديب الذي يكتب الرواية والقصة القصيرة بأسلوب ساخر، ما عرض الكثير من أعماله للمنع وللحظر.
فاراناسي- الهند
باناراس: مدينة الهند المقدسة.. للكاتب راغوبير سينك
يعرض «سينك» في كتابه تاريخ إحدى أهم مدن الهند، وما أصبح عليه حاضرها. يعج الكتاب بالكثير من التفاصيل عن الحياة اليومية والصلوات والطقوس المقدسة التي يمارسها أبناء باناراس.
سيفاسادان.. للكاتب مونشي
بريمتشاند أحد أكبر أدباء الهند، وكتابه سيفاسادان أحد أنجح أعماله وأشهرها. هو صرخة جريئة تناقش قضايا سياسية وجنسية عن الزواج والدعارة، وتظهر تناقضات المجتمع ونفاقه، وتقاطع المصالح بين الهندوس والمسلمين. هو لا يعطي فقط نبذةً عن فاناراسي، ولكنه نظرة على الواقع الاجتماعي والثقافي للهند، إبان عهد الاحتلال في بداية القرن العشرين.
كيوتو- اليابان
عالم الأمير المتألق: حياة البلاط الإمبراطوري في اليابان القديم.. للكاتب إيفان موريس
إيفان كاتب وأكاديمي بريطاني تخصص في الشؤون اليابانية، كتابه عالم الأمير المتألق يعد مدخلًا رئيسيًّا للثقافة اليابانية باحتفالاتها وأفراحها وأحزانها. يصف البلاط الإمبراطوري في القرن العاشر والحادي عشر، بما فيه من ألاعيب سياسية، وطقوس اجتماعية، ومعتقدات دينية، وممارسات روحية. يطلعنا على خرافات الثقافة اليابانية القديمة، ويرسم لوحة مفصلة عن أهل البلاط، ماذا كانوا يفضلون، وكيف كانت معاييرهم الجمالية، وكيف كان النساء والرجال يتعاملون.
معبد الجناح الذهبي.. للكاتب يوكيو ميشاميا
المعبد الذهبي، كيوتو
ميشاميا شاعر وكاتب روائي ومسرحي ياباني شهير، ويعتبر من أهم أدباء اليابان ما بعد الحرب. يعتقد بعض النقاد أن معبد الجناح الذهبي هي روايته الأفضل، وهي تصف عواطف وعذابات شاب ياباني ما بعد الحرب، شاب لديه هوسه بالجمال المثالي، وسعيه لتمكله بالكلية. الشاب المنبوذ «ميزوجوتشي» يقع في حب المعبد الذهبي الشهير، ويصبح مساعدًا للكهنة في المعبد. يصبح مهووسًا بكمال المعبد، لكنه يكتشف بعدها عيوبًا في هيكله، ثم يقرر أن الطريق الوحيد للجمال الكامل يمر بالعنف الهائل.
أديليد- أستراليا
روما الأولى: سيرة ذاتية للسيدة روما ميتشيل.. للكاتبة سوزان ماجاري
تمثال السيدة روما ميتشيل، أستراليا
كانت أستراليا دائمًا رائدةً في التوجه نحو المساواة بين الجنسين. لقد كانت ثاني دولة في العالم بعد نيوزيلندا تمنح المرأة حق التصويت، عام 1894. السيدة «روما ميتشيل»، أول قاضية في أستراليا تمثل هذه النجاحات، وقد عاشت حياتها كلها في «أديليد».
الرجل البطيء.. للكاتب جي.إم. سويتزي
سويتزي كاتب وأديب وأكاديمي ولد في جنوب أفريقيا، ثم انتقل إلى أستراليا، وحصل على جنسيتها، وحصل على جائزة نوبل في الآداب عام 2003. في روايته الرجل البطيء يعرض «سويتزي» صورة معاصرة لمدينة «أديليد» من خلال دراج يفقد جزءًا من ساقه. تتجول الرواية في المدينة، وتصور الحياة الاجتماعة فيها من خلال لقاءات عابرة للطبقات والحدود الثقافية.
الشرق الأوسط
بيروت- لبنان
بيروت.. للكاتب سمير قصير
سمير قصير كان أستاذًا للتاريخ وصحافيًّا وناشطًا يساريًّا بارزًا. ولد لأب فلسطيني وأم سورية، ودرس الفلسفة والفلسفة السياسية، وحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث. في كتابه بيروت يحكي «قصير» قصة مدينة وقفت على مفترق حضارات الشرق الأوسط لمدة 4 آلاف عام. يبدأ «قصير» بتاريخ لبنان من العصور القديمة، وينتهي بتاريخها المعاصر. يأخذ الكتاب قارئه في جولة عبر العصور الرومانية والعربية والعثمانية والفرنسية للمدينة، ويصف بوضوح النمو المذهل لبيروت في القرنين التاسع عشر والعشرين، ثم يحكي قصة دمارها المعاصر بواسطة الحرب الأهلية.
امرأة غير ضرورية.. للكاتب ربيع علم الدين
ربيع علم الدين، متحدثًا عن الرواية
ولد «ربيع» في الأردن لوالدين لبنانيين، ونشأ في الكويت ولبنان وحصل على درجة علمية في الهندسة من أمريكا. له العديد من الكتابات الأدبية التي حصلت على احتفاء عالمي. روايته «امرأة غير ضروية» تعكس جوهر المدينة الحديثة بيروت بتعقدياتها وسحرها وهويتها المزدوجة كمدينة عربية غربية. تحكي الرواية قصة المدينة، بينما تنجر البلاد إلى حرب أهلية، تسلط الضوء على حيوات المواطنين وسط الغضب والألم، وتناقض الحياة الطبيعية وسط الفوضى.
القدس- فلسطين
كتاب الاعتبار.. للكاتب أسامة بن منقذ
كان ابن منقذ محاربًا وشاعرًا شارك في الحروب ضد الصليبيين. يعكس الكتاب صورة للثقافة الإسلامية في القرن الثاني عشر، ويظهر جذور التوترات الدينية الحالية. هو كتاب هام لفهم أعمق للحروب الصليبية في العصور الوسطى. الكتاب عبارة عن مذكرات شخصية لابن منقذ بعد أن تجاوز الثمانين من عمره، تتضمن رؤيته للحروب التي كان شاهدًا عليها، وما بها من حياة يومية، ولحظات إنسانية.
شخص تهرب معه.. للكاتب دايفيد جروسمان
«جروسمان» أديب إسرائيلي بارز درس الفلسفة وعمل محررًا ومذيعًا في راديو إسرائيل، وحصلت روايته على العديد من الجوائز. يتتبع «جروسمان» في هذه الرواية خطى مراهق يطارد كلبًا شاردًا. يستدعي هذا العمل الصور والأصوات، وحتى الروائح من قلب مدينة القدس ليقدمها للقارئ كوصف شامل للحياة فيها، بلحظاتها العادية، وأحداثها الغريبة.
إسطنبول- تركيا
منتصف الليل في قصر بيرا: ميلاد إسطنبول الحديثة.. للكاتب تشارلز كينج
المعبد اليهودي في باي أوغلو، إسطنبول
في كتابه يكشف «كينج» الستار عن الماضي متعدد الثقافات والديانات لإسطنبول. هذا الماضي ليس من السهل رؤيته، فالكنائس اليونانية والأرمنية مختفية خلف جدران عالية، والمعابد اليهودية تخضع لحراسة مشددة. يعرض الكتاب بالتفصيل تحول إسطنبول من الماضي العثماني للجمهورية التركية.
غرابة في عقلي.. للكاتب أورهان باموق
«باموق» أديب وكاتب تركي شهير، حاصل على جائزة نوبل للآداب. في روايته «غرابة في عقلي» يحكي «باموق» قصة شاب تنقل بين وظائف متنوعة بشوارع إسطنبول. يراقب الشاب في تنقلاته الناس بمختلف أشكالهم وشخصياتهم، ويشهد تدمير وإعادة بناء المدينة. تعرض الرواية صورة مدينة تتمدد في كثير من جوانبها مثل الاقتصاد والبناء والتمويل، وتلقي الضوء على ظاهرة الهجرة، والثروات التي صنعها المهاجرون.
رواسي إكسبرس: رحلة عبر ضواحي باريس.. للكاتب فرانسيس ماسيبيرو
كتاب مصور فريد يعرض ضواحي باريس وتفاصيلها. كاتب ومصور يتجولان في المدينة يوميًّا ليتعرفا على الناس فيها ويفهماهم، يزوران الملاعب والمصانع، ويصوران الكتابات على الجدران. يمران بمشاريع الإسكان حتى سيئة السمعة منها، ولا ينسيان المخيم النازي السابق.
العجوز غوريو.. للكاتب أونور دي بالزاك
أونور دي بالزاك
«بالزاك» أديب فرنسي وكاتب مسرحي من القرن التاسع عشر. يعتبر «بالزاك» مؤسس الواقعية في الأدب الأوروبي، ويعرف بتعقيد شخصياته حتى تلك الهامشية منها. روايته «العجوز غوريو» هي قصة مأساوية لأب يؤدي به حبه الشديد لابنتيه للإفلاس، وتدمير حياته، تتقاطع معها قصة أخرى لأرستقراطي شاب يصيبه الفقر؛ فيأتي إلى باريس لصناعة ثروته مرة أخرى. يصبح الشاب صديقًا للعجوز ويتورط مع بناته، تدور القصة وفي خلفيتها مجتمع يقوده الطموح، وشهوة المال.
البوسنة: تاريخ قصير.. للكاتب نويل مالكوم
تقع سراييفو في مفترق الطرق بين أوروبا، ما يجعلها من أكثر مدن العالم إثارةً للاهتمام، وكذلك من أكثر مدن العالم تعرضًا للاضطرابات. في كتابه هذا يروي «مالكوم» التاريخ المأساوي لهذه المدينة، وهو يعتبر أشمل كتاب لتاريخ البوسنة باللغة الإنجليزية. يدرس «مالكوم» مختلف السكان من الأعراق في البوسنة، ويعرض التوترات الثقافية الواسعة في العصور المختلفة، ويلقي الضوء على الأساطير القديمة التي تساعد في فهم حاضر البلاد. يحاول «مالكوم» في هذا الكتاب عرض الأسباب الحقيقية لما لحق بالمدينة من دمار.
مارلبورو من سراييفو.. للكاتب ميليينكو جيرغوفيتش
«جيرغوفيتش» أديب وكاتب بوسني شهير حصل على جوائز عدة، وترجمت أعماله للعديد من لغات العالم. «مارلبورو من سراييفو» مجموعة قصصية تحتوي قصصًا عن الحب، والحرب، والرعب، والحياة العادية، واليومية في مدينة مزقتها الحروب.
ثيسالونيكي- اليونان
ودعًا سالونيكا: صورة عصر.. للكاتب ليون سياكي
نشأ الكاتب في المدينة بينما كانت ما تزال تحت حكم الإمبراطورية العثمانية، ثم غادرها مع أسرته إلى أمريكا. الكتاب ذكريات مؤثرة عما يذكره «سياكي» عن مدينته. حكاية عن الشوارع، والفصول الدراسية، والمنازل، والأسواق بعيون صبي صغير، بينما تقترب الحرب، وتقف الإمبراطورية على حافة الانهيار.
Z.. للكاتب فاسيليس فاسيليكوس
«فاسيليس» كاتب ودبلوماسي يوناني، تخرج في كلية الحقوق قبل أن ينتقل إلى «أثينا» للعمل صحافيًّا، وحكم عليه بالنفي بسبب نشاطه السياسي. كتابه Z حكاية اغتيال نائب يساري في «ثيسالونيكي» عام 1963. يلقي الكاتب الضوء من خلال هذا الاغتيال على قوة الحزب اليميني في اليونان الذي صعد إلى الحكم، وقاد البلاد نحو الديكتاتورية.
سانت بطرسبرغ- روسيا
بطرسبرغ: بوتقة الثورة الثقافية.. للكاتبة كاترينا كلارك
تعكس مدينة «سان بطرسبرغ» التطور الثقافي الروسي في المعمار، والأدب، والموسيقى، وأشكال الفن الأخرى. كتاب «كلارك» هو انعكاس لفترة من أكثر الفترات إبداعًا في روسيا. خلال هذه الفترة سعى الحزب والمثقفون في بطرسبورغ إلى تحويل روسيا المتخلفة إلى دولة متقدمة تضيء كمنارة بين بقية دول العالم. مع هذا كانت النتيجة النهائية الثقافقة الستالينية. لا تسعى «كلارك» في كتابها تبرير ما حدث، ولكنها تحاول إلقاء الضوء على مراحل تلك الثورة الثقافية.
المعطف.. للكاتب نيقولاي جوجول
هي إحدى الأعمال الأدبية الكلاسيكة الروسية للأديب الكبير «جوجول».  وصف «جوجول» للمدينة يعطي عنها انطباعًا بأنها مكان غامض وربما مخيف، يتخلله برد لا يحتمل، ويبدو وكأن وجود المرء فيها بلا هدف ولا جدوى.
الأمريكـتان
ما وراء البوتقة.. للكاتبين ناثان جليزر ودانيل باتريك موينيهان
كان «موينيهان» سياسيًّا، وعالم اجتماع أمريكيًّا، وعضوًا في الحزب الديمقراطي. في كتابه المشترك مع «جليزر» يصف الكاتبان أوضاع نيويورك في منتصف القرن العشرين، عندما كان معظم سكانها من اليهود، والأيرلنديين، والإيطاليين، والأفارقة الأمريكيين والبورتوريكيين، والبيض البروتستانتيين. يتتبع الكتاب المسارات الثقافية والسياسية والاقتصادية التي سلكتها هذه الجماعات، والآثار التي تركها ذلك على المدينة.
حياة لها معنى.. للكاتب إل.جي. دايفيس
«حياة لها معنى» كوميديا سوداء تصف السعي الأمريكي للخلاص، والعلاقة الفريدة لهذه المدينة مع العقارات. تحكي الرواية قصة شاب يتجه إلى نيويورك ويعمل فيها محررًا تقنيًّا، ويتزوج من فتاة يهودية جميلة. ثم يكتشف الفتى قصرًا جميلًا في ضاحية تعج بالجريمة، ويدفع كل ما يملك لشرائه.
سانت دومينغو- جمهورية الدومينيكان
حكاية مدينتين: سانت دومينغو ونيويورك.. للكاتب جيسي هوفنانج
هوفنانج يتحدث عن كتابه
يتحدث هذا الكتاب عن التغير الأهم الذي حدث لسانت دومينغو في القرن العشرين، وهو علاقتها الوثيقة بنيويورك. أكثر من مليون من سكان المدينة يعيشون في أمريكا. في النصف الثاني من القرن العشرين أصبح الدومينيكيون أكبر وأفقر الجاليات في نيويورك. بحلول عام 1990 أصبح 10% من أهل الدومينيكان يعيشون في نيويورك. يحكي هذا النص القصة المعبرة لحركة الهجرة الكبيرة هذه من أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة.
بابي.. للكاتبة ريتا إينديانا
تأخذ الكاتبة قرائها في جولة في سانت دومينيغو في الثمانينيات من القرن الماضي. الرواية عبارة عن رحلة عميقة في عالم الجريمة المنظمة، وجنون رقصة الميرينجو، من خلال هذيانات محمومة لفتاة صغيرة. يسرد الكتاب مع هذه القصة حكاية النمو الكبير لمدينة سانت دومينغو حتى أصبحت ما هي عليه اليوم.
مكسيكو سيتي.. المكسيك
المكسيك: سيرة ذاتية للسطة: تاريخ المكسيك الحديث.. للكاتب إنريكي كروز
«كروز» كاتب، مؤرخ ومحرر، درس الهندسة الصناعية، ثم تركها وحصل على دكتوراه في التاريخ. يحكي «كروز» في كتابه قصة تشكيل واحدة من أكبر مدن العالم من خلال قصص أهم الرجال فيها، لأن تركيز السلطة في يد شخص واحد «زعيم» هو عنصر أساسي في التكوين الثقافي، والسياسي للمكسيك.
المحققون المتوحشون.. للكاتب روبيرتو بولانو
«بولانو» شاعر وأديب مكسيكي أمضى حياته متنقلًا بين المسكيك والسلفادور وإسبانيا، وهو من أهم أدباء اللغة الإسبانية. روايته «المحققون المتوحشون» تبدو وكأنها جزء دائم من هوية مكسيكو سيتي. إنها من أفضل الكتب تجسيدًا لحزم العاصمة صفاتها المتنوعة، والتقاط لما فيها من اليأس، والفوضى، والكاريزما، والظلام، والطاقات المدهشة.
ريودي جانيرو.. البرازيل
سامبا: الإعداد للمهرجان البرازيلي.. للكاتبة آلما جوليرموبريتو
راقصة في كرنفال السامبا
ولدت «آلما» وترعرت في مكسيكو سيتي، ثم انتقلت إلى نيويورك حيث درست الرقص الحديث، وعملت راقصة لعدة سنوات، ثم صحفية للجارديان، وواشنطن بوست. كتابها عن مهرجان السامبا بحث شامل ناتج عن دراستها للرقصة في ريودي جانيرو. تقول «آلما» في الإهداء: «إلى فقراء البرازيل الذين يبلغ عددهم 70 مليونًا، أولئك الذين يحلمون بالكرنفال ويخططون له لطرد آلامهم عبر الطقس الثقافي الجنسي الذي هو أكثر لمعانًا من الألماس، حيث يصبح من يوصفون بالعاهرات والقوادين ملوكًا، وتكون مهارة الرقص أغلى ثمنًا من السلطة».
ساعة النجوم.. للكاتبة كلاريس ليسبكتور
تعرف «ليسبكتور» عالميًّا بقصصها القصيرة، ورواياتها المتميزة. «ساعة النجوم» هي آخر أعمالها، تعرض فيها للقراء من خلال «ماسابيا» المهاجر البرازيلي الذي يأتي إلى ريودي جانيرو؛ أملًا في كسب قوت يوم يعنيه على إكمال حياته البائسة.
مدن العالم
برج باناما، باناما سيتي
إبان عهد الطغاة: باناما 1968-1990.. للكاتبين جويليرمو بوربون وريتشارد كوستر
أحد أكثر الكتب شهرة في باناما، وهو أيضًا نقد لاذع لسياسة واشنطن تجاه أمريكا الوسطى، خاصةً في عهد الرئيس الأمريكي «رونالد ريجن»، هو قصة حقيقة عن عصر خيم الظلام فيه على باناما، يحكي كيف أصبح الطغاة عملاء لحكومات الولايات المتحدة المتعاقبة. إنها قصة الذين قتلهم الطغاة، والذين أفسدوهم، والذين وقفوا ضدهم يتحدون طغيانهم.
خياط من باناما.. للكاتب جون لي كاري
«لي كاري» كاتب إنجليزي يعرف برواياته عن التجسس. كانت «باناما سيتي» يومًا مركزًا لعمليات التجسس في أمريكا الوسطى. هذا الكتاب هجاء طويل لأولئك الجواسيس الذين يكذبون، ورؤسائهم الذين يديرون اللعبة. تصف الرواية حال المدينة، والتي كانت حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي تعج بأشكال العنف.
========================
روبرت ليغفولد :عودة الحرب الباردة..واقع العلاقات الأميركية الروسية
التاريخ: 05 أغسطس 2016
في خريف عام 1989 سقط جدار برلين، واليوم، وبعد ربع قرن من الزمن من تفكك الاتحاد السوفييتي وسقوط منظومته واختيار البلدان التي كانت تدور في فلكه وتنتمي إلى معسكره الأنظمة السياسية التي رأت فيها سلامها، ونهاية المنافسة بين «الاشتراكية الثورية» و«رأسمالية السوق»، لا يبدو، رغم هذه المسافة الزمنية، أن أية مشكلة جوهرية في العلاقات بين روسيا الحالية والغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً قد وجدت حلاً نهائياً لها.
وروبرت ليغفولد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا الأميركية والأخصائي بالعلاقات الدولية خاصة فيما يتعلق بالاتحاد السوفييتي السابق وروسيا وبقية بلدان الكتلة السوفييتية السابقة، يصف ما جرى في فترة ربع القرن الماضي أنه بمثابة الانتقال من «السلام البارد إلى حرب باردة جديدة».
وهذا ما يشرحه في كتابه الأخير الذي يحمل عنوان: «العودة إلى الحرب الباردة». ويجد هذه العودة في واقع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا من جديد.
والإشارة أنه تم في البداية، خلال السنوات التي أعقبت مباشرة انهيار النظام الشيوعي، بذل الجهود من أجل «تعزيز التعاون وتطوير الثقة». ولكن كان «الفشل هو مآل ذلك»، حيث لم يتم إيجاد حلول للمشاكل «الضمنية المزمنة» في العلاقات الأميركية ــ الروسية.
وبهذا المعنى يرى ديفيد شامبوغ في هذه العلاقات «المتدهورة» صيغة «متجددة» في التعبير عن استمرارية أشكال «الدينامية» التي كانت سائدة في العلاقات بين أميركا والاتحاد السوفييتي السابق. وما يبرر بنظره استخدام مقولة «العودة إلى الحرب الباردة»، كما جاء في عنوان الكتاب.
المسألتان الأساسيتان الأكثر عمقاً في السياق الراهن واللتان تعبران بشكل بليغ على عودة الحرب الباردة من جديد بين روسيا والولايات المتحدة يحددهما المؤلف في «المواجهة العسكرية بين روسيا وجيوروجيا في عام 2008» و«الأزمة الأوكرانية التي نشبت عام 2014 وأدت إلى اجتياح القوات الروسية لشبه جزيرة القرم».
ويذهب المؤلف إلى القول أن الفشل في الوصول بالعراق إلى برّ السلام وما تعرفه سوريا من حرب تشارك فيها روسيا بصورة مباشرة منذ عدة أشهر يمثلان «أعراض إضافية» في نفس اتجاه العودة إلى الأجواء السياسية التي كانت عرفتها الحرب الباردة بين القوتين العظميين العالميتين و«مواجهاتها» في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
يشرح المؤلف أنه خلال حوالي 15 عاماً من الزمن، بعد نهاية الحرب الباردة مع سقوط الاتحاد السوفييتي وتولي بوريس يلتسين رئاسة روسيا ما بعد الشيوعية والفترة الأولى من رئاسة فلاديمير بوتين في مطلع عام 2000، عرفت العلاقات الأميركية ــ الروسية التناوب بين فترات من «الازدهار» وغيرها من «التوتر».
ويشرح المؤلف أن الأولوية ومراكز الاهتمام اتجهت نحو التركيز على «التقدم النوعي في بعض الميادين خاصة فيما يتعلق بفرض الرقابة على الأسلحة. وكذلك، بدرجة ما، العمل على تحقيق قدر أكبر من التعاون على الصعيد الاقتصادي». لكن بالمقابل تمّ إهمال ما يسميه المؤلف «البذور الخبيثة» الأكثر عمقاً والتي تعود إلى الماضي، القريب منه والبعيد.
وعلى رأس تلك «البذور الخبيثة» يتم تحديد ما يتعلق بالسياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة والحلف الأطلسي في القارة الأوروبية وخاصة في منطقة البلقان. وكذلك مسألة توسيع إطار الحلف الأطلسي في أواسط عقد التسعينات الماضي، ثم حلت حرب الحلف الأطلسي في الكوسوفو عام 1999.
والتذكير في هذا السياق بما عرف بـ«ثورات الألوان» في جيوروجيا عام 2003 وفي أوكرانيا عام 2004، وكذلك التذكير بمشروع «شبكة الدفاع الأميركية المضادة للصواريخ» في أوروبا. والمحاولات المتكررة التي قام بها الحلف الأطلسي من أجل بناء علاقات وثيقة مع بلدان الجوار الروسي التي تعتبرها موسكو في مجال أمنها القومي. ونفس المحاولات قام بها الاتحاد الأوروبي من أجل ضم جمهوريات سوفييتية سابقة لكيانه.
يشرح المؤلف أن تلك المحاولات الأميركية والأطلسية والأوروبية بدت عموماً بالنسبة لروسيا نوعاً من السعي للمساس بمصالحها. لكن توجه تلك المحاولات نحــو أوكرانيا بشكل خاص رأت فيه «ليس مجـــــرد توجه ضد مصالحها الاستراتيجية في المنــــطقة، ولكن أيضاً وأساساً ضد النظام الروسي نفسه».
في المحصلة النهائية يصل مؤلف هذا الكتاب، عبر المقارنة بين الحرب الباردة الأصلية ــ بين الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة ــ وأشكال المواجهة الراهنة، إلى أنه ينبغي «الذهاب» أبعد من المشاكل المطروحة في السياق العالمي اليوم من أجل جعل الحرب الباردة التي تبرز ملامحها اليوم «قصيرة جداً وأقل ما يمكن من العمق».
========================
ديك موريس وآيلين مكغان :كتاب:كيف يمكن لترامب أن يفوز على هيلاري؟
عرض مرح البقاعي: الجزيرة نت
مؤلفا هذا الكتاب هما الزوجان ديك موريس وآيلين مكغان، أما ديك موريس فهو المستشار السياسي الأميركي الأبرز في العاصمة الأميركية واشنطن، وهو من المحللين السياسيين المرموقين المعروف برؤيته السياسية الثاقبة، وآرائه القوية ولهجته الشديدة، على قناة فوكس نيوز.
أما زوجته، آيلين مكغان -التي اشتركت معه في كتابة هذا الكتاب الذي هو على قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعا- فهي رفيقة الفكر والدرب التي شاركته أيضا في كتابة 14 كتابا منشورا، منها10 كتب تصدرت قائمة أشهر الكتب في قائمة نيويورك تايمز.
الكاتبان يشتركان أيضا في موقع إلكتروني يكتبان فيه مقالات للرأي والتحليل السياسي لآخر المستجدات والأحداث الأميركية والعالمية، وهذا الموقع الذي يحمل اسم ديك موريس في عنوانه الإلكتروني يعد من أكثر المواقع زيارة ومشاركة عند القارئ الأميركي المهتم بالشأن السياسي والسياسات الخارجية لأميركا.
الولاية الثالثة
تصدر هذا الكتاب خلال أسابيع من نزوله المكتبات لجرأة طرحه وموضوعيته وثقة القارئ بالكاتبين كونهما من المراجع السياسية الهامة في واشنطن العاصمة. ويفيد الكتاب أن الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2016 قد تكون أشبه بمعركة أرميدغون التي جاءت في سفر الرؤيا من العهد الجديد، وهي المعركة الفاصلة والحاسمة بين قوى الخير والشر في نهاية الأزمان قبيل يوم القيامة.
والتشبيه هنا، كما أراده مؤلفا هذا الكتاب الأشهر الآن في الولايات المتحدة، قد ينطبق على الحال السياسي ومعركة الشعب الأميركي الفاصلة بين مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي من أجل إنقاذ الولايات المتحدة الأميركية كما يشير الكاتبان.
أما على أرض الواقع، فيرى المعسكر الجمهوري اليميني المحافظ في هذه المعركة الانتخابية فصلا حاسما في التاريخ السياسي الأميركي في بدايات الألفية الثالثة لهزيمة القوى التي تستخف وتقلل من هيبة الحياة الدستورية والحكومة المنبثقة عن المبادئ الدستورية الأميركية، وإحدى أبرز هذه القوى كما يشير الكتاب هي مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة عن حزبها هيلاري كلينتون؛ والتي إن فازت بالرئاسة ستكرس في أربع سنوات مضافة إلى ثماني سنوات من حكم باراك أوباما، مسلكا يستعيض عن الحكم الدستوري برئيس مدعوم بقوة قضائية نافذة.
يشير الكتاب إلى أن وصول هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض في العام 2017 سيعني ببساطة “ولاية ثالثة” لباراك أوباما الذي كان أصلا قد غيّر أميركا في هذا الاتجاه، وأنه ستأتي كلينتون لتقوم بعملية مأسسة وتكريس للتجاوزات الدستورية والسياسية الإستراتيجية التي وقعت في السنوات الثماني الماضية من عمر التاريخ الأميركي الراهن. كما يرى الكاتبان أن هذه هي فرصة الأميركيين الأخيرة لاستعادة البيت الأبيض، ويقدمان خطة متكاملة في الكتاب لهزيمة الديمقراطيين في الانتخابات التي أصبحت على الأبواب.
خطة الفرصة الأخيرة
حين يتحدث موريس ومكغان عن خطة الفرصة الأخيرة لاستعادة الحيوية السياسية في البلاد، فإنهما يفصلان هذه الخطة كما يلي:
– هي الفرصة الأخيرة من أجل وقف التأهيل الاشتراكي والفساد الحكومي والسيطرة الكاملة على سلطة العمل التنفيذي.
– هي الفرصة الأخيرة من أجل الحد من برامج الرعاية الاجتماعية التي صممها باراك أوباما والتي بدأت تنخر في النسيج الاجتماعي للأمة الأميركية، والبنية الاقتصادية لأميركا، وتكاد أن تدمرهما.
– هي الفرصة الأخيرة لتأمين الحدود الأميركية ولاسيما الطويلة والممتدة منها على مساحات واسعة مع المكسيك وذلك بهدف حماية السيادة الوطنية والتوازن الاجتماعي.
– هي الفرصة الأخيرة لمواجهة خطر الإرهاب الذي غدا عالميا، ووضع السبل والإستراتيجيات للقضاء عليه وفي مقدمته منظمة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) الأكثر وحشية وعنفا في عملياتها الإرهابية العابرة للحدود.
– هي الفرصة الأخيرة للأمة الأميركية من أجل حماية المادة الثانية في الدستور الأميركي.
ويختم موريس ومكغان تفاصيل الخطة بالقول “نعم علينا أن نتحرك بسرعة ومن واجبنا أن نرفع صوتنا وإلا فنحن نخاطر بخسارة المعركة الكبرى لإنقاذ أميركا، وفي يوم الثلاثاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، سيقوم والناخب الأميركي باتخاذ قرار بالغ الأهمية”.
الخامس من نوفمبر
يشير المؤلفان إلى أنه، وفي هذا اليوم الاستثنائي في التاريخ الأميركي يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016، سوف يقرر الشعب الأميركي مصير هذه البلاد. وسيقول الأميركيون كلمتهم بشأن ما إذا كان هذا البلد العظيم سيبقى موطنا للسوق الحر والديمقراطية الدستورية، أم أنه سيفقد السمات التي جعلته أقوى بلد في العالم.
ويشير الكتاب إلى أن المخاطر التي تتهدد القيم الأميركية وأسلوب حياة الأميركيين هي في أعلى درجة من سلم التهديد لم تصل إليها من قبل. “فإذا انتخبت هيلاري كلينتون رئيسة، فإن ذلك سيعني نهاية أمريكا.. أميركا التي نعرف ونحب”، كما جاء في الكتاب.
ويفيد الكتاب إلى أنه من أجل هزيمة الديمقراطيين في هذه المعركة على الحزب الجمهوري أن يسلك أساليب وطرقا غير تقليدية في الحملة الانتخابية هذه السنة تحديدا. ويعتقد موريس ومكغان إلى أن اتباع الأساليب التقليدية قد أوصل أوباما إلى البيت الأبيض لفترتين متتاليتين، وأن على الجمهوريين أن يركزوا على استقطاب الشباب والأميركيين اللاتينيين لكسب أصواتهم، كما أن عليهم أن يفضحوا عيوب النظام الصحي الذي أتى به أوباما وعدم جدواه في الإصلاح الصحي، والأهم هو التركيز على تحديث وتقنين نظام الهجرة الشرعية، وكذا على إعادة الأعمال الصغيرة الأميركية المهاجرة إلى البلاد مما يخلق فرص عمل خسرها الشباب ويخفّض من نسبة البطالة.
قيمة الكتاب
في حقيقية الأمر قد لا يكون هناك أقدر من ديك موريس في الحديث والتحليل عن كل ما يخص هيلاري كلينتون وتوجهاتها السياسية وطموحها في السلطة؛ لأن قلة من المشتغلين بالشأن العام والسياسات الأميركية تعرف هيلاري كلينتون أفضل من ديك موريس. فخلال ما يقارب عقدين من الزمن شغل منصب المستشار الخاص على حد سواء لها ولزوجها بيل كلينتون. إنه يعرف نقاط القوة ومواطن الضعف، وحتى أعمق أسرارهما.
لذلك عندما يكتب موريس مع زوجته ورفيقته في الفكر السياسي والقلم مكغان نكون على تمام اليقين أنه إنما يكتب من باب المعرفة اللصيقة لا من باب الادعاء أو الوهم، وعندما يقدم لنا الخطط اللازمة لاستعادة قوة أميركا في الانتخابات الرئاسية المقبلة فإنه قادر فعلا على تقديم السلاح الناجع لهذه المعركة بين مرشحي الحزبين.
========================
 
