الرئيسة \  كتب  \  عرض الكتب العربية والعالمية لشهر تشرين الأول

عرض الكتب العربية والعالمية لشهر تشرين الأول

18.10.2016
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
16-10-2016
الكتب العربية :
  • رحيم حلو محمد البهادلي :كتاب الوفود القادمة الى دار الخلافة حتى نهاية العصر الأموي
  • جمال العطار :" كيف تهزم السكر؟ " فى طبعة سادسة
  • عرض كتاب "دور المرأة المسلمة في التنمية: دراسة عبر المسار التاريخي" للدكتورة رقية طه علواني
  • عبد النور بيدار :النسّاجون.. معاً من أجل إصلاح العالم الممزّق
  • د. عبدالله العروي :111 سؤالاً وجواباً حول «الوطنية والمواطنة»المصدر:
  • كتاب جماعي عن المشروع النقدي لإدوارد سعيد
  • رجال القاعدة في إيران.. الملاذ الآمن والتحالف المشبوه
  • «مصر فى قلب المعركة» كتاب لـ«النبوى» يؤرخ لحرب أكتوبر من وثائق دار الكتب
  • كتاب "الحرب على الأمة السورية: أسرار وحقائق 2011 -2015" للكاتب عمر العرودي
  • "ديمقراطية أمريكا وحقوق الإنسان" لـ"مصطفى سامي" 
  • قراءة في كتاب «التقشف... تاريخ فكرة خطرة».. يكتب بدر الديحاني
  • مختار شعيب :خريف الإرهاب..صراعات تقوض استقرار الدولالمصدر:
  • عبدالرزاق مكادي :«بريكست».. هل انتصر «الشعبويون»؟
  • جمال شحيّد :المدينة والثقافة.. دمشق أنموذجا
  • ًالمصدر:
  • محمد عثمان الخشت :"أخلاق التقدم"..كتاب يناقش لماذا تقدمت دول لا تأخذ بالدين وتخلفت أخرى تنسب نفسها إليه؟
  • كتاب..طبيب عبد الناصر يحكى فى مذكراته عن مرضه ولحظاته الأخيرة
  • عبد الهادي حائر :صدور كتاب «تاريخ الحركات.. الأنشطة الماسونية السرية، في الدول الإسلامية»
  • هيثم نافل والي :رواية  «طاعون الشرق»
  • علم الوعي الكوني… كتاب عن المعرفة وتطوير الذات لحسان نجار
  • أضواء على كتاب «فلسفة بيولوجية الجسد» لماهر الصراف
  • عبد الرزاق مكادي :كتاب يوثق لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي
  • رضوان قيصر :"أبو الكلام آزاد وتَشكّل الأمّة الهندية" إصدار جديد عن مؤسّسة الفكر العربى
  • كريمة بلخامسة :«استراتيجية التلقي»..حيرة الكاتب الجزائريالمصدر:
  • أحمد حامد البيتاوي :العملاء والجواسيس الفلسطينيون.. عين إسرائيل الثالثة
  • أشرف ريفي يكشف: المخابرات السورية حاولت إقناع الزرقاوي بتبنّي اغتيال الحريري
  • "مسلمون ضد الإسلام" كتاب جديد لمحمد الدويك
  • ماهر حجازي :كتاب جديد يتناول قضية الأسرى من الألف إلى الياء
  • شريف مصباح محمود :«المعرفة والألوهية عند أفلاطون وأرسطو».. في كتاب جديد بالقاهرة
  • كتاب - "لا وطن للعصافير" لشكيب خوري تغريدات جريح على أوراق شجرة الدلب حكاية تصوّر مأساة الإنسان في متحف خيالي تسكنه قوى الشر
 
كتب عالمية :
  • ارنست فولف :قراءة في كتاب: صندوق النقد الدولي قوة عظمى
  • زيجمونت باومان :صدور كتاب "الأزمنة السائلة" عن الشبكة العربية للأبحاث 
  • براين ترايسي، :كتاب «خارطة النجاح» يتناول تصور الإنسان للنجاح وكيفية تحقيقه من ناحية عملية
  • هيوارد كارتر وآرثر ميس :كتاب يكشف أسرارا جديدة عن مقبرة توت عنخ آمون
  • شيمون بريز :كتاب "الشرق الأوسط الجديد" لشيمون بيريز: العرب خليط لا يربطهم رابط
  • «خليفة الله» كتاب جديد لـ«باتريشيا كورن» و«مارتين هندز»
  • رايتشوستر :كتاب: "حرب بوتين الخفية. كيف يزعزع بوتين استقرار الغرب"
  • بول كوليير :كتاب «الهجرة كيف تؤثر في عالمنا؟».. وجبة ثمنها عسر الهضم
  • كتاب عن حروب أميركا لأيوجين جاريكي
  • رواية "الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز للروايات الأكثر مبيعًا
  • صدور ترجمة كتاب «بناء ثقافة الأمل» من تأليف روبرت د.بار وإيميلي جيبسون
  • توماس هايلاند أريكسن : الهجرة والكوارث البيئية في سياق التغير العالمي السريع
  • جيديون راتشمان :هل بدأ القرن الآسيوي؟
  • جاكوب روغوزنسكي :كرهوني بلا سبب..سلوك قديم أسّس للعنف
  • جورج ادواردز :استقراء نجاح الرئاسة «الأميركية» أو فشلها
  • دان ليونس :فريسة التشوّش..التكنولوجيا الرقمية وإفرازاتها
  • آني وموريس سارتر :تدمر.. الحقائق والأساطير
  • إيدوي بلينال :مواجهة «الإسلاموفوبيا» في فرنسا
  • وانغ هوي :تحولات السياسة والثورة في الصين خلال القرن العشرين
  • برتراند بادي ودومينيك فيدال وآخرون :حروب القرن الحادي والعشرين
  • جوشوا بارتلو :حامد كرزاي.. رئيس وطني أم سياسي أناني؟
  • هيلاري كلينتون وتيم كين :«أقوى معاً».. دعوة للثقة في هيلاري
  • اليثيا كويسادو مورياس :كتاب "رسائل ضد النسيان"... بين إسبانيا والجمهورية الصحراوية
  • صدور كتاب عن الهجرة وتأثيراتها في المجتمع الانساني لبول كوليير
  • نيكولاس كار  :«المياه الضحلة».. كتاب يشرح تأثير الإنترنت على العقول
  • نورما هاشم :"الحُلم في الحرية": كتاب لناشطة ماليزية تروي معاناة الأطفال الفلسطينيين بسجون الاحتلال
  • تعرف على أكثر 5 كتب أجنية حققت الأعلى مبيعا على موقع "أمازون"
  • ميشيل فلوكيه :كتاب «أميركا البائسة» يروي ألف حكاية عن خفايا شرطي العالم
  • جول بويكيف :التاريخ السياسي للألعاب الأولمبية
  • برنار ستيغلر :المجتمع الآلي ــ الأوتوماتيكي.. مستقبل العمل
  • دونيس تيليناك :الروح الفرنسية.. تراث حافل بالقيم والرموز وواقع مزرٍ
  • «قل لي كيف تعيش».. مذكرات أغاثا كريستي في سوريا
  • جوناتان فرانكلين :438 يوماً في البحر.. قارب بين الأمواج العاتية
  • جاي سولومون :الاتفاق النووي الإيراني.. حرب خفية من عشر سنوات
  • سيروان كاجو: رواية جديدة تحكي قصة اللاجئين الأكراد السوريين في أمريكا
  • شركة مارفل:  "أم من مضايا".. كتاب يحكي مأساة مضايا بالصور
  • رومان رولان  :"مسرح الثورة".. جديد هيئة الكتاب
  • مايكل جيه بانزز :«عندما يسقط العمالقة».. أفول الإمبراطوريات
  • «ميتران بانجو».. روميو وجولييت القرن العشرين
  • مايكل دوران :بدايات «أوهام» أميركا في الشرق الأوسط
  • ايان كيرشو :في الجحيم الأوروبي: 1914 ــ 1945
  • جيه كايل ويستن :اختبار المرآة.. أميركا في حربها على العراق وأفغانستان
  • شارلوت مكدونالد جيبسون :منبوذون.. قصص حقيقية للنجاة من أزمة اللاجئين إلى أوروبا
  • نيكولا ساركوزي  :فرنسا إلى الأبد
  • تعرف قائمة "نيويورك تايمز" لأفضل 5 كتب هذا الأسبوع
 
الكتب العربية :
رحيم حلو محمد البهادلي :كتاب الوفود القادمة الى دار الخلافة حتى نهاية العصر الأموي
صدر مؤخراً كتاب ( الوفود القادمة الى دار الخلافة حتى نهاية العصر الأموي ) للاستاذ الدكتور ( رحيم حلو محمد البهادلي ) التدريسي في كلية التربية للبنات قسم التاريخ. واحتوى الكتاب على (٣٤٤) صفحة و قسم الى (٤) فصول تسبقها مقدمة وتلحقها خاتمة
تناول الفصل الاول المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظة “الوفد” لغرض تحديد المعنى الدقيق لهذا المصطلح ، اما الفصل الثاني فتحدث عن انواع الوفادات القادمة الى دار الخلافة السياسية والادارية والاجتماعية والعلمية، والوفادات اما الثالث فخصص للحديث عن تنظيم الوفادة من اختيار اعضاء الوفد وتحديد صفاتهم .اما دراسة تكريم الخلفاء للوافدين من نقلهم واستضافتهم وانواع المكافآت والجوائز التي تمنح للوافدين بالاضافة الاى تقريب البعض منهم ليكونوا ضمن ندماء الخليفة او خاصتهم او اسناد بعض المهام الادارية لهم فقد ادرجت ضمن الفصل الرابع من هذا الكتاب الذي تم طبعه في مطبعة التميمي للنشر والتوزيع في محافظة النجف الاشرف
======================
جمال العطار :" كيف تهزم السكر؟ " فى طبعة سادسة
صدر حديثاً عن سلسلة  كتاب اليوم الطبى  ، الطبعة السادسة من كتاب  ” كيف تهزم السكر ؟ ” للدكتور جمال العطار ، صدرت طبعته الأولي في مارس ٢٠١٥، وطبعته الخامسة في أكتوبر ٢٠١٥ ، و هذا يدل على مدى إقبال القارئ على الكتاب ليصدر منه خمس طبعات فى 7 أشهر .
فى هذا الكتاب يقدم د. جمال العطار ما هو أكثر من روشتة لمرضى السكر، إذ يعمد إلى إهداء نظام حياة متكامل، بدون حرمان، لأن قناعته - ببساطة- أن أى نظام يفرض بالقوة فإن المريض سرعان ما يصاب بالملل، ويلجأ إلى رفضه، من ثم يعود إلى المربع رقم واحد، وربما أصبح فريسة سهلة للسكر!
ما يميز هذه الروشتة أن الوقاية من المرض أهم من العلاج، وأن الرهان على إدخال تغيير ملموس على السلوكيات الخاطئة التى تصبح - مع الوقت - أقرب للعادات، اكثر جدوى من اللجوء للعقاقير، ثم إن الاهتمام بالرياضة يبعد شبح الوقوع فى أسر الانسولين، وباختصار فإن الحياة المتوازنة كفيلة ليس فقط بالوقاية من الاصابة بالسكر، ولكن - أيضا- الكثير من الأمراض التى أصبحت توصف بأنها “أمراض العصر”.
وقبل أن يجيب المؤلف عن السؤال الأهم: كيف تهزم السكر؟ فإنه يصحب القارىء فى رحلة توضح أسباب الاصابة، وكيفية حدوثها، والأعراض المصاحبة للمرض، وأنواعه، ورغم انه يصف - بحق- السكر بأنه - وطبقا للأرقام - وباء عالمى، فإنه على الجانب الآخر يؤكد أن طرق التعايش معه -كمرحلة أولى - ثم استئناسه إذا جاز الوصف، ممكنة، بل بقليل من التدريب والصبر يمكن أن يساعد المريض نفسه من خلالها، ويتقدم خطوات حاسمة نحو هزيمة السكر.
فى الكتاب الذى يعتبر - على نحو ما- موسوعة تقدم كل شىء عن السكر، زاوية غاية فى الأهمية لأنها تفتح طاقة أمل ليس للمريض وحده، ولكن لكل محبيه، عبر إشاراته للجديد فى علاج السكر، وفى هذا السياق يطلق صيحة تحذير من الأكذوبة الكبرى التى تم الترويج لها مؤخراً بإمكانية اللجوء لعلاج السكر بالأبر الصينية، لكنه يحمل بشرى بقرب زراعة البنكرياس، والعلاج الچينى، وتعاطى الانسولين عن طريق الاستنشاق، والعلاج بالأوزون .
الكتاب أقرب لموسوعة مصغرة عن مرض السكر، من ثم يقدم العديد من الحقائق، والإرشادات، والأمور التى يجب أن يعرفها المريض وأهله، وصولاً إلى التحذير من مضاعفاته، وطرق الوقاية، وأهمية الأنسولين، وطرق التشخيص في كل مراحل المرض .
المصدر - محيط
 
======================
عرض كتاب "دور المرأة المسلمة في التنمية: دراسة عبر المسار التاريخي" للدكتورة رقية طه علواني
لها أون لاين
     أعلنت الأمم المتحدة الأول في الأول من يناير 2016م عن البدء في  تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الـ 17لخطة التنمية المستدامة لعام2030م  وتضمنت هذه الخطة عددًا من البنود، وتعلق البند الخامس منها بمشاركة المرأة في عمليات التنمية، وقد وجهت الانتقادات من التيارات الإسلامية لهذا البند وغيره.
واتهم الرافضون لخطط الأمم المتحدة بأنهم ضد مشاركة المرأة في نهوض مجتمعاتها، لكن الحقيقة أن المشاركة التي تسعى إليها الأمم المتحدة ليس لها علاقة بعمليات التنمية، وإنما كان الهدف من إدراج المرأة في عملية التنمية هو إحداث تغيير اجتماعي وثقافي وقيمي داخل المجتمعات لصالح منظومة القيم والثقافة الغربية، وفي إطار سيطرتها دون اعتبار لخصوصية كل مجتمع، وهي النظرة التي تنطلق من مركزية الحضارة الغربية.
وكان طرح رؤية بديلة لزاما لخطة مشاركة المرأة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة المطروحة من قبل الأمم المتحدة،  وفي هذا الإطار يأتي كتاب "دور المرأة المسلمة في التنمية: دراسة عبر المسار التاريخي"، للدكتورة رقية طه جابر علواني، والكتاب هو محاولة لإيجاد بديل إسلامي يتناول دور المرأة في المجتمع، ويجيب على جملة من التساؤلات، أبرزها: دور المرأة  المسلمة في تنمية المجتمع، وفق ما نصت عليه النصوص الشرعية، وما طبيعة الدور الذي قامت به المرأة المسلمة في واقع المجتمعات المختلفة عبر العصور التاريخية، وماالعوامل التي أسهمت في تقوية هذا الدور أو إضعافه عبر المسار التاريخي للمجتمعات الإسلامية؟
وفي البداية تشير المؤلفة إلى أن المقصود بعملية التنمية هي زيادة طاقات الفرد، وإكسابه قيما روحية وسلوكية بما يؤدي إلى إحداث تأثيرات عميقة وإيجابية في بناء الشخصية، وعلى كافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. كل ذلك في إطار نظام فكري روحي سلوكي إلهي، يؤكد تكريم الإنسان ومهمته في الاستخلاف على هذه الأرض.
ومن هنا فحسب رأي الدكتورة رقية علواني، فإن تنمية المجتمع لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل تمتد لتشمل كافة الجوانب الاجتماعية والثقافية والأسرية.
وقد خصصت الكاتبة الباب الأول من الكتاب حول دور المرأة المسلمة في تنمية المجتمع، وفق ما نصت عليه النصوص الشرعية، من خلال استعراض الدور التنموي للمرأة في عصر الرسالة والتشريع، وهو الدور الذي حددته النصوص الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأكدته السيرة الفعلية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وقسمت هذه الأدوار التي قامت بها المرأة المسلمة في العصر الأول إلى ثقافية، أسرية، سياسية، اجتماعية. مؤكدة تميز المرأة وفاعليتها في كافة الميادين، ومبينة سبق تعاليم الإسلام إلى الاهتمام بتنمية المرأة وإشراكها في النهوض بالمجتمع.
وتؤكد المؤلفة خلال هذا الباب: أن تعاليم الإسلام جاءت فأحدثت نقلة هائلة في وضع المرأة الاجتماعي والتشريعي وأزالت عنها معالم الظلم الواقع آنذاك، وبسيادة نظرة القرآن الكريم والسنة النبوية للمرأة في المجتمع المسلم، برز دور المرأة في مختلف المجالات، ومارست من موقعها أعمال الإعمار والتأسيس للدولة الإسلامية الفتية، وكلفت المرأة كما كلف الرجل بمهام ترسيخ الدين وبناء المجتمع.
أما الباب الثاني: فقد تم فيه تناول دور المرأة التنموي في عصور الخلافة الإسلامية، ابتداءً من عصر الخلافة الراشدة إلى الخلافة العثمانية، في تتبع تاريخي وقفت فيه الدراسة على أبرز الظروف والعوامل الاجتماعية والتاريخية والسياسية التي أثرت على دور المرأة ومشاركتها في التنمية في تلك العصور.
وفي الباب الثالث: تحدثت عن دور المرأة في التنمية في العصر الحديث، حيث استعرضت طبيعة الظرف التاريخي والفكري والاجتماعي السائد مع تقسيم المرحلة الحديثة إلى فترات أساسية: كعصر الاستعمار والاحتلال الأجنبي، وما بعد الاستقلال، ومرحلة الاندماج في النظام العالمي الجديد.
كما خصصت الدراسة فصلا كاملا تناولت فيه أبرز العوائق المؤثرة في الدور التنموي للمرأة قديما وحديثا.
وطرحت الدراسة عاملين أساسيين: الأعراف الاجتماعية، وإشكالية تأويل النصوص الشرعية المتعلقة بالمرأة، ومشاركتها في التنمية، وقدمت تصورا لكيفية معالجة هذين الأمرين.
وفي الباب الرابع: قدمت الدراسة خطة مستقبلية متكاملة الجوانب والوسائل لتفعيل دور المرأة التنموي في كافة المجالات.
وأشارت المؤلفة أن المنهج المطروح من خلال هذه الخطة المستقبلية، هو منهج مستنبط من نصوص القرآن الكريم وسلوكيات النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال سيرته العطرة التي قدمت أرقى وسائل التنمية للمرأة، وحققته واقعا معاشا نعمت به الأمة قرونا طويلة.
قد تتفق أو تختلف مع رؤية الكاتبة وطرحها  في بعض الجوانب، لكن الذي لن تختلف حوله أهمية الكتاب وضرورة اطلاع الباحثين والكتاب المتخصصين في شأن المرأة، حيث إنه يتناول جانبا مهما كثر الحديث عنه في السنوات الأخيرة، وهو إشراك المرأة في عملية التنمية من منطلق مختلف عن الطرح الذي تقدمه القوى الغربية ممثلة في منظمة الأمم المتحدة.
======================
عبد النور بيدار :النسّاجون.. معاً من أجل إصلاح العالم الممزّق
التاريخ:11 أكتوبر 2016
تسود في العالم حالة من القلق العام في وقت تتعاظم فيه النزاعات في عدد من المناطق وتتتالى فيه الاعتداءات والتفجيرات التي يذهب ضحيتها عشرات الأبرياء.
هذه الحالة هي التي يتعرّض لتوصيفها ولأنماط الردّ عليها عبد النور بيدار، حامل شهادة الدكتوراه وشهادة التأهيل العليا «أغريغاسيون» في الفلسفة ومؤلف العديد من الكتب التي دعا فيها جميعها للتآخي والتآلف بين مختلف الحضارات والمعتقدات، في عمله الأخير. يحمل هذا العمل عنواناً رئيسياً هو «النسّاجون»، وما يجد توضيح القصد منه في العنوان الفرعي ومفاده «معاً من أجل إصلاح النسيج الممزق للعالم».
يبدأ المؤلف كتابه بالجملة التالية: «لم تولِ وسائل إعلامنا المشكلة ما تستحق من اهتمام». ويقصد بذلك وجود ظاهرة «غير مرئية» من قبل عالم السياسة ومن وسائل الإعلام في البلدان الغربية عموما. وتتمثّل هذه الظاهرة بالعمل الهادئ والبطيء الذي تقوم به مجموعات صغيرة متفرّقة من البشر بغية المساهمة على مختلف مستوياتها بـ«إصلاح النسيج الممزّق للعالم».
يشرع المؤلف بداية بتوصيف الكثير من المسالب التي يعاني منها النظام العالمي السائد وما نتج عنه من توترات. الأمر الذي تعبّر عنه بوضوح الأزمات الخطيرة «السياسية والمناخية والروحانية» التي يعاني منها العالم في السياق الراهن. وما يجد ترجمته في تعاظم ظاهرة التطرّف والتزمّت وما ينتجه ذلك من عنف «أعمى».
ويصل عبد النور بيدار إلى التأكيد أنه أمام مختلف أشكال الكآبة المحيطة هناك أفواج من أولئك الذين يطلق عليهم توصيف «النسّاجين» المغمورين الذين يعملون في جميع الميادين من أجل تحقيق الهدف المشترك المتمثّل في «إصلاح نسيج العالم الممزّق» و«من أجل بناء عالم الغد» الأكثر إنسانية وتآخيا بين البشر.
وعلى مدى صفحات هذا الكتاب يشرح المؤلف وجود بوادر في المجتمعات الغربية الاستهلاكية لتشكّل نمط من «الثقافة الجديدة» التي تقوم على «ترميم نوعية الروابط المقطوعة بين البشر». ويفسّر ذلك بإحياء «رابطة الاستماع للآخر واحترام الذات واحترام الآخر.
رابطة التضامن والأخوّة مع الآخر ورابطة التواؤم مع الطبيعة وصيانتها». والتركيز على ضرورة تطبيق ذلك على جميع المستويات الروحانية والاجتماعية والبيئية وبحيث يوحّد المعنيون جهودهم من أجل ذلك.
ويحدد المؤلف القول إن «النسّاجين» المعنيين يعكسون في واقع الأمر «ميلاً تعرفه المجتمعات الغربية خاصّة والحديثة عموماً» وتمثّله مجموعة من البشر الذين «يلتزمون بقناعة» بضرورة أن يسلكوا «نهجا جديدا» في طريقة العيش والاستهلاك والشراء والعمل وغير ذلك من السلوكيات.
هؤلاء «النسّاجون» هم «أنا وأنت ونحن». أي بشكل عام أولئك الذين يعملون على «رأب التصدعات» التي تبرز هنا وهناك والتي تلقي بظلالها على نسيج العالم الممزّق أصلاً. ويحدد المؤلف تلك التصدعات بمجموعة من الأحداث والسياقات والممارسات ذات العلاقة بـ«الشروخ الاجتماعية» و«النزاعات العقائدية» و«الحروب الاقتصادية» و«الطلاق بين الإنسان والطبيعة»...الخ.
ويؤكّد المؤلف على ضرورة تعميق وتعزيز «رابطة ثلاثية الأبعاد». ويقصد بذلك «مع الذات» و«مع الآخرين» و«مع الطبيعة».
وعلى صعيد ترجمة عملهم في الواقع يشير عبد النور بيدار بالنسبة للحالة العيانية القائمة في بلد مثل فرنسا اليوم على ضرورة إقامة علاقات «مجتمعية» جوهرها الثقة. ذلك «عبر النقاشات المتجددة» بين الجالية المغربية أو التركية أو غيرهما وبين الفرنسيين بمختلف فئاتهم الاجتماعية. الخط الناظم الأكبر لذلك يحدده المؤلف بـ«الالتزام بأخلاقيات المشاركة وبثقافتها».
ما يؤكّده بيدار بهذا الصدد خاصّة هو «أننا جميعاً ورثة ثقافات أكّدت باستمرار على أهمية تعزيز الروابط بين البشر». ويشرح أن إرث الماضي جعل من «الروابط الاجتماعية» وتقاليده الروحانية دعوة مستمرّة لـ«الانفتاح على الآخر».يوجه مؤلف هذا الكتاب النقد الشديد بأشكال متعددة لـ«المجتمعات الفردية الأنانية».
ينتقد بيدار في نفس السياق ما يسميه «القيم المادية» التي تفرض على المعنيين بها «عدم الإنصات لنداءات الذات الداخلية». وفي المحصّلة تبعدهم عن «الربط بين الأنا الاجتماعية والأنا العميقة، الداخلية».
ويؤكّد بالمقابل على أهميّة الاعتقاد المتسامح البعيد عن التزمّت والتعصّب. ذلك أن مثل هذا الاعتقاد يمثّل السبيل إلى «العدالة والحقيقة والخير».
الرسالة الجوهرية التي تتردد في هذا العمل تكمن في ضرورة تعزيز الروابط التي «تجعلنا بعيدين عن الغرغرينا، التي يمثّلها التعصّب والتطرّف». وبناء الثقافة التي «تُصلح» في مواجهة شروخ العالم تثيرها «التصدعات الاجتماعية والحروب الثقافية».
 
عالم الغد
«النسّاجون» الذين يعنيهم المؤلّف هم أولئك الذين يعملون كي لا تسود ثقافة العنف والحقد ونبذ الآخر، وصولاً في بعض الأحيان إلى إلغاء حقه في الحياة. بالمقابل يعملون لإحياء نزعة إنسانية «قابلة للاقتسام بين البشر بلا حدود». باختصار يشرح عبد النور بيدار أن هؤلاء «النسّاجين» هم الذين ينبغي أن يساهموا، في مختلف المواقع والحضارات والمعتقدات، من أجل بناء «عالم الغد».
المؤلف في سطور
عبد النور بيدار، مؤلف هذا الكتاب، حائز شهادة الدكتوراه وشهادة التأهيل العليا في الفلسفة. مختص بالدراسات الإسلامية حيث كرّس أطروحته لنيل الدكتوراه لأعمال الفيلسوف الهندي المسلم محمّد إقبال. يساهم بنشاط بالكتابة والنقاشات حول مسائل الحوار والتآخي بين الحضارات والمعتقدات.
من مؤلفاته: «تاريخ النزعة الإنسانية في الغرب» و«دفاعاً عن التآخي» و«رسالة مفتوحة إلى العالم الإسلامي»...الخ.
الكتاب: النسّاجون..
معاً من أجل إصلاح النسيج الممزق للعالم
تأليف: عبد النور بيدار
الناشر: لي ليان كي ليبير
======================
د. عبدالله العروي :111 سؤالاً وجواباً حول «الوطنية والمواطنة»المصدر:
أنور محمد
التاريخ:27 سبتمبر 2016
أسئلة وأجوبة تصل إلى 111 سؤالاً وجواباً مبوَّبة في تسعة فصول، يسائلُ فيها ويبحث الكاتبُ والمؤرخ المغربي عبدالله العروي، حول مسائل الوطنية والمواطنة، ما يذكِّرنا بمحاورات أفلاطون. فيبدأها بسؤال حول أصل اسم عائلة «العروي» التي لا يرى لها أهمية إلاَّ إذا كان في ذلك منفعة، ويختم بجوابٍ عن سؤال: هل يحافظ المغرب على ميِّزته التاريخية؟
ما بين هذين السؤالين، يطرح المفكِّر عبدالله العروي الكثير من الأسئلة التي تتعلَّق بمستقبل الدولة المغربية، خاصة حول التركة الاستعمارية الفرنسية لمغرب متكوِّن من جزء تقليدي متخلِّف وجزء أوروبي متقدِّم ومتطوِّر يتمدَّد ويتوسَّع. فيقول:
في رأي منظّري الحماية كانت مثلاً المدينة الإسلامية العتيقة ستظلُّ على الدوام محاصرة، تطوِّقها باستمرار مدينة أوروبية تنمو وتتَّسع باستمرار. فإذا بمدن الصفيح تنشأ بسرعة فائقة وتحاصر بدورها المدن الأوروبية، تمنعها من التوسُّع وتجعلها مهدَّدة من الأمام ومن الخلف. فشكَّلَت صورة رمزية كهذه لمصير الحماية كلِّها. وهذا ما وضع المغرب أمام خيار، بل أمام حلَّين:
إمَّا سحق وإبادة كلّ ما كان سابقاً على الحماية (الفرنسية) وإبداله بكيان جديد تولِّده الحماية وترعاه، وإمَّا العودة إلى الأصل. ويضيف: وبما أنَّ هذا الأصل لا نسمِّيه دولة أو شعباً أو وطناً أو قومية، إذ كلُّ واحد من هذه المفاهيم غامضٌ قابلٌ لتأويلات متباينة، بدا لي أنَّ الأقرب إلى الواقع التاريخي أن نحافظ على لفظ مخزن - أي الدولة، بمعنى أوسع من المعتاد.
وفي جوابه على سؤال حول تحقيق الوطنية المغربية أهدافها، يقول: بما أنَّ لفظَ استقلال لفظٌ مشترك يحمل معاني شتى، يمكن القول إنَّ الحركة الوطنية المغربية حقَّقت هدفها الأساسي بفسخ عقد الحماية (الفرنسية)، وفي الوقت نفسه لم تحقِّقه، بمجرد الإعلان عن هذا الاستقلال، إذ إنَّ الفرد المغربي لا يزال يعاني.
وفي إجابته عن سؤال حول الاستقلال يقول العروي: استقلال المغرب معجزة، إذ كان آخر دولة استُعمِرَت في المنطقة وأوَّل دولة استقلَّت وهو ما لم يهضمه البعض.
ويتساءل: هل هناك نفسانية مغربية؟ ويجيب: يحلو لنا أن نعتقد ذلك، كما اعتقده قبلنا سكَّان المغرب منذ زمن طويل.
اعتقدوا أنَّ الإنسان المغربي يختلف عموماً عن المشرقي المسلم، بل عن التونسي والواسطي - الجزائري. المغربي يعرف بالطبع أنَّه يختلف عن مغربي آخر، سحنة أو لهجة أو انتماء إلى قبيلة أو زاوية، لكنه يرى، حقّاً أو باطلاً، أنَّ وراء هذه الفوارق الطبيعية والقوية توجد صفة أو صفات، على مستوى معيَّن من الوعي أو اللاوعي، تطبع المغربي وتميِّزه عن غيره حتى ولو كان مسلماً أو عربياً أو مغاربياً.
ثمَّ يختم المؤلِّف أسئلته بسؤالٍ لا يجد حرجاً في الإجابة عنه: هل يحافظ المغرب على ميزته التاريخية؟ ويقول في إجابته على ذلك: لو كنت شيخاً هرماً حطَّمتِ الأعوامُ أحلامَه، وداست الأحداثُ مطامحه لتجنَّب الجواب بالقول على الفور: البقاء لله. دستور المغرب المستقل منفتح على كل الاحتمالات، العربية، الأفريقية، الأوروبية، وكلها تؤدي إلى نوع من الاندماج والذوبان.
والاحتمال يتحقّق أو لا، بل يتحقَّق ثم يلغى. المهم أمر آخر. كل التحليلات السابقة تعتمد بعض الفرضيات، أهمها فعالية المخزن.. واليوم صرنا نشاهد تحوُّلاً يشبه ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي عندما خلفت وطنية الشبَّان وطنية الأعيان، مما ينبئ بالاندماج المرتقب في هيئات أوسع أو استبدال لهجة بأخرى، أو تأويل تاريخ بآخر.
ويستطرد العروي: هذا لن يمحي من العقول والنفوس ما أكسبه المخزن العتيد، وأورثه للحركة التي جدَّدت الوطن وحرَّرته من تبعية الأجنبي. ولربَّما هذا هو المعنى العميق للعبارة التقليدية الله هو الباقي. على مدى أقرب قد يحتفظ المغرب بوطنيته المتميِّزة، الضيِّقة الأفق في عين البعض، لسبب بسيط وهو معاكسة الجيران والإخوة له.
المؤلف في سطور
د.عبدالله العروي. مفكِّر ومؤرِّخ مغربي. ولد في نوفمبر 1933، بمدينة أزمور وسط المغرب. يحمل دكتوراه الدولة من جامعة السوربون في فرنسا. عمل أستاذاً في جامعة محمد الخامس بالرباط، وعدد من الجامعات الفرنسية والأميركية. لديه أكثر من 30 كتاباً بالعربية والفرنسية. منها: الأيديولوجيا العربية المعاصرة، الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية: 1830 - 1912.
الكتاب: استبانة/ حوار
تأليف: د. عبدالله العروي
الناشر: المركز الثقافي للكتاب. الدار البيضاء – بيروت 2016
الصفحات:
142 صفحة
القطع: المتوسط
========================
كتاب جماعي عن المشروع النقدي لإدوارد سعيد
العرب  [نُشر في 2016/10/04، العدد: 10414، ص(14)]
ما أحوجنا إلى مثل هذه الشخصية الثقافية
الجزائر - يحاول كتاب “إدوارد سعيد.. الهجنة، السرد والثقافة”، من تأليف مجموعة من الباحثين والأكاديميين من بينهم الدكتور إسماعيل مهنانة، وعبدالله إبراهيم، وبشير ربوح، ولونيس بن علي، واليامين بن تومي، وعمر بوجليدية، وسامية بن عكوش، ولطفي حجلاوي، وسليم حيولة، الحفر عميقا في المشروع النقدي للكاتب والمفكر فلسطيني الأصل أميركي الجنسية إدوارد سعيد، مستعيرا الأدوات النقدية التي اعتمدها سعيد، داعيا إلى الحذر الشديد إزاء كل نظرية تبشيرية، معتمدا على ما يسمّيه “المسافة النقدية التي على الفكر أن يقيسها بدقة بينه وبين موجات المنهجية، والتريث إزاء الحماسات الشوفينية والفورات القومية، والوطنية والعاطفية”.
ويطرح الكتاب، الصادر في طبعة جديدة عن “منشورات القرن 21” بالجزائر، وعلى مدار 250 صفحة ثيمات متعدّدة تقارب المشروع الفكري لإدوارد سعيد، مؤكدا أنّ القارئ العربي في هذه اللحظة الحرجة في أمسّ الحاجة إلى الوضوح النقدي الذي اتسم به مشروع سعيد، في ظل العودة الطاغية لقضايا الهوية إلى مركز اللعبة السياسية والثقافية، وإلى بدائية القوميات الدينية والطائفية التي أنتجها إفلاس الدولة القومية الحديثة في العالم العربي والإسلامي.
وتطرح مقاربة الباحث الجزائري إسماعيل مهنانة ضمن هذا الكتاب فكرة الهجنة والفتوحات النظرية لفلسفات ما بعد الحداثة التي شكلت فكر سعيد، متكئا على الأدوات النقدية لإدوارد سعيد بدل الاعتماد على الأطروحات الجاهزة، في حين يحاول الباحث والناقد الجزائري لونيس بن علي الكشف عن ملامح إشكالية الهوية ونقد الخطاب الاستعماري في مشروع إدوارد سعيد، بينما يشتغل المفكر العراقي عبدالله إبراهيم، ضمن الكتاب نفسه، على تفكيك السرد والتمثيل في تشكيل خطاب الهوية.
أما الدكتور اليامين بن تومي فقد اختار تتبُّع السرد الإمبراطوري في رواية “الأمير” للروائي الجزائري واسيني الأعرج مطبقا عليها البعض من آليات الاستشراق مثلما ذهب إليه إدوارد سعيد، ويصف بن تومي السرد في رواية الأعرج بالسرد المغشوش والخطاب المدجن، مؤكدا أنّ استلاب الرواية جعلها تشوّه صورة الأمير الذي تُمثّله شخصية الأمير عبدالقادر بن محي الدين التي من أهمّ ميزاتها التصوُّف والتقوى والورع.
وإدوارد سعيد (1935-2003) هو منظّر أدبي فلسطيني ومن بين أعماله نذكر “جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية”، و”بدايات: القصد والمنهج”، و”الاستشراق”، و”مسألة فلسطين”، و”الثقافة والإمبريالية”.
========================
رجال القاعدة في إيران.. الملاذ الآمن والتحالف المشبوه
الأحد - 1 محرم 1438 هـ - 02 أكتوبر 2016 مـ رقم العدد [13823]
لندن: «الشرق الأوسط»
ضمن سلسلة «كتاب الشرق الأوسط»، صدر حديثا، عن دار «جداول للنشر والترجمة والتوزيع» في بيروت، كتاب «رجال القاعدة في إيران- الملاذ الآمن والتحالف المشبوه»، وهو من إعداد الباحثين د. هاني نسيرة ومحمد الشافعي، ويقع في 70 صفحة من القطع المتوسط، ويستند إلى مجموعة من التحقيقات الخاصة بصحيفة «الشرق الأوسط» ومجلة «المجلة».
يستعرض الكتاب علاقة إيران بـ«القاعدة»، التي ظن كثيرون أنها علاقة طارئة، نشأت في ظروف معينة، وتحديدًا، بعد هرب عناصر «القاعدة» من أفغانستان سنة 2001، بينما هي، وفقا لما جاء في الكتاب، أقدم من ذلك بكثير وأعمق.
فمع نجاح ثورة الخميني عام 1979، جرى أول توحّد لتنظيم «الجهاد» المصري، واحتج عناصر التنظيم ضد استضافة الرئيس السابق، الراحل أنور السادات، للشاه محمد رضا بهلوي. تبع ذلك اغتيال السادات وتخليد نظام الخميني اسم قاتله، خالد الإسلامبولي إلى اليوم.
وفي العام نفسه، جرى تأسس تنظيم «الجهاد الإسلامي» الفلسطيني، بقيادة الراحل الدكتور فتحي عبد العزيز الشقاقي، الذي ألّف أول كتاب احتفائي بثورة الخميني، باعتبارها الحل والبديل والنموذج الملهم لسائر الحركات الإسلامية والمتشددة في المنطقة.
وشأن كل علاقة، خضعت علاقة إيران بـ«القاعدة»، لقانون التوافق والتكيّف، وشهدت تحولات وتغيرات، ناتجة من اختلاف طبيعة طرفيها. فإيران دولة، بينما «القاعدة» شبكة وتنظيم، وإن شاركت في بعض الأهداف، فقد اختلفت أولوياتهما أحيانا: «كما تتموج العلاقة بسياقاتها ومساراتها؛ إذ اختلفت في فترة ما قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة الأميركية، عنها بعدها. كما اختلفت في فترة الجهاد الأفغاني عن فترة حكم طالبان وما بعدها. وكذلك قبل تحرير العراق وسقوط نظام صدام حسين عام 2003. عما بعده، أو بعد اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد سنة 2011، لكن ممكناتها، من تشابه المنطلقات إلى تشارك العداوات، بقيت محتملة وقائمة قابلة للتوظيف والتنسيق المتبادل». ويورد كتاب «رجال القاعدة في إيران» مثالاً على هذا التوظيف والتنسيق، في دعم طهران لـ«تحالف الشمال» الأفغاني، ضد «القاعدة» وحركة طالبان، حتى إسقاط الأخيرة بعد «أحداث سبتمبر»، ثم دعمها لها بعد ذلك، لتبقى غصة في حلق القوات الأميركية والدولية فيها. ويستشهد الكتاب بإعلان القادة الأميركيين والبريطانيين عام 2007، دعم طالبان بالسلاح والعتاد والتدريب عبر «الحرس الثوري الإيراني».
يقول الكتاب، إن إيران أحسنت استثمار علاقتها بتنظيم وشبكة «القاعدة» إلى حد بعيد، إلى حين توقيع الاتفاق النووي مع القوى الكبرى في يوليو (تموز) 2015. ويستدل نجاحها في ذلك، ببقائها، بصفتها دولة ونطاقا جغرافيا، استثناء من عمليات «القاعدة» والإرهاب من دون بقية العالم. كما أنها كانت استثناء في الحرب على الإرهاب أيضا، إلا أنها ظلت، في الحالتين، مصدر إرهاق للمنطقة والعالم من حولها، تصنع مختلف الفزّاعات عبر تدخلاتها والحروب التي تشنها بالوكالة عنها.
يعتمد الكتاب أيضا، على «وثائق أبوت آباد»، والمخطوطات التي عثر عليها في مقر إقامة مؤسس تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، بعد مقتله في مايو (أيار) 2011، في المنزل الذي كان يسكنه بمدينة أبوت آباد (شمال شرقي باكستان). وتنبع أهمية الوثائق، من كونها تكاد تكون اعترافات للتنظيم، عبر مؤسسه وقيادته المركزية، وقد وردت الإشارة إلى إيران في كثير منها. فبينما كانت باكستان المجاورة لأفغانستان، وحيث توجد «إمارة» و«قيادة الجهاد» في عصر طالبان، تحمل اهتمامًا ضعيفًا، كان الاهتمام بإيران، تحديدًا، أكبر وأكثر حضورًا في وثائق زعيم «القاعدة».
وقد وجدت هذه الوثائق، في شكل خطابات مكتوبة أو مصورة على الكومبيوتر، وبلغ حجمها 175 صفحة (بالعربية) و197 صفحة (في ترجمتها الإنجليزية). بعضها لم يكن مكتملاً، كما أن الكثير منها لا يحمل تاريخًا. ولكن بشكل واضح، لا تحمل كل الرسائل الأسماء الحقيقية لمرسليها أو المرسلة إليهم، أو كناهم، أو عناوينهم. وبعضها يخص آخرين غير بن لادن أو الدائرة الأقرب من القيادة المركزية أو قادة الفروع. فيُذكر «أبو يحيي الليبي» و«عطية الليبي» و«آدم غادان»، كما يُذكر «أبو مختار الزبير» زعيم «حركة الشباب» الصومالية، و«أبو بصير الوحيشي» قائد تنظيم «القاعدة في اليمن» الراحل، وحكيم الله محسود قائد طالبان باكستان، والملا عمر أمير حركة طالبان وغيرهم.
وتؤكد الوثائق، التي جرى رفع السرية عنها من قبل إدارة الاستخبارات الأميركية على ثلاث دفعات حتى الآن، العلاقة التصالحية والتحالفية بين تنظيم القاعدة والنظام الإيراني، وإصرار زعيم التنظيم ومؤسسه، أسامة بن لادن، على عدم المساس بإيران بشرّ، واستثنائها من دون العالم من عمليات «القاعدة»؛ فهي، تمثل اعترافات واستراتيجيات قائد التنظيم نفسه، أو دائرته الضيقة وتصوراته، حيث ضمت أيضا، عددا من المؤلفات التي كان يحرص على مطالعتها أو يطلب ذلك.
ويتناول الكتاب أيضا، وثائق القضاء الأميركي الجديدة، التي استندت إليها محكمة أميركية فيدرالية في نيويورك، عند إصدارها في مارس (آذار) 2016، قرارًا بتغريم إيران 10.5 مليار دولار لعلاقتها بهجمات 11 سبتمبر 2001، عن توّرط ما يسمى «حزب الله» اللبناني في تقديم مساعدات وتوجيهات لعدد من منفذي تلك الاعتداءات.
وأوضحت الوثائق التي استند إليها القاضي، جورج دانيالز، للبت في القضية التي رفعت عام ٬2011 أن بعض من نفذوا الهجمات، زاروا إيران خلال الفترة القصيرة التي سبقت الاعتداءات٬ وأن جوازات سفرهم لم تحمل ختم العبور إلى الأراضي الإيرانية. وكان قاضي المحكمة دانيالز، قد أصدر الحكم غيابيا؛ نظرا لعدم اعتراض الحكومة الإيرانية على القضية. وأمر القاضي إيران بدفع مليارات الدولارات٬ لتعويض ضحايا الهجمات الإرهابية وشركات التأمين التي تعرضت لأضرار مالية إثرها٬ محملا طهران مسؤولية مساعدة الإرهابيين الذين خطفوا الطائرات التي استعملت في الاعتداءات. وبدورها٬ شنت إيران هجومًا عنيفًا ضد الحكم. وقد يكون مرور هذه العناصر تم عبر تفاهمات بين نظام طالبان، الذي كان يسيطر على كابل، وبين النظام الإيراني حينها.
وحسب وثائق القضية المرفوعة ضد إيران٬ فإنها تتهم ستة من كبار المسؤولين فيها ومن مؤسساتها العليا، وهم على الترتيب:
1 - المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي.
2 - وزير الاستخبارات والأمن علي فلاحيان.
3 - نائب قائد الحرس الثوري الإيراني٬ والعميد محمد باقر ذو القدر.
أما الجهات والمؤسسات الإيرانية المتهمة، فهي على الترتيب:
1 - وزارة الاستخبارات الإيرانية.
2 - الحرس الثوري الإيراني.
3 - «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري، الذي يقوده قاسم سليماني.
وقد رفض الإعلام الإيراني ممثلا بجريدة «كيهان» اليومية٬ المقربة من المرشد علي خامنئي، الاتهامات والحكم، معتبرة الحكم «مؤشًرا آخر على أن إدارة (الرئيس باراك) أوباما غير صادقة في ادعائها برغبتها في تحسين العلاقات مع الجمهورية الإسلامية بعد توقيع الاتفاق النووي.
ورجحت وثائق محكمة نيويورك أن كلا من إيران وما يسمى «حزب الله» لعبا «دورا فاعلا في عمليات (القاعدة) الإرهابية. فمنذ عام 1998 والتفجيرات المزدوجة للسفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام وصولا إلى هجوم 11 سبتمبر٬ كانت بصمات المحور الإيراني على عمل تنظيم القاعدة واضحة».
========================
«مصر فى قلب المعركة» كتاب لـ«النبوى» يؤرخ لحرب أكتوبر من وثائق دار الكتب
الجمعة 07-10-2016 AM 10:29كتب: رضوى هاشم
عبدالواحد النبوى وزير الثقافة السابق
بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ43 لنصر أكتوبر، أصدرت دار الكتب والوثائق مؤخراً كتاب «مصر فى قلب المعركة.. أوراق لم تنشر من قبل»، للدكتور عبدالواحد النبوى وزير الثقافة السابق، الذى كشف فيه أسراراً جديدة حول حرب استعادة الكرامة.
وقال النبوى فى مقدمة الكتاب «ما زالت أوراق حرب أكتوبر بدار الوثائق القومية المصرية، تقدم معلومات مهمة عن مصر خلال الفترة من يونيو 1967 وحتى توقيع معاهدة السلام 1979»، مضيفاً: «وفى هذا المجلد الجديد تأتى الوثائق المصرية التى لم تنشر من قبل لتساهم فى رسم صورة حقيقية للاستعداد للمعركة ومصر أثناء المعركة وما بعد المعركة، وذلك حتى تكون الصورة كاملة للقارئ ليدرك كيف حققت مصر نصراً أذهل العالم وخبراء العسكرية العالمية، فكانت أقصى التحليلات العسكرية تفاؤلاً بعد هزيمة يونيو 1967 أن مصر ستكتفى بالهزيمة، أو تستعد لتلقى هزيمة أخرى تحتل بها إسرائيل الضفة الغربية لقناة السويس».
طيارون هنود ساعدوا الجيش المصرى قبل الحرب.. والمصريون تسابقوا للتبرع للجيش.. والكتاب يتضمن مراسلات الاستعداد للمعركة.. وموافقة الوزراء على تنظيم زيارات للمواطنين للجبهة
وتابع: إلا أن الوثائق التى تنشرها دار الوثائق القومية احتفالاً بالنصر تثبت عكس ذلك، فمن اليوم الأول انهالت التبرعات على القوات المسلحة لتعويض خسائرها كما تقدم الآلاف للتطوع فى صفوف الجيش المصرى للمشاركة فى حرب الكرامة.
ويضم الكتاب وثائق قيام البنك المركزى بفتح حساب لتلقى التبرعات لمواجهة العدوان، كما تم توحيد جميع حسابات التبرعات للقوات المسلحة فى هذا الحساب، واللافت للنظر أن تبرعات المصريين والعاملين بالجهات الحكومية كانت قد بدأت تنهال على القوات المسلحة منذ منتصف مايو 1967 عندما أغلقت مصر خليج العقبة وطلبت سحب قوات الأمم المتحدة من سيناء. وحملت الوثائق الكثير من المعلومات التى رسمت صورة تقريبية للوضع الداخلى فى مصر أثناء الاستعداد للمعركة، مثل قيام القوات المسلحة بإعادة كثير من الطيارين إلى صفوف القوات المسلحة بعد أن كانوا قد تقاعدوا من الخدمة، كما تم التعاقد مع بعض الطيارين الهنود لتدريب الدفعات الجديدة من الطيارين المصريين، وقامت القوات المسلحة بإعادة بعض الضباط الأطباء الذين عملوا بالقطاع المدنى إلى الخدمة للحاجة إليهم.
وبدا أن القوات المسلحة بدأت تستعيد عافيتها، لذا وافق مجلس الوزراء فى 19 يناير 1972 على اقتراح الفريق محمد أحمد صادق، نائب رئيس الوزراء ووزير الحربية فى ذلك الوقت، على قيام القوات المسلحة بتنظيم زيارات لأفراد الشعب المصرى إلى جبهة القتال، وبخاصة من الطلبة والطالبات.
وتكشف الأوراق التى تنشرها دار الوثائق القومية عن استعدادات جميع مرافق الدولة للمعركة، فقد وجه وزير الصحة محمود محمد محفوظ فى يناير 1973 استعداداً للمعركة خطابات لكل الوزراء، يؤكد أهمية أن يقوم كل العاملين بالوزارات بتحديد فصائل دمائهم فى بنوك الدم القريبة من أماكن عملهم، لاستخدامها فى الطوارئ وقت المعركة، وكانت كل وزارة تنسق مع وزارة الصحة من خلال موظف بكل وزارة يعمل كضابط اتصال مع وزارة الصحة للتنسيق معها فى هذا الأمر. وكان الاستعداد للمعركة يتم جنباً إلى جنب مع ترميم النفوس والأفراد والتعويض عن الممتلكات وعن تدهور الأحوال المادية والمعنوية، فأصدر رئيس الجمهورية قراراً فى أبريل 1973 بتشكيل لجنة تعويضات الحرب من وزارات ومحافظات أصابتها الأضرار، ولذلك لحصر الأضرار وفق ضوابط محددة وواضحة وعرضها على مجلس الوزراء لإقرار التعويضات، وقد جعل القرار تبعية هذه اللجنة لنائب رئيس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور عبدالعزيز حجازى. وفى نفس عام النصر وقبل نشوب المعركة، كانت الدولة حريصة على تضميد جراح المهجرين من مدن القناة واستثنت الدولة أبناءهم من انتظار الدور للتعيين فكانت تقوم بتعيينهم بمجرد تخرجهم، ولذا طلبت وزيرة الشئون الاجتماعية الدكتورة عائشة راتب موافقة لجنة الخدمات بمجلس الوزراء بتعيين أبناء المهجرين الحاصلين على المؤهلات العليا والمتوسطة، الذين تخرجوا فى 1973.
========================
كتاب "الحرب على الأمة السورية: أسرار وحقائق 2011 -2015" للكاتب عمر العرودي
في برنامج "قرأنا لكم" يحدثكم عبدالإله الصالحي عن كتاب "الحرب على الأمة السورية: أسرار وحقائق 2011 -2015" للكاتب عمر العرودي.
في الوقت الذي تعيش فيه مدينة حلب السورية واحدة من أفظع مآسي الحروب في العصر الحديث ويتعرض سكانها المدنيون لأبشع أنواع القصف والقتل والتهجير في سياق عجز دولي صارخ عن وقف آلة الحرب اخترنا أن نحدثكم عن الحرب في سورية التي دامت أكثر من خمس سنوات حتى الآن وما زالت مرشحة للاستمرار للأسف وذلك عبر كتاب صدر مؤخرا للإعلامي والكاتب السوري عمر العرودي بعنوان "الحرب على الأمة السورية: أسرار وحقائق 2011 -2015" الصادر عن دار "داماسكا" للنشر في باريس ويتناول فيه مرحلة الخمس سنوات الأخيرة التي تلت اندلاع الثورة السورية بداء من مرحلتها السلمية إلى راهنها العسكري المثقل بالدماء والآلام.
وبذل مؤلف الكتاب جهدا لافتا دام ثلاث سنوات في تحري وثوثيق المعلومات الميدانية حول الانتهاكات والمعارك التي وقعت في مختلف المناطق السورية مع حرص على عدم الانحياز لهذا الطرف السياسي أو ذاك من أطراف النزاع ويقول الكاتب في مقدمة مؤلفه " بين دفتي هذا الكتاب خلاصة عمل ثلاثة أعوام وكأنها ثلاثة قرون وستجدون فيه تاريخا موثقا لتجربة عشتها بوجودي في سورية بداية العام 2011 وحتى خروجي منها لأكمل عملا كبيرا بدأته وعاهدت نفسي على أن يصل إلى العالم بأكثر من لغة" ... لنستمع إلى عمر العرودي متحدثا عن هذا الكتاب....
عمر العرودي كاتب وصحافي سوري ينحدر من مدينة حلب وسبق وأن اشتغل في الاعلام السوري وهو مقيم حاليا في باريس. صدرت له عدة أعمال منها كتاب "العنف ضد الأطفال والحالات النفسية للأطفال في الحروب".
========================
"ديمقراطية أمريكا وحقوق الإنسان" لـ"مصطفى سامي" 
الأحد 09-10-2016| 08:31م
صدر هذا الأسبوع عن دار الثقافة الجديدة، كتاب: ديمقراطية أمريكا وحقوق الإنسان من تأليف مصطفى سامى، ومن أبرز ما ذكر في الكتاب نقرأ «الإعلام الأمريكى كاذب ومنحاز كما قال الصحفى جولد برج، وأن التاريخ لم يعرف لا في العصور الحديثة ولا القديمة ديمقراطية جاءت على أسنة الصواريخ والقنابل العنقودية العملاقة».
يتابع «سامى» في كتابه «المأساة هي أن الصحفى إذا انحاز لغير الحقيقة، وإذا كذب مرة واحدة فسوف تستمر أكاذيبه على القراء والمشاهدين، فليس غريبًا ما شاهدناه في الفضائيات الأمريكية من انحياز كامل للعدوان على العراق، وعرض صور مزيفة وكاذبة لجنود الاحتلال، التليفزيون الأمريكى المنحاز والمزيف لم يعرض الحقيقة، بل تمادى في أكاذيبه وخيالاته، وكان طوال الحرب لا يعرض أخبارًا وتقاريرًا من جبهة العدوان، بل كان يعرض إنسانية المارينز الذين يدوسون بأقدامهم على المقدسات العراقية.
========================
قراءة في كتاب «التقشف... تاريخ فكرة خطرة».. يكتب بدر الديحاني
د. بدر الديحاني
ضمن سلسلة 'عالم المعرفة' التي يصدرها شهرياً المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، كان عدد مارس 2016 ترجمة لكتاب قيّم عنوانه 'التقشف... تاريخ فكرة خطرة' تأليف: مارك بليث، وترجمة: عبدالرحمن أياس.
يستعرض المؤلف تاريخ التقشف في الدول الرأسمالية، ثم يوضح أن 'كل الأسباب المقدمة لتأييد الرأي القائل بضرورة أن نتقشف جميعا (لأننا بالغنا في الإنفاق... إلخ)، والحجج المعروضة دفاعاً عن النتائج الإيجابية المفترضة لسياسات التقشف، أي أن التخفيضات تفضي إلى نمو، هي عموماً هراء خطر، لكنها تبقى الأفكار المهيمنة راهناً رغم تسببها في ضرر فادح. ويعود السبب وراء ذلك إلى موقف أيديولوجي، وبعض السبب وراء القوة الكبيرة وهيمنة هذه الأفكار الرديئة يعود إلى جذور مادية أيضاً'.
ثم يبين المؤلف السبب الذي دفعه لتأليف الكتاب، وهو يتعلق بعدم الإنصاف في سياسات التقشف، فيقول 'كبرت في فقر (نسبي)، وعرفت أوقاتاً أذهب فيها إلى المدرسة حقاً وفي حذائي ثقوب، فمدخول العائلة كان شيكاً حكومياً، هو تحديداً معاش تقاعدي حكومي، إلى جانب منح متفرقة من والدي العامل اليدوي. أنا طفل لدولة الرفاهية، وأنا أيضاً فخور بالأمر. أنا اليوم أستاذ في جامعة مرموقة، وما مكنني من أن أصبح كذلك هو نفسه المتهم حالياً بالتسبب في الأزمة نفسها، أعني الدولة، خصوصاً دولة الرفاهية، المطاردة والمتخمة والأبوية والجامحة، فبفضل دولة الرفاهية البريطانية لم أعرف الجوع يوماً، فمعاش جدتي والواجبات المدرسية المجانية اهتمت بالأمر، ولم أفتقر يوماً إلى مأوى بفضل الإسكان الاجتماعي، وكانت المدارس التي التحقت بها مجانية، وأدت، في الواقع، دور سلالم الحراك للذين نالوا عشوائياً اليانصيب الجيني للحياة والمهارات اللازمة للتسلق... الذي جعلني أنا وكثيرين مثلي قابلين للوجود، دخل في الواقع فترة جمود، فبطالة الشباب في العالم المتقدّم بلغت في حالات كثيرة مستويات قياسية، وضاعفت سياسات التقشف هذه المشاكل، فتقليص دولة الرفاهية باسم إنتاج مزيد من النمو والفرص خرافة مُهِينة'.
ويمضي المؤلف ليؤكد 'أن التقشف سياسات جيدة للمصارف لأن الذين يدفعون ثمن هذه الفوضى ليسوا هم الأشخاص أنفسهم الذين سببوها'، وعن صندوق النقد والبنك الدوليين يقول المؤلف 'بعد تداعي نظام (بريتون وودز) لم يعد لصندوق النقد الدولي، حرفياً، شيء يفعله، ولكن دوره تغير فأصبح من (مراقبة صارمة) لسياسات الدول الأعضاء لزيادة الشفافية العالمية في العالم المتقدم على الأقل. لكن في العالم النامي أصبح (الصندوق) شرطة مالية وراء ما وصفت بأنها (برامج التعديل الهيكلي). ويلاحظ (داني رودريك) أن سياسات صندوق النقد الدولي في هذه الفترة، بمساعدة وتحريض من البنك الدولي، آلت إلى تعويذة تتعلق بـ'الاستقرار المالي والخصخصة وتحرير الأسعار'، وكانت النجاحات قليلة، ومتباعدة، وخاضعة لانتكاسات متكررة'.
ويلخّص المؤلف كتابه كالتالي: 'إذا رغبت في مراجعة عامة للأمور المعرضة للخطر في المعركة حول التقشف فاقرأ الفصل الأول، وإذا رغبت في معرفة لماذا نُجبر جميعاً على التقشف، ولماذا انتهى المطاف بمجموعة من الرهون في الولايات المتحدة لتفجر الاقتصاد الأوروبي فاقرأ الفصلين الثاني والثالث. وإذا رغبت في معرفة مصدر اعتبار التقشف فكرة طيبة على صعيد نَسَبِها الفكري، فاقرأ الفصلين الرابع والخامس. وإذا رغبت في معرفة لماذا يبدو التقشف فكرة خطرة إلى هذا الحد فاقرأ الفصل السادس. وإذا رغبت في محطة واحدة لمعرفة السبب وراء الفوضى التي تعم العالم حالياً والتي طُلب منك أن تُسدد فاتورتها فاقرأ الكتاب كله'.
الكتاب قيّم وثري بالمعلومات الموثقة المعروضة بشكل موضوعي، ويستحق قراءة معمقة لا سيما أن التقشف الاقتصادي أو ما يطلق عليه محلياً 'ترشيد الإنفاق' مطروح بقوة في 'الوثيقة الاقتصادية' للحكومة التي بدأ تنفيذها في ما يُسمى تحرير أسعار البنزين، وهي تتضمن، بالإضافة إلى ذلك، سياسات اقتصادية منحازة اجتماعياً تشمل تخفيض الدعم الاجتماعي للسلع والخدمات الضرورية أو إلغاءه، وزيادة الرسوم والخصخصة الشاملة.
========================
مختار شعيب :خريف الإرهاب..صراعات تقوض استقرار الدولالمصدر:
القاهرة - البيان
التاريخ:04 أكتوبر 2016
لقد مثلت الظاهرة الإرهابية، منذ بروز أول منظمة إرهابية عرفتها البشرية (سيكاري).. وإلى أن ظهرت (داعش)، وسيلة لإدارة الصراعات السياسية داخل الدول، وكذا أساساً ومنفذاً لإثارة الفوضى.
وهو ما يستعرضه باستفاضة كتاب «خريف الإرهاب والفوضى الجديدة (الرايات السوداء.. من سيكاري إلى داعش)»، لمؤلفه مختار شعيب، مبيناً أنه هناك 390 منظمة إرهابية في 60 دولة في العالم، وهناك 40 دولة تستضيف عناصر إرهابية، كما وقعت عمليات إرهابية في 91 دولة.
ويشدد الكتاب في مختلف موضوعات دراسته واستعراضه التاريخي، على أنه سيظل الإرهاب جريمة منظمة دولية تواجه الدول والشعوب خلال العقود المقبلة، وذلك يتبدى ويتنامى بشكل أكبر وأخطر في ضوء سهولة الحصول على السلاح والتمويل ووجود أكثر من ألفين وخمسمئة منظمة متطرفة في العالم تنتمي إلى شعوب وثقافات مختلفة.
انطلاقاً من ذلك، تبرز أهمية هذه الكتاب المتضمن خمسة فصول شاملة وتفصيلية: الأول يحمل اسم «مفهوم الإرهاب» ويقدم مفهوماً كاملاً عن الإرهاب، يطرح فيه المؤلف نشأة وتطور الإرهاب، مشيراً إلى أن العالم عرف الإرهاب في صور مختلفة منذ أقدم العصور، فرصدت البرديات المصرية القديمة الصراع الدموي بين الكهنة، كما جرمت القوانين اليونانية والرومانية الإرهاب والجرائم السياسية المعادية للأمم.
وفي العصور الوسطى عرفت البشرية عصابات الإرهاب التي كان يستخدمها النبلاء في أوروبا للإخلال بالأمن في ربوع إقطاعيات خصومهم، كما عرفت ثورات العبيد الذين كانوا يفرون من مقاطعات الأسياد ويشكلون عصابات للانتقام والقتل والسرقة وإشاعة الفوضى في أرض الملاك.
ويوضح الكتاب أن الاغتيال السياسي أسلوب قديم تخصص فيه بعض الناس؛ منذ مقتل يوليوس قيصر في قلب روما.. ثم اغتيال هنري الرابع وسادي كارنو والقيصر والإسكندر الثاني والملك الإسكندر ملك يوغوسلافيا.
ومن التاريخ القديم، ينتقل الكاتب في الفصل الأول إلى انفجار الإرهاب في العالم العربي مع مطلع القرن الحالي، لا سيما بعد ثورة يناير واندلاع الربيع العربي، أو ما أسماه المؤلف:
الخريف العربي، وقدم مجموعة من الجماعات الإرهابية في مصر، مثل جماعة الرايات السوداء وجماعة التوحيد والجهاد -وهي جماعة جهادية- وكذلك السلفية الجهادية وجماعة أكناف بيت المقدس، وغالبيتها جماعات تفجرت وبرزت إلى الساحة ما بين 2011 و2012 في مصر.
ويقدم الكتاب أيضاً تسلسلاً لصعود داعش على ساحة الجهاد المسلح في العالم، سارداً أن ترعرع داعش جاء من داخل سجن أميركي في عام 2004، حينما اقتيد أحد الشباب الجهاديين مكبلاً بالسلاسل والأغلال وكانت كنيته «أبو أحمد» وهو الآن مسؤول بارز في تنظيم داعش.
كما يشير إلى أن الهيكل التنظيمي لداعش ملف غامض ومتداخل، ما بين شخصيات جهادية متطرفة وشخصيات فاعلة ومؤثرة قادمة من بقايا العشائر وضباط المخابرات والعملاء المزدوجين.
ويعتبر الكتاب مرجعاً شاملاً لمن يرغب في الاطلاع على تاريخ الجماعات الجهادية ومصادر تمويلها ونفوذها على الأرض، وبشكل خاص يقدم تأريخاً لتصاعد داعش التي سيطرت على كل من سوريا والعراق، لافتاً إلى أن موسم داعش الحقيقي بدأ في يونيو 2014 مع بدء التنظيم قطف ثمار أخطاء وممارسات النظامين السوري والعراقي.
ويشير المؤلف إلى الاتجاهات الرئيسة في تعريف ظاهرة الإرهاب ويقدم نماذج له؛ مثل الإرهاب المحلي وإرهاب الدولة وإرهاب الفرد وغيرها، كما يقدم سمات ظاهرة الإرهاب وما يتحمله العالم من جراء هذه الظاهرة، متطرقاً في الوقت ذاته، وبصورة تفصيلية، إلى الجهود الدولية التي تبذل لمكافحة الإرهاب، وكذلك معوقات مكافحة الإرهاب؛ ومن أبرزها: الاستغلال السياسي للظاهرة وضعف الإدارة السياسية لبعض الدول والتي تعيق بدورها تحصيل نتائج.
وفي العموم، يعد هذا الكتاب المتخصص، والذي يأتي في 486 صفحة، دراسة وافية وحصيلة بحث مضن على مدى 13 عاماً، كما يبين المؤلف في مقدمة بحثه مشيراً إلى أن هدف الكتاب «فتح الصندوق الأسود للإرهاب».
الكتاب: خريف الإرهاب والفوضى الجديدة (الرايات السوداء.. من سيكاري إلى داعش)
تأليف:مختار شعيب
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 2016
========================
عبدالرزاق مكادي :«بريكست».. هل انتصر «الشعبويون»؟
تاريخ النشر: الجمعة 07 أكتوبر 2016
جاء تصويت البريطانيين في شهر يونيو الماضي لصالح الانفصال عن منظومة الاتحاد الأوروبي بعد43 عاماً من عضويته، أشبه بزلزال سياسي عنيف اجتاح القارة الأوروبية، وراحت ارتداداته تتوالى ليس في أوروبا فحسب، بل امتدت إلى القارة الأميركية، لتهدد بتصدع أوروبا وتفتيتها، وربما الولايات المتحدة الأميركية أيضاً، وهكذا وأمام جسامة الحدث ودلالاته وتداعياته المحتملة، التقط الكاتب الصحفي عبدالرزاق مكادي خيط الحدث وراح يتتبعه لتوثيقه، وأهدى المكتبة العربية كتاباً جديداً بعنوان (طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، يسلط الكتاب الأضواء على الزلزال الذي أخرج بريطانيا من البيت الأوروبي الكبير وأسبابه والتداعيات المحتملة لذلك، متتبعاً الحدث منذ تصويت البريطانيين لصالح الانفصال حتى استقالة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق، وتولى تيريزا ماي قيادة بريطانيا لإخراجها من نفق الغموض السياسي والاقتصادي الذي أدخلها فيه ذلك الانفصال. نتائج التصويت في استفتاء الخروج «بريكست» عكست انقساماً داخل بريطانيا، وخصوصاً في انجلترا، على سبيل المثال صوتت لندن التي تتسم بالتنوع مع البقاء في الاتحاد، بينما اختار الخروج سكان المناطق الصناعية في شمال وجنوب انجلترا، حيث يظهر خطاب معادي للهجرة.
وحسب الكاتب، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعد أهم «نجاح للأحزاب الشعبوية»، ويبدو أن تقدم هذه الأحزاب بات واضحاً في هولندا وفرنسا البلدين المؤسسين للاتحاد الأوروبي.
الكاتب رصد تحذير أطلقه رئيس المفوضية الأوروبية «جان كلود يونكر» من أن يؤدي اختيار الناخبين البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى إجراء المزيد من الاستفتاءات في بلدان أخرى. «يونكر» لديه قناعة بأن «الشعبويين عادة لا يفوتون فرصة الترويج لسياساتهم المناهضة لأوروبا»، ورغم هذا يحدوه الأمل في أن تداعيات الخروج على بريطانيا ستدفع شعوباً أخرى نحو التمسك بالبقاء داخل هذا الكيان الإقليمي الكبير. وضمن هذا الإطار، زج دونالد ترامب المرشح «الجمهوري» في انتخابات الرئاسة الأميركية بنفسه في استفتاء بريطانيا على الخروج، حيث اعتبر أن انتصار خيار «لا للبقاء في أوروبا الموحدة» ينسجم من سياساته ومواقفه التي يروج لها في حملته الانتخابية، والمتمحورة حول التضييق على المهاجرين.
لاشك أن «الخروج» البريطاني من الاتحاد الأوروبي يعكس في جانب منه أزمة اقتصادية داخل أوروبا، في ظل تحديات يقرها الاتحاد خلال السنوات الخمس المقبلة، تتصدرها البطالة والطاقة والتجارة والنزاعات الدولية، فالمسؤولون الأوروبيون يدركون أن لديهم 26 مليون عاطل. وهناك من يرى في «خروج» بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إضعافاً للاستراتيجية الدفاعية الجديدة في أوروبا، خاصة في ظل تهديدات راهنة تأتي من البحر المتوسط ومن النفوذ الروسي. وسيصبح حلف شمال الأطلسي في مأزق، فبريطانيا لا تزال صاحبة الميزانية العسكرية الأكبر في الاتحاد الأوروبي، كما أن «الناتو» ربط نفسه باتحاد أوروبي أقوى، لا أن يصبح هو الخيار التلقائي لتكتل ضعيف ومقسم. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن بريطانيا، هي واحدة من خمس دول في الاتحاد الأوروبي، تمتلك القدرة والموارد اللازمة لتنفيذ عمليات عسكرية في الخارج، فهي مساهم رئيسي في العمليات التي يقودها الاتحاد، وحتى مهمة مواجهة تدفق المهاجرين إلى القارة الأوروبية ستصبح أكثر صعوبة من دون مشاركة السفن البريطانية. ومع ذلك صدرت إشارات من «الناتو» مفادها أن مشاركة بريطانيا في الحلف لن تتضرر بعد قرار «خروجها» من الاتحاد الأوروبي.
ويستعرض الكاتب نشأة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، والمحطات المهمة في علاقات بريطانيا بالاتحاد والتحديات التي بانتظارهما بعد ذلك الخروج، كما يسلط الأضواء على المتضررين والمستفيدين منه في العالم. ويعرض الكتاب للحركات الانفصالية التى تهدد بتمزيق أوروبا وأميركا، والتي نشطت بعد ذلك الانفصال البريطاني. ويتحدث مكادي في مقدمته للكتاب فيقول: شبّه كبار الساسة والمثقفين الأوروبيين الأمر بأنه مثل «الطلاق من طرف واحد»، خاصة أن جميع قادة أعضاء الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم «ديفيد كاميرون» رئيس الوزراء البريطاني نفسه وحكومته، كانوا من مؤيدي فكرة البقاء تحت «مظلة الاتحاد والحفاظ على مكاسب وامتيازات بريطانيا السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية داخله، وهو ما ظهر جلياً في دعوة كاميرون للبريطانيين قبيل ساعات من الاستفتاء للتصويت باتجاه البقاء داخل المنظومة، غير أن الرياح جاءت بما لاتشتهي سفن كاميرون وحكومته، وأنصار البقاء تحت مظلة الاتحاد، وهكذا جاءت النتائج ترجمة لتطلعات وآمال وطموحات غالبية البريطانيين الذين فضلوا نزع «نجمتهم» من علم الاتحاد، حتى ولو كانت بفارق بسيط جداً 52%، ولكنها تبقى في النهاية قواعد لعبة الديمقراطية في واحدة من أمهاتها بقلب أوروبا.
الكتاب يتكون من 14 فصلاً يتصدرها فصل تمهيدي، ما يلفت الانتباه أن «مكادي» انتهز السجال الدائر حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخصص الفصل الرابع عشر من كتابه لرصد الحركات الانفصالية التي تهدد أوروبا وربما أميركا بالتمزق، والسبب في ذلك يعود إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها القارة العجوز تتسبب في توتر المناطق التي تشكل نقاط ضعف كامنة منذ زمن طويل، حيث علا صوت المطالبين بالاستقلال عن دولهم، وظهر هذا بوضوح جراء سياسات التقشف التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الدول الأكثر تأثراً بالأزمة المالية. ويقول الكاتب: (من أصل 50 دولة هناك 33 دولة فيها حركات انفصالية بعضها يدعو لإقامة دولة مستقلة والبعض الآخر يدعو للحصول على حكم ذاتي، وآخرون يدعون للانفصال أو الالتحاق بدول أوروبية أخرى. ومشكلات من هذا النوع يراها الكاتب في إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا، حيث تعاني من تفاوتات في الدخل بين أقاليمها، وأشار الكاتب أيضاً إلى وجود حركات انفصالية في دول مثل بلغاريا وكرواتيا والبوسنة والهرسك وألبانيا، وفي هذه الأخيرة يوجد حزبان (حزب الاتحاد من أجل حقوق الإنسان، وأمونويا)، يعكسان رغبة السكان من ذوي الأصول اليونانية في الحكم الذاتي أو الالتحاق باليونان!
قد تتنوع التداعيات ما بين اقتصادية ومالية، كتلك المتعلقة بالركود والانكماش وتراجع النمو، وبين تداعيات سياسية واجتماعية تسودها فكرة الانعزالية والخوف من الانضواء تحت مظلة أوروبية، لكن يظل استفتاء الخروج تجربة عملية على اتخاذ قرارات مصيرية من خلال اتجاهات الجماهير، وهي تجربة قد تتكرر مع دول أوروبية أخرى وفي قضايا مماثلة.
لايزال الباب مفتوحاً على تداعيات «الخروج» البريطاني من الاتحاد الأوروبي، فهل تكون السلبيات كابحاً يحول دون انضمام أعضاء جدد في أوروبا الموحدة إلى لندن، أم أن هذه الخطوة فرصة لمراجعة أو بالأحرى تقييم أداء منظومة العمل الأوروبي برمتها؟ أياً كانت الإجابة، فإن «بريكست» منعطف استراتيجي خطير ليس فقط لدول القارة العجوز، بل إنه يضع التكتلات الاقتصادية الكبرى أمام استحقاقات وتساؤلات مصيرية.
المؤلف: عبدالرزاق مكادي
الكتاب: طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
تاريخ النشر: 2016
دار النشر: الخليج للنشر والطباعة
===========================
جمال شحيّد :المدينة والثقافة.. دمشق أنموذجا
ًالمصدر:
محمود شاهين
التاريخ:27 سبتمبر 2016
يشتمل كتاب (المدينة والثقافة.. دمشق أنموذجاً)، الذي نسق وأعد أبحاثه جمال شحيّد، وهي سبعة عشر بحثاً عائداً لمجموعة من الكتاب السوريين والعرب والأجانب، إذ تدور جميعها حول المدينة.
وذلك وفق ثلاثة محاور: الأول نظري، الثاني تطبيقي، الثالث تاريخي، لكن الجانب التطبيقي لم يعالج مدينة دمشق حصراً، إذ شاء بعض الباحثين، أن يتكلموا عن مدن أخرى كباريس والقدس ودبلن. المهم في ذلك أن المقارنة كانت الهدف المستتر بين دمشق وهذه المدن، فكيف تتفاعل دمشق مع الثقافة؟
أو بالأحرى مع ثقافتها؟ إنه تساؤل مفتاحي يجيب عليه منسق أبحاث الكتاب مؤكداً أنه لا يستطيع أن يكون رومانسياً، يحلم بأمجاد مدينة عرفها في صباه وأحبها.
كذلك لا يستطيع أن ينظر إلى دمشق كما نظر إليها شعراؤها الذين عرّش الياسمين على أصابعهم، وهَبَّ صبا بردى النهر القتيل على وجوههم، ولا يريد أن يتكلم عن تلك الدمشق الآراميّة، والهلنستيّة واليونانيّة والرومانيّة والعربيّة، بكل أطياف الأسر التي حكمتها. ولن يتكلم عن دمشق العثمانيّة أو الفيصليّة والتي قاومت ببسالة سلطة الانتداب الفرنسي. بل إنه يختار أن يترك للمؤرخين متعة التمحيص عن ماضي هذه المدينة وأهلها.
فما يريد التكلم عنه هو دمشق في نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، وعلاقتها بالثقافة، من خلال إثارة جملة من التساؤلات المهمة منها: هل دمشق مخدومة ثقافياً كما يليق بمدينة عمرها عشرة آلاف سنة؟ هل لهذه المدينة هوية ثقافيّة خاصة بها؟ هل هي مدينة منفتحة ثقافياً على العالم، أم أنها لا تزال تجتر وضعها كمدينة داخليّة محافظة؟
نحن، (كما يقول شحيّد)، في عصر العولمة والقرية الكونيّة، فهل أصاب هذه المدينة تحديث ثقافي ولبرلة سياسيّة واقتصاديّة تتناسب مع وضعها كحاضرة كبرى من حواضر الشرق الأدنى، لا سيّما إذا علمنا أن العاصمة هي المكان الذي تتحدد فيه معالم الدولة والمواطنيّة، وتتبلور فيه نوعيّة العلاقة بين السلطة والمجتمع. إنها البوتقة التي يكتوي جميع سكانها بنارها!
من جملة ما يسترعضه الكتاب، رأي طالب الرفاعي حول مدينته دمشق، إذ يراها مدبوغة على جلود أبنائها، وفي حكاياتهم الشعبيّة، وفي زغزغة الفرح على صفحات وجوههم. أما غادة السمان فترى دمشق مسكونة بياسمين جدتها، وتظل محفوظة في صناديق الماضي، ببيوتها العتيقة وأزقتها وأبوابها القديمة اللامنسيّة. فيها تزوج الحنانُ الحجرَ، فولدت بيوت تنحني على أهلها كرحم في أزقة متلاصقة الشفاه كهمس العشاق.
وفي بحثها عن القدس، تذهب سحر خليفة للبحث عن صورة لها معنى، عن لقاء الأهل، عن لمّ الشمل...وتتحدث باولا فيفياني عن دمشق والروائيين السوريين الجدد كخالد خليفة، مؤكدة صدق إعجابها بها، وانبهارها بسحر جمالها، وعراقة تاريخها، وعظمة سيرتها، وضيافة أهلها. وقارن خيري الذهبي بين زهو بلاد الشام الهلنستيّة وانغلاق الاسيويّة العثمانيّة. واستعرض نبيل سليمان الفسيفساء الدمشقيّة روائياً.
ويُشير منسق الكتاب جمال شحيّد إلى أن لكل مدينة خصائصها اللغويّة والفنيّة والفكريّة، ولها عاداتها اليوميّة وعقليتها، وهو شخصياً يحب التجوال في شوارع دمشق العتيقة، الهادئة، الرقراقة بالمشاعر الإنسانيّة، باحثاً عن ذلك الزمن الهارب، علّه يستعيده يوماً ويضيف إليه.
دوران وسلطة
تباينت صورة المدينة في الأبحاث التي ضمها الكتاب، واختلفت من كاتب إلى آخر. فهي لدى كمال ديب، لم تلعب في مكانتها المركزيّة دائماً، دوراً واحداً في عمليات الإبداع والإنتاج الثقافي، وإنما لعبت دورين مختلفين.
بينما يراها وليد إخلاصي سلطة تصنع الثقافة. أما المواطنيّة لدى حسان عباس، فهي ليست موضوعة سياسيّة، ولا قضية قانونيّة فحسب. إنها قبل كل ذلك قضية ثقافيّة بالمعنى النبيل والحضاري لكلمة ثقافة.
المعد في سطور
جمال شحيّد. أديب سوري من مواليد محافظة السويداء عام 1942. درس الفلسفة في (المدرسة الصالحيّة) بالقدس عام 1960، وفي 1974 حصل على الدكتوراه في الأدب المقارن- جامعة السوربون بباريس. ترجم سنة 2005 الجزأين ال6 وال7من رواية مارسيل بروست (البحث عن الزمن المفقود).

