الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 3-4-2024

سوريا في الصحافة العالمية 3-4-2024

04.04.2024
Admin




سوريا في الصحافة العالمية 3-4-2024
إعداد مركز الشرق العربي

الصحافة البريطانية :
الصحافة الفرنسية :
الصحافة الامريكية :
الصحافة العبرية :
الصحافة البريطانية :
إيكونوميست: إسرائيل تلعب لعبة خطيرة في سوريا وعليها عدم التمادي مع إيران
إبراهيم درويش
لندن – “القدس العربي”:
حذرت مجلة “إيكونوميست” من مخاطر اللعبة الإسرائيلية في حرب الظل التي تخوضها ضد إيران في سوريا.
وقالت إن الهجوم الأخير الذي قتل قياديين بفيلق القدس بضرب القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق هو محاولة إسرائيلية لامتحان صبر إيران.
 وقالت: “من الصعب الحديث عمن هو أهم: من قتل أو في أي مكان. ففي 1 نيسان/إبريل هدم هجوم يعتقد أنه إسرائيلي بناية في مجمع السفارة الإيرانية في دمشق. وقتل الانفجار سبعة أشخاص، من بينهم عدد من الضباط الإيرانيين من ذوي الرتب العليا. وكان تصعيدا خطيرا في حرب الظل بين إسرائيل وإيران وضرب أهداف تعتبر محظورة بموجب القانون الدولي، والسؤال عن الطريقة التي ستختارها إيران للرد، سواء بالهجوم على إسرائيل مباشرة أو ضرب داعمتها الأجنبية، أمريكا”.
    عمل زاهدي لسنوات طويلة كرئيس للعمليات في سوريا ولبنان. ويقول المحللون العرب والإسرائيليون إنه كان مقربا من زعيم حزب الله
وقتل في الانفجار الجنرال محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الإسلامي الثوري. وعمل زاهدي لسنوات طويلة كرئيس للعمليات في سوريا ولبنان. ويقول المحللون العرب والإسرائيليون إنه كان مقربا من زعيم حزب الله في لبنان، حسن نصر الله. وقتل معه نائبه وخمسة آخرون. ويعتبر زاهدي الجنرال الأعلى رتبة الذي يقتل منذ اغتيال الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني في عام 2020. وأضافت المجلة أن الإسرائيليين لا يعلنون المسؤولية عن الهجوم، مع أنهم في أحاديثهم الخاصة لا يدعون أي مجال شك لتأكيد الدور الذي لعبوه. ولكنهم قالوا إن الطرف الذي فجر السفارة له الحق بعمل هذا.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري إن البناية التي ضربت هي منشأة عسكرية بغطاء مدني.
وتعلق المجلة أن وجود العسكريين الإيرانيين في سوريا ليس من أجل التفاوض على صفقات تجارية، كما ورفضت ما بدر عن المسؤولين الإيرانيين بأن القنصلية لها حصانة دبلوماسية، ووصفت تصريحاتهم بأنها “مثيرة للاشمئزاز”، مذكرة أن أول عمل قامت به الجمهورية الإسلامية في 1979 هو احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية.
واستدركت المجلة قائلة إن قداسة السفارة هي عرف دولي طويل. وتقول إنه لو كان مجرد وجود العسكريين في القنصلية الإيرانية سبب لتبرير الهجوم، فإن بعض السفارات الإسرائيلية ستكون هدفا مشروعا أيضا.
 وحتى السعودية، المنافس الإقليمي لإيران سارعت لشجب الغارة، مع أنها لم تذكر إسرائيل في بيانها. وتضيف المجلة أن إسرائيل تقاتل منذ خرق مقاتلي حماس الجدار الأمني ودخولهم إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جبهتين: غزة وضد حزب الله في لبنان.
وقام الحزب بهجمات شبه يومية ضد قواعد الجيش في شمال إسرائيل. لكن الحزب كان حذرا من شن حرب شاملة، فمعظم اللبنانيين لا يريدون انجرار بلدهم لواحدة، ولا تريد إيران المخاطرة بواحدة من جماعاتها الوكيلة.
