الرئيسة \  شعارات الثورة السورية  \  شعارات يوم الجمعة في الثورة السورية لشهر شباط 2012 - جمعة عذرا حماة سامحينا 03-02-2012

شعارات يوم الجمعة في الثورة السورية لشهر شباط 2012 - جمعة عذرا حماة سامحينا 03-02-2012

13.03.2014
Admin




لأول مرة منذ ثلاثين عاما من الصمت يتكلم السوريون عن المجازر التي ارتكبها نظام الأسد في مدينة حماه وغيرها من المدن السورية في فبراير (شباط) 1982. وكان صبغ الشوارع والسيارات ومياه البحيرات في المدن إحدى وسائلهم لإحياء الذكرى الثلاثين لمجازر حماه، وأول من قام شباب حمويون بصبغ العديد من شوارع المدينة باللون الأحمر وشوهدت سيارات الإطفاء تغسل الشوارع من آثار الصباغ الأحمر في ساحة العاصي ومنطقتي الدباغة والمرابط..
وزامن مرور ذكرى مجازر حماه مع انعقاد مجلس الأمن لبحث ملف الأزمة السورية، وإلقاء المندوب السوري بشار الجعفري كلمة وصفت بـ«الإنشائية» في دفاعه العاطفي عن رأس النظام، كان مناسبة للتذكير بالموقف التاريخي للدبلوماسي السوري الراحل حمود الشوفي الذي كان مندوبا لسوريا في الأمم المتحدة في الثمانينات، وكتب ناشطون في تنسيقية محافظة السويداء في ذكرى مجزرة حماه، نتذكر «المرحوم حمود الشوفي ابن السويداء البعثي القيادي ومندوب سوريا في الأمم المتحدة الذي انشق عن النظام بسبب مجازر حماه ولم يسمح بدخول جثمانه إلى أرض الوطن إلى يومنا هذا».
ومن ضمن الدعوات الكثيرة التي وجهها ناشطون لإحياء ذكرى حماه كانت دعوة الجالية العربية والسورية المقيمة في أميركا للوجود أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك للتذكير بما يقوم به النظام ضد الشعب السوري من قتل وتعذيب وتنكيل ومجازر ضد الإنسانية في مظاهرة صامتة وإشعال شموع تعرض فيها صور مجزرة حماه عام 1982 التي قام بها الرئيس الراحل حافظ الأسد وصور حديثة لمجازر بقية المحافظات السورية التي يرتكبها ابنه بشار اليوم.
وتحولت صفحات السوريين على موقع «فيس بوك» من ناشطين ومثقفين وإعلاميين خلال اليومين الماضيين إلى دفاتر مذكرات، دون فيها كل منهم ذكرياته الشخصية عن مجزرة حماه، فما من سوري لا تنطوي ذاكرته على جروح وندوب من الثمانينات، وكان لافتا إشارة الكثيرين منهم إلى التعتيم الإعلامي المرعب الذي مارسه النظام، فكثير من السوريين ما زالوا لغاية اليوم لا يعرفون حقيقة ما جرى حينذاك، ومنهم من طالب الإخوان المسلمين بتقديم روايتهم للأحداث طالما أن النظام السوري مصر على الإنكار، وهناك من قدم الاعتذار لمدينة حماه وكتب أحدهم «حماه سامحينا.. لأننا كنا نخاف من ذكر اسمك» وكتبت الإعلامية الخلود ابنة حماه «قبل قيام الثورة بشهر كنت وأصدقائي نتحدث عن تلك الأحداث بترديد سؤال واحد كما جمعتنا المدينة الواحدة: ترى هل سيأتي يوم نستطيع أن نتحدث عن 1982 دون أن نقول: هس الحيطان لها آذان».