يانيس توماس :صدر حديثا كتاب «أفريقيا الوسطى: مصير مسروق» لمؤلفه يانيس توماس
كتاب «أفريقيا الوسطى: مصير مسروق» لمؤلفه يانيس توماس
جمهورية أفريقيا الوسطى هي إحدى المستعمرات الفرنسية السابقة، وكتاب «أفريقيا الوسطى: مصير مسروق» لمؤلفه يانيس توماس، والصادر عن دار «أغون سيرفي» 2016 في 236 صفحة هو بالدرجة الأولى عن «السيطرة الفرنسية» التي استمرت على هذا البلد الإفريقي، وكان آخر تدخل عسكري لفرنسا فيه هو في عام 2013.
ويشرح المؤلف كيف أن الشركات الفرنسية كانت هي التي «كرّست بوكاسا» الدكتاتور السابق، وقامت بحمايته من التمرّدات ضده خلال سنوات التسعينات المنصرمة. ويستعرض المراحل والمنعطفات الأساسية التي مرّت فيها العلاقات بين فرنسا، القوّة الاستعمارية السابقة، وأفريقيا الوسطى بعد «استقلالها».
كذلك يتعرّض المؤلف لأشكال التدخّل التي تقوم بها دول أخرى في أفريقيا الوسطى، وعلى رأسها التشاد والكونغو ــ برازافيل وجنوب أفريقيا.
========================
جان تيرول :نظرية اقتصاد الصالح العام
تاريخ النشر: الجمعة 12 أغسطس 2016
يسعى عالم الاقتصاد الفرنسي جان تيرول، الجائز على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2014، في أول كتاب يصدره باللغة الفرنسية موجه للجمهور العريض، إلى تبسيط بعض أهم وأكثر مقولات ونظريات علم الاقتصاد وتقريبها من فهم القارئ العادي غير المتخصص، وخاصة منها ما يمس حياة الناس اليومية. وكما يمكن أن نستنتج بسهولة من عنوان الكتاب: «اقتصاد الصالح العام»، يبسط «تيرول» بين دفتيه الحديث عن بعض أكثر إشكاليات التسيير والتدبير الاقتصادي التي يرى أن نشر الوعي بها، وتوسيع مدارك العامة حولها، من شأنهما تسهيل مهمة عالم الاقتصاد المنظّر، ورجل السياسة متخذ القرار، بحيث تستقبل قراءاتهما وقراراتهما الاقتصادية بقدر من الرضا والتأييد في صفوف الشرائح الشعبية العامة المعنية أساساً، وأولاً وأخيراً، بتسيير وأداء الاقتصاد العام. ولعل مما يزيد من قيمة هذا الكتاب أن مؤلفه يعد أحد أبرز العلماء الفرنسيين في مجال الاقتصاد، وهو متخرج من المدرسة المتعددة للتكنولوجيا، ومدرسة بون باريس تاك، وجامعة باريس دوفين، ومعهد ماساشوسيتس للتقنية، كما يتولى أيضاً التدريس حالياً في معهد الاقتصاد الصناعي، ويرأس مدرسة تولوز للاقتصاد، كما درّس في بعض من أكثر الجامعات الأميركية المرموقة شهرة، وهو علي العموم، أحد أبرز الاقتصاديين في زمننا هذا ليس على مستوى بلاده فحسب، وإنما على مستوى العالم ككل. وقد أصدر معظم كتبه المهمة حتى الآن بلغة شكسبير، وهو أمر غير مألوف عادة لدى الأكاديميين الفرنسيين، وهذا ما جعل كتابه الحالي الذي نعرض قصاصات عنه، هو أول كتاب فيه جهد كبير يكتبه للناطقين بلغة فولتير.
ويدافع المؤلف بين دفتي كتابه الواقع في 550 صفحة عن رؤية جديدة لعلم الاقتصاد تمزج بين مفاهيم الباحث النظري وممارسات رجل الميدان السياسي، وهو ما يعني، بعبارة أخرى، أن المؤلف يستكشف أمام القارئ آليات عمل ورشة التسيير الاقتصادي الرشيد للموارد، وكيفية توظيف المتاح والموجود لتحقيق ما هو مرغوب، وشرح أبعاد بعض الهموم اليومية للإنسان العادي في دلالاتها وخلفياتها الاقتصادية، وسبل التغلب على السلبي منها مثل البطالة، والركود، والتضخم، وتغير المناخ، ومآزق أوروبا المالية، وطرق تحفيز الإيجابي منها أيضاً مثل الربح، ورفع الإنتاج، والتنافسية، والاقتصاد الرقمي، والتجديد، ومسؤوليات الدولة، والتمويل، ونمو الأسواق.. الخ. ومن خلال تفكيك مكونات هذه البانوراما المفاهيمية والإشكالية الكبرى لعالم الاقتصاد اليوم، وشرحها بلغة عامة بعيداً عن المعادلات الرياضية والثقافة العلمية المعمقة، يجعل «تيرول» قارئه يستكشف هذا العلم في أكثر صوره واقعية وراهنية الآن. وهو يهدف من وراء ذلك لإيجاد نوع من المصالحة بين نوعي الثقافة العامة والعلمية، فيما يتعلق منهما بالاقتصاد خاصة، وذلك لأن الهوة لم تكن يوماً أوسع بين من يدبرون شؤون الاقتصاد ومن يتجرعون تبعات ذلك، أكثر مما هي عليه اليوم، في مؤشر واضح على انفصال مزمن قائم بين صانع القرار الاقتصادي ومن يتعين عليه دفع ثمن ذلك القرار من دخله وجيبه، في شكل ضياع فرص أو دفع ضرائب أو تضخم وغلاء معيشة.
وفيما يتعلق بأسواق العمل، والبطالة همٌّ مقيم على الصدور في أوروبا الآن، يعيد «تيرول» هنا الدعوة إلى نوع معين من عقود العمل الضامنة لحقوق الأجراء في أوروبا، ضمن طرح ظل يدافع عنه منذ 2003، حين نشر مع أوليفييه بلانشار، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، تقريراً بهذا الصدد، يراعي حقوق العاملين والتزامات دولة الرفاه، دون أن يخرج أيضاً عن الخطوط العريضة المعتادة للنظام الليبرالي وقواعد السوق الحرة. كما يدعو أيضاً إلى تحرير الأسواق، مع وضع نوعاً من النظم المسيِّرة والضوابط الكابحة لأي تغول لرأس المال، وخاصة مع شدة نهم أسواق العولمة وانفتاحها غير المحدود، ودخول فاعلين آخرين جدد يقلِبون عادة كثيراً من قواعد اللعبة الرأسمالية المرعية في السوق حتى الآن. وفيما يتعلق بالجوانب الرقمية للاقتصاد، يرى الكاتب أن ثمة جنوحاً متعاظماً لتغيير كل ملامح المهن كما كانت معروفة في النسق الاقتصادي السابق، ولكن المشكلة أن هذا التوسع الرقمي في أصول وآليات عمل مختلف المهن ما زالت نظم التكوين والتدريب المهني قاصرة عن مواكبته، وهو ما يولد الفجوة الرقمية، والنقص في أعداد العاملين القادرين على النفاذ إلى هذا البعد الآخر من الاقتصاد اليوم.
وتتوالى فصول الكتاب متتابعة بنوع من الاطراد والتسلسل والوحدة الموضوعية يجعل كل واحد منها قابلاً للقراءة بذاته على حدة، باستثناء الفصلين 11 و12 المخصصين للمسألة المالية، فهما مترابطان. ولا يخفي المؤلف نقده الصريح للنزعة الليبرالية المفرطة في بعض السياسات الاقتصادية الأوروبية والغربية الراهنة التي يدعو بدلاً منها إلى اتباع نوع من السياسات الليبرالية المعتدلة والمتوازنة. كما يميط اللثام أيضاً عن قلقه الشديد من تداعيات تغير المناخ وتردي الظرف البيئي على صعيد عالمي. ويمكن أخيراً القول إن جعل الاقتصاد في متناول القارئ العادي، وإشراك رجل الشارع في هذا الفن، وتحويله إلى شأن من شؤون السجال العام دون تعقيد علمي، هو ما ينتظر إنجازه عادة من عالم اقتصاد حاصل على جائزة نوبل، وهذا ما تمكن «تيرول» بالفعل من ترجمته وتسطيره هنا بين دفتي هذا الكتاب، بشكل لا لبس فيه.
حسن ولد المختار
الكتاب: اقتصاد الصالح العام
المولف: جان تيرول
الناشر: المنشورات الجامعية الفرنسية PUF
تاريخ النشر: 2016
========================
 