    تجنبت إسرائيل ضرب العمق اللبناني خشية إثارة رد قوي من حزب الله
ومن جانبها، تجنبت إسرائيل ضرب العمق اللبناني خشية إثارة رد قوي من حزب الله. واقتصرت في قصفها وغاراتها على الجنوب اللبناني، مع أنها ضربت في سهل البقاع بالفترة الأخيرة.
وبعد مرور عقد أو يزيد على الحرب الأهلية، لم يعد نظام بشار الأسد قويا ليرد على الغارات الإسرائيلية. ولا تملك الميليشيات الشيعية الترسانة العسكرية القوية التي يحتفظ بها حزب الله. وضربت إسرائيل في سوريا ضباطا إيرانيين وميليشيات حليفة لإيران وشحنات أسلحة في طريقها لحزب الله.
وتحولت سوريا إلى محور حر للغارات الإسرائيلية، حيث شنت عشرات الغارات عليها منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر ودمرت قيادة الحرس الثوري في سوريا. ففي الكريسماس قتلت جنرالا إيرانيا في دمشق. وفي منتصف كانون الثاني/يناير قتلت خمسة ضباط بمن فيهم مسؤول الاستخبارات في الحرس الثوري في سوريا. كما وضربت حزب الله ومطار حلب في 29 آذار/مارس وقتلت سبعة من أفراد المجموعة وعددا من الجنود السوريين.
 وبعد مقتل سليماني، ردت إيران بوابل من الصواريخ ضد قواعد أمريكية في العراق، إلا أنه لم يكن الرد الذي طالب به البعض في المعسكر المتشدد.
وهذه المرة، سيكون الضغط المحلي أقوى، ففي الأشهر الأخيرة تحملت إيران عدة غارات، لكن استهداف إسرائيل السفارة في دمشق هو بمثابة استهداف للتراب الوطني. وأشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية إلى أن إيران قد ترد مباشرة عوضا عن استخدام جماعاتها الوكيلة. وقال في بيان يوم الثلاثاء “سيتم عقاب نظام الشر على أيدي محاربينا الشجعان”.
وربما كان هذا كلاما فارغا، بخاصة أن إيران طالما فضلت القتال من خلال جماعاتها الوكيلة. ففي ليلة تدمير القنصلية، ضربت مسيرة انطلقت من العراق ميناء إيلات الإسرائيلي. وربما دعمت إيران هجمات كهذه وضربت أمريكا. وحاول البلدان خفض التوتر منذ 28 كانون الثاني/يناير بعدما ضربت مسيرة قتالية قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن وقتلت ثلاثة جنود أمريكيين، وهو هجوم ردت عليه أمريكا باستهداف مواقع إيرانية في سوريا والعراق. وأمرت طهران جماعاتها الوكيلة بوقف الهجمات، حيث نفذت الطلب وإن على مضض.
 وقام الأمريكيون وعلنا بالتأكيد على عدم علاقتهم بالهجوم على السفارة وهي نفس الرسالة التي مرروها عبر وسطاء إلى الجانب الإيراني. إلا أن الإيرانيين لم يقتنعوا على ما يبدو. وقال وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان يوم الثلاثاء “يجب محاسبة أمريكا”. وصدرت عن مستشار المرشد، علي شمخاني تصريحات مماثلة حيث قال إن أمريكا “مسؤولة بشكل مباشر” عن الهجوم. وبعد ساعات من التفجير، أسقط الأمريكيون مسيرة قتالية حلقت قريبا من قاعدة التنف، ولا يعرف المسؤولون إن كان هدفها هو القاعدة أم لا. لكنها أول مسيرة تظهر منذ شباط/فبراير.