الإعلامي السوري محمد منصور أكد على صفحته أن «ثلاثين عاما مرت لم ينس السوريون مجزرة حافظ ورفعت الأسد في حماه 1982» وقال «التاريخ سيفتح أوراقه من جديد... والقائد التاريخي الفذ والملهم، سيعيد التاريخ تصنيفه كواحد من أكبر مجرمي العصر في تاريخ سوريا... وسيبقى اسم هذه المجزرة وصمة عار تلحق به إلى قبره... وتثقل جباه أبنائه بأبشع صور العار الإنساني.. حماه مرة أخرى تنهض من رماد الألم... تمزق الصور وتحطم التماثيل... تقدم الشهداء... تعلن الإضراب... لتقول لكل الطغاة إنها المدينة التي قد تهزم وتهدم فوق رؤوس سكانها... لكنها المدينة التي لن تتحطم... ولن تنسى... ولن تغفر... ولن تتخلف عن ركب الحرية.. ففي حماه ينتهي (الأبد) مع أول شرارة حرية، وأول قطرة دم شهيد!».
وأسهب السوريون في استعادة ذكريات أيام الرعب، وكتبت مئات القصص والحوادث في محاولة جديدة لترميم ذاكرة لم يتوقف النظام الديكتاتوري يوما عن محاولة محوها وتشويهها، لكن تقول الناشطة ناديا «كتابات أطفال درعا على جدران المدرسة في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت الكلمات الأولى في مدونة الحرية والتي يوقع عليها السوريون بدمائهم.. كلمات أطفال درعا كانت أولى الكلمات التي مسحت آلام المجزرة وفتحت الصفحات للسوريين ليعيدوا كتابة تاريخهم المؤلم»، أما عماد الحمصي فيؤكد كملايين السوريين المكلومين «لن أنسى 2 شباط 1982 أبدا» بينما يعدد الناشط ناجي أسماء المجازر في حماه 1982 «مجزرة سوق الشجرة، مجزرة جامع الحوراني بالوادي، مجزرة سوق الطويل، مجزرة دوار المحطة، مجزرة مدرسة العميان، مجزرة مقبرة العشر، مجزرة جنوب الملعب، مجزرة الكيلانية، مجزرة البارودية، مجزرة الباشورة، مجزرة شارع أبي الفداء، عيادة الدكتور زهير المشنوق، مجزرة باب الجسر، مجزرة سوق الصاغة وسطوح السوق، مجزرة سوق السخاتير بسوق الطويل، مجزرة جامع المسعود، مجزرة معمل البورسلان، مجزرة مدرسة الصناعة، مجزرة في حي الصحة القديمة، مجزرة بين الحيرين، مجزرة السخانة، مجزرة طريق حلب القديم، مجزرة الضاهرية، مجزرة بستان السعادة، مجزرة الباشورة، مجزرة الجراجمة، مجزرة الجزدان، والكثير من عمليات القتل وهدم البيوت على أهلها وتصفية الأهالي في منازلهم وفي الحارات والسجون».
لكن السوريين وبعد أحد عشر شهرا من الثورة والمطالبة بإسقاط النظام، قرروا الخروج عن صمتهم، وفتح كل الملفات المغلقة قسرا، لا سيما ملف مجازر الثمانينات، خاصة أنه كان واحدا من أهم الأسباب التي دفعت الناس للخروج إلى الشارع في أكثر من منطقة في مقدمتها حماه والرستن وتلبيسة والحولة وإدلب ومعرة النعمان وجسر الشغور وبانياس وغيرها.. إذ ما زال الآلاف من أبنائهم مفقودين، حتى إن ذويهم مكثوا لسنوات طويلة لا يجرؤون على ذكر أسمائهم، والسؤال عنهم، ومنذ عدة سنوات ومع تكاثر عدد الورثة المرتبط مصيرهم بإغلاق ملف المفقودين، تشجع البعض وبدأ بمطالبة الحكومة بإغلاق الملف وإصدار شهادات وفاة، ولكن حتى هذا لم يكن يسمح النظام بطرحه، ويقول ناشط من حماه وأحد أبناء المفقودين إن سبب إصرار النظام على عدم الكشف عن مصير المفقودين أو استصدار شهادات وفاة «ليس فقط خشية الاعتراف بجرائمه بل إصراره على الاستيلاء على