شيلا إليسون وباربرا آن بارنيت :كتاب 365 طريقة لتنشئة أطفال واثقين يؤكد: حب العائلة أساس بناء الأجيال
الإثنين، 08 أغسطس 2016 06:05 ص
"فى اليوم الذى يظهر فيه طفل فى حياتنا، تبدأ أولى خطواتنا على الطريق المؤدى إلى رحلة خطيرة، حيث لا توقف ولا رجوع ولا انسحاب" هكذا يخبرنا كتاب "365 طريقة لتنشئة أطفال واثقين" تأليف كل من شيلا إليسون وباربرا آن بارنيت.
 والكتاب الصادرة ترجمته عن دار جرير يمثل "الإهداء" فيه ركيزة أساسية لفهمه وفيه "إلى كل من يعتنى بأطفال العالم أملا فى أن نصبح قادرين على تنشئة أطفال يعرفون حقيقة أنفسهم، ويستطيعون التعبير عن مشاعرهم، ويؤمنون بكل ما يمكنهم إنجازه، وكذلك إلى مصادرهم المتعددة التى أوحت إلينا بتأليف هذا الكتاب".
والكتاب الذى يوجه خطابه للآباء والأمهات يحتوى عددا من الأنشطة التى يمكن ممارستها ويأتى فى سبعة أجزاء، الجزء الأول يتعلق بذاتك، وهو يناقش ضرورة تقييم علاقة طيبة مع نفسك، الأمر الأساسى من أجل تحقيق السعادة، ويتضمن مفاهيم تقدير الذات وتحفيز الذات وسعة الحيلة وتنمية الخيال، أما الجزء الثانى وهو "عبر عن ذاتك" وهو يعلمك كيفية التعبير عن المشاعر بثقة وشجاعة بينما يعمل فى الوقت ذاته على مهارات التواصل الشخصى اللازمة للتواصل مع الآخرين، كما يناقش أهمية اللمسة الحانية والمتعاطفة والإيجابية باعتبارها وسيلة للتواصل غير اللفظى.
الجزء الثالث من الكتاب ويدور حول "الآخرين" ويناقش سبل توطيد العلاقات مع الآخرين بينما نبدأ فى استيعاب كيفية تنمية تلك الروابط، وتعنى الموضوعات التى يناقشها هذا الجزء بالاهتمام بالآخرين وتكوين صداقات وتعلم احترام الآخرين والتعاون والاستعداد لتقبل تغيرات الحياة واتباع السلوكيات الحسنة والتواصل مع المجتمع بعناية.
كما يهتم الكتاب ببناء الشخصية، من خلال تنمية سمات شخصية معينة مثل الشجاعة والأمانة والصبر والتسامح وتقديم المساعدة والمسئولية والانضباط والعفو، تلك هى اللبنات الشخصية التى تنشئ أناسا لديهم القدرة الفطرية على تقديم الإسهامات الإيجابية لعالمنا.
كذلك يحفل الكتاب بالتحديات ويسعى للمساعدة على تفهم التحديات والمصاعب التى نواجهها على مدار حياتنا، ويرى أن تعريض الأطفال لأنشطة متعلقة بالموت والأوقات الصعبة يؤهلهم للاستمرار فى عدم الخوف، وفى الانفتاح، والتوازن، والتقرب إلى العائلة عند الشدائد.
أما المسائل العائلية فقد شغلت الكتاب بشكل كبير حيث اهتم بمناقشة حياة الأسرة، وتمد الأنشطة الواردة فيه الأشخاص بالشعور بأنهم أعضاء أساسيون فى العائلة – العائلة التى تملك حياة وتاريخا وتجارب مشتركة وتواصلا ذا معنى ومستقبلا مبشرا. وتتضمن الموضوعات التى يناقشها هذا الجزء تاريخ العائلة ووقت الأم ووقت الأب وعلاقة الوالدين معا وعلاقات القرابة وعلاقة الكبير بالصغير وكيفية عقد اجتماع أسرى.
ويأتى الجزء الأخير من الكتاب بعنوان "امرحوا معا"، ويبين هذا الجزء السر فى استمرار أفراد العائلة فى التقرب لبعضهم، ألا وهو قضاء أوقات ممتعة معا، فإذا استطعنا أن نلعب ونمرح معا، وإذا اسطعنا أن نضحك وننمى روح الدعابة، وإذا استطعنا بناء التقاليد التى ينعم بها الجميع، فقد أضفنا المكون الذى من شأنه أن يجعل الجهود المبذولة ذات قيمة. 
وفى النهاية يرى الكتاب أن ما يحتوى عليه من أنشطة ما هى إلا خبرات نتبادلها، ومجرد القيام بأى عشرة أنشطة من هذا الكتاب كفيل بتغيير حياتك بشكل إيجابى، وسوف يراك أطفالك ويتعلمون منك باعتبارك مثالا حيا، وأنت كوالد تستطيع اطلاع طفلك على طريقتك فى التفكير، وتستطيع توجيهه أخلاقيا.
========================
ميتشيو كاكو :كيف سيبدو العالم في 2100 .. كتاب فيزياء المستقبل يشرح لك ذلك
 الإثنين 08/أغسطس/2016 - 11:35 ص
كيف سيبدو العالم في عام 2100؟ وكيف سيكون مستقبل التكنولوجيا والعلم في ذلك الوقت؟ وما مدى تأثير ذلك على البشرية؟ ربما هي أسئلة تجول في عقول البعض من حين لآخر، أسئلة حاول الكثير من المهتمين الإجابة عنها، مثل صناع السينما وكتاب الخيال العلمي الذين قدموا لنا تصورات لما سيكون عليه عالمنا خلال السنوات المقبلة.
لكن ما رأي العلماء المختصين حول مستقبل التكنولوجيا ومستقبل البشرية؟ كتاب "فيزياء المستقبل العلم يشكل مصير البشرية عام 2100" لمؤلفه ميتشيو كاكو المختص في مجال الفيزياء يُقدم للقارئ تجربة ممتعة وتصورات علمية لعالمنا خلال الفترة المقبلة.
فصول الكتاب
يناقش كتاب فيزياء المستقبل التقنيات التي من الممكن أن تصل إلى مرحلة النضوج خلال المائة عام القادمة والتي قد تبدو للكثيرين الآن مستحيلة.
ما يميز الكتاب ويجعل التنبؤات الواردة به معقولة جدًا هو اعتماده على حوارات مع أكثر من 300 عالم متخصص من جميع أنحاء العالم بالإضافة إلى أن النماذج الأولية للكثير من التقنيات المذكورة داخله قد بدأت بالظهور فعليًا.
ويتناول الكتاب في عدة فصول التوقعات المستقبلية خلال فترات زمنية متفاوتة وذلك من يومنا الحالي ولغاية عام 2100، فمثلًا ستقرأ أبرز التقنيات من الوقت الحاضر ولغاية عام 2030 فيما يتعلق بمستقبل الحاسوب، مستقبل الذكاء الاصطناعي، مستقبل الطب، تكنولوجيا النانو، مستقبل الطاقة وغيرها، ومن ثم ينتقل الكتاب لمناقشة نفس الموضوعات للفترات الزمنية اللاحقة ووصولًا إلى عام 2100.
يقول ميتشيو كاكو في مقدمة الكتاب: "آمل أن يقدم هذا الكتاب للقارئ وجهة نظر أحد المنتمين لعالم العلوم عن الاكتشافات المعجزة التي تنتظرنا وأن يقدم النظرة الأكثر أصالة ومصداقية على عالم 2100".
========================
قراءة في كتابة “من يحكم العالم؟” لنعوم تشومسكي
من يحكم العالم؟ هل الدّول فعلًا هي من تحكم العالم؟ أم المؤسّسات والجهات المؤثّرة التي تسعى للحفاظ على قوّتها وسيطرتها على تلك الدّول. هذه عيّنة من الأسئلة التي يقوم كتاب Who Rules the World? بالإجابة عنها.
من بين “الخلاصات” التي خرجت بها بعد الفراغ من الكتاب (رغم أنها ليست بالضرورة ما يهدف الكتاب إلى إيصاله) هو أن الحزب الجمهوري في أمريكًا قد يكون المُحرّك الرئيسي لهلاك العالم الذي نحيا فيه، إن لم يكن بالسلاح النووي الذي يُمكن أن يُستعمل إن وصل مرشّح جمهوري مثل دونالد ترامب إلى سدّة الحُكم، فبالاحتباس الحراري الذي يُنكر وجوده كل مرشّحي الحزب في الانتخابات الحالية. سبب ذلك –حسب الكتاب– هو “وقوع” الحزب في فخ تيار المال الذي يتحكم فيه ويديره حسب مصالحه.
بعض الأفكار المهمة في الكتابهذه مجموعة من الأفكار المُهمّة (في نظري) والتي استخلصتها من الكتاب.
– مسؤولية الطّبقة المُثقّفة: ماهية الطّبقة المُثقّفة، والاختلافات الجوهرية ما بين المثقّفين الذين يسيرون مع التّيّار (وهي الجماعة التي تحظى عادة بالاهتمام والتقدير)، والمثقفين الذين يثبتون على مواقف وآراء لا تتوافق دائمًا مع “الطبقة الحاكمة” و“المصالح” مما يُعرّضهم للتهميش والإقصاء، وفي كثير من الأحيان الإعدام.
– فقدان الذّاكرة التّاريخية historical amnesia، والذي يكون عادة مقصودًا ومُدبّرًا، هو ما يجعل “الشعوب” تُدار كالقطعان، حيث يُمكن حتى لكبريات الجرائد المرموقة (مثيلات نيويورك تايمز) أن تمارس ذلك عن قصد (أو عن غير قصد)، إما عبر تغليط الرأي العام، أو استخدام مُصطلحات لا تُعبّر عن “قيمة” و“قوّة” الأحداث التي تُعالجها. إضافة إلى الكيل بمكيالين: مُعالجة قضايًا/أحداث من نفس النّوع وبنفس الحجم بطرق مُختلفة، حسب اختلاف الجلاد والضّحية.
– تراجع قوّة أمريكًا بشكل متواصل منذ أن بلغت ذروتها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. رغم ذلك لا وجود لأية قوة أخرى تنافسها على الصّدارة بعد. هناك إمكانية لأن تنافسها الصين على ذلك، لكن لا تزال الصّين بعيدة كل البعد عن تحقيق ذلك*
– العالم كان على حافة كارثة نووية (يعني أن يستعمل أحد الأطراف السلاح النووي لقصف طرف آخر) على الأقل 3 مرات إلى حد السّاعة، وما منع ذلك كل مرة هو حكمة بعض “الجنود” في كلا المُعسكرين الأمريكي والروسي، الذين رفضوا تطبيق البروتوكولات التي تُحدد آلية وشروط استخدام السلاح النووي إن اجتمعت عوامل تدفع إلى ذلك (كوصول تحذير بأن الطّرف الآخر قد أطلق فعلًا سلاحه النّووي).
– الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: ما زالت تلعب أمريكا دورًا كبيرًا في الظّلم الذي تمارسه إسرائيل على الفلسطينيين. إمكانية تغير الأوضاع بشكل جذري لو سحبت أمريكًا دعمها لإسرائيل مثلما سبق وأن دعمت الأبارتايد في إفريقيا الجنوبية وترنّحه الذي ساهم توقف دعم أمريكًا له فيه.
– حماس كانت تحترم شروط جميع الهُدنات بحذافيرها وإسرائيل كانت هي السّباقة لخرقها بسبب مُبرّرات واهية (لا تهم قوّة المُبرر عادة بقدر ما تهم كيفية استغلاله إعلاميًا لتبرير ذلك).
– الغرب يدعم الديمقراطية التي تسير وفق شهواته فقط: العقاب الجماعي لفلسطين بعد انتخاب حماس بطريقة ديمقراطية في انتخابات شهد لك جميع المُراقبون الدّوليون بنزاهتها.
– أمريكًا دولة إرهابية بكل ما تحمله الكلمة من معنى (خصّص الكاتب فصلًا كاملًا يحمل هذا العنوان)
– أمريكًا تعتقد بأنه من حقّها نشر قوّاتها أينما ووقتما أرادت (تتعامل مع بقية العالم على أنه حديقة بيتها الخلفية) وكل من يُحاول مُعارضة ذلك يُعامل على أنه إرهابي أو “عنصر مزعج” يجب التّخلص منه. على سبيل المثال، أمريكًا تنشر قواتها العسكرية في البحر الصيني وتعتبر ذلك حقًا من حقوقها، لكن قيام الصين بنفس الأمر (يعني نشر قوات لها في بحرها وليس قرب الحدود الأمريكية) تعتبره أمريكًا استفزازًا لها ولجبروتها. يعقد الكاتب أيضًا مُقارنة بقيام أمريكًا بمناورات عسكرية على حدود كوريا الشمالية والذي هو استفزاز صارخ لها، ويتساءل كيف ستكون ردّة فعل أمريكًا لو قررت كوريا الشمالية القيام بمناورات مُشابهة على الحدود الأمريكية الكندية مثلًا وكيف ستنظر إلى الأمر على أنه أقرب ما يكون من إعلان حرب.
– أمريكًا هي أكبر تهديد للأمن العالمي حسب استبيانات قامت بها مؤسسات أمريكية مرموقة كمؤسسة جالوب. وامتناع الصحافة الأمريكية عن تغطية مثل هذه الاستبيانات.
– التهديد الإيراني هو تهديد “فارغ” ضُخّم لخدمة مصالح مُعيّنة. يشير الكاتب إلى ضعف قدرات الجيش الإيراني مقارنة بجيوش مجلس التعاون الخليجي، أو كون عقيدة الجيش الإيراني عقيدة دفاعية مما يجعل حتى احتمال امتلاكه لسلاح نووي هو “سلاح ردعي” فقط ولا يهدف إلى استخدامه لـ“التّعديّ” على دول أخرى.
– ضرورة فهم “عقلية الدّول المارقة” في نظر الغرب. يشير الكاتب إلى أنه لا يحتاج مثلًا إلى دعم سياسات روسيا مثلًا وتوجّهات رئيسها بوتين، ليفهم “المنطق” القائم وراء ذلك، فدخول روسيا في حرب سوريا، أو ضمّها لجزيرة القرم راجع إلى “عبث” أمريكًا في حديقة روسيا الخلفية. فلا يُعقل مثلًا أن تنشر روسيا أسلحتها على حدود أمريكًا أو قريبًا منها حتى نتوقّع ردّة فعلًا أمريكًا (مثلما حدث مع حادثة الصواريخ في كوبا) وعليه فمن الطّبيعي أن يتحرّك بوتين لحماية مصالح بلده إن قامت أمريكًا بتحرّكات مُشابهة. نفس الأمر مع كوريًا الشمالية، يشير الكاتب بأن قادتها يتنافسون على لقب أكثر قاعدة العالم جنونًا (في إشارة إلى احتمال أن تنزع الصدارة دول غربية) إلّا أن تلك الحركات الجنونية التي يقومون بها ليست سوى ردّة فعلً للاستفزازات الأمريكية.
– العالم يُواجه تهديدين رئيسين حاليًا: السّلاح النّووي والاحتباس الحراري، السّلاح النّووي قد يُحدث كارثة “عن طريق الخطأ” في أية لحظة (الأنظمة الحالية –حسب الكتاب– تسمح مثلًا بإطلاق أسلحة نووية من غواصات دون الرّجوع إلى القيادة الرئيسية على اليابسة، ولا وجود لآليات إلغاء أوامر الإطلاق من اليابسة إن تم تفعيلها، حتى ولو قام بذلك جندي يعمل على حسب أهوائه)، وسيلحق ذلك ضررًا ليس في الضّحية فحسب وإنما حتى في من سيُطلقها، فحتى إن سلم المُطلق من تبعات تعرضها لهجوم مماثل (إن هي هاجمت قوة نووية أخرى) فإن شبح الشّتاء النووي سيُخيّم على الجميع.
أما الاحتباس الحراري فإننا نتّجه بشكل سريع نحو نقطة اللارجوع (نقطة سنصل إليها –حسب الكاتب– سنة 2017)، نقطة لو وصلنا إليها فستهدد مستقبل البشرية على الأرض بشكل عام، وحتى إن استطاعت البقاء فإنها ستبقى في ظل ظروف تصعب الحياة معها.
– أسياد العالم ليسوا دولًا وإنما مصالح، مؤسسات استثمارية، شركات مُتعدّدة الجنسيات وغيرها من الجهات التي تمارس ضغوطها على الدّول لتحافظ على مصالحها.
الكتاب، يحتوي بعض التكرار هنا وهناك، قد يكون ذلك ضروريًا للتأّكيد على خطورة/أهميّة بعض الأفكار، يُعالج القضية الفلسطينية بشكل أراه مُنصفًا يندر أن تشاهد ولو عُشره في الإعلام الغربي، ويشرح أفكاره بأسلوب مبسّط وبلغة سهلة.
لم أقرأ أي كُتب أخرى لتشومسكي بعد، لكن تشير بعض المراجعات (على Goodreads) على أن هذا الكتاب يُمثّل مدخلًا رائعًا لأفكار وفلسفة الكاتب، وسيُسهّل على القارئ الإبحار في باقي أفكاره بشكل أفضل.
========================
فرانك ترنتمان  :كتاب إمبراطورية الأشياء..تاريخ الإستهلاك البشرى
ميادة العفيفى
0109طباعة المقال
فى الخمسينيات من القرن الخامس عشر كان فى إنجلترا مقهى واحد فقط فى أكسفورد, وبعد خمسين عاما كانت لندن ومعظم عواصم أوروبا مليئة بالمئات من المقاهي, بحلول عام 1750 كان كل موظف فى باريس لا يستطيع أن يبدأ يومه دون أن يمر أولا على مقهى لشرب كوبا من القهوة بالحليب
مما أدى إلى إرتفاع مذهل فى معدلات إستهلاك البن, تلك المادة التى لم تكن أوروبا تعرفها من قبل قدومها من أثيوبيا عبر الجزيرة العربية, ثم من الإمبراطورية الإسلامية إلى ايطاليا, ثم فجأة تحولت إلى شراب يستخدمه جميع البشر, ليصبح ثانى أكثر المواد إستهلاكا حول العالم بعد النفط الخام, تلك قصة واحدة تروى لنا ببساطة صعود أنماط الإستهلاك البشرى على مدار القرون الخمسة الماضية.
«إمبراطورية الأشياء» كتاب شديد الإثارة , يروى قصة حياتنا اليومية مع نهمنا المتزايد نحو الاستهلاك, الذى وصفه أفلاطون فى كتابه الجمهورية بأنه « نهم العيش الرغيد» , ويستعرض تاريخا طويلا من ميلنا البشرى نحو استهلاك الأشياء من حولنا, يشرح لنا ماذا وكيف ولماذا نستهلك, يغطى قارات وقرون وأيديولوجيات ونظم سياسية ومعتقدات, حتى نصل إلى عصرنا الحالى الذى تحول فيه الكائن البشرى إلى أقصى درجات استهلاكه عبر التاريخ, مع أنماط غير مسبوقة من الاستهلاك الفردي, والعشوائى الذى يشكل النظم السياسية والإقتصاد العالمى ويعيد توجيه وتشكيل البيئة على نحو لم يحدث من قبل. ..فى هذا الكتاب يتم وضعنا نحن جمهور المستهلكين الطبعيين تحت دائرة الضوء فى سياق تاريخى يمتد لـ 600 عام من الإقتصاد العالمى .
يروى لنا المؤرخ فرانك ترنتمان أستاذ التاريخ بجامعة لندن فى هذا الكتاب المميز كيف أننا نعتقد بشكل خاطيء أن بداية هذه الميول الاستهلاكية الشرهة مرتبطة على وجه الخصوص بالولايات المتحدة, أو تحديدا أمريكا فى زمن الإزدهار الإقتصادى فى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية, ومع تضخم العولمة وتزايد سمات السطحية والعدمية لدى الشعوب. إلا أن واجب ترنتمان كمؤرخ أن يخبرنا أن هذا بجملته غير صحيح, فقد تصاعدت رغبات الإقتناء الشخصى فعليا على نحو نهم خلال فترة عصر النهضة فى إيطاليا, عندما بدأت الأسر الثرية تراكم أدوات الطعام الفضية, كدليل على الترحيب بالضيوف والتباهي, وعندما بدأت أسرة مينج فى الصين فى وقت متأخر من التباهى بإقتناء قطع فنية شديدة البهرجة, وفى هولندا القرن الخامس عشر مع زيادة الميل نحو إقتناء الكؤوس الكريستالية. يروى أيضا كيف أن الإستعمار البريطانى ,بجانب أشياء أخرى عديدة, حرر التجارة العالمية وأطلق العنان نحو رغبة شعوب بعيدة فى الحصول على المزيد من الأشياء. لقد قدم الإستعمار من بين سلبياته معايير وعادات وسلوكيات جديدة للشعوب التى تم إحتلالها غيرت من أنماط استهلاكها للأبد. يكتب ترنتمان أن رئيسة الوزارء البريطانية الأسطورية مارجريت تاتشر, أو «كاهنة الليبرالية الجديدة» كما يصفها كانت ,ترى أن الأموال التى تنفق على السلع المادية تعزز من قيم الديمقراطية عندما تحقق الرخاء للجميع, وفى مارس 1987 وهى تسعى لهدم مواقف الماركسية المتشددة ضد الاستهلاك الغربى, قامت بجولة فى موسكو السوفيتية وهى ترتدى قبعة باهظة الثمن من الفرو, وقتها إحتضنها الروس وكأنها مبعوث الحريات والثراء. ثم يبين كيف نظر رجال الدين وأصحاب الأيديولوجيات إلى نهم الاستهلاك فيروي، أن الكنيسة الكاثولكية الكلاسيكية حاربت شهوة الإقتناء والتبذير ودعت إلى زهد الفقراء, وإن لم تهتم كثيرا بتبذير أثرياء وملوك أوروبا, وناهض البابا يوحنا الثالث والعشرون باسم الكنيسة الكاثوليكية الاستهلاك الذى يؤدى إلى عدم المساواة بين البشر وإلى ثراء التجار عام 1963.وويشير ترنتمان إلى أن المسيحيين الإنجليين اليوم فى الولايات المتحدة يتبنون ما يسمى «بإنجيل الرخاء» الذى يدعو إلى أن الاستهلاك هو أحد قيم رخاء الفرد وبالتالى رضاه النفسى. ويشرح لنا كيف حارب كارل ماركس الميل نحو الاستهلاك وإعتبره إتجاها بشريا غير أخلاقى فى سبعينيات القرن التاسع عشر, ثم بعد قرن واحد فقط اشتعل العالم برغبة نهمة نحو استهلاك الكوكاكولا والجينز والعلكة وآلات القهوة السريعة والسلع المعمرة والسيارات الفارهة.
فى إيران الخمينى لم تقض الحرب الأخلاقية على أنماط الاستهلاك الغربية لدى الإيرانيين, وأمام الرغبة العالمية فى استهلاك «الكوكا كولا» إستبدلتها فقط بعلامة تجارية مقلدة مثل «زمزم كولا» وغيرها، وفى بعض دول الخليج عندما تم منع إستيراد دمية باربى السافرة, تم إستبدالها بدمية أخرى ترتدى ثيابا أكثر حشمة تناسب المجتمع الاستهلاكى الإسلامى.
ويمكن تصور أن الميل المتزايد نحو الاستهلاك هو نتيجة لتأثير أسواق الديمقراطيات الغربية, إلا أن ترنتمان يثبت أن جميع الأنظمة السياسية والإقتصادية هى أنظمة فصامية إعتمدت دوما على إزدياد الحاجة الملحة لدى الفرد نحو الاستهلاك, حتى الأنظمة الإشتراكية والستالينية والقومية, جميعها تعتمد على رغبتنا فى الإقتناء, وأنها فى النهاية حلقة تصب فى مصلحة الحكومات. لقد ساهم الإنفاق الحكومى أيضا فى الدول الغربية بشكل كبير فى تزايد معدلات الاستهلاك, وخاصة فى النصف الثانى من القرن العشرين, مع إرتفاع مستويات الخدمات الإجتماعية فى مجالات الإسكان والتعليم والصحة، وكذلك الدعم المقدم للفقراء والمسنين, كل هذا رفع من معدلات الاستهلاك. لقد دعمت المجتمعات الاستهلاكية الغربية هذا الميل نحو الاستهلاك فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين.
يتناول ترنتمان أيضا كيف تمكنت الإقتصاديات الآسيوية من أن توجه النزعة الاستهلاكية لدى المواطن نحو مفهوم أطلق عليه «الاستهلاك الفاضل» بمعنى الحض على شراء السلع المحلية كواجب أخلاقى ووطنى, وهذا ما جعل من دول مثل اليابان والصين قوى إقتصادية عظمى. يتناول الكتاب أيضا كيف أن المساواة فى الاستهلاك خلقت بشكل أو بآخر الطبقة الوسطي, ففى القرن السابع عشر ظهرت علاقة بين الاستهلاك والمساواة بين طبقات المجتمع فى حدها الأدنى, فعلى سبيل المثال عندما جلبت التجارة العالمية السلع الجديدة مثل البن والشاى والخزف الصينى والأقمشة الثمينة إلى متناول يد الطبقة البرجوازية الغربية, سمح هذا لهم بتحدى قوة الطبقة الأرستقراطية وخلقت لديهم نوعا من الذوق العام الذى سار بإتجاه المواطن البسيط, وهو ما حدث فى القرن العشرين، عندما ظهرت دور العرض السينمائية والسيارات والإذاعة والتليفزيون, وعندها عمدت الشركات إلى تسويقها فقط لدى على القلة الثرية، ولكن لجميع أفراد الشعب, ليصبح هناك ما يسمى بعدالة أنماط الاستهلاك. وفى النهاية يستعرض ترنتمان مستقبل الاستهلاك, فمع دخول العالم فترة طويلة من النمو البطىء والركود الإقتصادي, مما يعنى إنخفاض الدخل وإرتفاع البطالة بين الشباب, وحالة من عدم الإستقرار السياسى وتفشى الإرهاب, فإن التاريخ يقدم درسا مهما وهو أن ثروات الأمم تعتمد على ثروات مستهلكيها.
========================
تيتزيانو تيرتسانى :كتاب "خطابات ضد الحرب": ما فعلته أمريكا ضد أفغانستان خطأ كبير
الثلاثاء، 09 أغسطس 2016 05:05 ص
"لم يعد العالم ذلك الذى عرفناه فى يوم ما، لقد تغيرت حياتنا بالتأكيد، ربما كانت هذه هى الفرصة لنفكر بطريقة مختلفة عما فعلنا حتى هذه اللحظة، إنها الفرصة لكى نعيد اختراع المستقبل وليس لنعيد صناعة المسار الذى قادنا نحو ما نحن فيه اليوم، والذى ربما يقودنا إلى لا شىء. لم يتعرض بقاء الإنسانية واستمرارها للخطر مثلما يحدث له فى هذه اللحظة.."، هذا ما كتبه تيتزيانو تيرتسانى فى كتابه الأكثر مبيعا "خطابات ضد الحرب".
الكتاب الصادر عن القومى للترجمة والذى قامت بترجمته الدكتورة أمانى فوزى حبشى، وراجعه الدكتور حسين محمود، يحكى قصة الخطابات التى بدأ تيتزيانو تيرتسانى فى نشرها ابتداء من 14 سبتمبر 2001، وكانت بمثابة رد على التحريض ضد المسلمين بعد الحادث الإرهابى الذى شهدته الولايات المتحدة الأمريكية فى 11 سبتمبر من العام نفسه.
وعن كتاباته لتلك الخطابات قال تيرتسانى، إنه يريد أن ينقل جزءا من الحقيقة، فهناك الآلاف يمكثون فى رعب فى أفغانستان خوفا من قذف القنابل عليهم، ومنهم من يجرى مقيدا بالسلاسل ويعتقل خارج بلده ليحقق معه، لذا أريد أن يستمع الناس لصوتهم.
وقد بدأ الكاتب الرحلة فى باكستان وكابول وأفغانستان، ومن هناك قام بعمل لقاءات وكتب هذه الخطابات، ليؤسس لثقافة السلام، محاولا فهم لماذا يفعل أسامة بن لادن والمجاهدون ذلك؟، ملقيا الضوء على السياسية الخارجية لأمريكا، مؤكدا أن حماية الغرب من الإرهاب لا يكون بالحرب بل بالسلام.
ويقول تيتزيانو تيرتسانى فى الكتاب، متحدثا عن الحرب التى شنتها أمريكا ضد أفغانستان، نحن على وشك الدخول فى واحدة من الحروب ينبغى أن نذكر أنه لا يوجد فى الحرب شىء أخطر من أن يستهين المرء بقوة عدوه، ويتجاهل منطقه، ولمحاولة إنكار من أنه يمتلك أى عقل وأن يصفه بالمجنون، إلا أن جماعة الجهاد الإسلامية تلك الشبكة السرية والدولية التى كان يرأسها أسامة بن لادن، والتى كانت بالتأكيد وراء هجوم التحدى الصادم على الولايات المتحدة، والتى هى بالتأكيد بعيدة تمام البعد عن ظواهر "الجنون" ، وإذا أردنا بالفعل أن نجد طريقاً للخروج من نفق مُفزع وجدنا أنفسنا وقد ألقينا فيه، لا بد أن نفهم حسابنا مع من، ولماذا؟
الحكمة التى يراها المؤلف الباحث عن السلام للعالم تكمن فى أن "أسباب الحروب ليست فى الخارج، بل بداخل كل منا، إنها فى المشاعر مثل الرغبة والخوف، عدم الأمان والشراهة، الغرور والتكبر، لابد أن نحاول التحرر منها ببطء.. لابد من أن نغير سلوكنا، لنبدأ فى اتخاذ القرارات التى تخصنا وتخص الآخرين على أساس أخلاقيات أكثر ومصالح أقل، نفعل أكثر ما نراه صالحا بدلا من الذى نراه مناسبا، لنُربى أبناءنا على الصدق وليس الخبث".
والمعروف أن عمل تيتزيانو تيرتسانى مراسلا فى جريدة "كورييرى ديللا سيرا" اليومية وجريدة "دير شبيجل" الأسبوعية الألمانية؛ جعله يغطى أهم الصراعات فى النصف الثانى من القرن العشرين من فيتنام إلى أفغانستان إلى العراق، حتى توفى فى الثامن والعشرين من يوليو 2004.
========================
مكرديج بولدوكيان :كتاب الصيارفة الأرمن : رأس المال الأرمني في الامبراطورية العثمانية
الثلاثاء 9 اغسطس 2016   4:33:54 م - عدد القراء 79
حمزة عليان
محاولة جريئة للتعرف على رأس المال الأرمني، ووثيقة كتبت للجيل الجديد من الأرمن على يد اقتصادي أرمني مخضرم، يوضح دور الصيارفة الأرمن في الامبراطورية العثمانية.
المؤلف اختبر المجال الصيرفي جيداً من خلال عمله في عدد من البنوك اللبنانية والعالمية وتدريسه لمادة الاقتصاد في جامعة هايكازيان في بيروت بعد تأسيسه لهذا القسم لأول مرة، وتدرج في مناصبه إلى ان وصل الى وظيفة نائب حاكم مصرف لبنان.
الهدف من الكتاب كما يوضح انه يأتي عشية الذكرى المئوية للابادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد السلطنة العثمانية، وللتعريف بكيفية الاستيلاء على رأسمال الأرمن المكدس في نهاية الامبراطورية العثمانية بين عامي 1915 و1923، وكذلك الصيارفة الارمن البارزين في القاهرة وبيروت، والأهم من كل ذلك ابراز التحدي الذي واجهه رأس المال الأرمني بنهاية الامبراطورية العثمانية وبداية عهد الجمهورية التركية خلال السنوات 1923/1915.
أوضح الخبير الاقتصادي، خريج الجامعة الأميركية في بيروت السيد «مكرديج بولدوكيان» كيف تم الاستيلاء عنوة على الثروات الأرمنية المتراكمة منذ 1000 سنة وعلى كامل أملاكهم المنقولة كالودائع المصرفية والمدخرات والمجوهرات والأملاك غير المنقولة، مثل المنازل والعقارات الخاصة وتلك العائدة للجمعيات والوقف الأرمني، فعلى سبيل المثال، يشير الى ان ساحة «تقسيم» الشهيرة في اسطنبول تعد من أملاك الارمن المصادرة.
ينظر إلى الأرمن حينذاك بكونهم من الطبقة الأغنى في الامبراطورية العثمانية، إذ كانت ملكية أكثر من 95 في المئة من المعامل في اسطنبول ومنطقتي البحر الأسود والمتوسط تعود للأرمن واليونانيين، ويستشهد بدراسة الدكتور محمد رفعت إمام، الذي يعتبر ان مصدر الرأسمال التركي الحالي من تلك الممتلكات، ولذلك حسب رأيه، تتهرب تركيا من الاعتراف بالابادة نظراً لما يترتب عليه من تعويضات أكثر من 100 مليار دولار.
ثمانية فصول يحتويها الكتاب، ومن البداية مع «رأسمال الخوجا» – أي الملاك الكبار والشلجيين والأمراء، والتجار والصيارفة الأرمن في الفترة العثمانية وفي عهد محمد علي في مصر، وفي لبنان والتشريعات الخاصة للصيرفة في الفترة العثمانية في لبنان واعادة اصدار قانون الصيرفة اللبناني، وأخيراً مصير رأس المال الأرمني في نهاية الامبراطورية العثمانية (1923/1915).
حرص المؤلف على ايراد وثائق نادرة لأنواع من أوراق السندات وفتح الاعتمادات للتجار الأرمن وباللغة الأرمنية ونشر تقارير كاملة باللغة الانكليزية والكتاب صادر من بيروت عام 2015.
أمراء الصيرفة
أورد المؤلف قائمة باسماء الأمراء الأرمن الذين تعاطوا بالأعمال الصيرفية والمالية في المدن التالية: اسطنبول، تفين، آني، أرضروم، آكن، أرزن، كارس، طرابزون.
الملاحق
كذلك تضمن الكتاب قائمة بالمؤسسات والمعامل والمصانع ذات الشأن الاقتصادي، تلا ذلك اسماء أصحاب المنشآت الاقتصادية، الذين ساهموا في ازدهار التجارة والاقتصاد وقائمة باسماء مؤسسات القروض المالية والأشخاص الذين امتهنوا التجارة والاقتصاد.
========================
برتران بادي  :كتاب عندما يبدأ التاريخ : هل الحرب وحدها هي ما يبرر الدولة؟
الثلاثاء 9 اغسطس 2016   5:37:00 م - عدد القراء 59
مهاب نصر
«الكارثة» موضوع أثير لدى صانع الفيلم الأميركي لدرجة تبعث على الشعور بالغثيان. فالأرض دائما مهددة بزوال الحياة إما بسلاح بيولوجي، أو بكائنات من الفضاء، أو بالزمبي «الموتى الأحياء». ربما يكون لذلك علاقة بالإرث المسيحي اليهودي، ولكن استعادته تخدم بطريقة ما نوعا من الإفلاس السياسي.
في إطار هذا الوضع الاستثنائي يصبح الصديق والعدو واضحين كل الوضوح، وينقسم العالم إلى أخيار وأشرار، نحن والآخرين، وتستدعى فكرة «الحرب» علاقة وحيدة ومؤبدة تسم السياسة الدولية، بل تصبح معينا لاستمرار مفهوم الدولة التقليدي الذي بني على سلام أهلي للجماعة الوطنية، وعداء تجاه الخارج.
كان بعض الفلاسفة يتحدثون عن أن الصعود الأميركي ونهاية الاستقطاب يمثلان «نهاية التاريخ» وحتى لا تأتي هذه النهاية، حتى تستمر السياسات الحالية، أو يستمر التاريخ أوقظت عداوات، وأعيد تقسيم العالم باسم صراع الحضارات، وباسم الأصالة الثقافية المؤكدة على الاختلاف غير القابل للتجاوز.
يتوقف هنا الباحث الفرنسي برتران بادي ليقدم أطروحة جذرية في كتاب صغير نفيس جاء بعنوان «عندما يبدأ التاريخ» والذي صدرت أخيرا ترجمته عن دار الفارابي، وقام بالترجمة نجيب غزاوي وغازي برو.
أصول السياسة
يعود برتران بادي المختص بالسياسة الدولية وعلم السياسة المقارن إلى أصول السياسة الدولية كما أقرت لدى توماس هوبز، وإيمانويل كانت باعتبار كل منهما يمثل وجهة نظر مختلفة، الأول يبني فكرة الدولة على أساس أن تضمنها الداخلي ينبني على العداء الآخر، بينما يطمح الآخر إلى «مشروع للسلام الدولي».
كما يؤرخ بادي لتطور الفكرتين، واستدعائهما في مراحل مختلفة خاصة في أعقاب الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتشكيل عصبة الأمم. يرى بادي أن أهوال الحروب ربما دفعت بشكل مؤقت إلى إعادة تأسيس السياسة الدولية على أفكار التوافق والتعاون الدولي، لكن سرعان ما جاءت الحرب الباردة لتقسم العالم مرة أخرى إلى معسكرين سياسيين مدعومين بأيديولوجيتين متعارضتين، وهو ما أوجد ذريعة قوية لإحياء الفكرة «الهوبزية».
على جانبي المحيط
يمكننا أن نلمس في الكتاب معارضة بين نوع من الإرث الأوروبي الألماني الفرنسي من جهة، والانغلو ساكسوني (والأميركي خاصة) من جهة أخرى. فبرتران بادي يرى أن السياسة الدولية، بل الدولة الحديثة القومية نفسها، كإرث أوروبي بقدر ما تحوي من تناقضات بقدر ما ينبغي أن تتعلم من خبراتها، وتعرف حدود «نظريتها السياسية» التي لا تنطبق بالضرورة على سائر أنماط الدولة في العالم غير الأوروبي.
وإذا كان بادي يعترف بان علم السياسة الدولية مدين بتقعيده وبحوثه المتعددة للجهة المقابلة للقارة الأوروبية: أي الولايات المتحدة، فإنه يرى فيها قصورا فادحا في تصورها عن السياسة بمعزل عن الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية، منتقدا رؤيتها الواقعية التي تعتمد على أن واقع السياسة الفعلي هو «الحرب»، وأن السلم ما هو إلا لحظة مؤقتة واستثنائية، ومن ثم بنت كل دبلوماسيتها على هذا الأساس.
مجتمعات العولمة
وهنا تأتي النقطة الحاسمة في «درس» بادي. فالدولة الحديثة، بمفهوما الغربي، ما عادت اللاعب الأساسي في إطار العولمة. أدخلت العولمة دولا لا تنتمي في بنائها إلى النظرية السياسية الغربية (كالصين مثلا)، وساهمت وسائل التواصل وحركة الانتقال غير المسبوقة حراكا اجتماعيا واسعا، إضافة إلى جماعات متمردة ومسلحة خارج أطر الدولة. كل هذا يجعل السياسة الدولية عاجزة عن فهم ما يحدث بأدواتها التقليدية، ويوقعها في أخطاء فادحة ومدمرة.
ولكي تتخلص السياسة الدولية من الواقع المربك فإنها ترده إلى الصراع الثقافي، أو «التخلف»، وهو ما يستدعي تدخلها بذراعها القوية أحيانا دون تبصر بالعواقب. ومن ثم يرى بادي المفارقة: فالسياسة «الواقعية» ما عادت واقعية، بل مخالفة وعمياء تجاه الواقع. رغم مخاطر الوضع الجديد، وحالة السيولة المنفلتة فيه عن الأطر الدولية المعروفة، فإن بادي يرى في ذلك بداية التاريخ لا نهايته، يرى عودة إلى حضن المجتمعات. فالدولة الحديثة وأطرها ما عادت ملائمة للحراك الاجتماعي الجديد وهنا بحسب بادي «يشهد المرء بزوغ تاريخ أكثر كثافة بما لا يقاس، وأكثر عالمية وأكثر اجتماعية، وأكثر إنسانية مهما كان مأساويا أو بقي كذلك». ويمكننا الاعتقاد أيضا أنه ينذر بنوع من إضفاء الطابع الديموقراطي على الحياة الدولية التي تفقد طابع الخضوع لاحتكار أقلية صغيرة من الدول من دون احتواء العنف، نظرا لتزايد حجم «الأمراض الاجتماعية العالمية» المحتملة أو الحقيقية.
مراجعة ضرورية
على مفهوم الدولة، الذي بات يتغذى فقط على تخويف المواطنين من الآخر بحجج ثقافية أو عرقية، وبإحياء أنماط بدائية من الصراع أن يعي حجم المخاطرة المقدم عليها، وأنه إن كان يظن أنه بذلك يعمل على تأجيل وتسويف «نهاية التاريخ» كما يتصورها، فإنه في الحقيقة يساهم في تحققها الكارثي.
بقدر صغر حجم الكتاب فإن بادي صاحب كتابي «الدولتان» و«السياسة المقارنة» ـ المترجمين إلى العربية ـ يضعنا في قلب الراهن، وفي أتون الغباء الكامن وراء وهم العلم الواقعي. فهو يرد هذا العلم إلى مقولة غاية في البساطة والسطحية اعتمدت عليها السياسة الدولية، وفكرة الدولة الحديثة نفسها، وهو ما ينبغي الآن إعادة النظر فيه.
========================
فرانك ترنتمان :كتاب العالم يتطور على أساس سلوكيات الاستهلاك
المصدر: تأليف: فرانك ترنتمان - عرض ومناقشة: محمد الخولي
التاريخ: 06 أغسطس 2016
يجمع هذا الكتاب بين عنصر الرصد والمتابعة الزمنية لتاريخ الاستهلاك، عبر عصور المجتمع البشري المختلفة، وبين عنصر التحليل الاقتصادي والسلوكي لتطور هذا المجتمع، الذي يرى المؤلف أنه قام وتطّور على أساس من سلوكيات الاستهلاك لما هو مطروح أو متاح من السلع والخدمات. ويحرص الكتاب على التمييز بين سلوك الاستهلاك ونزعة الاهتلاك.
حيث يرمي السلوك الأول إلى إشباع الاحتياجات الأساسية، وأحياناً ما فوق الأساسية للكائن البشري المجتمع الإنساني، فيما ترتبط النزعة الأخرى بنمط من التعامل غير المسؤول مع الموارد المختلفة، وبما يؤدي إلى الإسراف والمبالغة في استهلاكها إلى حد يصل إلى حواف الإهدار انطلاقاً من تصور مغلوط يذهب إلى أن الموارد غير قابلة للشحة.
ومن ثم للنضوب والإفناء. ومن منظور التحليل السوسيولوجي يرى الكتاب أن التوسع في استهلاك مواد كانت محل احتكار الطبقات الأرستقراطية منذ القرن السابع عشر.
وبعد أن اتسع استهلاكها من جانب بورجوازية الطبقات الوسطى، ومنها مثلاً الشاي أو البن المستورد أو مواد البناء الفاخرة أو أنواع الحرير المجلوب من أراضي الصين، كل هذا أسقط احتكار الأرستقراطية في مجال النفوذ الاجتماعي، تماماً كما شهد القرن العشرون تحولات مماثلة حين اتسع استهلاك مواد وسلع بين صفوف الطبقات الوسطى بل والدنيا أسوة بالطبقات الممتازة العليا.
في سنة 1958 أصدر المفكر الأميركي أستاذ علم الاقتصاد في جامعة هارفارد جون غالبريث (1908، 2006) كتابه المهم الذي حمل العنوان الشهير التالي: مجتمع الرفاهية، ولقد أصبح هذا الكتاب بفضل مقولاته التي كانت مستجدة في ذلك الحين واحداً من كلاسيكيات التحليل لأحوال الاقتصاد المجتمعي التي شهدتها فترة ما بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945).
في تلك الفترة (13 عاماً أو نحوها بعد الحرب) عمد الاقتصادي الكبير إلى رصد وتحليل ما آلت إليه أوضاع المجتمع الأميركي، خاصة وأن الولايات المتحدة خرجت من أتون الصراع الدولي الذي أشعل نيران الحرب المذكورة، دون أن تصاب بويلات الدمار نفسها أو آفات الانهيار الاقتصادي ذاتها التي كانت قد حلّت بالأطراف الأوروبية والآسيوية التي شاركت في الحرب العالمية.
والمهم أن خرجت أميركا ظافرة من هذا الصراع، ترفع رايات النصر، وتجني ثمرات التطور الذي استجد على وسائل الإعلام، وخاصة في مجال الإذاعات الذي كان سيد الموقف في تلك الفترة، ومن ثم في مجال البّث التلفزيوني الذي كان يشق طريقه وقتها ليحتل مكانته الوطيدة مع توالي سنوات الخمسينات إلى الستينات.
تحولات ما بعد الحرب
هكذا عمد البروفيسور غالبريث إلى رصد التيارات، المستجدة بدورها على المجتمع الأميركي، وخاصة ما يتعلق برغبة أفراد هذا المجتمع في التعويض عن مشقة المشاركة في الحرب العالمية، وكان من إرهاصات هذه الرغبة وبوادر هذا التعويض ما جاء متمثلاً في اتساع نطاق هذه الرغبة في الزواج وإنشاء عائلات .
ومن ثم اتساع تيار الإنجاب فيما أصبح معروفاً في تاريخ أميركا المعاصر تحت الاسم التالي: »طفرة المواليــد«، ولقد جاء هذا كله تعبيراً عن تلك التحولات نحو مجتمع الوفرة كما أسماه غالبريث أو هو المجتمع الاستهلاكي، كما أصبح معروفاً .
وفي كل حال فقد أصبح مصطلح »الاستهلاك« سواء بوصفه نمطاً في السلوك أو تياراً يسود المجتمع المعاصر، أو ظاهرة كانت موجودة عبر تاريخ الشعوب، موضوعاً يستأثر باهتمام الدارسين والباحثين..
وفي طليعتهم أستاذ التاريخ الاقتصادي في الجامعات الأميركية والبريطانية، الدكتور فرانك ترنتمان، الذي أصدر خلال الأشهر الأخيرة كتابه المهم في تحليل ظاهرة الاستهلاك وعلاقتها بتطور المجتمعات عبر التاريخ. وقد صدر الكتاب تحت العنوان التالي: »إمبراطورية الأشياء«.