الكتاب: المدينة والثقافة/ دمشق أنموذجاً
تأليف: جمال شحيّد
الناشر: الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربيّة - دمشق
الصفحات: 284 صفحة
القطع: الصغير
========================
محمد عثمان الخشت :"أخلاق التقدم"..كتاب يناقش لماذا تقدمت دول لا تأخذ بالدين وتخلفت أخرى تنسب نفسها إليه؟
الجمعة، 30 سبتمبر 2016 03:04 م
كتب وائل ربيعى
صدر مؤخرا كتاب "أخلاق التقدم" للكاتب المصرى الدكتور محمد عثمان الخشت، نائب رئيس جامعة القاهرة، عن (دار نيو بوك) للطباعة والنشر والتوزيع بالقاهرة، ويدخل  هذا الكتاب فى إشكالية التقدم والتخلف، ويلقى الضوء على أسباب تخلفنا وكيف ترجع فى المقام الأول إلى سيادة أخلاق التخلف المسيطرة على سلوك المواطن والتدين الزائف الذى يحكم التعاملات الإنسانية والتجارية، ويكشف عن التحايل والإهمال وعدم اتقان العمل وغيرها من السلوكيات التى تسيطر على الأفراد وبالتالى تفسد الاقتصاد، ويرى الخشت أن "الثقة والصدق وسائر الأخلاقيات" ليست مجرد فضائل لدخول الجنة بل أركان للاقتصاد الناجح.
ويقدم الخشت، فى كتابه "أخلاقيات التقدم" بوصفها الأساس الذى لا يقوم بدونه أى مشروع نهضوى كبير، وأن أخلاق التقدم هى أجندة أخلاقية تحتوى على مجموعة من السلوكيات والممارسات والأساليب التى لا غنى عنها لتحقيق التقدم فى معناه العام؛ التقدم الحضارى والثقافى والعلمى والسياسى الذى يصنع مجتمع الوفاء والعدل فى عالمنا العربى الإسلامى بصفة عامة وفى مصر بصفة خاصة. ويبين المؤلف الحاجة الماسة إلى فلسفة للفعل والعمل لا للكلمة والنظر، فلسفة للتقدم، ومن ثم فلسفة للأخلاق، لكنها ليست أخلاق النظريات الفلسفية المجردة، وإنما أخلاقيات قابلة للتنفيذ؛ أخلاقيات لتقدم الشعوب.
ويناقش الكتاب الدين، وعلاقته بالأخلاق والتقدم، ويتساءل: لماذا تقدمت دول لا تأخذ بالدين وتخلفت دول تنسب نفسها إلى الدين؟ويتكون الكتاب من سبعة فصول، ينتقل فيها المؤلف من الأخلاق إلى فلسفة الأخلاق.ثم من الرؤية الأخلاقية للحياة إلى الأخلاق التطبيقية. كما يحلل مفهوم «الواجب»وفاعليته كدافع أخلاقى يضع السلوك الإنسانى فى إطار العقل والضمير. ويقف طويلا عند الشروط الأولية لأخلاق التقدم.
ويؤكد الخشت، فى كتابه، أن فلسفات الأخلاق التى قدمها الفلاسفة لا تصلح كأساس لأخلاق التقدم، إذ اهتمت بالجانب النظرى فقط من القضية. ويعقد مقارنة بين مجتمعات التقدم ومجتمعات التخلف، ويخرج منها بأن شروط التقدم هى: بيئة تنافسية عادلة، وتقديس الحرية، والضمير، وقانون عادل، وتقديس ثقافة التنمية والإنتاج.
ويرى المؤلف أن أخلاق التقدم لا تعنى تأسيس أيديولوجية جديدة، بل تعنى الاتفاق حول قيم ملزمة ومعيار ثابت ومواقف شخصية أساسية لا يمكن لأية جماعة تهديدها عاجلًا أو آجلًا عبر الفوضوية أو الديكتاتورية. ويؤكد على مبدأين أساسيين تقوم عليهما منظومة الأخلاق التقدمية؛ وهى أن كل فرد ينبغى أن يُعامَل على نحو إنسانى؛ وأن نفعل للآخرين ما نتمنى أن يفعلوه معنا. وهو ما أطلق عليه «الإرادة المتسقة مع ذاتها» وهى قاعدة عميقة فى جذور التراث الإنسانى كله.
ويختم الخشت، كتابه بـ «كلمة أخيرة» بعنوان: «لا تقدم بدون إنصاف»، ويؤكد فيها أن الحل لمواجهة التخلف هو أن يتغير الناس، ويصف السعى نحو التغيير بأنه «الجهاد الأكبر». والحل عنده؛ هو إعمال أخلاق التقدم (مثل رفض الاستثناءات، وسيادة الشفافية، وأن يسود بيننا مبدأ «لكل حسب عمله»... )، وحماية هذه الأخلاق عن طريق تطبيق القانون بصرامة، ولا بد أن يواكب هذا كله روح جديدة تَشيعُ فيها ثقافة التنمية والإنتاج وتعلو فى أجوائها مفاهيم عمل الخير الإيجابى وليس التدين الزائف.
========================
كتاب..طبيب عبد الناصر يحكى فى مذكراته عن مرضه ولحظاته الأخيرة
شريفة عوض شريف
0118طباعة المقال
منذ فترة قصيرة، رحل الدكتور الصاوى حبيب طبيب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وصاحب خزائن أسراره الطبية. وقد كان لى الحظ أن أقابله خلال ترددى على مركزه الطبى للعلاج، ودارت بيننا حوارات أهدانى على أثرها كتابه «مذكرات طبيب عبدالناصر», كما تحدث معى عن الكثير من الأسرار والذكريات التى يحفل بها هذا الكتاب.
ووجدت من واجبى بعد رحيل هذا الطبيب الجليل، أن أعرض لهذا الكتاب والذى استهله حبيب بالهدف من تأليفه, باعتباره ليس كاتبا أو صحفيا أو مؤرخا أو سياسيا, ولكنه طبيب تحكمه لوائح وآداب مزاولة المهنة. كما أنه شاهد عيان على مرحلة مهمة من تاريخ مصر، وتفاصيل الحياة الطبية لرئيس كان من أعظم وأهم زعماء العالم، حيث رافقه فى جميع سفرياته.
وبعد مضى ستة وثلاثين عاما على رحيل عبدالناصر، يكشف لنا الدكتور حبيب بضعا من التفاصيل الطبية والحياتية لهذا الزعيم. ويستهل المؤلف كتابه بأنه كان طبيبا خاصا لجمال عبدالناصر منذ عام 1967 حتى وفاته سبتمبر 1970. ويوضح المؤلف كيف أصبح طبيبا فى رئاسة الجمهورية منذ عام 1961، حيث كان يعمل طبيبا بالقوات المسلحة وكان يقوم بالكشف عن المرضى من جنود وضباط وموظفى الرئاسة ثم مرافقة رئيس الجمهورية فى تنقلاته الداخلية بالتناوب مع اثنين من زملائه بالإضافة إلى حضوره المآدب الرسمية والحفلات لمواجهة أى طوارئ طبية والتأكد من سلامة الأغذية والمشروبات، بالإضافة إلى مرافقة كبار الزوار من ملوك ورؤساء، ويلقى الضوء على الاحتفالات التى كانت تقام بمناسبة ثورة 23 يوليو بمشاركة كبار الفنانين منهم أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب أحيانا.ويكشف حبيب عن بعض تفاصيل مرض الزعيم جمال عبدالناصر بالسكر منذ عام 1967، وأن عبدالناصر كان يدخن بشراهة, ولعلها كانت هوايته الوحيدة إلى جانب لعبة الشطرنج ورياضة التنس، وفى أغسطس 1967يقول: «واجهتنى أول مشكلة طبية فى علاج الرئيس بالسكر بظهور للأسيتون بالبول مع ارتفاع بسيط فى درجة الحرارة نتيجة وجود التهاب بالقناة التنفسية العليا» وتمت السيطرة على الموقف بإعطائه أنسولين مائى ثلاث مرات يوميا مع زيادة كمية السوائل، بالإضافة إلى المضاد الحيوى, واختفى بذلك الأنسولين من البول خلال يومين. وكان يشرف على علاج الرئيس د. منصور فايز أستاذ الأمراض الباطنة بجامعة القاهرة وبدأت عمل نظام غذائى متكامل بالتعاون مع د. إسماعيل عبده عميد معهد التغذية, وكان عبدالناصر بطبيعته غير أكول.
 
وينتقل د. حبيب ليروى قصة انتحار المشير عبدالحكيم عامر وكيف استطاع إنقاذه فى مساء الخامس والعشرين من أغسطس عام 1967، بمنزل الرئيس, بعد قبول عبدالناصر العدول عن التنحى واستجابته لضغط الرأى العام ومجلس الأمة وتفويضه بإزالة آثار العدوان وفى الوقت نفسه قبول استقالة المشير عبدالحكيم عامر وعدم عودته إلى قيادة الجيش.
وعن تفاصيل الحياة اليومية للرئيس يقول د. الصاوى حبيب: كان يستيقظ مبكرا ويدق الجرس فيدخل عليه السفرجى بصينية الشاى، وعندما يدق الجرس ثانية، يدخل الطبيب ، والمرة الثالثة تعنى دخوله الحمام وارتداء ملابسه للاستعداد للنزول إلى حجرة المكتب, والجرس للمرة الرابعة يعنى تحضير الفطار والذى يتكون من الفول والزبادى ونبات الأفوكادو.
وعن تفاصيل الساعات الأخيرة لحياة الزعيم جمال عبدالناصر يروى د. الصاوى حبيب من خلال الفصل المعنون «يوم ليس له آخر»: فى الساعة الرابعة والنصف بعد ظهر يوم 28 سبتمبر, وصلتنى رسالة تليفونية من سكرتيره الخاص المرافق له بأن الرئيس يطلب منى التوجه إلى منزله فى منشية البكرى لمقابلته، وتوجهت على الفور, وكان الرئيس مستلقيا على السرير ورأسه مرتفع كثيرا وقال لى إنه شعر بتعب فى اثناء توديعه أمير الكويت فى المطار. وقمت بعمل رسم القلب، وبدأت فى العلاج وحضر دكتور منصور فايز والدكتور زكى الرملى وأكدا خطورة الحالة نتيجة وجود انسداد جديد فى الشريان التاجى، حيث كان حدوث الجلطة الأولى فى الشريان التاجى يوم 11 سبتمبر 1969 وطلبت منه ألا يتحرك وأن يستريح ورد قائلا: «أنا استريحت يا صاوى» وفوجئت برأسه يميل إلى الجانب فجأة وفى الحال تحسست النبض وفوجئت بتوقفه.
 
لقد توفى الرئيس عبدالناصر بالصدمة القلبية وهى من أخطر مضاعفات انسداد الشريان التاجى, واستراح جمال عبدالناصر كما جاء فى آخر عبارة قالها!.
========================
 عبد الهادي حائر :صدور كتاب «تاريخ الحركات.. الأنشطة الماسونية السرية، في الدول الإسلامية»
كتاب «تاريخ الحركات.. الأنشطة الماسونية السرية، في الدول الإسلامية» للكاتب عبد الهادي حائريكتاب «تاريخ الحركات.. الأنشطة الماسونية السرية، في الدول الإسلامية» للكاتب عبد الهادي حائري
صدر حديثا عن المكتب المصري للمطبوعات كتاب «تاريخ الحركات.. الأنشطة الماسونية السرية، في الدول الإسلامية» للكاتب عبد الهادي حائري، وترجمة عادل سويلم ومنى حامد .
المعنى الأصلي لهذا المصطلح «الماسونية» يمكن تفسيره بصورة مختلفة، فعلى سبيل المثال فإن الحرفي أو البنّاء الذي يعمل بشكل حر ويستخدم في عمله للحجارة المنحوتة أدوات حرفية مثل القدوم والشاكوش والبلطة والمسطرين يطلق عليه اسم "فريماسون" نظرًا لأن مثل هذه الحجارة المنحوتة تسمى في اللغة الإنجليزية "فري ستون"، كما أنه من المحتمل أن هؤلاء الحرفيين قد أطلق عليهم اسم "الأحرار"نظرًا لأنه في عصر حكم الأنظمة الإقطاعية في أوروبا كان هؤلاء الحرفيون أحرارًا في عملهم يسافرون إلى أي مكان في بلادهم يكون في حاجة إلى خدماتهم ويعملون هناك.
وحول الجذور التاريخية للماسونية ظهرت روايات وحكايات كثيرة منها ما يربط هذه الجذور بمعبد سليمان؛ حيث يرى كثير من الكُتاب أنها نبعت واستلهمت من جذور يهودية، لكن التاريخ يثبت أن وجود هذه الحركات كنتاج لازدواجية الرؤية في الحضارة الغربية البرجوازية قد بدأ منذ 1717م، وكان الإنجليز هم الذين بدأوها.
 
========================
هيثم نافل والي :رواية  «طاعون الشرق»
كتب بواسطة غادة قدري  التاريخ: 8:30 م، 25 سبتمبر
صدرت مؤخرا عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، رواية «طاعون الشرق» في 296 صفحة من القطع الكبير، وهي الرواية الثانية من ثلاثية الأديب العراقي المقيم في ألمانيا «هيثم نافل والي»، والتي بدأها برواية «أنهر بنت الرافدين» وسيختمها بالجزء الأخير «الوهم».
وملحمة «طاعون الشرق» يتزاوج فيها الخيال مع الواقع لتجسيد أهم وأخطر حقبة تاريخية مرَّ بها العراق خاصة والأقطار العربية عامة على مدار نصف قرن تقريبًا، تفنَّن فيها هيثم والي وأبدع واضعًا لنفسه ومن سيلحقه أولى منصات التاريخ المنصف المحايد الذي ستتعلمه الأجيال اللاحقة بما فيها من وصف، سرد، تأمل ومحاكاة لمستقبل يعتبره حاضرًا واقعًا وموجودًا، وما سيؤول عنه الوضع الذي تشرق منه الشمس بعد عشرات السنين.
إنها مأساتنا الشرقية التي لا نرغب برؤيتها لقسوتها، في طاعون نما فينا وانتشر، في ثنايا وتلافيف عقولنا، يصفه المؤلف بين سطور الرواية بقوله «غالبًا ما يبدأ الطوفان بقطرة مطر، النوايا غير الأفعال، في سجون العالم يتمرغ آلاف الأبرياء تحت سمع وبصر ورعاية القانون قهرًا وعذابًا، وكأن الإنسان لم يعد غاية».
صوَّر الروائي بريشة فنان عليم يعرف مخابئ النفس آفة الخوف كيف يكون عندما يحلّ في جسد المبدع مرضًا: «الخوف قضبان سجن المبدع، متى ما تنكسر تلك القضبان وتتلاشى يتحرر الإبداع» ثم بطريقة فلسفية مبسطة يفسِّر لنا كيف نتعامل مع التغيير ونروضه، بقوله: «من ينكر أن الدمعة لمعة في المقلة عندما تأبى أن تنساح أو تنحدر.. التغيير، أي تغيير لا يحدث في لحظة، بل يحتاج إلى صبر؛ صبر طويل أحيانًا كصبر أيوب». يعرج بعدها ملوحًا مترجمًا شعورنا الذي نهابه ونخاف التصريح به والإعلان عنه عندما تلمَّ بنا الأخطار بكلمات تدخل القلوب دون حاجتها لطرق أبوابها: «لا تقل للدجاجة كش، اقطع أرجلها، سعيدٌ من يرى ويعي في الحياة، من يستيقظ قبل موته، من يلحق نفسه ولا يدعها تتقدمه أو تسبقه».
«طاعون الشرق» العمل الروائي الثاني للأديب هيثم نافل والي بعد رواية «أنهر بنت الرافدين» وأكثر من مائة وعشرين قصة قصيرة تضمنتها ثلاث مجموعات قصصية صدرت جميعها عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام، هي: «الموتى لا يتكلمون» و«الهروب إلى الجحيم» و«عجائب يا زمن».
========================
علم الوعي الكوني… كتاب عن المعرفة وتطوير الذات لحسان نجار
دمشق-سانا
علم الوعي الكوني كتاب للباحث حسان نجار يذهب إلى المعرفة وتطوير الذات ويقود إلى معرفة الطبيعة الحقيقية للإنسان حسب معطيات الفيزياء الكونية وكيفية مقدرته على استخدام الأدوات والمهارات المكملة لشخصيته وطريقة سلوكه وتفكيره وأدائه والعوائق التي تقف في طريق ابداعه ويبحث نجار في الجسم الأثيري للإنسان الذي يعني الطاقة الحياتية وما يكنه في داخله من عواطف تؤثر على الجسم بنوعيها السلبية والإيجابية إضافة إلى الجسم الفكري والعقلي وغيرهما من التي تكون شخصية الإنسان.
وفي الكتاب يبين نجار مزايا الخيال وارتباطه بالعقل والأحلام والمحبة والتجارب التي نعيشها بخيالنا ومدى إمكانية أن نعيشها في الواقع.
وأوضح الباحث أن الاطمئنان هو القاعدة والأساس الذي نبني عليه الثقة والتواصل والقدرات فالمطمئن هو إنسان واثق ومعطاء وتكمن لديه كل عوامل الإيمان والمحبة والتضحية مبينا أن هذا الشعور يأتي من اكتمال الشخصية بمقوماتها المؤدية إلى القوة التي تمكن الإنسان من الابتعاد عن القلق والتوتر والخوف.
ويرى الكاتب أن هناك آليات كثيرة تساعد الإنسان على معرفة ما الذي يريده وما هو الأنسب له حتى يزيل بسرعة بالغة وبسهولة كل ما يعتري طريق أهدافه من الخوف والتردد والحيرة والصراع النفسي وتؤسس عنده حالة شعورية مستقرة تجاه هدفه المأمول وتجعله يتصور المستقبل ليستشعر هدفه ويؤمن بإمكاية تحقيقه ويرى قدراته وخطواته التي ينبغي أن يتخذها ويرى آثارها ونتائجها المتوقعة.
ولفت نجار إلى أن الوعي يعمل على تنمية الحواس وشحذ طاقاتها وقدراتها لتكون أكثر كفاءة وأفضل أداء في دقة الملاحظة وموضعيتها ضمن الحدود البشرية التي فطر الناس عليها كما بين نجار أنه كل ما ارتقت وسائلنا بالرصد كلما زادت مدركاتنا ووعينا وثقافتنا وتهيأت الفرص بشكل أفضل لتحقيق النجاح وخاصة إذا علمنا أن كلا منا تغلب عليه إحدى هذه الحواس فبإمكانه أن يرتكز عليها أكثر من غيرها وفي الكتاب الصادر عن دار نجار للطباعة والنشر والتوزيع مواضيع أخرى كالمرونة والمبادرة في العمل والإدراك والحالة الذهنية وأنماط التفكير ودور اللغة وغير ذلك.
يشار إلى أن حسان نجار باحث مهتم بالقضايا التي تخص تنمية الذات البشرية له سلسلة بعنوان ومضات كما أنشأ معرضا للكتاب الدائم يضم مكتبة لإعارة الكتب وقاعة للمطالعة.
محمد خالد الخضر
========================
أضواء على كتاب «فلسفة بيولوجية الجسد» لماهر الصراف
<< الجمعه، 30 سبتمبر/أيلول، 2016
همسة العوضي *
تعتبر فلسفة العلم إحدى فروع الفلسفة التي تهتم بدراسة الأسس الفلسفية والافتراضات والمضامين الموجودة ضمن العلوم المختلفة، بما فيها العلوم الطبيعية مثل الفيزياء والرياضيات والبيولوجيا، والعلوم الاجتماعية مثل علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية.
ومن أبرز المفكرين العرب الذين خاضوا في مجالها: محمود أمين العالم، وعلى الصعيد المحلي برز المفكرون:أ.د.هشام غصيب، د. توفيق شومر، د. وليد العطاري، ود. ماهر الصراف نائب رئيس الجمعية الفلسفية الأردنية ،الذي احتفلت الأوساط العلمية والفكرية العربية مؤخرا بصدور كتابه: (فلسفة بيولوجية الجسد) عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت،والذي يشتمل على دراسات كان ألقاها في عدد من الهيئات الثقافية والفكرية منها:الجمعية الفلسفية الأردنية، مؤسسة عبد الحميد شومان، منتدى الفكر الاشتراكي، رابطة الكتاب الأردنيين، وحملت العناوين التالية: الجنسانية، الدماغ والعقل، الداروينية، فلسفة الأخلاق الطبية.
يضيء د.الصراف في كتابه هذا شمعة في ليل الطب قبل أن يدلهم الظلام، ويغرس ورودا سرعان ما تـُزهر في بستان الفكر قبل أن يمتلئ بالأشواك، ويناضل كي لا تبقى حديقة العلم خلفية،بل يجعلها في الطليعة دائما،ويلجأ لعلم التشريح، كي يلج إلى الأدمغة في الرؤوس، وإلى القلوب في الصدور، ويحدثنا من قلب العلم والفكر عما يجري للإنسان في أثناء رحلته العمرية، وما يصادفها في كل جزء من الثانية، من تقلبات تـُشكل معجزات أمام الفلسفة والطب في ذروة تقدمهما وتطورهما.
د.الصراف، شخصية ذات مكانة مرموقة في العمل العام،وعالم يقظ، وقامة علمية ووطنية، وصاحب خبرة وتجربة ورؤية علمية ثاقبة تستبق الزمن، وتستكشف المجهول،وهو من المفكرين الذين ساهموا في التنقيب عن  المعرفة باعتبارها من الكنوز المدفونة في العقول، فخصص جهده ووقته وماله من أجل إيقاظ العلوم من سباتها،وعندما اصطدم بحقيقة أن روح المريض ليست بيد الطبيب فحسب، بل ثمة روحانيات وعادات وتقاليد وأفكار وقوانين ومؤسسات رسمية وشعبية تتدخل في هذه الروح، سعى جادا إلى تكوين الإطار المعرفي المتصل  بالعلم والمنهج العلمي وأصوله  الفكرية من أجل إطلاق الروح على سجيتها، وإخراجها من قبضة قوى الظلام التي تحول دون تجدد حياتها الروحية والجسدية.
ويعيدنا هذا الكتاب في أثناء مناقشته لما يصنفه بعضهم ضمن الغيبيات، إلى كتاب آخر، بعنوان الفكر الفلسفي»نحو فلسفة توازن بين التفكير الميتافيزيقي والتفكير العلمي»، لمؤلفته الدكتورة نوال صراف صايغ التي ساهمت في نشأة وتدريس فلسفة الثقافة العربية في جامعة أوتاوا بكندا،ويُشير بإيجابية مشابهة إلى د.هشام غصيب، في محاضرته عن العقلانية العلمية؛ والعقلانية الميتافيزيقية، فالفرق بينهما؛هو بالبرمجة؛ وباستخدام البرهان؛ لتكوين شبكات عصبية جديدة؛ تفضي لاستنتاج واكتشاف معلومات جديدة. وينسب لـ د. هشام قوله: (إن اللون اللاعقلاني في الخطاب ما قبل العلمي؛ كان قد أسماه «ياسين الحافظ» بالعقل «المـُفوّت»، وأخشى أن نكون في موقع أسوأ من ذلك، فإننا لن نواجه فقط العقل المجرد: «المفوّت»؛ بل إننا أمام مخاطر العقل الفيزيائي :» المتراجع»؛ نتيجة العيش باستمرار داخل المجتمع الأسطوري؛ المعتمد على التكرار)
اتبع د. ماهر الصراف في كتابه الموضوعي، والدقيق، والموثـّق بالمصادر والمراجع، والمليء بالآراء والنظريات العلمية والفكرية، التي تعكس ثقافته الموسوعية، وانفتاحه على العالم ،اتبع التفكير العلمي مغايرا الميتافيزيقي، يقول د.الصراف: («أدمغتنا» بأيدينا تضمر،وبأيدينا تكبر، وأن استخدام العقل العلمي؛ وممارسة العلم؛ يبني شبكة عصبية؛ بينما عدم التعامل مع علم جديد كل يوم؛ يخمد تكوين مثل هذه الشبكة،وأن الأسطورة وتكرارها ؛ يساوي السكون لدى الخلايا العصبية؛  ولا يبني معها أي دوائر عصبية جديدة، بل إن التكرار والسكون؛ يميت دوائر كانت قد تكونت من قبل؛ ويمارس على حساب وقت؛ كان من الممكن الاستفادة منه؛ في خلق روابط عصبية جديدة).
مؤلف هذا الكتاب، يورد نظرية داروين»التي تقول: «إن صفات الكائن الحي؛ التي يرثها عن آبائه؛ تتأثر ببعض التغييرات(لاحظوا لم يقل داروين طفرات بل تغييرات) غير المعلومة سلفاً»، فالتحولات التي تتناسب مع الحياة؛ وتساعد على التكاثر؛ تزداد، وأما التحولات التي لها تأثير سلبي على البقاء؛ وطبعاً تلك التي لا تزيد من احتمالات التكاثر؛ فإنها تختفي تدريجياً»،ثم شرح بعض النقاط بتفصيل أكثر اختار منها: هناك اختلاف بين أعضاء؛ أو فصائل النوع: أي أنها ليست متشابهة، نتيجة لهذا الاختلاف؛ تنجح بعض الفصائل؛ أكثر من غيرها؛ في المنافسة على البقاء، لذلك؛ تحاول الأجيال التالية؛  لكل الأنواع؛الإبقاء على نسبة التكييف؛ وتحسينها، وقد استخدم داروين: خمسة دلائل معرفية أفقية؛ وواحدة رأسية.الدلائل الأفقية: علم التهجين الاصطناعي؛ الذي كان يمارسه مربو الحيوانات، علم التوزيع الجغرافي للكائنات الحية، علم الأحافير؛ الذي اكتشفه سميث؛ علم التشريح؛ وهو علم حديث نسبياً، علم الأجنة؛ وهو أكثر حداثة؛ وأقرب هذه الدلائل تقريباً للنظرية الداروينية إلى علم البيولوجيا الحديث، أما الدليل الرأسي؛ فهو الزمن؛ متمثلاً بالقياس البيولوجي؛ أي ربط الأحفور بطبقة جيولوجية معينة؛في حقبة زمنية معينة؛ من عمر الأرض.ويقول د.الصراف:أمور جديدة؛ احتار وارتبك أمامها المفكرون :اليساريون منهم واليمينيون؛ فكل من فوكوياما وهابرماس اللذان يميلان إلى الحد من الهندسة الجينية؛ يستخدمان لغة مائعة في الأجوبة على هذه الحالات..كرامة الإنسان، ويختم د.الصراف حديثه بالقول: «من هنا؛ فإني أعتقد أن الإنسان اليوم يكاد أن يتخطى سؤال داروين: « من أين أتينا؟»؛ لأنه يجابه سؤالاً أصعب، وهو «إلى أين نحن ذاهبون؟».
يستحق د. ماهر الصراف على ضوء تأليفه هذا الكتاب،الذي أهداه إلى زوجته ميسون، وأبنائه سامر وخالد، وشقيقته نوال، أن يكون في طليعة مفكري التنوير، الذي اشتغلوا على تحقيق المشروع النهضوي العربي الشامل، وعلى إرساء قواعد اليقظة العربية،فكان دائما في الصفوف الأمامية لأي عمل وطني أو فكري أو علمي، وكان وما يزال يسمع بقلبه النابض، وضميره الحي، يرى بعينه الثاقبة ملامح المستقبل المشرق للوطن والأمة، وخلـّد وما زال يسعى إلى تخليد  بصمات كثيرة  في المجالات العلمية، كان في طليعتها بنك الخلايا الجذعية الذي كان في الماضي واحدا من أحلام الخيال العلمي، ومشاركته الصادقة بالبحث عن حلول للمشكلات الطبية والفكرية العالمية.
ومن مقارنات د.الصراف الجميلة بين الماضي والحاضر قوله: (في الستينات كان الأوروبيون يهزأون من نسائنا؛ لقيامهن بإرضاع أبنائهن في الأماكن العامة في بلادنا؛ الأمر الذي كان عادة تمارس بالفعل؛ ودون أن يشكل ذلك إثارة جنسية للرجال المحيطين بها،  وبعد خمسين عاماً؛ أي في بداية هذا القرن؛ انقلبت الموازين؛ وصرنا نجد الأوروبيين أنفسهم يهزأون منا؛ لأننا نعزف عن فعل ذلك،  بينما هم اقتبسوا تلك الظاهرة؛ وكالعادة؛ بالغوا في اعتبارها ملك لهم).
وتبرز نقدات د.الصراف الرائعة، عبر قوله: (سأعلق على فلسفة «سارتر»:ففي حين أننا نتعرض لرغبة الخلية بالأخرى؛ والكائن بالآخر؛ بالالتصاق؛ وحتى بالاندماج؛ فإنني أستغرب أن تكون فلسفة «سارتر» معاكسة للقانون الطبيعي؛ حين يضع الآخر عدواً له؛ ويشعر دائماً بالتهديد منه).
أما على صعيد التوافق مع الآخرين، فيتجلى تأكيد د.الصراف على أن كل ما وصلت إليه الإنسانية ونظرياتها العلمية يتفق تماما مع قول ابقراط:( إن الدماغ هو أكثر من أن يكون جهازاً يستخدم للتفكير فقط، ويجب أن يكون معلوماً للجميع: أنه ليس من مكان آخر في الجسم؛ إلا من الدماغ يأتي الشعور بالسعادة والرغبة في الضحك والتسلية، وكذلك منه يأتي الألم والحزن والدموع، إنه العضو الذي نستخدمه لنرى ونسمع، وبه أيضاً نفرق بين الجيد والسيء، وبين الجميل والقبيح، والدماغ هو كذلك: مكان الجنون والفزع والرهبة التي تتملكنا أحياناً؛ وهو مكان القلق والمشي أثناء النوم والنسيان والتركيز والأفكار المعقدة).
ويعتبر د.الصراف من أهم علمائنا الذين لا يكتفون بالنظر إلى استقلالية الكائن الحي وتحليله من الداخل، بل نجده يستقصي ردة فعله تجاه الظروف المكانية والزمانية والبيئية المختلفة،ويسجل ما يطرأ عليه من أمور، خلال تلك التقلبات، فيذكر مثالا على احتمال استمرار إحدى الطفرات أو تلاشيها هو:»في القرن التاسع عشر؛ عاشت عتة ملونة كانت تنتشر في ربوع الريف البريطاني، وكانت الطيور لا تستطيع اصطيادها بسهولة؛وذلك لتشكلها من ألوان مختلفة تتمازج مع ألوان الورود، ولذلك كانت العتة الرمادية التي نشأت بطفرة مفاجئة؛ تعتبر الشاذة اللون؛ والمختلفة عن العتة الملونة؛ فباتت تحت وطأة افتراس الطيور لها.ولما انتشرت الصناعة؛ وتأثرت الطبيعة بالبيئة الصناعية الملوثة؛ وصارت الغابات رمادية اللون؛ انعكس الأمر، فصارت العتة الرمادية هي الصعبة المنال؛ لتماهي لونها مع الطبيعة الجرداء، وعلى العكس من ذلك، فإن العتة الملونة؛ أصبحت موضع اصطياد سهل،  حيث تظهر بوضوح بين الأشجار القاحلة؛ وما إن مرت عدة سنوات؛ حتى كانت العتة الرمادية تشكل العدد الأكبر، أي أن الطفرة؛ هي تغيير في صفات كائن؛ وقد يكون هذا التغيير مناسباً؛ ويستمر وينتقل من جيل إلى جيل، أو قد يكون غير ملائم للحياة فيندثر، وهو بعيد كل البعد عن الغائية؛ وهي الاعتقاد السائد لدى بعضهم، وهو أن الطفرة تحدث لغاية معينة؛ أو لهدف بعينه.
عرفنا فيما مضى» الأدب المقارن»، وفي هذا الكتاب استحدث د.الصراف الطب والفكر المقارن، حيث أبرز فيه وجهات النظر العلمية والفكرية في كثير من القضايا التي تدخل في صلب الإستراتيجية الدولية لمكافحة المرض والعقم، وإنقاذ البشرية من أوجاعها وآلامها،وضمان استمرار الحياة على هذا الكوكب.
وبقدر اهتمام د.الصراف، بالجسد والنفس والروح والفلسفة، بقدر اهتمامه بالتغيّرات التي طرأت في علاجها جميعا، مسلطا سهام نقده لما جرى في الماضي من تنكيل بالمرضى، نتيجة الجهل الذي كان منتشرا آنذاك،وها هو يقول: لاستكمال الدائرة في فهم الدماغ؛ سأذكر بسرعة شديدة؛ عن مبدأ علاج أمراض الدماغ؛ والتي بقيت تعرف لقرون طويلة :»بالأمراض العقلية»؛ لأنهم كانوا ينظرون إليها بمعنى الاضطراب بالعقل المجرد؛ وبالتالي كان التشخيص تشخيصاً ميتافيزيقياً بحتاً، فبالتأكيد أن الفيلسوف العظيم «نيتشه» -بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه- كان قد أودع مستشفى الأمراض العقلية؛ لسنين طويلة؛ بالتشخيص المكرر؛ لكثير من المرضى؛ وهو (الجنون)، ولا بد أنه مثل غيره؛ قد ربط بالأصفاد والحديد؛ وان لم تصل معاملتهم له لمستوى السجين الشهير الذي ربط بقضبان حديدية لمدة 14 عاما؛ كانت تمنعه لطولها فوق كتفيه؛ أن ينام على جنبه؛ بل قضى كل هذه السنين؛ وهو ملقى على ظهره، لكن لا بد أن (نيتشه)؛ قد نال قسطاً من تشخيصاتهم؛  في ذلك الوقت؛ مثل دخول الأرواح الشريرة إلى رأسه، وقد يكون الشيطان نفسه قد دخل إلى عقله؛ ثم إن تهمته حتى الآن؛ تشكك في قدرته الفكرية؛ قبل مرضه، وكأن الشيطان سكنه طيلة حياته؛ وإن لم يكن ظاهراً؛ قبل ظهور المرض، دواء نيتشه اليوم؛ بعد أن تبين أنه كان يعاني من السفلس؛ هي أربعة حبات دواء؛ او إبرة واحدة.
وفي الختام، فإن  هذا الكتاب الكوني، يستحق من الجهات العلمية والفكرية أن تبادر إلى ترجمته للغات العالم المختلفة، لما فيه من أمور أجـّلها كثيرون لتكون من اختصاص علم المستقبل وفلسفة المستقبل، غير أنه أحدث استدارة سريعة، من قلب علم البيولوجيا، باعتباره علم دراسة تركيب الكائنات الحية وطبيعتها وصفاتها وطرق عيشها وأنواعها.
وهذا الكتاب أيضا، اهل لشهادة د. هشام غصيب به، حيث قال في تقديمه له: هذا الكتاب هو باكورة الأعمال الكتابية للصديق الدكتور ماهر الصراف، لكنه، بنضج طرحه وعمقه الفكري والعلمي، يبدو وكأنه ذروة مكتبة بكاملها من الأعمال الثرة، وهو بالفعل يمثل العصارة الفكرية لمسيرة كاملة من الممارسة الطبية والحياتية الطافحة بالعبر.
========================
عبد الرزاق مكادي :كتاب يوثق لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي
صالح غريب
صدر للزميل الكاتب الصحفي عبد الرزاق مكادي كتاب جديد بعنوان "طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، يعرض الكتاب الزلزال الذي أخرج بريطانيا من البيت الأوروبي الكبير وأسباب والتداعيات المحتملة لذلك؛ متتبعا الحدث منذ تصويت البريطانيين لصالح الانفصال حتى استقالة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق؛ وتولي تيريزا ماي قيادة بريطانيا لإخراجها من نفق الغموض السياسي والاقتصادي الذي أدخلها فيه ذلك الانفصال.
يسلط الكتاب الأضواء على تاريخ نشأة بريطانيا من العصور القديمة مرورا بالوسطى إلى العصر الحديث. كما يستعرض زلزال إعلان الرغبة في الطلاق بعد أن صوت الناخبون البريطانيون بنسبة 51.9 % لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي انضموا إليه عام 1973، حيث شهد الاستفتاء، نسبة مشاركة كبيرة بلغت 72.2 %، وأظهرت نتائجه حالة من الانقسام داخل بريطانيا حيث صوتت لندن واسكتلندا وأيرلندا الشمالية لصالح البقاء، فيما صوتت شمال إنجلترا -ويلز- للخروج. وكيف يوجه هذا الخيار البريطاني ضربة قوية للمشروع الأوروبي ولرئيس وزرائهم السابق ديفيد كاميرون؛ رغم ما يشكله هذا الخروج من قفزة إلى المجهول.
ويناقش الكتاب أسباب طلب البريطانيين للطلاق؛ ويتناول بشكل توثيقي ردود الأفعال الأوروبية كما وردت بألسنة قادتها على ذلك الحدث. ويستعرض الكتاب نشأة الاتحاد الأوروبي ومؤسساته؛ والمحطات المهمة في علاقات بريطانيا بالاتحاد والكوارث التي بانتظارهما بعد ذلك الخروج؛ ويسلط الأضواء على المتضررين والمستفيدين منه في العالم. ويعرض الكتاب للحركات الانفصالية التي تهدد بتمزيق أوروبا وأمريكا؛ والتي نشطت بعد ذلك الانفصال البريطاني.
يتحدث المؤلف في مقدمته للكتاب الذي يقع في 208 صفحات من الحجم المتوسط، والذي يعد الأول بالمكتبة العربية في التوثيق لهذا الحدث البريطاني فيقول إنه: "في فجر يوم الرابع والعشرين من يونيو عام 2016؛ استيقظ البريطانيون والعالم على وقع صدمة عنيفة؛ سرعان ما تحولت إلى زلزال سياسي خطير تتابعت ارتداداته على الصعيد الداخلي البريطاني والأوروبي بشكل خاص والدولي بشكل عام، وذلك عقب تصويت الناخبين البريطانيين لصالح الانفصال عن منظومة الاتحاد الأوروبي بعد عضوية دامت 43 عاما؛ وقد شبه كبار الساسة والمثقفين الأوروبيين الأمر بأنه مثل "الطلاق من طرف واحد"؛ خاصة أن جميع قادة أعضاء الاتحاد الأوروبي بمن فيهم "ديفيد كاميرون" رئيس الوزراء البريطاني السابق نفسه وحكومته كانوا من مؤيدي فكرة البقاء تحت "مظلة الاتحاد"؛ والحفاظ على مكاسب وامتيازات بريطانيا السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية داخله؛ وهو ما ظهر جليا في دعوة كاميرون للبريطانيين قبيل ساعات من الاستفتاء للتصويت باتجاه البقاء داخل المنظومة.
غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهى سفن كاميرون وحكومته؛ وأنصار البقاء تحت مظلة الاتحاد؛ وهكذا جاءت النتائج ترجمة لتطلعات وأمال وطموحات غالبية البريطانية الذين فضلوا نزع "نجمتهم" من علم الاتحاد؛ حتى ولو كانت بفارق بسيط جدا (52%) ولكنها تبقى في النهاية قواعد لعبة الديمقراطية في واحدة من أمهاتها بقلب أوروبا". الكتاب صمم غلافه الفنان خضير غريب وأخرجه أحمد خميس.
========================
رضوان قيصر :"أبو الكلام آزاد وتَشكّل الأمّة الهندية" إصدار جديد عن مؤسّسة الفكر العربى
2016-09-30 الجمعة 10:26 م
صدر حديثاً عن مؤسّسة الفكر العربى كتاب جديد بعنوان "أبو الكلام آزاد وتَشكّل الأمّة الهنديّة.. فى مناهضة الاستعمار والسياسات الطائفيّة" للباحث والأكاديمى الهندى أ. د. رضوان قيصر، أستاذ التاريخ فى الجامعة المليّة الإسلامية فى نيودلهي. وقد قام بترجمته من الأرديّة إلى العربية د. صهيب عالم، أستاذ مساعد فى قسم اللّغة العربيّة وآدابها فى الجامعة المليّة الإسلاميّة فى نيودلهي، وراجع الترجمة أ. د. مجيب الرحمن، أستاذ فى مركز الدراسات العربية والأفريقية فى جامعة جواهر لال نهرو فى نيودلهي. يأتى الكتاب ضمن سلسلة "حضارة واحدة" التى تُصدرها مؤسّسة الفكر العربيّ، وتُعنى بترجمة أمّهات الكتب من الحضارات والثقافات الأخرى إلى اللّغة العربية. ويبحث الكتاب فى أدوار ونضالات واحد من أبرز الشخصيّات الكاريزمية الوطنية، الفاعلة والمتفاعلة فى شبه القارّة الهندية: أبو الكلام آزاد ( 1888م. – 1958م.) واسمه الحقيقى محى الدين أحمد بن خيرالدين، الذى أُعيد له الاعتبار فى بلاده السنة الماضية على أكثر من صعيد سياسى وفكرى وإعلامى وأكاديمى رفيع. أمّا لقبه "أبو الكلام" فقد أُطلق عليه كونه خطيباً بارعاً ومشوّقاً. وكلمة "آزاد" تعنى باللغة الأردية "الإنسان الحرّ". ويشكّل أبو الكلام مع المهاتما غاندي، الزعيم الروحى لعموم الهند، وجواهر لال نهرو، أوّل رئيس وزراء للهند المستقلّة عن الاحتلال البريطانى فى العام 1947، الثالوث الذهبى الذى قامت على أساسه دولة الهند الحالية المستقلّة. يتميّز مولانا آزاد عن غيره من قادة الهند الحديثة الكبار، بأنّه كان فى مقدّمة الزعماء المسلمين الهنود الذين دعوا بقوّة وصلابة إلى وحدة الهندوس والمسلمين، على أساس قومى هندى جامع، رافِعته دولة القانون والمؤسّسات والدَمقرطة المُستدامة، التى وحدها تحمى الدين من العبث به واستغلاله فى بازار السياسات الفتنوية على اختلافها، والتى لجأ إليها الاستعمار البريطانى لضمان هيمنته على البلاد، ونهب ثرواتها، والتحكّم بمقدّراتها، واستطراداً تحقيق مآربه فى تقسيم الهند إلى بلدين لدودين هما: الهند وباكستان. حظى أبو الكلام آزاد بثقة قطاعات عريضة من الشعب الهندي، بطوائفه الدينية واتّجاهاته الفكرية والإيديولوجية المختلفة، وخير دليلٍ على ذلك ترؤسه حزب المؤتمر الوطنى الهندى ذا الأغلبية الهندوسية فى العام 1923، وكذلك إعادة انتخابه رئيساً للحزب نفسه فى العام 1940 وحتى العام 1946. يحكى الكتاب قصّة هذا الرجل النهضوى الكبير الذى ظلمه الإعلام العربى كثيراً، وهو الذى كان وُلد لأمّ عربية فى مكّة المكرّمة، وجال فى بغداد والقاهرة وإسطنبول، متأثّراً بالدعوة الإصلاحية للشيخَين جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده، ومعهما بُعيد ذلك، الشيخ رشيد رضا صاحب مجلّة "المنار"، حيث على غرارها كان آزاد قد أسّس لاحقاً فى كلكتا (1912) مجلّته الشهيرة "الهلال"، التى لقيت قبولاً واسعاً فى أوساط المسلمين الهنود، وشكّلت تحوّلاً مهمّاً فى تاريخ الصحافة الهندية. كما كانت واحدة من مداميك النهضة الوطنية والفكرية والروحية لعموم بلاد الهند. يتألّف الكتاب من فصول ستّة وخاتمة، يعالج أولاها محاولات أبى الكلام آزاد الوصول إلى المراسى الإيديولوجية والسياسية المركزية فى بلاده، ما دفعه إلى الانخراط فى اتّجاهات مختلفة. بدأ حياته متطرّفاً وانتقل إلى تبنّى الوحدة الإسلامية لاحقاً، ولكن بما يتّفق مع القومية الهندية فقط. يناقش الفصل الثانى ارتباطات آزاد السياسية ومسألة بناء الجسور مع الوحدة الإسلامية، لجهة خارطة تحدّياتها السياسية والأمنية كافة، بعيداً من المسألة الدينية بالطبع، كون الرجل ابن الإسلام الحنيف الملتزم، وسليل عائلة دينية محافظة لجهة الأمّ والأب، واستطراداً المتحدّر من عمق التراث الدينى المنفتح والمتسامح كما تقتضى بذلك تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء. فى الفصل الثالث يتناول آزاد الجهود المبذولة لمحاربة المدّ المتزايد للطائفية فى العشرينيّات من القرن العشرين، وحضّ المسلمين على الانضمام إلى قضية السياسة التكامليّة، بغية تعزيز القومية الهندية الجامعة لكلّ الأديان والمذاهب والعقائد والملل والنحل، وما أكثرها فى الهند. وفى ذلك كان مولانا أبو الكلام آزاد ينمّ عن شخصية حاضنة للجميع دونما استثناء، ولا ترى إلّا بعيون المواطنة والهويّة المشتركة ووحدة البلاد والعباد. يناقش الفصل الرابع من الكتاب جهود آزاد لإقناع قادة حزب المؤتمر تبنّى سياسة أوسع لضمّ المسلمين إلى هيكلية السلطة العليا، وكذلك، بالطبع، إلى بنيتها العامّة، فى حين كان حسّاساً تجاه هويتهم ومخاوفهم الثقافية إزاء الأكثرية الهندوسية، وكان حريصاً على أن يتفهّم الجميعُ الجميعَ لأجل الهند وتماسكها، خصوصاً أثناء احتدام المواجهة مع كل المتربّصين بالأمّة، وفى طليعتهم الاحتلال البريطانى وشبكاته المخرّبة الهدّامة. أمّا الفصل الخامس فيناقش انتخاب آزاد رئيساً لحزب المؤتمر فى العام 1940 وسلسلة المفاوضات التى أجراها مع بعثة كريبس البريطانية فى العام 1942، وبعثة مجلس الوزراء فى العام 1946، بهدف انتزاع الهند استقلالها وحرّيتها، من دون الخضوع لمطالب "العصبة الإسلامية" بتقسيم البلاد، والمدعومة، كما هو معروف من سلطات الاحتلال البريطانى عبر أجهزة استخباراتها النشطة. يناقش الفصل السادس والأخير من الكتاب دور مولانا آزاد، بصفته وزيراً للتربية والتعليم خلال الأعوام 1947–1958، وهى الفترة الزاخرة بالإمكانيات والتحدّيات المصيريّة التى واجهها الرجل الكبير بالرويّة والحكمة والاستيعاب المرن العميق، واستطاع أن يمخر بسفينة الأمّة إلى ساحل النجاة. لكن، وعلى الرغم من كلّ محاولاته الدؤوبة والقوية والمُكلفة (طبعاً مع غيره من قادة الفريق الوطنى العريض المناوئ للاستعمار البريطانى ومشاريعه فى الهند) فى التصدّى لمشروع تقسيم البلاد، والذى كان الإنكليز قد بدأوا بترجمة محطّاته الزمنية المعدّة سلفاً منذ وقت مبكّر، إلّا أن جائحة الكارثة قد وقعت، وتقسّمت شبه القارة الهندية بتاريخ 14 آب / أغسطس من العام 1947، وغدا هذا التاريخ بالنسبة إلى آزاد يوماً حزيناً أسود؛ وقد ظلّ غير مصدّق أن التقسيم قد صار أمراً واقعاً، ممنّياً النفس أن العودة عنه لا بدّ آتية، على الأقل بفعل الضغط الشعبى المناوئ للتقسيم، وإصرار القادة الحريصين على وحدة التراب الهندى وعدم التسليم بما جرى. وكان آزاد يبدى تخوّفه من أن مثل هذا التطوّر الكارثى سيؤثّر على أولئك المسلمين الذين سيرفضون الانتقال (حتى القسرى منه) إلى باكستان، وسيتشبّثون بالبقاء فى مدنهم وقراهم، ولأجل ذلك سيُعتبرون، فى رأيه، غرباء فى وطنهم، وقد يتعرّضون للأذى المادّى والاضطهاد المتواصل، وخصوصاً من الجهات المتعصّبة والكارهة للعيش التعدّدى الهندى الواحد. اعتبر بعض المؤرّخين أنّ تقسيم الهند كان بمثابة هزيمة لأبى الكلام آزاد، والحقيقة أنّ هذه الهزيمة لا يتحمّلها الرجل وحده، بل هى مشتركة مع كلّ الذين يؤمنون بوحدة الهند أرضاً وشعباً، وبينهم الماهتما غاندي، صديقه، والذى لم تسلم العلاقات بينهما من خلافات كبيرة أحياناً، من مثل دعوة غاندى إلى اللّاعنف فى كل شيء، وحتى حدود عدم إنشاء جيش وطنى يحمى البلاد. صحيح أنّ مولانا أبا الكلام آزاد كان يكره العنف، وكان مؤمناً وإلى حدٍ كبير، بالدعوة إلى العصيان المدني، بل وشارك فى فاعلياته مرّات عدّة، واعتقل وسُجن، غير أنّ الوصول إلى فكرة عدم بناء جيش وطنى هندي، فذلك دونه خرط القتاد بالنسبة إلى مولانا أبى الكلام آزاد. إنّ الدور الذى لعبه مولانا خلال السنوات التى سبقت التقسيم، كان بمثابة معادلة "جيش مواجِه فى رجل واحد". فقد كان يتصدّى من جهة لعزلة المسلمين وانكماشهم المريب فى حزب المؤتمر؛ ومن جهة أخرى لم يتوانَ عن نقد عدم اكتراث القادة الهندوس فى الحزب بالقضايا الحسّاسة، مثل الهويّة الثقافية للآخرين (أى المسلمين)، والرغبة اليقينيّة فى تقاسم السلطة معهم فى البلاد. وخلال نضاله، وجد آزاد نفسه وحيداً فى أغلب الأحيان، لولا جواهر لال نهرو، زميله الوحيد، الذى كان يقدّم له الدعم المتاح، وبلا حدود على المستوى الشخصي. والأهمّ بعد فى أبى الكلام آزاد، أنّه بقى صامداً على فكرته من أنّ الأوطان تُبنى على المواطنة، وليس على الفكر الديني، وأنّ الذين يُظهرون غيرة كاذبة أو جاهلة على الدين لا فرق، هم أكثر الناس إساءة إلى الدين وإلى الأوطان معاً.
=======================
كريمة بلخامسة :«استراتيجية التلقي»..حيرة الكاتب الجزائريالمصدر:
القاهرة - آلاء عثمانالتاريخ:27 سبتمبر 2016
يشير الكتاب، الصادر حديثاً عن منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف، في السياق ذاته، إلى التحولات التي عاشها المبدعون الجزائريون بعد الاستقلال وما حملته من تحول سياسي واجتماعي وثقافي.
حيث وجدوا أنفسهم في مواجهة سؤال حاسم: «لمن نكتب؟»، أيكتبون للفرنسيين، كما كانت الحال من قبل.. أم يكتبون للجزائريين؟ لكن في هذه الحالة الأخيرة من سيقرأ ما يكتبون إذا كانت الأمية عندما غادر الفرنسيون الجزائر قد بلغت 85 بالمائة.
يتخذ الكتاب من الأعمال الأدبية للأديب الجزائري كاتب ياسين نموذجاً يترجم هذه الحيرة التي عاشها الكُتّاب بعد الاستقلال، قبل أن يقرر التخلي نهائياً عن الكتابة بالفرنسية.. إذ اتجه منذ السبعينيات في القرن الفائت، إلى كتابة المسرح باللهجة العامية الجزائرية؛ باعتباره كاتباً يؤمن بحتمية التواصل مع طبقة الشعب، لكن حاجز الأمية كان العائق الذي يفرقه عن جمهوره.
وهكذا تتخذه المؤلفة نموذجاً للأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية قبل خروج الفرنسيين؛ في محاولة لاستكشافه ومعرفة رد فعل القارئ الجزائري تجاه هذا الأدب، دارسة كيف كان تجاوبه في خضم هذه الإشكالية التي أحاطت به منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، وطبيعة انقسام الآراء حول مسألة انتسابه، ومعرفة كيف قرأ القارئ هذا الإبداع وما هي أسس هذه القراءة ودلالاتها.
ومن مضمون دراسات الكتاب، نتبين أنه يركز بوضوح، بداية، على أعمال كاتب ياسين في الفترة ما بين 1950 إلى 1996م، وهي الفترة التي كان يكتب فيها بالفرنسية.
وحاولت المؤلفة من خلال فصول الكتاب الأربعة احتواء هذه الإشكالية. فركز الأول على رواية «نجمة» ومسرحية «الجثة المطوّقة»، وتوسعت في البحث بهما عن كيفية تجسيد مفهوم القارئ الضمني، الذي يعتبر المحرك المحوري للعملية التواصلية، مبينة أنه مصدر التفاعل بين الكاتب والنص والقارئ.. ومحاولة اكتشاف علامات حضوره في النص الروائي والنص المسرحي.
وتعمد المؤلفة في الفصل الثاني إلى تفكيك الاستراتيجيات النصية في أعمال كاتب ياسين وعلاقتها بقيام فعل التلقي، وذلك بدراسة مفهوم الرصيد، وهذه المرجعية السياقية وتأثيرها في إحداث فعل القراءة، وتوجيه القراء، ذاك بموازاة تشريح الصورة الأمامية والخلفية التي ينبني عليهما هذان الخطابان.
ويتتبع الكتاب في فصله الثالث، حركة التلقي في أعمال كاتب ياسين المختلفة، ويخضعها إلى مبدأ التاريخ وإسهامه في تشكيل فعل التلقي. ومن ثم ترصد المؤلفة فعل القراء وأفق انتظاره الناس في مختلف الحقب التاريخية وكيفية انتقال حركة التلقي من زمن لآخر والمرجعية وتأثيرها في مدى تجاوب القارئ مع التجربة الإبداعية.
ويستكمل الفصل الرابع حركة التلقي وأفق انتظار القارئ بالتركيز على تجربة القارئ الجزائري ورصد مجموع القراءات التي ميزّت الأخير؛ خاصة عن غيره من القراء عبر العالم، وكذا يعتني به في محاولة معرفة خصوصيات هذه القراءة والخلفيات المرجعة التي وجهت مسار حركة القراءة.
وتخلص مؤلفة الكتاب إلى أن أعمال كاتب ياسين المختلفة، استوقفت القارئ الجزائري وشكلت موضوع قراءاته بعد الاستقلال، بعدما كانت من حق القارئ الفرنسي.
 