ملكياتهم التي صادرها والتي لم يصادرها وستضيع ملكياتها بين ورثة كثر»، مشيرا إلى وجود مساحات كبيرة من الأراضي مهددة بضياع ملكيتها، هذا فضلا عن مئات الشقق والعقارات المستولى عليها من الثمانينات. مؤكدا على أن «أول مطلب كان لأهالي حماه في بداية الأحداث وحين كانت هناك إمكانية للتحاور مع السلطة كان الكشف عن مصير أكثر من خمسة عشر ألف مفقود من الثمانينات، وإعادة الملكيات المستولى عليها، ونالوا الكثير من الوعود التي لم تكن سوى كذب وتسويف والاستمرار في القمع والقتل». لهذا كله تعهد السوريون المناهضون للنظام بالعمل على عدم تكرار مجازر الثمانينات، ومنذ نحو شهر بدأت التحضيرات والدعوات لإحياء ذكرى مجازر حماه، تحت عنوان «حماه لن تتكرر». وما حصل في حماه حسب المعلومات المتداولة في المراجع التاريخية أنه في 2 فبراير 1982 توجهت قوات من الجيش إلى مدينة حماه وقاموا بحصار حي البارودي وتصدت لهم قوات الإخوان المسلمين المسلحة فأجبروا على التراجع وتحصنت قوات الإخوان على أسطح المنازل وفي فجر اليوم التالي بدأوا بالتكبير على المنابر وأعلنوا حماه «مدينة محررة» وتوعدوا بتحرير باقي البلاد وبدأوا بالهجوم على المراكز الحكومية ومراكز الأمن وقاموا بإعدام ممثلي حزب البعث وكل من تعاون معهم وبلغ عدد القتلى 50 على الأقل.
قام 6000 - 8000 جندي من سرايا الدفاع والقوات الخاصة واللواء 21 المدرع واللواء 47 المدرع والفرقة الثالثة المصفحة بمحاصرة المدينة وقطع الاتصالات عنها، ونقل بعض المراقبين أن الأحياء القديمة ضربت بالقنابل من الجو لتسهيل دخول القوات العسكرية والدبابات كما ذكر تقرير منظمة العفو الدولية شتى أنواع الانتهاكات من إعدامات جماعية وإعدام بغاز السيانيد وجمع المدنيين في المطار الحربي والملعب البلدي وتركهم بدون طعام أو مأوى. كما دخلت البلدوزرات إلى المدينة وهدمت الأحياء السكنية وهدمت البنى التحتية للمدينة. في يوم 22 فبراير أذاعت السلطات السورية رسالة برقية من فرع الحزب في حماه تبين فيها تأييدهم للرئيس حافظ الأسد وتؤكد أن قوات الأمن قد انتقمت من الإخوان المسلمين بسبب ارتكابهم لأعمال القتل التي راح ضحيتها أعضاء حزب البعث وعائلاتهم وأشارت الرسالة إلى أنهم «أخمدوا أنفاسهم إلى الأبد».
وقدرت منظمة العفو الدولية أعداد القتلى بـ 10000-25000 قتيل ولم تحاول السلطات السورية تكذيب هذا العدد ولم ترد على التقرير المرسل من منظمة العفو الدولية ولم تستجب لطلبهم بفتح تحقيق بشأن الانتهاكات بل وتم فتح أتوستراد دمشق حماه بعد أقل من شهرين من المذبحة كي يرى السوريون ويسمعوا ثمن العصيان.
وبحسب المصادر التاريخية فقد سبقت مجزرة حماه مجازر أخرى، ففي 27 يونيو (حزيران) 1980، قاد رفعت الأسد عملية عسكرية للرد على محاولة اغتيال فاشلة للرئيس حافظ الأسد، ونفذ العملية سرايا الدفاع وجنود من الفيلق الأربعين للجيش السوري واللواء 138 لفرق الأمن، حيث توجه منهم ثمانون مجندا إلى سجن تدمر العسكري الذي ضم مجموعة من السجناء يعتقد أن معظمهم من الإخوان المسلمين وتم قتلهم في زنزاناتهم وعنابر نومهم، ويذكر تقرير منظمة العفو الدولية أن أعداد القتلى تراوحت بين 600 إلى 1000 سجين وأنه تم دفنهم في مقبرة جماعية خارج السجن.