وترى المجلة أن إسرائيل تلعب لعبة خطيرة في سوريا. وتعتقد أن لديها فرصة نادرة لإضعاف جماعات إيران الوكيلة في المنطقة وأن طهران القلقة من حرب واسعة لن تنتقم بطريقة كبيرة. وحتى الآن كانت مقامرة إسرائيل صحيحة، لكن الأداء في الماضي لا يضمن المستقبل: فلو تمادت إسرائيل فعندها ستجد المنطقة نفسها في نزاع فوضوي.
====================
الصحافة الفرنسية :
صحف فرنسية: إيران تواجه معضلة بعد قصف إسرائيل قنصليتها بدمشق
تناولت الصحف الفرنسية قصف إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق من زوايا مختلفة ولكنها متقاربة، بحيث اتفقت على أنه يثير مخاوف من التصعيد.
ولئن رأت صحيفة "لوموند" أن إيران -التي تجنبت حتى الآن الدخول في صراع مفتوح مع إسرائيل- تجد نفسها مضطرة للانتقام فإن موقع "ميديا بارت" اعتبر أن هذه الضربة تقوض مفهوم "الصبر الإستراتيجي" الذي طوره النظام الإيراني، في حين اعتبرت مجلة "لوبوان" أن تل أبيب تعمل على تصفية كبار المسؤولين في الحرس الثوري مستفيدة من ضبط النفس الذي أبدته إيران منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ففي تصعيد يبدو كأنه استفزاز لإيران -حسب لوموند- وجهت إسرائيل ضربة ساحقة إلى "محور المقاومة" عندما حولت طائراتها مبنى تابعا للقنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق إلى كومة من الركام، مما أسفر عن مقتل 11 شخصا، بينهم اثنان من قادة فيلق القدس.
واستعرضت الصحف الثلاث ردود الفعل الإيرانية الفورية التي اقتصرت على التوعد بأن "هذه الجريمة الجبانة لن تمر دون رد"، حسب الرئيس إبراهيم رئيسي الذي وصف الضربة بالتصرفات "غير الإنسانية" وأنها "غزو عدواني وخسيس وانتهاك صارخ للقواعد الدولية".
معايرة صعبة
بدوره، دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان المجتمع الدولي إلى تقديم "رد جدي" على هذه "الأعمال الإجرامية"، وقال المتحدث باسمه إن إيران ستقرر نوع رد الفعل والعقاب الذي ستتخذه ضد إسرائيل.
كما دعت روسيا -التي تتدخل عسكريا إلى جانب إيران في سوريا- إسرائيل إلى "وضع حد لأعمال العنف المسلح الاستفزازية ضد الأراضي السورية والدول المجاورة"، وطلبت عقد جلسة عامة لمجلس الأمن بشأن هذا الهجوم.
وتتفق الصحف على أن إيران تواجه بالفعل معضلة، لأن الرد -حسب لوموند- قد يؤدي إلى صراع مفتوح مع إسرائيل وحريق إقليمي، وهو السيناريو الذي سعت طهران إلى تجنبه منذ بدء الحرب على قطاع غزة، تاركة حلفاءها ضمن "محور المقاومة" يهاجمون إسرائيل دعما لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وتكمن الصعوبة بالنسبة لطهران -حسب "ميديا بارت"- الآن في معايرة ردها بشكل صحيح بحيث لا يؤدي إلى صراع مباشر مع تل أبيب، خاصة أنها صاغت لتبرير عدم الرد على الهجمات الإسرائيلية مفهوم "الصبر الإستراتيجي"، ولكن الهجوم الحالي يقوض هذا المفهوم.
لكن المخاطر هذه المرة أعلى بكثير -حسب "ميديا بارت"- لأن القنصلية المعنية تتمتع بالحماية الدبلوماسية، كما يتمتع موظفوها بالحصانة، لذلك كانت الأراضي الإيرانية هي التي تأثرت بطريقة ما، وبالتالي فإن الهجوم "انتهاك لجميع الالتزامات والمواثيق الدولية"، حسب عبد اللهيان.