لكنها كُتبت بالفرنسية؛ فكان يصنفها على أنها أدب فرنسي، لكن يُصدم القارئ الجزائري حين يقرؤها ويجدها تبتعد عن المألوف في الكتابة الإبداعية الفرنسية والأوروبية بوجه عام؛ سواء على مستوى الموضوع أو البنية، وعدم استجابتها للمنظومة القرائية المعهودة لدى القارئ. ولهذا شكلت الكتابة الإبداعية عند كاتب ياسين قفزة نوعية في الأدب الجزائري أثارت اهتمام القراء والنقاد على اختلاف تخصصاتهم.
«نجمة»
يتطرق الكتاب، وبتوسع، إلى جملة سمات تفرد خاصة بإبداع كاتب ياسين، الأديب الذي قدم أكبر رواية للأدب الجزائري، مكتوبة باللغة الفرنسية في العالم، بعنوان «نجمة»، كتبها عام 1956م، وتساءل ياسين بشأنها: «هل ماتت روحها الجزائرية عندما كتبتها بالفرنسية واعتبرها النقاد أجمل نص بالفرنسية لكاتب من أصل غير أوروبي؟!».
المؤلفة في سطور
كريمة بلخامسة. كاتبة وباحثة جزائرية. لديها مجموعة دراسات أدبية وفكرية واجتماعية.
الكتاب: استراتيجية التلقي في أعمال كاتب ياسين
تأليف: كريمة بلخامسة
الناشر: منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف - بيروت 2016
========================
أحمد حامد البيتاوي :العملاء والجواسيس الفلسطينيون.. عين إسرائيل الثالثة
عرض/حسن ابحيص
صدر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت كتاب جديد بعنوان "العملاء والجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة"، يتناول محاولات الاحتلال الإسرائيلي لاختراق المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، من خلال زرع العملاء وتجنيدهم.
يشكل الكتاب محاولة جديدة لفهم إحدى أخطر الظواهر على النسيج الفلسطيني، على الصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي، باعتبارها ما تزال أكثر أدوات الاحتلال فاعلية في الوصول للقيادات والكوادر السياسية والعسكرية للمقاومة الفلسطينية، سواء بالاغتيال أم الاعتقال، وفي جمع المعلومات التي يعتمد عليها في حربه ضد الفلسطينيين، كانتزاع الاعترافات من الأسرى أو كشف عمليات المقاومة، أو حتى الحصول على التفاصيل الميدانية التي يحتاجها خلال أي عدوان أو عملية عسكرية.
وعلى الرغم من خطورة هذه الظاهرة، فإن عدد الدراسات التي تناولتها ما يزال محدودا وقاصرا عن الإحاطة بها من مختلف جوانبها، ومن هنا تبرز أهمية هذه الدراسة، التي أعدها الباحث أحمد حامد البيتاوي، والتي هي في أصلها رسالة نال بها الكاتب شهادة الماجستير من جامعة النجاح الوطنية في نابلس.
يقع الكتاب في 192 صفحة من القطع المتوسط، ويضم أربعة فصول، تبدأ بتقديم لمحة تاريخية موجزة عن الجواسيس الفلسطينيين والتجسس الإسرائيلي على الفلسطينيين زمن الاحتلال البريطاني، ثم تتناول أسباب التخابر لصالح الاحتلال الإسرائيلي ودوافعه، ووسائل تجنيد الجواسيس وتأهيلهم وكيفية التواصل معهم، مرورا بمناقشة المهام المتعددة التي ينفذها الجواسيس لصالح الاحتلال، وأشكال تعامل الفلسطينيين والإسرائيليين مع الجواسيس، وانتهاء بتقديم عدد من الاستنتاجات والتوصيات.
-العنوان: العملاء والجواسيس الفلسطينيون.. عين إسرائيل الثالثة
-المؤلف: أحمد حامد البيتاوي
-عدد الصفحات: 192 صفحة
-الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
-الطبعة: الأولى، 2016
العملاء والجواسيس خلال الاحتلال البريطاني
حمل أول فصول الكتاب عنوان "لمحة تاريخية عن الجاسوسية ومفهومها"، ولكن الكاتب في واقع الأمر استعرض فيه بإيجاز شديد ظهور الجواسيس الفلسطينيين خلال زمن الاحتلال البريطاني لفلسطين، مشيرا إلى أن إحدى أبرز مهامهم كانت تأجيج الخلافات والفتن بين العائلات الفلسطينية المتنافسة، وتشويه صورة الثوار، واغتيال قادة فصائل المقاومة، إلى جانب عملهم كسماسرة سهلوا تسريب الأراضي الفلسطينية للبريطانيين واليهود.
كما تناول الكاتب في هذا الفصل بداية النشاط التجسسي للصهاينة على الفلسطينيين خلال الاحتلال البريطاني، موضحا أن هذا النشاط ركز في تلك المرحلة على أمرين: المعلومات التي تمكنهم من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وجمع المعلومات عن المقاومين للمشروع الصهيوني.

فهم الدوافع والأسباب
يحاول الكاتب في ثاني فصول الكتاب الإحاطة بالأسباب والدوافع التي تؤدي بالشخص إلى العمالة والجاسوسية، وتساعد على استمرار هذه الظاهرة، مقسما إياها إلى ثلاثة فئات أو عوامل رئيسية: أولها العوامل الاستعدادية أو الكامنة، التي ترتبط بخلفية الفرد ونشأته وعلاقته بوالديه وأقرانه. أما الفئة الثانية فتضم العوامل المهيئة أو المعززة، وهي موجودة في بيئة الفرد وتؤثر فيه، كالظروف المادية والأسرية ومعاملة العائلة للفرد. وآخرها فئة العوامل الضاغطة أو المعجلة، وهي الضغوط المزمنة التي يتعرض لها الفرد وتتفاعل مع صفاته وسماته الداخلية.
ويجمل الكاتب أبرز الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي قد تؤدي إلى وقوع الفرد في العمالة في 12 سببا أساسيا، قد تتداخل فيما بينها، تبدأ بضعف الحصانة الذاتية للفرد دينيا وأخلاقيا ووطنيا، مستشهدا في هذا السياق بكلام للرئيس السابق للشاباك، يعقوب بيري، يذكر فيه أن الوازع الديني لدى الشبان الفلسطينيين يعد أحد أبرز العقبات التي تحول دون تجنيد العملاء. كما يشير الكاتب في السياق نفسه إلى أن الفساد الأخلاقي هو أحد مداخل السقوط الأمني التي قد يستغلها الاحتلال لتجنيد العملاء.
ومن ضمن العوامل الفردية كذلك يتطرق الكاتب لدافع الحقد والانتقام الشخصي من المجتمع والأفراد كأحد أسباب الوقوع في العمالة، مشيرا إلى أن هذا النوع هو من أخطر أنواع الجواسيس وأكثرهم عمقا وعنفا، ويتم تجنيده بسهولة، أو لربما يكون هو المبادر بطلب التعامل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية. ويحذر الكاتب في هذا السياق من النتائج العكسية التي قد تنجم عن نظرة المجتمع السلبية لأهل الجاسوس وأقاربه، وتدفعهم للانتقام من المجتمع الذي عاقبهم على جريمة لم يقترفوها.
كما يناقش دور ضعف الوعي الأمني لدى الفلسطينيين بصورة عامة، وهشاشة البناء التنظيمي للفصائل، الذي أدى إلى إيجاد ثغرة تتيح للاحتلال النفاذ عبرها، مشيرا إلى وجود عدد من المظاهر والسلوكيات السلبية التي تمارسها نسبة كبيرة من الأفراد نتيجة لضعف الوعي الأمني؛ أبرزها الثرثرة، والفضول، والتدخل في أمور الغير، والميل للتفاخر، وحب الظهور، والاستعراض، والمباهاة، والثقة المفرطة بالآخرين. أما على الصعيد الفصائلي، فتبرز إشكاليات انكشاف التنظيم والكوادر من خلال المهرجانات المختلفة، والانتخابات الداخلية العلنية، وسهولة الانضمام إليها دون انتقاء أو اختبار لخلفية المنتسبين الجدد، وهلامية الخلايا العسكرية وتشعبها، وكثرة أعداد عناصرها ومعرفة بعضهم البعض.
ثم يتناول العوامل الضاغطة التي يستغلها الاحتلال لمحاولة تجنيد العملاء عبر ابتزازهم أو إغرائهم، كانتشار الفقر والبطالة في صفوف الفلسطينيين، ولجوء الكثير منهم للعمل داخل المناطق المحتلة سنة 1948، وسيطرة الاحتلال على المعابر والحواجز، مقيدا بذلك حركة الفلسطينيين وسفرهم للتعليم أو العلاج أو العمل.
ومن بين الأسباب التي يستعرضها الكاتب كذلك أساليب التربية الخاطئة، التي قد تدفع الأبناء إلى ممارسات وسلوكيات خاطئة تسهل وقوعهم في شباك العمالة، وشبكة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعد تربة خصبة لإسقاط العملاء، والنشاطات التطبيعية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والدور الذي تمارسه بعض منظمات المجتمع المدني الممولة من الخارج، إلى جانب غياب العقوبات الرادعة والتراخي في التعامل مع العملاء والجواسيس.
كما يتوقف الكاتب عند ملف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال باعتباره أحد أسباب العمالة، لا سيما وأن المعلومات التي تطلبها الاستخبارات الإسرائيلية من عملائها تشبه كثيرا في طبيعتها المعلومات التي تحصل عليها من الأجهزة الأمنية للسلطة، وهو ما يسهل على عناصر الأمن السابقين في السلطة تمرير مثل هذه المعلومات، بعد أن تم أصلا كسر الحاجز النفسي الذي يحول دون ذلك.
وسائل التجنيد والتواصل وعملية التأهيل
وفي الفصل الثاني نفسه،تستعرض الدراسة وسائل وأساليب تجنيد الاحتلال للجواسيس الفلسطينيين، مشيرة إلى تنوعها واختلافها بحسب تقييم شخصية المستهدف تجنيده، والذي يتم اختياره تبعا لعدد من المعايير، كمدى قربه من المعلومات المطلوب الحصول عليها، ومدى ملاءمته لتأدية المهام المطلوبة منه، وإمكانية استجابته لمحاولة التجنيد بعد دراسة نقاط قوته وضعفه لمعرفة "المفتاح" المناسب للوصول إليه. كما يتم انتظار الوقت المناسب لبدء عملية التجنيد، التي تتسم عادة بالتدرج وطول النفس.
وتقسم الدراسة وسائل الاحتلال في التجنيد إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الإغراء، والابتزاز، والإقناع. وتشمل الوسائل الإغرائية تقديم المال، سواء على شكل راتب شهري ثابت أم مبلغ معين يدفع مقابل كل مهمة ينجح الجاسوس في تنفيذها، أم تقديم تسهيلات تعود على الشخص بمنفعة مالية، كمنحه تصريحا للعمل داخل المناطق المحتلة سنة 1948، أم مساعدته في إقامة مشروع معين. ويمكن أن تشمل أيضا لم شمل العائلة، أو تخفيف عقوبة السجن، أو الإفراج عن الأقارب، أو توفير العلاج، أو السفر، أو إكمال التعليم، وغيرها.
أما الوسائل الابتزازية فتتضمن في المقابل التهديد بالحرمان من أي من الأمور التي سبق ذكرها نفسها، ومساومة الشخص المستهدف عليها، مقابل الموافقة على العمل لصالح الاحتلال، الذي يستغل تحكمه بمختلف نواحي حياة الفلسطينيين كعامل ضغط وأداة رئيسية لابتزازهم. كما تتضمن الإسقاط الأخلاقي والتهديد بالفضيحة بعد تصوير الشخص المستهدف في أوضاع مخلة بالآداب.
وفي حين يتطلب اللجوء لأسلوب الإقناع جهدا أكبر ويبقى خيارا أقل استخداما يستبعد نجاحه مع الأشخاص الذين يملكون حسا وطنيا، إلا أن الجواسيس الذين يتم تجنيدهم بهذه الطريقة هم الأكثر ولاء للاحتلال، حيث تصبح دوافعهم مبنية على رغبة داخلية، كالانتقام من أشخاص محددين أو فئة معينة أو من المجتمع بكامله، وتصبح نظرتهم منسجمة مع منظور مشغليهم للأصدقاء والأعداء.
كما تعرج الدراسة على عملية تأهيل الجاسوس وإعداده بعد تجنيده، سواء بهدف ضمان ولائه واستمراره، أم التثبت من مصداقية المعلومات التي يقدمها، أم بقصد إكسابه المهارات التي يحتاج إليها لأداء المهام الموكلة إليه، والتي قد تتضمن التدريب على مهارات الدفاع عن النفس أو استخدام السلاح أو أجهزة الاتصال، وغيرها. وتتطرق أيضا لوسائل التواصل المباشر أو غير المباشر التي يتبعها الاحتلال عادة مع الجواسيس، وأماكن اللقاء بهم.
المهام
يستعرض الفصل الثالث من الكتاب المهام المتعددة التي ينفذها الجواسيس لصالح الاحتلال، وأبرزها المشاركة في اغتيال أو اعتقال ناشطي المقاومة وقادتها، سواء من خلال تتبعهم ومراقبتهم، أم زرع المتفجرات في سياراتهم أو هواتفهم، أم بوضع إشارات خاصة تميز مكان وجودهم أو وسائل تنقلهم وتمكن الاحتلال من استهدافهم، أم حتى المشاركة المباشرة في تنفيذ الاغتيال وإطلاق النار على الشخص المستهدف.
ومن أبرز مهام الجواسيس أيضا محاولة اختراق فصائل المقاومة الفلسطينية، من خلال تجنيد الاحتلال لعناصر من داخلها، أو محاولة زرعهم فيها بعد تجنيدهم، وذلك بهدف الحصول على معلومات دقيقة وحساسة، عن التنظيم الداخلي مثلا، وأسماء الأشخاص القياديين ومسؤولياتهم، ومواطن الضعف والقوة الداخلية، وآليات اتخاذ القرار، وكشف العمليات العسكرية لإحباطها قبل تنفيذها، وغيرها من المعلومات.
كما ينشط الجواسيس أيضا داخل سجون الاحتلال بهدف تحصيل معلومات أو اعترافات من الأسرى الجدد عبر ما بات يعرف بـ"غرف العصافير"، حيث يعمل الجاسوس على كسب ثقة الأسير واستدراجه بادعاء انتمائه للمقاومة، لينقل بعدها ما يحصل عليه من معلومات للمحققين الإسرائيليين.
وتضاف إليها أيضا مهمة شراء الأراضي والعقارات الفلسطينية وتسريبها للاحتلال، ومحاولة تعزيز الانقسام بين فئات المجتمع الفلسطيني وإثارة الفتنة بين عائلاته ومكوناته السياسية، ونشر الإشاعات، ونشر الفساد الأخلاقي والمخدرات، وتجنيد عملاء آخرين وإسقاطهم، وغيرها من المهام.
التعامل مع الجواسيس
تتناول الدراسة في فصلها الرابع أشكال تعامل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي مع الجواسيس، مع التركيز على الطرف الأول. وهي تشير في هذا السياق إلى أن أشكال تعامل الفلسطينيين مع الجواسيس تغيرت بتغير الوضع السياسي العام، حيث تزامنت المراحل التي شهدت تصعيدا في الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين مع ارتفاع في وتيرة ملاحقة الجواسيس، وخصوصا في الانتفاضتين الأولى والثانية، والحروب على قطاع غزة في 2008 و2012 و2014.
أما أبرز أشكال التعامل التي تستعرضها الدراسة، فتشمل قتل الجواسيس والمتهمين بالتعامل مع الاحتلال على يد فصائل المقاومة أو إعدامهم على يد السلطة الفلسطينية، أو إيقاع الأذى الجسدي بحقهم، أو سجنهم، أو التشهير الإعلامي بهم من قبل الفصائل أو حتى من قبل عائلاتهم.
كما تتحدث في المقابل عن فتح باب التوبة أمامهم، والاستفادة منهم في أعمال المقاومة وتجنيدهم كجواسيس مزدوجين، والاعتذار ودفع الدية لمن ثبتت براءته منهم.
***
ويحسب للكاتب تقديمه إحصائيات ورسما للمسار الذي اتخذته أشكال تعامل الفلسطينيين مع الجواسيس منذ الانتفاضة الأولى من قبل الفصائل والسلطة، ومعالجته لهذا الموضوع من مختلف جوانبه، وإن بشكل موجز، حيث ناقش وجهات النظر المتعارضة إزاء هذا الموضوع وأبرز انعكاساته السلبية على تحقيق العدالة وعلى النسيج الاجتماعي في بعض الأحيان، وتكيف الجهات المعنية لتلافي مثل هذه الانعكاسات.
وتنتقل الدراسة بعد ذلك لاستعراض كيفية تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الجواسيس، حيث يحرص بداية على عدم انكشافهم لضمان استمرار سير المهمة الموكلة إليهم واستمرار تدفق المعلومات، وقد يلجأ أحيانا لمطاردتهم أو اعتقالهم بهدف تلميع صورتهم وإبعاد الشبهات عنهم.
أما بعد انكشاف الجاسوس، فغالبا ما يتم التعامل معه بإهمال، وقد يتعمد الاحتلال "حرقه" أو تسهيل كشفه بطريقة غير مباشرة، وخصوصا إذا لم تكن له أهمية كبيرة، ومن يسمح له بالانتقال للعيش داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، فإنه يواجه إكمال باقي حياته منبوذا حتى لو نال الجنسية الإسرائيلية، حيث يلقى رفضا من قبل المجتمع الإسرائيلي، ومن قبل فلسطينيي 1948، مع أن الإعلام الإسرائيلي وعددا من الشخصيات السياسية يسعون من وقت لآخر لتسليط الضوء على قضيتهم والدعوة لتحسين أوضاعهم.
بصورة عامة، نجح الكتاب في تقديم توصيف لظاهرة الجواسيس الفلسطينيين من زوايا عدة، وفي التعامل مع إشكالية النقص في الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع والمصادر المتوفرة حوله، من خلال اللجوء للمقابلات المباشرة بصورة أساسية. ولكن قلة المصادر دفعت الكاتب أحيانا للجوء لمصادر قد لا تكون موثوقة تماما من الناحية الأكاديمية على شبكة الإنترنت، وهو ما جعل المعلومات المستقاة منها بحاجة إلى تدقيق، وإن لم تؤثر في التقييم العام للدراسة ككل.
ويجب التنبيه أنه بالرغم من خطورة ظاهرة العمالة، وبالرغم من الجهود والمصاريف الهائلة التي ينفقها الإسرائيليون في تجنيد العملاء، فإنها تبقى ظاهرة شاذة في الإطار الفلسطيني، ويبقى العميل شخصا منبوذا مرفوضا من بيئته الاجتماعية ومجتمعه الفلسطيني. وفي أحيان كثيرة كان يتم تصفية العملاء أو التخلص منهم كلما توفرت لدى الشعب الفلسطيني الأدوات المناسبة أو أجواء العمل المقاوم.
في الوقت نفسه، فإن الإضافة التي تقدمها هذه الدراسة تنحصر في إطار توصيف ظاهرة من أخطر الظواهر التي تفت في عضد المجتمع الفلسطيني وتؤذي قضيته الوطنية، وليس هذا عيبا في الدراسة بحد ذاتها باعتبارها حصرت نفسها أصلا في الإطار الوصفي، ولكنه نقص يجب على الباحثين والكتاب في الشأن الفلسطيني النظر فيه بشكل جدي، باعتبار أن خطورة هذه الظاهرة واستمرارها لزمن طويل بات يستدعي الانتقال إلى البحث في الحلول وآليات معالجة الأسباب، والخوض بصورة أكبر في التحليل، وليس فقط مواجهة النتائج والتبعات.
========================
أشرف ريفي يكشف: المخابرات السورية حاولت إقناع الزرقاوي بتبنّي اغتيال الحريري
الصور من اليمين إلى اليسار: فضل شاكر، رفيق الحريري، أبو مصعب الزرقاوي، عناصر من النظام السوري، أحمد الأسير، وعلم حزب الله(24)
السبت 24 سبتمبر 2016 / 11:17
24 - أبوظبي
شق كتاب "في طريق المواجهة... من سوريا الثورة إلى لبنان الثائر مَن أشعل الفتنة؟"، طريقه إلى قلب المشهد السياسي في بيروت، لما يتضمّنه من "شهادات بالحبر" لكبار المتهَمين بجرائم إرهابية في لبنان.
وكان مؤلف الكتاب المستشار القانوني لوزير العدل اللبناني المستقيل اللواء أشرف ريفي، القاضي محمد صعب، انتقل إلى السجون اللبنانية، بإذن من القضاء، حيث حاور متهَمين بالإرهاب من أمثال أحمد الأسير ونعيم عباس وخالد حبلص وجمال دفتردار وشادي المولوي وعمر الأطرش وغيرهم، إضافة إلى الفنان المعتزل فضل شاكر، الهارب من العدالة والمتواري في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، كما أوردت صحيفة "الراي" الكويتية، اليوم السبت.
وفي تفاصيل الكتاب الذي صدر أول من أمس الخميس، وقائع مثيرة واعترافات رفض الموقوفون الإدلاء بها أمام القضاء، وأفصحوا عنها في صفحات هذا المؤلَّف.
فأحمد الأسير (الملاحَق في المواجهات التي وقعت بين مجموعته وبين الجيش اللبناني في صيدا صيف 2013) روى مثلاً كيف أوقفه الأمن العام في مطار رفيق الحريري الدولي، أثناء محاولته السفر إلى مصر، فكشف أمره وفي حوزته جواز سفر مزوّر، وقد ناداه موظّف في الأمن العام باسمه بعد إدخاله الى غرفة التحقيق، علماً ان اسمه على جواز السفر هو خالد عباس. كما كشف الأسير لصعب اسم مزوِّر الجواز، وهو حسن الحكَم، وهو فار من العدالة ومقيم في مخيم عين الحلوة.
وفي الكتاب، يكشف عمر الأطرش كيف خطط لاغتيال الرئيس السوري بشار الأسد، عبر التواصل مع أحد العاملين في القصر الرئاسي الذي عرض عليه (الأطرش) وضع سمّ للأسد فوافق، وكانوا في انتظار السمّ الذي يقتل بواسطة اللمس، لكن الموظّف اختفى قبل وصول السمّ.
صفقة سرية
وفيما يروي الكتاب تسهيل النظام السوري إنشاء تنظيم "فتح الإسلام" الإرهابي ومسؤولية هذا النظام عن إطلاق رئيس التنظيم شاكر العبسي من سجون صيدنايا وإرساله الى لبنان، يعترف (الفلسطيني) نعيم عباس كيف كان ضباط من المخابرات السورية يحاولون عقد صفقة سرية مع أبو مصعب الزرقاوي "تخلّص النظام من السيف المسلط عليه المتمثل بالتحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري (في 14 فبراير(شباط) 2005)"، وذلك من خلال إعلان "القاعدة" والزرقاوي عبر شريط مصوّر واضح وعلني تبني جريمة الحريري، مقابل باب مفتوح من الدعم المالي والعسكري وتسهيل نقل مقاتلين إلى العراق، إضافة إلى إطلاق إبراهيم زين العابدين (مساعد الزرقاوي) من سجن النظام.
ويروي عباس كيف أنه بعد مقتل الزرقاوي، الذي لم يضع ختم الموافقة على تبني اغتيال الحريري "زار زين العابدين في سجنه العام 2007 كل من رئيس فرع الأمن السياسي علي مخلوف، ورئيس فرع الأمن العسكري جودت الحسين، واللواء آصف شوكت، وكان الهدف تأمين تواصل مع أبو حمزة المهاجر الذي حلّ محلّ الزرقاوي بعد مقتله"، والهدف "محاولة جديدة للتخلص من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان". وبعد حصول التواصل بين زين العابدين ونعيم عباس طلب الأول من الأخير التواصل مع أبو حمزة المهاجر لعرض أمر الصفقة عليه "وعلى الفور أرسل عباس رسالة إلى المهاجر الذي رفض العرض (...)".
كما يكشف عباس عن خطّة كانت تُعدّ لإشعال لبنان للتخلص من المحكمة الدولية بعد اغتيال الرئيس الحريري.
وفي الكتاب أيضاً مقابلة مع فضل شاكر، الذي يروي تَدرُّج علاقته بالشيخ الأسير، وتطورات أحداث عبرا، وكيف كان قاب قوسين من موت محتم، حين كان يختبئ في شقة وشاهد عناصر من "حزب الله" يبحثون عنه من ثقب الباب، ولولا وجود خادمة في المنزل ردّت عليهم لما كان نجا.
========================
"مسلمون ضد الإسلام" كتاب جديد لمحمد الدويك
الإثنين, 19 سبتمبر 2016 18:09 آية فتحي
تستعد دار كيان للنشر والتوزيع ﻹصدار كتاب "مسلمون ضد الإسلام"  للكاتب محمد الدويك، كاتب صحفي مصري وباحث في التاريخ الإسلامي.
ومن أجواء الكتاب نقرأ:-
"لماذا الإسلام؟الكلمة مشتقة لغويا من السلام والسِلم والمسالمة والاستسلام لله.وتحية الدين هي السلام..ونتحلل من الصلاة كل يوم خمس مرات، بإنشاد السلام عن اليمين والشمال على الدنيا. كأننا نخرج من الحديث مع الله إلى المشاركة في الحياة، فتكون أول كلمة هي السلام.
 وعندما يكافئ الله البشر بدخول الجنة لا يسمعون فيها إلا السلام، قال الله “لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا . إِلَّا قِيلاً سَلَامًا سَلَامًا” 25-26 – الواقعة. فالسلام هو النعيم الأكبر.
وصفة المسلم الأولى، كما أخبر الرسول “الذي سلم الناس من لسانه ويده”. وأفضل صيغة للإسلام تعبد الله بها هي “أن تطعم الطعام وتلقي السلام على من عرفت ومن لم تعرف” كما ذكر الرسول، وفيه جواز إلقاء السلام على من لا تعرفهم، ويرد فيهم المخالفين في الدين لأنك لن تسأل كل واحد عن دينه قبل إلقاء السلام. والإسلام هنا معناه الاجتهاد كي يصل الجميع إلى الأمان الإنساني على الأنفس والأموال والعلائق المشتركة.
قال الله في القرآن “وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا” 86 – النساء. فرد التحية على الجميع فريضة دينية، وبأحسن مما سمعتها، ولم يشترط القرآن دين من ألقى التحية. ولم يشترط شكل هذه التحية أو كلماتها. فيدخل فيها كل تحية طيبة تعارف عليها البشر وإن لم تكن تحيتنا الإسلامية الخاصة. وترد التحية بذات الصيغة التي أُلقيت عليك.
الكلام الحسن ترده على الناس بكلام حسن، هكذا أوصى الله. فما بالك لو بادلك الآخرون فعلا حسنا وسلوكا حسنا واختراعات حديثة ووسائل حياة تزيد الحياة سهولة وأمانا! هل تبادلهم القتل والعدوان إذن؟
ومع الأعداء، قال القرآن “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ” 61 – الأنفال. وقال أيضا “فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً” 90 – النساء. فيحرم عليك التعرض لمن وادعك وآثر السلام.
ومع الدواب والحيوانات قال الرسول (ص) “اركبوها سالمة ودعوها سالمة” 15337 – مسند أحمد.وعندما سمع زوجته تغلظ القول على البعير (الجمل) وهي تركبه، نهاها، وقال “إن الله يحب الرفق في الأمر كله” 5678 - البخاري، فيوصيها بالرفق مع حيوان متمرد.وتحدث القرآن عن إطعام الطعام لأسير العدو بين أيدينا “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا” 8 – الإنسان.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفرج عن الأسرى، أرسل يحضر لهم ملابس جديدة حتى يلحقوا بأهلهم مكرمين، بعد أن بليت ملابسهم في السفر والحرب، وكان يعطي بعضهم دابة يحمله عليها.
ونهى عن أن يفرق بين أم وطفلها حتى لو كانت من الأعداء. وقال “من فرق بين أم وولدها فرق الله بينه وبين أحبته في الآخرة” الترمذي. فتعاقب على عملك السيئ حتى لو كان ضد عدوك.
ومن كلمات القرآن “ولا تُصَعّر خدك للناس” 18 – لقمان، يصعر أي يرفع، والمعنى لا ترفع وجهك عن الناس تعاليا وكبرا حين يحدثونك. انخفض لهم تواضعا ومحبة، وانظر لمن يحدثك ولا تحرك وجهك عنه تجاهلا وإهمالا. القرآن ينهى عن إيذاء الناس ولو بحركة الوجه لأعلى. دون كلمة ضارة أو فعل مسيء. وهنا مساحة أخرى من السلام وهي التي تبعثها للناس بلغة الجسد وبالإشارة لو عجزت عن الحديث.وكانت أكثر الكلمات كراهة للنبي محمد هي “حرب” وكان إذا سمع أحدهم يتسمى بها غيّر اسمه.نحن نعبد الله ببعث السلام وصناعة هذا السلام بكل طريقة ولو بلغة الجسد".
========================
ماهر حجازي :كتاب جديد يتناول قضية الأسرى من الألف إلى الياء
20 أيلول / سبتمبر 2016. الساعة 11:34 بتوقيت القــدس. منذ 4 أيام
غزة - صفا
أصدر الباحث الفلسطيني في شؤون الأسرى ماهر حجازي كتابه الجديد بعنوان ( الحركة الأسيرة الفلسطينية في سجون الاحتلال الصهيوني .. النشأة والواقع .. أليات الدعم والتحرير ).
ويأتي الكتاب في 350 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن خمسة فصول رئيسة تتناول قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وقال الباحث حجازي إن كتابه يأتي في إطار نصرة الأسرى في السجون، والواجب الديني والوطني تجاه الأسرى وتخليدا لبطولاتهم ونضالاتهم، ويأتي الكتاب في ظل تصاعد الهجمة الإسرائيلية ضدهم، وفي مرحلة ارتفعت فيها وتيرة الاضرابات الفردية التي يخضوها الأسرى الإداريون في المعتقلات.
وأشار حجازي إلى أن الكتاب يعتبر بوصلة لكل من يريد التعرف على قضية الأسرى من الألف إلى الياء، ونوه أنه عمل من خلال الكتاب على أن يكون للأسرى بصمة في كتابه من خلال تقديم الشيخ حسن يوسف للكتاب من داخل سجن النقب الصحراوي.
ويأتي الفصل الأول من الكتاب، حول ولادة الحركة الأسيرة، وأبرز الانجازات التي حققها الأسرى خلال معاركهم مع مصلحة السجون والاضرابات عن الطعام، كما يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن الحركة النسوية الأسيرة والطلاب الأسرى ويعرج على يوم الأسير الفلسطيني ومصطلحات الأسرى.
وفي الفصل الثاني، يتحدث الكتاب عن واقع الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية وما يتعرضون لها من انتهاكات ممنهجة تتناقض مع اتفاقية جنيف الثالثة حول معاملة أسرى الحرب، وتعريف بالسجون بالإضافة إلى جداول احصائية مختلفة حول أعداد الأسرى.
ويفرد الكاتب عدة صفحات للحديث عن شهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية وأساليب التعذيب النفسية والجسدية التي تتبعها مصلحة السجون ضد الأسرى وعائلاتهم.
كما يناقش الفصل الثاني ملف الاعتقال الإداري وقضية الأسرى المرضى وما يتعرضون له من إهمال طبي متعمد، وكذلك سرد العديد من شهادات للأطفال الأسرى حول الانتهاكات التي يتعرضون لها، ويتطرق إلى قضية نواب الشرعية المختطفين.
وفي الفصل الثالث يتحدث المؤلف عن اليات دعم الأسرى وعائلاتهم والمحررون من السجون من خلال الإعلام والجانب الشعبي، ويقدم دراسة عن واجب قطاع الإعلام تجاه الأسرى والدعم الشعبي من خلال عدة توصيات للمؤسسات الاعلامية والمختصة بقضية الأسرى وكذلك دعم وتوفير حياة كريمة للأسرى المحررين.
أما الفصل الرابع يفرده المؤلف للحديث عن صفقات تبادل الأسرى بين العرب والاحتلال منذ عام 1948، وقسم الملف إلى ثلاثة محاور مرتبة تاريخيا وبشكل احصائي.
والفصل الخامس والأخير في الكتاب جاء تحت عنوان ( رغم القيود ) وتحدث فيه عن الإنجاب من وراء القضبان وأدب ورسائل السجون، ونشر عددا من المقالات والقصائد والبيانات للأسرى من داخل سجون الاحتلال.
ويضم الكتاب سلسلة من الملاحق التوثيقية لشهداء الحركة الأسيرة تضم الاسم وتاريخ الاستشهاد وأسلوب القتل، وكذلك ملحق الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وملحق باتفاقية جنيف الثالثة حول معاملة أسرى الحرب الموقعة في 12 أب 1949م.
========================
شريف مصباح محمود :«المعرفة والألوهية عند أفلاطون وأرسطو».. في كتاب جديد بالقاهرة
كتب بواسطة غادة قدري  التاريخ: 2:43 م، 20 سبتمبر
صدر حديثَا كتاب جديد عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة، بعنوان «المعرفة والألوهية عند أفلاطون وأرسطو وأثرها على العلاف والفارابي»، من تأليف الدكتور شريف مصباح محمود.
ويهدف الكتاب إلى توضيح فكرة العلاف فى تناوله لنظرية المعرفة وفكرة الألوهية، وبيان مذهب الفارابي فى نفس النظرية، كما يحاول المؤلف إلقاء الضوء حول بعض المسائل التى فُهمت فهما خاطئا عن بعض الباحثين، وذلك من خلال أقسام الكتاب الذى يشتمل على مقدمة وسبعة فصول وخاتمة.
ويتحدث الفصل الأول عن انتقال العلوم اليونانية إلى المسلمين ودواعىي الاهتمام بالفلسفة اليونانية من قبل المسلمين. أما الفصل الثاني فيتناول المعرفة والألوهية فى القرآن الكريم من خلال تناول المؤلف لإمكانية قيام المعرفة ومصادرها كالحواس والعقل والقلب والخير المنزل.
ويتحدث الفصل الثالث عن المعرفة والألوهية عند أفلاطون وكيف أن أفلاطون اعتمد على العقل كما عرض المؤلف لمناهج المعرفة ودرجة اليقين فيها وغايتها. وفى الفصل الرابع يتناول المؤلف المعرفة الألوهية عند أرسطو الذى ركز فى حديثه على العقل وأشار إلى الحواس الظاهرة والباطنة والحدس.
أما الفصل الخامس فيأتى للحديث عن أثر أفلاطون وأرسطو فى المعرفة والألوهية على العلاّف وعرض هذا الأثر فى المعرفة من خلال تناول مصادر المعرفة عند العلاف وهى العقل والتجربة والشرع والإلهام وموضوعات المعرفة ومناهجها ودرجة اليقين، كما يشمل هذا الأثر التوحيد عند العلّاف وخلق العالم عنده وبرهنته على ذلك. وفى الفصل السادس يوضح المؤلف أثر أفلاطون وأرسطو فى المعرفة على الفارابي. وأخيرًا الفصل السابع يتناول أثر الألوهية عند أفلاطون وأرسطو على الفارابى ويتضمن البحث فيها الصفات الإلهية وأدلة وجود الله سبحانه وتعالى وكيف أوجد الله تعالى العالم، وبيان حدوثه عند الفارابى.
========================
كتاب - "لا وطن للعصافير" لشكيب خوري تغريدات جريح على أوراق شجرة الدلب حكاية تصوّر مأساة الإنسان في متحف خيالي تسكنه قوى الشر
24 أيلول 2016
هكذا حكى العصفور: "أكتب لأتذكر مأساة مدينتي. أكتبها بمنقاري على أوراق شجرة دلب عند مجرى النهر، ودموعي حبر لا يمحى. أرويها مستعيناً بلغة الساقية ووحشة الملجأ". لو كان لشكيب خوري جناحا عصفور لرحل كالعصافير المهاجرة ، ممتحناً حلم العيش في أوطان أخرى، لكنه ظلّ في وطنه كالرسل المدعوين للبقاء، منذورين لقول كلمة الحق ولو على حساب أوجاعهم الدهرية، سعاة خير في وطن بات من المستحيل للإنسان البنّاء، أن يقوم بمبادرات إيجابية للتغيير والإصلاح، طالما قبضة المتشدّدين والطامعين بكل ذرة من موارد هذا الوطن، تقمع مشاريعه البنّاءة وتسجنه في قفص من الخلل النفساني.
في هذا الكتاب الصغير، "لا وطن للعصافير"، كقبضة اليد المرفوعة عالياً في وجه الظالم والمستهتر بقيم البلاد، نرافق بطرس، الشخصية الرئيسية في الحكاية، بطرس القابع في كل مناضل، بعلمه وفكره وأداة قلمه.
استعار شكيب خوري من العصفور ريشة، كتب بها قصة يختلط فيها الواقع بالخيال، والهلوسة بالكوابيس أثناء النوم، ليأتي التعبير عنها، صوراً تبدو للقارئ، متحرّكة، تشوبها أصوات موحشة، وحشرات مضخّمة، ورؤى سوريالية اتخذت في صفحة من الكتاب، موقعاً لمتحف خيالي تسكنه قوى الشر. فمن اللوحات المعلّقة في هذا المتحف، سلّم المعرفة والطفل بطرس مرسومان على شجرة العائلة، تليها لوحة أخرى في محاذاتها، إتلاف شجرة العائلة بالنقيفة.
بعد المقدمة والأسلوب، تبدأ المسرحية وبطرس يعبر مراحل العمر من طفولته، إلى طالب في كليّة الحقوق، حيث تتكوّن حياته مع أمه، في المدرسة، مع الرفاق، نجلا الحب الذي لا يستمر، والقارئ يتيه في تخيّلات الكاتب ورؤاه المتنوّعة، فللعصافير رشاقة التنقّل من غصن إلى آخر. تحت قلم هذا العصفور الباحث عن وجوده في نقرات أفكاره على أوراق شجرة دلب، نتشخص بطرس الطموح، المهزوم، مضطرباً، فحوله الحقائق مشوّشة، مشوّهة، وفي ذاكرته تهميش وإرهاب. بخفة، يرسم العصفور الأمكنة حيث يشاء، "لكن الوجوه لا تتبدّل، فالصراع أزلي بين صقر جائع وعصفور يحلم بعشّ آمن".
العناوين المتنوّعة التي نظنّها أحياناً في غربة عن بعضها، هي كالسواقي، تحفر مجراها لتصب في سؤال واحد يتكرّر، ولكل مرّة أسلوب في الزمان والمكان: من نحن؟ جبناء أم طيور بلا أوطان؟ "فبقدر ما يقترب أسلوب شكيب خوري في رسمه اللوحة العامة لمصير الأوطان وشعوبها، من الرمزية والتصويرية، واللاواقعية، يكون المشهد أكثر تعبيراً وواقعية، فظّاً هو، لا تتهاون ريشة الرسام في مزج ألوان من مواد العذاب والكوابيس الليلية. فحين رسم صورة الثائر الذي في هذا الليل الحالك، والقذائف ممعنة في تدمير البيوت، والناس مختبئة في الملاجئ، جعل من أزيز البرغشة هدفاً للقتال، لم ينس أن يسمع قارئه الصوت الصارخ في هذه المعركة البلهاء. الكاتب والمفكّر كان على مسافة قصيرة من ملوانة إدوارد مونخ، حين رسم "الصرخة" بأبعادها الثلاثة. تتلاشى من فكر القارئ المقارنة بين رعبين وجنونين، وخللين، لنتبع الثائر في أوهامه وتخيّلاته. يستعين بضوء البطارية، فتظهر انعكاسات خيال حشرة على الجدران، ترفرف لتتحوّل إلى أشكال كبيرة... يواصل الثائر معركته، ويغدو القارئ في هذه الجحيم زائراً لهذا المتحف السوريالي، الذي برع شكيب خوري في بنائه من رؤى مظلمة تنهض عن السطور لتتحول إلى ما يشبه رقصة بربرية تدور في فلك اللوحة على إيقاع الغريزة المتحرّرة من قماطها.
تاريخ بيروت المعاصر، كتب العصفور حوادثه المرّة على أوراق شجرة الدلب، فإذا بها لمن وجدها، وصيّة عمل بها ونشرها في هذا الكتاب - المتحف، الذي يعبر القارئ فصوله وفي فمه طعم العلقم: "أحيي مخزون أوجاعي على أشرعة الخيال لعلّه يصبح يوماً تغريدة لموطني ومعها أستعيد ذاتي المسلوبة". فلعلّ بطرس المحامي الشاب الحالم بالعدالة، استعار من العصفور حلماً يجلو به واقعا ملطّخا بكوابيس ليلية تغتال باستمرار فجر الواقع. ردّاً على تغريدة العصفور الذي لم يعد له وطن، فهاجر إلى حيث الينابيع والأزهار والطمأنينة، كتب له من وحي رؤاه المضطربة: "لكل عصر خرافة تبتكر جوليات الجبّار وقدر الإنسان المختلف أن يحمل "نقيفة " كي ينجو بنفسه. أنا أرفض الاستشهاد ومقاومة الشر عمل صالح، إذاً لماذا مردوده الإذلال؟ أليس للفرد المختلف عدالة لوجوده... خلاص... حلول يبتكرها العقل؟".
ويصدح صوت الواقع المكلّس قائلاً: "يجب أن تتغيّر بنية التفكير عند الفرد ليكون هناك سلام دائم. لكن كيف والعقول مبرمجة؟".
========================
 