فيما خرج آلاف السوريين في دمشق استجابة لمظاهرات دعت إليها المعارضة السورية في جمعة «عذرا حماه.. سامحينا». وفي محاولة لمنع خروج المظاهرات، حاصرت قوات الأمن السورية الجوامع والمساجد. وأحصت لجان المعارضة السورية عصر مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا برصاص الأمن، لا سيما في حلب وريف دمشق. وفي خطوة جديدة من نوعها، دعت قوات الجيش في إنخل قرب درعا كل من هم دون الـ50 عاما إلى عدم التوجه لأداء صلاة الجمعة، وفق ما نقلته «لجان التنسيق المحلية» في سوريا. وخرج آلاف المتظاهرين في حلب ضد النظام السوري معلنين انضمامها للثورة, وفي إشارة لاستعداد الجيش السوري الحر، لحماية المتظاهرين, أعلن النقيب المنشق مأمون كلزي الأسبوع الماضي، تشكيل لواء أحرار حلب التابع للجيش السوري الحر
من جهته، أكد المتحدث باسم «الجيش السوري الحر»، الرائد المظلي ماهر النعيمي، ، أن وضع الجيش النظامي السوري «أقرب إلى الانهيار» وأن نسبة التحاق المجندين من أجل الخدمة الإلزامية معدومة.
لم يمنع ارتفاع وتيرة العنف في سوريا، بالتزامن مع دخول النظام السوري مرحلة الحسم العسكري لقمع حركة المتظاهرين، آلاف السوريين من الخروج في مظاهرات دعت إليها المعارضة السورية في جمعة «عذرا حماه سامحينا»، في إطار إحياء ذكرى مجزرة حماه بعد ثلاثين عاما من التزام الصمت «المخزي»، على حد وصف ناشطين سوريين.
وفي محاولة لمنع خروج المظاهرات، حاصرت قوات الأمن السوري الجوامع والمساجد منذ ساعات الصباح، في ظل انتشار أمني غير مسبوق وحملات مداهمة واعتقالات عشوائية، كما فتحت النار على المتظاهرين في عدد من المناطق السورية في محاولة لتفريق المتظاهرين.
وأحصت لجان المعارضة السورية عصر مقتل ما لا يقل عن 40 شخصا برصاص الأمن، لا سيما في حلب وريف دمشق. وذكرت لجان التنسيق السورية أن مظاهرات خرجت في القامشلي وحمص وإدلب وريف دمشق وريف حماه ودير الزور. أما في العاصمة دمشق، وعلى الرغم من الاستنفار الأمني الكثيف منذ أيام في شوارعها وساحاتها العامة وأحيائها، فقد خرجت مظاهرات عقب صلاة الجمعة في عدد من أحياء المدينة. ففي حي القدم، ردد المتظاهرون صباحا شعارات تندد بمواقف روسيا والصين في مجلس الأمن، وبدعمهما لنظام الرئيس السوي بشار الأسد، في وقت أفادت فيه «لجان التنسيق المحلية» بأن «قوات أمن بعتاد كامل حاصرت جامع القدم الكبير بعد صلاة الجمعة لمنع خروج أي مظاهرة منه».
اتسعت مشاركة حلب، ثاني أكبر مدينة سورية من حيث عدد السكان، والعاصمة الاقتصادية للبلاد في الانتفاضة السورية، حيث خرجت أحياء جديدة في جمعة «عذرا حماه.. سامحينا» في مظاهرات حاشدة تطالب النظام السوري بالرحيل.
وفي إشارة لاستعداد الجيش السوري الحر، للوجود في مدينة حلب في حال تعرض المتظاهرون هناك للقمع من قبل الأمن والشبيحة، للقيام بحمايتهم، أعلن النقيب المنشق مأمون كلزي الأسبوع الماضي تشكيل لواء أحرار حلب التابع للجيش السوري الحر. وسيشمل عمل اللواء وفقا لكلزي محافظة حلب وريفها.
وقال أحد أعضاء تنسيقيات حلب للثورة السورية إن مدينة حلب ما بعد جمعة «عذرا حماه.. سامحينا» ليست كما قبلها، فالمدينة وفقا للناشط «بدأت تعلن انضمامها للثورة السورية بعد أن كانت تخشى من وحشية الأمن». ويجزم الناشط الذي وجد في حي المرجة وشهد سقوط العديد من القتلى برصاص الأمن، أن «أهالي حلب بأغلبيتهم الكبرى ضد النظام السوري ويتمنون سقوطه بسرعة، لكن المدينة تعاني من حصار أمني مشدد، بدأ ينكسر في الأيام الماضية». ويؤكد الناشط أن «حلب ستحسم الأمر وتسقط النظام الأسدي، بعد أن نزل سكان دمشق وأصبح ريفها من أكثر المناطق توترا».