وبديهي أن كلمة »الأشياء« تنصرف إلى كل ما يستهوي البشر الحصول عليه واقتناؤه والاستمتاع باستحواذه بأساليب شتى. والمهم أن المؤلف يصوغ العنوان الفرعي لكتابنا في عبارات موجزة تقول بما يلي: »كيف أصبحنا عالماً من المستهلكين، ما بين القرن الخامس عشر إلى القرن الواحد والعشرين«.
الاستهلاك أسلوب حياتنا
من هذا العنوان ينطلق المؤلف مباشرة ليوضح أن ما نستهلكه في حياتنا المعاصرة أصبح بمثابة الملمح البارز الذي بات يحدد سمات حياتنا، وباعتبار أن النظم والاوضاع الاقتصادية التي تحيط بنا أصبح بقاؤها أو زوالها أمراً مرهوناً بدرجة ما نستهلكه من أشياء، ولدرجة أن بات المجتمع المعاصر يتعامل مع أفراده ليس كعاملين، ولكن بالأحرى كمستهلكين..وأيضاً لدرجة أن المرافق الأساسية والخدمات العامة أصبحت تقّدم لنا باعتبارها سلعاً أو خدمات معروضة في، أو ناتجة عن، سوبر ماركت شاسع الحجم ومتنوع المواد ومتعدد الأغراض.
في ضوء هذه المعطيات يمضي مؤلف كتابنا في رصد وتحليل تاريخ نزعة الاستهلاك عبر تطور المجتمع البشري، بادئاً بحوثه من أيام العصور الوسطى، وحتى السنوات القليلة المنصرمة من هذا القرن الحادي والعشرين. والمؤلف يحدد العامل المحوري من هذا السلوك الاستهلاكي في عبارة موجزة هي: الاستحواذ المادي.
هذه هي النزعة نفسها التي سبق إلى إدانتها المفكر الشهير كارل ماركس (1818-1883) حين تعامل مع نزعة الإمعان في الاستهلاك والاقتناء على أنها أقرب إلى الأنانية الطبقية المرفوضة.عن تحرير المصطلح
يبيّن المؤلف أيضاً أن مصطلح الاستهلاك في الانجليزية (Consume) مشتق من المادة اللغوية اللاتينية التي تفيد الإجهاز على الشيء، أو استخدام أو استنزاف المادة حتى رمقها الأخير كما قد نقول.
وهنا أيضاً يحيل الكتاب إلى ما شهدته أوضاع إيطاليا في ستينات القرن الماضي: هنالك اختار الكاتب والمخرج الإيطالي بازوليني (1922-1975) أن يدين وقتها نزعات الاستهلاك التي رآها .
وقد تفشت في مجتمعه، وخاصة بين أجيال الشباب، حيث انتشرت وتصاعدت سلوكيات استهلاك أنواع العلكة (شوينغم) و المشروبات الغازية ذات الأسماء الشهيرة الرنانة (الكولا) فضلاً عن ارتداء سراويل الجينز الأميركية المنشأ بكل أشكالها وموضاتها.
وهنا يرد مؤلف هذا الكتاب موضحاً كيف يرى من منظوره التحليلي أن هذه كانت السلوكيات أقرب إلى رغبة الشباب من تلك الأجيال في التفّرد من حيث التعبير عن النفس من خلال تبني شعارات تصدر عن تيارات الرفض أو التمرد، وهو ما أوصل.
كما أصبح معروفاً إلى نشوء حركات الشباب الشهيرة عام 1968 في فرنسا ومن ثّم في غيرها، فيما اتسعت معه استخدامات شباب تلك الحقبة لمركبات »الفسبا« التي كانوا يعدونها، كما يقول مؤلفنا، بمثابة وسيلة ركوب احتجاجية على السيارات الأميركية الفارهة الأنيقة التي كانت مطية الموسرين والمرفهين في ذلك الزمان.
شكل آخر للاحتجاج
وعلى كل حال، فقد اعتبر المؤلف هذه المستجدات في مجال الاستهلاك أقرب إلى صيحات وسلوكيات الاحتجاج في مواجهة من يصفهم بأنهم كانوا الطبقة المتمترسة خلف امتيازاتها، بينما جاءت هذه السلوكيات لتثبت في الوقت نفسه أن أنماط الاستهلاك وتصرفات المستهلكين ونوعيات السلع أو الأشياء المستهلكة يمكن أن تخدم أحياناً في تقويض دعائم الأوضاع القائمة هنا أو هناك.
وهنا يشير المؤلف إلى حكاية مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة التي يصفها بأنها »كاهنة النيوليبرالية«. وأصل الحكاية أن الكاهنة إياها حين زارت الاتحاد السوفييتي كانت تسعى إلى النيْل من الطروحات الشيوعية الرافضة للإسراف في نزعات الاستهلاك:
كان ذلك في مارس من عام 1987 ويومها عمدت الزائرة البريطانية إلى التجول في أنحاء موسكو وقد اعتمرت قبعة وارتدت ملابس من الفراء الروسي الفاخر، وهو ما لقي ترحيباً من جانب الروس الذين رأوا في المسؤولة البريطانية بشيراً يدعو إلى اتساع الحريات وتزايد الثروات في آن معاً.
السكر وتجارة العبيد
وأياً كان التحفظ على ما تسوقه مقولات هذا الكتاب فالحاصل أن القارئ يمكن أن يفيد كثيراً من دقة الرصد التاريخي لما يصفه المؤلف بأنه التقدم العالمي لاتجاهات السلع والبضائع. وهو يستهل هذا الرصد بما كانت تشهده فترة القرن الثامن عشر وإلى أوائل القرن التاسع عشر:
أيامها كان السكّر هو الناتج الأهم المرتبط بتجارة العبيد البريطانية: حيث كان السكّر هو السلعة الأكثر ربحية من جراء تلك التجارة الشائنة في البشر، ولدرجة أن مِنْ موانئ بريطانيا التي كانت تستقبل هذا السيل البشري من تجارة الرقيق، ومنها بريستول وليفربول، ما قام ازدهاره على أساس استيراد السكر من أصقاع أفريقيا.
أحدث التطورات
أخيراً، يختم هذا الكتاب مقولاته بعرض لأحدث تطورات الاستهلاك في زماننا الراهن، ابتداء من القرن العشرين
هنا يذهب المؤلف إلى أن ما شهدته الأسواق في عقود القرن الماضي من سلع تحويلية، مثل أجهزة الراديو والتلفاز والسيارات على اختلاف أنواعها وأسعارها، فضلاً عن اتساع استهلاك هذه المواد والموجودات بين طبقات المجتمع البشري، أدى إلى إقبال الطبقات الوسطى ودون الوسطى على استهلاكها وصولاً إلى الطبقات الأدنى..
وبهذا لم تعد احتكاراً لصالح الفئة الموسرة المحظوظة، تماماً كما حدث في القرن السابع عشر الذي شهد، كما يضيف المؤلف، انتشار السلع النادرة التي كانت مقصورة على الطبقات الأرستقراطية العليا في المجتمع الأوروبي..
ومنها مثلاً الشاي الهندي والبن العربي وملبوسات الحرير الصيني، وأنواع البورسلين الفاخرة، شاعت الأصناف واتسع استهلاكها بين الطبقات البورجوازية الوسطى في المجتمع الأوروبي، وهو ما زوّد تلك الفئات الأدنى بقدرات تحدي امتيازات الأرستقراطية التي كانت تحتكر هذه الأنماط من الاستهلاك.
وفي هذا الإطار، وكما يتصور المؤلف، لاحت إرهاصات الديمقراطية: فكراً وسلوكاً ثم نظاماً مازال يشغل محور اهتمام الأفراد والشعوب في كل مكان.
الترشيد يفرض نفسه أولاً وأخيراًنلاحظ من واقع الفصول الأخيرة من هذا الكتاب أن المؤلف يحرص على التفرقة بين سلوك الاستهلاك ونزعة الاهتلاك: السلوك الأول في رأيه يعني استخدام السلع والخدمات لصالح رفاه البشر وكفالة سبل الراحة والمتعة للحياة التي يعيشونها.
أما النزعة الثانية فهي ترتبط بالاندفاع نحو آفة الإهدار والإسراف في استخدام السلع أو في الانتفاع من الخدمات. وفيما ارتبط الاستهلاك بجهود المجتمع البشري من أجل استكشاف المواد الأولية والعمل على تحويلها إلى مواد نافعة، وهو ما ظل يدفع مسيرة هذا المجتمع الإنساني خطوات ملموسة إلى الأمام..
فإن الاندفاع أو الانسياق أو الاستسلام لنزعة الاهتلاك بكل ما يرتبط بها من سلوكيات السَرَف أو الإهدار، ما زالت في حكم المرفوضة من منظور العقل والأخلاق بل والأديان أيضاً..
 
