الرئيسة \  مواقف  \  صفحات من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين -٢

صفحات من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين -٢

25.08.2018
زهير سالم




في الدعوة إلى الانتماء ...
لم يكن الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين في ستينات القرن الماضي مركبا لسلطة ولا لثروة ولا لشهرة كما يرددون إفكا وزورا على مسامع الناس اليوم .
كان طريق السلطة والثروة والشهرة والشهوة قريبا ومتوفرا لطلاب في المرحلة الثانوية اتحاد الطلبة ثم الحزب .
زملاؤنا في اتحاد الطلبة كان حديثهم اليومي ، كنوع من الترويج والدعاية ، عن لقاءاتهم المستمرة مع الرفيقات من طالبات ثانوية معاوية المجاورة لثانوية المأمون . كان ذلك عاجل وعد الحزب .
وكذا كان تسليط الطلاب بعضهم على بعض بالمعنى المادي للتسليط وليس فقط بتكليفهم بكتابة التقارير بحق زملائهم ومدرسيهم .
جاءني الزميل " غ. ق " يوما وقال استدرجني فلان وفلان إلى الجهة الخلفية فلطمني الأول ولكمني الثاني وهدداني بالمخابرات ..
زميلنا الناصري كمنوا له خارج حرم المدرسة وأوسعوه ضربا حتى أثر في وجهه أياما كان الذين ضربوه زملاء في نفس الصف وكان علينا جميعا أن نبتلع المهانة ونصمت.
كان الأسبوعي البعثي يردد فوق رؤوسنا الشعار ومدرب الفتوة يراقب شفاهنا كان بَعضُنَا يتمسك بحقه بالصمت وآخرون يتمتون سبحان الله والحمد  لله ..كان حضور حصة " الفتوة " أشبه بالمرور على فرع المخابرات.
أؤرخ للتسلط داخل المدرسة الثانوية في ذلك العهد المشؤوم:
كان المدعو " ب. ش" مدرب فتوة وكان دائماً مثل الثور الهائج . لم يكن يصدق انه ألصق نجمتين خلبيتين على كتفيه . في يوم من أيام ١٩٦٥ أدخل هذا المدرب أو الثور الذي أصبح قاضيا فيما بعد على طريق الوعد السلطوي ؛ أدخل زميلنا ابن " الحوري " إلى غرفته ، وأقفل الباب وراح يضربه بعنف وقسوة، وعلا صراخ الزميل ، ولم يكن بيدنا ما نصنعه غير أن نهرع إلى غرفة المدرسين استنجدنا فلم يتحرك أحد غير الأستاذ القدير فاضل ضياء رحمه الله تعالى . أقبل يسعى سقطت نظارته السميكة عن عينيه وهو يخبط على باب الزنزانة ويصرخ افتح الباب
ثم فتح الباب ليخرج الثور الهائج يلهث ويخرج الزميل مكسورة يده
كسر المدرب بطرس شكر يد طالب في مدرسة لم يسأله عما فعل أحد ..
كان الانتماء إلى الحزب يعني كل هذه الامتيازات ..
يقولون للناس اليوم إن الإخوان المسلمين يتسترون بالدِّين ليصلوا إلى السلطة ... الوصول إلى السلطة كان سهلا ميسورا قريبا ؛ ولم يكن ليمر عبر المشانق والمعتقلات وتدمر والمنافي طوال نصف قرن..
كانت الخيارات النفعية كثيرة ومتعددة وقريبة...
ولكن دعوة واحدة كان يظللها قول الله تعالى " اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ " تلك هي جماعة الإخوان المسلمين التي كانت حصننا ورأس رمحنا للتصدي للظلم والظالمين.
 
لندن: ١٣ ذو الحجة /١٤٣٩
٢٤/٨/٢٠١٨
___________
*مدير مركز الشرق العربي