========================
 
========================
الكتب العالمية :
ارنست فولف :قراءة في كتاب: صندوق النقد الدولي قوة عظمى
ترجمة : د. عدنان عباس علي
في ظل حالة الترقب والخوف والقلق التي يعيشها المجتمع المصري انتظارا للقرارات الاقتصادية الصادمة والمؤلمة التي بدأت الحكومة في اتخاذها برفع الدعم وتقليل الإنفاق الحكومي على قطاعات التعليم والصحة وزيادة الضرائب تطبيقًا لسياسات صندوق النقد الدولي، يأتي كتاب “صندوق النقد الدولي قوة عظمى في الساحة العالمية” للباحث والمترجم الألماني أرنست فولف، ليكشف عن الدور الرئيسي لسياسات صندوق النقد في سرقة وتدمير عشرات الدول من مختلف قارات العالم.
يفتتح فولف كتابه بإهداء صادم وكاشف لنتائج سياسات صندوق النقد “هذا الكتاب هدية لبني البشر في أفريقيا وآسيا وجنوب أمريكا، الذين لا يستطيعون قراءته، لأن سياسة صندوق النقد الدولي قد حرمتهم من الالتحاق بالمدارس”، ويشير في مقدمة الكتاب إلى أنه من الناحية الرسمية تكمن وظيفة الصندوق الأساسية في العمل على استقرار النظام المالي وفي مساعدة البلدان المأزومة على تلافي ما تعانيه من مشاكل غير أن تدخلاته في الشئون الداخلية للبلدان المقترضة تبدو في الواقع أشبه ما تكون بغزوات جيوش متحاربة، حيث ينتهك سيادة هذه الدولة أو تلك، ويجبرها على تنفيذ اجراءات ترفضها الأغلبية العظمى من المواطنين وتخلف وراءها مساحة عريضة من خراب اقتصادي واجتماعي، ويضيف “في كل هذه التدخلات لم يستخدم الصندوق أسلحة أو جنودا بل كان يستعين بوسيلة غاية في البساطة، وبواحدة من آليات النظام الرأسمالي، وهى عمليات التمويل”.
الاستعمار الجديد
يحتوي الكتاب على اثنين وعشرين فصلًا تقدم رصدًا وتحليلًا لسياسات الصندوق منذ نشأته عقب الحرب العالمية الثانية وصولًا إلى عام 2013، في الفصل الأول يشرح فولف ظروف نشأة صدنوق الدولى، مشيرًا إلى أنه في نهاية الحرب العالمية الثانية دعت الولايات المتحدة لمؤتمر “بريتون دودز” عام 1944 وشارك فيه 44حينها دولة، وكان الهدف المعلن للمؤتمر هو صياغة نظام اقتصادي جديد، يضفي الاستقرار على الاقتصاد العالمي ويحول دون تكرار الأخطاء التي تخللت عقود الزمن بين الحربين العالميتين، فثلاثينيات القرن العشرين تحديدًا قد شهدت ندرة في معدن الذهب وحالة ركود كبيرة، وفي ظل الدمار الذي لحق بالدول الاستعمارية الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا، بالإضافة للنفوذ الأمريكي الكبير عسكريًا واقتصادياً إستطاعت أمريكا أن تفرض شروطها وتم اقرار نظام اقتصادي عالمي يتمحور حول الدولار الأمريكي فقط، بحيث يكون الدولار هو الأساس في تحديد قيمة باقي العملات، ومن خلال هذا القرار تمكنت الولايات المتحدة من بسط نفوذها على كافة باقي الدول، وفرض همينتها المطلقة على قرارات صندوق النقد الدولي.
وتنص اتفاقية تأسيس الصندوق على مجموعة من الأهداف الرئيسية هى : أولًا تشجيع التعاون في ميدان السياسة النقدية، ثانيًا تيسير التوسع والنمو في التجارة الخارجية، ثالثاً العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف والمساعدة على اقامة نظام مدفوعات متعددة الأطراف، ورابعًا تدعيم الثقة بين البلدان الأعضاء واتاحة الفرصة لها لأن تستخدم موارده العامة مؤقتًا بضمانات كافية، كي تتمكن من تصحيح الاختلالات في موازين مدفوعاتها دون اللجوء إلى اجراءات مضرة بالرخاء الوطني أو الدولي.
ويوضح فولف أن هذه الصيغة الرسمية يبدو معها وكأن صندوق النقد مؤسسة حيادية وهدفها دعم الاقتصاد العالمي وتحقيق الرفاهية لكافة الشعوب، في حين أن الواقع يشير إلى أن صندوق النقد ليس إلا مؤسسة أنشأتها الولايات المتحدة وهي الطرف المسيطرعليها، لتفرض ليس فقط هيمنتها العسكرية فحسب، بل هيمنتها الاقتصادية أيضًا، ومن أجل تجميل الصورة استحدث المؤسسون الأوائل لصندوق النقد عام 1947 تقليدًا تمسكت المؤسسة بانتهاجه حتى يومنا الحاضر وهو إسناد قيادة الصندوق لشخصية غير أمريكية.
ويشير الكاتب لدور الصندوق كذراع استعماري للولايات المتحدة والشركات متعددة الجنسيات ظهر تدريجيًا من خلال استحداث الصندوق مجموعة من القواعد لمنح الدول القروض المالية ومن ضمن هذه القواعد مبدأ “المشروطية” ويعني أن الموافقة على التمويل من الصندوق لأى دولة تطلب تطبيق هذه الدولة للشروط التى يضعها الصندوق، وأن منح أى دولة قرضاً يجب أن تسبقه شهادة حسن سير وسلوك تعطى للدول التى نفذت جميع المعايير والشروط المطلوبة منها، وفى المحصلة فإن الشروط والمعايير بالقطع لها أهداف سياسية، وفى كل الأحوال هى لا تلتفت إلى أى بعد اجتماعى، ويقدم الكتاب على مدار الفصول رصد للسياسات التي اتبعها الصندوق في نهب وسرقة وتدمير عشرات الدول على مستوى العالم بدءًا من الدول الأفريقية مرورًا بأمريكا الأتينية وآسيا وصولًا لدول شرق أوروبا حيث تسببت سياسات الصندوق في تدمير دولة يوغسلافيا وفي حدوث أكبر عملية حرب وتطهير عرقي شهد العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
النيوليبرالية وإفقار الشعوب
يرصد الكتاب تطور سياسات صندوق النقد في مرحلة سبعينيات القرن الماضي وتبنيه لقواعد النيوليبرالية التي صاغتها مدرسة شيكاغو الاقتصادية، وقد أقر الصندوق برنامج عنوانه “التكييف الهكيلي” تحت شعار ليبرالية، تحرر، إستقرار، خصخصة، ومن خلال هذا البرنامج وضع صندوق الدولي ثلاثة شروط للموافقة على اقراض الدول وهى المساعدة المالية والمساعدة الفنية والمراقبة وقد مكنت هذه الشروط إدارة الصندوق من التدخل المباشر في سياسات الدول الاقتصادية والاجتماعية فالصندوق لم يعد يقرض الدول فقط بل صار يحدد أين ستنفق هذه الأموال وصار يختار أيضًا الوزراء والحكومات وقيادات البنوك التي يرى أنها تحقق مصالحه.
وقد تم تطبيق سياسات التكييف الهيكلي في العديد من الدول منها تشيلي في فترة حكم الديكاتور العسكري بيونشيه وتكرر ذلك الأمر أيضًا في الأرجنتين، ويشير الكاتب إلى أن هذه السياسيات تسببت في غلق مئات المصانع وبيعها وتسريح عشرات الآلالف من العمال وتضاعفت نسبة الفقراء وارتفعت معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة وتم إفقار ملايين البشر في حين على الجانب الآخر حصل المستثمرون الأجانب ومعهم القيادات العسكرية الذين تحولوا لسماسرة وتجار على مليارات الدولارات التي تم نقلها للخارج.
يرى المؤلف فى نهاية الكتاب أن الطريق للقضاء على مثل هذه المنظمات يكمن فى الاحتجاجات والثورات الشعبية التى ستغزو العالم فى سنوات قليلة مستشهدًا بما يحدث من أزمات مالية وتصاعد للحركات الاحتجاجية في معظم دول العالم من وول ستريت إلى اليونان مرورًا بمصر والبرازيل ووصولًا للدول الآسيوية.
يُذكر أن الحكومة المصرية وقعت في شهر أغسطس 2016 على إتفاق مع صندوق الدولي يقضي بمنح مصر قروض تبلغ قيمتها 12 مليار دولار، بشرط تنفيذ مجموعة من الاجراءات الاقتصادية منها إكمال برنامج الخصخصة الذي بدأ في عهد الرئيس السادات في أواخر السبعينيات وأكمله الرئيس المخلوع مبارك وتوقف عقب ثورة 25 يناير 2011، و يتضمن هذا البرنامج رفع الدعم عن قطاعات الطاقة والكهرباء وتقليل الانفاق الحكومي في مجالات التعليم والصحة وزيادة الضرائب وتسريح عدد كبير من العاملين بالوظائف الحكومية.
_كتاب “صندوق النقد الدولي قوة عظمى في الساحة العالمية” صدرت ترجمته للعربية في شهر أبريل 2016 ضمن سلسلة عالم المعرفة التى يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت، وقام بترجمته للعربية الدكتور عدنان عباس.
========================
زيجمونت باومان :صدور كتاب "الأزمنة السائلة" عن الشبكة العربية للأبحاث 
الإثنين 26-09-2016| 10:30ص
 
صدر حديثا عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر كتاب "الأزمنة السائلة: العيش في زمن اللا يقين"، للفيلسوف البولندي زيجمونت باومان ،ومن ترجمة الدكتور
حجاج أبو جبر وتقديم الدكتورة هبة رؤوف عزت.
كتاب "الأزمنة السائلة" هو نص يملك من القدرة التفسيرية ما يجعله مناسبا لفهم تحولات كثيرة يمر بها عالمنا الراهن الذي لم تعد تقسيماته الجغرافية دالة بمثلما باتت التقسيمات الثقافية والاقتصادية على محكات الغنى والفقر والاستكبار والاستضعاف هي الأكثر مركزية.
ويعد الكتاب الرابع للفيلسوف البولندي زيجمونت باومان الذي تترجمه الشبكة العربية للأبحاث والنشر، حيث سبق وصدر له (الحداثة السائلة، الحياة السائلة، الحب السائل).
ولقد قام الكاتب في هذا الكتاب بدراسة الحرية، والفردية، والعمل، والتجمعات البشرية على مستوى الدولة والأمّة وعلى مستوى السكن والتسوق، وبين كيف صارت من الصلابة إلى السيولة وما ترتب على ذلك من مشاكل.
 
=======================
 براين ترايسي، :كتاب «خارطة النجاح» يتناول تصور الإنسان للنجاح وكيفية تحقيقه من ناحية عملية
الوسط - المحرر الاقتصادي
30 سبتمبر 2016
كتاب خارطة النجاح للمؤلف والمتحدث المعروف عالمياً براين ترايسي، مع نخبة من المؤلفين من رواد الأعمال والخبراء المهنيين في مجالات مختلفة، ومنها تحقيق النجاح المالي والمهني.
ولكل مؤلف فصل واحد في الكتاب، يتحدّث فيه ويشارك القراء في خبراته في مجال معين لتحقيق التنوع في الطرح والفائدة القصوى للقراء. ومن هذا المنطلق كانت هناك خطوات معينة لاختيار المؤلفين المشاركين في هذا الكتاب من خلال تعبئة استمارة معدة مسبقاً للوقوف على مؤهلات وإنجازات كل مؤلف، ومن ثم أجريت مقابلات هاتفية للإختيار النهائي لمجموعة المؤلفين، ويتكون الكتاب من 46 فصلاً. تم اقتباس اسم الكتاب من الخارطة الهندسية (Blueprint) كتعبير مجازي لما يحتويه الكتاب من تصور لنجاح الإنسان في حياته وكيفية تحقيق ذلك من ناحية عملية. وتقوم مطبعة سيليبرتي برس للنشر«Celebrity Press Publishing» بعملية جمع محتويات الكتاب وعمل التصاميم المطلوبة وطبع وتسويق الكتاب في الولايات المتحدة الأميركية عبر قنوات التسويق الاعتيادية مثل المكتبات وألكترونياً عن طريق أمازون وبارنز ونوبل. ومن المؤمل أن يعتلي الكتاب قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في الولايات المتحدة الأميركية عندما يتم تدشينه في ديسمبر/ كانون الأول 2016.
الجدير بالذكر بأن جميع المؤلفين سيتبرعون بجميع عائدات الكتاب إلى مؤسسة رواد الأعمال الدولية (Entrepreneurs International Foundation)، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تدشين حملات نوعية مختلفة لجمع الأموال للأعمال الخيرية المهمة لتنمية المجتمع عبر خلق فرص لريادة الأعمال في المجتمعات الفقيرة من خلال الدعم المادي والاستشاري. ومن ضمن مؤلفي الكتاب المحاضر والمؤلف البحريني محمد عيسى، حيث أن مادة الفصل الذي شارك به عن فنون الخطابة وأهميتها للنجاح مهنياً، حيث يقدم سبع نصائح مهمة جداً لكتابة خطابات ملهمة للجماهير.
يذكر أن هذه هي التجربة الرابعة لمحمد عيسى في تأليف الكتب باللغة الإنجليزية. ففي 2010، نشر أول كتاب له بعنوان ممارسات علاقات المستثمرين في البحرين وهو أول كتاب تخصصي من نوعه في الشرق الأوسط. وفي 2013، ساهم في تأليف كتاب بعنوان قلب التوستماستر وحاز الكتاب على جائزة دولية. وفي 2014 ساهم في كتاب الخطابة العالمية العملية، والذي كان من أكثر الكتب مبيعاً على موقع أمازون.
========================
هيوارد كارتر وآرثر ميس :كتاب يكشف أسرارا جديدة عن مقبرة توت عنخ آمون
فصول كتاب 'اكتشاف مقبرة توت عنخ آمو' جاءت في معظمها أشبه بمذكرات ليوميات عمل كارتر ومساعديه في المقبرة ووصفا للأحداث التي أحاطت بهذا الاكتشاف.
العرب  [نُشر في 2016/10/01، العدد: 10411، ص(16)]
قصة واحد من أهم الاكتشافات الأثرية في العالم
القاهرة- يتناول كتاب “اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون”، من تأليف هيوارد كارتر وآرثر ميس، ومن ترجمة ثروت عبدالعظيم خليل، ومن مراجعة وتقديم عبدالحليم نور الدين، قصة واحد من أهم الاكتشافات الأثرية في مصر والعالم، وهو اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922.
والمؤلفان هما: هيوارد كارتر نفسه الذي بحث وعثر على هذا الاكتشاف الأثري المهم، وزميله آرثر ميس الذي استدعاه لمساعدته في إخراج محتويات المقبرة وترميمها. جاء الكتاب، الصادر عن “المركز القومي للترجمة”، في معظم فصوله أشبه بمذكرات دقيقة ليوميات عمل كارتر ومساعديه في المقبرة، وجاء أيضا وصفا لكل الأحداث التي أحاطت بهذا الاكتشاف المثير، ووصفا لمراحل عمله في وادي الملوك والمناطق المحيطة به على البر الغربي في الأقصر، بالإضافة إلى ذلك حرص كارتر على أن يسجل فيه الكثير من تجاربه العلمية وخبراته في الحفائر الأثرية، إلى جانب تجاربه وعلاقاته مع جميع المحيطين به من مصريين أو أجانب في تلك الفترة من تاريخ مصر الحديث، ويعتبر هذا الكتاب بحق قطعة من التاريخ، حيث يصف واقعا حقيقيا مضى منذ سنوات وليست استنتاجات مؤرخين.
يؤكد كارتر من خلال أبحاثه على عقلية المصريين القدماء الظاهرة بوضوح في فنّهم الذي يرتبط بشكل دقيق بديانتهم، فإذا درسنا أفكار الديانات المصرية القديمة قد يسيطر علينا خليط عجيب من أساطيرهم، لكن في النهاية سوف نشعر أننا بدأنا في فهمهم، ولكن حتى لو كانت لدينا القدرة على استحسان وفهم فنّهم فإننا في أغلب الأحوال لن نتقبل هذا الثبات في الرقي والسموّ في الذوق الفني.
وللحقيقة إنه من الصعب أن يدّعي أحد فهم المعاني الأصلية التي يجسدها فن المصريين القدماء، فنحن لا نستطيع مع كل ما تقدمنا أن ندرك تلك المعاني الجوهرية، إذن الفن المصري يعبر عن هدفه بفخامة وبأسلوب تقليدي بسيط، وهو بهذا الأسلوب ظل مبجلا برصانته وهدوئه ولم ينقصه الوقار قط في أي وقت. يذكر أن هيوارد كارتر، من مواليد لندن عام 1874، تمّ إرساله وعمره 17 عاما إلى مصر ليعمل رساما مع بعثة صندوق الاكتشافات، وبين أعوام 1899 و1904 عمل كارتر كبيرا لمفتشي الآثار في الصعيد، وأشرف على التنقيب في العديد من المقابر بوادي الملوك. أما آرثر ميس، فهو واحد من أمناء متحف المتروبوليتان في مطلع القرن العشرين، ويعتبر هو الجندي المجهول في إعداد هذا الكتاب.
========================
شيمون بريز :كتاب "الشرق الأوسط الجديد" لشيمون بيريز: العرب خليط لا يربطهم رابط
الخميس، 29 سبتمبر 2016 12:00 ص
فى سنة 1996 صدر كتاب خطير جدا لشيمون بريز، الرئيس الإسرائيلى الأسبق، الذى رحل عن العالم اليوم، وكما يرى الباحثون أن هنالك كثيرين سينخدعون وللوهلة الأولى بموضوعية بيريز ومنطقه وهو يتحدث فى كتابه  عن فشل الحروب وأهمية السلام.
لكن الباحثين يؤكدون أنه سرعان ما يكتشف القارئ الواعى أن هذا السياسى الإسرائيلى المخضرم إنما يدس السم بالعسل، وأن دعوته الظاهرية للسلام لا تخفى الاستراتيجية التوسعية التى التزم بها قادة إسرائيل والحركة الصهيونية حتى من قبل قيام دولتهم على أرض فلسطين.
وفى كتابه يطالب "بريز" العرب بنسيان تاريخهم، وبقبر ذاكراتهم ومصادر وعيهم، فهم حسب وجهة نظره خليط غير متجانس، ولايربطه رابط، ومقابل ذلك فهو يبشر اليهود بأرض الميعاد، ويعدها حقيقة ثابتة غير قابلة للجدل وفى الوقت ذاته يظهر تخوفه الكبير من الأصولية الإسلامية يؤكد على الردع النووى الإسرائيلى وعلى الاقتصاد، وعلى التعاون الإقليمى الذى يجب أن تكون إسرائيل ذات سيادة فيه، وذلك بسبب تقدمها التكنولوجي. ولذلك فهو يلهث من أجل سوق شرق أوسطية، الأمر الذى يبدو مرادفاً لما سبق وإن دعا إليه هرتزل من قبل والمتمثل بـ (كومنولث شرق أوسطى) تكون السيادة فيه للدولة اليهودية.
وأكد شيمون بريز فى كتابه أن " رئيس وزراء اسرائيل الأسبق شارون نجح فى تحقيق التطابق الكامل بين السياسة الإسرائيلية والسياسة الإمبراطورية الأميركية فى إعلان حرب لا نهاية لها ضد الإرهاب، كما نجح فى الجمع بين سياسة التوسع الاستيطانى والفصل العنصرى، وأعطى هذا دفعة للأوهام الإسرائيلية فى المنطقة ".
========================
«خليفة الله» كتاب جديد لـ«باتريشيا كورن» و«مارتين هندز»
 
 «خليفة الله» كتاب جديد لـ«باتريشيا كورن» و«مارتين هندز» «خليفة الله» كتاب جديد لـ«باتريشيا كورن» و«مارتين هندز» إنشر على الفيسبوك  إنشر على تويتر   
صدر حديثا عن دار جسور للترجمة والنشر كتاب جديد تحت عنوان« خليفة الله.. السلطة الدينية في العصور الإسلامية الأولى» باتريشيا كورن ومارتين هندز، وترجمة أحمد طلعت.
في هذا الكتاب اشتغل الباحثان المرموقان في حقل الإسلاميات، باتريشيا كرون ومارتن هيندز، على تتبع تطوُّر مفهوم "الخلافة" في الوسط السُنّي، وفي الإجابة عن تساؤل إن كانت الخلافة موقعًا سياسيًا فقط أم كانت تُمثل أيضًا مرجعية دينية، الأمر الذي أضفى عليها نزعة قداسة.
ويشرح الكتاب مدى التداخل الديني بالسياسة في موقع "الخلافة" وتنامي ذلك التداخل مع توالي العصور الإسلامية من عصر الخلافة الأول مرورًا بالعصر الأموي ثمّ العباسي، الأمر الذي وصل في مراحل تاريخية إلى حدّ اعتبار أن رأس السلطة هو "خليفة الله" الذي يعمل ويُقرّر بتفويضٍ إلهي، في تقارب ملحوظ مع فكرة الإمامة المعصومة في الوسط الشيعي، وما نتج من ذلك من صراع مع علماء الشريعة الرافضين لهيمنة السُلطة السياسية على مرجعية الحكم الشرعي.
========================
رايتشوستر :كتاب: "حرب بوتين الخفية. كيف يزعزع بوتين استقرار الغرب"
 
في كتابه الصادر حديثاً بعنوان "حرب بوتين الخفية. كيف يزعزع بوتين استقرار الغرب"، يفكك الخبير الألماني في الشؤون الروسية، بوريس رايتشوستر، استراتيجيات وأدوات الحرب الخفية، التي يشنها سيد الكرملين فلاديمير بوتين ضد الدول الغربية عامة وضد ألمانيا خاصة، بهدف زعزعة استقرارها السياسي وتقويض شرعية ديمقراطياتها.
لا يرصد المحلل السياسي رايتشوستر، الذي عمل أكثر من عقدين مراسلاً في موسكو لعدة وسائل إعلام ألمانية في كتابه، تأثير شبكات نشر البروباغندا الروسية في دول الاتحاد الأوروبي المناهضة لسياسته التوسعية فقط، بل يكشف الستار عن أخطار تغلغل ما أطلق عليه "طابور الكرملين الخامس" في مؤسسات الدولة الألمانية وتداعيات ذلك على الاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد على المدى المتوسط والبعيد.
وفي الواقع خرجت مظاهر الحضور الروسي الموجه في ألمانيا في نهاية العالم الماضي إلى النور بشكل واضح خلال النقاش العام حول سياسة المستشارة أنجيلا ميركل تجاه استقبال اللاجئين، التي جنبت أوروبا كارثة إنسانية كبرى.
وفي هذا السياق كشفت مؤسسات أمنية ألمانية عن أن الأجهزة الإعلامية، التي يحركها بوتين، خططت سرًا للإطاحة بميركل عن طريق نشر البلبلة والأكاذيب والقصص المرعبة المختلقة حول "غزو اللاجئين لألمانيا وتهديدهم لأمنها واستقرارها"، وفق تقييم هيئة حماية الدستور الاتحادية. هذه الهيئة الدستورية، التي تعتبر بمثابة جهاز أمن استخباري داخلي يرصد كل ما يهدد الديمقراطية الألمانية، أكدت في تقاريرها الأمنية أن روسيا كثفت نشاط التجسس في ألمانيا ودول أوروبية أخرى منذ بدء الأزمة الأوكرانية.
"طابور الكرملين الخامس"
يفتتح بوريس رايتشوستر كتابه الاستقصائي بالإشارة إلى أنه لا يسعى بتاتاً إلى "شيطنة بوتين" أو الشعب الروسي بأكمله، بل يسعى إلى التحذير من تداعيات "منظومة الحكم البوتينية القائمة على رغبته المجردة في الحفاظ على السلطة بأي ثمن وفي معزلٍ عن التاريخ على مستقبل روسيا والعالم".
ويصف رايتشوستر عقيدة بوتين السياسية أو ما يطلق عليه "الأيديولوجية الوحيدة لسيد الكرملين"، بأنها خليط غريب من العقلية السوفييتية القديمة ونزعة القومية الشوفينية، يضاف إليهما رأسمالية مفرطة لا تعرف الرحمة توجهها الدولة الروسية وما يسير في فلكها من أتباع الدولة العميقة.
حرب بوتين الخفية. كيف يزعزع بوتين استقرار الغرب
غلاف الكتاب: "حرب بوتين الخفية. كيف يزعزع بوتين استقرار الغرب"
وعلى الرغم من فشل الدعاية الروسية في زعزعة الاستقرار في ألمانيا وإسقاط المستشارة ميركل، لأنها أقوى سياسية غربية تدعم العقوبات الغربية المفروضة على نظام الرئيس فلاديمير بوتين، إلا أنها نجحت نسبياً من خلال تأجيج أزمة اللاجئين في تعميق الانقسامات داخل المجتمع الألماني، وفي تسميم الخطاب السياسي الألماني وتكريس قطيعة القوى اليمينية المتطرفة مع مفهوم الوسطية الألمانية.
ومن هذا المنطلق، يعبر رايتشوستر، الذي يعتبر روسيا وطنه الثاني رغم اضطراره إلى تركها بسبب تعرضه لتهديدات من قبل قوى غير معروفة في موسكو، عن استغرابه من استخفاف النخب السياسية الألمانية، حكومة ومعارضة، بخطورة التهديدات الروسية لألمانيا، ويشير إلى "وجود أكثر من 300 رجل مسلح ينتظرون أوامر الكرملين لتنفيذ عمليات خاصة تثير الرعب والفوضى في ألمانيا".
حرب هجينة ضد الديمقراطيات الغربية
وفي إطار الحروب البوتينية متعددة الجبهات يوثق المحلل السياسي رايتشوستر مقولة قائد جمهورية الشيشان، رمضان قاديروف، الذي يدين له آلاف الجنود بالولاء، بأنه سيقوم بملاحقة كل من يعارض بوتين داخل وخارج روسيا.
المفارقة الكبيرة في نظر الكاتب تكمن في حقيقة أن "نظام بوتين" لم يطور استراتيجيات جديدة لمواجهة تفوق الغرب في المجالين الاقتصادي والتكنولوجي على روسيا المنهارة اقتصادياً على أرض الواقع، بل أعاد تطبيق جملة من التكتيكات المعروفة والمستخدمة سابقًا من قبل جهاز الاستخبارات "الكي جي بي" السوفييتي السابق، بهدف نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في الدول المعادية لطموحات الدب الروسي.
لكن الجديد في استراتيجية بوتين يكمن في تنوع أدواتها، فبجانب التمويل المباشر لكل الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، التي يتم استغلّال سذاجتها السياسية وعدائها البغيض لقيم الديمقراطية ولمعايير دول القانون الدستورية، من أجل دق إسفين بين المواطنين والنخب الديمقراطية الحاكمة وتقويض شرعيتها، يشن "جيش موسكو الإلكتروني" في وسائل التواصل الاجتماعي حرباً تشويهية مفتوحة على كل من ينتقد سياسة بوتين"، كما يوثق رايتشوستر في كتابه.
كما تتميز إستراتيجية الحرب الروسية الهجينة، بتركيزها على استغلال نقاط الضعف في أي بلد يقف في وجه المصالح الروسية. رايتشوستر يشير في تحليله العميق إلى أن قوة بوتين تقوم على ضعف الغرب، أو بتعبير أكثر دقة على عدم قدرته على صياغة موقف موحد من القضايا والصراعات الدولية. فعلى سبيل المثال "استغل بوتين الفراغ الكبير الذي تركه أوباما في سورية من أجل تقديم نفسه كأنه شريك لا يمكن الاستغناء عنه لمواجهة الإرهاب ودعم الاستقرار في الشرق الأوسط، على الرغم من أن طائراته تشن غارات على أهداف مدنية في المدن السورية وتساهم بشكل مباشر في تسريع هروب مئات الآلاف من السوريين".
وفي ختام كتابه يشدد رايتشوستر على ضرورة الحوار مع روسيا البوتينية، لكن من موقع القوة، ويشير إلى أن بوتين يدعم عودة الأنظمة السلطوية المعادية للغرب في شتى أنحاء المعمورة، كما هو الحال في مصر، بهدف تشكيل قوة مضادة للهيمنة الغربية. لذلك ينصح بتطوير استراتيجية أوروبية فاعلة ضد الدعاية الروسية ودعم أسس الديمقراطية داخل وخارج المنظومة الغربية.
========================
بول كوليير :كتاب «الهجرة كيف تؤثر في عالمنا؟».. وجبة ثمنها عسر الهضم
محرر القبس الإلكتروني 26 سبتمبر، 2016
محمد حنفي |
كتاب «الهجرة.. كيف تؤثر في عالمنا؟»، الصادر ضمن سلسلة «عالم المعرفة»، التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، يناقش أكثر الموضوعات المطروحة على الساحة العالمية بعد الإرهاب وهو الهجرة، الكتاب من تأليف بروفيسور الاقتصاد والسياسة العامة في جامعة أوكسفورد بول كوليير، وترجمة مصطفى ناصر.
الكتاب يعتبر تكملة لعمل كوليير السابق والهام «المجتمعات الأكثر فقراً.. مليار من البشر يعيشون في أدنى مستويات الفقر»، في كتابه الجديد يأخذنا كوليير في رحلة علمية رصينة تقارب الـ300 صفحة، يستعرض فيها وجهات النظر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حول الهجرة.
سياسة الباب المفتوح
في الجزء الأول من كتابه «تساؤلات عن الهجرة وسياقات التعامل معها»، يشير كوليير إلى أن ظاهرة الهجرة إلى البلدان الغنية مثقلة بإيحاءات مريرة، ويقرنها بظاهرة الفقر التي يعاني منها مليار نسمة حول العالم، ويرى أن كل عملية نزوح فردية تعد نصرا لروح التحدي البشري والإصرار على البقاء، ومؤكدا أن أي سياسة غير سياسة الباب المفتوح في التعامل مع الهجرة تعتبر خسيسة ودنيئة.
لماذا تتصاعد الهجرة؟
في جزء آخر من كتابه، يتساءل كوليير: «لماذا تتصاعد الهجرة؟»، ويعزو ذلك إلى الفجوة الكبيرة في الدخل بين البلدان، ففي اي مجتمع يكون اغلب الناس في المنتصف بين طرفين متناقضين، الاول قلة من الأغنياء والآخر أغلبية من الفقراء، لكن بدلا من وجود تحدب في المنتصف، كما في حقبة الستينات، نجد في الوقت الراهن هناك تحدباً في كل طرف، لقد أصبح هناك عالم اغنياء وعالم فقراء، وعالم الأغنياء يزداد غنى بمعدلات فائقة لم يسبق لها مثيل في التاريخ.
  ترحيب أم امتعاض؟
ويتناول كوليير في قسم آخر من كتابه نظرة «المجتمعات المضيفة: ترحيب أم امتعاض؟»، حيث يشير إلى أن الهجرة لا تؤثر فقط في المهاجرين، ولكنها تؤثر أيضا في وضع السكان الأصليين للبلدان المضيفة، فنادرا ما يلقى المهاجرون الترحيب في المجتمعات ذات الدخل المرتفع، وعليهم أن يتحملوا تبعات العنصرية والتفرقة في العمل، وسلوكيات مذلة من المجتمعات المضيفة، ويستعين كوليير برأي بعض الاقتصاديين، من خلال نظرتهم المغلفة بإطار أخلاقي يتلخص في مذهب المنفعة «أقصى ما يمكن من السعادة لأكبر عدد من الناس»، أي أنه لا أهمية لامتعاض بعض السكان الأصليين ما دمنا في النهاية نحقق مكاسب على المستوى العالمي من الهجرة.
تذمر أم امتنان؟
وفي جزء مضاد للسابق يتناول كوليير وجهة نظر المهاجرين من الهجرة «تذمر أو امتنان؟»، حيث يعتبر من الناحية الاقتصادية ان المهاجرين من الرابحين والخاسرين في الوقت ذاته، فالمهاجرون الفقراء يفعلون المستحيل في سبيل الهجرة إلى البلدان الغنية، لكنهم يصوتون للأحزاب السياسية التي تؤيد تشديد القيود على الهجرة حالما يصلون.
لكن من الناحية الاقتصادية، يمثل فارق الأجر الربح الأكبر للمهاجر، فعندما يهاجر عامل من هاييتي إلى الولايات المتحدة يحصل على عشرة أضعاف أجره في بلده الأصلي، لكن لماذا يكون المهاجرون خاسرون أيضا من الهجرة؟ إجابة كوليير تكمن في التكاليف السيكولوجية التي يدفعها المهاجر، فالهجرة وإن كانت توفر وجبة مجانية للمهاجر، فإنها وجبة ثمنها عسر الهضم، الشعور بالغربة والحنين الدائم للوطن تطيح بمكاسب عدة أجيال، وعندئذ لن تكون الهجرة استثماراً جيداً، إنها خطأ يرتكبه المهاجر.
الذين بقوا في أوطانهم
في جزء جديد من الكتاب يسلط كوليير الضوء على «الذين بقوا في أوطانهم»، حيث يرى أن الهجرة يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً على الذين بقوا في أوطانهم، من خلال التغيير السياسي، فالمهاجرون يعايشون في الدول الغنية نماذج ديموقراطية، ويدركون كم تفتقر بلدانهم إلى تلك النماذج، ويضغطون من أجل التغيير، كما يقدم المهاجرون أجيالاً من المتعلمين، ويمكن أن يكون من بينهم القادة القادرون على تغيير بلدانهم، لكن كوليير ينصح بعدم التفاؤل كثيراً في هذا الجانب، من خلال سرد تجارب دول لها عدد كبير من الشتات، لكن الهجرة فشلت في لعب دورها في التغيير المنشود، مثل العراق وفيجي وإرتيريا.
في خاتمة كتابه، يؤكد كوليير ان الهجرة على نطاق عالمي تأتي رداً على التفاوت المنتشر في العالم، يدرك الشباب في البلدان الأكثر فقراً وجود فرص في أماكن أخرى، مشيراً إلى أن الحد من الهجرة المكثفة لن يتأتى إلا بتحويل البلدان النامية إلى بلدان ذات دخل مرتفع، وما لم يحدث ذلك، بالإضافة إلى وجود سياسات هجرة فعالة، فإن الهجرة ستستمر في التسارع.
========================
كتاب عن حروب أميركا لأيوجين جاريكي
 الخميس، ٢٩ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٦ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)
آخر تحديث: الخميس، ٢٩ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٦ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش) القاهرة - «الحياة»
- يتناول كتاب أيوجين جاريكي «الطريقة الأميركية في الحرب: قذائف موجَّهة، ورجال مضللون، وجمهورية في خطر» (المركز القومي المصري للترجمة - نقله إلى العربية عبد المنعم عبيد) الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، وتداعياته المستمرة إلى الآن. والمعروف أنّ جاريكي كان قد أنجز فيلماً وثائقياً مهماً بعنوان «لماذا نحارب؟»، حصد جوائز عدة، ثم انطلق إلى أنحاء الولايات المتحدة ليناقش الأفكار الواردة فيه مع الخبراء في كليات الحرب الأميركية، وفي طليعتها كلية «ويست بوينت» في نيويورك.
هذا الكتاب هو إذن نتاج عمل أكاديمي معرفي وإنتاج سينمائي فني يتوجه إلى جمهور يهتم بمصير البشر الذين يواجهون أكبر جيوش العالم وأقواها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.
وحول كيف ولماذا تخوض الولايات المتحدة الحروب، وتخلق أسبابها، وتطور أساليبها وتستمر في شنها، يدور الكتاب الزاخر بحوارات مهمة وإجابات صادمة وكاشفة حول سبب حروب الولايات المتحدة وكيفيتها وأساليبها. وفي هذا السياق يتساءل جاريكي: «كيف تصرفت الأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأميركية لكي تكون نتيجة الحرب في العراق وأفغانستان وغيرهما، هدم البنية الصناعية الماهرة للجمهورية الأميركية، وإشاعة الاضطراب في توازن القوى فيها، فضلاً عن تعطيل الأداء الديموقراطي»؟.
ووفق المؤلف، يبقى السؤال الأهم متمحوراً حول الأسباب التي شقَّت أميركا لأجلها الطريق نحو مطب الحرب التراجيدية في العراق. هل كان ذلك تحت مبرر الرد على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، أم كانت من أجل الفوز بأعمال تجارية أفضل، ولو أدى الأمر بنا - على حد تعبيره - إلى أن ندفن أولادنا وإخوتنا في قبور بعيدة من أرض الوطن، وما الذي حوَّل مواردنا وآلاتنا وأمتنا إلى ترسانة واحدة ضخمة تنتج المزيد من أسلحة الحرب، بدلاً مما كنا نصدّره من مواد السلام؟ وكيف تمكَّن النظام الأميركي في النهاية من تضليل الأمة وزعزعة العالم؟
حاز المؤلف درجات علمية عالية في السياسة الخارجية، وهو زميل في مؤسسة جامعية للدراسات الدولية في نيويورك، ومدير مشروع «إينشتاين» الذي أنشأه ليضم مجموعة الباحثين الذين يكرسون جهودهم لدراسة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية. أما المترجم عبدالمنعم عبيد فهو أستاذ التخدير والرعاية في كلية الطب في جامعة القاهرة، وهو عضو في لجنة الثقافة العلمية في المجلس الأعلى المصري للثقافة.
========================
رواية "الفتاة في القطار" تتصدر قائمة نيويورك تايمز للروايات الأكثر مبيعًا
على مستوى الأعمال الأدبية عادت رواية "الفتاة في القطار" لباولا هوكينز لتتصدر قائمة نيويورك تايمز للروايات الأكثر مبيعًا سواء للنسخ الورقية أو الإلكترونية خلال الأسبوع الأخير فيما حلت رواية "كومنولث لآن باتشيت" ثانيا.
وثالثا جاءت رواية "قرصان" لكليف كوسلر وروبين بورسيل وحلت رواية "المنارة بين المحيطات" بقلم ام.ال.ستيدمان رابعا.
وفي المركز الخامس والأخير في قائمة نيويورك تايمز للأسبوع الأخير حلت رواية "حقيقة واضحة" بقلم كريج جونسون.
وعلى مستوى الأعمال غير الأدبية للكتب الأكثر مبيعا للنسخ الورقية والإلكترونية في الأسبوع الأخير جاءت قائمة النيويورك تايمز كالتالى:
جاء كتاب "قتل الشمس المشرقة" لبيل أوريلي ومارتين دوجارد في المركز الأول، بينما تراجع كتاب محاربة من أجل الحب" لجلينون دويل ميلتون للمركز الثاني.
وثالثا جاء كتاب "بين الأنفاس" لليزابيث فارجاس فيما احتل كتاب "الفتاة ذات الوشم أسفل ظهرها" لآمي شومر المركز الرابع.
وهوى كتاب "مرثية هيل بيلي" بقلم جى.دي.فانس للمركز الخامس والأخير بقائمة نيويورك تايمز للأسبوع الأخير.
========================
صدور ترجمة كتاب «بناء ثقافة الأمل» من تأليف روبرت د.بار وإيميلي جيبسون
صدر حديثًا عن مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة الطبعة العربية لكتاب «بناء ثقافة الأمل» من تأليف روبرت د.بار وإيميلي جيبسون.
«بناء ثقافة الأمل» ليس مجرد فكرة موجزة عن المدارس والطلاب الذين يفتقرون إلى الأمل، لكنه يقدم النظرية والنظام والمنهجية لأي مدرسة تسعى لإلهام الطلاب الذين لا يحظون بالاهتمام الكافي وحثهم على مواصلة تعليمهم.
المصدر - البوابه
========================
توماس هايلاند أريكسن : الهجرة والكوارث البيئية في سياق التغير العالمي السريع
تاريخ النشر: 01/10/2016
تأليف: توماس هايلاند أريكسن
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
يشهد العالم أزمة كبرى، أو بتعبير أدق، أزمات متداخلة، ومشكلات متشابكة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحداثة، ويسمي مؤلف هذا العمل، الزمن الراهن بعصر الأنثروبوسين «العصر الجيولوجي البشري»، بما بلغه الكون من مستوى حراري عالٍ، وأشكال اللامساوة الصارخة، وتغيرات سريعة لا يمكن مجاراتها.
يحاول أريكسن أستاذ الأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة أوسلو، ومؤلف العديد من الكتب، من بينها «العرق والقومية: تاريخ الأنثروبولوجيا»، و«أماكن صغيرة، قضايا كبيرة»، أن يقدم طريقة جديدة ورائدة للنظر في مشكلات الأنثروبوسين، إذ يستكشف أزمات البيئة والاقتصاد والهوية من خلال عدسة أنثروبولوجية (دراسة علمية للإنسان).
 
يطرح هذا العمل وجهة نظر جديدة ابتكارية حول عدد من القضايا من بينها استخدام الطاقة، والتمدن، الحرمان من الموارد، والتعبئة الإنسانية، والهجرة وقضايا اللجوء، وانتشار تكنولوجيا المعلومات.
يتحدث هذا الكتاب الصادر حديثاً عن دار «بلوتو برس» في 192 صفحة من القطع المتوسط، عن قضايا تثير القلق الكبير للإنسانية وأهمها: تغير المناخ، والبيئة، والتمدن، البقاء الإنساني، والسياحة والهجرة، والنفايات واللامساواة، والوصول إلى موارد العيش والحرمان منها. ويشير أريكسن إلى أنه في الوقت الذي تكون فيه كل الأزمات الراهنة ذات نطاق عالمي، لكن مع ذلك يمكن تلمسها والاستجابة لها على المستوى المحلي، وأنه بمجرد أن ندرك ذلك، نبدأ في رؤية التناقضات التي تكثر بين قوات الرأسمالية العالمية وطبيعة الناس المتجسدة فيها بشكل اجتماعي والممارسات المحلية. ويأتي هذا العمل في ثمانية أقسام هي: العالم مملوء جداً، جرد مفاهيمي، الطاقة، التنقل، المدن، النفايات، معلومات زائدة، النطاقات المتصارعة: فهم ارتفاع درجات الحرارة.
عالم تحت وطأة الحداثة
 
يتساءل الكاتب في مقدمته «العالم المعاصر... مملوء للغاية؟ كثيف للغاية؟ سريع للغاية؟ حارّ للغاية؟ غير متساو لأبعد الحدود؟ يسير بقوة على النهج الليبرالي الجديد؟ يهيمن عليه البشر بقوة؟» ويوضح أنه كل ما ذكر في الأعلى، وأكثر هو عالمنا الذي يعيش تحت وطأة الحداثة ذات السرعة العالية، حيث تتغير الأشياء، وليس هناك من حاجة إلى تفسيرها عن طريق علماء الاجتماع، وما يصادفه من ظواهر محيّرة أو استثنائية هي أجزاء من الاستمرارية التي نكتشفها بين الفينة والأخرى. الحداثة نفسها تفرض التغيير، لكن لعقود كان التغيير مترادفاً مع التقدم، والرواية المعيارية حول الماضي الحديث كانت عن التقدم والتنمية، إلا أن الأمور التي من المفروض أن تصبح أفضل، نجدها تتخذ منحى آخر.
ويضيف: «في العقود القليلة الماضية، وهنت ثقة المتحمسين للتنمية. فالحداثة والتنمية لم تستأصلا الإيديولوجيات الرجعية، والعنف الطائفي والتعصب، وبقيت الحروب مستمرة. كما أن اللامساواة والفقر لم يبتعدا»، مشيراً إلى أن الأزمات المتكررة مع تداعيات عالمية أجبرت الاقتصاديين على التراجع. وعلى الرغم من أن العديد من الدول كانت ديمقراطية بالاسم، فقد أدرك عدد كبير من الناس بأن تغيرات متكررة تجري في حياتهم وفي المحيط المباشر، من دون أن يتم استشارتهم بها. والأكثر أهمية، ظهرت قوى التقدم على أنها سيف ذو حدين. وما كان خلاصنا لمئتي عام، أي طاقة في المتناول وبسعر رخيص، كان ليصبح لعنتنا من خلال الدمار البيئي وتغير المناخ».
ويشير الكاتب إلى أن الوصفات القديمة لأجل تحسين الحياة الاجتماعية، سواء كانت من قبل المحافظين أو الليبراليين أو الاشتراكيين، فقدت بريقها. فاليسار السياسي، كان تاريخياً مبنياً على مطالب لأجل العدالة الاجتماعية والمساواة، ويواجه الآن شكلين من التحديات في صيغة التعددية وتغير المناخ، وخلق تركيب ثابت من الثلاثة ليست بالمهمة السهلة.
يستند هذا الكتاب إلى فرضية أن التغيرات السريعة التي تميز العصر الراهن لها عواقب غير مقصودة، مهمة، وبعض الأحيان دراماتيكية. والفصول الخمسة من الكتاب كلها تركز على منطقة أساسية، وتظهر كيف أن التغيرات ربما تأخذ اتجاهات غير متوقعة، والتي لم تكن في الحسبان ولا مرغوبة في البداية.
ويلخص أريكسن مناقشة عن الحركة البيئية الحديثة، بقوله إن «الحشرات المقتولة والعصافير الجائعة دفعت إلى ربيع صامت، والسيارات تدفع إلى حدوث التلوث والحوادث، والثورة المعلوماتية تدفع إلى تلوث العقول، وربما انتشار أفكار التنوير تقود إلى ردود أفعال مضادة في صيغة الأصولية». وفي محاولة منه إلى تقصي فشل الرواية العالمية الحديثة عن التقدم والتنمية، يبحث الكاتب عن التناقضات، والصدامات التي تحدث والعمليات السريعة بشكل خاطف. ويذكر أن هناك أبعاداً مادية أخرى لارتفاع درجات الحرارة يجب التعامل معها مثل المواصلات والتجارة، وهما الأوضح، مع تركيز على سفن الشحن كشرط مسبق لليبرالية الجديدة العالمية وصعود الصين إلى دور قيادي عالمي في مجال الصادرات.
 
محنة اللجوء
 
يقف الكاتب في الفصل الرابع عند محنة اللجوء الإنساني جراء الحروب والكوارث البيئية، قائلاً: «بعد سنوات قليلة، ليست قوارب اللجوء إلى جزر الكناري هي التي تتصدر عناوين الأخبار، بل عدد الناس المتزايد الذين يعبرون البحر المتوسط، وغالباً من ميناء تركي أو ليبي. فقوارب اللاجئين التي تنطلق من شمال إفريقيا تعرضت للغرق على مدى سنوات، إلا أن الأعداد في تزايد. والأمر ذاته بالنسبة للسوريين، وأيضاً الأريتيريين، والأفغان وغيرهم، وهؤلاء يواجهون مستقبلاً مجهولاً وفي العديد من الحالات، سوف يبقون في مخيمات اللاجئين المؤقتة لمدة طويلة، بانتظار انتهاء طلبات اللجوء التي قدموها».
ويضيف: «لقد كان البحر المتوسط على مدى سنوات يمثل واحداً من التناقضات الصارخة للازدهار وفرص الحياة في العالم. ومع النظام الحدودي الحالي في أوروبا والتعبئة المتزايدة في آسيا وإفريقيا، لم يصبح البحر الأبيض المتوسط حدوداً بين اليونان ولبنان، بين المغرب وإسبانيا، بل يشكل بشكل مؤثر الحدود بين ألمانيا والكونغو، بين هولندا وسيراليون. لقد رفعت اتفاقية «شينغن» مستوى الحدود إلى المستوى الأوروبي العام».
ويشير الكاتب إلى أنه تم في العقود الأخيرة الماضية هدم جدران، ومن أبرزها، جدار برلين الشهير، لكن في الوقت ذاته بنيت جدران جديدة بقدر كبير من التصميم والكفاءة - مثل ريو غراندي في كولورادو الأمريكية على حدود المكسيك، وفي الضفة الغربية - حول أحياء مسوّرة في مجتمعات غير متساوية بعمق، وأيضاً حول مخيمات اللاجئين في كاليه، وإلى جانب الحدود الأوروبية على الأرض الإفريقية في سبتة ومليلة. ويذكر أنه على الرغم من جهود الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود، لكن يبدو أنها لم تحدد نقطة ثابتة حدودية في المتوسط، إذ ليس هناك من سياج أو جدار يمنع آلاف اللاجئين الأفارقة من النزول على الأرض اليونانية أو الإيطالية. ويقول: هؤلاء الذين يغرقون على الطريق لا يتم إحصاؤهم حتى من قبل السلطات الأوروبية، فقد أجبروا أوروبا على التعامل مع حقيقة كانت تتردد في الأزمنة الرومانية حول المتوسط إذ كانوا يقولون عنه «بحرنا»، والآن أصبحت العبارة «بحر الموت».
 
النزوح السوري
 
على الرغم من أن الحدود على الصعيد النظري تم إغلاقها، إلا أنها في فترة النزوح السوري، كانت مفتوحة أكثر من أي وقت، ويرى أن انهيار الدولة الليبية يسمح بالتعبئة السهلة من خارج موانئها، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يستطيعون دفع المال، وشق طريقهم من دون أن يتعرضوا للسطو أو القتل.
ويقول:«يمكن أن نعزو نمو الأعداد في قوارب اللاجئين في المتوسط إلى الحرب الدائرة في سوريا. فقد ازداد عدد الناس الفارين من جحيم الحرب من بضع آلاف في 2012 إلى ما يقارب خمسة ملايين في ديسمبر 2015. ومع ذلك، بغض النظر عن التطورات المستقبلية في سوريا، فإن أمواج المهاجرين من غير المحتمل أن تنحسر. فالعديد من النازحين يفرون من الحرب والقمع، لكن البعض الآخر يفر من الفقر المدقع»، ويضيف متأسفاً على الوضع السوري: «على شطآن المتوسط، لم تعد تجد فقط حقائب وقمامة تطفو على السطح، بل ربما تصادف جثثاً للأطفال والكبار».
وفي السياق السوري، يجد أن ما حدث ربما مرتبط بشكل أو بآخر مع تغير المناخ، فالجفاف الحاد الذي حصل شل قدرات البلاد الزراعية، ما أجبر أبناء الأرياف والمحافظات الزراعية للتوجه إلى المدن الكبرى، ولم تتعامل حكومة دمشق مع الأمر بشكل جدي، ولم تقدم المساعدة لكثير من هؤلاء، الأمر الذي دفع إلى انهيار العلاقة بين الحكومة السورية والأعداد المتزايدة من المواطنين، وهذا خلق أرضاً خصبة للمعارضة، وإنتاج فراغات في السلطة مهدت لظهور تنظيمات إرهابية مثل «داعش» لتتحكم بجزء كبير من الأرض السورية. كما ينتقد الكاتب الاستجابة الأوروبية إلى هذه الأزمة الإنسانية، حيث كان موقفها متردداً ومراوغاً، إذ إن أغلب الدول الأوروبية اكتفت بقبول عدد صغير من اللاجئين السوريين من لبنان والأردن، ما عدا ألمانيا والسويد اللتين فتحتا أبوابهما للاجئين، وتحديداً ألمانيا.
 
الانقسام الرقمي
 
يرى الكاتب أن الثورة المعلوماتية تعكس، وتدعم وتغيّر مسائل اللامساواة العالمية، ويشير إلى أن تركيز شركات تقنية المعلومات في الولايات المتحدة كبير (أسسها مواطنون أمريكيون) في لعب دور أساسي في التجسس (خاصة وكالة الأمن القومي بحسب تسريبات سنودن) على المواطنين الأمريكيين ومواطني دول أخرى أكثر من أي وكالة مراقبة أخرى في العالم. ويذكر أن اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشاراً على الإنترنت، واللغة السادسة على الإنترنت هي الفلبينية إلا أن الذين يستطيعون الوصول إلى الإنترنت من الفلبين هم نحو مليونين ونصف، في حين أن الأغلبية، أي ما يزيد على تسعين مليون نسمة، لا تصلهم شبكة الإنترنت بشكل منتظم وسهل.
ويرى أنه في الوقت الذي يتوفر لسكان بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الوصول السهل والروتيني للإنترنت، أغلب الناس في الجنوب العالمي لا يتوفر لديهم أي وصول. هناك اختلافات مهمة: نسبة أكبر من الهنود والبرازيليين على الشبكة الإنترنيتية أكثر من النيجيريين والأفغان. يمكن القول بشكل عام، إنه كلما كان البلد فقيراً من ناحية إجمالي الإنتاج المحلي، تناقصت فرصة الوصول للإنترنت. إلا أنه من ناحية أخرى مع انتشار أجهزة الهواتف الذكية الرخيصة ذات الصناعة الصينية، انكمش الانقسام الرقمي في دول عديدة مثل جامايكا، وبعض دول شرق إفريقيا.
ويعلق: «المحاولات المخططة لتجاوز الانقسام الرقمي على أعلى نطاق أكثر من النطاقين المحلي والشخصي يتضمن مشاريع التطوير الرامية إلى مساعدة السكان المحليين في جنوب الكرة الأرضية على الاستفادة من التقنيات الجديدة».
ويتوقف عند المناقشات التي أثيرت حول دور الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي في إحداث ما يسمى«الربيع العربي» في 2011، حيث في الوقت الذي كان واضحاً أن الهواتف كانت مستخدمة بشكل نشط في تنسيق النشاطات، ولأجل تصوير ومتابعة مجريات الأحداث في شمال إفريقيا والشرق الأوسط بشكل عام، يبين أنه ليس هناك من دليل يؤكد أن التكنولوجيا لعبت دوراً أساسياً في إنتاج الوضع السياسي الساخن، قائلاً: «ما هو واضح أن الاتصالات الفورية، سواء عبر المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية أو الإنترنت أو منصات أخرى تسرّع في التفاعل الاجتماعي، وتكثّف الاتصالات وتضخّم أنواع التسريع التي نراها في النطاقات الأخرى مثل الإنتاج والاستهلاك ووسائل المواصلات».
 