حيث تحرص العقائد على اختلاف مصادرها وأدبياتها على أن يسلك الناس سبيل القصد والقسط بمعنى عدم الاستسلام لإغراءات الإسراف التي تتصور بالخطأ أن الموارد المتاحة للبشر سواء في البر والبحر إنما تتأتى من أصول ومصادر وينابيع دائمة ومتجددة ولا تعرف التضاؤل أو الشحة أو النضوب، وتلك تصورات يراها المؤلف بالطبع مخالفة لأوضاع الطبيعة وحقائق الأشياء.
من هنا ظلت العقائد القويمة والفلسفات الحكيمة تحض على توخي الترشيد في التعامل مع مخرجات الطبيعة ومواردها الحيوية وعلى رأسها موارد المياه بطبيعة الحال.
تأثير على العلاقات
يتابع مؤلفنا تأثير أنماط الاستهلاك ومسارات التجارة، سواء كانت مشروعة (في السلع) أو كانت غير مشروعة (في البشر) على تطوير العلاقات التي قامت ما بين ثالوث يبدأ في أفريقيا ويتوسط في إنجلترا وينتهي إلى مناطق البحر الكاريبي.
كانت سفينة العبيد تمخر عباب المحيط محملة بالبنادق والبارود من إنجلترا إلى أفريقيا، إلى حيث تحمل على متنها العبيد إلى الكاريبي، وأخيراً تعود إلى إنجلترا محمّلة بشحنات من السكر والبن والقطن والأرز، وكانت هذه الرحلات تجسد بذلك كما يصفها الكتاب تفاعلاً لما تقضي به أهم قوانين النشاط الاقتصادي وهو قانون العرض والطلب.
المؤلف
تعلّم المؤلف في ثلاث من المؤسسات المرموقة، هي جامعة هامبورغ ومدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ثم جامعة هارفارد، و حصل على الدكتوراه من الجامعة الأخيرة. ومارس البروفيسور ترنتمان تدريس الثقافة والعلوم السياسية في جامعتي برنستون و بيلفيلد ، وهو يعمل حالياً أستاذاً لعلم التاريخ في كلية بيربك بجامعة لندن.
وقد فاز كتاب للمؤلف بجائزة الجمعية الملكية التاريخية في إنجلترا، وهو بعنوان: »أزمة التجارة الحرة«.
تأليف:  فرانك ترنتمان
عرض ومناقشة: محمد الخولي
الناشر: مؤسسة هاربر، نيويورك، 2016
عدد الصفحات: 880 صفحة
=========================
 زلماي خليل زاد  :سياسات إدارة بوش حافلة بالأخطاء
المصدر: تأليف: زلماي خليل زاد - عرض ومناقشة: محمد الخولي
التاريخ: 30 يوليو 2016
صدر هذا الكتاب أخيرا- كما يعترف المؤلف أساساً - ليؤكد أن الفترة الراهنة تشوبها حالة اضطراب وفوران تكاد تعصف بأرجاء العالم كله، وهو ما تشهد به بداهة أحداث العنف الدموي وجرائم الإرهاب المرتكبة في تواتر شبه يومي وعلى كل من الصعيد القطري والإقليمي والدولي على السواء.
على أن الميزة المحورية لهذا الكتاب إنما تتمثل في أنه ليس من نوعية الكتابات أو الدراسات ذات المنحى التنظيري أو الفكري، بقدر ما أنه يصدر عن تجربة مهمة من حيث ثراء الممارسة العملية وتنوع المسارات والمهام التي اضطلع بها المؤلف، الذي تُجسد شخصيته في حد ذاتها هذا الجانب من التنوع الذي جمع فيه من نشأة أفغانية مسلمة، وتعليم أميركي..
وإقامة في كاليفورنيا وبيروت وشيكاغو ثم واشنطن، فضلاً عن المهام المحورية التي تولاها من موقع الدبلوماسي المحترف والمبعوث الرئاسي والمستشار الخاص في البيت الأبيض، وكلها مهام ظلت مرتبطة بتحولات الأوضاع السياسية في أقطار مثل أفغانستان. على أن التنوع المذكور أعلاه يتجسد كذلك في حقيقة أن هذا الكتاب يجمع في أسلوبه السردي ..
وفي مادته العلمية وفي الشهادات التي يدلي بها المؤلف عبر الفصول والصفحات- بين إيقاع السيرة الذاتية وساحة الإدلاء بإفادة شاهد كان لصيقاً بالأحداث بل كان مشاركاً في صياغتها وفي تسيير دفتها في بعض الأحيان
جاء تقرير »تشيلكوت« المنشور في الفترة القريبة الماضية ليعيد إلى الذاكرة التاريخية عصر »الاعترافات«. وتابع مراقبو الشؤون الدولية »اعترافات« كل من البريطاني توني بلير ثم ما يشبه الاعترافات الصادرة عن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن بشأن القرار المدّمر المتّخذ في السنة الثالثة من هذا القرن الجديد وكان يقضي كما أصبح معروفاً- بغزو أرض العراق.
والمعروف أن فضيلة الاعترافات لها تاريخها المؤصَّل في الأدبيات المسيحية، وأشهرها اعترافات القديس أوغسطين الذي عاش 75 سنة (بين عامي 354 و 430 للميلاد) واتخذ مقره في ساحات عنّابة في أرض الجزائر (العربية المسلمة فيما بعد). وقد استغرق تدوين الاعترافات فترة قوامها ثلاث سنوات (بين عامي 497 و400 ميلادية).
كن بينما عكف سانت أوغسطين، كما يعرفونه في عالم المسيحية الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية، على انتهاج سبيل الصدق مع الذات والاعتراف بأن الإنسان كائن خطَّاء، إلا أن الاعترافات التي أدلت بها أخيرا شخصيات من شاكلة توني بلير جاءت أقرب إلى التبريرات والتسويغات .
والحاصل أنه في غمار هذه الأجواء من التبريرات أو هي الاعترافات، المصطنعة كما قد نصفها، يصدر كتاب من تأليف واحد من تلك الدائرة السياسية الدبلوماسية الضيقة التي كانت أيامها تحدق بالرئيس جورج بوش. يحمل الكتاب عنواناً رئيسياً هو:، المبعوث، ويليه مباشرة في العنوان الرئيس نفسه عبارة شارحة لمقاصد ومحتويات الكتاب وهي: رحلتي وسط عالم مضطرب: من كابول إلى البيت الأبيض.
هذا الاسم المسلم
وبمناسبة كابول، فالمؤلف يحمل بدوره اسماً يجمع في إيقاعه بين الجذور الإسلامية والتراث الأفغاني في آن معاً. المؤلف هو الدبلوماسي الأميركي الأفغاني الأصل زلماي خليل زاد.
وترجع أهمية هذا الكتاب إلى عوامل شتى، أولها توقيت صدوره على مشارف الشوط الختامي من سباق الرئاسة الأميركية بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وكل منهما لا يتورع عن استثمار أو استغلال ملابسات غزو العراق، ومن قبلها غزو أفغانستان..
حيث يؤكد عليها المرشح الجمهوري فيما تندد بها المرشحة الديمقراطية. والعامل الثاني هو ما لاحظه المحللون السياسيون من نبرة أقرب إلى المكاشفة، حتى لا نقول المصارحة في متون هذا الكتاب، وتلك خاصية وربما مزية تأتي على خلاف المذكرات والكتابات الصادرة عن فريق أو عصبة المحافظين الجدد الذين كانوا يحركون الأحداث خلال حقبة بوش، التي استغرقت الفترة 2000- 2008 ..
كما هو معروف. والمزية الثالثة أن الكتاب لا يصدر عن مراقب سياسي ولا محلل أو باحث فكري بل عن عنصر كان مشاركاً بشكل مباشر ومسؤول أيضاً في رسم الخطط السياسية ثم في تنفيذ ما كان مكلَّفاً بتنفيذه، سواء داخل وزارة خارجية الولايات المتحدة في واشنطن أو على المسرح السياسي داخل أفغانستان أو في أروقة واجتماعات منظمة الأمم المتحدة في نيويورك.
يعمد الدبلوماسي الأميركي- الأفغاني الأصل- المسلم الديانة إلى استعراض الجهود التي بذلها من جانبه من أجل إقرار دستور يراه حديثاً ومنصفاً لكل من أفغانستان والعراق، وقد عمل في كل منهما سفيراً ممثلاً لإدارة جورج دبليو بوش.
ولكن ناقدي هذه الجوانب من كتابنا يسجلون اعتراضهم بالذات إزاء ما حدث من إصرار السفير خليل زاد على أن يكون رئيس أفغانستان من جماعة البشتون بدعوى أنهم يشكلون الأغلبية من شعب البلد المسلم المذكور.
خلف الكواليس
في الكتاب أيضاً، وكما يوضح الناقد الأميركي مايكل غوردون (نيويورك تايمز، عدد 6 مارس 2016) إشارات سياسية، من خلف الكواليس، كما قد نسميها لمحادثات يقول مؤلفنا أنها ظلت تدور بين أميركا وإيران بشأن مستقبل العراق. وقد دارت تلك المحادثات قبل غزو الأميركيين لأرض الرافدين، وكان هدفها كما يقول الكتاب حماية الطائرات الأميركية التي قد تتجاوز في تحليقها إلى أجواء خارج المجال الجوي العراقي.
وفي سياق آخر ينال كتابنا تقديراً ملحوظاً من جانب المحللين السياسيين، وخاصة المهتمين منهم بقضايا منطقة الشرق الأوسط، ابتداء من بُعدها العربي ثم اتساعاً ووصولاً إلى تخومها الطرفية إلى حيث باكستان وأفغانستان.هنا يروق لقارئ الكتاب ذلك المزج الأدبي أو التداخل الفني الذي يجمع فيه المؤلف بين نشأته الأولى في مدينة مزار شريف الأصيلة في ربوع أفغانستان وبين فترة يفاعته ودراسته الجامعية في عاصمة لبنان ثم حصوله على درجته الجامعية الرفيعة في شيكاغو..
فضلاً عن تطعيم كل هذه الوقائع والملابسات بمشاهد وشواهد مستقاة من واقع خبرته السياسية والدبلوماسية التي استغرقت نحو 30 سنة، وخاصة خلال فترة خدمة الدبلوماسي المؤلف، سواء في أصقاع منطقة بيشاور الحدودية لباكستان في عقد الثمانينات، أو في عاصمة أفغانستان حين كان المؤلف سفيراً للولايات المتحدة في كابول على امتداد الفترة 2003- 2005..
وبعدها عاش المؤلف وكتب عن فترة بعثته الدبلوماسية في بغداد وكان ذلك بين عامي 2005 و2007 إذ كان سفيراً لأميركا لدى العراق.
الروس والعنف
وعلى مدار المواضع التي تعرض لأفغانستان في هذا الكتاب يحاول المؤلف تفسير التناقض التاريخي أو الاستراتيجي الذي تخلّف عن تعاطي الولايات المتحدة مع الشأن الأفغاني: لقد بدأت هذه الاهتمامات أو الاشتباكات مع وقائع الغزو السوفيتي للبلد الآسيوي المسلم في عام 1979، وهنا تتابع فصول كتابنا كيف جاء هذا الغزو الروسي..
فضلاً عن التدخل الأميركي (من خلال عمليات وكالة الاستخبارات المركزية سي.آي. إيه) ليشكل نقلة في الحرب الباردة التي كانت مشتعلة بين معسكريْ الشرق والغرب.
وما كان من الطرف الأميركي في تلك الحرب الباردة، إلا أن نشط في تجنيد ودعم فصائل المقاومة الأفغانية التي حملت من يومها شعارات المجاهدين ضد الغزو والوجود السوفيتي.
لكن بقيت المشكلة، على نحو ما يوضح أو يفسر كتابنا، متمثلة في أن أفغانستان بعد انسحاب السوفييت تعاملت مع أحدث أسلحة الربع الأخير من القرن العشرين، واكتسبت خبرة في القتال وثقةً في النفس واهتماماً من جانب عناصر شتى من العالم الإسلامي، وكانت تلك هي الظروف المواتية والبيئية الحاضنة لتنظيم بالغ الخطورة حمل اسم القاعدة.
صحيح- يضيف مؤلفنا- أن الرئيس بوش ومستشارته الشهيرة كوندوليزا رايس كانا يتصفان في رأي المؤلف طبعاً- بقدر لا ينكر من الدقة والحصافة. لكن الدكتور زلماي لا يلبث أن يضيف في الموضع نفسه من الكتاب موضحاً شعوره الشخصي بالاستياء والإحباط إزاء وجود وآراء وسلوكيات شخصيات كانت أكثر من فاعلة ومؤثرة على صنع القرارات ورسم السياسات في إدارة بوش...
وكان على رأسها تحديداً دونالد رامسفيلد وزير الدفاع، وهي أوضاع أفضت، كما يضيف الكتاب، إلى صراعات على النفوذ والتأثير بين القوى المؤثرة المختلفة وبالتحديد في كل من الدوائر العسكرية- البنتاغون وفي مواجهتها الدوائر الدبلوماسية وزارة الخارجية.
والشاهد في هذا السياق هو ما يتمثل في اعتراف مؤلف الكتاب بأنه صاحب المشورة التي قدمها إلى مسؤولي القرار الاستراتيجي في البيت الرئاسي الأبيض بالتدخل في أفغانستان التي كانت قد دمرتها الحرب السوفيتية الأفغانية، وكان عليه في تصورنا أن يزّين هذه النصيحة بتوضيح أن الهدف الأساسي إنما يتمثل في إعادة بناء مؤسسات أفغانستان بما يحول بين البلد المذكور وبين التواصل مع المتطرفين.
وبديهي أن الذي حدث هو تدخل أميركا في أفغانستان بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 بقدر ما أنه بديهي أيضاً أن هذا التدخل العسكري في البلد الآسيوي المسلم لم ينتج عنه في رأينا أي بناء يُعتد به للمؤسسات، بل الذي حدث هو أن التدخل الأميركي العسكري أفضى إلى أوضاع بدأت من يومها، ومازالت قائمة بصورة أو بأخرى، ومؤداها أن أفغانستان أصبحت منطلقاً لأخطر عناصر التطرف.
على أن المؤلف يختم فصول كتابه بما يتصوره الدرس الأساسي المستفاد من كل هذه التجارب مؤكداً بأن أميركا، مازالت بحاجة إلى اتباع سياسة خارجية تتسم بالذكاء والاستنارة والفعالية وتنطلق من نظرة بعيدة المدى فيما تستند إلى دعم فعال وموضوعي من جانب الحزبيْن اللذين يديران الشأن العام في واشنطن، سواء كان ذلك من موقع الحكم أو موقع المعارضة.
عندما يتحول الحلم إلى كابوس
يذهب المؤلف إلى أن اقتراحه بتدخل أميركا في أفغانستان إنما كان يصدر عن منظور إيجابي، يرى في هذا التدخل نوعاً من التفاعل بين عالميْن وثقافتين واسلوبين للحياة..
وهو منظور يعترف بأنه ظل يتبناه على مدار حياته ربما منذ فجر شبابه والبدايات الأولى لحياته الدراسية التي كانت باكورتها سنة واحدة أمضاها الشاب الأفغاني المسلم خليل زاد بوصفه طالباً يدرس بموجب منحة تبادل دراسية في كاليفورنيا، وهو ما زرع في كيانه الاعتقاد بأن التحولات الإيجابية التي كان يتطلع إليها على أرض أفغانستان يمكن أن تتحقق إذا ما تم تطعيمها بالمُثل العليا المستمدة من الثقافة الأميركية.
ثم يعترف المؤلف بأن أحداث11 سبتمبر وتفجير المركز التجاري الدولي في نيويورك وما أعقب ذلك من غزو أفغانستان، أتاحت له كما يتصور- محاولة صياغة علاقة بين العالميْن المتباعدين: عالم واشنطن وعالم كابول، وهو ما حاول أن يفعله سفيراً في عاصمة الأفغان.
وعندما أصبح سفيراً ورئيساً للوفد الأميركي الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك يذكر في الكتاب أنه لم يتورع عن استخدام موقعه الدبلوماسي من أجل تحقيق المصالح القومية لأميركا ودفع مسيرة هذه المصالح إلى الأمام من خلال الترويج لما يسميه بالقيم والمُثل الأميركية.
وفي كل الأحوال، فقد خدم مؤلف الكتاب في إدارات أكثر من رئيس أميركي، وتدرج في مراقي ومستويات العمل الدبلوماسي إلى أن تولى، كما أسلفنا- منصب مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وهو موقع يجيز لشاغله حضور جلسات مجلس الوزراء في البيت الأبيض.
والمعنى في هذا الصدد أنه كان مشاركاً في تصنيع القرارات السياسية- الاستراتيجية التي شهدتها الفترة الفاتحة للقرن الواحد والعشرين. ولقد كانت بكل المقاييس حقبة دقيقة بل وبالغة الخطورة على الأقل بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، ولاسيما في كل وقائع وملابسات غزو أفغانستان ثم غزو العراق.
ثم اتسعت اختصاصات المؤلف على نحو ما يوضح أيضاً في الكتاب عندما تم تعيينه مساعداً خاصاً للرئيس بوش ومسؤولاً عن السياسة الأميركية في جنوب غربي آسيا والشرق الأدنى (المشرق العربي) والشمال الأفريقي (المنطقة المغاربية العربية).
سيطرة المحافظين الجدد
يحرص المؤلف على تحليل الأخطاء التي ارتكبتها إدارات أميركية متعاقبة ولاسيما إدارة بوش الابن التي وقعت تحت سيطرة فئة المحافظين الجدد وكانوا من غلاة المثقفين الأميركيين المتعصبين وخاصة فيما يتعلق بتعاملات أميركا مع أقطار العالم الخارجي، و يعترف بأن فريق بوش كان يواجه سلبية يصفها على النحو التالي: مسار التعلم المنحدر إلى أسفل.
ثم يسارع إلى تفسير هذا الجانب السلبي قائلاً: لم يكن هناك من أفراد الفريق المسؤول عن سياسة بوش الخارجية مَن كان يتمتع بحّس عميق بحقائق التاريخ ولا بأوضاع الثقافات في العالم الإسلامي.
 