وقدّر ناشطون نقاط خروج المظاهرات في المدينة بـ50 نقطة، تركزت ثلاث منها، في حي المرجة الذي شهد مواجهات بين المتظاهرين والأمن راح ضحيتها أكثر من 8 أشخاص قامت عناصر الأمن بإطلاق النار عليهم، فيما خرجت مظاهرات أخرى في أحياء السكري - الزهراء - الكلاسة - الشعار - الشهباء - صلاح الدين - الفردوس مظاهرتان - الخالدية - الأنصاري.
الاعتذار لحماه واستنكار مواقف روسيا والصين الداعمة للنظام السوري، وانتقاد المجتمع الدولي ومجلس الأمن كانت الموضوعات الأبرز في الشعارات التي رفعها المتظاهرون في سوريا يوم في جمعة «عذرا حماه سامحينا» بالإضافة إلى الموضوع الأهم والذي تم التأكيد عليه في المظاهرات وهو أنه لا تراجع عن الثورة حتى إسقاط النظام وذلك بحماية الجيش الحر، مع التوعد بأنه قريبا جدا سيكون الجيش الحر في العاصمة.
وكانت مظاهرات السوريين يوم الجمعة مناسبة لتقديم اعتذار لمدينة حماه عن الصمت القسري عن المجزرة المروعة التي ارتكبها نظام الرئيس حافظ الأسد في الثاني من فبراير (شباط) من عام 1982، وردد المتظاهرون الذين خرجوا في أكثر من أربعمائة منطقة في مختلف أنحاء البلاد «يا حماه سامحينا ولله حقك علينا جيناك نحنا جينا والفزعة لبينا» وفي كفر نبل في محافظة إدلب التي تقاسمت مع حماه في الثمانينات الجزء الأكبر من المجازر هتفوا «يا حماه نحنا معاكي للموت ويا حمص نحنا معاكي للموت» وفي حمص حمل المتظاهرون المسؤولية الكاملة عن مجازر حماه 1982 لمقربين من الأسد وعائلته. وهذه المرة الأولى التي يصرخ فيها مواطنون سوريون وهم يتحدثون عن مجازر الثمانينات، إذ اعتادوا أن يتحدثوا عنها همسا، وذكر أسماء المسؤولين عنها كان أحد المحظورات السياسية السورية التي لا يمكن المجاهرة بها، لكنهم وفي مظاهرات حاشدة خرجت في أكثر من مكان كالوا اللعنات للمسؤولين عنها.
واستنفر المتظاهرون يوم كل مخزون القهر والغضب ضد نظام الأسد، وأكدوا أن جرح الثمانينات لن يندمل ورفعوا لافتات كتب عليها «عذرا حماه كل يوم في سوريا مجزرة ولكن جرح الثمانينات لن يندمل» و«بالروح بالدم نفديك يا حماه»، أما المتظاهرون في حماه فردوا على اعتذار السوريين ورفعت لافتات في المظاهرات التي خرجت في مدينة حماه وريفها كتب عليها «حماه سامحتكم.. وهي معكم للموت حتى إسقاط النظام».
وردد المتظاهرون في أكثر من بلدة قسم الثورة، وتعهدوا بـ«الوفاء لدماء الشهداء والاستمرار بالثورة حتى النصر وإسقاط النظام». بغض النظر عن قرارات المجتمع الدولي، وكتبوا في حمص «لن نتراجع ولن نهون ولن ونعود.. بمجلس الأمن أو بغيره هدفنا ننتصر أو نموت». وتساءل المتظاهرون بحسرة «أين مجالس حقوق الإنسان من المجازر التي يرتكبها آل الأسد بحق الشعب السوري» وفي بلدة طيبة كتبوا باللغة الإنجليزية بخط عريض على الأرض «الأمم المتحدة.. ما هو الثمن الذي سندفعه لنيل حريتنا».