كلنا غرباء
 
بعد طرح العديد من القضايا التي يعانيها العالم، يدعو الكاتب إلى أخذ الحيطة والحذر واتخاذ مواقف أشد صرامة تجاه التأثيرات الحديثة التي تخلف ضحايا وكوارث من حولنا، ويقول في ختام عمله: «في هذا العالم المتنوع بشكل لا مثيل له، والذي يعاني سخونة على صعد عديدة أكثر مما ينبغي، نبقى كلنا غرباء في أرض غريبة. وفي الوقت نفسه، جميعنا في القارب نفسه، نتقاسم المصير ذاته».
========================
جيديون راتشمان :هل بدأ القرن الآسيوي؟
تاريخ النشر: الجمعة 30 سبتمبر 2016
تتمحور الفكرة الرئيسة لأحدث كتب الصحافي البريطاني جيديون راتشمان: «الشرقنة.. الحرب والسلام في القرن الآسيوي» حول فكرة «الشرقنة»، أو انتقال مركز الثقل في العالم من الغرب إلى الشرق، والمقصود بذلك انتقال أسباب القوة الاستراتيجية من القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة إلى آسيا وخاصة الصين، منذراً من أن هيمنة الغرب على السياسة العالمية باتت تشارف نهايتها، وأن تدفق الثروة والقوة أخذ ينتقل من الغرب إلى الشرق إيذاناً ببداية عهد جديد من انعدام الاستقرار العالمي.
والشرقنة، أو التحول شرقاً، أضحى السمة المميزة لعالمنا الحالي، حيث أخذت الثروة المتزايدة للدول الآسيوية تغيّر ميزان القوى العالمي. وهو تحول بات يؤثر في حياة الناس عبر العالم بأسره، وفي مصير الدول، وفي مسألتي الحرب والسلام. ذلك أن الصين الصاعدة اليوم أخذت تتحدى الهيمنة الأميركية بشكل متزايد، وطموحات القوى الآسيوية الأخرى -مثل اليابان وكوريا الشمالية والهند وباكستان- يمكن أن تؤدي إلى زعزعة استقرار العالم بأسره. وفي هذه الأثناء، ما زال الغرب منشغلاً بالتعاطي مع آثار الأزمة المالية والاقتصادية والشعبوية السياسية، والعالم العربي غارقاً في الفوضى والاضطرابات، في وقت تتطلع فيه روسيا لاستعادة وضعها السابق كقوة عظمى.
بيد أن فكرة الأفول الأميركي وصعود الشرق ليست جديدة، وقد صدرت كتب عديدة في هذا الموضوع تدق ناقوس الخطر محذرةً من تحول مركز الجاذبية العالمي من الغرب إلى الشرق، ولكن كتاب راتشمان يتناول هذه الحقيقة الجوهرية بتركيز شديد، باحثاً تداعياتها العالمية من جنوب شرق آسيا وروسيا إلى أوروبا والشرق الأوسط.
والواقع أنه منذ اندلاع الأزمة المالية، تسارع تراجع الغرب وصعود الصين، وإنْ كان كثيرون يعتقدون أن العكس هو الصحيح نظراً للحديث المستمر في بعض الأوساط حول «الصعوبات» الاقتصادية التي تعاني منها الصين. ولكن راتشمان يرفض هذه الفكرة، مبرزاً كيف أن العالم أخذ يعاد رسمه، سنة بعد أخرى، نتيجة هذا التحول في مركز القوة.
والمعقل الرئيس لمقاومة هذه الفكرة هو الولايات المتحدة التي ينكر فيها كثيرون هذا الواقع الجديد، ولكن راتشمان يُظهر كيف أن الرئيس باراك أوباما يعترف ضمنياً بهذه الحقيقة، ولكنه لا يستطيع الاعتراف بها علانية لأنه لا يوجد سياسي أميركي يجرأ على فعل ذلك، كونه خطيراً على سمعته. وفي المقابل، أخذت أوروبا، وخاصة منذ الأزمة المالية، تتصالح مع هذا الواقع الجديد تدريجياً وتعترف به، وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى أن «القوى الأوروبية باتت في تراجع سريع كلاعبين سياسيين عالميين»، مثلما يقول راتشمان.
والمؤلف يعتقد أنه مع مرور الوقت ستنتزع الصين من الولايات المتحدة مكانتها باعتبارها القوة المهيمنة العالمية، وأن كل بلد سيكون مضطراً للتأقلم مع هذا الوضع الجديد. ومعلوم أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تدهورت منذ 2010 في وقت باتت أميركا تنظر فيه إلى الصين باعتبارها تهديداً لهيمنتها العالمية، وبدأت الصين تبحث لنفسها عن دور أكبر في شرق آسيا. ويبدو أن راتشمان محق حين يبدي قلقه من احتمال أن يؤدي هذا النزاع إلى حرب كارثية لا تبقي ولا تذر، بالنظر إلى العسكرة المتزايدة في بحر الصين. وإلى ذلك، يشير راتشمان تصريحاً أو تلميحاً مبرزاً أن التحول في القوة أمر حتمي ولا مفر منه، وأنه يجدر بالجميع التعود عليه، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وعلى رغم أن الجزء الأكبر من الكتاب كُتب قبل صعود المرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يراهن على عامل الخوف وتصوير أميركا على أنها في حالة تقهقر، إلا أنه يستشرف بعض الصعوبات الداخلية التي تواجه سعي أميركا للرد على هذه الرمال المتحركة، حيث يناقش راتشمان بواعث القلق المتزايدة في أميركا بشأن التجارة، والتخوفات من سعي الصين المتزايد للعب دور أكبر في شؤون العالم بالتوازي مع تعاظم قوتها الاقتصادية، إضافة إلى هيمنة روسيا والشرق الأوسط على أجندة السياسة الخارجية.
بيد أنه مما يؤخذ على هذا الكتاب تركيزه المفرط ربما على فكرة «الأفول الأميركي»، وهو مبعث قلق يشاطره بالفعل كثيرون في آسيا ممن يخشون أن تقوم الصين بسد الفراغ الممكن في القوة. وعلى غرار الكثيرين عبر العالم، يتساءل راتشمان عما إن كانت لدى الولايات المتحدة القوة أو الشجاعة للتعاطي مع التحديات المقبلة. غير أن التاريخ يشير إلى أنه ينبغي الحذر وعدم المبالغة في الحديث عن الصعوبات الأميركية، ومقاومة الميل إلى الانتقاص والتقليل من شأن الميزات -الخفية أحياناً- التي تمتاز بها القوة الأميركية، مثل قدرتها على التكيف مع الأوضاع الجديدة، وقدرتها على التجدد والابتكار، التي كانت وراء صعودها خلال نصف القرن الماضي. وعلاوة على ذلك، فإن هذه التخوفات بشأن التراجع الأميركي تطفو على السطح كل بضع سنين خلال مرحلة ما بعد الحرب، ولكنها كثيراً ما تمثل انعكاساً لتخوفات وهواجس دولية أكثر منها تقييمات موضوعية وواضحة للوضع الاستراتيجي الأميركي.
محمد وقيف
الكتاب: الشرقنة.. الحرب والسلام في القرن الآسيوي
المؤلف: جيديون راتشمان
الناشر: بودلي هيد
تاريخ النشر: 2016
========================
جاكوب روغوزنسكي :كرهوني بلا سبب..سلوك قديم أسّس للعنف
التاريخ:27 سبتمبر 2016
ما هو الكره؟ ولماذا يكره الإنسان إنسانا آخر..؟ وكيف يمكن لهذه المشاعر ذات الطابع الفردي والأسباب الخاصّة أو العامّة المحددة أن تغدو ذات طابع جماعي؟
وأسئلة كثيرة أخرى تدور حول هذا الموضوع القديم ــ الجديد الذي يأخذ أشكالا مختلفة، ولكنه رافق وجود المجتمعات البشرية.
إن محاولة فهم منطق الكره وأنماط تبدّيه في سلوك البشر والمجتمعات، يشكّل موضوع كتاب كرهوني بدون سبب لمؤلفه جاكوب روغوزنسكي، الفيلسوف، والأستاذ في جامعة ستراسبورغ الفرنسية. يحمل الكتاب عنوان: «كرهوني بلا سبب».
المؤلف يعمد في هذا العمل إلى استعراض ظاهرة «الكره» حيال الآخر، أو الآخرين، من منظورات مختلفة. والتركيز أوّلا على تاريخ الظاهرة بالنسبة للمجتمعات الغربية، الأوروبية، عموما والمجتمع الفرنسي خصوصا.
والتأكيد في مثل هذا السياق، على أن «منطق الكره لا يزال نشيطا وفاعلا ومصدر تهديد حقيقيا» في العديد من مناطق العالم. من هنا يجري التأكيد على أن ظاهرة «كره الآخر» قديمة جداً، ولكنها لا تزال تمتلك راهنيتها كأحد «المحركات» الكامنة وراء العديد من موجات العنف المنتشرة في العالم. وينطلق المؤلف في تقصّي مسار تطوّر الكره من أخذه «صورة المنبوذ والأجنبي والساحر»..
ووصولا إلى فترة «الرعب» التي أعقبت قيام الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789. لكن هذا لا يمنع واقع أن المؤلف يبحث عن «إسقاطات» ذلك بالنسبة للفترة التاريخية المعاصرة.
هكذا يسوق المؤلف حكاية فلاّحة تحمل اسم «الديغوند دو رو» التي كان قد جرى إصدار الحكم عليها بتهمة ممارسة «السحر» في عام 1601 في منطقة «فلاندر». ويلفت إلى أن ذلك الحكم كان في سياق حملة كبيرة لمطاردة السحر والسحرة في أوروبا، استمرّت منذ أواسط القرن الخامس عشر واستمرّت حتى نهايات القرن السابع عشر.
وتلك الفترة التاريخية تتناظر تبعا للتصنيفات التي يتبنّاها القاموس التاريخي السائد بالنسبة لتطوّر الغرب الأوروبي من عصر النهضة الأوروبي، الذي أعقب العصور الوسطى «المظلمة»، وحتى عصر التنوير الذي يجري تحديده بالقرن الثامن عشر.
ومما يؤكّده المؤلف هو أن تلك الحملة قامت بها السلطات الرسمية. لكنها وجدت بالمقابل، الكثير من الاحتجاجات الغاضبة التي صدرت عن مفكرين ومثقفين آنذاك اعتبروا أن ذلك كان بمثابة اعتداء على «الحريّة الشخصيّة». وليس أقل هؤلاء شأنا الفيلسوف «ميشيل دو مونتين»، أحد أهم الشخصيات الفكرية في التاريخ الفرنسي كلّه، و«ادمون روستان»، مؤلف العمل المسرحي الشهير «سيرانو دو برجراك».
يشير المؤلف إلى أن حملة مطاردة السحر والسحرة بلغت أوجها في ألمانيا التي يطلق عليها المؤلف توصيف «بلاد المحارق». ويذكر أن العديد من الفلاسفة والمفكرين الألمان، من أمثال ايمانويل كانط وحنّة ارنت، «تساءلوا» في فترات مختلفة عن الجذور البعيدة لما عرفته ألمانيا في تاريخها من مجازر على خلفية «كره الآخر».
 
لا يتردد المؤلف في التأكيد أن «الكثير من الاعترافات» جرى «انتزاعها» تحت التعذيب، وبالتالي كان هناك الكثير من «الحقائق المفبركة» التي لم تكن تتطابق مع الواقع. وكان من بين أكثر السبل في تحديد الأهداف، اللجوء إلى ممارسة «الوشايات»، كما كان يجري في ظل «محاكم التفتيش» حيث كانت تلك «الوشايات» كفيلة بإصدار أقسى الأحكام لمن تعنيهم.
لكن أيضاً كما هو سائد اليوم في ظل العديد من الأنظمة الاستبدادية. وكذلك يشير المؤلف إلى العديد من أنماط الممارسات الأخرى التي شهدتها الفترة المعروفة بتوصيف «سنوات الرعب» التي أعقبت قيام الثورة الفرنسية الكبرى عام 1789 واستمرّت عدّة أعوام.ويذكر في هذا السياق بما شاع حديثا، تحت عنوان «نظرية المؤامرة». واللجوء إلى المقارنة بين جملة من التجارب لتبيين أنماط تشابهها وما بينها من أشكال تعارض. والشرح في هذا الإطار كيف يقع الانتقال من ممارسة «التهميش حيال الآخر» إلى «ممارسة اضطهاده».
كما يشرح مؤلف هذا الكتاب في الإطار ذاته، كيف أن «غضب الذين يتعرّضون للاضطهاد وتمرّدهم، يمكن أن يتحوّل إلى كره هو الآخر وممارسة التعذيب.. إذا سنحت الفرصة لذلك». وهو يلقي في هذا الإطار بعض الأضواء على أنماط الرعب التي تمارس في الحقبة الراهنة.
 
ولكن المؤلف يذهب في الواقع أبعد من ذلك، كي يحاول تفسير أنماط السلوك القائمة على مشاعر«كره الآخر»، «الأجنبي»، التي تتكرر في العديد من مناطق العالم ومن قبل الكثير باسم السياسة أو التاريخ.
ألغاز وأضواء كاشفة
يبقى الهدف الرئيسي الذي حدده المؤلف لهذا العمل، الذهاب أبعد من توصيف أعمال العنف والاضطهاد التي وقعت على خلفية «مشاعر الكره» حيال الآخرين، للتركيز على بحث واكتشاف جذور الحقد والضغينة. وما يعبّر عنه أيضا بالجملة التالية: «آمل أن ألقي أضواء جديدة على ألغاز الفترة الراهنة». ومن الواضح أنه يقصد بذلك قبل كل شيء، ما فعلته النازية.
المؤلف في سطور
جاكوب روغوزنسكي. فيلسوف فرنسي، عمل أستاذا للفلسفة في جامعة باريس الثامنة. وهو الآن أستاذ للفلسفة في جامعة ستراسبورغ في شرق فرنسا. قدّم العديد من الأعمال، في عدادها: هبة القانون: كانط ولغز الأخلاق، شفاء الحياة: أهواء الشاعر انطوان ارتو.
الكتاب: كرهوني بلا سبب
تأليف: جاكوب روغوزنسكي
الناشر: سيرف- باريس ــ 2015
========================
جورج ادواردز :استقراء نجاح الرئاسة «الأميركية» أو فشلها
التاريخ:27 سبتمبر 2016
من المقولات التي تتردد كثيراً في الغرب حول مختلف العمليات الانتخابية، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، تلك التي مفادها أن «الوعود الانتخابية لا تلزم سوى أولئك الذين يسمعونها».
هذا بمعنى أن هناك فارقا كبيرا بين ما يطلقه المرشحون من وعود وما يمكن أن يمارسوه عندما يغدون في دوائر السلطة.
إن الاستحقاق الرئاسي الأميركي القادم هو في خريف هذا العام 2016، حيث سيجري انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية بدلاً من الرئيس الحالي باراك أوباما الذي أمضى فترتين رئاسيتين في البيت الأبيض نصّ عليهما الدستور الأميركي النافذ.
ومع اقتراب هذا الاستحقاق الانتخابي المهم صدرت، كما هو العادة في مثل هذه الفترات، سلسلة طويلة من الكتب من بينها كتاب يحمل عنوان «استقراء نجاح الرئاسة أو فشلها».
مؤلف هذا العمل هو جورج ادواردز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس، والذي كان قد عمل في جامعات أكسفورد ولندن وبكيّن وغيرها. وهو أحد المتخصصين ذوي الشهرة العالمية، في مسائل السياسة الداخلية الأميركية عموما والمسائل المتعلّقة بالمنصب الرئاسي بشكل خاص. كما أنه كرّس لهذه المسائل حوالي عشرين كتابا وكمّا كبيرا من الدراسات والمقالات في مختلف وسائل الإعلام.
وبعد أن أولى المؤلف اهتمامه لدراسة مختلف النظريات والنشاطات المتعلّقة بالرئاسة وبـ«الزعامة الرئاسية» الأميركية، يحاول في هذا الكتاب الجديد أن «يستقرأ إمكانات نجاح وفشل» الرئيس الذي «ينقله» الناخبون الأميركيون إلى البيت الأبيض، وأيضا مدى قدرة الرؤساء عموما على تنفيذ «البرامج» التي كان قد جرى انتخابهم على أساسها.
المؤلف يؤسس تحليلاته على الواقع الذي عرفه المنصب الرئاسي خلال الفترتين الرئاسيتين للرئيس الحالي باراك أوباما في البيت الأبيض. وهو يشير بداية إلى أن «ملايين الأميركيين ـ بما في ذلك عدد كبير من السياسيين ذوي الخبرة الطويلة، التفتوا صوب أوباما من خلال زاوية أملهم انتظار الكثير من الإنجازات التي سيقوم بها. ذلك على خلفية قدرته الكبيرة على الإقناع من خلال الموقع الرئاسي».
وينطلق المؤلف في دراساته بالكتاب، من قناعة يجدها سادت لدى الأميركيين، مفادها أن «اوباما سيغيّر السياسات الداخلية والسياسة العامّة للولايات المتحدة الأميركية». ويشير المؤلف إلى أنه ليست قليلة هي أصوات الأميركيين الذين «منحوا أوباما جائزة نوبل للسلام في وقت مبكّر، على الطريقة التي سيسلكها من أجل تغيير العالم».
لكن «حسابات البيدر لم تتوافق مع حسابات الحقل»، كما يقال. ذلك أن الواقع قال شيئا آخر. ويؤكّد المؤلف حقيقة مفادها أن «كُثراً من أولئك الذين تأمّلوا الكثير من المرشّح باراك اوباما أُصيبوا بخيبة أمل كبيرة حيال ما استطاع تنفيذه، بعد أن أصبح نزيل البيت الأبيض».

والسمة الغالبة بالنسبة لتفكير قسم كبير من الرأي العام الأميركي أنهم لم يستطيعوا فهم الأسباب الخفية، و«المجهولة» على الأقل بالنسبة لهم، حيال المسار العملي للرئيس أوباما. إنهم لم يفهموا لماذا كان في «أغلب الأحيان» عاجزا عن استخدام ما لديه من سلطات يمنحها له موقعه وصلاحياته السياسية من أجل دفع الرأي العام والكونغرس الأميركي كي يحظى بدعم مبادراته.
ويشير المؤلف في هذا السياق إلى أنه «من النادر، بل ومن المستحيل، ان استطاع الرؤساء الأميركيون أن يجلبوا تأييد الرأي العام لتأييد توجههم وتعبئته من أجل وقوفه مع سياساتهم للضغط على الكونغرس كي يتبنّى المبادرات التي يقومون فيها»، كما نقرأ. ويتحدث بالمقابل عن أنه «في أغلبية الحالات لا يجد ما يتفوه به الرؤساء من كلام إذنا صاغية، لدى أولئك الذين يتوجهون لهم».
من هنا يجري التأكيد على أنه من الواجب الأوّل لأي رئيس أميركي أن يفهم «الإمكانيات القائمة أصلا للتغيير في الواقع الموضوعي لسياق رئاسته». وتحديد القول في هذا السياق أيضا أن «الزعماء الفعّالين» هم أولئك الذين يحسنون «استغلال الفرص المتاحة في محيطهم». مع التأكيد أن «اقتناص الفرص يتطلّب مجموعة من الكفاءات أكثر مما هو اختراعها».
وفي هذا الكتاب يحاول جورج ادواردز أن يشرح الأسباب العميقة التي أعاقت، أو منعت، الرئيس باراك اوباما من «تحقيق التبدّلات الجوهرية التي كان قد وعد بها عندما كان مرشّحا للرئاسة». كما يشرح في السياق ذاته مجمل التحديات التي يواجهها الرؤساء الأميركيون عامّة فيما يتعلّق بتنفيذ برامجهم للحكم. ومن هنا بالتحديد جاء عنوان الكتاب «استقراء نجاح الرئاسة أو فشلها».
وهو يقوم بشرح «النجاح والفشل» بالنسبة للمؤسسة الرئاسية الأميركية في ثلاثة أقسام تتوزع بينها مواد هذا الكتاب. ذلك بعد فصل افتتاحي مكرّس لـ«طرح الأسئلة المفيدة والجيّدة». يحمل القسم الأول عنوان «توقّع الرئاسة» ويضمّ ثلاثة فصول تخص «الموقف الاستراتيجي مع الجمهور» و«الموقف الإستراتيجي مع الكونغرس» وفصل أخير عنوانه «أسئلة مختلفة وأجوبة مغايرة».
 
والقسم الثاني عنوانه «إمكانيات يمكن استثمارها»، ويبحث المؤلف فيه عن «كيفية تعزيز الرأي العام» و«واستثمار الرأي العام الراهن» و«ممارسة الضغط حيال تكوين الآراء» و«بلوغ القاعدة الشعبية». أمّا القسم الثالث والأخير من الكتاب فيخص «الخاتمة»، ويوجد فصل واحد عنوانه: «الزعامة وعمليات التقييم الإستراتيجي والملاحظات».
وفي العموم، الكتاب يشرح كواليس الرئاسة الأميركية بما يقدّم كمّاً كبيرا من المعلومات المفيدة للباحثين المختصين، كما للجمهور العريض من القرّاء الراغبين في «فهم آليات عمل الرئاسة الأميركية الحديثة» ومداها وحدودها.
ومما يؤكّده المؤلف بأشكال مختلفة، أن الفترات التي تسبق كل عملية انتخاب رئاسية تمثّل «أرضا خصبة» بالنسبة للأميركيين، كي يتفحّصوا المرشحين للرئاسة. وليس فقط «تفحّصهم»، ولكن أيضا، وخاصّة، من أجل «صياغة أحلامهم وتطلعاتهم» حيال ما يمكن أن يقدّمه كل مرشح.
وفي أغلب الحالات «التطلّع إلى التغيير» الذي يصب في اتجاه ما يأملون فيه. بهذا المعنى يرى المؤلف أن «المرشحين للرئاسة لا يدلّون على مواقفهم السياسية فحسب، ولكن أيضا على التأثير المنتظر من زعامتهم الرئاسية».
المؤلف في سطور
جورج ادواردز، مؤلف هذا الكتاب، هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكساس. سبق ودرس في جامعات أكسفورد ولندن وبكين.
قدّم ما يزيد على عشرين كتابا في عدادها: التجاوز.. الزعامة في رئاسة اوباما، الرئيس الإستراتيجي.. الإقناع وانتهاز الفرص في الزعامة الرئاسية.
الكتاب: استقراء نجاح الرئاسة ــ الأميركية ــ وفشلها. إمكانات الزعامة في الإقناع
تأليف: جورج ادواردز
الناشر: جامعة برنستون ــ 2016
========================
دان ليونس :فريسة التشوّش..التكنولوجيا الرقمية وإفرازاتها
التاريخ:27 سبتمبر 2016
هناك دائماً ما يقال أيضاً وأيضاً عن الثورة الرقمية وعن هذا العصر الرقمي، الذي جلب على مدى عقود قليلة جداً تغيراً كبيراً في حياة البشر على مختلف المستويات والميادين.
وإذا كانت التكنولوجيات الرقمية الجديدة تمثل ثورة حقيقية بالقياس إلى ما سبقها، فإن هناك تغيراً أكثر أثراً بالنسبة للنتائج التي ستترتب عليها وفي ما يخص بالتحديد حياة البشر وأنماط عيشهم ونشاطاتهم وعملهم.
هذا المجال الأخير المتعلق بالعمل هو ما يكرس له دان ليونس، الصحافي والكاتب والروائي الأميركي الذي عمل سنوات طويلة في مجلة «نيوزويك» قبل أن يجد نفسه «مفصولاً» عن العمل لأسباب تتعلق تحديداً بتقليص عدد العاملين من أجل تقليص النفقات.
يحمل الكتاب عنوان «فريسة للتشوش» وعنوانه الفرعي هو «مغامرتي البائسة في المشروع الناشئ المساهم ستارت ـ اب»، ومادته الأساسية هي التجربة الحقيقية التي عاشها المؤلف ـ الصحافي في عمله بتلك الشركة.
في الصفحات الأولى من العمل، يقدم المؤلف نوعاً من النبذة الموجزة عن سيرة حياته الشخصية و«المهنية». ونفهم أنه كان يبلغ الثانية والخمسين من عمره عندما وجد نفسه فجأة من دون عمل بعد أن جرى «الاستغناء عن خدماته» في مجلة «نيوزويك»، التي كان قد عمل فيها سنوات طويلة في القسم المتخصص بـ«التكنولوجيات الجديدة».
في مثل ذلك السياق كان من الطبيعي أن يبحث عن فرصة عمل جديدة في المجال الذي اكتسب فيه خبرة «نظرية»، من خلال عمله الصحافي. وكانت فرصة العمل التي توافرت له هي في إحدى الشركات الناشئة العاملة في قطاع الألعاب الإلكترونية الموجودة في منطقة غير بعيدة من مدينة بوسطن. كان عمله هو بالتحديد في قسم«تسويق الخدمات»، كما يشير.
لم تكن طبيعة العمل هي الجديدة فقط ولكن أيضاً ذلك «الديكور العصري» على شاكلة مختلف الشركات العاملة في القطاع. وجديدة أيضاً كانت «تلك اللغة» التي كان يتحدث فيها«زملاء العمل» الذين لم يبلغ غالبيتهم العظمى سن الثلاثين بقاموسها المختلف جداً عن ذلك الذي كان قد تعود أن يتعامل فيه مع زملاء« مهنة الصحافة».
«ديكور» مكان العمل و«قاموس الزملاء» لم يكونا مصدر التشوش الأكبر بالنسبة للمؤلف، كما يشير. ولكن بالأحرى تلك«المزاعم» التي كان يبديها أولئك الزملاء الذين كانوا يبحثون عن«بيع منتجاتهم» لكنهم يقدمون عملهم وكأنهم يقومون بثورة وأنهم بصدد صياغة عالم جديد.
ومن الجوانب التي يرى المؤلف أنها تثير الكثير من التساؤلات، إذا لم يكن من الإحساس بغياب النزاهة، أن الشركة الناشئة التي عمل فيها كانت تحرص على تقييم العاملين فيها بواسطة سلسلة من النعوت والتوصيفات التي تذهب جميعها باتجاه التأكيد على أنهم«من نوع رفيع المستوى»، بفضل ما يتمتعون فيه من تواضع وفعالية وبراعة وشفافية، وباقي السلسلة من المرادفات.كما يشير في المقابل، إلى أن الشركة نفسها تعامل أصحاب «التوصيفات الرفيعة» بكثير من الصرامة في الواقع، ذلك أنها تفرض عليهم أهدافاً شاقة عليهم إنجازها بأي ثمن. ويبرز المؤلف في هذا السياق العديد من النتائج التي يعتبرها مثيرة للتشوش اجتماعياً في ما هو أبعد من الحالة العيانية للشركة التي عمل فيها فترة عامين من الزمن.
وفي مقدمة تلك النتائج أن أجيال الشباب الباحثين عن عمل يجدون من خلاله مستقبلهم يكمن في القيام بـعمل مفيد. هذا في الوقت الذي يرون فيه أن جدوى ما يقومون فيه بمثل هذه الشركات يصب في نهاية الأمر في صالح أولئك الذين يسيطرون على «الصناعة الرقمية» في«وادي السيليكون»، الذين يتردد على رؤوسهم حلم نشر معرفة تناهض كل ما أنتجته مختلف المؤسسات العلمية «التقليدية».
ومسألة أخرى يطرحها دان ليونس، من خلال تجربته وهي «البعد الاجتماعي لسلوكية التعامل مع الكبار في السن». هذه السلوكية حيال هؤلاء «المسنين» تقوم على «الاستبعاد والإقصاء» بكل ما يعنيه ذلك.
والإشارة إلى أن مثل هذا التوصيف يعني في سياق العمل في الشركات الناشئة «ستارت ــ اب» أولئك الذين يبلغون الأربعين، بينما أن من هم في الخمسين يصنفون «بين العجزة». وبالتالي «لا يستطيعون أن يقدموا شيئاً». ما يعني، نوعاً من «التمييز على أساس العمر».
كما يبين المؤلف أن أولئك الذين يتركون العمل «قسراً أو اختياراً»، لا ينعتون أبداً في الشركات الناشئة «ستارت اب»، بأنهم مفصولون عن العمل، ولكن أنهم من «حملة الشهادات» الذين سيقومون بتطبيق ما حصلوا عليه من معلومات وخبرات في أمكنة أخرى. والتأكيد في هذا السياق أن هناك «ثقافة» جديدة تبرز في مثل تلك الشركات غير تلك الثقافة بالمعنى الشائع والمرتبط «عضوياً» بالمعرفة، وليس بالأرقام فقط.
عمل بشروط العصر الرقمي
الكتاب بوجه عام، ثمرة تجربة- يطلق عليها المؤلف توصيف «مغامرة»- عمل استمرت بالكاد عامين. كما يشير الكاتب، وعلى الرغم مما أثارته تلك التجربة من تشوش في أعماقه، أنها لم تكن مجرد عبث وإضاعة وقت، فإضافة إلى ما جناه منها من مال خرج بصورة لمجموعة من الشخوص الروائية التي استلهمها من جو «العمل بشروط العصر الرقمي».
المؤلف في سطور
دان ليونس، صحافي وروائي وكاتب ومؤلف سيناريو تلفزيوني أميركي. عمل سنوات في مجلة «نيوزويك» ومجلة «فورب». أولى اهتمامه لدراسة «عالم وادي السيليكون». له العديد من المؤلفات.
الكتاب: فريسة التشوش.. مغامرتي البائسة في فقاعة شركة ناشئة«ستارت ــ اب»
تأليف: دان ليونس
الناشر: هاشيت بوك، نيويورك ــ 2016
========================
آني وموريس سارتر :تدمر.. الحقائق والأساطير
التاريخ:27 سبتمبر 2016
عادت تدمر إلى واجهة اهتمامات العالم بعد سلسلة الأحداث التي عرفتها في الماضي القريب، وخاصّة بعد أن تعرّضت معالمها الأثرية التاريخية التي تشهد على المكانة الرفيعة في التاريخ الإنساني منذ القديم للتهديم، بسبب الحرب الدائرة والمعارك التي دارت من أجل السيطرة عليها.
هكذا شهدت رفوف المكتبات في الغرب عموماً، كمّاً كبيراً من الدراسات وسلسلة من الكتب التي جعلت من تدمر وحضارتها العريقة موضوعاً لها. هذا بعد أن كانت لفترة طويلة قبل ذلك موضع اهتمام خاص من قبل السائحين أو الباحثين في مجال الآثار والحضارات القديمة.
وبعد كتاب صدر في فرنسا قبل أشهر ووجد مكانه لأسابيع عدة في عداد قوائم الكتب الأكثر انتشاراً في فرنسا لمؤلفه المؤرّخ بول فاين، صدر قبل فترة كتاب جديد تحت عنوان «تدمر.. الحقائق والأساطير» لمؤلفيه: آني وموريس سارتر، المؤرخين المتخصصين في تاريخ تدمر وحضارتها بشكل خاص وفي حضارة سوريا خلال الحقبة اليونانية ــ الرومانية بشكل عام.
في البداية يشير المؤلفان، المتخصصان في تدمر، إلى أن وسائل الإعلام الغربية ترتكب الكثير من الأخطاء والمغالطات حول تدمر وتاريخها. وبالتالي غدا من المطلوب تثبيت الحقائق التاريخية وفرزها عن «الأساطير». ويعتبران أن هذا هو الهدف الأساسي من هذا العمل، كما يشير أيضاً عنوانه الفرعي.
تتوزع مواد الكتاب بين 30 فصلاً يتألف كل منها من عدد صغير من الصفحات. ويناقش في كل منها مناقشة «خطأ» يتردد حول تدمر. وبالوقت نفسه يجري المؤلفان ما يعتبرانه «التصحيحات» التاريخية الضرورية، بالاعتماد على ماضي المدينة وحاضرها أيضاً. هذا مع التركيز على التاريخ القديم لحضارة تدمر خاصّة في ظل الملكة زنوبيا.
تجدر الملاحظة أيضاً أن المؤلفين يتعرّضان أيضاً بالنقد لبعض المعلومات التي قدّمها المؤلف بول فاين قبل أشهر قليلة ــ لكن دون ذكر اسمه بشكل صريح ــ ويعتبران أنه يذكر الكثير من المعلومات غير الدقيقة.
ونقرأ: «ماذا يمكن أن نقول عندما نرى الترحيب الكبير الذي قابلت به بعض وسائل الإعلام كتاباً صدر منذ فترة غير بعيدة بناءً على الشهرة الكبيرة لمؤلفه الذي يضيف بعض الأخطاء والمعلومات ذات الطابع التقريبي».
هكذا يحاول المؤلفان تصحيح المعلومات حول الشعوب التي تعاقبت على تدمر منذ الحقب القديمة، ويؤكّدان أن المدينة لم تكن قديماً محاطة بالرمال. ويكتبان: الصحراء المحيطة بتدمر ليست شاسعة مترامية الأطراف من الرمال المجدبة. بل هي بالأحرى نوع من السهوب فيها الكثير من الأعشاب التي تصبغ المشهد بالخضرة في الربيع. ومنذ هطول الأمطار الأولى تغطي الأعشاب السهول والهضاب المحيطة.
ويؤكد الكتاب أن تدمر كانت تشابه المدن الرومانية الأخرى، الأمر الذي تشهد عليه شوارعها المزدانة بالأعمدة ومسرحها ذو النمط «الروماني».
كما يوضح المؤلفان في هذا الكتاب أن الثقافة الرومانية كانت عميقة لدى نخب تدمر، ذلك بالتوازي مع أنها كانت باستمرار «مدينة للقوافل بامتياز»، وبالتالي مفتوحة لمختلف أنواع التأثيرات من الشرق ومن الغرب. والتأكيد في هذا السياق أن «الثقافة اليونانية لم تبق مجهولة لفترة طويلة من قبل التدمريين».
وبالمقابل، يفيدنا المؤلفان أن معابد تدمر ليست «نسخة» عن معابد اليونانيين والرومان. وعلى عكس ما يقال ويتردد، يؤكّدان أنها لم تكن «محصّنة»، على غرار المدن الرومانية، قبل نهاية القرن الثالث.
ومن المسائل التي يشير إليها المؤلفان بالنسبة لزنوبيا، أنها تبنّت منظومة «إدارية» على النمط اليوناني من حيث التزوّد بـ «مجلس بلدي وقضاة يجري اختيارهم عبر الانتخاب».. كما أن زنوبيا كانت تريد، على خلفية الانتصارات التي حققتها في الشرق، أن تفرض نفسها على رأس السلطة المركزية للإمبراطورية الرومانية كلّها.
ويلفت المؤلفان إلى أن تدمر، بعد رحيل زنوبيا، كانت موضوع نزاعات بين الإمبراطورية البيزنطية والإمبراطورية الإسلامية، لتغدو في المحصّلة تابعة للعالم الإسلامي. كما يلمحان في هذا السياق إلى أن تدمر غدت وجهة مختارة للكثير من الزائرين الغربيين اعتباراً من القرن السابع عشر، واستمر تدفّقهم بأعداد كبيرة حتى القرن التاسع عشر.
وإذا كان مؤلفا هذا الكتاب يتناولان بالكثير من التفاصيل والإسهاب العصور القديمة من التاريخ التدمري، فإنهما لا يهملان بالتالي التاريخ المعاصر للمدينة. وبالتحديد تاريخها خلال الشهور الأخيرة التي شهدت تدمير قسم مهم من معابد المدينة وصروحها العريقة. والتذكير في هذا السياق أن «تدمر، جوهرة الصحراء» اعتبرت في عام 1980 منتمية إلى «التراث الإنساني» العالمي.
 