المؤلف
بعد مفارقته سلك المناصب الرسمية الذي عمل به على امتداد سنوات طويلة، يعمل المؤلف في الوقت الحالي مستشاراً لدى مركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن..
بالإضافة إلى مجمع راند الفكري الشهير الاختصاصي في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية. كما أنه يترأس مؤسسة خليل زاد للاستشارات الدولية، المتصلة بمجالات التجارة وإدارة الأعمال على المستوى الدولي، وخاصة في مجالات التشييد والطاقة والتعليم والهياكل الأساسية.
تأليف:  زلماي خليل زاد
عرض ومناقشة:        محمد الخولي
الناشر: دار سان مارتن، نيويورك، 2016
عدد الصفحات: 336 صفحة
===========================
نداف شرجاى :"الكوتل المخفي" كتاب إسرائيلي جديد يكشف خطط تل أبيب لتهويد حائط البراق
دينا زيدان
13-8-2016 | 08:58517
  نشرت دار نشر تابعة لمستوطنة بيت أيل ، اليوم السبت، كتابًا جديدًا لكاتب نداف شرجاى تحت عنوان "الكوتل المخفي"، حيث يكشف الكتاب خطط إسرائيل لتهويد حائط البراق، و إقامة ساحة لصلاة اليهود فيها، والهدف من هذا هو تأكيد حق اليهود التاريخي في القدس.
السلام البارد على البساط الأخضر.. "فرعون الجودو" في مواجهة مع منافس إسرائيلي رغم خصومة التاريخ والجغرافيا
و بحسب الموقع فإن الكتاب يشير إلى أن مخطط هدم البيوت الفلسطينية بحائط البراق و إقامة ساحة لصلاة اليهود يعتبر نقطة محورية في سياسة إسرائيل الرسمية في تهويد القدس،وهذا ماتسعى إليه الحكومة الإسرائيلية أن تكون القدس ملكًا لليهود.
ونقًلا عن الموقع فإن عرض خطة الحكومة الإسرائيلية لهدم بيوت حي المغاربة التاريخي غربي حائط البراق و إقامة ساحة لصلاة اليهود فيها، يؤكد نيتها في تهويد القدس و كشف الجزء الشمالي من حائط البراق كليًا و إعطائها لليهود.
========================
مايكل ريد :البرازيل.. الصعود المتعثر لقوة عالمية
تاريخ النشر: 13/08/2016
تأليف: مايكل ريد
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
يعتقد الخبراء والمراقبون أن البرازيل، خامس أكبر دولة في العالم، وسابع أكبر اقتصاد عالمي، سوف تكون واحدة من أهم القوى العالمية بحلول عام 2030. ورغم أنه حتى الآن تم إيلاء الكثير من الاهتمام إلى القوى الصاعدة الأخرى مثل روسيا والهند والصين، فقد تم في الغالب تجاهل البرازيل، وعدم تقديرها بالشكل الذي تستحقه وفقاً لما يقوله الصحفي الأمريكي مايكل ريد في عمله هذا، حيث يرى أن هذا البلد بدأ أخيراً بالارتقاء إلى مستوى إمكاناته، لكنه يواجه تحديات مهمة قبل أن يصبح دولة ذات أهمية كبرى، مؤكداً أن استضافته لكأس العالم في 2014، وحالياً الألعاب الأولمبية، يعد من أهم الاختبارات التي تكشف قدرة هذا البلد وشعبه على الصعود، والتغلب على المصاعب التي تواجهه.
بعد عقود من الحكم العسكري، تتمتع رابع ديمقراطية من الديمقراطيات الأكثر اكتظاظاً بالسكان، بقيادة إصلاحية فعالة تسعى إلى كبح جماح التضخم، وفتح البلاد على التجارة الحرة، ومواجهة الفقر والقضايا الاجتماعية الأخرى، مما يتيح للبرازيل أن تصبح أكثر من مشارك أساسي في الشؤون العالمية. ولكن في الوقت الذي استعدت فيه لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في 2014 ودورة الألعاب الأولمبية 2016 التي تستضيفها في الوقت الراهن، شهدت البرازيل احتجاجات جماعية. يحاول هذا الكتاب العميق أن ينظر في المشكلات التي تقف في وجه البرازيل، حيث لا تزال هذه الدولة عاجزة بسياساتها عن القضاء على الفساد على نطاق واسع، ومعالجة بعض السياسات المختلة، فضلاً عن الجريمة العنيفة في مدنها، إلى جانب إنجازاتها المتمثلة في تقديم صورة مقربة تماماً من بلد ينبض بالحياة، وعلى وشك اتخاذ موقف قيادي على المسرح العالمي.
ومؤلف هذا العمل مايكل ريد بحكم زياراته الصحفية المستمرة منذ الثمانينات إلى البرازيل، وبقائه فيها من 1996 إلى 1999، واستمراره في متابعة شؤونها، خرج بهذا الكتاب في 352 صفحة من القطع المتوسط، طبعته ونشرته «مطبعة جامعة ييل» في 2014، وحدثته في طبعة جديدة في العام الجاري.
يشير ريد إلى أن شخصية البرازيل متفردة، إذ تجمع مزيجاً من الملامح الأوروبية والهندية والإفريقية، وبدرجة أقل اليابانية والشرق أوسطية، وعلى الرغم من هذا المزيج الهائل، فإنها أكثر قرباً للغرب من الصين والهند. وفوق كل هذا وذاك، فإنها من أكثر الأماكن في العالم التي يوجد فيها ترفيه، فضلاً عن موسيقاها الرائعة، وشهرتها العالمية بكرة القدم، كما أن الزائر لها يكتشف المطبخ الغني الذي تتميز به، والطبيعة الخلابة فيها.
يذكر الكاتب أن البرازيل بكل غناها، تعاني في الوقت ذاته بعض الجوانب الإشكالية، خاصة التفاوت الطبقي بين النخبة الثرية التي تتحكم بمفاصل الكثير من الأمور في الدولة، والطبقة الشعبية التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وخاصة في شمال شرق البرازيل، والتي تكون خارج الخريطة السياحية لأي زائر بسبب أعمال العنف فيها، ويمكن تصنيف البرازيل من بين أخطر البلدان في العالم، حيث يكون فيها الفقراء ضحية عنف الجرائم أكثر من الطبقة الوسطى.
ويعزو السبب إلى أن ريو دي جانيرو ببساطة أصبحت طريق النقل الرئيسي للكوكايين من كولومبيا إلى أوروبا، حيث تشكلت عصابات تهريب المخدرات من الشباب، وأصبحت هناك حروب فرعية خارجة عن سيطرة الشرطة وقوة فرض القانون التي أصبحت مشاركة في هذه اللعبة القذرة. كما أن الحرب الأمريكية على المخدرات تودي بحياة آلاف البرازيليين سنوياً، على غرار ما يجري في المكسيك.
ووسط هذه التحديات يحاول الكاتب أن يبين إذا ما كانت البرازيل كبلد له طموحات بأن يصبح قوة عظمى ذات تأثير عالمي، يستطيع تجاوز هذه التحديات الأمنية إلى جانب تعزيز قطاع الصحة والتربية والتعليم والبنية التحتية والمواصلات، وإذا ما كان يستطيع أن يحتل مكانة اقتصادية مؤثرة له تناسب إمكاناته الاقتصادية الهائلة، ويشير إلى أن استضافة كأس العالم في 2014، كان التحدي الأول في ضبط الأمن، والألعاب الأولمبية المقامة حالياً تشكل أيضاً التحدي الثاني، خاصة أن هناك احتجاجات مستمرة، وحالات عنف لم تتوقف.
يبين الكاتب أن البرازيل كانت تسير في الطريق الصحيح على الصعيد السياسي، حيث كانت تتجه في مسار إيجابي أواخر سنوات التسعينيات، والنصف الأول من العقد الأخير تحت حكم الرؤساء فيرناندو أنريك كاردوسو وثم لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي هيمن على السياسة البرازيلية بالكاريزما التي يمتلكها. إلا أن مايكل ريد يجد أنه خلال فترة ولاية لولا الثانية وإدارة ديلما روسيف، بدأت الأمور تسير في طريق غير واضح، موضحاً الأسباب التي تقف خلف هذا الاختلال في المشهد السياسي البرازيلي، ومن بينها ما يسببه احتكار الرأسماليين والشركات الكبرى، وتطبيق سياسات الخصخصة الاقتصادية، فضلاً عن البيروقراطية التي تشكل حجر عثرة أمام التنمية.
ويقول مايكل ريد إن البرازيل دولة التفوق، بشكل جزئي بسبب حجمها الكبير ومساحتها البالغة ثمانية ملايين ونصف المليون كيلومتر مربع، ما يصنفها خامس أكبر دولة مساحة في العالم، وهي تعادل مساحة الولايات المتحدة وتقريباً تحتل نصف أراضي أمريكا الجنوبية. ويمكن لسكان الاتحاد الأوروبي ال28 أن يعيشوا بشكل مريح في أراضي البرازيل، وعدد سكانها البالغ 200 مليون نسمة يجعل منها رابع أكبر ديمقراطية في العالم. كما أن معدل إجمالي الإنتاج المحلي الذي يبلغ 2.4 تريليون دولار في 2012، يجعلها سابع أكبر اقتصاد على المستوى العالمي، متساوية مع بريطانيا وفق حسابات صندوق النقد الدولي. ويعد هذا البلد المصدر الثالث للغذاء على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يحل مكان الولايات المتحدة ليصبح الأكبر على مستوى العالم بحلول 2025، وفقاً لتوقعات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو». كما أن البرازيل دولة مكتفية ذاتياً من ناحية النفط، حيث حققت أكبر الاكتشافات المفاجئة في حقول النفط في القرن الحادي والعشرين تحت مياه جنوبي المحيط الأطلنطي، والتي من الممكن أن تجعلها أكبر مصدر بحلول 2020، فضلاً عن أنها من البلدان البارزة في الاعتماد على الوقود القائم على النبات، حيث نصف سياراتها تعمل على الإيثانول المأخوذ من قصب السكر. ووفقاً لدراسة أجرتها «فاو» تعد البرازيل الأغنى في المياه العذبة لحصة الفرد الواحد أكثر من أي بلد آخر في العالم. وهي تملك حوالي 70 بالمئة من غابات الأمازون المطيرة، وبالتالي فهي لاعب أساسي في النقاشات الدولية حول كيفية الإبطاء من الانبعاثات الكربونية والتخفيف من تغير المناخ. وجدير بالذكر أن البرازيل ليست فقط منتجة بسيطة للبضائع، بل صنفت سادس أكبر قوة تصنيعية في العالم 2010.
يوضح مايكل ريد أن الغرض الرئيسي من عمله هذا، هو محاولة تقديم تفسير لحالة البرازيل في الوقت الراهن، وللقيام بذلك اضطر إلى عقد لقاءات مع قيادات سياسية واقتصادية وتنموية واجتماعية، والعودة إلى التاريخ. ويقول: «إن البرازيل نسبياً بلد جديد، لكن في جوانب أخرى، لا يعد البرازيل بلداً جديداً جداً. فقد احتفظ على نطاق واسع بالحدود نفسها منذ الأزمنة الاستعمارية (على خلاف الولايات المتحدة). وهي دولة متأسسة من حيث القدم على نحو أكثر من ألمانيا أو إيطاليا. إن التعمق في دراسة تاريخ البرازيل يوضح مشكلاتها المعاصرة وطريقة عملها».
ينقسم الكتاب إلى مقدمة بعنوان «قوة جديدة» تتألف من فصلين هما: «صعود متعثر للبرازيل» و«طريقة الحياة البرازيلية»، وينقسم العمل إلى ثلاثة أقسام: يركز الكاتب في القسم الأول بعنوان: «تاريخ من الجغرافيا» على التاريخ، ويتناول المواضيع القاسية والمصاعب التي تلقي بظلالها على البرازيل اليوم، إحداها هي الصعوبة التي واجهتها البرتغال كقوة استعمارية ضعيفة نسبياً في الاستقرار وإبقاء سيطرتها على مستعمرتها الضخمة، ومخاوف أخرى هي الظروف الفريدة التي حصلت فيها البرازيل على الاستقلال في 1822، كما أن تجربة البرازيل كمستعمرة، ثم كملكية مستقلة أثرت في عادات الحكومة في البلاد، على الرغم من أنها تطورت في القرن الحادي والعشرين، حيث سعت بكل جهدها للنهوض اقتصادياً. أما الموضوع الثالث والأساسي فهو طريقة ممارسة العبودية على نطاق واسع واستيراد ملايين الأفارقة بالإكراه ميز مجتمع البرازيل وسياستها على نحو ثابت، وهو التفسير الوحيد الأكثر أهمية للاستمرار في حالات اللامساواة الاجتماعية فيها. وعلى الرغم من أن دولة البرازيل لم تمارس الفصل العنصري الذي مارسته الولايات المتحدة أو جنوب إفريقيا بحق السود، لكن نجد أن الكثير من الفقراء هم من ذوي البشرة السوداء. ويتألف هذا القسم من ثلاثة فصول هي: «تشكيل الشعب»، «من الملكية إلى جمهورية القهوة»، و«غيتوليو فارغاس والتنموية القومية»، و«الديكتاتورية الطويلة».
ويأتي القسم الثاني بعنوان «صناعة الديمقراطية البرازيلية»، يشير فيه الكاتب إلى أن الجمهورية الجديدة، سماها السياسيون «الديمقراطية المستعادة»، واجهت ثلاث مهام رئيسية هي: تفكيك بقايا الديكتاتورية، ترسيخ الحريات ودعم حكومة ديمقراطية مؤثرة، ومواجهة التضخم وضمان العودة إلى النمو الاقتصادي ومعالجة المشكلات الاجتماعية المترسخة للبلاد، إلا أن الجمهورية الجديدة استطاعت أن تقدم فقط الخيبات، حيث إن رئيسها الأول مات، والثاني تم عزله، وحكم نواب الرئيس لسبع سنوات من أصل عشر، وفي 1993 زاد التضخم وكثرت الانقسامات الاجتماعية وحل الفساد في كافة مفاصل الحياة السياسية، ويتحدث الكاتب عن كل ذلك في فصول هذا القسم وهي: «من الفوضى إلى التقدم تحت كاردوسو»، «لوليسمو والحلم البرازيلي»، «الطريق الطويل لمجتمع الطبقة الوسطى»، «النفط، الزراعة وأمازون»، «الرأسمالية الموجهة للبرازيل».
وتحت عنوان «آمال» يتحدث الكاتب في القسم الثالث المؤلف من «التطلعات العالمية والإحباطات»، «عملاق لم يتم إصلاحه بعد»، «قرن البرازيل؟»، كيف أن البرازيل رغم كل ما جرى، إلا أن الإعلام فيها وعدد كبير من منظمات المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، أبقت عيونها مفتوحة على الانتهاكات التي كانت تحدث للسلطة والمال العام. كما أن البرازيل كدولة كانت تملك أكثر هيئات التدقيق تأثيراً في أمريكا اللاتينية، مقارنة بتلك الموجودة في البلدان المتقدمة، حيث استطاعت أن تقدم باستمرار الأدلة على الأخطاء والانتهاكات التي كانت تحدث، وتحركت المحاكم بناء على هذه التقارير والوثائق المقدمة لها، وإن بشكل نسبي.
ويرى ريد في الختام أن الجماهير الغاضبة التي كانت تخرج في احتجاجات بالتزامن مع أهم الأحداث الرياضية طفح الكيل لديها كما يقال، رغم عشقها الكبير لكرة القدم، إلا أن عشقها ورغبتها في تحسين التربية والتعليم والصحة كان الأهم، ويرى الكاتب من خلال وجوده في البرازيل أن البرازيليين يجدون أنفسهم استثنائيين على غرار رؤية الأمريكيين لأنفسهم، ويتمنى ألا تبقى هذه البلاد التي أحبها كما وصفها جواكيم باربوسا الرئيس السابق للمحكمة العليا البرازيلية: «البرازيل بلد يعاقب العديد من الناس الفقراء والسود، وأولئك الذين لا ارتباطات لهم مع السلطة. يتم معاملة الناس بشكل مختلف، وفقاً لحالتهم الاجتماعية، ولون بشرتهم، والأموال التي يملكونها. أي شخص متنفذ يمكن أن يدفع لمحام له ارتباطات قوية في القضاء، بحيث يمكن له أن يحتفظ باتصالاته مع القضاة من دون أي تحكم من قبل المدعي العام أو المجتمع. ثم تجد قرارات مفاجئة اتخذت وأصدرت».
========================
ذا ساكير :خنادق حرب عالمية في عيون «صقر» روسي
تاريخ النشر: 06/08/2016
تأليف: ذا ساكير
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
بكلمات متحررة من الرقابة في فضاء حر، عبر الشبكة العنكبوتية، أطلق المدون الذي سمى نفسه «ذا ساكير»، أو بالعربية تعني «الصقر»، مدونته التي حلل فيها السياسات الدولية، ووقف عند الممارسات الغربية في العالم، وتجاه روسيا تحديداً، والصدامات التي حدثت بين الغرب وروسيا في أوكرانيا، حيث يعود إلى زمن الاتحاد السوفييتي، وما قبل الحرب العالمية الأولى. كما يتوقف عند علاقة روسيا بالإسلام، ودول الجوار، والأحداث الراهنة في العالم، وهو يستقي تحليلاته من خبرته في ميدان التحليل العسكري، ومن خبرته الحياتية والمهنية في أوروبا والولايات المتحدة، ولا يخفي لهجته الصريحة في نقد الازدواجية الغربية، عبر مجموعة من المقالات جمعها في هذا العمل الذي طبعه في الولايات المتحدة، حيث يقيم.
نقرأ في صفحات الكتاب ال 600 الصادر عن دار «نيمبل بوكس» الأمريكية في أواخر 2015، بعضاً من أهم المقالات البارزة التي كتبها المدون المعروف باسم «ذا ساكير» أو «الصقر»، بين 2007 إلى 2015، وهو محلل عسكري ينحدر من عائلة عسكرية من اللاجئين الروس في أوروبا الغربية، حيث عاش معظم حياته. وبعد إنهائه الدراسة في كليتين جامعيتين في الولايات المتحدة الأمريكية، عاد إلى أوروبا ليشغل موقعاً بارزاً كمحلل عسكري، إلا أن الأمر لم يدم به كثيراً، بسبب معارضته العلنية للحروب المدعومة من الغرب في الشيشان، وكرواتيا، والبوسنة وكوسوفو. وبعد إعادة التدريب كمهندس برمجيات، انتقل إلى فلوريدا حيث يعيش الآن مع زوجته، وهي طبيبة بيطرية، وأطفالهما الثلاثة. يقوم بالتدوين باستمرار، حيث بات الأمر نمط حياة له، لا يمكن له أن يستمر في الحياة بدون التدوين والتحليل كما يقول.
اختار في هذا العمل أهم المواضيع من التاريخ، إلى السياسة، إلى الدين، إلى الشؤون العسكرية، والقضايا الاجتماعية، إذ يجدها كلها مرتبطة بواسطة خيط مشترك واحد: صدام الطيف الكامل بين العالم الغربي وما يسميه الكاتب «العالم الحضاري الروسي». وعلى عكس معظم الروس، وخصوصاً عندما يخاطبون الجمهور الغربي، يشعرون بأنهم مجبرون على استخدام لغة دبلوماسية وغير تصادمية، يستخدم الكاتب لغة غير رسمية في التخاطب تقريباً، ويصبح مباشراً، وصريحاً ، بهدف الاقتراب من الحقيقة أكثر.
يرى الكاتب أن آراءه في هذا العمل، حيث ينتقد السياسات الغربية، قد يقرؤها بعض القراء على أنها مسيئة في بعض الأحيان، بسبب واقعيتها، إلا أنه يعتقد أن هناك أيضاً جمهوراً أكبر يبحث عن الحقيقة، والتحليل الأقرب إلى الصواب، وهو في انتقاده تحديداً يستهدف ما يسميه «الإمبراطورية الأنغلو صهيونية». كما يرى أنه يمتلك حرية أكبر عبر نشره على المدونة، إذ يشير إلى أنه يقول ما يريد ويحلل كما يشاء من دون أي رقيب، سواء من دور النشر أو الحكومات أو المديرين، بالتالي يجد في هذا الأمر قوة له. ويقر الكاتب أن العديد من قناعاته تغيرت على مدى السنوات الأخيرة منذ العام 2000، فيما يتعلق بروسيا والغرب وبعض القادة في ممارساتهم السياسية، ويوضح أن كل ما يكتبه يأتي من وجهة نظر روسية، وليست «سوفييتية»، مزيج من سنوات ما قبل 1917 وما بعد 2000، ومن ناحية أخرى من وجهة نظر مسيحية أرثوذكسية «تقليدية».
مهد لهذا العمل الصحفي البرازيلي بيبي أسكوبار، الذي يتحدث عن وجهة نظر هذا «الصقر» الروسي الأصل، وطريقته في رؤية الأحداث في هذه المدونة التي باتت كتاباً. ينقسم الكتاب بعد التمهيد والمقدمة بعنوان «غواصات في الصحراء» إلى الأجزاء التالية: روسيا والإسلام، روسيا وأوكرانيا، روسيا والغرب، الأنغلو-صهيونية (المحافظون الجدد)، أنا شارلي إبدو، سوريا وإيران، المقاومة الفرنسية، الغرب والجنس، الجيش الروسي، الدين، «فاريا» عن أحداث 11 سبتمبر، وملحق في النهاية.
 