كما عبر السوريون عن استيائهم الشديد من الموقف الروسي بلافتات كتبت باللغتين العربية والروسية وفي حين رسم كاريكاتير رفع في ريف حماه يظهر «فلاديمير بوتين يربت على كتف الرئيس بشار الأسد والذي وضع رأسه على جسد كلب ويقول له بوتين: المافيا الروسية تحب السوريين القتلة»، أما في كفر زيتا في ريف حماه فأشاروا إلى قناعتهم بأن «روسيا خصم للشعب السوري ولا يمكن أن تكون وسيطا نزيها» وتساءلوا «كم ثمن دمائنا من الفيتو الروسي»، وجرى إحراق العلم الروسي والصيني في كافة المظاهرات وأكد المتظاهرون في دمشق بحي العسالي أنهم تجاوزوا مجلس الأمن وكتبوا «بتوفيق الله.. إننا في سوريا تجاوزنا مجلس الأمن فنحن ماضون حتى إسقاط النظام بكل رموزه». وفي حمص بعثوا رسالة إلى روسيا نصها «إلى روسيا الحكم بلا شفقة وسياسة الاضطهاد ولت.. وسيرحل معها بشار ونظامه». أما في بلدة التمانعة في ريف حماه فقالوا إن «التاريخ يخجل من روسيا والصين ويفخر بالشيخ حمد».
وبينما أعلن المتظاهرون سخطهم من الموقف الروسي، تقدموا بالشكر لقطر وللشيخ حمد بن جاسم ورفعت عبارات الشكر للشيخ حمد في أكثر من مظاهرة، منها «ارفع رأسك الشعب السوري معك» مع الإشارة إلى أن موقف قطر نابع من عروبتها وذلك في رد على المندوب السوري بشار الجعفري الذي غمز بكلمته من عروبة قطر. وكتبوا «شكرا للشيخ حمد وكل من وقف معنا.. وقفتكم معنا تعبر عن عروبتكم وقسما لن ننساها».
وقد شغل انتقاد بشار الجعفري المندوب السوري لدى الأمم المتحدة حيزا هاما من تهكمات الشارع المعارض، واستيائه من الكلمة التي ألقاها في مجلس الأمن الأربعاء الماضي، وكتبوا في حمص على لافتات ضخمة «أيها الجعفري الإيراني.. دنست يا سمين دمشق بذكرك لها والقباني بريء منك ومن نظامك السفاح»، وكان الجعفري بدأ كلمته بقصيدة للشاعر الدمشقي نزار قباني الذي أمضى عمره منفيا خارج البلاد، وفي إدلب قال المتظاهرون للجعفري ردا على منه على الخليجيين بتبرعات كانت تقتطع من مصروف أطفال سوريا لتحرير الخليج من الاحتلال الانجليزي: «الشعب السوري هو من دعم حركات التحرر أما انتم فلم تدعموا إلا حركات التشبيح» وفي حمص في مظاهرة تل الشور كتبوا «يا بشار الجعفري الغبي.. أنت لا تمثل إلا نفسك ونظامك البائس».
ومن الملاحظات اللافتة في مظاهرات يوم عموما التأكيد على حق الدفاع عن النفس ودعم الجيش الحر، وفي لافتة حملت رسالة مطولة قال المتظاهرون في حي القصور في حمص «نحن شعب يحب السلام ويكره العنف لكن هذا لا يعني أن تداس كرامتنا وأن نقتل بدم بارد على مرأى من العالم لذلك سوف ندافع عن أنفسنا حتى ننال الحرية».
ومع أن الطرافة في اللافتات بدت أقل في مظاهرات عن السابق إلا أن كاريكاتيرا ساخرا رفع يُظهر الرئيس بشار الأسد يقف على جثث ضحاياه الغارقين ببحر من الدماء ويغني «بعيد عنك حياتي عذاب» لكرسي الرئاسة الذي نبت له جناحان وطار مقتلعا المرساة المعلقة برجله من بحر الدماء. وكاريكاتيرا آخر لسلسلة السقوط: مبارك القذافي الأسد وهم يهوون كأحجار الشطرنج، أما الكاريكاتير الأشد قساوة فكان للرئيس الأسد طبيب العيون وإلى جانبه لوحة اختبار النظر وعليها رسوم مسدسات حربية بدل حرف c.