ومن الأفكار الأساسية التي يؤكّد عليها المؤلفان، أن تدمير قسم مهم من صروح المدينة التاريخية يقع على عاتق طرفين، هما المتطرفون من جهة وجيش النظام السوري من جهة أخرى. والإشارة في هذا السياق إلى أن السلطة المركزية في سوريا لم تتصرّف على أساس أيّة خطة لحماية مواقع الآثار، هذا فضلاً عن عمليات النهب والتجارة بالقطع الأثرية التي مارسها العديد من عناصرها.
وكتاب ــ وجهة نظر حول «جوهرة الصحراء»، تدمر. وروايات من منظور جديد، غربي، لما آلت إليه زنوبيا على يد الرومان في القرن الثالث الميلادي. كما يشتمل على كمّ كبير من المعلومات عمّا عرفته تدمر من دمار خلال الشهور الأخيرة.
ونتبين أن الباحثين يطرحان، في سياق محاولة التمييز بين «الحقائق والأساطير» فيما يخص تدمر، عدداً من الأسئلة، مثل: من أين جنى التدمريون ثرواتهم الهائلة؟ إلى من تعود أصول سكانها؟ من كانت زنوبيا وأُذينة بحقيقة الأمر؟ ما أهمية تدمر الحقيقية بالنسبة للسوريين في الأمس البعيد واليوم؟
المؤلفان في سطور
المؤلفان ــ الزوجان: آنّي وموريس سارتر، مؤرخان فرنسيان متخصصّان في التاريخ اليوناني والروماني القديم. وموريس أستاذ التاريخ القديم في جامعة تور.
من مؤلفاتهما: من الاسكندر إلى زنوبيا، حوض البحر الأبيض المتوسط القديم، تدمر، مدينة القوافل، قاموس العالم اليوناني القديم.
الكتاب: تدمر.. الحقائق والأساطير
تأليف: آني وموريس سارتر
الناشر: بيرّان - باريس ــ 2016
=====================
إيدوي بلينال :مواجهة «الإسلاموفوبيا» في فرنسا
تاريخ النشر: 17/09/2016
تأليف: إيدوي بلينال
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
في بداية القرن الحادي والعشرين، كان كبار المفكرين الفرنسيين يدعون أن «هناك مشكلة مع الإسلام في فرنسا»، وبالتالي كان هذا الأمر يضفي الشرعية على خطاب «الجبهة الوطنية» العنصرية، وقد تعززت مثل هذه الإدعاءات مع ردة الفعل إزاء الهجمات الإرهابية في باريس في العامين الأخيرين، التي جاءت لتمثل «إحساساً مشتركاً» جديداً في المشهد السياسي، وشهدنا منطقاً مشابهاً يظهر في الولايات المتحدة وأوروبا بشكل عام.
يقف الكاتب الفرنسي إيدوي بلينال في هذا العمل بعنوان «لأجل المسلمين: الإسلاموفوبيا في فرنسا» إلى جانب مواطنيه الفرنسيين المسلمين، في وجه أولئك الذين يجعلونهم كبش فداء، لخدمة أهدافهم السياسية، ويوضح كيف أن «الأصولية الجمهورية والعلمانية» أصبحت قناعاً لإخفاء شكل جديد من ضراوة الإسلاموفوبيا. وهو هنا لا يتضامن فقط مع المسلمين، بل يدافع بشكل مستميت عن تاريخهم في تراث النضال التحرري لفرنسا، تماماً كما كتب من قبل زولا مدافعاً عن اليهود، وسارتر في الدفاع عن السود.
يحاول الكاتب الفرنسي إيدوي بلينال في عمله هذا، أن يتطرق إلى ظاهرة تنامي الكراهية تجاه المسلمين في فرنسا، ومناقشة عدد من المفكرين الذين يروجون للأفكار التي تزيد من الهوة في المجتمع الفرنسي، من خلال تقديم نماذج مسلمة ساهمت في المجتمع الفرنسي بفعالية.
ويأتي الكتاب في 94 صفحة من القطع المتوسط، ترجمه من الفرنسية إلى الإنجليزية ديفيد فيرنباج لصالح دار «فيرسو» الأمريكية للنشر، وقد نشر الكاتب عمله هذا في 2014، إلا أنه رجع وحدّثه في 2016، بعد تصاعد اليمين المتطرف الذي يصعّد من حملاته ضد المسلمين في فرنسا. ويهدي عمله إلى الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران (95 عاماً)، الذي أنار الطريق على حد تعبيره، وينقسم الكتاب إلى مقدمة بعنوان «ضد الكراهية»، ملحقة بعشرة أقسام على شكل مقالات مطولة، يتحدث فيها عن القضايا المتعلقة بالإسلاموفوبيا في فرنسا، وألحق العمل برسالتين إحداهما إلى فرنسا والثانية بعنوان لافت هو «الخوف عدوّنا».
في وجه الكراهية
تحت هذا العنوان يبدأ الكاتب عمله، ويحاول أن يوجّه إنذاراً إلى الشعب الفرنسي بضرورة عدم الغرق في مسألة تعميم الكراهية تجاه المسلمين، لأن بضعة متطرفين قاموا بعمليات إرهابية لا يمثلون الدين الإسلامي، على مبدأ «الإرهاب لا دين له»، ويذكرهم بضرورة التمييز بين الإرهابيين وأي جماعة دينية قائلاً: «لم تنتشر فقط الأفعال الإسلاموفوبية في أعقاب هجمات باريس 2015، بل انتشر التحامل عليهم، حيث تم اختزال الأمر فيهم على الرغم من تنوعهم العميق، واستغل اليمين المتطرف في فرنسا هذا الأمر، وعمل على تنميته في الأوساط العامة، ليستقطب مزيداً من الأصوات لأجل تمرير أجندته، وفرض هيمنته على الساحة الانتخابية».
ويضيف أنه في العديد من المواقف المختلفة لدى العديد من الوجوه، من ماريان لوبان إلى دونالد ترامب، الإسلاموفوبيا اليوم تنجز الوظيفة الثقافية التي كانت موجهة ضد السامية في الأمس، وهي باتت الأزمة الأخيرة للحداثة الغربية التي تسعى إلى فرض الهيمنة الإيديولوجية لهوية قومية قائمة على الإقصاء والرفض، وعدم التسامح مع الأقليات.
وبالقيام بهذا التأسيس، وتغذية التحامل ضدهم، وترويج أن «العدو في الداخل»، ولا يمكن استيعابه، فهو أجنبي، فاسد، يقوم بالتهديد وغيرها من المسميات، يمكن أن تصبح البلاد بالإجبار في هوية واحدة، بالتالي أي تعريف لها ودفاع عنها يكون من النظام الأعلى، والذي بدوره يمنع نشوء أي تحد للنظام المتأسس.
انتهازية اليمين الفرنسي
ينتقد الكاتب سياسات اليمين المتطرف في فرنسا، ويجد أنه منذ العقود الأخيرة، وهو يحاول استقطاب الجماهير من خلال تضخيم تهديد الأجانب والمهاجرين، ويجده يتغذى على العنصرية، وبثها، ويرى أن هؤلاء السياسيين من اليمين ركزوا على الخلاص قصير المدى، من دون أن يعيروا أي اهتمام بما يحدث من تشويه لصورة مواطنيهم المسلمين أو الذين ينحدرون من دول إسلامية، ويعتبر أن ما يطرحه في كتابه هذا بمثابة صرخة تحذير إلى اليمين واليسار، من أجل أن يتوحدوا لإحباط الكارثة القادمة، وهو ما لم يجده في 2015، بعد أحداث «شارلي إيبدو»، حيث أحكمت سياسة الخوف قبضتها على المجتمع، وزادت شيطنة الآخر، ما تركت آثاراً في العمل والحياة الاجتماعية، وباتت البلاد في حالة من الطوارئ الدائمة، ولم يختلف الأمر عند اليسار تحت قيادة فرانسوا هولاند ومع اليمين تحت قيادة نيكولا ساركوزي، حيث اللجوء إلى تجريد القومية الفرنسية واستخدامها كسلاح للتطهير القومي، مؤكداً أن التوظيف السياسي كان في أعلى مستوياته.
ويذكر أنه من خلال الإصرار على أن «فرنسا في حالة حرب»، بات الأمر بمثابة مسلّمة لا تحتاج إلى توضيح، والرئيس الفرنسي وقائد القوات المسلحة الفرنسية اتخذا بشكل دقيق خيارهما في 16 نوفمبر 2015، قبل لقاء البرلمانيين في فيرساي. ويشير إلى أن خطاب الرئيس الفرنسي ركز بشكل شامل على القضايا الأمنية، لكنه كان متهوراً، إذ غض النظر عن الأسباب، وبالتالي تجاهل الماضي، وكان لا يرى الحلول، ولا رؤية عن المستقبل. وجهة النظر الوحيدة التي طرحها هي الحرب المباشرة، ليست تلك التي على مسافات طويلة من البلاد، بل على الذين في المتناول، معلقاً «أن نكون من دون ذاكرة، فهذه نهاية ميتة». ويرى أن خوض الحرب المفتوحة مع تجاهل السياقات والأصول التي شكلت التهديد، هي استجابة قصيرة النظر وسوف تفشل في القريب.
ويعزو الكاتب ما يحصل إلى أن «الحدث العنيف الذي لم يسبق له مثيل، والذي بث فينا الرعب، الموجّه ضد مجتمع منفتح ومتنوع، كان ثمرة عقود من الأخطاء الاستراتيجية، من حروب أفغانستان والعراق إلى التسويات مع الأنظمة الديكتاتورية، من دون أن ننسى سوء التعامل مع القضية الفلسطينية».
جسور السلام
يسعى الكاتب من وراء مناقشاته مع مفكرين وكتّاب في الوسط الفرنسي واستشهاداته المتعددة بأقوال آخرين إلى الدفع لبناء جسور من السلام بين أبناء المجتمع، وعدم تدمير كل الروابط بينهم، ويستشهد بالقائد الاشتراكي الفرنسي جان جوريس الذي كان يعارض دخول بلاده الحرب العالمية الأولى، وكان يشتهر بمواقفه السلمية، حيث كان همّه تأمين المستقبل، فكان يمضي في آرائه بشكل علني، وقد اغتيل في 1914 بسبب تعليقاته وخطبه ومقالاته، ومن كلمات له: «أنتم تفكرون بالنصر، أما أنا فأفكر بالسلام الذي يعقبه... لا تكسروا كل الجسور، لأنه لا يزال علينا أن نعبر النهر. لا تدمروا المستقبل. حتى لو كان جرحاً عميقاً، دعوه نظيفاً، سوف يشفى، لكن لا تسمموه. دعونا نتخذ موقفاً من الكراهية».
كما يشير إلى الكاتب الفرنسي رومين رولاند الفائز بجائزة نوبل للآداب، الذي نشر في الحرب العالمية الأولى كتاباً بعنوان «فوق المعركة»، حيث جلب لنفسه انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والأدبية والثقافية، إذ رفض فيه كل أشكال الدعم للحرب التي قادت المثقفين، الفرنسيين والألمان، إلى إنكار إنسانيتهم المشتركة، وإشاعة البربرية والهمجية، يقول عنه: «رولاند كان حينها واحداً من الأرواح النادرة التي تتخذ موقفاً ضد الكراهية». ويوضح أنه بعد انتهاء الحرب أصبح كتابه من بين الكتب التي كان الناس بحاجتها لرسم الطريق إلى المستقبل، ويستشهد بكلمات له من الصفحات الأولى: «وجدت نفسي في السنة الفائتة، غنياً جداً بالأعداء. عليّ أن أقول لهم: ربما يكرهونني، لكنهم لن يعلمونني الكراهية»، ومضى يحث القراء «للوقوف في وجه الكراهية التي تشكل خطراً مميتاً أكثر من الحرب». ويعلق الكاتب: «بعد قرن، في فترة أخرى، وبالمواجهة مع حروب مختلفة، هو الطلب ذاته الذي نحتاجه، وهو ما أسعى وأتطلع إليه في كتابي: ضرورة عدم الاستسلام للكراهية».
المراهنة على الخوف
في ختام عمله يعود الكاتب إلى ما بدأ به كتابه، ويذكر أنه في يوم الجمعة، الثالث عشر من نوفمبر 2015، كان المجتمع كله هدفاً للإرهاب: مجتمعنا، بلادنا فرنسا بكل تنوعها وتعددها، فرنسا اللقاءات والدماء المختلطة. كان هذا المجتمع المفتوح هو الذي سعت أفعال الإرهاب إلى إغلاقه، إلى إسكاته بالخوف، وإلى طمسه تحت الرعب. إنه هذا المجتمع الذي يجب أن ندافع عنه، لأجل حمايتنا. ويضيف: «يريد الإرهابيون أن يغلقوا انفتاح هذا المجتمع، ودفعه إلى الانكماش والتقوقع والانقسام، وأن يفقد طريقته في الحياة. إنها حياتنا الجمعية التي يريدون تحويلها إلى حرب أهلية ضد أنفسنا».
ويوضح أيضاً أنه مهما تكن السياقات والفترات الزمنية التي نكون فيها، فإن الإرهاب دائماً يراهن على الخوف. ليس فقط الخوف الذي ينشره في المجتمع، بل سياسة الخوف التي يثيرها في قمة الدولة، حيث يتم تحويل الديمقراطية إلى حالة من الطوارئ، وحرب لا نهاية لها، من دون جبهات أو حدود، من دون هدف استراتيجي، حرب من الردود والهجمات التي تغذي بعضها بعضاً، الأسباب والتأثيرات التي تمتزج ببعضها بعضاً من دون أن يكون لها آمال بنهاية سلمية.
ويشدد على أنه مهما يكن الأمر مؤلماً وقاسياً علينا، فلا بد من بذل الجهود في سبيل تعزيز العقلانية في مواجهة الإرهاب، إذ من الأفضل مواجهته وتجنب الوقوع في شباكه، والسير نحو عالم من الجهل يبثه الإرهاب لنشر الفوضى التي يأمل أن يحصدها ثمارها من خلال الغضب الذي يعتمل الصدور، موضحاً أنه يمكن النظر إلى تجربة الولايات المتحدة في الاستجابة لهجمات 11 سبتمبر وغزو العراق، حيث ولدت «داعش» من رحم الفوضى التي حصلت، وعلى أنقاض دولة مدنية، وجراح مجتمع انتهكت كرامته، فكلما زادت الفوضى، انتعش الإرهاب ووجد من يحتضن إيديولوجيته المسمومة.
ويتساءل: «هل يمكن أن نتعلم من هذه الأخطاء الكارثية أم أننا ماضون لتكرارها؟» مشيراً إلى أنه من الصعب دائماً طرح هذه الأسئلة القاسية في أحداث مؤلمة، إلا أنه يؤكد أن الشعب الفرنسي لن يكون قادراً على مقاومة أي شكل من التحدي الذي يفرضه الإرهاب، إذا لم يتحكم بردود أفعاله، وإذا ابتعد عن طرح أسئلة متعلقة بالسياسة الخارجية والتحالفات مع دول قمعية، وإذا لم يراقب الخطابات السياسية التي تتسم بطابع عنصري خصوصاً تجاه الإسلام، وجعله كبش فداء، فإن التفرقة وليس الوحدة هي مصيره، ومن شأنها أن تغذي الكراهية أكثر من طمأنة الشعب.
ويقول إنه «لمواجهة الإرهاب علينا أن نتحرك كمجتمع، أن نبني تماماً ما يريدون هدمه. لندافع عن بلادنا، وتنوعها القوس قزحي، علينا أن نبتعد عن جعل فئة ما كبش فداء في خدمة السياسات»، ويستشهد بالعديد من الشخصيات المسلمة التي خدمت فرنسا، حيث ساهمت في دفع الإرهاب عن المجتمع، وفي دعم الحياة العامة من خلال مشاركتها في كافة قطاعات المجتمع، حيث يرى أن قوة فرنسا وثروتها في هذا النسيج المتنوع.
ويختم بكلمات نترجمها: «في بريطانيا العظمى، عندما وقعت الهجمات عام 2005، التف المجتمع حول شعار ابتكره شاب على الإنترنت هو «لسنا خائفين». وفي إسبانيا، عند حدوث هجمات في 2004، اجتمع المجتمع الإسباني حول شعار الكفوف المفتوحة الممدودة، وغير المسلحة، ولكن مع تلك التي تمتلك عزيمة».
ويضيف: «لا. لسنا خائفين من شيء سوى من أنفسنا التي يجب أن ننير لها الدرب، ومن قياداتنا الفرنسية التي تكاد تضيعنا وتضللنا. يجب علينا أن ندافع، بشكل أقوى من أي وقت مضى، عن انفتاح المجتمع الذي يسعى القتلة إلى إغلاقه. وشعار هذا الرفض يمكن أن يكون يدين ممدودتين إلى الأعلى لاحتضان بعضنا بعضاً، يدين تتصافحان، وتترابطان».
نبذة عن المؤلف
** إيدوي بلينال، صحفي سياسي فرنسي حاصل على إشادات عالمية عديدة، ونال جائزة صحفية على عمل استقصائي له تحدى فيه أفعال الدولة الفرنسية. من مواليد 31 أغسطس 1952، قضى طفولته في المارتنيك، وشبابه في الجزائر، ودرس في معهد الدراسات السياسية في باريس. وكان مدير التحرير السابق لصحيفة «لوموند»، ومؤسس موقع صحفي استقصائي باسم «ميديا ​​بارت»، يعالج فيه القضايا المتعلقة بالإسلاموفوبيا والصور النمطية عن المسلمين، وكذلك المسائل الإشكالية على الساحتين الأوروبية والغربية. له عدد من المؤلفات الصادرة باللغة الفرنسية في أبرز القضايا في الأوساط السياسية الفرنسية والعالمية ومنها: «الصراع لأجل صحافة حرة».
========================
وانغ هوي :تحولات السياسة والثورة في الصين خلال القرن العشرين
تاريخ النشر: 24/09/2016
تأليف: وانغ هوي
تحرير: شاول توماس
عرض وترجمة: نضال إبراهيم
ما الذي يجب على الصين القيام به لتصبح دولة ديمقراطية بشكل فعلي؟ هذا السؤال ينعش المناقشات الأكثر تقدماً حول هذه القوة العظمى المحتملة. في هذا العمل، يحاول الناقد الصيني البارز وانغ هوي، الالتفات إلى الماضي الصيني للإجابة عن هذا السؤال، إذ يقف على ولادة السياسة الحديثة في ثورة عام 1911، ثم يعاين الازدهار الأولي للحياة السياسية وينتقل إلى سنوات الستينات المتطرفة، وبعدها الانحدار في ليبرالية الصين الأكثر حداثة، حتى يصل إلى مفترق طرق في وقتنا الحاضر، ومن خلال رؤيته ومناقشاته لآراء كتّاب ومفكرين يقدم الكثير من المقترحات التي من شأنها أن تحقق المساواة والعدالة الاجتماعية في بلاده ضمن سياق تحليلي.
يدرس الكاتب وانغ هوي في عمله الصادر عن دار «فيرسو» الأمريكية في 368 صفحة من القطع المتوسط، 2016، ظهور الانقسامات الطبقية الجديدة بين المجموعات العرقية الصينية في سياق النزاع بين التبت وشينغيانغ، إلى جانب الظهور الجديد لليبرالية فيها، ويتوقف عند الحركات السياسية فيها، وعلاقة الحزب الشيوعي مع الشعب، والشعارات التي رفعت حينها، وتأثير الرأسمالية في الداخل الصيني. ويستكشف المؤلف في كل فصل «العناصر الغريبة» الداخلية للممارسة السياسية في القرن العشرين في الصين والاحتمالات التي تحتويها.
ينقسم الكتاب إلى تسعة أقسام هي: الثورة والتفاوض 1911-1913: صحوة آسيا في الصين بداية القرن العشرين، تحول الثقافة والسياسة: الحرب والثورة و«حرب الأفكار» في 1910، من الحرب الشعبية إلى حرب التحالف الدولي 1949 -1953: الحرب لمقاومة العدوان الأمريكي ومساعدة كوريا من وجهة نظر التاريخ الصيني في القرن العشرين، أزمة التمثيل وسياسة ما بعد الأحزاب، نوعان من الفقراء الجدد ومستقبلهم: تراجع وإعادة تشكيل السياسات الطبقية وسياسة الفقراء الجدد، ثلاثة مفاهيم عن المساواة، المساواة بين جميع الأشياء ومجتمع ما بعد النظام.
غرابة «القرن العشرين»
يشير الكاتب إلى أنه بالنسبة للشعب الصيني المعاصر، كان مفهوم «القرن العشرين» «شيئاً غريباً»، حيث بدا لهم خارج المكان، وهذا يرجع إلى أن الصين لم تتعرف إلى «القرن التاسع عشر» أو حتى «الثامن عشر»، حتى تأتي وتتعرف إلى القرن الذي بعده، لم يكن هناك شيء سوى أحداث تاريخية معينة، وخاصة حكم إمبراطور ما أو فترة حروب مع دولة أخرى.
ويعلق على بعض الظواهر السياسية والاجتماعية في الصين، قائلاً: «تميزت الصين في القرن العشرين بالعديد من الظواهر التي أنتجتها العملية السياسية بشكل واعٍ بقيادة شخصيات جديدة قيد التشكيل»، ويضيف: «إن إنشاء جمهورية سيادية واحدة على قاعدة إمبراطورية متعددة الإثنيات، وفي الوقت نفسه السماح لهذه الدولة السيادية القيام بنوع من التعددية المؤسساتية، وتحديد سياسة جديدة من خلال حركة ثقافية ترفض الأحزاب السياسية الموجودة والدولة، فإنه بالتالي سيقام شكل جديد من السياسة مختلف عن سياسات تلك الأحزاب السياسية في القرن التاسع عشر، وسيتم استخدام نموذج وتقنيات حرب الشعب لتنفيذ استصلاح الأرض، وبناء الحزب والحركات الدورية بين الحزب والجماهير لتشكيل حزب سياسي خارق مع عناصر أعلى الحزب، والدفع بحركة طبقية ناضلت من أجل الاشتراكية نحو الأمام، في مجتمع لم تكن البروليتاريا ولا البرجوازية ناضجة فيه»، ويجد أن تحويل السياسة والمبادرة إلى المحتوى الأساسي لمبدأ الطبقة في مجمله، ليس بهدف خلق سياسة الطبقة فقط، بل خلق ثورة اشتراكية ضمن إمبراطورية زراعية متعددة الإثنيات. ويرى الكاتب أنه «يمكن أن يتم فهم كل هذه الأمور كمنتجات تسييس العمليات».
ويضيف أن القرن العشرين دفع الصين إلى عهد لم يكن ممكناً توقع شيء من ماضيها أو الانبثاق عنه، وبالتالي أي رواية عن الصين يجب أن تحتوي على توضيح وشرح لهذا القرن من حيث الارتباطات التاريخية.
ثلاث عمليات صينية
ينظر الكاتب إلى تسييس الصين في القرن العشرين بشكل أساسي من خلال معاينة ثلاث عمليات مختلفة وهي: التلاحم السياسي، والثقافة والسياسة، وحرب الشعب. وهذه المواضيع الثلاثة - حسبما يقول - كانت قد ولدت من عصر الثورة والحرب، لكنها ظهرت في أشكال مختلفة في فترات تاريخية أخرى. والمحاولة لإيجاد شكل الدولة الذي من شأنه أن يدمج الصين بشكل سياسي تحول إلى منافسة، ليس فقط بين القوى السياسية المختلفة، بل أيضاً بين المبادئ والمفاهيم السياسية المختلفة. والدولة التي ولدت من هذه العملية كانت مسيسة بشكل عالٍ جداً. ومحاولة شرح «الدولة» أو «الدولة - الأمة» في الخلاصة تفشل في استيعاب أهمية العلاقة بين الدولة والعملية السياسية.
ويضيف أن الحركة الثقافية المستمرة جددت فهم المشاركين للسياسة وأعادت تعريف العالم السياسي، وخلقت بذلك جيلاً جديداً من الشعب. وفي الحقيقة، حرب الشعب لم تغير في الأساس العلاقات بين الريف والمدن، بل حفزت التعبئة السياسية للهوية الوطنية، كما أنها حولت أيضاً وأعادت تركيب التصنيفات السياسية المتشابهة مثل الطبقة والحزب السياسي، والدولة والشعب. ومن دون التفكير بهذه العمليات المعقدة من التسييس - يقول - لدينا فرصة ضعيفة في استيعاب المعنى التاريخي لمثل هذه التصنيفات ضمن سياق القرن العشرين.
كما يجد أن هذه العمليات الثلاث من التسييس روت كل مرحلة من مراحل الصين في القرن العشرين. وقد تم التعبير عنها في الثورة الراديكالية وفي التسوية السياسية، بالإضافة إلى تصنيفها عبر العديد من القضايا مثل الأسئلة «الثقافية»: في الأسئلة عن كيفية رؤية الشباب، وتحرر النساء، والعمال والعمل، واللغة والأدب، والمدن والأرياف، وهكذا دواليك، تم جعل السياسة عالماً من الإبداع.
ويشير إلى أنه تم التعبير عنها أيضاً في حرب الشعب، والتي جلبت معاً النضال العسكري، واستصلاح الأراضي، وبناء السلطة الحكومية، والجبهة الموحدة في عملية واحدة. وكانت أيضاً واضحة في الطريقة التي حولت فيها حرب الشعب كل تصنيف سياسي بعد القرن التاسع عشر. على سبيل المثال، الخط بين الحزب السياسي والجموع أصبح غير واضح، والسلطة السياسية جاءت لتلازم شيئاً مختلفاً عن الفكرة التقليدية لجهاز حكومي، وحلت محل فكرة الطبقة الثابتة عمليات تشكيل الطبقة (في الطريقة التي أصبح فيها الفلاحون قوة سياسية بروليتارية) وهكذا دواليك. «وعلى الرغم من أن عالم السياسة الدولية في العادة يتم التفكير فيه من ناحية المفاهيم المعيارية للسيادة والمصلحة الوطنية، فإن الحرب من سنوات الخمسينات إلى الستينات في مقاومة العدوان الأمريكي ومساعدة كوريا والجدل بين الأحزاب الشيوعية السوفييتية والصينية تقدم نماذج التسييس في عالم العلاقات السياسية والعسكرية الدولية»، كما يقول.
ابتكارات سياسية
كانت ابتكارات القرن العشرين السياسية مرتبطة عن قرب بالحرب المطوّلة، الثورة والغضب العام. ومع التغيرات العالمية التي حدثت من 1989 إلى 1992، انتهى الأمر بالحركة الاشتراكية التي مثلتها الثورات الصينية والروسية إلى فشل. وزودت النهاية المأساوية ل«القرن القصير» بعض الناس بعدسة استطاعوا من خلالها الحكم على القرن العشرين بشكل سلبي، إلى جانب ظهور عملية التسييس نفسها التي تظهر كجذر التراجيديا. ويقول «مثل هذه النظرة تهدف إلى رفض الاعتراف بكل المفاهيم السياسية المرتبطة بشكل مباشر بهذا القرن، من بينها الطبقة، والحزب السياسي، والتحرر الوطني، والجماهير والخط الجماهيري، والشعب وحرب الشعب».
ويعلق أيضاً: «لكن، بدلاً من نبذ هذه المفاهيم، جدير أن نسأل متى وبأي شكل تم تسييس هذه المفاهيم؟ وتحت أي ظروف تم إعادة تسييسها؟ خذ الطبقة على سبيل المثال، في الوقت الذي لعبت فيه الطبقة دوراً كبيراً في التعبئات السياسية في القرن العشرين، احتوت التعبئة الطبقية في داخلها احتمالين. أولاً، وفقاً لمنظور الهوية ربما لم يكن لينتمي المرء إلى طبقة معينة، لكن كان لايزال هناك إمكانية لتصبح عميلاً أو جندياً في خدمة تلك الطبقة. على سبيل المثال، المثقفون من خلفيات فلاحية أو نخبوية حاكمة أصبحوا من البروليتاريا وحتى قادة. ثانياً، أصبحت الخلفية الطبقية فيما بعد علامة الهوية المتمأسسة، وأصبحت الدلالة الأساسية التي يتم بموجبها التمييز بين الأعداء والحلفاء. كل من هذين الاحتمالين قد يعبئ الشعب، لكن الأول ينبغي تصنيفه كمسيس، والثاني غير مسيس».
ولأخذ الحزب السياسي كمثال آخرتحت ظروف حرب الشعب - حسبما يقول الكاتب - فإن «الحزب» كان مرتبطاً عن قرب بالخط الجماهيري، مع ممارسة استحضار لأفكار من الجماهير، إلى الجماهير، مولدة بذلك قوة حيوية وهائلة. لكن «الحزب» الموجود في السلطة غالباً ما أصبح مبعداً من الجماهير وتحول إلى آلة سياسية نموذجية. ويعلق: «أشير إلى هذه الظاهرة بإرضاء الحزب.. هذه هي كما يمكن تسميتها حالة عدم تسييس الحزب».
عن المساواة
يذكر الكاتب أنه على مدى السنوات الثلاثين الماضية، كانت هناك نقاشات لا نهاية لها حول الديمقراطية وتفسيراتها المتعددة. ويجد أن فرضية «نهاية التاريخ» في 1989 عاملت الديمقراطية الليبرالية على أنها الشكل الأخير من السياسة وعلامة وصول التاريخ العالمي. وهذا السياق كان قائماً على الفشل الملموس لكل من الديمقراطية الجماهيرية والحركات الاشتراكية، وافترضوا أن الديمقراطية الشعبية قادت بشكل متغاير إلى الاستبداد السياسي، معلقاً: «ثورة أكتوبر في 1917 في الصين واجهت النظام الرأسمالي بشكل معاكس. وتحت شروط الحرب الباردة، قاد الصراع بين هذين النظامين إلى انقسام أيديولوجي بين «الرأسمالية» و«الاشتراكية». وكانت إحدى نتائج هذا الانقسام أن نهاية الحرب الباردة أعطت الجانب الرأسمالي احتكاراً استطرادياً على الديمقراطية».
ويشير إلى أنه بعد انهيار الكتلة الاشتراكية، كشفت الحرب على الإرهاب والصراعات الدينية والدمار البيئي، والأزمات المالية والمجتمع القائم على مخاطر عالية، التناقضات العميقة ضمن النظام الرأسمالي العالمي.
ويشير إلى أنه مع توسع الرأسمالية عبر الكرة الأرضية، تغيّرت أشكال اللامساواة التي ركز عليها كتّاب القرن التاسع عشر، مثل العلاقات الطبقية. ويمكن أن تنوجد التناقضات الأساسية للعصر الحالي بين العاصمة الإمبريالية والمستعمرات، وبين مراكز الصناعة المتقدمة والمحيط الزراعي. وهذا يشار إليه في العادة بأنه سؤال الشمال - الجنوب. ويوضح الكاتب في الفصول الأخيرة تأثير البعد الدولي في اللامساواة المحلية داخل الصين، ويجده أنه ظرف سياسي على الصينيين مواجهته إذا ما كانت هناك نية في تحقيق المساواة في الداخل والخارج.
ويجد أن التراكيب الاجتماعية في الصين تتغير بشكل دراماتيكي. وبالنظر إلى سياقها في التنمية وإعادة البناء ينبغي أن يكون الأمر مثار قلق للشعب الصيني، وبالتالي ينبغي تأسيس وكالة سياسية جديدة على أساس مصالح أغلبية الصينيين، ويرى وانغ هوي أن إحياء الديمقراطية الاجتماعية هو الطريق الوحيد لمستقبل الصين.
نبذة عن المؤلف
وانغ هوي أستاذ في قسم اللغة الصينية وآدابها في جامعة تسينغهوا في بكين، حيث يعيش حالياً. درس في جامعة يانغتشو، وجامعة نانجينغ، والأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية. كما كان أستاذاً زائراً في جامعة نيويورك وغيرها من الجامعات في الولايات المتحدة. في عام 1989، شارك في احتجاجات ميدان تيانانمين، وأرسل بعد ذلك إلى محافظة داخلية فقيرة بشكل إلزامي ل«إعادة التأهيل» عقاباً له على مشاركته. طور البروفيسور هوي النقد اليساري لسياسة الحكومة، إلى درجة أنه أصبح واحداً من المؤيدين الرئيسيين لليسار الصيني الجديد في سنوات التسعينات من القرن الماضي، على الرغم من أنه لم يختر هذا المصطلح. صنفته مجلة «فورين بوليسي» واحداً من بين أفضل 100 مفكر في العالم في عام 2008. له العديد من المؤلفات منها: «نهاية الثورة»، و«النظام الجديد للصين»، و«سياسة آسيا المتخيلة».
========================
برتراند بادي ودومينيك فيدال وآخرون :حروب القرن الحادي والعشرين
تاريخ النشر: الجمعة 23 سبتمبر 2016
من الكونغو إلى الصومال، ونيجيريا، ومالي، وأفريقيا الوسطى، وصولاً إلى سوريا والعراق وفلسطين وأوكرانيا، ما زال عالمنا اليوم حافلاً بالصراعات والحروب ليثبت بذلك أن نهاية الحرب الباردة لم تكن بداية لعهد جديد من السلام والاستقرار العالمي كما ظن كثيرون يوم الإعلان عن نهاية تلك المواجهة الدولية الكبرى بين المعسكرين الشرقي والغربي، التي كانت الاستقطابات على هامشها تؤدي في كثير من الأحيان إلى نشوب صراعات إقليمية كثيرة في مناطق عديدة بعيدة من العالم. وها قد مر الآن عقدان كاملان من الزمن على نهاية تلك الحرب الباردة وخريطة العالم تبدو اليوم محتقنة ومحترقة بأعداد لا نهاية لها من الحروب الداخلية والخارجية، بل زاد عدد المنخرطين في أتونها من الفاعلين من غير الدول، بقدر ما شهدت أيضاً تحولات في مفاهيم وخلفيات الحروب والصراعات نفسها على مستوى المفهوم والممارسة، وهو ما يثير من جديد أسئلة الفرق بين طبيعة وآليات حروب الأمس واليوم، أو بعبارة أخرى الفرق بين حروب القرن الحادي والعشرين وحروب القرن السابق. ولعل هذا تحديداً هو ما اشتغل عليه الفريق البحثي الذي يقوده الأكاديمي والمؤلف الفرنسي البارز برتراند بادي، والصحفي والمؤرخ المختص في الشؤون الدولية دومينيك فيدال، في الكتاب الذي أصدراه في منتصف شهر سبتمبر الجاري تحت عنوان: «الحروب الجديدة»، مع عنوان فرعي يحمل أكثر من مفتاح دال على أهداف وفرضيات العمل التي يركز عليها مؤلفوه: «فهم حروب القرن الحادي والعشرين»، وذلك للتنبيه إلى أن للحروب والنزاعات والصراعات خلال العقدين الماضيين سمات عامة مشتركة تميزها عن الحروب السابقة، وتجعلها قابلة للتصنيف وفق هذا التحقيب الزمني المحدد. ولعل مما يزيد من قيمة هذا الكتاب أن فريق إعداده بإشراف «بادي» اعتاد خلال السنوات الماضية أن يصدر تقريراً وتقديراً دولياً سنوياً عن حال العالم في كل عام، وهو ما يأتي هذا الكتاب استمراراً له، سعياً لقراءة ملامح حالة العالم اليوم.
ويقول مؤلفو الكتاب: ابتداءً إن الحروب الجديدة التي اندلع بعضها في أوروبا ليكسر بذلك وهْم وصول القارة العجوز إلى حال سلام دائم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حيث شهدت نزاعات ما بعد تفكك يوغسلافيا السابقة، وصولاً إلى الصراع الجاري الآن في أوكرانيا، إلا أن الغالبية العظمى من صراعات وحروب العقدين الماضيين إنما كانت دول الجنوب هي مسرحها الأساس. تماماً مثلما أن طبيعة الحروب تغيرت أيضاً بشكل جذري في هذه الدول الأخيرة بشكل خاص، حيث إن القلة من حروبها هي ما يمكن تصنيفه على أنه حروب تقليدية، أو حروب بين دول. في حين أن بقية الصراعات الأخرى هي موجهة في الأساس ضد قوام الدول ذاتها، حيث تتمرد جماعات مسلحة طائفية أو سياسية على حكومات، وينخرط فاعلون من غير الدول في النزاعات ضدها، أو فيما بينهم أحياناً، وهذا مؤشر جديد في توصيفات وتصنيفات مفاهيم الحرب. والأخطر من ذلك أن كثيراً من المجموعات المتمردة تسعى للوصول إلى الحكم، أو للسيطرة على الأراضي ووضع اليد على الموارد الطبيعية التي كان التحكم فيها من شأن الحكومات والدول فقط دون غيرها.
وفي سياق توصيف هذه الأنماط الجديدة من الصراعات غير المتماثلة، وغير التقليدية، المؤدية في كثير من الأحيان لتفكيك وتفتيت لحمة الكيانات السياسية والدول الوطنية يركز مؤلفو هذا الكتاب، الواقع في 264 صفحة، على الدور المدمر الذي تلعبه الانقسامات العرقية والطائفية الدينية في تأجيج الصراعات وتغذية النزاعات حتى داخل المجتمع أو البلد الواحد، وهو ما يعني خطورة اللعب على حبل الاستقطاب العرقي أو الطائفي، في جميع الأحوال. كما أن من مهيّجات ومؤججات هذه الصراعات الجديدة، في رأي المؤلفين، أدّت إليه العولمة المنفلتة وتغول رأس المال والانفتاح والتجارة الدولية وفق قواعد الليبرالية المتوحشة، التي زادت الأغنياء غنى والفقراء فقراً على صعيد عالمي، وهو ما زاد من مخاطر نشوب الحروب الداخلية والخارجية، صراعاً وتنازعاً على الموارد الشحيحة، وللسيطرة على السلطة والثروة، والتحكم في المجال الناظم لكل ذلك بأية طريقة. وفي معظم الحروب التي نشبت خلال العقدين الماضيين كانت هنالك في الغالب نزعة لتفكيك المؤسسات والبنيات والعلاقات الاجتماعية والسياسية القائمة، استناداً إلى حزازيات وحساسيات مستحدثة أو موروثة، وأيضاً تفاعلاً بالوكالة مع صراعات خارجية بين القوى الكبرى، القديمة أو الجديدة. ولعل النزاع الجاري في سوريا تحديداً منذ أكثر من خمسة أعوام يقدم أوضح مثال على المواصفات التي يصفها مؤلفو الكتاب لأنماط وأشكال الحروب الجديدة، حيث تحولت الأزمة بسرعة إلى حرب أهلية داخلية بين قوات النظام ومجموعات مسلحة مختلفة المسارب والمشارب، وما فتئ النزاع أن استقطب أيضاً متدخلين خارجيين كثر من دول وغير دول، ليأخذ مع مرور الوقت طابعاً طائفياً، ثم دخلت بعد ذلك بعض القوى الكبرى على خط الحرب، فصارت الأزمة السورية، بهذه الطريقة متراكبة المستويات والخلفيات، حيث إنها صراع داخلي مرير من جهة، وإقليمي خطير من جهة ثانية، ودولي كبير من جهة ثالثة أخرى، ولعل هذا مما زاد الأمور استعصاءً على الحل، وزادها جنوحاً وجموحاً في العنف والتطرف، دون أن يظهر حتى الآن أي بصيص ضوء في نهاية نفقها المرير الضرير.
حسن ولد المختار
الكتاب: الحروب الجديدة
المؤلفون: برتراند بادي ودومينيك فيدال وآخرون
تاريخ النشر: لا ديكوفرت
الناشر: 2016
========================
جوشوا بارتلو :حامد كرزاي.. رئيس وطني أم سياسي أناني؟
تاريخ النشر: الجمعة 23 سبتمبر 2016
عندما وصل حامد كرزاي للسلطة في أفغانستان، بمساعدة من الأميركيين بعد إسقاط نظام «طالبان»، احتفى به الغرب باعتباره نموذجاً لنوع جديد من الزعماء الأفغان الحداثيين، ذلك أنه لم يكن زعيم حزب يرأس آلاف المقاتلين، وإنما كان دبلوماسياً منفتحاً على العالم ويتحدث الإنجليزية ولغات أخرى. ومع أنه كان سليل قبيلة معروفة وذات شأن في أفغانستان، إلا أنه كان يعطي الانطباع بالترفع عن الصراعات السياسية العرقية في البلاد. لكن عندما غادر كرزاي السلطة في عام 2014، كان صبر الأميركيين عليه قد بلغ مبلغه بسبب انتقاداته العلنية والمتواصلة للأميركيين، الذين كان ينعتهم بـ«الشياطين» عندما يلتقي بالأفغان العاديين، كما كانت أفغانستان في فترة رئاسته واحدة من أكثر البلدان فساداً في العالم، وقد تمكن بعض أقربائه خلال فترة حكمه من الاغتناء وتكديس الثروات.
لكن، هل كان كرزاي رئيساً وطنياً يسعى لمد الجسور بين الأطياف المختلفة داخل بلاده، أم كان مجرد سياسي يجيد لعب لعبة السياسة في أفغانستان ولا يكترث لأن يذكره التاريخ باعتباره الأب المؤسس لأفغانستان الحديثة؟ أم أنه كان قليلاً من هذا وذاك معاً؟ وماذا عن الدور الذي لعبه شقيقاه أحمد ومحمود أثناء فترة حكمه؟ هل كان أحمد والي كرزاي، شقيقه الذي كان الحاكم الفعلي لجنوب أفغانستان، زعيماً اغتنى من تجارة المخدرات، مثلما قيل؟ أم أنه كان بمثابة اللحمة التي أبقت على الجنوب موحداً، مثلما يعتقد العديد من المسؤولين في الجيش الأميركي ووكالة الاستخبارات الأميركية الـ«سي آي إيه»؟
في كتاب «مملكة خاصة بهم»، نجح الكاتب والصحافي الأميركي جوشوا بارتلو في تقفي تاريخ الرئيس كرزاي وعائلته والنبش في المناطق المعتمة التي تنطوي عليها قصصهم، ومن خلالها سرد القصة الأكبر لأفغانستان، من مشاعر الحماس والتفاؤل التي كانت سائدة خلال السنوات الأولى بعد إسقاط «طالبان» إلى الفقر والفساد اللذين ما زالا يضربان أطنابهما في أفغانستان اليوم.
والواقع أن كرزاي لم يتورط في قضايا فساد ولم يسع للاستفادة من مليارات الدولارات من المساعدات التي تدفقت على أفغانستان خلال رئاسته، حيث عاش عيشة أقرب إلى الزهد والتعفف ورفض الكثير من الامتيازات التي يتيحها له منصبه. غير أن بارتلو يُظهر، بالمقابل، أن كرزاي كان متسامحاً مع جشع بعض أفراد عائلته الذين اغتنوا على نحو فاحش. كما تجاهلَ عملية التزوير الانتخابي الواسعة التي ساعدت على بقائه في السلطة. وهكذا، يبدو كرزاي شخصية متناقضة ومركبة: سياسي داهية نجح في الحفاظ على بلد مترامي الأطراف موحداً، وأشرف على أول عملية انتقال سياسي سلمية هناك منذ قرون، دون أن يسعى للاغتناء والإثراء الشخصي.
لكن بالنسبة للعديد من الدبلوماسيين والجنرالات الأميركيين، كان كرزاي زعيماً زئبقياً، بل كان مثيراً للغضب أحياناً، غير أنه من جهة أخرى كان الرئيس الأفغاني السابق مضطراً للتعاطي مع التقلبات الدائمة للسياسة الأميركية في أفغانستان. وهنا يشير بارتلو مثلاً إلى أنه حتى الوقت الذي غادر فيه كرزاي السلطة، كان قد «استمع لعروض عن العمليات العسكرية ألقاها عليه 12 قائداً من قوات (إيساف) ينتمون لسبعة بلدان مختلفة. كما كان قد تلقى رسائل الرؤساء الأميركيين من خمسة سفراء أميركيين». وإذا أضفنا إلى ذلك حقيقة أن كل الجنود والدبلوماسيين الأميركيين تقريباً كانوا يعملون في أفغانستان في نوبات تدوم فترة عام، تصبح الفكرة الشائعة عن حرب أفغانستان جد صحيحة: «أنها لم تكن حرباً دامت 10 سنوات، وإنم حربا مدتها سنة خيضت 10 مرات».
وعن الدور الذي لعبه أفراد عائلة كرزاي يكتب بارتلو أن شقيق كرزاي أحمد والي كان أهم زعيم في جنوب أفغانستان. ولما كانت هذه المنطقة هي معقل البشتون، فإن ذلك جعل من أحمد والي أحد أهم الساسة في البلاد. لذلك فقد تمتع بوضع اعتباري مهم كفل له مكاناً على قوائم رواتب الـ«سي آي إيه». غير أن شائعات كثيرة كانت تفيد أيضاً بأنه أحد المستفيدين من تجارة الهيروين التي تُعتبر أنجح صادرات أفغانستان القليلة، لكن بارتلو يدحض هذه الفكرة، كما أن تحقيقات الجيش الأميركي في هذه الادعاءات انتهت إلى عدم وجود ما يؤكد صحة هذه الشائعات.
ولا شك في أنه عندما تقلد كرزاي زعامة أفغانستان، تولى واحدة من أصعب الوظائف في العالم. فعلى مدى قرون، كان الزعماء الأفغان الذين سبقوه يغادرون السلطة إما على نعوش أو يضطرون للفرار والعيش في المنافي. أما كرزاي فقد نجح في تسليم السلطة لخلفه أشرف غاني من دون إراقة دماء، وهذا بحد ذاته يعد إنجازاً كبيراً يُحسب له، كما أنه نجح في ثني الفصائل العرقية الأفغانية المتصارعة عن الزج بالبلاد في أتون حرب أهلية جديدة على غرار تلك التي عصفت بها في منتصف التسعينيات.
لكن في مقابل هذه الصورة هناك صورة أقل إشراقاً يرسمها بارتلو لكرزاي، صورة رئيس ساهم في ثقافة ينتشر فيها تزوير الانتخابات، وبالتالي فإن سجله كرئيس هو سجل متفاوت. ذلك أنه، من جهة، كان بالفعل بمثابة أب مؤسس لأفغانستان جديدة، حيث استطاع إلى حد ما جمع الأفغان على كلمة واحدة وإنجاح عملية نقل سلمية للسلطة، لكنه من ناحية أخرى، كان مجرد سياسي آخر يختار في كثير من الأحيان غض الطرف عندما كانت النخبة تنهب البلاد وبعض أعضاء عائلته يعبثون بالنظام الانتخابي.
محمد وقيف
الكتاب: مملكة خاصة بهم.. عائلة كرزاي والكارثة الأفغانية
المؤلف: جوشوا بارتلو
الناشر: نوف
تاريخ النشر: 2016
========================
هيلاري كلينتون وتيم كين :«أقوى معاً».. دعوة للثقة في هيلاري
تاريخ النشر: الجمعة 23 سبتمبر 2016
من الناحية الظاهرية، ألّفت مرشحة «الحزب الديمقراطي» لمنصب الرئيس الأميركي، هيلاري كلينتون، والمرشح على بطاقة نائب الرئيس «تيم كين»، كتاب «أقوى معاً.. خطة لمستقبل أميركا»، حسبما يظهر اسم المؤلف الموجود على الكتاب، وكلاهما كتب تقديماً مقتضباً يسلط فيه الضوء على كفاح والديه، وخاتمة يسلط فيه المرشحان معاً الضوء على اجتهادهما وكدِّهما في العمل كشخصين عصاميين وصلا إلى ما وصلا إليه بالصبر والمثابرة. وبصورة عامة، تكون كتب الحملات الانتخابية للمرشحين ذات مستوى ضعيف، لا سيما أنها تتم كتابتها تحت ضغط الوقت وفي أجواء الحملة الانتخابية، لكن الحقيقة أن كتاب «أقوى معاً» يعتبر عملاً مليئاً بالهنّات ونقاط الضعف كما ينطوي على تكرار باعث على الملل.
وربما يكون من الصعب فهم السبب في «تجميع» هذا الكتاب، لأن وصفه بـ«المُؤلَّف» سيكون مبالغة كريمة أكثر من اللازم في حقه، ولماذا تم نشره، لا سيما أن أي شخص يرغب في معرفة وعود ومقترحات هيلاري وكين، ما عليه سوى الاطلاع على الموقع الإلكتروني للحملة الانتخابية، وبالتالي فلن يكون بحاجة إلى التنقيب في هذا الكتاب. ولعل الأشخاص الوحيدين الذين سيقرؤون هذا الكتاب في المستقبل هم مدققو الحقائق والنقاد ومؤرخو حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأسلوب «أقوى معاً» لا ينطوي على قيمة بلاغية وأدبية كبيرة، فهو ليس سوى مزيج من السيرة الذاتية والأيديولوجية، يهدف إلى تقديم وإعادة تقديم المرشحة، رغم أن المتابعين يعرفون هيلاري كلينتون جيداً. ولعل هذا جزء من مشكلتها في الانتخابات الحالية. فهي قد ألفت ثلاثة كتب، هي على التوالي: «الأمر يحتاج إلى قرية»، و«تاريخ حي»، و«خيارات صعبة». لذا فهي لا تحتاج إلى إعادة التعريف بنفسها عبر كتاب آخر يصدر قبل شهرين فقط من الانتخابات الرئاسية. لذا، يعتبر هذا الكتاب بمثابة طمأنة من مرشحة قلقة بشأن جهوزيتها ودعوة للثقة وللتأكيد بأنها فكرت في كل شيء وهي تتقدم لرئاسة البيت الأبيضوالرسالة الواضحة من هذا الكتاب هي أنه على النقيض من دونالد ترامب وغموضه ومواقفه المتحولة والغريبة، فإن هيلاري و«كين» يعرفان جيداً ما يفعلاناه، ولديهما خطة، وهذا أمر جيد، لكن إذا كان لكتاب «أقوى معاً» أية دلالة، فإن تلك الخطة تعكس عدم رغبة في فهم الخيارات، كما تبيّن عجزاً واضحاً عن وضع الأولويات ورسم السياسات، وتُظهر هوساً بالحلول التقليدية لكل المشكلات المحتملة. ويبدو الكتاب أشبه بخطاب حالة الاتحاد، حيث لا يقطع وعوداً، ولا يمكن الخروج منه بشيء.
أما الخطة الخاصة بمستقبل أميركا، مثلما يَعِد العنوان، فهي منقسمة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: «ننمو معاً» على الصعيد الاقتصادي، و«أكثر أمناً معاً» على صعيد الأمن الوطني، و«نصمد معاً»، على صعيد السياسات المحلية. وكل قسم من هذه الأقسام مقسَّم إلى ست نقاط توضيحية، تفصِّل الأهداف السياسية، وكل نقطة مقسمة إلى ما يتراوح بين ثلاث وست نقاط فرعية، وكل نقطة من هذه النقاط الفرعية مقسمة إلى مزيد من النقاط التوضيحية. وهو ما يجعل الكتاب أشبه بملف «باور بوينت». وسرعان ما يغرق القارئ في تفاصيل المقترحات والخطط المطروحة لعشر سنوات قادمة، ومن ثم يعجز عن تذكر المشكلات الرئيسية، وما إن كان قد تم حلها أم لا.
وإذا أراد القارئ سرداً لبعض الحقائق حول ما ستفعله «إدارة هيلاري كلينتون» من أجل تخفيف أعباء الديون عن كاهل الطلاب، ومحاربة تنظيم «داعش»، وإصلاح نظام العدالة الجنائية.. فسيجد ما يكفيه من النقاط التوضيحية في الكتاب.
الكتاب يكتظ بمفاهيم عامة، مثل ضرورة أن يدفع الأغنياء «حصة عادلة» من الضرائب. لذلك فإن «أقوى معاً» يمثل مدرسة وصفية لصناعة السياسة، وفي عالمه، كل شيء يعتمد على «التمكين» و«الشراكة بين القطاع العام والخاص»، وكل شيء «هو نموذج بيل كلينتون مخصص للقرن الحادي والعشرين».
وفي دعوتهما لمزيد من الإنفاق الكبير على البنية التحتية، يؤكدان أن كل شيء يموّل نفسه، قائلين: «إن كل دولار من استثمارات البنية التحتية يفضي إلى نحو 1.6 دولار زيادة في إجمالي الناتج المحلي خلال العام التالي». ويعتبران أن كل الأمور يمكن تحقيقها إذا ما أغلقنا بعض ثغرات التهرب الضريبي أمام الشركات الكبرى وفاحشي الثراء، وخفض الضرائب عن البقية.
وعلاوة على ذلك، ينطوي الكتاب على كثير من التفكير الحالم والكتابة الإنشائية، حيث تعهدت هيلاري و«كين» بـ«إنهاء الاعتداءات الجنسية في الجامعات»، وهي أهداف أساسية وطموحة، لكن من الصعب معرفة كيف ستطبَّق خططهما في هذا المجال، لا سيما أن هذه الخطط ليست أكثر من تعزيز البيانات والإبلاغ عن جرائم الكراهية، وإدخال برامج الوقاية من الهجوم في المدارس الثانوية والجامعات.
ويشدد المؤلفان على خطورة الهجمات الإلكترونية، لكن ليست لديهما حلول سوى إنشاء «فريق الاستجابة وتقييم التهديدات»، ومواصلة فرض العقوبات، وإنشاء لجنة وطنية جديدة للتشفير.
وعلى الرغم من ذلك كله، ثمة سببان لتقدير هذا الكتاب، الأول أنه يقدم دليلاً دامغاً على أن كتب الحملات الانتخابية للمرشحين الرئاسيين ليست ضرورية في كل الأحوال، ولا تكون مثيرة للاهتمام، بل غير مفيدة. والسبب الثاني أن «أقوى معاً» مليء بالمطالب حول وحدة الأميركيين، إذ تقول هيلاري في مقدمة الكتاب: «من غير المعتاد أن نسمع مرشحاً لمنصب الرئيس يقول إننا نحتاج إلى مزيد من الحب والعطف في دولتنا، لكن ذلك بالتحديد هو ما نحتاج إليه».
وائل بدران
الكتاب: أقوى معاً.. خطة لمستقبل أميركا
المؤلفان: هيلاري كلينتون وتيم كين
الناشر: سيمون آند شوستر
تاريخ النشر: 2016
========================
اليثيا كويسادو مورياس :كتاب "رسائل ضد النسيان"... بين إسبانيا والجمهورية الصحراوية
2016-09-20 الثلاثاء 08:49 م
إبتسام أبو الدهب
يصدر قريبا عن دار النخبة للطباعة والنشر بالقاهرة، كتاب يروي بأسلوب مميز مسيرة الشعب الصحراوي من إعداد وتأليف الكاتبة الإسبانية "اليثيا كويسادو مورياس" التي عنونة الكتاب بـ " رسائل ضد النسيان " " cartas contra el olvido¨ , وأضافت عبارة "Reconocimiento al Pueblo Saharaui¨التي تعني عرفانا للشعب الصحراوي".
الكتاب يتضمن معلومات موثقة ترافع عن القضية الصحراوية بشكل لم يسبق له مثيل ... وهو ما يعتبره المراقبون نقلة نوعية في الادب الاسباني والأهم هو ان الكاتبة كانت تنقل التاريخ والجغرافيا والأرض والإنسان الصحراوي الى العالم من خلال نقلها لتلك الرسائل الى ابنتها الوحيدة، و كأنها تورث للإنسان الأوروبي كنز من المعلومات القيمة.
أهمية الكتاب تأتي في ظرفية التوجه الى الحرب الفكرية و بعد الصراع القانوني والدبلوماسي والحقوقي بين المملكة المغربية والجمهورية العربية الصحراوية، وفي فشل سياسة محاولة التأثير على الوحدة الوطنية وخروج الشعب الصحراوي منتصرا بوحدة تكسرت على صخرتها كل معاول الهدم و مطارق الكسر.
========================
صدور كتاب عن الهجرة وتأثيراتها في المجتمع الانساني لبول كوليير
الكويت - بترا
يشكل كتاب (الهجرة: كيف تؤثر في عالمنا) لمؤلفه بول كوليير، والصادر حديثا ضمن سلسلة كتب المجلس الوطني للثقافة والاداب بالكويت، محاولة لتأسيس منظومة للتعامل مع موضوعات الهجرة.
ويقرأ الكتاب مزيجا من التوجهات والاختصاصات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفلسفية عبر رحلة طويلة مع هجرة الافراد والجماعات البشرية.
ويقدم الكتاب جملة من الاسئلة عن السياسات التي ينبغي اتخاذها حيال الهجرة والتي يتطلب طرحها جرأة من الاكاديميين ورجال الفكر والسياسة بعيدا عن التشدد والانغلاق والتحسب من مفاجآت المستقبل في حياة السكان الاصليين والبلدان المضيفة للمهاجرين.
وتوزعت موضوعات الكتاب على خمسة اجزاء رئيسة تفرع عنها جملة من الفصول، تبرز تحديات وسياقات التعامل الهجرة مثلما تعاين اشكالياتها ومدى تصاعد هذه الظاهرة وما تخلفه من مواقف الرفض والقبول وما تعكسه من نتائج على اكثر من صعيد.
اهمية الكتاب انه يطرح واحدا من اكثر الموضوعات تداولا في المجتمع العالمي هذه الايام باسلوب بسيط يخلو من التعقيد والمصطلحات المتخصصة فضلا عما يثيره من رؤى وافكار وتأملات جديدة تستند على اسس واحكام وقواعد رصينة في النقاش لغايات ابراز حقائق ونتائج لقضية على جانب كبير من الاهمية في الحياة المعاصرة.
يشار الى ان مؤلف الكتاب بول كوليير يعمل في تدريس الاقتصاد والسياسات العامة في جامعة اكسفورد وعمل مديرا لمركز الدراسات الاقتصادية الافريقية وفي احد اقسام البنك الدولي ورشحته مجلة السياسة الخارجية الشهيرة ضمن قائمة ابرز المفكرين في العالم.
========================
نيكولاس كار  :«المياه الضحلة».. كتاب يشرح تأثير الإنترنت على العقول
الأربعاء 21 أيلول , 2016 12:13
 شارك   غرد   أنشر
 
لا شك أن التطورات التكنولوجية المتسارعة التي نعيشها منذ سنوات قد أفرزت العديد من المتغيرات على حياة البشر في مختلف الأصعدة التعليمية، والثقافية، والاجتماعية والاقتصادية.
ومع النمو المتواصل لشبكة الإنترنت وما رافقها من وسائل التكنولوجيا الحديثة، كاعتماد المستخدمين على الهواتف الذكية طوال يومهم، فقد ظهرت العديد من التساؤلات حول تأثير هذه التكنولوجيا على واقع الحياة في مختلف الجوانب بما فيها الجوانب الصحية.
كتاب المياه الضحلة "The Shallows" يُقدم مجموعة من التفسيرات والمعلومات المهمة التي تشرح تأثير التكنولوجيا وشبكة الإنترنت على عقولنا.
الكتاب من تأليف نيكولاس كار (Nicholas Carr) وهو كاتب أمريكي بارز لديه العديد من المؤلفات في مجال التقنية، والثقافة والأعمال.
يستعرض الكتاب، الذي نُشر في تشرين أول/ أكتوبر 2010، مجموعة من التأثيرات السلبية على عقل الإنسان نتيجة الارتباط الدائم بالإنترنت من بينها تشتيت التركيز ونسيان المعلومات الهامة والتفكير السطحي.
ويضم الكتاب مجموعة من الدراسات العلمية التي تناولت تأثير التكنولوجيا على وظائف المخ ونشاطه، بالإضافة إلى لقاءات مع مجموعة من المختصين لتوضيح الآثار السلبية الناجمة عن ذلك.
وبحسب الكتاب فإن قضاء أوقات طويلة في تصفح شبكة الإنترنت قد يؤثر على المسارات العصبية والتي تؤثر بدورها على الطريقة التي نستجيب بها للمعلومات والطريقة التي نتذكرها بها، فمثلاً قد يؤدي التصفح الطويل للإنترنت إلى مرورنا بالكثير من الموضوعات دون أن نستوعب منها إلا القليل.
========================
نورما هاشم :"الحُلم في الحرية": كتاب لناشطة ماليزية تروي معاناة الأطفال الفلسطينيين بسجون الاحتلال
أخبار لها
          "الحُلم في الحرية"، كتاب جديد للناشطة الماليزية، "نورما هاشم"، يحكي قصص معاناة  الأطفال الفلسطينيين  المعتقلين داخل السجون الاحتلال الصهيوني، وصور وبشاعة التعذيب الذي يتعرضون له.
كتاب "نورما هاشم" الجديد، احتوى على 24 مقابلة حقيقية، مع أطفال سبق اعتقالهم، وبلغت عدد صفحاته 178 صفحة، وصدر عن دار "سبأ" الإسلامية للنشر، في كوالامبور، بماليزيا.
          "هاشم"، سبق أن أصدرت في 2014م كتابا بعنوان: "مذكرات الأسرى"، ترجم إلى 6 لغات مختلفة، يتناول مآسي الأسرى داخل سجون ومعتقلات الاحتلال، وتعتقل "إسرائيل" 440 طفلا فلسطينيا في سجونها، بحسب الإحصائيات الفلسطينية الرسمية.
كتاب "الحُلم في الحرية"، يصور ما يجري في غرف التحقيق، والعصا الغليظة، والضربُ، والركلُ بالأقدام، التي يتعرض لها الأطفال المعتقلين على يد الجنود الصهاينة.
يحكي الطفل أحمد خلف (13 عاماً)، قصته وهو يغمض عينيه "خوفاً" من مشاهدة أفلام بوليسية كان يتابعها، عايشها بذات التفاصيل "المرعبة".
"خلف" قال: إن قوات من الجيش الإسرائيلي، اعتقلته بينما كان يحتفل بانتهاء امتحاناته المدرسية "النهائية" في أحد المتنزهات بالضفة الغربية مع صديقه، وقضت محكمة إسرائيلية عليه بالسجن لمدة (6) أشهر بعد إدانته بـ"إلقاء الحجارة" على قوات جيش الاحتلال، ليعيش داخل السجن ظروفاً قاسية.
"هاشم" خلال كتاب "الحُلم في الحرية"، سلط الضوء على معاناة الأطفال الفلسطينيين المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية، واستغرقت عملية البحث عن قصصهم، وإعادة صياغتها لإنجاز كتابها الذي صدر بـ"اللغة الإنجليزية"، قرابة عام كامل.
واستعانت "هاشم" في إعداد الكتاب، بالصحفية الفلسطينية المقيمة في الضفة الغربية، "فيحاء شلش"، وساعدها على تجهيزه وترجمته من اللغة العربية للإنجليزية، "يوسف الجمل"، من قطاع غزة.
ووثقت "هاشم" في كتابها، معاقبة إسرائيل للأطفال المعتقلين، بسياسة "العزل الانفرادي"، كما تقول، ومن الأمثلة على ذلك، قصة طفل يُدعى "أسامة صبح"، يبلغ من العمر (13 عاماً)، وضعته إدارة السجون الإسرائيلية في العزل الانفرادي، بعد عثورها على صورة له وهو يُلقي الحجارة على حاجز عسكري إسرائيلي.
وقال الطفل خلال مقابلته، التي نشرت في الكتاب: إنه وُضع داخل "زنزانة ضيقة"، ليس فيها نافذة ولا ضوء، إلا مكيّف هوائي يُجمّد المكان.
"صبح" أضاف قائلا: "رغم علمهم أنني مريض بالربو، إلا أنهم كانوا يتعمدون إبقاء المكيف الهوائي يعمل طيلة الوقت حتى تداعت حالتي الصحية، وبدأت أشعر بالضيق وأتنفس بسرعة، حتّى شعرت أنني أفقد القدرة على التنفس".
ورغم صغره، إلا أنه امتلك إرادة الرفض للمعاملة التي وصفها بـ"اللاإنسانية" بحقّه، فأضرب عن الطعام لمدة أسبوع، وفي صراع مع "سجّانه"، قضى الطفل صبح فترة اعتقاله التي بلغت (6 شهور)، تواقاً للحرية ولرؤية أهله.
ووثّقت "هاشم" في كتابها أيضا، تعرّض جميع الأطفال الذي أجرت معهم مقابلات، واعتبرتهم عينة لجميع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين داخل سجون الاحتلال، للضرب المبرح من قبل الجنود الإسرائيليين، خلال الاعتقال والتحقيق
كما أكدت خلال مقابلاتها على أن الظروف المعيشية للأطفال المعتقلين "مُهينة، وغير إنسانية".
أحد الأطفال، يقول وهو يروي قصّته داخل السجون الإسرائيلية: "لاشيء جيد هناك، فالطعام سيئ، والنوم سيئ والمكان سيئ؛ جيوش من الحشرات تملأ الزنازين والغرف، الزنزانة القذرة كأنها وسيلة تعذيب بحد ذاتها".
وتطرقت هاشم في كتابها كذلك، إلى معاناة الأطفال، الذين يُحكم عليهم بـ"الحبس المنزلي" بعد قضاء فترة محكوميتهم، داخل السجون الإسرائيلية.
الطفل شادي الأعور (16عاماً)، يقول في قصّته مع "الحبس المنزلي": "بقيت رهن الاعتقال؛ لأن الحبس المنزلي الذي حُكمت به لأربعة أشهر، كان يزرع في نفسي حزنا من نوع آخر لم أجده في السجون، أغمض عيناي في كل يوم لساعات، وأحاول أن أرسم صورة أجمل لغد أجمل".
          الكتاب ضم قصصاً لخمسة أطفال حُكم عليهم بالسجن لمدة (15 عاماً)، بتهمة إلقاء الحجارة، على الرغم من عدم وجود أدلة تثبت تلك الإدانة"، وتصف "هاشم" أسباب اعتقال الأطفال الفلسطينيين بـ"التعسفيّة"، وتقول: "يُعتقلون فقط لأنهم متهمون بإلقاء الحجارة، على الرغم من أنهم يفعلون ذلك لمقاومة  الاحتلال الصهيوني، وحماية أرضهم".
=========================
تعرف على أكثر 5 كتب أجنية حققت الأعلى مبيعا على موقع "أمازون"
2016-10-03 الإثنين 10:08 م
نشر موقع "أمازون" الأمريكى أكثر الكتب التى لا تزال تحقق نسب مبيعات عالية، والكتب متنوعة بين الروايات التى تحمل عنصر الإثارة والغموض والتشويق، وبين الرواية التى تحمل رسالة إنسانية غامضة، وكتب تروى أهم القصص السياسية التاريخية التى أثرت فى العالم بأسره، وكتب تحمل سيرة ذاتية لأحد رموز الغناء فى أمريكا، ومن هذه الكتب. 1- رواية فتاة القطار حققت رواية "فتاة القطار" للكاتبة بولا هوكينز نسبة مبيعات عالية فى الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك أطلق عليه كتاب السنة، وقريبا سوف تتحول هذه الرواية إلى فيلم سينمائى، حيث إنه رشح لجائزة "هولدن كراوثر" للكتاب. الرواية تدور حول قصة نفسية لأول مرة من شأنها أن تغير فى حياة الآخرين إلى الأبد، تأخذ ريتشل قطارها كل صباح، وهى تسير على تلك السكة كل يوم، تمر سريعاً بسلسلة من بيوت الضواحى اللطيفة، وبعد ذلك يتوقف القطار عند تلك الإشارة الضوئية فتنظر، كل يوم، إلى رجل وامرأة يتناولان إفطارهما على الشرفة، صارت تحسّ أنها تعرفهما، وأسمتهما "جس" و"جيسون"صارت ترى حياتهما كاملة، ساردة الأحداث التى يمر بها هذان الزوجان اللذان يسكنان البيت الذى تمر به يوميا أثناء استقلالها القطار، أو ربما لم تمر به على الإطلاق. 2- كتاب "خلق ليركض" يعد كتاب "خلق ليركض" من أهم كتب السيرة الذاتية، التى ما زالت تحقق نسبة مبيعات عالية، وبدأ المغنى الأمريكى بروس سبرينغستين صاحب كتاب "خلق ليركض" مقدمة كتابه، قائلا: "الكتابة على نفسك عمل مضحك للغاية.. ولكن فى مثل هذا المشروع الكاتب يكون مسئولا عن كل الوعود التى يظهرها إلى القارئ، فى تلك الصفحات، أنا تعبت كثيراً حتى وصلت إلى هذه المكانة". 3- رواية رجل يدعى "أوف" تحقق هذه الرواية نسبة مبيعات عالية، حيث تدور الرواية حول شخص يسمى "أوف" عندما تقابله ستشعر بأنه بخيل، كما أنه لم يكن محبوبا بين الناس، ويطلقون عليه الجار اللاذع الذى يأتى من الجحيم، حيث عندما يتجول لا تفارفه ابتسامه السُكر من على وجه طوال الوقت، وخلف كل هذه الظواهر توجد قصة حزينة عن حياة "أوف". 4- كتاب "قتل شروق الشمس".. كيف لأمريكا هزيمة اليابان فى الحرب العالمية الثانية ويعد كتاب قتل "شروق الشمس" للكاتب بيل أوريلى، من أهم الكتب التى حققت نسبة مبيعات مرتفعة، وتبدأ الصفحات الأولى فى الكتاب، فى خريف 1944، الحرب العالمية الثانية انتهت تقريبا فى أوروبا، ولكن يواجه الجنود الأمريكيون الخصم لتجنب الهزيمة، فالجيش اليابانى يتبع رمز الساموراى بوشيدو، والتى تنص على أن الاستسلام هو شكل من أشكال العار، ولهذا فالكتاب يأخد القارئ إلى ساحة القتال الاستوائية فى جزيرة الدموية بيليليو وايو جيم، حيث خطط الجنرال دوجلاس مالك للعودة المظفرة والتخطيط لغزو واسع النطاق فى اليابان، ففى جميع أنحاء العالم فى لوس الأموس ونيومكسيكو والدكتور روبرت أوبنهايمر وفريقه من العلماء يستعدون لاختبار الأسلحة الفتاكة التى عرفتها البشرية، فالكتاب يرصد تفاصيل ملحمة اللحظات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية بشىء لم يحدث من قبل. 5- رواية "مطرقة الثور" الثانية حققت رواية مطرقة الثور الجزء الثانى، مبيعات عالية على موقع الأمازون، وتبدأ القصة أن المطرقة ثور فقدت مرة ثانية، وإله الرعد عادة مزعجة فى عدم إمكانية الوضع الصحيح للأسلحة، ولكن هذه المرة لم تضع المطرقة فقط بل سقطت فى يد العدو، فيحاول ماغنوس تسيش وأصدقاؤه استيراد المطرقة بسرعة.
========================
 ميشيل فلوكيه :كتاب «أميركا البائسة» يروي ألف حكاية عن خفايا شرطي العالم
| مها محفوض محمد
 
«أميركا التي تتفاخر بأنها الحلم لطموحات الكثيرين تقدم لهم الفرص وأنها أسطورة الحرية والانصهار في بوتقتها وهي مانهاتن وسيليكون فالي وغوغل ووول ستريت وهوليوود، ليست أميركا البهية العظيمة التي نتصورها، فأميركا هي البلد الذي يخصص نصف ميزانيته للسلاح ويخسر حروبه، هي البلد الذي يشهد أكبر عدد من الجرائم بالسلاح الفردي حيث يقتل فيها يوميا أكثر من ثلاثين شخصاً وهي بلد الاعتقالات والأقليات المضطهدة والتدين الخانق فما من تصدع اجتماعي واضح في بلد من العالم كما هو في الولايات الأميركية ويزداد خطورة يوماً بعد يوم ما يؤدي إلى ظهور سياسيين مثل تيد كروز ودونالد ترامب اللذين يجسدان ما هو أسوأ وأخطر على الطريقة الأميركية، ديمقراطيتها يسيطر عليها حزبان يصرفان سبعة مليارات دولار لحملة انتخابات ٢٠١٦ كي يتابعا تقاسم السلطة».
 
بهذه العبارات يقدم الكاتب الصحفي الفرنسي ميشيل فلوكيه لمحة عن كتابه «أميركا البائسة، الوجه الحقيقي للولايات المتحدة الأميركية» بعد أن أمضى خمس سنوات فيها من عام ٢٠١١ إلى شباط ٢٠١٦ وهو مراسل القناة الفرنسية هناك أصدر كتابه هذا في أيار الماضي فأثار اهتمام الصحافة الفرنسية بشكل لافت ولاقى مبيعا مثيرا للاهتمام وقد كان آخر توقيع له في ٢٢ أيلول الجاري في بلدته كروي (سواسون).
صحف ومواقع عديدة فرنسية علقت على محتوى الكتاب بالقول: تتحدث وسائل الإعلام الأوروبية كثيراً عن أميركا غير أن فلوكيه كشف الوجه الحقيقي عن «الحلم الأميركي» لأرض الحرية التي أصبحت باسم الحرب ضد الإرهاب دولة متسلطة استبدادية لا بل أكثر شمولية يسيطر فيها المال لتصبح مصطبة للمشبوهين وبالشهادة التي يقدمها الكتاب حول هذا البلد الذي نعتقد جميعاً أن ثقافته تنفذ إلينا لم يعد مثيرا للاهتمام فأميركا تبدو أكثر فأكثر ظالمة تتميز بعنصرية مستوطنة وعجزها عن إصلاح ذاتها وخاصة بسبب نظام انتخابي يشجع اللوبيات ومصالح ذوي النفوذ فهي بعيدة بشكل مرعب عن الصورة التي نعرفها في أوروبا والبورتريه الذي يقدمه الكاتب عنها يختلف كثيراً عما تعودنا قراءته في فرنسا.
صحيفة لوموند ديبلوماتيك علقت على الكتاب بالقول: «تحت رقابة الأخ الكبير في أكبر سجن في العالم تستقر عنصرية متجذرة قاتلة حيث الجميع مسلح وكل يسعى لذاته دون رأفة بالفقراء في بلاد السعي الدائم وراء الدولار».
وفي لقاء للكاتب مع مجلة لوبوان يقول فلوكيه: لقد اعتقدنا أننا نعرف أميركا كما ألفناها في السينما والمسلسلات التلفزيونية وشخصياتها الكبيرة لكن الأمر أكثر تعقيدا مما نتصور هذا ما اكتشفته خلال خمس سنوات قضيتها في تطواف تلك البلاد حيث وجدت أميركا أخرى تقوم على الظلم والعنف والتوتر العرقي واستحالة العيش معا فأكثر ما صعقني مستوى العنف في كل مكان وعلى جميع المستويات فهو اجتماعي بين أغنياء وفقراء يجتاح العرقيات الموجودة واعتقالات تعسفية عنصرية حيال الزنوج ومواطني أميركا اللاتينية فيبدو معظم الأميركيين قد فقدوا حسهم الإنساني على مبدأ «أن تكون غنيا فتلك فضيلة وأن تكون فقيرا فذلك إثم» نرى الفقراء هناك معزولين في أماكن إقامة لهم «غيتوهات» بعيدة عن المدن خصصت للزنوج وجماعة أميركا اللاتينية حسب مستويات دخلهم مع تجنب أي اختلاط اجتماعي ونرى الحذر لدى أي شخص منهم يستدعي البوليس في كل لحظة شجار مع الجار.
من جهة أخرى نجهل عدد الأشخاص الذين تقتلهم الشرطة سنويا من الزنوج لدرجة أن الأهالي ينبهون أولادهم ألا يلفتوا الانتباه كي لا يصبحوا فريسة لرجال الشرطة ولا يجهل أحد أن أميركا بلد مهووس بالسلاح فآلاف الأشخاص من أصحاب السوابق يحصلون على رخصة حمل السلاح ويضيف الكاتب: كل ما ورد في كتابي يستند إلى الوقائع الموثقة حيث يقتل سنويا في الولايات المتحدة ١٢ ألفاً بالسلاح الفردي ونحو ١١٠٠ على يد الشرطة كما يموت ٣٠٠٠ شخص من التسمم الغذائي ففي الولايات المتحدة الويل للضعفاء والفقراء إذ بين ليلة وضحاها يمكن للشخص أن يفقد عمله وبيته ليلقى به في الشارع دون اكتراث أحد بمصيره فالمادية والفردية ليست كلمات سدى هناك بل حقيقة ملموسة.
المجتمع الأميركي بأغلبيته غير إنساني من الصعب العيش معه حيث الهوة الاجتماعية تزداد والتوترات العرقية تتفاقم فهذا البلد لم يستق العبر أبدا من ماضيه الذي قام على نظام العبودية ليعود في القرن الواحد والعشرين إلى ممارسته.
ويتابع الكاتب: أميركا الحلم غير موجودة هذه كذبة وتضليل رغم أنها البلد الأقوى في العالم لكن سكانها يمشون زحفا نحو لقمة عيشهم فإن لم يكن الأهل أغنياء لا يستطيعون تعليم أولادهم إلا إذا كان الطالب استثنائيا يستطيع الحصول على منحة دراسية لأن المواطن الأميركي يتعثر بصعوبات العالم كلها ليصل إلى الجامعة والمخاطرة أن يخرج بديون ثقيلة فمثلا أوباما لم ينه دفع تكاليف دراسته إلا مع وصوله إلى البيت الأبيض وفي عام ٢٠١٥ بلغت ديون الطلبة غير المسددة ١٦٠ مليار دولار وهو مبلغ يفوق ديون الرهن العقاري وتلك مشكلة كارثية للولايات المتحدة الأميركية كما تقوم الجامعات الكبرى التي يبلغ فيها القسط السنوي ٤٠ ألف دولار بتقديم استثمارات لجذب الطلاب الأغنياء ولتصبح سوقا لأساتذة الجامعات كما هو الحال مع نوادي كرة القدم أما الجامعات الحكومية التي يتدنى فيها مستوى التعليم عن الجامعات الخاصة فيبلغ قسطها السنوي ١٥ ألف دولار يضاف إليه نحو ١٠ آلاف دولار نفقات السكن والطعام.
ويضيف فلوكيه: أتحدث عن بلد قام على العنف والنظام القضائي المرتكز على المال حيث تتم تبرئة شخص مثل لاعب كرة القدم سيمبسون لأنه غني مع أن الجميع يعرف أنه مذنب وأروي في كتابي قصة مدرب السباحة الذي سرح من عمله لأنه أنقذ رجلا يغرق خارج نطاق المنطقة التابعة لرقابته وفي المنطق الأميركي هذا طبيعي ولا يثير فضيحة مطلقة لعملية إنقاذ إنسان.
وهناك إمبراطور كازينوهات لاس فيغاس الذي كان سيقدم عام ٢٠١٢ إلى مرشح جمهوري ملايين الدولارات لكنه طلب منه أن يتم نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس بدلا من ذلك.
إن الأميركيين في أغلبيتهم يكرهون اليوم واشنطن «المؤسسة» ومن يمثلها إدارتها الفدرالية وحكومتها ولم يكن هذا الشعور قوياً مثلما هو اليوم إذ أصبح لديهم يقين بأن بلدهم مشلول تقوده عصابة من السياسيين المحترفين المنفصلين عن الحقيقة وخاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية حيث الوضع أسوأ بكثير لما فعلته أميركا في أفغانستان والعراق وفي سورية اليوم حيث أوجدت داعش أما السي أي إي والإف بي أي فقد كانا السبب في تفجيرات ١١ أيلول كما كانوا وراء نشوء داعش.
يقول فلوكيه: اعتمدت على الشهادات والمصادر الموثقة في كل حادثة لكشف هذا الانهيار للولايات المتحدة الأميركية.
وتختم مجلة لوبوان بالقول: إذا كنتم تريدون فهم لماذا أصبح الملياردير غريب الأطوار دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة فعليكم قراءة هذا الكتاب المهم الذي يروي ألف حكاية لتوصيف خفايا ديكور شرطي العالم.
========================
جول بويكيف :التاريخ السياسي للألعاب الأولمبية
تاريخ النشر: 08/10/2016
تأليف: جول بويكيف/ عرض وترجمة: نضال إبراهيم
منذ عام 1896 إلى دورة ريو دي جانيرو المنصرمة، كان تأثير السياسة حاضراً في الألعاب الأولمبية، رغم تصريحات رؤساء اللجنة الدولية الأولمبية بأنها لا تنفذ أجندة سياسية. يتعقب مؤلف هذا العمل، التاريخ السياسي للألعاب الأولمبية، ويوضح كيف أنها تطورت من تسلية إلى مهنة، وتوسعت من نطاق قلة إلى العالم كله، ويبين كيف أن الألعاب شكلت أساساً في استيعاب عمليات سياسية واجتماعية وثقافية طوال 120 عاماً، وبالتحديد يسلط الضوء على الامتياز الطبقي، وقمع السكان الأصليين للمدن التي تستضيف الحدث، واستراتيجية الناشطين ودور القوة الرأسمالية. ويقدم بحكم خبرته في الألعاب الأولمبية والسياسة الدولية لمحة عامة عما يحدث خلف الكواليس من ألاعيب سياسية، مستشهداً بأحداث تاريخية.
في عمله الثالث عن الألعاب الأولمبية، يحاول الكاتب جول بويكيف أن يوضح كيف أن الألعاب الأولمبية تخدم مصالح الشركات الرأسمالية، ويظهر المقاومة التي أبداها نشطاء المجتمع المدني ضد هذا الاتجاه في فانكوفر الكندية والعاصمة البريطانية لندن، مشيراً بشكل صريح إلى الفكرة الخاطئة التي تبين أن اللجنة الأولمبية الدولية غير مسيسة ولا تنفذ أجندة سياسية، وذلك من خلال دراسة التاريخ الأولمبي في إحياء هذه الألعاب في عام 1896 إلى دورة الألعاب الأولمبية المنصرمة في ريو دي جانيرو البرازيلية.
يتتبع بويكيف كيفية تضخيم دورة الألعاب الأولمبية في ريو على مدى السنوات السبع الماضية. ويذهب أبعد من ذلك، من خلال تقديم تفاصيل كثيرة حول العديد من الانتهاكات الفظيعة باسم ريو 2016.
يحتوي الكتاب الصادر حديثاً عن دار «فيرسو» البريطانية للنشر في 338 صفحة من القطع المتوسط، على تمهيد بقلم ديف زيرين، ثم مقدمة بعنوان «عملية الألعاب الأولمبية» ثم يأتي في ستة فصول هي: بيير دي كوبيرتان وإحياء الألعاب الأولمبية، بدائل للألعاب الأولمبية، ألعاب الحرب الباردة، تسويق الألعاب الأولمبية، الاحتفال بعصر الرأسمالية، أولمبياد صيف ريو 2016 والمضي في الطريق.
سياسة من خلف الكواليس
يوضح الكاتب في مقدمته أنه منذ بداية انطلاقها، تفوح رائحة السياسة والمصالح النخبوية من دورة الألعاب الأولمبية، حيث كان هناك منع للرياضيين المحترفين من المشاركة، وبقيت على مستوى عال حكراً على الطبقة الأرستقراطية، كما يشير إلى أن التحيز الجنسي كان سائداً أيضاً من الأيام الأولى، خاصة مع بيير دي كوبرتان، الفرنسي المسؤول عن إحياء الألعاب من العصور اليونانية القديمة والذي يتوقف عنده في الفصل الأول، حيث كان يرى بأن مجد المرأة«جاء من خلال عدد ونوعية أطفالها الذين أنجبتهم». كما يتطرق إلى أن العنصرية تسللت إليها في وقت مبكر من انطلاق الألعاب، وخاصة في عام 1904 بالولايات المتحدة في دورة سانت لويس للألعاب الأولمبية، حيث«أيام الأنثروبولوجيا»تضمنت إجبار«المتوحشين»على التنافس في الألعاب الرياضية من أجل«إثبات»أن الناس«المتحضرين»هم العرق المتفوق، وفي تعليقه على كوبرتان يقول الكاتب:«أحيا الأرستقراطي الفرنسي كوبرتان الألعاب الأولمبية الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر، وقد بناها على قاعدة من التناقضات. ففي الوقت الذي رفض فيه بشكل علني إدخال السياسة في الألعاب الأولمبية، فإنه كان خلف الكواليس يعبئ وسطاء القوى السياسية للمساعدة على تأسيس الألعاب وتغذيتها».
ويستشهد الكاتب بمثال يقول فيه:«عندما طرح سؤال على رئيس اللجنة الدولية الأولمبية جاك روغ حول موت أسامة بن لادن، رد: «ما حدث مع أسامة بن لادن هي مسألة سياسية، والتي لا أتمنى التعليق عليها». خلال سنوات خدمته طوال اثني عشر عاماً كرئيس للجنة الدولية الأولمبية، أكد روغ أن الألعاب الأولمبية تستطيع وينبغي أن تبقى على مسافة من السياسة، كما قال كل رئيس قبله وبعده. لكن نفورهم المفترض من السياسة كان مصحوباً دائماً بالنفاق. هناك»عدم تسييس هو في حقيقته سياسي بعمق» كما يقول الفيلسوف الألماني تيودور أدورنو«. ويعلق الكاتب:»أصبحت الألعاب الأولمبية بقرة حلوب تقوم اللجنة الدولية الأولمبية وشركاؤها بحلبها كل سنتين بشكل محموم».
تصفية الحسابات السياسية
على مر التاريخ، كانت الألعاب الأولمبية موقعاً للصراع السياسي، ففي عام 1932، حينما أجريت دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة، احتج السكان المحليون على تكلفة الألعاب. وعلى المستوى الدولي، دورة الألعاب الأولمبية في 1936 في العاصمة الألمانية برلين، منحت هتلر فرصة رائعة لنشر دعايته السياسة وتعزيزها في أنحاء العالم. ولقد ابتكر أول تتابع للشعلة الأولمبية كوسيلة لنشر الدعاية النازية في جنوب شرق أوروبا. تبرز الأهمية السياسية لدورة الألعاب الأولمبية أنه في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كان هناك العديد من المقاطعة للألعاب، وعلى الأخص ضد حكومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وحينها، ومع ذلك، رفضت اللجنة الأولمبية الدولية قبول السياسة في دورة الألعاب الأولمبية، إلى حد طرد اللاعبين الأمريكيين من أصل إفريقي تومي سميث وجون كارلوس من دورة الألعاب الأولمبية عام 1968 على قيامهما برفع أحد اليدين لاتخاذ وضعية تحية القوة السوداء في مراسم التتويج في مكسيكو سيتي.
ويقول المؤلف حول إدخال اللجنة الدولية الأولمبية نفسها في السياسة: «إن اللجنة الدولية الأولمبية، كمؤسسة رياضية فوق الوطنية أدخل فيها العديد من قضايا الحرب والسلم من خلال استضافة لقاءات بين اللجان الأولمبية الوطنية من «إسرائيل» وفلسطين. وفي عام 1990، بدأت اللجنة الدولية الأولمبية العمل مع الأمم المتحدة لتؤسس «هدنة أولمبية» قبل إطلاق كل دورة من الألعاب، حيث توافق الدول على وقف العداء خلال فترة المنافسة الأولمبية». ويضيف: «كانت السياسة مرة أخرى في الواجهة مع أولمبياد الصيف في بكين. كانت دعوة الفريق في المدينة لتأسيس أرضية للديمقراطية، حتى إن عمدة بكين ليو جينغوين قال إنه من خلال استضافة الأولمبياد، نريد أن نروّج ليس فقط لتطوير المدينة، بل تطوير المجتمع، بما في ذلك حقوق الإنسان والديمقراطية، وذهب أبعد من ذلك حين قال: إذا كان لدى الناس هدف مثل الأولمبياد يسعون لأجله، فإنه سيساعدنا على تأسيس مجتمع منسجم وعادل، مجتمع ديمقراطي أكثر، والمساعدة على دمج الصين في العالم».
وفي الربع الأخير من القرن العشرين، واجهت اللجنة الأولمبية الدولية نقصاً في المدن الراغبة في استضافة حفلة الخواتم الأولمبية الخمس التي تعبر بألوانها المختلفة عن خمس قارات، نتيجة لعملية ميونيخ في عام 1972، والديون الضخمة التي تراكمت في دورة مونتريال للألعاب الأولمبية 1976، والتي دفعت عام 2006. ورداً على ذلك، افتتح رئيس اللجنة الدولية الأولمبية خوان أنطونيو سامارانش الباب على مصراعيه لسيولة الشركات، مما سمح بتحقيق نجاحات نسبية في دورات معينة مثل لوس أنجلوس 1984، وبرشلونة عام 1992، ويشير إلى أنه كانت هناك قضايا معينة مرتبطة باستخدام هذه الأحداث كنماذج للأحداث المستقبلية. كما يذكر أنه تم الرجوع إلى أولمبياد برشلونة مراراً في استضافة دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، ولكن هناك العديد من الميزات الخاصة التي ساعدت برشلونة على الاستفادة من اللحظة الأولمبية، بما فيها دخول إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي، والتي جعل من الصعب على ريو محاكاة النجاح في برشلونة.
ويذكر أنه في الوقت الذي سيفرح فيه إدواردو بايس عمدة مدينة ريو دي جانيرو «دورة ريو 2016» إذا ما تمت مقارنتها بدورة برشلونة عام 1992، إلا أن هناك العديد من المقارنات اللافتة التي يمكن العثور عليها مع الألعاب الأخرى. ففي أعقاب أحداث 11 سبتمبر الإرهابية في نيويورك، أنفقت أثينا في 2004 مبلغاً ضخماً يقدر ب 1.5 مليار دولار على الأمن، أي أكثر مما يمكن أن تتحمله مدينة. وفي الوقت الذي لا يمكن أن نعزو الأزمة الاقتصادية في تلك المدينة إلى الألعاب الأولمبية، كما هو الحال في ريو، لكن كانت عاملاً مساعداً واضحاً.
احتجاجات اجتماعية
كانت دورة الألعاب الأولمبية في ريو من أولويات الحكومة البرازيلية لمدة سبع سنوات، إلا أنه نتيجة لذلك تراجعت خدمات عامة مهمة مثل الصحة والتعليم. ويذكر الكاتب أنه خلال العديد من الألعاب الأولمبية، نجد من جهة التحسين العام، ومن جهة أخرى التطهير الاجتماعي الذي يعني استبعاد سكان المدن المضيفة الفقراء وتهميشهم بسبب الحدث الضخم. وعلى الرغم من الخطب الرنانة عن البيئة من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، فإن واقع الألعاب يظهر بشكل واضح إهمالاً للبيئة، وبدا ذلك جلياً في ريو أثناء بناء ملعب للغولف في محمية «مارابندي» الطبيعية، والتخلي عن جميع المشاريع البيئية المقررة.
يوثق الكاتب في عمله العديد من الاستجابات لهذه الانتهاكات بحق السكان الفقراء، ويبين تصاعد حركة الاحتجاجات المدنية من قبل الناشطين مع كل دورة أولمبية. وعلى الرغم من صدور حكم في الميثاق الأولمبي الذي يفرض على المدن المضيفة تمرير قوانين تجرم الاحتجاج، فقد أظهر نشطاء في فانكوفر ولندن وسوتشي للعالم أن الألعاب الأولمبية مشكلة فعلية. في لندن، دفعت عريضة على موقع «38 ديغريز» عدة رعاة أولمبيين في التنازل عن وضع المعفي من الضرائب، وإجبارهم على دفع ضرائب على الأرباح الأولمبية الخاصة بهم. كما حدثت احتجاجات في سوتشي في روسيا، وحدثت احتجاجات في ريو مع وصول الشعلة الأولمبية إليها، وذلك بسبب التكلفة الباهظة لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية.
في استجابة لدعوات من أجل التغيير، اعتمدت اللجنة الأولمبية الدولية حزمة من الإصلاحات معروفة باسم خطة عام 2020، والتي يجدها الكاتب غير مجدية، ويقترح بعض الخطوات الجريئة التي على اللجنة الأولمبية الدولية أن تتخذها، بما في ذلك تبني الشفافية والديمقراطية، وخلق لجنة من الخبراء لضمان المدن استخدام دورة الألعاب الأولمبية لتحسين حياة المواطنين، ومنع منتهكي حقوق الإنسان من استضافة دورة الألعاب الأولمبية. على حد تعبيره، «هناك بعض الأفكار الرائعة في الميثاق الأولمبي. لقد حان الوقت للجنة الأولمبية الدولية أن تلتزم بها».
نبذة عن الكاتب
حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية. يحاضر في الوقت الراهن في قسم العلوم السياسية بجامعة المحيط الهادئ في ولاية أوريغون. لا تتركز جهود بويكيف البحثية على تخصص واحد، بل يكتب ويبحث في مختلف التخصصات الأكاديمية لأكثر من عقد من الزمان،
نشر مقالات في مجالات متعددة مثل العلوم السياسية وعلم الاجتماع والجغرافيا والدراسات البيئية، والتاريخ. بالإضافة إلى الكتاب الذي بين يدينا، له كتابان آخران عن الألعاب الأولمبية، هما «النشاط ودورة الألعاب الأولمبية: المعارضة في دورة الألعاب في فانكوفر ولندن» (2014)، و«احتفال الرأسمالية ودورة الألعاب الأولمبية» (2013). كما سبق وأن أصدر كتابين عن قمع المعارضة السياسية بعنوان «ما وراء الطلقات: قمع المعارضة في الولايات المتحدة» (2007) وقمع المعارضة: كيف تسحق الدولة والإعلام الجماهيري الحركات الاجتماعية الأمريكية (2006). وهو يعيش الآن في بورتلاند بولاية أوريغون بالولايات المتحدة مع زوجته وابنتيه.
 