وتشير التحاليل السائدة في دوائر صنع القرار في إيران -حسب الموقع- إلى أن "إسرائيل تريد دفع إيران إلى الرد عسكريا عليها لصرف انتباه المجتمع الدولي عن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة من خلال الظهور بمظهر الضحية"، في حين أن إيران ليست لديها مصلحة في الدخول بلعبة إسرائيل، والأميركيون لا يرغبون في الانخراط بصراع أوسع في المنطقة.
عدم الرد ضعف
ويبدو للمجلة أن الرد الإيراني ضد الأراضي الإسرائيلية مستبعد في هذه المرحلة، ومع ذلك قالت أعلى سلطة في إيران إنها سترد على الهجوم، وتعهد المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي بأن "النظام الصهيوني الشرير سيعاقب من قبل رجالنا الشجعان".
    فاتانكا: إيران حتى الآن آثرت غض الطرف عن الأعمال الإسرائيلية التي تستهدف رجالها في سوريا، ولكن استهداف القنصلية يعني استهداف العاصمة، وعدم الرد سيكون انحناء، وسيكون من المستحيل على طهران أن تجد الخطاب المناسب للتهرب منه
لكن عدم الرد -حسب "لوموند"- يمكن أن يشوه سمعة طهران داخل محور المقاومة ويقلل قوة الردع لديها ضد إسرائيل، وبالتالي تعريض كوادرها لهجمات أخرى، خاصة أن إسرائيل تفسر ضبط النفس الإيراني بأنه علامة ضعف، كما تقول مجلة لوبوان.
ونقل موقع "ميديا بارت" قول مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط أليكس فاتانكا إن "طهران لديها مشكلة في الصورة"، إذا قلت إنك قوي جدا وأنت تتعرض للضرب باستمرار ولا ترد فإن قوتك لم تعد ذات مصداقية.
وأضاف أن "إيران حتى الآن آثرت غض الطرف عن الأعمال الإسرائيلية التي تستهدف رجالها في سوريا، ولكن استهداف القنصلية يعني استهداف العاصمة، وعدم الرد سيكون انحناء، وسيكون من المستحيل على طهران أن تجد الخطاب المناسب للتهرب منه".
وحسب عالم السياسة فراس قنطار مؤلف كتاب "سوريا.. الثورة المستحيلة"، فإن "إيران يجب عليها الرد في مواجهة هجوم كهذا (..)، وعليها أن تسأل نفسها من يبلغهم (الإسرائيليون) بالمعلومات بهذه الدقة؟"، لأن الطائرات الإسرائيلية انتظرت حتى غادر القنصل الإيراني -الذي شارك في اللقاء مع ضباط فيلق القدس- القنصلية لإطلاق صواريخها.
====================
ميديابارت: الضربة الإسرائيلية على قنصلية إيران بدمشق تقوض مفهوم “الصبر الإستراتيجي” الذي طوره النظام الإيراني
باريس- “القدس العربي”:
قال موقع “ميديابارت” الاستقصائي، إن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي أسفرت عن مقتل 13 شخصاً على الأقل، من بينهم اثنان من كبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين، تقوض مفهوم “الصبر الإستراتيجي” الذي طوره النظام الإيراني. لكن، ومع ذلك،  لا يبدو أن طهران ترغب في الدخول بحرب مباشرة مع تل أبيب.
وأضاف الموقع الفرنسي القول إن هذه الضربة هي أعلى درجة يصل إليها الجيش الإسرائيلي على الإطلاق في سلم التصعيد بين طهران وتل أبيب. فالصواريخ الستة التي أطلقتها مقاتلات إسرائيلية يوم الإثنين في وضح النهار، على القنصلية الإيرانية في منطقة الوزارات والسفارات بالعاصمة السورية، لم تدمر هذا المبنى بالكامل فحسب، بل أيضاً، بحسب الصحافة الإيرانية، قتلت سبعة من ضباط  فيلق القدس التابع للحرس  الثوري الإيراني المسؤول عن العمليات الخارجية للجمهورية الإسلامية.