روسيا والإسلام
 
يتناول في القسم الأول من هذا العمل في سلسلة من المقالات علاقة روسيا بالإسلام، وكيفية النظر إلى الإسلام كجزء طبيعي من روسيا أسيء فهمه على مدى سنوات عديدة، وكيفية تشكيله تهديداً في الوقت ذاته قائلاً عن ذلك: «طبيعة العلاقة الحالية بين روسيا والإسلام معقدة للغاية، مع جوانب جيوستراتيجية وتاريخية واقتصادية واجتماعية وسياسية وروحية. يمكنني القول إن العلاقة الديالكتيكية بين روسيا والإسلام تمر حالياً ببعض التغيرات العميقة والديناميكية جداً، والتي تجعل من الممكن توقع مستقبلها بثقة». ويوضح أن المسلمين قبل 500 عام كانوا متسامحين للغاية مع الكنيسة في روسيا، ولم تتشوه صورتهم إلا مع المغول لأنهم جاؤوا كغزاة.
كما يقف عند الحروب في الشيشان وداغستان والأجزاء الأخرى في روسيا، التي تركت تأثيراً كبيراً في الرأي العام، وتم ربط الكثير من الأعمال الإرهابية بالشيشانيين المسلمين، خاصة في الإعلام، ثم يقف عند الدعم الغربي الأمريكي للمجاهدين في أفغانستان، والعلاقة بين الغرب والتنظيمات الإرهابية، كما يتناول بعضاً من الاختلافات في الجانب الديني، إلا أنه يؤكد أنه «على عكس ما يعتقده الكثير من الناس، فإن التعاون بين الإسلام والمسيحية الأرثوذكسية من السهل تحقيقه»، مشيراً إلى أنه على كلا الجانبين أن يتقبل الاختلافات، وعلى كلا الجانبين الإقرار بحدوث بعض الأخطاء في الماضي، والتشديد على أن لكل شخص الحرية في اختيار دينه، ويؤكد أكثر أنه على المسلمين والمسيحيين الاتفاق بشأن العديد من القضايا الحضارية التي تجمعهم، وتعريفهم القيم الثقافية والاجتماعية، بحيث يستطيع الطرفان أن يقللا من احتمال حدوث أي اختلالات مستقبلية، يمكن استغلالها في السياسة أو الإرهاب.
ويقف في هذا القسم عند السياسة الروسية الداخلية، حيث ينقل صورة عن المزاج العام من الداخل الروسي، والذي بدوره يؤثر في السياسات الروسية، مشيراً إلى أن أغلبية الروس سوف يوافقون اليوم على التالي: أولاً، الغرب ليس صديقاً لروسيا، ولم يكن، ولن يكون، والطريقة الوحيدة للتعامل معه هي من موقع القوة. ثانياً، روسيا تحتاج إلى حكومة قوية بقيادة زعيم قوي. ثالثاً، «الليبراليون» الروس (في الاستخدام الحديث للكلمة) هم مجموعة من المثقفين المنحطين الموالين للولايات المتحدة، ويضمرون كرهاً لروسيا. رابعاً، يجب أن تكون روسيا «دولة اجتماعية» والنموذج الرأسمالي «النقي» خاطئ من الناحية الأخلاقية، وفي الأساس لا قاعدة مستدامة له، كما أظهرت الأزمة المالية العالمية. خامساً، النظام الديمقراطي احتيال وخدع يستخدمها الأغنياء لخدمة مصالحهم الخاصة.
ويقول: «السياسيون الروس ليسوا بعميان عما يحدث، وباستثناء بعض «الليبراليين» غير المخلصين، كلهم يفهمون أن ما يحدث الآن هو صدام الحضارات بين ما بعد المسيحية والغرب العلماني وروسيا ما بعد السوفييتية. والحقيقة أن صدام الحضارات هذا ليس إيديولوجياً، بل سياسياً أيضاً وحتى عسكرياً (كمثال، ما يحدث في أوكرانيا ونشر لأنظمة مضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية)، وهو ما يجعل المسائل ملحة أكثر».
الأهداف الروسية في أوكرانيا
في القسم الثاني من عمله، يقف الكاتب عند الواقع الأوكراني الحالي المقسم بين الشرق والغرب، والاختلاف بين الشقين، سواء على مستوى اللغة أو الاقتصاد أو السياسة أو التاريخ أو الثقافة، على خلاف وسط أوكرانيا، وتحديداً كييف التي تجمع المزيج من القسمين، والتي تشهد تنوعاً واختلافاً عن باقي أصقاع أوكرانيا، ويرى أن هذه البلاد تتجه نحو كارثة حقيقية، بغض النظر عمن يحكم، ويقول: «أوكرانيا على الصعيد السياسي أمام كارثة تظهر صورتها ببطء، حيث النخب السياسية فيها تتصارع مع بعضها البعض لجني أرباح وأموال أكثر، والحصول على دعم من الأوليغارشيين المحليين ورعاتهم الغربيين. وعلى الصعيد الاجتماعي، أوكرانيا أشبه ما تكون بقنبلة موقوتة لابد أن تنفجر، عاجلاً أو آجلاً».
يشير الكاتب إلى أن الأهداف الروسية في أوكرانيا واضحة ومباشرة جداً، أولاً، تعتقد روسيا أن أي اتحاد جمركي مع أوكرانيا سوف يكون مفيداً للطرفين. ثانياً، روسيا تأمل أيضاً أنه، مع الوقت، مثل هذا الاتحاد المفيد للطرفين سوف يلعب دوراً في التخفيف من المشاعر المعادية لروسيا (التي أثيرت دائماً من قبل النخب السياسية الأوكرانية)، وذلك بالتالي، يدفع مع الزمن، أوكرانيا إلى أن تصبح عضواً في الاتحاد الأوراسي المستقبلي. ثالثاً، الحكم من خلال التجارب المريرة مع دول أوروبا الوسطى، ودول البلطيق، وجورجيا، حيث تأمل روسيا تحديداً أن تمنع أوكرانيا من أن تصبح المستعمرة التالية للإمبراطورية الأنغلو صهيونية في أوروبا. أخيراً، أغلبية الشعب الروسي تؤمن أن الشعبين الأوكراني والروسي إما شعب واحد أو، على الأقل، «شعبان تجمعها الأخوة»، ولهما تاريخ مشترك، ونداؤهم الطبيعي والمعتاد هو العيش في صداقة وتكاتف مع إخوانهم الأوكرانيين.
روسيا القرن الواحد والعشرين
يتحدث الكاتب في القسم الثالث من عمله عن علاقة روسيا مع الغرب، ويوضح بعض الصور الملتبسة عن روسيا، مشيراً إلى أن روسيا اليوم، هي ليست استمراراً للاتحاد السوفييتي، ولا حتى بشكل أقل، استمراراً لروسيا الأرثوذكسية أيام القياصرة، ويعلق: «لا تصغوا إلى أي واحد يستخدم مثل هذه المرجعيات التاريخية، والتي دائماً ما استخدمت بغرض واحد، وذلك لإخفاء جهل الشخص الذي يحاول استخدامها. إذ إنهم يصنعونها لكليشهات جيدة، ولكن لأجل تحليل سيئ».
ويضيف: «إن روسيا ما بعد 1991 هي أساساً ظاهرة جديدة والتي ظهرت بصعوبة كبيرة، من رماد الاتحاد السوفييتي بعد عقد أو أكثر من الانهيار أو الفوضى المطلقة»، ويوضح أنه «في أعقاب تفكك الاتحاد السوفييتي من قبل النخبة السوفييتية (لم يكن هناك أبداً انهيار الشيوعية) وانقسام الكعكة السوفيتية«إلى»كعكات صغيرة جداً، وجدت روسيا نفسها تحت رحمة قادة قساة فاسدين بالمطلق. عهد يلتسين في الحقيقة يحدد أدنى لحظة في تاريخ الأمة الروسية، ولا حتى الحرب العالمية الثانية راكمت مثل ذلك الدمار والفوضى بحق الشعب الروسي، كما تلك السنوات التسع من «الديمقراطية»، إذ أنه في وقت قصير باتت فيه تلك القوة السوفييتية العظمى «دولة فاشلة» يرثى لحالها. حليفان قريباً جداً لعبا دوراً رئيسياً في هذه العملية، أحدهما في الداخل ما تتم تسميتهم «الأوليغارشيون»، والحليف الثاني في الخارج وهو الولايات المتحدة الأمريكية».
ازدواجية غربية
تحت عنوان فرعي هو «الخيانة العظمى» يطالب الكاتب القراء بتذكر ما حدث في أواخر الثمانينات، وكيف أن الغرب قدم وعوداً لغورباتشوف في حال سحب السوفييت قواتهم المسلحة من أوروبا، فإن حلف شمال الأطلسي لن يتوسع، وكيف أنهم أخبروا الروس بأنهم لو وافقوا على السماح لجمهوريات الاتحاد السوفييتي بالتوجه غرباً، فإنهم سيقدمون دعماً لروسيا على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وهو ما لم يتحقق، ويرى أن الأمر بات من التاريخ الآن، إلا أن الروس استقوا العبر من تلك المرحلة، وباتت حالة عدم الثقة بين الغرب وروسيا عميقة، فما أعقب كل تلك الوعود هو تفكك الاتحاد السوفييتي والفوضى العارمة التي لايزال الشعب الروسي يدفع ثمنها.
كما يتوقف عند الهجوم على يوغسلافيا السابقة حليفة روسيا، وأن قصف الناتو لجيوب في دول يوغسلافيا أرسل رسائل واضحة وبصوت عالٍ للروس بأن الغرب يكرههم. كما يتوقف عند الحرب في الشيشان والموقف الغربي منها، حيث دعم ما حدث وعزز في إعلامه فكرة أن روسيا تحارب المسلمين، وليس «المتمردين»، من دون ذكر التسامح الديني الموجود بين الروس الذين يعيشون في بلد متعدد الإثنيات والثقافات.
يستمر هذا المدون الخفي الذي يكتب تحت اسم «الصقر» في انتقاداته للممارسات الغربية في العالم، وحالة الازدواجية التي لديها في مواقفها، والشعارات البراقة التي تخفي تحتها مشاريع إمبريالية استعمارية، تكون الشعوب ضحيتها. كما يشير الكاتب إلى أن روسيا حققت في السنوات الأخيرة تقدماً هائلاً، حيث استثمرت في تنمية سياساتها متعددة الأبعاد نحو الجنوب والشرق. وعلى المستوى السياسي شكلت شبكة من التحالفات عبر دخولها في منظمات مثل «منظمة شنغهاي للتعاون»، و«منظمة معاهدة الأمن الجماعي»، و«بريكس»، أما على المستوى العسكري فقد وضعت «أقفالاً عسكرية» في البحر الأسود، والقوقاز، وآسيا الوسطى، وطورت قدراتها لإرسال تعزيزات لهذه «الأقفال». ويعلق: «في الحقيقة، خلقت روسيا طوقاً صحياً لتحمي نفسها من عدم الاستقرار في حدودها الجنوبية. وهذا المزيج من الإجراء العسكري والسياسي أعطى لروسيا درجة كبيرة من المرونة في التجاوب لأية أزمة أو تحدٍ».
========================
غريغ غراندين :ظل كيسنجر.. التأثير الطويل لرجل الدولة الأكثر إثارة للجدل في أمريكا
تاريخ النشر: 30/07/2016
 
 
 
 
 
 
تأليف: غريغ غراندين
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
 
لفهم الأزمة المعاصرة في الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بحروبها التي لا تنتهي في الخارج، وكذلك الاستقطاب السياسي في الداخل، فإنه يبدو علينا أن نفهم هنري كيسنجر، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي السابق للولايات المتحدة في أواخر الستينات ووزير خارجيتها من 1973 إلى 1977، بحسب المؤرخ غريغ غراندين، الذي يسلط الضوء في كتابه هذا على كتابات كيسنجر وأفكاره، ويتطرق إلى فترة دراساته العليا في جامعة هارفارد، ونظرته إلى الفلسفة والتاريخ والسياسة. ويحلل تأثير كيسنجر في جيل من السياسيين، الذي أعلنوا سياسة الحروب المفتوحة للولايات المتحدة، من دون اكتراث بالعواقب والضحايا، ويقدم تفسيراً جديداً للتأثير المستمر لهذا الدبلوماسي، ويركز على كيف نظر وينظر إلى دور الولايات المتحدة في العالم خلال 288 صفحة من القطع المتوسط.
بعد دراسة الكتابات الخاصة لكيسنجر، ومجموعة كبيرة من الوثائق التي رفعت عنها السرية حديثاً، يكشف غراندين في عمله هذا كيف أن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون (1969 - 1974) في السياسة الخارجية، ساعد على إحياء نسخة يضفي عليها طابع العسكرة من الاستثنائية الأمريكية محورها الرئاسة الإمبريالية، حتى أنه كان يشرف على الهزيمة الأمريكية في فييتنام، والحرب الكارثية السرية وغير المشروعة في كمبوديا، ورغم ذلك كان كيسنجر يصرّ على أن الحدس لديه هو أكثر أهمية في تحديد السياسة من الحقائق الثابتة، وتعهد بأن أخطاء الماضي يجب ألا تعيق الإقدام على أي عمل جريء في المستقبل حتى أنه توقع، بل ساعد في تمكين صعود المثاليين من المحافظين الجدد الذين أخذوا أمريكا إلى حروب مدمرة في أفغانستان والعراق.
يتناول المؤلف بالتحليل كتابات كيسنجر وأفكاره، ومراحله الحياتية خاصة دراسته الجامعية وفترة الدراسات العليا لديه في جامعة هارفارد، ونظرته في فلسفة التاريخ، وفن الحكم وإحساسه بدور الأخلاق في السياسة. ثم يحلل قرارات كيسنجر في وقت لاحق في المجالات السياسية وصنع القرار من خلال هذه العدسة. ويعتقد أن المنشورات الأكاديمية الأولى لكيسنجر توفر معلومات مهمة حول تطور الفكري الكيسنجري.
ويحتوي الكتاب على عشرة فصول بعد تمهيد بعنوان «عن عدم رؤية الوحش»، ومقدمة بعنوان «التكهن بسجل وفيات»، وهي «ضربة كونية»، «الغايات والوسائل»، «ابتسم كيسنجر»، «نمط نيسكون»، «في مواجهة كيسنجر»، «عكس الوحدة»، «السرية ومشهد مسرحي»، «ما لا يمكن تصوّره»، «السبب والأثر»، «نحو الخليج»، «ظلام في الضوء»، والخاتمة جاءت بعنوان «كيسنجرية من دون كيسنجر»، بالإضافة إلى ملاحظات وهوامش في النهاية.
 
حروب مفتوحة
 
لا يركز هذا الكتاب في مجمل الفصول التي ذكرناها على شخصية كيسنجر ذاتها، بل بالأحرى على الدور الكبير الذي كان لديه في خلق العالم الذي نعيش فيه اليوم بالشكل الراهن، والذي بات يقبل حرباً لا نهاية لها بطبيعة الحال.
ويشير الكاتب إلى أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وبداية الحرب الباردة، كان هناك العديد من نسخ الدولة الأمنية الوطنية، أي مؤسسة حربية شبه سرية وصفها مؤخراً المنظر السياسي مايكل غلينون بأنها «حكومة مضاعفة». إلا أن اللحظة التحويلية في تطور تلك الدولة حدثت في أواخر الستينات وأوائل السبعينات، عندما عجّلت سياسات هنري كيسنجر، خاصة حرب السنوات الأربع في كمبوديا، تفككها، وأضعفت الأسس التقليدية - تخطيط النخبة، إجماع الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والدعم العام - التي استندت إليها. ومع ذلك حتى حينما كان تفكك دولة الأمن القومي القديم يسير على قدم وساق، كان هنري كيسنجر يساعد على إعادة هيكلتها في شكل جديد، رئاسة إمبريالية مستعادة قادرة على التحرك نحو عالم ما بعد فييتنام. (قائمة على مشاهد عنف مذهلة أكثر، وسرية مكثفة أكثر، واستخدام متزايد للحرب والعسكرة لدعم المعارضة المحلية والاستقطاب لتحقيق الفائدة السياسية).
ويقول: «إن الحرب الأمريكية الفاشلة في جنوبي شرقي آسيا دمّرت قدرة العامة على تجاهل عواقب أفعال واشنطن في العالم». أزيحت الستارة إلى الخلف، وبدا أن علاقة السبب والأثر كانت تظهر إلى المشهد، في تغطية من قبل سيمور هيرش وصحفيين استقصائيين آخرين عن جرائم الحرب الأمريكية، وكذلك في منح دراسية لجيل من المؤرخين الشكاكين الجدد، وفي عمل مخرجي الأفلام الوثائقية إيميل دي أنطونيو «في سنة الخنزير» وفيلم «القلوب والعقول» للمخرج بيتر دافيس، وبين مؤمنين حقيقيين سابقين مرتدين، مثل دانيال إيلزبيرغ، وفي المنطق الشرعي للمثقفين المعارضين مثل نعوم تشومسكي. الأسوأ، هو أن الإحساس بأن الولايات المتحدة كانت مصدر الكثير من السوء كما الخير في العالم، بدأ يتسرّب إلى الثقافة الشعبية، والروايات، والأفلام، والكتب الكوميدية».
 
واقعية كيسنجر
 
لا تبدو صــورة هنري كيسنجــر في الكتاب جذابة، إذ نقرأ عنه صفات الغطرسة والأنا والغرور، خاصة أن الكاتب يتطرق إلى أغلب الذين كتبوا عن كيسنجر وحياته ومواقفه ودور السياسي مثل سيمور هيرش، كريستوفر هيتشنز، والتر إيزاكسون، ومؤخراً، غاري باس.. «وعلى الرغم من المحاولات العديدة من بعض الكتّاب لتغيير هذه الصورة، إلا أن الأدلة ضد كيسنجر قوية، ولم يحاول أن يقف ضدها، إذ إن الأمر عبء لا يمكن تحمّله» كما علق أحد النقاد في صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
يتحدى غراندين في عمله هذا الحكمة التقليدية التي تصنف كيسنجر بأنه ينبغي أن يكون «واقعياً»، أي كرجل دولة يسير وفق حساب واقعي للمصلحة الوطنية العليا ومعايرة موازين القوى. بدلاً من ذلك، يرى غراندين أنه يمكن فهم كيسنجر على نحو أفضل على أنه «وجودي» اعتقد أنه في عالم خال من حقيقة موضوعية أو أنماط تاريخية لا مفر منها، يميز رجال الدولة العظماء أنفسهم من خلال العفوية والإجراءات الحازمة المتجذرة في الحدس بدلاً من التفكير العقلاني. «فلسفة العمل» لدى كيسنجر كما يراها غراندين، عاملت «الواقعيّة» ليس كعائق بل كشيء يتم إنشاؤه من قبل أفراد شجعان بما فيه الكفاية للتغلب على الجمود، وكسر أغلال البيروقراطية الطائشة، والمعارضة السياسية والمفاهيم القانونية مثل حرمة السيادة الوطنية.
ويهاجم المؤلف من خلال هذا الوصف كيسنجر وينتقد قراراته في كمبوديا وتشيلي وغيرها كتعبير عن وجهة نظر عالمية مشوهة تجاهلت عمداً العواقب الإنسانية. ويوجّه غراندين الاتهام إلى كيسنجر أبعد من ذلك، إذ يعتبر أن فلسفته وضعت أنماطاً معينة اعتنقها واضعو السياسات اللاحقة، خاصة على صعيد تنظيم تدخلات مريبة في دول عديدة في العقود التالية. وبهذه الطريقة، يجد الكاتب أن كيسنجر، الذي لم يشغل أي منصب حكومي كبير خلال ما يقرب من أربعة عقود، له دور مركزي في السياسة الأمريكية، بدءاً من فضيحة إيران كونترا في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم، إلى الحرب الأخيرة في العراق وحملة الرئيس أوباما في إطلاق الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى القبول الضمني بين القادة الأمريكيين لـ «حرب لا نهاية لها كأمر مفروغ منه».
كما يتطرق غراندين أيضاً بعض الشيء للحديث عن الساحات التي استعرض فيها كيسنجر ميوله الواقعية الأكثر وضوحاً وهي: خلال العلاقات الأمريكية -السوفييتية والعلاقات الصينية -الأمريكية. ويشير إلى أن كيسنجر بذل جهوداً لتخفيف حدة التوتر مع الاتحاد السوفييتي وفتح العلاقات مع الصين، إلا أن الأمر كان يعكس الرغبة في تحقيق مبادرات أكبر جاءت على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 
كيسنجرية من دون كيسنجر
 
ويشير الكاتب في الفصل الأخير بعنوان «كيسنجرية من دون كيسنجر» إلى كتابه الصادر أخيراً بعنوان «النظام العالمي»، حيث يناقش بعض النقاط الواردة فيه، وخاصة فيما يتعلق بمعنى التاريخ، حيث يجد كيسنجر أن التاريخ يجب أن يتم اكتشافه، وليس إعلانه، مشيراً إلى أنها مسألة ينبغي علينا أن نحاول الإجابة عنها، بكل جهودنا في اعتراف بأنها ستبقى مفتوحة للنقاش.
ويشير غراندين إلى أن كيسنجر يجد أنه «من الضروري التعلم من الماضي كطريقة لتصور المستقبل: ربما بعض المزج لمعاهدة وستفاليا للسلام في 1648 ومؤتمر فيينا 1815، سيكون نموذجاً انصهارياً جيداً لاحتواء الإسلام وتوازن القوى بين الحلفاء المتنافسين».
ويقول «منذ أن ترك كيسنجر منصبه كوزير خارجية في 1977، وسمعته تشهد تقلبات. فقد كانت أوائل التسعينات سنوات جيدة له، حيث احتضنه الديمقراطي بيل كلينتون. صحيح أنه كانت هناك اختلافات لدى الرجلين بشأن السياسة العسكرية، لكنهما اتفقا على الاقتصاد، خاصة الحاجة إلى التقدم عبر اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، والتي ساعدت كيسنجر، بشكل غير رسمي، على التفاوض فيها».
ويشير المؤلف إلى ما كتبه الاقتصادي جيف فوكس عنه قائلاً: «رجل الدولة السابق كان المعلّم المثالي لرئيس ديمقراطي جديد يحاول أن يقنع الجمهوريين وحلفاءهم التجاريين بحيث يعتمدون عليه لتأييد رؤية ريغان».
ويعلق هنا الكاتب: «لكن بعد ذلك بعقد، مع موت بول بوت واعتقال بينوشيه في لندن آثار الأشباح القديمة، ليتم التذكير بأفعال كيسنجر في كمبوديا وتشيلي. وبعد ذلك بوقت قصير، نشر كريستوفر هيتشنز كتاباً حقق أعلى المبيعات يتهم فيه كيسنجر بارتكاب أعمال إجرامية، إلى درجة المطالبة بمحاكمته كمجرم حرب».
وبعد التفجيرات الإرهابية التي ضربت برجي التجارة في نيويورك، أصبح كيسنجر مقرباً من بوش الابن، حتى أن بوش وضعه كرئيس التحقيق الرسمي في الهجمات، إلا أنه لقي اعتراضات بسبب تعاملاته التجارية السابقة. ويقول الكاتب في خاتمة الكتاب أنه ما من مستشار أمن قومي سابق أو وزير خارجية فرض سيطرته بهذا الشكل، بعد مغادرة المنصب، كما فعل كيسنجر.
كما يعود الكاتب ليذكّر أن بوش الأب عين العديد من حلفاء كيسنجر المقربين في مناصب السياسة الخارجية، وكيسنجر نفسه، عبر زملائه، أصبح صاحب نفوذ عالمي. ففي سنوات الثمانينات والتسعينات، تصرف كمبعوث في الظل للصين، وبدأ التنسيق مع الرئيس المكسيكي ليصلا إلى ما أصبح منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «نافتا».
كما قدم استشارات لحكومات أمريكا اللاتينية حول أفضل طريقة لخصخصة صناعاتهم.
ويذكر الكاتب أيضاً جملة من الانتقادات التي توجهت لكيسنجر، حيث كان يستخدم العقود بشكل خاص، في الوقت الذي كانت حكومية رسمية، وآخرون أشاروا إلى أن عمله الاستشاري هو صراع المصلحة، وأوضحوا أن زملاءه قد استفادوا من نتائج ساسة كيسنجر الخارجية حينما كان في منصبه وغيرها.
ويقول الكاتب عن كيسنجر الذي تجاوز العقد التاسع من عمره «إن كيسنجر يحرض على حرب مفتوحة لا نهاية لها اليوم، ليبرر ما فعله في كمبوديا وتشيلي و(أماكن أخرى) قبل ما يقارب نصف قرن من الزمن. إلا أن ما فعله قبل ما يقارب نصف قرن خلق الظروف الراهنة لحروب اليوم التي لا نجد نهاية لها».
 