========================
برنار ستيغلر :المجتمع الآلي ــ الأوتوماتيكي.. مستقبل العمل
التاريخ:04 أكتوبر 2016
نشرت صحيفة «المساء ــ لوسوار» الصادرة في العاصمة البلجيكية بروكسل، في فترة سابقة قريبة، مجموعة إحصائيات تقديرية أميركية وبريطانية وبلجيكية وفرنسية تصب جميعها في القول إن بلجيكا وبريطانيا وبولندة وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية وعدد من البلدان المتقدّمة الأخرى، معرّضة لفقدان نسبة تتراوح بين 43 بالمائة و50 بالمائة من فرص العمل فيها خلال فترة ما بين 10 و15 سنة قادمة. مثل هذه التوقعات تكررت في العديد من وسائل الإعلام الأخرى.
وتحت عنوان «المجتمع الآلي ــ الأوتوماتيكي» يدرس الفيلسوف والكاتب الفرنسي برنار ستيغلر مدير معهد «البحث والتجديد» الذي أنشأه في «مركز جورج بومبيدو بباريس» وصاحب كتاب «الزمن والتقنية»، في عمل جديد ما يصفه بـ «مستقبل العمل»، كما جاء في عنوانه الفرعي.
يقوم المؤلف بعملية تقديم لمستقبل العمل بنوع من رسم مساره تطور مفاهيمه منذ اليونان القديمة، حيث كانوا «يفضلون الفلسفة والسياسة» على العمل اليدوي الذي كان يعني آنذاك «اختزال الإنسان إلى مجرّد ضرورة مادية» إلى الحقبة الحالية، حيث غدا العمل «ضرورة حيوية للعيش» بالنسبة لأغلبية البشر. وذلك مروراً بتعريفات مختلفة ليس أقلّها شهرة تلك التي رأت في العمل «مصدراً للاغتراب».. الخ.
من الأفكار الأساسية التي يؤكد عليها المؤلف في هذا الكتاب أن «تطورا كبيرا» قد استجدّ مع الثورة الرقمية على مسألة العلاقة بين «العمل والتقنية». ويشير إلى أن المرحلة الحالية تتسم بنوع من التوجّه نحو قدر أكبر من «الاستقلال الذاتي» للتقنية عن العمل. وبالتالي يبرز «التهديد بقطع الروابط بينهما». وبالتوازي مع ذلك بروز «مفهوم تقني للعالم».
وفي سياق هذا المفهوم «التقني للعالم» يستعير المؤلف مفهوماً تمّ استخدامه منذ سنوات لتوصيف «فترة من تاريخ الأرض بدأت مع تأثير النشاطات الإنسانية مع وصول العصر الصناعي ــ التقني بشكل عام وهام على المنظومة البيئية للأرض». ويرى أن تلك «الرؤية التقنية للعالم» تزامنت مع بروز المفاهيم الرأسمالية على الصعيد الاقتصادي.
ويستخدم المؤلف من أجل توصيف دور التكنولوجيا بشكل عام تعبيرا كان مستخدما لدى اليونانيين القدماء هو «فلارماكان».. وما كان يعني بالوقت نفسه «السمّ» و«البلسم». هذا بمعنى أن ثمرات التكنولوجيا تساهم، إلى جانب الخدمات الكبرى التي تقدمها، في «تسميم أنماط الحياة التي نعيشها».
أمّا الأدوات الأساسية التي تغلغلت فيها الثورة الرقمية إلى مختلف المشارب والقطاعات من النشاط الإنساني فيتمّ تحديدها في «شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل المباشر وفتح إمكانيات الحساب لكمّ كبير من المعطيات بواسطة الحواسيب ذات الطاقات الهائلة والروبوت المختلفة... وغير ذلك من الثمرات التي أنتجتها الثورة الرقمية».
ويؤكّد مؤلف هذا الكتاب على ضرورة فتح نقاش جدّي من قبل فرنسا ومختلف بلدان أوروبا حيال المستقبل، وقبل كل شيء «مستقبل العمل» الذي تربط فيه مصائر ملايين من البشر في البلدان المعنيّة
يشرح برنار ستيغلر أن الكثير من رجال السياسة في الغرب اليوم يكيلون الوعود أن «البطالة هي بصدد الاندحار ثمّ الهزيمة». ولا يتردد في التأكيد أن هذا القول يمثل «وهماً» كبيراً. ذلك أن العودة إلى خلق فرص العمل تماشيا مع مبادئ الرأسمالية «تتناقض» مع واقع أن «زحف التكنولوجيا الرقمية إلى أسواق العمل» يؤدّي إلى «فقدان أعداد كبيرة من البشر لأعمالهم».
ويستعيد المؤلف لحسابه مقولة كان رددها بيل غيتس في واشنطن بتاريخ 13 مارس من عام 2014 : «مع تعميم استخدام أجهزة الروبوت بكل أنواعها ستتناقص كثيرا فرص العمل خلال ال20 سنة القادمة. وإلى درجة أن ذلك سيخلق وضعا استثنائيا».
وينقل المؤلف في السياق عن دراسة فرنسية تعود لشهر أكتوبر من عام 2014، نشرتها صحيفة «جورنال دو ديمانش»، أنه «منذ الآن وحتى عام 2025 سوف يتم إلغاء ثلاثة ملايين فرصة عمل سيكون ضحاياها من الطبقة الوسطى والمهن الحرّة والمهن اليدوية الأخرى».
يقوم المؤلف في هذا السياق أيضا بالتذكير أن علامات بارزة في التاريخ الاقتصادي الحديث من أمثال جون مينار كنزي في ثلاثينات القرن الماضي ثم جورج فريدمان في الخمسينات وغيرهما ركّزوا على التأكيد، منذ عقود، على ضرورة إجراء «مراجعات اقتصادية وسياسية وثقافية جذرية».
في المحصّلة النهائية من التحليلات المقدّمة يصل المؤلف إلى القول انه «حانت ساعة القيام بتبدّل جذري» في المسارات السائدة في البلدان المتقدمة خاصّة. هذا مع محاولة رسم «الرهانات» التي تفرض مثل هذا التبدّل في «سياق استثنائي بكل وجوهه وتحدياته».
ويشرح المؤلف على مدى صفحات هذا الكتاب الآثار التي تترتب على هيمنة الثورة الرقمية وتكنولوجياتها على مختلف النشاطات الإنسانية من الحياة اليومية إلى الاقتصاد والسياسة وغيرهما من مشارب النشاط البشري. ويبيّن كيف أن «غزو الآلة لحياة الإنسان» هي بمثابة النتيجة الأساسية لما يطلقون عليه توصيف «اقتصاد الداتا» الذي اجتاح بـ«سرعة الضوء» مجالات العمل الإنساني.
المؤلف في سطور
برنار ستيغلر، فيلسوف وكاتب فرنسي. يتولّى منذ عام 2006 إدارة «معهد البحث والتجديد» الذي أسسه في إطار «مركز جورج بومبيدو للفن الحديث» بباريس. وهو رئيس «الجمعية الدولية من أجل سياسة صناعية للتكنولوجيات الحديثة».
من مؤلفاته «الزمن والتقنية» و«الحماقة والمعرفة في القرن الحادي والعشرين».
الكتاب: المجتمع الآلي ــ الأوتوماتيكي. مستقبل العمل
تأليف: برنار ستيغلر
الناشر: فايار-باريس ــ 2015
========================
 دونيس تيليناك :الروح الفرنسية.. تراث حافل بالقيم والرموز وواقع مزرٍ
التاريخ:04 أكتوبر 2016
تعرف فرنسا منذ قيام الثورة الفرنسية عام 1789 نظاماً جمهورياً، باستثناء فترة قليلة عاد فيها النظام الإمبراطوري بقيادة نابليون. لكن رغم حوالي قرنين ونصف من النظام الجمهوري لا يزال هناك من يحنّون إلى النظام القديم على أساس أنه يحمل الكثير من القيم التي تمثل مصادر القوّة الحقيقية للأمة الفرنسية وأنها الملاذ من مختلف أشكال الانحراف والتقهقر.
تلك القيم هي التي يعود لها الكاتب والروائي والصحافي الفرنسي «دونيس تيلنياك» في كتابه الأخير الذي يحمل عنوان «الروح الفرنسية». ومن العودة إلى تلك القيم يقوم، من جهة، بنوع من استقراء التاريخ الفرنسي وشرح مكامن عظمة فرنسا خلال مسارها التاريخي الطويل وما يشكّل برأيه الرموز الأساسية التي كوّنت «الهوية الفرنسية»، ومن جهة أخرى، يوجّه «نقداً شديداً» للحياة الفرنسية الحالية بكلّ مكوناتها، التي غابت عنها مثل تلك القيم.
إن المؤلف يشرح على مدى الفصول الـ 11 التي تتوزع بينها محتويات هذا الكتاب كيف أن القيم الأساسية التي يطرحها في هذا الكتاب على أنها تمثّل «الروح الفرنسية» بامتياز «لم تعد هي التي تسترشد بها الطبقة السياسية الفرنسية» في الحقبة الراهنة. والإشارة أن «التاريخ» هو الغائب الأكبر عن ساحة النقاشات الدائرة في البلاد في هذه المرحلة من تاريخها.
ويشرح المؤلف أن «السياسي ــ رجل السياسة ــ لا يقوم بواجبه عندما يبقى على الرصيف حينما يمر قطار التاريخ في المحطة. والتاريخ يقترح اليوم على اليمين الفرنسي خوض مغامرة مصيرية. لكنه سوف يفشل إذا لم يكن يعرف ما هي المرجعيات التي يعتمد عليها. وحتى لو قدّمت له صناديق الاقتراع فرصة الوصول إلى الحكم».
ويعتبر بالتالي أن اليمين الفرنسي بصورته الحالية عليه أن يتعرّف من جديد على «جذوره الروحية والفكرية والأخلاقية والعاطفية والجمالية» وعدم الاكتفاء بالتفكير على المدى القصير وإيقاع العمليات الانتخابية. والتأكيد أنه حان الوقت الذي ينبغي فيه على اليمين «التخلّي عن خيالاته وأوهامه».
ويحدد «دونيس تاليناك» القيم الأساسية المنسيّة بما يلي: «الشرف» الذي تمثله «روح الفروسية»؛ و«العناد والتصميم» الذي يرمز له «حصار مدينة لا روشيل» الذي أمر به الملك لويس الثالث عشر وقاده وزيره الأول الشهير الكاردينال روشيليو في 10 سبتمبر من عام 1627 وانتهى باستسلام المدينة «البروتستانتية» يوم 28 أكتوبر من عام 1628.
ويحدد أيضاً من بين القيم الأساسية «الذاكرة» التي ترمز لها الكثير من معالم فرنسا؛ و«الشرعية» التي يمثّلها برأي المؤلف «الجنرال شارل ديغول» والذي يعتبره بمثابة الرمز الأخير لما يحيل إلى «الذاكرة الموروثة»؛ وأخيراً هناك قيمة «الحس الوطني» الذي يرمز له «نابليون».
وبالنسبة لتعريف المؤلف للوطن الذي يعيش فيه فإنه يقول بوجود وطنين. وهذا ما يعبر عنه بالقول «ليس لي سوى وطنين هما قريتي وبلادي. وهذا ما يشكل بالنسبة لي ما يعنيه اليمين». وبكل الحالات يرفض «محو الماضي الذي ينبغي أن يسكننا، ونسكنه، باستمرار»
وما يؤكّده بأشكال مختلفة في تحليلاته أن الشخصية الفرنسية «تنعكس صورتها في تراث رمزي مشترك». وهذا «التراث المشترك»، بكل ما يحتوي عليه من «أبطال» ومن «شخصيات استثنائية» و«معارك ظافرة، يقدّم العديد من الدروس للأجيال الحاضرة وللأجيال القادمة».
ويشرح «دونيس تيليناك» أن الأمة الفرنسية هي اليوم بمثابة «سفينة جانحة» وأنه ينبغي ترميم «الشرف الضائع».
إن مؤلف هذا الكتاب يقوم بالتذكير بأشكال مختلفة أن فرنسا تأسست تاريخياً على ركائز اجتماعية ثلاث يحددها بـ«الفلاحين» و«الأرستقراطيين» و«البورجوازيين». ويشرح أن هذه المكونات الثلاثة «ولّدت نوعاً من فن العيش ومن معنى الشرف». وبالتالي ينبغي على معسكر اليمين الذي يؤكّد تمسّكه بالماضي ووفائه لقيمه أن يقوم بـ«التوليف بين مصادر الإرث للثلاثة المعنيّة».
ويذكّر المؤلف أن فرنسا عرفت حتى الآن خمس جمهوريات منذ الثورة الفرنسية الكبرى حتى اليوم. ويكتب بصدد هذه الجمهوريات أن «الجمهورية الأولى أدمت البلاد.
والجمهورية الثانية لم تستمر سوى الفترة المطلوبة لرفع حفيد نابليون إلى العرش. والجمهورية الثالثة قامت بالعديد من الخدمات وعبّدت الطرق لكنها انتهت إلى تفجير نفسها. والجمهورية الرابعة كانت تحت النفوذ الأميركي. ونحن نعيش اليوم في ظل الجمهورية الخامسة التي أسسها الجنرال شارل ديغول عام 1858».
ويضيف المؤلف في هذا السياق: «هناك عدد كبير من الجمهوريات خلال أقل من قرنين ونصف من الزمن». ويردف: «هناك اليوم كُثر يطالبون بقيام الجمهورية السادسة».
أبعد من الشعارات
ما يؤكّد عليه المؤلف، بأشكال مختلفة في هذا الكتاب، أن «اليمين لا يعني مجرّد رفع مجموعة من الشعارات والمبادئ الليبرالية. ولكنه يفترض أيضاً التمسّك بالماضي وقيمه والتمسّك بذاكرة بدأت مع فيرسينجينتوريكس ــ الذي يتم اعتباره بمثابة مؤسس فرنسا، حيث وحّد شعوب منطقتها من الغاليين «الغولوا» لمحاربة يوليوس قيصرــ وانتهت مع شارل ديغول».
المؤلف في سطور
دونيس تيليناك، كاتب وصحافي وناشر. وهو من المثقفين الفرنسيين الذين يعلنون صراحة أنهم يمينيون، ويعترف أنه سعيد بتوصيفه «رجعياً». وهو يكتب أسبوعياً زاوية في مجلة «فالور اكتويل» الشهيرة.
الكتاب: الروح الفرنسية
تأليف: دونيس تيليناك
الناشر: البان ميشيل - باريس ــ 2016
========================
«قل لي كيف تعيش».. مذكرات أغاثا كريستي في سوريا
أنور محمد
التاريخ:04 أكتوبر 2016
ترصد الروائية الإنجليزية أغاثا كريستي (1890-1976)، في كتابها"تعال قل لي كيف تعيش"، وقائع الحياة الاجتماعية والاقتصادية في سوريا، في المرحلة الأولى من نشوء الدولة السورية التي كانت تتشكل في ظل الانتداب الفرنسي خلال أعوام 1934/‏ 1935.
ذلك عندما جاءت مع زوجها، العالم الأثري الكولونيل ماكس مالوان، الذي أجرى تنقيبات أثرية في بعض التلال والمواقع التاريخية في العراق وسوريا، وذلك بكثير من التفاصيل المعاشية الخاصة بالمجتمع السوري بإثنياته المتعددة:
العربية والآشورية والسريانية والكردية. وتصف كريستي رحلتها بدءاً من لحظة التجهيز في لندن، ثم السير عبر أوروبا وتركيا وصولاً إلى لبنان، فإلى سوريا واستكشاف وادي نهري الخابور والجق جق، وتليْ «شاغر بازار» أي سوق السكر باللغة الكردية، الذي يقع جنوب مدينة القامشلي وشمال مدينة الحسكة، و«تل براك» الواقع شمال شرقي مدينة الحسكة. كذلك عين العروس كونه مكاناً أخيراً للتنقيب في منطقة تل أبيض.
تصف أغاثا كريستي منزلها في مكان إقامتها مع زوجها ماكس بأنه منزل ينتصب بقبته فيبدو كونه مقاماً مكرساً لأحد الأولياء! وماكس يفخر أن المنزل أصبح دقيقاً كونه دبوساً جديداً، فكل ما له مكان أصبح في مكانه، والكثير من الأشياء التي لم يكن لها من مكان صار لها مكان الآن!
وأن المنزل صار يبدو، بفضل ولع الكولونيل بالنظام، أكثر ترتيباً بكثير من أي يوم مضى. خاصة غرفة (الأنتيكات) التي كانت حصيلة جهد الأيام العشرة الأولى من العمل التي أدت إلى اكتشاف نحو مئة رقيم.
وبعد البحث، يقرر ماكس مالوان اختيار تل شاغر بازار مكاناً لبدء عملية التنقيب، ذلك لرجحان قدمه التاريخي، وإقامة الشيخ أحمد القادري في القرية، التي كانت عامرة وكبيرة نسبة لمحيطها الريفي في ذلك الحين، وكذلك لإمكانية تأمين الإقامة والحماية لهم، ووجود عدد كاف من العمال، وأيضاً لنفوذ الشيخ الديني الكبير في المنطقة.
وتقول أغاثا كريستي وقد فُتنت بالمكان: «أتجول بعيداً عن أماكن العمل، أتجول في الأماكن البعيدة المحيطة بالتل، أجلس بين الأزهار، أتطلع في اتجاه الشمال إلى الروابي والهضاب، ثم أغفو وأستسلم لسبات عذب. مجموعة من النسوة آتية من بعيد باتجاهي، إنهن نسوة كرديات.
وهذه الألوان المبهرجة تدل عليهن، إنهن ينهمكن بين الحين والآخر في الحفر عن جذور بعض النباتات والبقول وقطف أوراق من الكلأ والأعشاب، إنهن يأتين إلي من طريق النحل، من أقرب المسالك، وها هن الآن جالسات حولي في دائرة».
 
وعندما انتقلت إلى بلدة عامودا وسكنت في بيت طيني فإن الخوف مع شيء من رعب سيقض مخدعها: ما إن أطفئت القناديل حتى اندفعت الفئران بأعداد لا حصر لها من جحورها في الأرض والجدران، فهرعتُ إلى إشعال قنديل، يا للهول، الجدران مغطاة بمخلوقات غريبة فاقعة اللون كالصراصير.
وفأر أقعى على حافة سريري وقد أبدى كل اهتمامه لشواربه فهو يلمسها ويفتلها، لكن كريستي تستذكر بلدة عامودا والنجار الذي صنع لها كرسياً، والحصان الجميل، والقط المحترف. وماك بوجهه الضئيل، وتتذكر النساء الكرديات في شاغر كزنابق مخططة، والشيخ الجليل بهيبته المهيبة.
وتشرح عن علاقاتها الاجتماعية ومشكلاتها مع (مخدوميها)! تقول: تختلف مشاكل الخدم في حوض الخابور عن مثيلاتها في إنجلترا.
فاكهة دمشقية
تحكي أغاثا كريستي عن كثير من التفاصيل الحياتية خلال مكثها في سوريا، تلك الفترة. ومن بين ما تقول: يصبح ابتكار المدنية أدوات المائدة، بالنسبة إلى خادم قلق، مصدراً لصداع مزمن.
وبعد العشاء، يعلن الكولونيل، باعتزاز، أنه علم ديمتري صنع فاتح شهية. توزع علينا أطباق في كل طبق منها شريحة صغيرة من الخبز العربي المطهو بالدهن الحار مذاقها كالجبن إلى حد ما، ثم توضع على الطاولة بعض الحلويات التركية وفاكهة مجففة لذيذة من دمشق.
المؤلفة في سطور
أغاثا كريستى (1890-1976). روائية بريطانية. تعد أهم مؤلفي الروايات البوليسية في التاريخ، حيث بيعت أكثر من مليار نسخة من رواياتها التي ترجمت إلى أكثر من 103 لغات.
الكتاب: تعال قل لي كيف تعيش/ مذكرات
تأليف: أغاثا كريستي
ترجمة: أكرم الحمصي
الناشر: دار المدى دمشق– بغداد 2016
========================
جوناتان فرانكلين :438 يوماً في البحر.. قارب بين الأمواج العاتية
التاريخ:04 أكتوبر 2016
بتاريخ السابع عشر من شهر نوفمبر عام 2012 شرع صيادان، «القبطان خوسيه سلفادور الفارينغا» و«ازكورييل كوردوبا»، البحّار المبتدئ الشاب، برحلة صيد بحري لمدة يومين في المحيط الهادئ انطلاقاً من شواطئ المكسيك وبالتحديد من قرية «كوستا ازول» الصغيرة.
وفي ليلة ذلك اليوم هبّت على البحر عاصفة رهيبة يسميها صيّادو البحر في المكسيك بـ «عاصفة رياح الشمال القاتلة». لقد تقاذفت الأمواج العالية الهائجة المركب الصغير الجانح عندما كان المعنيان على بعد يزيد على ثمانين ميلا عن الشاطئ الذي انطلقوا منه.
هكذا وجد القبطان «خوسيه سلفادور الفارينغا» نفسه معزولاً في المحيط الهادئ وعلى بعد 6700 ميل من منزله. وعاش تجربة البقاء على قيد الحياة لمدّة 14 شهرا «تائها في البحر» عرف فيها من الأحداث ما يفوق تصورات الخيال الإنساني، حيث اقتات بالعصافير النيئة واصطاد الأسماك بيديه وشرب دمّ السلاحف. وكان الأكثر صعوبة هو الصراع ضد مشاعر اليأس التي كانت ترتاده بين الحين والآخر.
وكتاب «438 يوماً» يحكي قصّة تلك التجربة الاستثنائية. مؤلفه هو «جوناتان فرانكلين»، مراسل صحيفة الغارديان البريطانية في الشيلي، ومؤلف كتاب «33 رجلا» الذي روى فيه معاناة 33 رجلا من عمّال المناجم الشيليين في جوف الأرض بعد أن انهار منجمهم وهم في داخله ليتمّ إخراجهم بعد 33 يوما بعملية شاهدها العالم على شاشات التلفزة، مرحلة بعد أخرى. وفي الحالتين سمع القصّة من أصحابها.كان البحّار «الفارينغا» قد قدم إلى المكسيك عام 2008 مغادرا السلفادور بعد مشاجرة كلّفته عدّة طعنات بالسكيّن وتحطّم عدد من عظام قفصه الصدري. لجأ بعدها إلى الفرار خوفا على حياته تاركا وراءه ابنته «فاتيما» وأهله. في المكسيك عمل بحّارا كي يؤمّن سبل عيشه.
ويروي «الفارينغا» أنه في ليلة العاصفة العاتية ناضل من أجل إعادة المركب إلى الشاطئ وكان على بعد 15 ميلا فقط عندما توقف المحرّك عن العمل. وكانت آخر الكلمات التي تبادلها عبر الراديو، قبل أن يصاب بالعطل أيضا، مع مالك القارب «ومع الأرض»هي من أجل «طلب النجدة».
كانت بداية الأحداث «الأكثر قسوة» في اليوم التالي للعاصفة عندما جرفت موجة «البحّار الشاب كوردوبا» إلى البحر ومعه الزاد من الأطعمة والمياه التي ضاعت كلّها بينما سحب القبطان البحّار الشاب من البحر من شعره. وعندما بلغت العاصفة أوج قوّتها اضطر البحاران إلى إلقاء صيدهما من الأسماك ــ حوالي نصف طن ــ في البحر لتخفيف الحمولة.
وفي المحصلة لم يبق لديهما من كل ما كان بحوزتهما وفي القارب من أعتدة وتجهيزات سوى «سكين صغيرة» و«بدون أدوات أو غذاء أو ماء». وما كان من «الفارينغا» إلا أن «اخترع» مباشرة وسيلة لاصطياد السمك. كان يميل بجسده من القارب ليغمر يديه بالمياه بانتظار أن تمرّ سمكة بينهما ليطبق عليها قبضتيه ويغمس اصابعه في لحمها. وعندما يسحبها إلى القارب يقوم بالتهامها مع بحّاره «نهشا»..وكان للعواصف أحيانا وجهها الإيجابي في تقديم بعض العون بالنسبة للبحّارين التائهين. ذلك أنه ذات مرّة وبعد عاصفة هوجاء وجدا بالقرب من قاربهما كتلة طافية وجدا فيها عدة زجاجات من البلاستيك مليئة بالماء. ومما روّاه القبطان أنه حسب تقديره لتاريخ عيد الميلاد هيأ «وجبة طعام شهية» من لحم الطيور النيء التي كانت تنشد الراحة على أطراف قاربهما في الليل.
 
لكن نتيجة تلك الوجبة كانت «وبالا» بالنسبة للبحّار الشاب «كوردوبا». إذ بعد تناوله أحد الطيور بساعات قليلة أخذ يتلوى من الألم. وعندما فتحا أحشاء ذلك الطير وجدا «الهيكل العظمي لأفعى دلّ الجزء الصغير الباقي من جلدها ذي اللون الأصفر أنها كانت سامّة». بقي «كوردوبا» على قيد الحياة بعد تسممه. لكن صحّته اعتلّت.
وقبل موته الذي كان يقترب «انتزع كوردوبا» من «القبطان» وعدين أساسيين. أولهما أن «لا يأكل جثّته بعد موته». والثاني أن «يبحث عن أمّه إذا كُتبت له النجاة ويحكي لها ما حصل له».
هكذا بقي «الفارينغا» وحيدا على القارب التائه. وكان هو الإنسان الأوّل الذي عاش تائها في البحر مدّة 438 يوما. ويوم رؤية رجال الشرطة له «صدفة» عندما كانوا يعبرون المحيط الأطلسي بدا واضحا لهم أن ذلك الرجل المسجّى على ظهر القارب كان قد أمضى وقتا طويلا تائها في البحار.
الأمر الذي دل عليه شعره الطويل «مثل قنفد» ولحيته «مثل المتوحشين» ورجلاه «المتورمتان»، حيث إنه بالكاد يستطيع مشي بعض الخطوات. وكان غير قادر على النظر إلى وجوه محدثيه وجها لوجه بل كان يخفي غالبا وجهه بيديه. لقد كان موجودا عند عثور الشرطة عليه على بعد 10000 كيلومتر من شاطئ المكسيك الذي أبحر منه قبل 438 يوما.
حكاية جديرة بفيلم هوليودي
في هذا الكتاب «438 يومـــاً» يقدّم المؤلف ــ الصحافي قصّة ما يسميه «أطول فترة ضياع في البحر». ويصـــــفها أنها قصـــّة «جديرة بإخراجها كفيلم سينمائي هوليودي». ويضيف أنها قصّة ع «لا تصدّق لكنها حقيقية»، ويشير أنه كــــانت لديه هــــو نفسه الكثير من الشكوك حول مصداقيتها. لكن البحّار قدّم البراهين التي تثبت صدق روايته، كما يشير.
المؤلف في سطور
جوناتان فرانكلين. صحافي أميركي. عمل لسنوات مراسلاً لصحيفة الغارديان اللندنية في الشيلي. وهو مؤلف كتاب «33 رجلا» الصادر عام 2011 الذي كرّسه لعمال المناجم الشيليين الذي بقوا في جوف الأرض 33 يوما بعد أن انهار منجمهم. وكان مئات الملايين في العالم تابعوا عملية إنقاذهم على شاشات التلفزيون.
الكتاب:
438 يوماً.. قصّة استثنائية حقيقية للبقاء في البحر
تأليف: جوناتان فرانكلين
الناشر: مكميلان ــ 2015
========================
جاي سولومون :الاتفاق النووي الإيراني.. حرب خفية من عشر سنوات
تاريخ النشر: الجمعة 07 أكتوبر 2016
على مدى أكثر من عقد من الزمن، انخرطت الولايات المتحدة مع إيران في حرب باردة متعددة الجبهات أفرزت عواقب وتداعيات جسيمة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، حرب كانت في الغالب الأعم بعيدة عن أنظار الرأي العام. فمن خلال مجموعة متنوعة من الأدوات، التي شملت العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية العالمية والعمل الاستخباراتي، سعت إدارتا بوش وأوباما جاهدتين لاحتواء طموحات إيران إلى أن تصبح قوة نووية وتهيمن على المنطقة، أو ما يعتبره كثيرون أخطر تهديد للسلام في الشرق الأوسط. وبالتوازي مع ذلك، استعملت إيران انعدام الاستقرار في المنطقة لصالحها من أجل مساومة الولايات المتحدة وتقويض مصالحها.
وفي الكتاب الذي نعرض له في هذه المساحة، وهو بعنوان «حروب إيران»، يصف الكاتب والصحافي الأميركي جاي سولومون أطوار هذه الحرب التي خيضت على عدة جبهات، عسكرية ومالية وخفية، موضحاً كيف أن برنامج إيران النووي كان ينمو ويتطور على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي على مدى سنوات قبل أن يصبح فجأة على رأس أولوياته الأمنية، معدِّداً الأخطاء التي ارتكبتها كل من إدارتي بوش وأوباما أثناء سعيهما لتحديد الكيفية التي ينبغي التعامل بها مع إيران، وهو ما أفرز سلسلة من الجزرات والعصي. كما يأخذنا أيضاً إلى كواليس المفاوضات التي كلِّلت باتفاق 2015 النووي.
الاتفاق كان من نتائجه هز منطقة شرق أوسط كانت في حالة اضطراب أصلًا وتغيير الصفائح التكتونية للعلاقات المضطربة بين إيران والولايات المتحدة، حيث اتسم رد فعل أصدقاء الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة عليه بالارتياب والاحتجاج على اعتبار أنه يقضي برفع العقوبات المالية والاقتصادية عليها وكسر عزلتها الدولية، وهو ما يرقى عملياً إلى مكافأتها على أنشطتها المزعزِعة للاستقرار في المنطقة، ودعمها للنزعات والمليشيات الطائفية التي تتغذى على الفتنة الطائفية، وسعيها لفرض هيمنتها على المنطقة.
ولكن الاستنكار والاحتجاج لم يكونا من الخارج فحسب، وإنما من داخل الولايات المتحدة نفسها أيضاً. ذلك أن موضوع إيران لطالما كان محل اتفاق بين الحزبين الرئيسيين، ولكن المفاوضات النووية حوّلت العلاقات مع طهران فوراً لموضوع خلافي ومثير للجدل بين الجمهوريين والديمقراطيين، على اعتبار أن نجاحه غير مضمون، وأنه يمثل خذلانا لحلفاء الولايات المتحدة ويطلق يد إيران في المنطقة. ولكن في النهاية فاز الرئيس أوباما بعد حملة كبيرة لإقناع الكونجرس بجدواه وعدم رفضه.
ولعل مما يؤخذ على الكتاب أنه يمر على بعض المواضيع المهمة مرور الكرام، أو لا يتطرق إليها كلياً، من قبيل قصة العلاقات الأميركية مع نظام الشاه في إيران، وثورة 1979 نفسها، حيث أفرد لكل واحدة منهما صفحة واحدة أو أقل. كما أنه لم يخصص أيضاً حيزاً كافياً لبحث وتحليل ما يحرّك عملية صنع القرار الإيراني بخصوص الموضوع النووي أو مقاربته للعالم. وفي المقابل، يُحسب له أنه قد رصد بشكل دقيق كيف آتت العقوبات المالية والاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران أُكلها وحملتها في الأخير على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بعد أن لجأت واشنطن لأدوات متنوعة شملت الدعاوى القضائية، واستعمال نفوذها على المؤسسات المالية الدولية، وتضييق الخناق عليها عبر العالم.
الكتاب يشكّك في جدوى الانخراط مع إيران وفي الاتفاق النووي الذي تمخض عن ذلك، حيث يقول سولومون إن سعي أوباما إلى التعامل مع إيران والتقرب منها كان أشبه بـ«الهوس»، وإن إدارته «أذعنت» في المفاوضات، وإن كلفة الاتفاق كانت «كبيرة»، كما يشير إلى نتائجه المثيرة للقلق -من قبيل دفع بلدان أخرى في المنطقة لتطوير برنامج نووي مماثل- باعتبارها شبه حتمية. ويكشف -بنبرة نقدية غير خفية- أن التهديدات الإيرانية بالانسحاب من المفاوضات كانت من بين العوامل التي أثنت أوباما عن اتخاذ تدابير ضد سوريا في 2013 عندما تخطى نظام الأسد «الخط الأحمر» وأقدم على استعمال أسلحة كيماوية ضد المعارضة.
وفضلًا عن ذلك، يلفت الكتاب إلى رد فعل أوباما الفاتر على المظاهرات التي شهدتها إيران احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009، أو ما اشتهر بـ«الحركة الخضراء»، حيث كشف عن تفاصيل جديدة حول الكيفية التي تحاشى بها أوباما مساعدة «الحركة الخضراء» في إيران ورفض نصائح مستشاريه الذين كانوا يرغبون في القيام بما قامت به أميركا في أحداث مماثلة للتحول من الديكتاتورية إلى الديمقراطية والتأشير على دعم أميركا لها. وفي هذا السياق، يشير سولومون إلى أن أوباما أمر وكالة الاستخبارات المركزية، الـ«سي آي إيه»، بقطع الاتصالات التي كانت تقيمها مع أنصار «الحركة الخضراء» حيث كتب يقول: «إن الوكالة لديها مخططات طوارئ لدعم الانتفاضات الديمقراطية في أي مكان في العالم، ويشمل ذلك مدّ المنشقين والمعارضين بوسائل الاتصال والمال، بل وحتى الأسلحة، في الحالات القصوى. ولكن في هذه الحالة، أمرها البيت الأبيض بالتنحي».
كتاب «حروب إيران» يعيد إثارة النقاش حول الاتفاق النووي الإيراني، ولكنه ينتقل إلى ما هو أبعد من الجدل حول مقتضيات الاتفاق وبنوده إلى سؤال «هل يمكن للاتفاق أن ينجح؟». كما يقارب موضوعَ الاتفاق النووي ليس كاتفاق أو صفقة بالمعنى الضيق، مثلما وصفه أوباما ومسؤولون رفيعون آخرون مراراً وتكراراً، وإنما كـ«مشروع تحولي يهدف إلى تيسير التقارب الثنائي ونظام إقليمي جديد». وتبعاً لذلك، لا يجد سولومون أسباباً كثيرة للتفاؤل بشأن المستقبل إذ يخلص إلى أنه سيكون «على الإدارة الأميركية المقبلة أن تكون مستعدة لمواجهة نظام إيراني ليس أقل عداء للغرب من الأنظمة السابقة».
محمد وقيف
الكتاب: حروب إيران
المؤلف: جاي سولومون
الناشر: راندم هاوس
تاريخ النشر: 2016
========================
سيروان كاجو: رواية جديدة تحكي قصة اللاجئين الأكراد السوريين في أمريكا
مكة - مكة المكرمة
يحاول الإنسان الكتابة عادة إما بدون سبب - فقط لأجل الكتابة ذاتها - وإما لأغراض شخصية أخرى. كأن يعترف بحقائق يجب عليها أن تكون ظاهرة علانية لمن لم يعرفها، أو لمن يشك بوجودها.
الكتابة إما احتمال أو افتراض أو تعبير عن وجهة نظر، أو اعتراض، أو حالة طارئة تجبر المرء على خوضها دون تردد.
لا يمكن هنا التيقن بأن الكاتب الكردي "سيروان كاجو" يريد الحديث بشفافية عن أمر ما، أو عن حقائق كاملة، ربما يزاول الكتابة من وجهة نظره الشخصية ودوافعه الخاصة.
يخشى المرشح الرئاسي الجمهوري "دونالد ترامب" من أن يشكل اللاجئون السوريون تهديدا للأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن هناك كاتب كردي واحد (سيروان كاجو)، وهو لاجئ، أثبت خطأ ذلك الاعتقاد في كتابه الذي نشر مؤخرا. ويوضح في كتابه التنوع الأمريكي الذي يساهم فيه اللاجئون.
في روايته الأولى بعنوان: Nothing But Soot - لا شيء سوى سواد الدخان، والتي نشرت من قبل " CreateSpace"، يروي الكاتب قصة لاجئ كردي تمكن من الوصول إلى الولايات كلاجئ تحت رعاية الأمم المتحدة، وهي رواية سيرة ذاتية تجمع بين الخيال والواقع بأسلوب أدبي باهر.
 
ويعترف الكاتب ذو الـ 29 عاما بأن الرواية تحكي قصته، ولكنها في الوقت نفسه تحكي قصة كثير من اللاجئين الأكراد والسوريين الذين أتوا إلى الولايات، بآمال مرتفعة وقدرات عالية.
"سيروان" الآن مواطن أمريكي، ألف كتابا يحوي جميع المواضيع الأخيرة المطروحة للنقاش، كالهجرة، والحياة في أمريكا، وهوية السياسة في الشرق الأوسط، والدين.
ويلامس الكاتب عددا من المواضيع التي لا يجرؤ غيره من الكتاب على مناقشتها، ويكتب عن الحياة في أمريكا من وجهة نظره عبر الشخصية "كاوا".
ويعيش "كاوا" كأي شاب في أمريكا، ولكنه يعاني من صراع داخلي حول هويته ككردي سوري يقيم في أمريكا.
 
الحياة في واشنطن توفر فرصا متعددة للحياة للشاب "كاوا"، ونجح الكاتب في عرض الحياة الأمريكية المختلفة عما يعرفه العالم عن أمريكا، وذلك عبر هوليوود من خلال ملاحظة البطل لتفاصيل ومشاهد مختلفة.
 
كما يعرف الكاتب لقراءة الأمريكيين جزءا من حياته في سوريا ولبنان، ويشرح العيش في ظل ديكتاتورية عربية، ويصف تفاصيل الحياة في دولة تحاول قمع الهوية الكردية، كما يكشف عن عيوب المجتمعات في الشرق الأوسط.
 