وأشار “ميديابارت” إلى أن الهجوم جاء في أعقاب هجمات أخرى كثيرة. ومن بين آخر الهجمات المنسوبة لإسرائيل، عملية مقتل السيد راضي موسوي، في كانون الأول/ ديسمبر 2023، في دمشق. وهو ضابط آخر في فيلق القدس، مسؤول عن نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن والأراضي الفلسطينية. وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، اغتيل حجة الله أوميدفار، نائب رئيس الاستخبارات العسكرية بالقرب من دمشق. يضاف إليهم قادة كتيبة الرضوان الثلاثة، القوات الخاصة التابعة لحزب الله، الذين قتلوا في جنوب لبنان، بالإضافة إلى نحو 270 مقاتلاً آخرين حتى الآن.
ويوضح “ميديايارت” أن الهجمات الإيرانية لم تستهدف إسرائيل بشكل مباشر قط، بل فضلت مهاجمة حلفائها، كما حدث في أربيل، عاصمة كردستان العراق، حيث أُطلقت في الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني، صواريخ باليستية وطائرات انتحارية بدون طيار على أحد الأحياء الراقية في المدينة، مما خلّف أربعة قتلى والعديد من الجرحى وأضرارا جسيمة.
لكن هذه المرة المخاطر أعلى، يقول الموقع الفرنسي، موضحاً أنه على الرغم من أن التمثيل الإيراني في دمشق معروف بأنه مقر قيادة فيلق القدس في المنطقة، إلا أن القنصلية المعنية تتمتع بالحماية الدبلوماسية والحرمة، كما يتمتع موظفوها بالحصانة. لذلك، كانت الأراضي الإيرانية هي التي تأثرت بطريقة ما. ولم يتردد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، يوم الثلاثاء، في وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه “انتهاك لجميع الالتزامات والمواثيق الدولية”.
بالنسبة لطهران، تكمن الصعوبة الآن في كيفية ردها بحيث لا يؤدي إلى صراع مباشر مع الدولة العبرية. ويعتقد المسؤولون الإيرانيون أن الهجمات الإسرائيلية هي فخ نصبته تل أبيب لجرهم إلى حرب يمكن أن تؤدي بعد ذلك إلى مواجهة مع الولايات المتحدة، حيث ستخسر طهران كل شيء. فخطر المواجهة هذا تخشاه أيضاً الولايات المتحدة، التي أعلنت بسرعة كبيرة أنها لم تكن متورطة في الهجوم على القنصلية، يُشير الموقع الفرنسي.
واعتبر “ميديايارت” أن الخيارات المتاحة للنظام الإيراني كلها تحمل مخاطر، خاصة إذا قام بالانتقام من الداخل. لكن احتمال اللجوء مرة أخرى إلى حلفائه ووكلائه على الجبهات اللبنانية والعراقية واليمنية والسورية لا يخلو من المخاطر أيضاً، في وقت يبدو أن نتنياهو يسعى إلى المواجهة.
====================
الصحافة الامريكية :
معهد واشنطن : تغيير الوضع الراهن بين إسرائيل ولبنان: الخيارات الأمريكية
بواسطة ديفيد شينكر
ديفيد شينكر
ديفيد ديفيد شينكر هو زميل أقدم في مركز "توب" في معهد واشنطن ومدير برنامج ليندا وتوني روبين حول السياسات العربية، كما شغل سابقا منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
تحليل موجز
بدءً من إمكانية إجراء محادثات بشأن الحدود البرية وإلى تعزيز ترسانة إسرائيل وإعادة تشكيل قوات "اليونيفيل"، يجب على واشنطن بذل المزيد من الجهد لإبطاء ما قد يكون انزلاقاً لا مفر منه نحو الحرب على الجبهة بين إسرائيل ولبنان.
بعد ما يقرب من ستة أشهر على بدء حرب غزة، أدركت إسرائيل أن الوضع الذي كان قائماً قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر في جنوب لبنان لم يعد مقبولاً. وسواء يتم إنشاء وضع راهن جديد من خلال المفاوضات أو قوة السلاح، فلا بد من أن يتم التراجع من قبل كلا الطرفَين، والسؤال هو متى وتحت أي ظروف. وفي كلتا الحالتين، تستطيع الولايات المتحدة، بل وينبغي لها، أن تتخذ المزيد من الخطوات لتعليق التصعيد.