نبذة عن المؤلف
 
الدكتور غريغ غراندين مؤلف لعدد من الكتب الحائزة جوائز مرموقة، من بينها «إمبراطورية الضرورة: العبودية، الحرية، والخداع في العالم الجديد»، والذي فاز بجائزة بانكروفت في التاريخ الأمريكي، وكان على قائمة الكتب المرشحة لنيل جائزة صمويل جونسون في المملكة المتحدة. وله أيضاً كتاب فوردلانديا: صعود وسقوط مدينة الغابة المنسية لهنري فورد (2009)، وصل إلى القائمة النهائية لجائزة بوليتزر في التاريخ، بالإضافة إلى جائزة الكتاب الوطني وجائزة دائرة نقّاد الكتاب الوطني، واختارته العديد من الصحف الأمريكية كأفضل كتاب في التاريخ سنة إصداره.
غراندين أيضاً مؤلف «ورشة عمل الإمبراطورية: أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة، وصعود الإمبراطورية الجديدة» (2005)، ومن كتبه أيضاً: «مجزرة المستعمرة الأخيرة: أمريكا اللاتينية خلال الحرب الباردة» (2004)، و«دم غواتيمالا: تاريخ العرق والأمة» (2000)، الذي فاز بجائزة مرموقة على مستوى أمريكا اللاتينية. يعمل حالياً أستاذ التاريخ في جامعة نيويورك، وعضو في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، ويكتب عن سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وأمريكا اللاتينية، والإبادة الجماعية، وحقوق الإنسان. وينشر في أبرز الصحف الأمريكية والبريطانية. كما عمل غراندين أيضاً كمستشار لجنة لتقصي الحقائق للأمم المتحدة في غواتيمالا.
========================
فيل كيلي :الجيوسياسية الكلاسيكية ... «نموذج تحليلي جديد»
تاريخ النشر: 23/07/2016
استمع
 
تأليف: فيل كيلي /ترجمة وإعداد:نضال إبراهيم
الجيوسياسية علم يدرس كيفية تأثر مخططات السلطة الأيديولوجية والثقافية والاقتصادية، أو العسكرية بالمشهد الجغرافي والسياسي الذي تعمل فيه، ورغم أهمية هذا العلم في العالم الحقيقي من الجغرافيا السياسية، إلا أن النظرة إليه لا تزال قديمة. كما يحدث خلط كبير بين هذا العلم وعلم الجغرافيا السياسية. يحاول الكاتب فيل كيلي بناء نموذج نظري مشترك في عمله هذا، حيث يدمج مجموعة من المتغيرات التي تعكس تعقيد مرحلة جيوسياسية حديثة، ثم يحلل 13 حدثاً تاريخياً محورياً، لكنه يتفاوت على نطاق واسع، حيث يمتد من الحرب البيلوبونيسية في القرن الرابع قبل الميلاد إلى الحرب العالمية الثانية، ومن سقوط الإمبراطوريتين البريطانية والسوفييتية إلى الدبلوماسية المعاصرة لأمريكا الجنوبية. ومن خلال هذا التحليل، يختبر كيلي فعالية نموذجه كأداة تحليلية جيوسياسية شاملة يمكن استخدامها عبر مجموعة واسعة من السياقات والأحداث الجيوسياسية.
 
يعرّف الكاتب الجيوسياسية الكلاسيكية بأنها دراسة تأثير ونفوذ الملامح الجغرافية من مواقع المناطق والدول والمصادر، إضافة إلى تأثير الطبوغرافيا والمناخ والمساحة، والهجرة وأحجام الدول وأشكالها، والديموغرافيا وما شابه ذلك، على سياسات الدول الخارجية وأفعالها كعامل مساعد للكفاءة والقدرة السياسية.
 
ورغم استخدام مصطلح «الجيوسياسية» في الصحافة، وبين الفينة والأخرى في الكتابات الأكاديمية، إلا أنه بقي غير واضح في تعريفه، وأسيئ استخدامه في تطبيقه، بشكل جزئي، وذلك بسبب ارتباطاته في الماضي مع الأيدلوجيات والنظريات سيئة السمعة دون أن يكون لها أية مصداقية، إلا أنه شهد في الآونة الأخيرة، وضوحاً، رغم أنه جاء بشكل كبير في الإعلام، حيث يرتبط الوصف مع الاضطرابات الدولية التي تلحق الضرر بالهدوء الدولي وأرباح أسواق الأسهم.
 
ويحاول مؤلف الكتاب أن يقنع القارئ بأن الجيوسياسية ينبغي أن تلقى احتراماً أكثر ضمن عالم السياسة ونظرية العلاقات الدولية.
 
يصف كيلي في الفصلين الأول والثاني من الكتاب النماذج والنظريات والتقاليد الجيوسياسية، ويناقض الفصل الثالث المنظور الجيوسياسي مع تحريفات عدة ضمن جيوسياسية الماضي، ويقدم افتراضات جيوسياسية محددة مقترحة في الفصل الرابع، إذ يعتقد أنها ينبغي أن تشكل نموذجاً جيوسياسياً، ويحمل الفصل الخامس والسادس أهمية أكثر لحقل العلاقات الدولية، لأنه يتم تقديم واختبار نظريات كلاسيكية عدة تلائم التعريف الجيوسياسي في هذه الأقسام، من خلال التطبيق لأجل قيمتها التفسيرية إلى السيناريوهات التاريخية المختارة. ويحتوي الفصل الأخير نداء لأجل توسيع الموقف المبدئي لهذا الكتاب، حيث يشير إلى اقتراحات عدة، لأجل استمرار الإسهامات في الجيوسياسية الكلاسيكية.
ويبني المؤلف هذا الكتاب وفقاً لثلاثة أهداف هي: 1- الغرض: بناء نموذج جيوسياسي كلاسيكي. 2- الهدف: مع مثل هذا البناء يحاول إظهار فائدة وشرعية الجيوسياسية الكلاسيكية كنموذج مهم في العلاقات الدولية. 3- النهج: الطرق الثلاث في الأسفل سوف تظهر فائدة الجيوسياسية. الكلاسيكية:
سوف تحدد الطريقة الأولى تعريفاً معيارياً للنسخة التقليدية، وهي ليست بالمهمة الصعبة جداً، لأنها تظهر أن أكثر التصاوير الكلاسيكية تميل عن قرب إلى مثيلاتها، وتأكيداتهم تقوم على التحديد الجغرافي للدول التي تؤثر في سلوكيات شؤونها الدولية.
وستكون الطريقة الثانية لتحديد النظريات المرتبطة بها التي من شأنها أن تدخل النموذج الجيوسياسي، وهو نموذج يعد فقط وعاء للنظريات التي تناسب تعريف «الجيوسياسية». وقد حدد المؤلف أكثر من 60 تعميماً يرتبط بأبعاد الجيوسياسية الجغرافية-الموضعية، توصف كلها، ويتم تطبيق بعضها في هذا العمل.
الطريقة الثالثة، وبصعوبة أكثر من الطريقتين الأولى والثانية، أي سلسلة من النظريات التي ترفق نفسها مع نموذج محدد، ينبغي أن تكون نافعة في تسليط الرؤى الجيدة على الأحداث والأفعال والشؤون الأجنبية. وفي فصل لاحق، يقترح الكاتب أربعة نماذج لتطبيق مثل هذه النظرية، تكون متبوعة بتشكيلة من دراسات الحالة التاريخية والمعاصرة، حيث تختبر أماكن لأجل النظريات المتراكمة، على أمل أن هذه الحالات سوف تؤيد هدف الكاتب في توضيح منفعة الجيوسياسية كنموذج عملي ومقبول لعلاقات دولية.
 
تداخل وتشابه
 
يوضح الكاتب الفروق والتداخلات بين الجيوسياسية والجغرافيا السياسية التي يشير إلى أنها محلية وداخلية النطاق، وهي تشدد على تأثير الملامح الجغرافية المتشابهة، لكن على السياسات والسلوكيات، تقريباً، ضمن الحدود السياسية المحلية للدول. ويوضح أن هناك قضايا عدة ضمن هذين الاتجاهين المتناقضين يتشابكان مثل الهجرة والتلوث والعنف، والأعمال التجارية، والنقل، لكنه يجد أنه لا يجب أن تلغي هذه القضايا المتشابكة الفوارق العامة. معلقاً: «إذاً المسألة متعلقة مع الجيوسياسية وليست الجغرافيا السياسية، الدولي وليس المحلي».
 
ويقول: «الجغرافيا السياسية تتضمن التأثير البيئي المباشر على الإنسان، وتنعكس بعض هذه العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسلوكية من خلال المحيط الحكومي والسياسي. على سبيل المثال، تؤثر السياسات المحلية في التصويت، والدخل والجريمة، والطبقة، والمرض، وما شابه ضمن السياق المكاني إضافة إلى الحلول المؤسساتية لأجل المشكلات الخضراء ضمن المكان أو تأثير تحديد المساحة والموارد ضمن الظرف الإنساني. وعلى النقيض، يتموضع تركيز الجيوسياسية في تفاعلات الدول على المسرحين الاستراتيجي والإقليمي. وعوالم الحرب والسلم، وتشكيل التحالفات وتوازنات القوى، والأمن القومي، والحكومة العالمية والإقليمية كلها تناسب هذا المستوى الأكثر اتساعاً».
والتصنيف الكلاسيكي الذي يثيره الكاتب هنا هو لفصل الجيوسياسية التقليدية عن الجيوسياسية الخطرة «ما بعد الحداثة، ويختلف الثاني عن الأول على نطاق واسع تماماً، حيث يؤكد التقليدي تجميع وتطبيق النظرية التفسيرية والموضوعية، أما الخطرة فتركز على إعادة بناء الاستغلال المزعوم، وتلوم الجيوسياسية نفسها على المساعدة في الاستغلال، مع تجاهل للنظرية بشكل كبير».
والكاتب نفسه كعالم سياسي يفضل أن تكون الجيوسياسية على شكل حرفة لقادة الدول، وعملية لأجل التطبيق النظري. حتى إنه في تصميمه هذا العمل الذي يغلب عليه الطابع الأكاديمي من حيث الاصطلاحات، وطريقة العمل نفسها، لا يهتم بعملية اتخاذ القرار في الشؤون الخارجية، إذ يحاول أن يتخلص من انحيازات القادة كدوافع لأعمالهم، وبدلاً من ذلك يشير إلى سلوكيات الدول وحدها كلاعبين معنيين ضمن البيئات المتناقضة للمشهد الدولي.
ويقول: «رغم اختلافهما، عانت الجغرافيا السياسية والجيوسياسية من عيوب متشابهة في الماضي، على التوالي، وهي مشكلة لحتمية الجغرافية ومشكلة الفاشية لأتباع الجيوسياسية. وهذه المشكلات، للأسف، كانت مرتبطة في هذه المجالات مع العنصرية، ولم تتخلص أي من فروع العلوم الاجتماعية بشكل كامل من موروثها المريب، وهو عيب يضعف الاثنين». والكاتب هنا في حديثه عن التشابه والاختلاف بين الجيوسياسية والجغرافيا السياسية يفضل أن يسمي نفسه عالماً سياسياً مهتماً بالجيوسياسية، ولا يجد في الوقت ذاته أن تسمية «الجغرافي السياسي» مهينة.
 
جيوسياسية الولايات المتحدة
 
يتحدث الكاتب عن مناطق عدة في العالم، ونختار ما يتوقف عنده فيما يتعلق بالولايات المتحدة، حيث يشير إلى أن هناك مواضيع عدة ستعطي بعض التفاصيل عن جيوسياسية أمريكا الشمالية، قائلاً: «فوائد أمريكا الشمالية ضمن إطارها الجغرافي: كل العوامل المطلوبة لأجل مجتمع تكنولوجي - صناعي متقدم يأتي بوفرة معاً في أمريكا الشمالية، حيث الثروة المعدنية الضرورية (خاصة النفط والحديد والفحم)، إضافة إلى تربة خصبة وتساقط الأمطار ومناخ يدعم نمو المواد الغذائية، ويضاف إليها طبوغرافية فيها الأنهار والبحيرات، لأجل نقل البوارج الرخيصة، والافتقاد إلى الصحارى وسلاسل الجبال الوعرة ربما أبطأ الاستعمار الغربي. والقصد من هذا المزيج من العوامل الجغرافية، في وقت قصير جداً، ستكون الولايات المتحدة الأمريكية قادرة على نشر سيادتها، دون عوائق تقريباً، على مساحة هائلة تقريباً من الثروة الطبيعية التي تمتد إلى المحيط الهادئ وما بعده». ويضيف: «لا عجب أن قوة عالمية مستقبلية سوف تظهر من هذا الموقع الغني، ربما يعد أكبر مزيج من عوامل الثروة هذه في الكرة الأرضية كلها. هذه الثروة لم يتعرف إليها الإنجليز خلال سنوات استعمارهم أمريكا الشمالية».
 
ويشير إلى أن «الاستثمارات المهمة من أوروبا، وفيما بعد من آسيا جاءت إلى أمريكا الشمالية بسبب العوامل المذكورة أعلاه من الموارد الزراعية والمعدنية، والممرات المائية للنقل، والعزلة عن الحروب الأوروبية والخصوم والأعداء الأمريكيين المباشرين، وأسواق المستهلكين والعمالة جلبت من خلال الهجرة هذه الفوائد، وأسهمت في فرض استقرار سياسي، من شأنه أن يقاوم الحروب الأجنبية والتشابكات الدبلوماسية والتصنيع المتقدم والتجارة الدولية غير المقيدة بمثل هذه العوائق كحدود محصنة، والجيوش المحلية المتمردة، والغزوات من أوراسيا وغيرها من العوامل التي تبعث على عدم الاستقرار».
ويضيف: «باختصار، استفادت الولايات المتحدة من موقعها، حيث سهل عليها فيما بعد أن تصبح دولة قيادية حديثة في عالم السياسة والاقتصاد، ومواقع العديد من مناطق العالم الأخرى لا يمكن مقارنتها بموقع الولايات المتحدة في أمريكا الشمالية».
 
نهج جديد
 
في الفصل الأخير من الكتاب يسعى الكاتب إلى تقديم النموذج الكلاسيكي الأكثر وضوحاً للجيوسياسية، ويقدم مجموعة من الخطوط العريضة أشبه ما تكون بنداء تحرك للمساعدة في تحقيق الهدف الذي اشتغل عليه في هذا العمل وهي باختصار: تشريع دراسة الجيوسياسية، لتأكيد الجيوسياسية الكلاسيكية الخطرة على ما بعد الحداثية، وفصل الجيوسياسية عن نموذج الواقعية، وتوضيح تعريف مناسب للجيوسياسية والموافقة عليه، إذ تحتاج إلى جهد وإجماع أكاديمي حيال ذلك، والاتفاق على الأجزاء الأساسية لنموذج الجيوسياسية، وهي الافتراضات والمبادئ والنظريات التي تتطابق مع تعريف الجيوسياسية، وجمع النظريات والمبادئ الجيوسياسية الكلاسيكية وصقلها، وجمع التطبيقات ضمن النموذج الجيوسياسي وصقلها، وتنظيم مجموعة دعم مؤلفة من المتحمسين للجيوسياسية الكلاسيكية من أجل السير نحو تطلعات أكثر. ويختم الكتاب بملحق تعريفي بمبادئ جيوسياسية كلاسيكية، تسهل على القارئ الدخول بشكل أسلس في هذه النظرية وتطبيقاتها.
 
نبذة عن المؤلف
أستاذ جامعي يحاضر في مساقات العلوم السياسية ضمن العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، والقانون الدستوري، وطرق البحث، وحكومات أمريكا اللاتينية. التحق محاضراً بجامعة إمبوريا في الولايات المتحدة عام 1980. يهتم بالدراسة والبحث في مجالات الديمقراطية والجيوسياسية في أمريكا اللاتينية، ونشر في هذا الصدد كتابين عن الجيوسياسية السياسية لأمريكا الجنوبية (مطبعة جامعة تكساس، 1997)، والآخر بعنوان «الجوسياسية لبلدان المخروط الجنوبي والقارة القطبية الجنوبية» (مع جاك جالد، 1988)، إلى جانب كتاب عن الديمقراطية بعنوان «تقييم الديمقراطية في أمريكا اللاتينية: تحية لرسل إتش فيتزجيبون (1998)، فضلاً عن مجموعة متنوعة من الأبحاث والمقالات.
وفي عام 2006 نشر مقالاً في مجلة بريطانية متخصصة في الجيوسياسية بعنوان «الجيوسياسية الخطرة».
شغل منصب أمين صندوق جمعية «ميدويست» لدراسات أمريكا اللاتينية من عام 1990 حتى عام 2004، وأشرف على مسح فيتزجيبون جونسون عن الديمقراطية في أمريكا اللاتينية من عام 1991 حتى عام 2008. وفي 1989-1990، حاضر في الجامعات الكاثوليكية والوطنية في أسونسيون (باراغواي).

وفي الآونة الأخيرة، سافر إلى اليونان وإيطاليا على فترات متعددة، لإجراء دراسات وأبحاث وتقديم محاضرات عن الجيوسياسية للحرب البيلوبونيسية.
========================
"اعتداء ساراييفو" كتاب جورج بيريك المفقود
المصدر: "النهار"
14 آب 2016 | 11:38
"اعتداء ساراييفو" جديد جورج بيريك الكاتب الفرنسي الراحل منذ أعوام عدة. تابعت مجلة "لو ماغازين ليتيرير" الأدبية خبر هذا الصدور المتأخر الذي يخصّ رواية الكاتب الثانية التي عرفت مصيراً على اضطراب، ذلك ان منشورات "لو سوي" رفضتها بداية، ثم تاهت لاحقاً، قبل أن يُعثر عليها في مرحلة تالية. الرواية إذا نصّ غير منشور بالمعنى التام وهو يقدّم في مضمونه سرداً لحبّ يافع يتطوّر تدريجاً ويسلك دروباً متشعبة في بيئة يوغوسلافية. "الكتاب المنسي" لم يعد كذلك وها إنه يجري الإحتفاء به ليترافق ذلك مع مرور تسعين عاماً على ولادة صاحبه.
في تلك الحقبة، إي في زمن صدور الرواية كان بيريك قدّ سجل في رصيده عنوانا أول هو "الهائمون" الذي لا يزال ضائعاً إلى اليوم. آنذاك أي في 1957 بيريك هو شاب شغوف بنصوص فلوبير وستاندال وهو ينصرف إلى إنجاز روايته في ظلّ شيء من الإستعجال ذلك انه يستعد إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية.
"اعتداء ساراييفو" (الصادرة اليوم لدى "لو سوي") وفق ما تضيف "لو ماغازين ليتيرير" يرتقي إلى النصوص الكلاسيكية ويتمحور على راوٍ يتيّم بميلا عشيقة برانكو "القبيح" والذي "يظن انه رائع". وفي حين لم يلتقِ الراوي بميلا ولم يرَ سوى صورة فوتوغرافية لها، يصمّم على المجيء إلى بلغراد بغية الفوز بحبها.
يتقدّم النص في وسط أسلوب بارد إلى حدّ ما ويستسلم في أحيان كثيرة إلى الحسّ التهكمي حيث لا يتردّد بيريك في اللوذ بالتهكم الذاتي الساخر الذي يدفع بنا إلى تذكّر ستاندال، على نحو عفوي. لا يلبث بيريك أن يمرّر في وسط روايته فكرة لافتة قوامها رغبة الراوي الظاهرية بنيل حبّ ميلا في حين أن المحوري بالنسبة له، وإن على نحو ضمني، هو قتل الصورة الأبوية التي يمثّلها برانكو.
"اعتداء سارييفو" نسق من الروايات النفسانية وهذه أرض لن يدوسها بيريك بعدذاك في نصوصه اللاحقة.
=======================