وحصلت الرواية على جائزة Beverly Hills Book Awards
وهي جائزة "بيفري هيلز" للكتاب لهذا العام.
========================
شركة مارفل:  "أم من مضايا".. كتاب يحكي مأساة مضايا بالصور
بلدي نيوز – (خالد وليد)
"اليوم غداؤنا الرز وحساء الفاصولياء، أجسادنا لم تعد تطيق تناول هذا الطعام، أطفالي جائعون ويصبحون أضعف، وهم يعانون من ألم المعدة، فمعدتهم لا تستطيع هضم وامتصاص الغذاء، لأنهم كانوا جائعين لفترة طويلة".
هذه كانت افتتاحية "كتاب رسوم"* يتحدث عن الحياة الواقعية في مضايا، بعنوان "أم من مضايا"، أطلقته يوم الاثنين قناة ABC و"مارفيل كوميك"* الأمريكية، الكتاب الذي سيكون مجانياً ويمكن تحميله من الانترنت.
يصور الكتاب المصور تفاصيل من الحياة اليومية لامرأة من مضايا، تعيش ظروفاً صعبة بسبب الحرب في المنطقة، حيث تحاصر قوات النظام والميليشيات المرافقة لها المدينة منذ فترة طويلة.
هذا الكتاب مبنى على مجموعة تدوينات لمدونة أسمها "الجوع السوري، نضال عائلة من أجل النجاة"، والتي كتبتها امرأة أُبقيت شخصيتها مخفية.
بدأ نشر هذه المجموعة في شهر كانون الثاني، ويقول (دان سيلفر) "هناك شيء مميز بشدة، وعاطفي جداً حول هذا".
السيد (سيلفر) وهو المنتج المنفذ لقناة ABC الأمريكية، تساءل كيف يمكن تجسيد هذه القصص بصرياً؟ حيث عجزت القناة عن الدخول بكاميراتها وأطقمها الى المدينة المحاصرة، وهنا تدخلت "مارفل" وخصصت عدداً من خبرائها وفنانيها (الذين عاصر بعضهم الحرب في البوسنة)، لتصميم المظهر البصري لكتاب الرسومات هذا، والذي يحتوي الرسومات والصور من مضايا المحاصرة، ويظهر المعاناة والتمزق بسبب الحرب، وفي أحيان نادرة يظهر بعض ومضات الأمل،(حسب توصيف القائمين عليه).
السيدة (ممتاز)، والتي تتواصل مع السيدة التي تكتب القصص للكتاب والتي لازالت تعيش في مضايا، قالت أن الهدف من استخدام الرسوم هو الوصول للأشخاص الذين لا يتابعون الأخبار وغير المطلعين على أخبار الصراع في عامه الخامس، باللغة الانجليزية، ولاحقاً قد تصدر عنه نسخة باللغة العربية.
هوامش:
• تستخدم هذه النوعية من الكتب لرواية القصص بصرياً، واختصار الكتابة بالرسومات، وتستخدم في عدة مجالات، منها ما يعرض قصص أبطال خارقين، كسوبر مان وبات مان، ومنها ما يعرض قصصا متنوعة، بأسلوب مبسط وبالاعتماد على الصور وبعض الجمل، كحوارات بين الشخصيات في القصة.
• مارفل: شركة أمريكية تنتج الافلام بشتى الأنواع، من أفلامها "أيرون مان" وغيره.
======================
رومان رولان  :"مسرح الثورة".. جديد هيئة الكتاب
الإثنين, 10 أكتوير 2016 14:13 آية فتحي
صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، فى سلسلة الألف كتاب الثانى كتاب بعنوان "مسرح الثورة" تأليف رومان رولان ترجمة وتقديم د.حمادة إبراهيم.
ويضم الكتاب مسرحيات "سيأتى الوقت، 14 يوليو، لعبة الحب والموت، روبسبيير، الذئاب، دانتون".
 يؤرخ رومان رولان للثورة الفرنسية باعتبارها الثورة النموذج فى العالم وعبر التاريخ، حيث يصور الكاتب فى هذه الأعمال كفاح الفرنسيين المستميت لرفع الظلم والقهر والاستعباد ليتحقق انتصار الثورة فى قمتها بتحطيم سجن الباستيل .
وخص الكاتب شخصيتين من أشهر شخصيات الثورة هما دانتون وروبسبيير بمسرحيتين حلل فيهما رولان هاتين الشخصيتين المعقدتين المحيرتين وفى خضم العنف والترويع الذى غلب على هذه الأعمال لم يغفل الكاتب العواطف الإنسانية الرقيقة التى تجلت فى مسرحية لعبة الحب والموت الأثيرة إلى نفس الكاتب.
======================
مايكل جيه بانزز :«عندما يسقط العمالقة».. أفول الإمبراطوريات
يعلمنا التاريخ أن الإمبراطوريات دائماً ما تأتي وتذهب، فمن قبل الولايات المتحدة كان هناك بريطانيا وإسبانيا وهولندا، ولو رجعنا بالتاريخ للوراء أكثر لوجدنا روما، فلماذا ينبغي أن تكون هذه المرة مختلفة؟ هل يمكن أن يتحول العهد الأمريكي تحولاً حقيقياً يجعله الاستثناء الوحيد من نمط متكرر من الولادات والوفيات الجيوسياسية التي امتدت عبر آلاف السنين.
يؤكد هذا الكتاب أن كل الاحتمالات تقف ضد ذلك، فهناك في الواقع كثير من الأدلة التي تشير إلى أن أيام الولايات المتحدة باعتبارها زعيمة للعالم باتت معدودة فها هي أمريكا التي كانت ذات يوم تجسيداً للرخاء تكتشف الآن أن مواردها المالية في حالة يرثى لها، وتعتمد اعتماداً كلياً على الأموال المقترضة، وعلى ما يجود به الأجانب ولم يعد الدولار مخزوناً للقيمة بلا منازع أو وسيط للتبادل مقبولاً عالمياً.
كانت الولايات المتحدة، كما يوضح مايكل جيه بانزز في كتاب «عندما يسقط العمالقة»، على مدى عقود منارة اقتصادية واجتماعية وثقافية تسطع مضيئة في جميع أنحاء العالم، لكن الأساسات التي جعلتها كذلك تآكلت بشكل تدريجي في السنوات الأخيرة، وفي الوقت نفسه نرى القوى الصاعدة مثل الصين وروسيا والهند تعرض بصورة متزايدة عن اتباع خطى الولايات المتحدة، وفي كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا تتحدى الأنظمة المستبدة سلطة أمريكا بشكل متكرر، وحتى تفوّق الولايات المتحدة الممتد يقع تحت طائلة الشك في ظل الانكسارات التي حلت بها في العراق وأفغانستان، وما زاد الأمر سوءاً ما كشفت عنه استطلاعات الرأي العديدة من أن زعيمة العالم الحر لفترة طويلة لم تعد تحظى بالاحترام أو الإعجاب، كما كانت من قبل، وباختصار فإن الأجانب يعترفون بوجود تحول هيكلي في النظام العالمي، وهو أمر لا يعلم معظم الأمريكيين حدوثه، فالسنوات المقبلة لن تمثل بالنسبة لكثير من الأمريكيين شيئاً أقل من العصور المظلمة الحديثة، حيث يجلب كل يوم إليهم مخاوف جديدة ومخاطر غير مألوفة، وإحساساً عميقاً بهواجس الشر، لكن بالنسبة لقلة من المستنيرين الذين يدركون المدى الكامل لما يجري والذين يتخذون الخطوات اللازمة لتسليح أنفسهم لأي شيء قد يحدث لاحقاً، فإن ما يأتي بعد نهاية العهد الأمريكي قد يكون لحظة فريدة بالنسبة لهم، عندما يتمكنون من تحقيق الأهداف المالية التي لم يحلموا أبداً بتحقيقها، أولئك الذين يولون اهتماماً كبيراً، ويخططون بعناية، ويتصرفون على هذا النحو، ربما يحققون درجة من الثراء والأمن والسلام الداخلي، الذي يجعلهم فوق رؤوس الجميع.
ولعمل ذلك سيتعين على الناس بطبيعة الحال أن يفهموا كيف وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، والأهم من ذلك أنهم سيكونون بحاجة إلى معرفة كيف ستمضي الأمور على جميع المسارات في المستقبل.
إن هذا الكتاب خريطة اقتصادية لنهاية العهد الأمريكي، فبدءاً من دراسة القضايا الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية والاجتماعية، ووصولاً إلى الحقائق العلمية لكسب العيش وحماية الثروة والحفاظ عليها، وإدارة الأعمال التجارية، تقدم صفحات الكتاب لمحة واضحة وشاملة لتحقيق أكبر استفادة في أشد الأوقات تزعزعاً وعدم استقرار وبالنسبة لأولئك الذين ليس بمقدورهم توفيق الأوضاع لصالحهم فإن كتاب «عندما يسقط العمالقة» هو بمثابة مرشد واضح من شأنه أن يساعدهم على ضمان توفيقها.
======================
«ميتران بانجو».. روميو وجولييت القرن العشرين
تاريخ النشر: 15/10/2016
إعداد: محمد هاني عطوي
الخميس الماضي حلت الذكرى المئوية لميلاد الرئيس الفرنسي الراحل، فرانسوا ميتران، والتي توافق 13 أكتوبر/تشرن الأول، وفي هذه المناسبة قررت عشيقته آن بانجو نشر مراسلاتها مع الرئيس السابق. والحقيقة أن بانجو تقيم حالياً خارج فرنسا، لأنها يجب أن تكون بعيدة عن حملات الترويج للكتاب. وقد تحدثت مرة واحدة فقط عنه مع مراسل لل»بي بي سي» في العام 2015.
1218 رسالة بالتحديد، هو عدد تلك الرسائل العاطفية الملتهبة التي كتبها الرئيس السابق فرانسوا ميتران، وأرسلها إلى آن بانجو، عشيقته وزوجة الظل. هذه الرسائل التي تكشف عنها آن والتي تعتبر كنزاً أدبياً بالفعل، ستنشرها بانجو في كتاب بعنوان: رسائل إلى آن (1962-1995)، عن دار غاليمار في باريس التي تنشر في الوقت نفسه كتاباً بعنوان «يوميات آن» 1964-1970، «وهو عبارة عن كتابات خاصة لفرانسوا ميتران تتضمن فناً حقيقياً مملوءاً بالرسومات والفن التصويري بعنوان: «آن التي أحبها».
والحقيقة أن الأمر استغرق عاماً لكتابة وتحرير مئات الرسائل تلك، لكن الأمر استغرق منها فترة أطول كي تجرؤ، وتنشر هذه الرسائل في كتاب من دون المخاطرة بجرح، أو إلحاق الضرر بأحد، لأن دانييل ميتران، زوجة الرئيس الراحل ميتران توفيت قبل 5 سنوات.
هذا الكتاب هو قصة حب عاطفية جياشة، ملتهبة، أخفيت بالكاد، بين آن بانجو وميتران حتى وفاته، لكنها انتهت بظهور مازارين، الفتاة المخفية لميتران. ففي نوفمبر/تشرين الثاني عام 1994، نشرت مجلة «باري ماتش» صوراً لميتران ومازارين، لتكشف الحقيقة للعلن. لكننا أيضاً نكتشف في هذا الكتاب رجلاً آخر مولّهاً بالحب، وشاعراً، رجلاً أخفت التزاماته السياسية بالكاد أسفه لعدم تمكنه من عيش «فرصة العمر». حياة ثانية، وعائلة ثانية، تكتشفها فرنسا في 11 يناير/كانون الثاني 1996، في جنازة ميتران في مدينة Jarnac في مقاطعة (شارونت).
بدأت قصة الحب الرومانسية بين ميتران وآن، في بداية الستينات 1960، حين كان زعيماً لليسار، وعضواً في مجلس الشيوخ، ووزيراً مرات عدة في ظل الجمهورية الرابعة، ومتزوجاً منذ العام 1944 من دانييل ميتران، وله منها ولدان جان-كريستوف وجيلبر. وكانت آن ابنة صديق لميتران هو بيير بانجو، وكان يعمل مديراً لأحد المصانع في مدينة أوفيرني. وكان يقضي مصيفه في منتجع يسمى اللاند.
استمرت علاقة الحب تلك إلى ما بعد انتخابه لرئاسة الجمهورية في مايو/أيار 1981. وكان الزوجان انجبا ابنة هي مازارين التي ولدت في العام 1974.
الرسالة الأولى في الكتاب مؤرخة في 19 أكتوبر العام 1962، أي حين كان عمر ميتران 46 عاماً، وعمر آن 19عاماً.
هذه الرسائل هي في الواقع نظرة حميمة جداً لذلك الحب السري الذي جمع فرانسوا ميتران وعشيقته، وكذلك زوجته في السر آن بانجو، لأنها كتابات رومانسية ملتهبة، وتفيض بالخيال. فضلاً عن ذلك تتحدث آن عن تلك العلاقة السرية التي استمرت 32 عاماً مع فرانسوا ميتران.
وهذه بعض المقتطفات التي تظهر الرئيس ميتران في صورة جديدة ورومانسية، كما تظهر قوة الحب التي جمعت الحبيبين، أو العاشقين، حيث يكتب فرانسوا ميتران: «أفكر فيك بحنان، وليس من الممكن في هذه اللحظة وأنت تقرأين هذه الكلمات أن يخفي قلبك هذا الحنان. إنها موجة عارمة من الحب يا حبيبتي تخرج من الأعماق، لتحملنا معاً [...]. سوف أحبك حتى نهاية نفسي،. ويقول في موطن آخر: «أنا لست وحيداً في سباقي. فأنا معك في تواصل روحي، كما أنني أتواصل مع الآخرين وأتبادل معهم فرحهم وحزنهم».
ومن هذه الكتابات الفياضة بالحب وربما بالحسية: «كم أنا مشتاق لوجودك، ولسماع صوتك الذي يرمي بنا على حافة عالم آخر».
وبقراءة هذه المراسلات، نجد أنفسنا متفاجئين بالفعل بالقيمة الأدبية، والأسلوب الأنيق للرئيس -الكاتب. وبعض الرسائل التي أرسلها بمناسبة عيد الفصح في العام 1964 تنبض بقصائد الحب.. «هذا الكتاب الصغير سيكون بمثابة الرسول الذي سوف يذكرك ببضع الساعات الجميلة التي قضيناها سويا في هذا الصيف الرائع». في ذلك الوقت، كانت آن في سن أل19 وبموجب القانون، فهي لا تزال قاصراً. التقى فرانسوا وآن في ذلك الصيف في منتجع Hossegor(لاند).
ويبدو أن الرسائل الأولى لم تكن عاطفية جياشة، ولكن مفعمة بالحنان لأن فرانسوا ميتران كان لا يزال يستخدم تعبير «أنت» بصيغة الجمع، وهو باللغة الفرنسية يدل على الاحترام وعدم رفع الكلفة. ولكن يبدو أن الأمر تغير، ورفعت الكلفة في التعبير ليتحول إلى «أنت» بصيغة المفرد بعد رحلة جمعتهما إلى أمستردام في مايو/أيار 1964. ومنذ هذه اللحظة نجد أن الرسائل بدت أكثر حميمية، وبدأ الحديث عن تذكر لحظات الحب ويقول لها: أحب روحك التي تملؤني بالفرح. وبعد ست سنوات أي في سبتمبر/أيلول 1970، كتب ميتران ل«آن» كلمات نستشف منها الغيرة حيث يقول: «إني لأتعذب جداً عندما أتخيل أنك تنتمين لشخص آخر».
وفي ديسمبر/كانون الأول 1965، تقدم فرانسوا ميتران لأول مرة إلى الانتخابات الرئاسية، لكنه كان لا يزال يجد الوقت ليكتب لآن: «حبيبتي آن. يوم الخميس الماضي كانت الجولة الانتخابية الثانية، وذلك الخميس يشتكي من غيابه عن موعد معك. أنا حزين، حزين (...) ويوم، من دونك لهو غبي جداً».
في عام 1974، أعلنت «آن» لفرنسوا ميتران أنها حامل، وفي 7 ديسمبر، أي قبل عشرة أيام من ولادة ابنتهما، أرسل ميتران قائمة ل»آن» بأسماء إناث يمكن أن تختار منها اسماً، ورأت أن مازارين يتصدر القائمة، كما أرسل لها قائمة بأسماء الذكور وقال: إذا كان لمساوئ الصدف صبياً. وفي يناير/كانون الثاني عام 1975، كتب رسالة إلى «عزيزتي مازارين». «أكتب لأول مرة هذا الاسم. وأنا أشعر بالوجل والمهابة أمام هذه الشخصية الجديدة على الأرض وهي أنت...».
ومنذ العام 1981 عندما تم انتخاب فرانسوا ميتران رئيساً للجمهورية، أصبحت الرسائل الموجهة إلى آن أكثر ندرة. وفي واحدة من عدد قليل من الرسائل التي نشرتها «آن»، نجد أنه في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1981 يقول الرئيس ميتران ل»آن» إنه مصاب بالسرطان، وإن التشخيص يشير إلى فترة حياة تتراوح «بين ثلاثة أشهر وسنتين».
ولا شك في أن الرسالة الأكثر جيشاناً بالعاطفة هي الأخيرة، حيث يقول فيها ميتران المريض جداً الذي كان يمضي فترة نقاهة في جزيرة الحسناء (بل إيل): «سعادتي هي أن أفكر فيك، وأحبك»، وكانت كلماته الأخيرة: «لقد كنتِ الحظ الجميل في حياتي. فكيف لا أحبك أكثر؟».
وتقول آن بانجو: لم أعرف أبداً أي شخص آخر لا قبله ولا بعده. والإعجاب بمن تحب هي السعادة العظيمة بحد ذاتها... وأن تعجب به كثيراً ولا تشعر بالملل معه، وتشعر بأنه منطقة الجذب التي تعلقك به، ذلك هو التجديد الدائم في الحياة.
وتضيف آن: لقد قضينا سوياً 32 عاماً، وكانت حياتنا مفعمة بالحماس والحب.. والسعادة، وكذلك بالتعاسة! لقد كتب لي فرانسوا عبارة رائعة ما زلت أفكر فيها: «لا يوجد حب خالد إلا ويكون متكدراً. فحذار من الحب المسالم الذي يسير فيه كل شيء على ما يرام. وعندما يمر الحب بصعوبات، وعندما يكون صعباً في كل الأوقات.. حينها لا تنطفئ جذوة هذا الحب».
======================
مايكل دوران :بدايات «أوهام» أميركا في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: الجمعة 14 أكتوبر 2016
حسب بعض المؤرخين الأميركيين، لم يكن الغزو الأميركي للعراق في 2003، في عهد إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن، أولَ أخطاء الولايات المتحدة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، بل إن تاريخ «الإخفاقات» الأميركية، حسب هؤلاء، يعود إلى عقد الخمسينيات في عهد الرئيس الأسبق دوايت آيزنهاور، مع أزمة قناة السويس (أو العدوان الثلاثي) في 1956 عندما عارضت الولايات المتحدة العدوان الإسرائيلي- البريطاني- الفرنسي، وضغطت على الدول الغازية من أجل الانسحاب من مصر، وهو الحدث الذي كان من نتائجه «إذلال» بريطانيا وفرنسا وتقوية جمال عبدالناصر.
في كتاب «مقامرة آيزنهاور»، لمؤلفه مايكل دوران، زميل «معهد هادسون» في واشنطن والمسؤول السابق في وزارتي الخارجية والدفاع، يقدّم تحليلاً مفصلاً لأزمة السويس، التي يتفق كثير من المؤرخين على أنها أشّرت على نهاية دور بريطانيا العظمى كواحدة من القوى العالمية الكبرى. فاستناداً إلى مذكّرات ومراسلات ووثائق حكومية أميركية وبريطانية، يحاجج المؤلف بأنه حتى 1958، أساء آيزنهاور الحكم على عبدالناصر حين اعتقد أنه سيساعد الولايات المتحدة على توحيد العرب ضد السوفييت إبان الحرب الباردة. لا بل إن الانحياز الأميركي إلى عبدالناصر كان قد بدأ حتى قبل اندلاع الأزمة، حيث كان آيزنهاور قد مارس ضغوطاً قوية على بريطانيا حتى تنسحب من مصر، اقتناعاً منه بأن «نير الاستعمار» يقوّض الجهود الغربية لدعم القومية المصرية. والحال أن عبدالناصر، وفق مايكل دوران، لم يكن مهتماً أبداً بتحالف مع الغرب، معتبراً أن الزعيم الثوري الشاب كانت لديه أهدافه وطموحاته الشخصية الخاصة: الهيمنة على العالم العربي.
وبخصوص آيزنهاور، يصفه دوران رئيساً داهية وحذراً حنكته التجارب وجعل الولايات المتحدة تنحاز إلى ما كان يعتبرها الآمال المشروعة للشعوب العربية، حتى وإنْ كان ثمن ذلك هو تدهور العلاقات مع أقرب حلفاء أميركا (بريطانيا وفرنسا) -و«ارتكاب أخطاء».
بداية القصة، حسب دوران، تعود إلى أوائل الخمسينيات، عندما أخذت أميركا المنتصرة في الحرب تبلغ أوج قوتها. فوقتئذ، كانت المملكة المتحدة قد أخذت تعترف على مضض بنهاية إمبراطوريتها، بينما أخذت الولايات المتحدة تدريجياً تحل محلها وتملأ الفراغ الذي تركته في الشرق الأوسط، إيذاناً بنهاية «القرن البريطاني» وبداية «القرن الأميركي». بيد أن آيزنهاور ووزير خارجيته جون فوستر دالاس، المناوئ الشرس للشيوعية، لم يكونا مدركين لهذا التحول من الناحية الجيوسياسية الخالصة، وكانا يريان أن الإيمان الأميركي بحق البلدان في تقرير مصيرها وموافقة المحكومين سيحل محل الكولونيالية البريطانية. كما كان كل من الأخلاق والمصلحة الوطنية يمليان مثل هذا التوجه. ووقتها، قال دالاس مقولته الشهيرة خلال برنامج تلفزيوني في 1953: «إننا لا نستطيع تحمل كلفة فقدان ثقة الملايين الذين يمكن أن يكونوا أصدقاء مخلصين للحرية».
القصة المعروفة هي أن التنافس خلال الحرب الباردة دفع الولايات المتحدة للوقوف إلى جانب حكام كانوا يُعتبرون حلفاء للولايات المتحدة ولكنهم كانوا مثيرين للجدل داخلياً، مثل شاه إيران رضا بهلوي، غير أنه في الوقت نفسه الذي كانت تخطّط فيه الولايات المتحدة لإسقاط مصدّق زعيم إيران المنتخَب ديموقراطياً لصالح الشاه، كان صناع السياسات الكبار في أميركا معجبين بزعيم مصر الثوري جمال عبدالناصر الذي يتمتع بشعبية واسعة، حيث كان آيزنهاور ودالاس يريان فيه الزعيم القومي الذي ينبغي على أميركا استقطابه إلى جانبها حتى تثبت أن الدول التي ظهرت في مرحلة ما بعد الاستعمار أحسنُ حالاً في المعسكر الديموقراطي منها في المعسكر الشيوعي.
ولكن المشكلة هي أنه من أجل القيام بذلك، سيضطر الزعماء الأميركيون للتخلي عن أقرب حلفائهم (بريطانيا). وبالنسبة لرئيس الوزراء وينستون تشرشل، كانت الحامية العسكرية البريطانية في قناة السويس (80 ألف جندي) تمثل الدليل القاطع على أن بلاده ما زالت قوة إمبراطورية، ولكن آيزنهاور ودالاس وقفا إلى جانب عبدالناصر في 1953-1954 في وقت أخذ يُقلِّص فيه تدريجياً النفوذ البريطاني، ويطالب بريطانيا بسحب قواتها، حيث دعا آيزنهاور تشرشل بحزم للرضوخ لـ«المشاعر الوطنية القوية جداً للحكومة والشعب المصريين» عبر الموافقة على تسليم السيطرة على القاعدة البريطانية. ومع أن تشرشل كان قد أعلن من قبل أنه لم يُنتخب رئيساً للوزراء حتى يشرف على تصفية الإمبراطورية البريطانية، إلا أنه حينما لم يعد له خيار وافق على القيام بذلك تحديداً.
وإذا كانت بريطانيا قد شكّلت عائقاً في طريق الصفقة الكبرى لأميركا مع ناصر، فإن إسرائيل كانت العائق الآخر. فقد كان آيزنهاور ودالاس ومسؤولو وزارة الخارجية يخشون ألا تتمكن الولايات المتحدة أبداً من كسب عقول العرب وقلوبهم إذا كان يُنظر إليها على أنها حليفٌ لدولة يمقتها كل العرب بسبب احتلالها للأراضي العربية. وما زالت هذه المشكلة قائمة اليوم، غير أنه إذا كان الرد الأميركي اليوم هو حث إسرائيل باحتشام على كبح نمو مستوطناتها غير القانونية، يقول مايكل دوران، فإن الجواب في 1955 كان دفع إسرائيل لتقديم تنازلات ترابية أحادية الجانب -وتقديم المخطط لعبدالناصر من أجل الموافقة عليه قبل تقديمه للإسرائيليين، كما يقول. وفي هذا الصدد، يلفت دوران أيضاً إلى أن معاداة الصهيونية (دالاس مثالاً) من قبل النخبة الحاكمة في واشنطن كانت تتقاطع ما بدا وقتها أنها حسابات استراتيجية صائبة.
ولكن المؤلف يرى أن «رهان» آيزنهاور كان مبنياً على الوهم، زاعماً أن ناصر لم يكن المعادل المصري لجورج واشنطن، إذ لم يكن زعيماً «عاقداً العزم على تحرير شعبه من العبودية الكولونيالية وقيادته إلى الاستقلال، وإنْ كان قد أجاد لعب هذين الدورين أمام الدبلوماسيين الأميركيين السذج». كما يقول إنه «بينما كان عبدالناصر يدّعي أنه معتدل يقاوم ضغوط المتشددين، كان هو الذي يحرّك الخيوط في الواقع»، حيث أبدى اهتماماً بشراء الأسلحة من الولايات المتحدة بينما كان يعقد صفقة مع السوفييت سراً. وحين علم البريطانيون بالأمر وحاولوا أن يُظهروا للأميركيين أن رهانهم كان خاطئاً، قيل لهم إن ذلك يمثل جزءاً من الحقيقة، وليس الحقيقة كلها، وإنهم يضربون صفحاً عن الحجج المضادة.
الكاتب يحاجج بأن سياسات عبدالناصر في العالم العربي كانت تتعارض مع سياسات الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، معتبراً أن المثير للسخرية هو أنه بينما كان يُنظر إلى الولايات المتحدة على نحو متزايد باعتبارها الساهرة على فرض احترام الوضع القائم في العالم، فإنها «كانت تمنح مباركتها للرجل الأكثر تصميماً على قلبه».
ولكن شيئاً فشيئاً أخذت الحقيقة تنجلي، يقول المؤلف. فعندما قام عبدالناصر بتأميم قناة السويس في يوليو 1956 (دوران يصفه بـ«إعلان الاستقلال» المصري) طلبت بريطانيا من الولايات المتحدة الانضمام إليها وفرنسا في حرب لاسترجاع جائزة ثمينة من جوائز العهد الكولونيالي -قناة السويس، ولكن آيزنهاور عارض ذلك. فقد كانت نصيحة مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» آلن دالاس له: «أن كل العالم العربي سيتحد معترضاً على ذلك». وربما كانت تلك نصيحة جيدة، يقول دوران. غير أن ناصر راح يواصل تأجيج قوى القومية العربية وتنفيذ أجندته في المنطقة، على حد تعبيره، في تعارض تام مع المصالح الأميركية. وحينها، أيقن آيزنهاور أنه «لم يستطع وضع الولايات المتحدة على الجانب الصحيح من الرأي العام العربي».
«رهان آيزنهاور» كتاب في التاريخ الدبلوماسي، فيه بحثٌ واضح وحجاجٌ قوي، ولكنه مستفز ومثير للجدل ويطرح «الحقائق» من وجهة نظر أميركية، ولاشك أنه سيثير مداداً كثيراً. وإذ اخترنا تقديم عرض له في هذه المساحة، فليس بالضرورة لأننا نشاطره أطروحته ونتفق معها، وإنما من باب الانفتاح على ما يُكتب عن تاريخ المنطقة العربية ورغبةً في فتح النقاش حول فترة مفصلية من تاريخها.
محمد وقيف
الكتاب: مقامرة آيزنهاور.. صعود أميركا للهيمنة في الشرق الأوسط
المؤلف: مايكل دوران
الناشر: فري برس
تاريخ النشر: 2016
======================
ايان كيرشو :في الجحيم الأوروبي: 1914 ــ 1945
التاريخ:11 أكتوبر 2016
شهدت القارّة الأوروبية في النصف الأول من القرن العشرين انطلاق حربين عالميتين كان ضحيتهما عشرات الملايين من البشر وكثير من الخراب. ذلك بالتوازي مع خروج القوى الأوروبية الكبرى من مركز دائرة القرار على المستوى العالمي وصعود قوتين عظميين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية هما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي السابق.
والمؤرّخ البريطاني الشهير ايان كيرشو، أستاذ التاريخ لسنوات طويلة في جامعة شيفلد، والذي قدّم سلسلة من الأعمال حول النازية وزعيمها هتلر، يكرّس كتابه الأخير لمحاولة إعادة قراءة التاريخ الأوروبي المضطرب الذي عرفته القارّة القديمة اعتبارا من اندلاع الحرب العالمي الأولى عام 1914 وحتى عام 1949.
يحمل الكتاب عنوان «في الجحيم الأوروبي، 1914 ــ 1949». ويحدد المؤلف ــ المؤرّخ هدفه منذ البداية بالتأكيد أنه من الهام معرفة ما عانت منه القارة في الأمس من أجل فهم أوروبا اليوم. الخطوة الأولى في التعرّف على الواقع الأوروبي المأساوي خلال الفترة المدروسة يتطلّب قبل كل شيء توضيح «العوامل التي قادت القارّة إلى الجحيم»، حسب التعبير المستخدم.
ويشرح المؤلف أن اختياره لعام 1949 وليس لعام 1945 عند نهاية الحرب العالمية الثانية يعود إلى رغبته في فهم «كيف استطاعت القارّة المدمّرة النهوض من رمادها، ذلك أن ملامح أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية لم تظهر واضحة سوى في عام 1949».
كما يربط ذلك بالقول أن الطموحات الألمانية بالسيطرة «لم تخمد نهائياً» سوى في عام 1949 بينما كانت لا تزال تلك الطموحات قائمة في عام 1945. بالتوازي مع ذلك في عام 1949 امتلك الاتحاد السوفييتي قنبلته الذريّة وبرزت «الثنائية الدولية» ليسود بالوقت نفسه نوع من السلام في ظل التهديد بالدمار الشامل المتبادل. وما كان يعني قيام مرحلة عالمية، وأوروبية، جديدة.
ويركّز المؤلف تحليلاته على شرح العوامل الرئيسية التي يرى أنها كانت قائمة بقوّة خلال الفترة التي سبقت اندلاع الحرب العامية الأولى عام 1914، «الحرب الكبرى»، حسب التوصيف المستخدم لها، وبقيت تلك العوامل فاعلة في فترة ما بين الحربين العالميتين وحتى نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939.
هذا مع تحديد القول إن ألمانيا كانت هي المسرح الذي عرف أكثر تعبيرات تلك العوامل قوّة ووضوحاً. من هنا بالتحديد غدت في سنوات الثلاثينات من القرن الماضي، حسب التحليلات المقدّمة، مركز «انطلاق الحروب والتدمير» على صعيد القارة الأوروبية. ومن العوامل التي ساعدت على ذلك، حسب المؤلف، وجود سلطة عسكرية قويّة فيها.
تلك العوامل التي كانت وراء نشوب النزاعات الكبرى في القارّة أو شكّلت التربة الخصبة لنشوبها يتم تحديدها في أربعة أمور أساسية تتمثّل في «تصاعد النزعات القومية المتشددة» و«تكاثر النزاعات الحدودية في القارّة» بالتوازي مع «تعاظم النزاعات الاجتماعية ذات الطبيعة الطبقية» مع انتشار الأنظمة الشمولية ــ التوتاليتارية ــ من شيوعية وفاشية ونازية، وأخيرا «الأزمة الكبيرة والمستمرّة للرأسمالية» وانفجارها في الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية عام 1929، الأكبر في التاريخ الحديث.
تلك الأزمة التي ترتب عليها وأعقبها ما عُرف بـ«الكساد الكبير». وكان من بين أكبر نتائجها على الصعيد الأوروبي السياسي، بالتوازي مع تفاقم أزمة المنظومة الرأسمالية العالمية حتى نهاية عقد الثلاثينات، الصعود الذي عرفه الحزب النازي ووصوله إلى السلطة في ألمانيا.
هنا يفتح المؤلف قوسين كي يشرح واقع الوضع الصعب الذي كانت تعرفه ألمانيا في بداية عقد الثلاثينات الماضي. هكذا يشير أن «15 بالمائة فقط من العاطلين عن العمل الألمان كانوا يحصلون على مستحقاتهم كاملة والضئيلة أصلاً، و25 بالمائة كانوا بحاجة لمساعدة ملحّة بينما كان 40 بالمائة يعيشون على المساعدات المقدّمة للفقراء والـ20 بالمئة الباقين لم يكونوا يحصلون على شيء»، كما نقرأ.
ذلك الوضع تلخصه جملة ينقلها المؤلف عن أحد المراقبين الألمان مفادها أن «البلاد برمّتها كانت تعيش حالة من الضنك والفقر (...). والناس يعيشون جحيما حقيقيا من البؤس والاضطهاد والمرض». ويشرح المؤلف أنه في مثل ذلك السياق صعد الحزب النازي ووصل هتلر إلى قمّة السلطة.
تجدر الإشارة أن مؤلف هذا الكتاب لا يدرس على مدى صفحاته صعود النازية في ألمانيا فحسب، لكنه يدرس أيضا «سلوكيات» مختلف القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي قادت أوروبا خلال الفترة المعنيّة 1914ــ 1949 نحو الفوضى والحروب.
إن المؤلف يعود طويلاً وبأشكال مختلفة إلى الحرب العالمية الأولى والمذبحة التي عرفتها، حيث دفعت أوروبا نحو «الجحيم». ويشرح أن الأوروبيين ساد لديهم الاعتقاد أن تلك المأساة لن تتكرر. لكن «حتى في الجحيم يمكن أن يقع ما هو أسوأ». ولعلّ ها هو الدرس الكبير الذي يريد المؤلف أن يخرج فيه.
ولا يتردد «كيرشو» في التأكيد أن أوروبا خرجت من الحرب العالمية الأولى «مدمّرة اقتصاديا» و«نظامها السياسي وقيمها» يعانيان من هزّة كبيرة. والتأكيد أيضا أن صدمة الجيل الأوروبي الذي خاض تلك الحرب وخرج منها حيّا كانت، أي الصدمة، مريعة. وأثار هلع أغلبية الأوروبيين أن حربا قاتلة أخرى انطلقت من القارّة وشكّل المدنيون هذه المرّة أحد أهدافها الرئيسية.
يصل أيان كيرشو في المحصّلة إلى أن ذلك «الجحيم الأوروبي»، كما يشير عنوان الكتاب، الذي شهد حربين كونيتين أظهر «إفلاس» النموذج ــ الموديل ــ الأوروبي وقدرته على اقتراف كل أنواع البربرية«.
وكانت نتيجة ذلك التدمير الذاتي هي بروز قوتين عظميين جديدتين على المسرح العالمي هما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي السابق. ودخول القارّة»المدمرة«في محصّلة ذلك بـ»حرب باردة«تقودها تلك القوتان العالميتان.
ويشرح المؤلف ــ المؤرّخ بالكثير من التفاصيل ومن الدقّة التاريخية الفترة المضطربة التي عاشتها القارّة الأوروبية خلال النصف الأول من القرن الماضي، العشرين.
وهو يحلل الأحداث ــ الحروب المأساوية لذلك»الجحيم الأوروبي" عبر التركيز على أربعة عوامل أساسية، وهي: تعاظم النزعات القومية على خلفية إثنية ونشوب النزاعات الحدودية وانفجار أشكال الصراع الطبقي والأزمة الكبيرة والمستمرّة لأزمة الرأسمالية التي كانت أزمة عام 1929 عنوانها الأكثر بلاغة.
المؤلف في سطور
ايان كيرشو. مؤرّخ بريطاني. يعمل أستاذاً للتاريخ الحديث في جامعة شيفلد. يحظى بشهرة عالمية كمؤرّخ للنظام النازي في ألمانيا عموماً ولسيرة حياة أدولف هتلر ولمساره السياسي خصوصاً. من مؤلفاته: سيرة حياة هتلر، عشرة قرارات غيّرت العالم، النهاية، ألمانيا 1944ــ 1945.
الكتاب: في الجحيم الأوروبي..
أوروبا، 1914 ــ 1949
تأليف: ايان كيرشو
الناشر: آلن لين ــ 2015
======================
جيه كايل ويستن :اختبار المرآة.. أميركا في حربها على العراق وأفغانستان
عرض/مرح البقاعي
من الواضح أن الحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة الأميركية على أفغانستان ثم على العراق، على اختلاف الزمن والظروف الدولية، مثلتا الخطيئة السياسية والعسكرية الكبرى في التاريخ الأميركي المعاصر نظرا للنتائج الكارثية التي أسفرت عنهما، والأثمان الغالية التي دُفعت ولاتزال، وكذا إخفاقهما في تحقيق أهدافهما في البلدين على حد سواء.
فلا أفغانستان استعادت الاستقرار والأمن وتخلصت من تكاثر "الحركات المتطرفة" التي تنشر أذرعها في الأرض، ولا العراق بنت دولتها الحديثة الديمقراطية المدنية التعددية، بل حلت الفوضى وانتشر الدمار والإرهاب المنظم الذي انتهى بسيطرة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) على ثلث أرض العراق.
ومن نافلة القول أيضا أن الحربين الخاسرتين بكل المقاييس قد شكلتا لدى الحكومات الأميركية المتعاقبة من جهة، ولدى الضمير الشعبي الأميركي من جهة أخرى، عقدة تاريخية لم تجد طريقها إلى التشافي حتى الآن، رغم مرور سنوات طويلة على تينك الحربين اللتين ساهمتا في تدمير وموت وتهجير ملايين الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة. وبطبيعة الحال كانت الخسائر البشرية فادحة من الجهتين ودفعت أميركا ثمنا باهظا من مخزونها البشري والعسكري.
-العنوان: اختبار المرآة.. أميركا في حربها على العراق وأفغانستان
-المؤلف: جيه كايل ويستن
-الناشر: راندوم هاوس
-عدد الصفحات: 626
-تاريخ النشر: مايو/أيار 2016
أسئلة الحروب
كاتب هذا الكتاب (الشهادة) جيه كايل ويستن، هو موظف بالخارجية الأميركية وموفدها إلى العراق وأفغانستان، حيث قضى سبع سنوات يعمل لصالح الوزارة في مواقع على خطوط المواجهات الحربية الأكثر خطورة. وعندما عاد إلى الولايات المتحدة بدأ فورا بالقيام بجولات على زملائه في الحرب متنقّلا بين الولايات لزيارة الجرحى من ضحايا الحربين، وكذا تقديم التعازي لأسر وعائلات القتلى.
وكان كلما تعرف على مأساة جديدة من مآسي أولئك المصابين كلما تعمقت لديه الأسئلة التي يعجز عن إيجاد إجابات لها مثل: متى تنتهي هذه الحروب التي لم تؤت ثمارها بل كان حصادها شوكا وموتا وخرابا؟ وكيف يمكن مراجعة أحداثها وإحياء ذكراها الأليمة؟ والأهم من ذلك كله، ما هي الدروس التي سنتعلمها من هذه الحروب الضارية التي قتلت وشرّدت وشوّهت النفوس والأجساد بلا طائل، وهل ستساهم هذه الدروس في تجنب التهور الأميركي في المستقبل في مغامرات عسكرية مشابهة؟
قد لا تجد هذه الأسئلة الجوهرية والمعقدة في آن واحد طريقا للإجابة عنها في الوقت الراهن كما يفيد ويستن في كتابه، إلا أنها تكشف المسكوت عنه وتسجّل العبر والأرقام التي تنبئ عن حجم الخسارة البشرية الباهظة التي دفعها الأفراد الذين كانوا وقودا لها، وزجوا في أتونها في غفلة من الزمن ومن صانعي هذه الحروب دون أن يساعد من زجهم بها في إيجاد المخارج لهم من تلك الحرائق التي أكلت الأخضر واليابس دون رحمة أو هوادة.
وهؤلاء الأفراد هم مدنيون وعسكريون في آن، وكلا الطرفين هم ضحايا هذه الحروب التي عاش ويستن في محرقتها، وتلظى بنارها طوال فترة خدمته على أرضي المعركة في أفغانستان والعراق كمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية تم اختياره للخدمة هناك.
انعكاس الوجه على مرآة الحرب
يأتي الإطار العام لهذا الكتاب مباشرة من عنوانه الذي يتحدث عن مرآة تستخدم في الاختبار! والمرآة المستخدمة هنا كعنوان للكتاب إنما تشير إلى المرآة التي يقدمها الطبيب الجراح لمرضاه من ضحايا الحرب بعد معالجة الإصابات في الوجه التي غالبا ما تنتج عن انفجار أو شظايا تصيب الرأس.
هناك لحظة مفصلية خلال الاستشفاء يضطر فيها هؤلاء المصابون إلى حمل تلك المرآة والنظر إلى ملامح وجوههم الجديدة بعد الجراحة الترميمية التي أخضعوا لها نتيجة الإصابة في الوجه. تلك اللحظة الحاسمة في حياتهم وحياة أهليهم وأحبتهم إنما تشكّل قلب هذا الألم والإحباط والقهر الذي خرجوا به من حربهم العبثية والذي سيلازمهم طول العمر. إنها لحظة المواجهة مع عالم جديد لهم وقدر بشع رسمه هواة الحروب لهم ولم يكن لهم فيه الإرادة المطلقة كما يقول كتاب "اختبار المرآة".
فضمن نسيج معقد من صدى الصواريخ والانفجارات ومشاهد الموت والذعر والقصص الحزينة لعراقيين وأفغان وأميركيين أيضا، يقوم الكاتب بتوسيع الانعكاس للوجه المدمّر على المرآة إلى صورة أشمل على سطحها الفضي اللامع، وهي انعكاس صورة الأمة الأميركية في العالم ودورها الذي يصاب باهتزاز كبير بين المجتمعات وراسمي السياسات الدولية، حيث تنعدم الثقة بالقرار الأميركي، أو ينخفض معدلها إلى مستويات قياسية في أفضل الأحوال لم تعرفها أميركا منذ الحرب العالمية الثانية.
وهناك انعكاس آخر على مرآة الاختبار تلك كما يشير ويستن وهو صورة الشعب الأميركي وموقفه من تلك الحروب والخسارات المادية والبشرية والعسكرية بين مواطنيه، وكيف يرى موقعه من كل هذه الأحداث التي جعلت الدم هو اللون الطاغي على سطح تلك المرآة، وبالتالي على مستقبله في حياته الداخلية وكذا مستقبل الدولة الأميركية في علاقاتها الخارجية مع العالم.
يأخذ الكاتب بيدنا خطوة خطوة ليقدم لنا مشاهد وحوارات ابتداء من ولايته كاليفورنيا، وانتقالا بنا إلى الفلوجة في العراق، ثم خوست وهلمند في أفغانستان، وليعود بنا إلى المقابر في تكساس. ويتابع ويستن زياراته وحواراته الميدانية في نيويورك وواشنطن ودالاس حيث يلتقي بجنرالات وأعضاء مجلس الشيوخ وسفراء ومستشارين سياسيين في البيت الأبيض ممن كان لهم دور أو قرار أو رأي في الحرب، ليسافر بنا من جديد للقاء سائقي الشاحنات العراقية، ومسؤولي مجالس المدن المحليين، والأئمة والملالي، ومعلمي المدارس الأفغانية، وطلاب الجامعات، ومقاتلي طالبان السابقين، والمعتقلين في سجن غوانتانامو الذين تم الإفراج عنهم، وضحايا التعذيب، والعسكر الأميركي من القوات الخاصة ومشاة البحرية.
هكذا يوثق لنا كتاب "اختبار المرآة" سبع سنوات من مشاهدات مستشار سياسي في وزارة الخارجية الأميركية من أرض المعركة الأكثر دموية وسخونة في العالم في العراق وأفغانستان، ويروي لنا حواراته مع كل أطياف الذين دخلوا غمار هذه التجربة البشعة في التاريخ الحديث والتي مازال العالم يدفع ثمنها غاليا كل يوم وقد يكون المستقبل أشد ظلامية نتيجة لهذه الحروب وما خرج منها من أشكال ومظاهر منظمة للعنف والإرهاب الدولي العابر للحدود كما يشير ويستن.
كما يتحدث الكاتب عن المعضلة السياسية التي تواجه الولايات المتحدة الأميركية، وعقدة الذنب التي أصيب بها الضمير الجمعي الأميركي وخصوصا الشعبي وليس الرسمي منه، حين يروا انعكاس الدماء على هذه المرآة وقد حفرت التحولات الدولية التي كانت نتيجة حتمية لهذه الحروب خدوشا في الملامح الأميركية قد يصعب إجراء أية عملية ترميمة ناجحة لها!
مشهد دموي موصول
يرفع هذا الكتاب الستار عن الإشكاليات والمأزق الحقيقي للحربين الأميركية في أفغانستان والعراق باعتبارها "الحرب الخطأ" في العراق كما يطلق عليها ويستن في كتابه، و"المحقّة" في الحرب المتروكة في أفغانستان. وهو يتحدث بدقّة عن الانفصال التام الذي يصل إلى درجة الجهل بمعاناة من تأثروا بهذه الحرب من الأميركيين، وبين من هم خارج دائرتها ولم يتأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بعواقبها.
وقد يكون من الصعب على قارئ هذا الكتاب التوثيقي، من قلب الحدث وبصوت اللاعبين الرئيسيين فيه، أن يتخيّل مدى غضب وإحباط الكاتب مما يدور حوله؛ فهو الشاهد على النتائج الكارثية لهذه الحرب التي كانت وليدة حالة هي مزيج من التغافل والغطرسة اللتين وضعتا إستراتيجية جهنمية للقتل والتدمير وصياغة الموت لمئات الألوف من العراقيين والأفغان، وكذا لآلاف من الأميركيين الذين شاركوا في تلك الحرب الشعواء.
الكتاب هو عبارة عن مشهد دموي موصول من أحد المعامل في الفلوجة العراقية الذي أصيب بصاروخ في العام 2004 وصورة أشلاء الأجساد البريئة المتناثرة يقوم بجمعها فريق من مشرحة قوات المشاة الأميركية، إلى مشهد طفل أفغاني جريح ومشوّه الوجه يرقد في مشفى هلمند في أفغانستان ممددا إلى جانب جريح آخر من قوات المارينز الأميركية.
======================
شارلوت مكدونالد جيبسون :منبوذون.. قصص حقيقية للنجاة من أزمة اللاجئين إلى أوروبا
عرض/محمد ثابت
"شارلوت مكدونالد" صحفية مخضرمة، أمضت سنوات عديدة مراسلة لوكالة فرانس برس في أفغانستان وباكستان وجنوب شرق آسيا..تسرد شارلوت في عمل فريد أزمة اللاجئين المستمرة نتيجة الحرب في سوريا؛ فتصف في كتابها القصص المؤلمة والقرارات المستحيلة والخيارات الصعبة التي يضطر اللاجئون إلى اتخاذها وهم متوجهون إلى ما يظنون أنه حياة أفضل.
تشرح شارلوت الأزمة التي تراها عبر عيون خمسة من اللاجئين الذين واصلوا القدوم إلى سواحل أوروبا منذ عام 2011 وحتى نهاية 2015.
واقعان متناقضان
تستهل المؤلفة كتابها بمقطعين ترى فيهما تناقضا مؤلما بين واقعين، الأول هو الواقع الافتراضي الذي تمثله الفقرة الثانية من اتفاقية الاتحاد الأوروبي التي يقرر ويؤكد فيها على أن الاتحاد تأسس على قيم احترام الكرامة الإنسانية والحرية والديمقراطية والمساواة وحكم القانون واحترام حقوق الإنسان بما فيها حقوق المنتمين إلى الأقليات. وهذه القيم الشائعة في الدول الأعضاء في مجتمع تسود فيه التعددية وعدم التمييز والتسامح والعدالة والتضامن والمساواة بين الرجل والمرأة.
-العنوان: منبوذون.. قصص حقيقية للنجاة من أزمة اللاجئين إلى أوروبا
-المؤلفة: شارلوت مكدونالد جيبسون
-الناشر: نيو برس، وول ستريت، نيويورك
-عدد الصفحات: 256 صفحة
-تاريخ النشر: سبتمبر/أيلول 2016
والثاني هو الواقع الحقيقي على الأرض، والذي تفضحه كلمات لاجئة سورية تفيض ألما وهي تقول: "كل هذا القتل وكل هذه الدماء؟! لا أصدق أن هناك حربا كالحرب في سوريا. الناس لا يمكنهم البقاء هناك في هذه الحرب. يحاولون القدوم لأوروبا، ولكن انظر إلى ما تفعله أوروبا. تتركهم للمهربين يتقاضون منهم ما بين خمسة أو ستة أو عشرة آلاف يورو، فقط ليخوضوا البحر وتذهب أرواحهم. ثم إذا وصلوا لغايتهم يرحبون بهم. لماذا؟ لم لا تحاولون جلب أولئك الناس إلى هنا بأمان؟ إذا وصلت عندهم يقولون "مرحبا"، وإذا مت في البحر يقولون "حسنا لا يهم".. لماذا؟!
الحديث عن حركة الناس نحو أوروبا أمر مثير للجدل. تقول المؤلفة: لأنهم مزيج من أولئك الذين يسعون إلى الدخول بطريقة غير شرعية للعمل بالقارة الغنية، وبين الذين يفرون من ويلات الحرب، وبالرغم صلاحيتهم القانونية للدخول؛ فإنهم لا يملكون أوراقا تمكنهم من ذلك. وتشير "شارلوت" إلى أنها استخدمت مصطلح الناس للإشارة لهؤلاء ولكن لمصلحتهم على المدى البعيد وللتمييز بينهم وبين المهاجرين غير الشرعيين يفضل الإشارة إليهم باللاجئين.
مهاجرون أم لاجئون؟
يتم استخدام مصطلح المهاجرين في الإعلام على مدى واسع على اعتبار أنه الأكثر حيادية في الوصف، لكن الحقيقة أن الهجرة تنطوي على عنصر اختيار في قرار الشخص لمغادرة وطنه، بينما اضطر معظم هؤلاء للخروج من بلادهم.
تقول المفوضية الأوروبية لشئون اللاجئين إن 84% من القادمين إلى أوروبا في 2015 كانوا من الدول الأعلى إنتاجا للاجئين، وتأتي سوريا على رأس هذه الدول بنسبة أكثر من 52% من عدد اللاجئين، كما كانت الأولى أيضا في عدد من نجحوا في الحصول على حق اللجوء لأوروبا بنسبة 94% تليها إريتريا. وحتى الأقلية التي لن تحصل على اعتراف رسمي بها كلاجئين؛ فإنها فرت من بلادها هربا من الفقر المدقع، وتؤكد المؤلفة أنه لا أحد يضع حياته في مثل هذه المجازفة الخطرة لمجرد المتعة.
تسرد المؤلفة، عبر مقدمة واثنين وعشرين فصلا وخاتمة، مأساة اللاجئين الفارين إلى القارة العجوز من خلال أفراد وشخصيات مروا بالتجربة وعاشوا ليرووا تلك الملحمة، وهي تقول: هذا الكتاب هو قصة ماجد ونارت ومحمد وسينا وحنان وعائلتها. هم المصدر الرئيسي للمقابلات المكثفة والصور ولقطات الفيديو للرحلات إضافة إلى ما قدمته منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام.
من بين مئات الآلاف من الأشخاص الذين خاضوا أو أجبروا على خوض ملحمة الهرب لأوروبا "سينا" و"داني"، اللذين يحاولان يائسين إنقاذ طفلهما الذي لم يولد بعد من حياة الخدمة العسكرية في إريتريا. و"ماجد حسين" الشاب النيجيري المتميز الذي فر من العنف الطائفي. "نارت باجوي" المحامي السوري المثالي الذي خاطر بحياته محاولا الإطاحة بنظام الأسد. "محمد كازكجي" المراهق السوري الذي يطمح فقط في الدراسة بجد ليسعد والديه. "حنان الحسن" التي شاهدت مرعوبة الحياة المستقرة التي شيدتها لأطفالها في دمشق وهي تنهار!
قصص مؤلمة وقرارات مستحيلة
على مدى أعوام قليلة امتدت صناعة تهريب البشر من الصحراء الأفريقية إلى الدول الإسكندنافية. كانت تجارة يغذيها الابتزاز والاستغلال، ولم يكن لزبائنها حل آخر يتجهون إليه. فلم تكن هناك وسيلة قانونية لطلب اللجوء من بلادهم للاتحاد الأوروبي لذلك كان السبيل الوحيد هو الرحلة الأكثر خطورة في العالم.
آلاف الناس لقوا حتفهم ويرقدون في قاع البحر؛ لا يجدون دولا أو حتى دولة على استعداد لاستعادة جثامين مواطنيها أو معرفة مصير الأبناء والأزواج والزوجات. وحتى الجثث التي جرفتها الأمواج إلى شواطئ أوروبا لم يتوفر لها التمويل لتحديد هويتها عبر الحمض النووي.
تحتفظ المنظمة الدولية للهجرة بقاعدة بيانات تسرد تقرير كل وفاة منذ عام 2000، كل حياة لإنسان تقلصت إلى مجرد سطر واحد فقط، وسبب الوفاة مجرد لمحة فقط من قبيل، امرأة تموت أثناء الولادة على قارب الإبحار من تركيا وتم إلقاء الجثمان بالبحر؛ أو رجل سقط أسفل عجلات الشاحنة التي اختبأ فيها ليدخل اليونان، أو فتاة صغيرة في عداد المفقودين بعد غرق قارب يحملها لتعبر نهر "إفروس". وفي كل يوم تضاف قصة جديدة قصيرة عن ضحية مجهولة.
صوت يصرخ في الحشد يحث الناس على التخلص من مقتنياتهم وأمتعتهم لتخفيف وزن السفينة الموشكة على الغرق، يفتح محمد حقيبته ويتطلع لمحتوياتها التي ترمز لحياته كلها حتى تلك اللحظة، الكتب الهندسية التي تمثل دراسته وملابس الطفولة التي تذكره بالسنة التي قضاها في ليبيا. لم يتوقف عند رمزية أشيائه كثيرا وألقاها في البحر آملا أن يكسبهم ذلك بعض الوقت للطفو فوق الماء ريثما تهرع قوات بحرية أوروبية نحوهم لإنقاذهم. لكن ذلك لم يسعفهم فبعد قليل كانوا ينتظرون قوارب الإنقاذ بينما أطلق قاربهم آخر صرخة له ثم ابتلعه البحر كاملا!
التحول للخوف والعدائية
انتهى عام 2015 بالرعب والخوف؛ شهدت فرنسا هجوما غير مسبوق على أراضيها عندما فتح متطرفون تابعون لداعش (تنظيم الدولة الإسلامية) النار، وفجروا بارات ومطاعم في باريس يوم الجمعة 13 نوفمبر/تشرين الثاني وقتلوا 130 شخصا، ثم في الأسبوع التالي وصلت العاصمة البلجيكية إلى طريق مسدود عندما أغلقت المدارس ومراكز التسوق ودور الحضانة ووسائل النقل العام لعدة أيام نتيجة تحذير السلطات من هجوم وشيك مماثل.
مركز المدينة الذي يستضيف مؤسسات الاتحاد الأوروبي تحول إلى مدينة أشباح، والعربات المدرعة تسد الأرصفة والجنود يراقبون القلة المرعوبة التي تغامر بالمرور وسط المدينة. وفي يوم 31 ديسمبر/كانون الأول -اليوم الذي تستعد أوروبا فيه لتوديع سنة صاخبة وترحب بحذر بعام جديد- ألغت بلدية بروكسل عرضا للألعاب النارية بعد تلقيها تحذيرا آخر من عمل إرهابي.
وفي ميونيخ، تصرفت السلطات الألمانية بناء على معلومات من أن متشددين يخططون لهجوم وشيك، وأغلقت اثنين من محطات القطار قبل منتصف الليل بساعة. ولكن لم تتحقق المخاوف البلجيكية إلا بعد بضعة أشهر عندما قامت خلية لمتشددين في 22 مارس/آذار 2016 بتفجير قنابل في مطار بروكسل وفي مترو المدينة مما أسفر عن مقتل اثنين وثلاثين شخصا.
كان المفترض أن تكون أوروبا مكانا آمنا بعيدا عن الحرب ولكن فجأة بدا كل شيء مختلفا ومخيفا، وكما يحدث دائما عندما يُساء التعامل مع الخوف ويتم استغلاله، تحول الخوف إلى كراهية وعدم ثقة. وصورة جثة الطفل "إيلان الكردي" البالغ من العمر ثلاث سنوات على الشاطئ التركي أصبحت نسيا منسيا.
تقول شارلوت: ومرة أخرى يصبح اللاجئون السوريين الذين فروا من العنف في بلادهم ضحية لنفس النوع من العنف ولكن على أيدي المتعصبين في باريس، حين أصبحوا هدفا للغضب والشك.
لقد انتشرت السياسات العدائية في جميع أنحاء أوروبا، وهنا تضيف المؤلفة: مرّرت الدانمارك قانونا يسمح بالاستيلاء على المجوهرات والأشياء الثمينة من اللاجئين عند وصولهم بحجة تغطية تكاليف سكنهم وإقامتهم، متجاهلة المخاوف من أن تتشابه تلك القوانين والسياسات مع ما كان النازي يصنعه مع اليهود من استيلاء على ممتلكاتهم ومتعلقاتهم.
ويلقي الرئيس التشيكي "ميلوش زيمان" كلمة أمام مسيرة مناهضة للاجئين نظمها ما يدعى بـ "التكتل ضد الإسلام" في ذكرى الثورة المخملية. وتقدم المجر قوانين الطوارئ ضد اللاجئين، وتشمل السجن لمدة ثلاث سنوات للأشخاص الذين يحاولون عبور السياج الذي أقامته مؤخرا مع صربيا لصد تدفق اللاجئين إليها. وهكذا أصبح الفرار من أوروبا مطلبا لبعض اللاجئين بعد أن رأوا الكثير مما يكرهون.
======================
نيكولا ساركوزي  :فرنسا إلى الأبد
عرض/يونس بلفلاح
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في فرنسا والمقررة في صيف 2017، يسارع المرشحون إلى محاولة جلب المواطنين وإثارة الرأي العام من خلال إصدار كتب توضح إنجازاتهم ورؤاهم للإصلاح وآراءهم بخصوص القضايا والسياسات العامة.
وعلى هذا النحو وفي ظرفية استثنائية تعيشها فرنسا بسبب ارتفاع الهاجس الأمني مع خطر الإرهاب في ظل تعاقب المجموعات الإرهابية على ضرب فرنسا في مرات متعددة، ثم الكساد الاقتصادي وارتفاع مؤشرات البطالة والفقر، ناهيك عن انقسام المجتمع بخصوص قضايا الهوية، الهجرة، المواطنة والعلمانية، وكلها عوامل تسيل مداد السياسيين الفرنسييين، ففي وقت متقارب من بداية السنة الجارية، تم إصدار العديد من الكتب من سياسيي فرنسا، أبرزهم كتاب الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي صدر بعنوان: فرنسا إلى الأبد.
يأتي كتاب ساركوزي في وقت تحدوه فيه رغبة كبيرة في العودة إلى الإليزيه بعد تجربته في الفترة مابين 2007 و 2012 وفشله في الحصول على ولاية ثانية بعد خسارته أمام الرئيس الحالي فرنسوا هولاند، حيث يحاول ساركوزي في هذا الكتاب الذي حقق أرقام مبيعات قياسية -فقد بيعت أكثرمن 100 ألف نسخة في الأسبوع الأول من إصداره- استعراض سيرته الذاتية والمناصب التي تقلدها في الدولة الفرنسية كعمدة لمدينة نويي سير سين في الضاحية الباريسية، ونائب برلماني، فوزير للميزانية وناطق رسمي باسم الحكومة، ثم وزيرا للاقتصاد، المالية والصناعة، ووزيرا للداخلية في عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، فرئيسا للجمهورية الفرنسية.
-العنوان: فرنسا إلى الأبد
-المؤلف: نيكولا ساركوزي
-عدد الصفحات: 350 صفحة
-تاريخ الصدور: 2016
-دار النشر: بلون
الوضع الفرنسي الحالي
بدأ ساركوزي توصيفه للوضع الفرنسي الحالي بتوجيه انتقاداته لليسار الحاكم وللرئيس الحالي فرانسوا هولاند معلنا أن فرنسا تفتقر اليوم للزعامة مع رئيس لا يملك صفات القائد، ويفضل البقاء بعيدا عن الحسم واتخاذ القرارات.
ويصف ساركوزي انتخابات 2017 بالتحدي الأكبر للساسة الفرنسيين إذ يجب إيجاد تناوب على السلطة في البلاد، أي إنتقال الحكم من اليسار إلى اليمين و إلا سيكون الفائز الأكبر هو حزب الجبهة الوطنية أو اليمين المتطرف لأن التحدي تاريخي، و إلا سيدفع الغضب و اليأس بغالبية الفرنسيين نحو الأسوأ.
وعلى هذا الأساس، يفسر الرئيس الفرنسي السابق مسببات عودته إلى الحياة السياسية و يأتي في مقدمتها فشل إستراتيجيات الحزب اليساري الحاكم، ومنها الفشل الأمني في مواجهة تحدي الإرهاب الذي ضرب بقوة فرنسا خلال السنة الفارطة، ثم زيادة مؤيدي حزب الجبهة الوطنية بنسبة غير متوقعة مع ارتفاع مؤشرات الميز العنصري والإسلاموفوبيا.
اعترافات جريئة وهامة
اعترف نيكولا ساركوزي بأنه ارتكب أخطاء وأغضب بعض الناخبين خلال فترة رئاسته بين عامي 2007 و2012، مشيرا إلى بعض الأحداث المعينة كاحتفاله بالفوز في انتخابات 2007 فوق يخت أحد الأثرياء الفرنسيين، ثم بعد ذلك وأثناء مدة رئاسته حين سبه لأحد الأشخاص الذي عامله بعدائية داخل معرض زراعي حين قال له "اغرب عن وجهي أيها الأحمق".
يشرح ساركوزي ظروف توليه قيادة فرنسا قبل وقت قصير من بداية أزمة اقتصادية عالمية وانكماش اقتصادي حاد، حيث كان يتعين عليه التحرك بشكل أسرع لإنعاش الاقتصاد الفرنسي بإجراء إصلاحات منها إعادة قوانين مثل ذلك القانون الذي يفرض رسميا 35 ساعة عمل أسبوعيا.
ويقول إنه كان من الأولويات الأخرى إلغاء ضريبة الثروة في فرنسا وكذلك خفض ضريبة الدخل وضمان عدم ارتفاع ضريبة الأرباح على الشركات في فرنسا عن المتوسط الأوروبي.
المحصلة الرئاسية
أثنى على ولايته الرئاسية مؤكدا على التنوع الذي أدخله إلى الحكومات المتعاقبة في ولايته الرئاسية حيث استدرج شخصيات من اليسار كبرنار كوشنير وزير الخارجية الأسبق، وأدخل وجوها فرنسية من أصول مهاجرة كرشيدة داتي وزيرة العدل و راما ياد وزيرة حقوق الإنسان.
وفي ذات السياق، أثنى على صفات وزير الخارجية الأسبق و المرشح المحتمل للإنتخابات الرئاسية آلان جوبيه و نادى بضرورة الإبقاء على علاقات يسودها الإحترام المتبادل لتفادي تكرار الخلافات التي شابت معسكر اليمين الوسط بين الرئيسين الأسبقين فاليري جيسكار ديستان و الطامح آنذاك للوصول إلى الرئاسة والرئيس الأسبق جاك شيراك أو إدوار بالادور رئيس الوزراء الأسبق و الطامح للوصول إلى الرئاسة وجاك شرياك.
أما خسارته في انتخابات عام 2012، فيعتبرها رغبة فرنسية في التناوب ونتيجة الأزمة الإقتصادية العالمية عام 2008، مدافعا عن خياراته الإقتصادية، مشيرا إلى أن بداية عهده سجلت انخفاضا ملحوظا في معدل البطالة (أقل من مليوني عاطل عن العمل) في سابقة منذ عام 1980، وأن نسبة العجز العام كانت ما دون 3%، ولكن أتت الأزمة الإقتصادية بما لا تشتهي السفن.
وفي فقرات جريئة، يذكر ساركوزي متاعبه مع القضاء إبان حملته الإنتخابية فيما يتعلق باسغلاله لسيدة الأعمال ليليان بيتنكور، وتمويل حملته الإنتخابية لسنة 2007 من طرف معمر القذافي، ثم قضية شركة بيغ ماليون، المسئولة عن صورة ساركوزي في حملته الرئاسية و التي اتهمت بإصدار فواتير مزورة، ويذكر ساركوزي أنها تهم بدون أدلة أطلقت من طرف منافسيه لتشويه صورته، منتقدا اليسار المتناقض مع شعاراته كحقوق الإنسان، دولة القانون والشفافية وأنه اتهامات باطلة عارية من الصحة.
العلاقات الدولية والعرب
يتناول ساركوزي في كتابه رؤيته للعلاقات الخارجية وكيف سعى إلى تحسين صورة فرنسا وتعزيز مكانتها داخل الاتحاد الأوروبي مذكرا بدور فرنسا إبان الأزمة بين روسيا وجورجيا، كما يفسر مشروعه الاتحاد من أجل المتوسط لخلق مناخ للسلام والتعاون الاقتصادي بين ضفتي المتوسط.

أما عن العالم العربي، فيعتبر ساركوزي أن سياسته مع الدول العربية تعتمد على الاستهداف، فحسب قوله من له أصدقاء كثر ليس له صديق، حيث يجب التعاون مع دول ذات رؤى مشتركة مع فرنسا ولها أدوار جيوسياسية قوية ويذكر كلا من المغرب، قطر، مصر، والإمارات العربية المتحدة كحلفاء لفرنسا.
وبخصوص التدخل العسكري الفرنسي في ليبيا، يؤكد ساركوزي أن هذا التدخل كان ضروريا لاجثتاث نظام القذافي ومواجهة المجازر التي كان يقوم بها ضد شعبه، كما يكشف أن هذا التدخل يكسب فرنسا شعبية لدى الدول العربية ويعتبرها فرصة سانحة لفرنسا لإقامة علاقات قوية مع المنطقة العربية.
وفي تعليقه على أزمة اللاجئين، يقول إنها التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمعات الغربية خلال القرن الواحد والعشرين، ويدعو الحكومات الى التحلي بالوضوح والإنسانية عبر منح اللاجىء مدة قصيرة للإقامة يحق له فيها الاستفادة من المساعدات الاجتماعية، كما ينتقد تباين سياسات الدول الأوروبية تجاه أزمة اللاجئين، داعيا في نفس الوقت إلى مساعدة الدول الأفريقية لأن انهيار القارة السمراء سيكون كارثة على الدول الأوروبية.
يعود ساركوزي لموضوع الهجرة والإسلام بفرنسا، حيث يطالب بتعديل قوانين الهجرة والإقامة بفرنسا، ذاكرا اتفاقية سنة 1968 مع الجزائر والتي يعتبرها مخالفة لحقوق الأجانب في فرنسا، وكذلك قانون دخول فرنسا والإقامة فيها والقانون العام لسياسات الهجرة في فرنسا، لا ينطبق على الجزائريين.
وبحسب ساركوزي، فإن الوقت قد حان لمراجعة مسار التفاوض الذي بدأته فرنسا سنة 2011 لما كان هو رئيسا للجمهورية، وذلك من أجل جعل اتفاقية 1968 مطابقة لسياسة الهجرة التي تريد فرنسا انتهاجها. يتطرق ساركوزي إلى الإسلام والديموقراطية والتعايش في مجتمع علماني، مذكرا بما أنجزه من خلال إنشاء مجلس الديانة الإسلامية وسعيه إلى وجود إسلام فرنسي متشبع بقيم الجمهورية وقادر على التعايش مع القيم الكونية والمواطنة حسب قوله.
======================
تعرف قائمة "نيويورك تايمز" لأفضل 5 كتب هذا الأسبوع
الإثنين، 10 أكتوبر 2016 07:00 ص
قدم موقع "نيويورك تايمز" للقراء أهم الكتب التى يفضل قراءتها خلال هذا الأسبوع، وأغلبية الكتب المعروضة تتناول قصص سياسية مثيرة ومشوقة، وتحتوى أحداثا غير معروفة، فمنها كتاب يصف هتلر بشكل جديد، وحكاية عن تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا زمن الحرب العالمية الثانية توصف بأنها "عجيبة"، وكتاب يوضح وجود العنصرية بأمريكا منذ قديم الزمن، وقصة مروعة عن طفلة تصوم عن الطعام.
قدم الكاتب فولكر أولريش، سيرة جديدة عن حياة هتلر، حيث وصفه بأنه فظ ونرجسى ومخادع، تمكن من تكوين أمة قوية بفضل الدعاية، كما أن الكتاب يعطينا صورة شاملة لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث مزقتها الأزمة السياسية، كما حل عليها ظاهرة التجويع بعد الكساد الاقتصادى.
يأخذنا المؤلف جيمس جليك، عبر آلة الزمن إلى الفضاء الإلكترونى، وتبدأ القصة فى مطلع القرن الماضى، والرواية تتبع تطور السفر عبر الزمن كفكرة أصبحت جزءا من الثقافة المعاصرة، ومن خلال الآلة تحققت مفارقات حتمية، درست من خلالها الحدود التى يمكن تجاوزها بين الخيال والفيزياء الحديثة.
تبرز المؤلفة كانديس ميلارد،  قصة مثيرة وغير عادية وغير معروفة عن تشرشل فى حرب البوير، حيث إنه عندما كان فى سن 24 من عمره، كان و تشرشل مقتنعا تماما، بأن سيصبح يوما هو رئيس وزراء إنجلترا، وذلك على الرغم من أنه فقد أول حملة انتخابية فى البرلمان، ونتيجة لاعتقاده هذا قرر أن يفعل شيئا مذهلا فى ساحة المعركة، ووصل تشرشل إلى جنوب أفريقيا عام 1899، وكأن معه صف سيارات ممتلئا بصناديق النبيذ، وذلك من أجل الحرب، ولكن بعد مدة وجيزة، تم سجن تشرشل ومعه العديد، لكن تم تهريبه وتجاوز تشرشل مئات الكيلومترات من أراضى العدو، وأعطى مئات النقود لمن أفسح له الطريق وأعطاه أربع ألواح من الشوكولاته،  فتقدم الكاتبة معلومات عديدة عن حرب البوير ومدى تأثيرها العميق فى تاريخ القرن الـ20.
هذا الكتاب يحكى قصة حقيقية  مروعة، من  قبل الكاتب الأمريكى باتريك فيليبس، لكيفية إبادة المواطنين السود فى منطقة فى عام 1912، حيث ظلت يسكنها المواطنين البيض لمدة 80 عاما، ففى مطلع القرن العشرين كانت المدينة موطنا لمجتمع الأمريكيين من أصل أفريقى كبير يضم الوزراء والمعلمين والمزارعين الفقراء والتجار والموظفين والأطفال"، فالكتاب يبرز ظهور عصابات جماعية من أصحاب البشرة البيضاء، لتقم بحملة منسقة من الحرق العمد والقيام بعملية إرهابية لترويع والقضاء على أصحاب البشرة السمراء الذى يبلغ عددهم 1098 نسمة فى تلك الحقبة، وتوالت أعمال هذه  الحملة المنسقة لطرد "أصحاب البشرة السمراء" سنوات طويلة حيث إنهم قاموا بحصد كافة المحاصيل التى كانوا يزرعوها فى هذا الأقليم، إضافة إلى ذلك استولوا على كافة المواشى التى كانت تمثل لديهم ثورة الحيوانية التى كانوا تعينهم على المعيشة.
 قدمت الكاتبة إيما دونوغو، قصة مروعة حدثت فى عام 1850عن طفلة لا تأكل، تعيش فى آيرلندا، وهذا الحدث جعل الممرضة تتنقل إلى أيرلندا الريفية التى تعيش فيها تلك الطفلة، وذلك للبحث ولتحديد حقيقة صيام الفتاة الغامضة عن الطعام،  فالرواية تقدم تفاصيل تاريخية مكثفة.