الوضع الحالي للجبهة اللبنانية
ظلت الحدود الشمالية لإسرائيل في حالة نزاع متوسط ​​الحدة منذ أن هاجمت "حماس" الحدود الجنوبية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ولا تزال المجتمعات الحدودية الثمانية والعشرون التي تم إخلاؤها قبل أشهر فارغة، حيث مُنع نحو 80 ألف إسرائيلي من العودة إلى ديارهم وسط تبادل يومي لإطلاق النار ومخاوف مستمرة من غزو على غرار ذلك الذي قامت به "حماس" وموجة اختطاف عبر الحدود. ولا يزال عدد مماثل من سكان جنوب لبنان خارج بيوتهم بعد أن تم إجلاؤهم أيضاً.
وتم احتواء الجزء الأكبر من القتال ضمن المنطقة الحدودية، حيث يستهدف الجانبان المقاتلين في معظم الأحيان. ويطلق "حزب الله" النار بشكل رئيسي على المواقع والقواعد العسكرية؛ كما يطلق بشكل دوري الصواريخ والطائرات المسيّرة على المناطق المدنية الفارغة. واستهدف الجيش الإسرائيلي البنية التحتية الرئيسية لـ "حزب الله"، ومستودعات الأسلحة والعناصر التابعة له، لا سيما قوات وحدة "الرضوان" الخاصة التي يقدر عددها بـ 10 آلاف عنصر والتي انتشرت على طول الحدود عندما بدأت الأزمة. بالإضافة إلى ذلك، قام الجيش الإسرائيلي بالرد على تصعيد "حزب الله" من حين لآخر من خلال عمله بصورة أكثر عمقاً (ما يصل إلى 110 كيلومترات) داخل لبنان، وضربه مصانع الطائرات المسيّرة، والبطاريات المضادة للطائرات، وأهداف استراتيجية أخرى في وادي البقاع ومناطق أخرى.
وبصورة إجمالية، قُتل نحو عشرة جنود إسرائيليين في هذه الاشتباكات، إلى جانب حوالي 300 مقاتل على الجانب الآخر (وهو عدد يشمل أفراداً من "حزب الله" والمسلحين الفلسطينيين الذين هاجموا من الأراضي اللبنانية بمباركة الحزب). ومع ذلك، في حين لا يزال خطر التصعيد المفاجئ مرتفعاً، إلّا أن رعاة "حزب الله" في طهران ما زالوا يفضلون على ما يبدو تجنب الحرب الشاملة في الوقت الحالي - وجزئياً للحفاظ على القدرات العسكرية القوية للحزب، ولكن أيضاً لردع الهجمات الإسرائيلية على إيران نفسها، بما في ذلك ضد البرنامج النووي المتسارع للنظام. (ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الضربة الإسرائيلية على ما يبدو التي وقعت في الأول من نيسان/أبريل على كبار ضباط الجيش الإيراني في منشأة قنصلية في دمشق يمكن أن تغيّر حسابات طهران بشكل كبير وتتطلب مراقبة دقيقة لاحتمال قيام انتقام إيراني وشيك).
معضلة إسرائيل
يتعرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضغوط داخلية متزايدة من أجل تسهيل عودة المواطنين الذين تم إجلاؤهم في شمال البلاد، خاصة بعد الاحتجاجات الحاشدة التي جرت هذا الأسبوع ضد حكومته. ولكن لضمان سلامة هؤلاء العائدين، يقول مسؤولو الدفاع الإسرائيليون إن وحدة "الرضوان" يجب أن تبقى على بعد حوالي سبعة إلى عشرة كيلومترات شمال الحدود. ويختلف هذا المطلب - الذي يعكس المدى التقريبي لصواريخ "كورنيت" الفتاكة المضادة للدبابات التي يمتلكها "حزب الله" - حتى عن كيفية توزيع قوات "حزب الله" قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، وبالتالي سيتطلب إما تنازلاً كبيراً من جانب الحزب أو حملة عسكرية كبيرة ترغمه على التراجع بشكل دائم. وما يزيد الأمور تعقيداً هو أن إسرائيل تأمل في تحقيق هذه الظروف الجديدة بحلول شهر أيلول/سبتمبر، وذلك لضمان أن يبدأ الأطفال من شمال البلاد العام الدراسي الجديد في مناطقهم الأصلية.
لقد دفعت العمليات الجوية الإسرائيلية معظم وحدات "الرضوان" إلى الانسحاب من الحدود، لكن إسرائيل تخشى عودتها بعد وقف إطلاق النار. وهذا التخوف له ما يبرره. ففي أعقاب حرب إسرائيل السابقة مع "حزب الله" في عام 2006، نص "قرار مجلس الأمن رقم 1701" على قيام الحزب بنقل قواته وأصوله إلى شمال نهر الليطاني. وكان من المفترض أن يتم ضمان هذا الترتيب من قبل الحكومة اللبنانية وقوات حفظ السلام البالغ عددها 15 ألف جندي والتي تشكل "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" ("اليونيفيل")، وهي أكبر تجمع لقوات حفظ السلام للكيلومتر الواحد في العالم. ومع ذلك، أعاد "حزب الله" في النهاية ترسيخ وجوده على الحدود على أي حال.
الإمكانية العملية لوقف إطلاق النار واتفاق على الحدود
من أجل منع نشوب حرب شاملة، تسعى إدارة بايدن إلى التوسط في وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق أوسع نطاقاً يبقي بموجبه "حزب الله" جميع قواته على بعد سبعة كيلومترات من الحدود. وفي المقابل، تنهي إسرائيل على الأقل بعض عملياتها الجوية فوق لبنان، بينما تنشر بيروت 15 ألف جندي من الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني. ويدعو هذا الجهد بقيادة المبعوث الأمريكي آموس هوكستين، والرامي إلى تنفيذ بعض جوانب "القرار 1701"، البلدين أيضاً إلى بدء نقاشات حول النقاط الحدودية المتنازع عليها على طول ما يسمى بـ "الخط الأزرق". ويعتقد المراقبون أن مثل هذه المفاوضات قد تؤدي على الأرجح إلى تعديلات حدودية تبلغ عدة مئات من الأمتار لصالح لبنان في المناطق التي تعترف إسرائيل بأنها ذهبت إليها شمال "الخط الأزرق"؛ ويشمل ذلك إعادة توحيد قرية الغجر المقسمة.
وعلى الرغم من أن "حزب الله" سيصوّر على الأرجح وقف إطلاق النار واتفاق الحدود البرية على أنه "نصر إلهي" آخر كما حدث في عام 2006، إلّان الحكومة الإسرائيلية ما زالت ترحب بهذا الاتفاق. وعلى الرغم من صعوبة الحرب في غزة، فإن أي نزاع مع "حزب الله" سوف يكون أكثر صعوبة وتدميراً. ويعتبر بعض الإسرائيليين أن مثل هذا النزاع لا مفر منه، لكنهم حتى يعترفون بأن الدولة تحتاج إلى الوقت للسماح لاقتصادها بالتنفس مجدداً وتجديد ترسانتها استعدادا لحرب صعبة في الشمال.
لكن التوصل إلى اتفاق قد لا يكون ممكناً. فـ"حزب الله" لا يريد الحرب في الوقت الحالي، ويظل هدفه المعلن "مقاومة الاحتلال" الإسرائيلي للبنان. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان الحزب يريد فعلياً حدوداً مرسّمة بوضوح مع إسرائيل، لأن هذه النتيجة من شأنها أن تقوض مبرراته للحفاظ على قوة ميليشيات ضخمة والسيطرة على الدولة اللبنانية. وحتى لو تم وضع اللمسات النهائية على الاتفاق الذي تجري مناقشته حالياً، فمن شبه المؤكد أن يدّعي "حزب الله" أن إسرائيل لا تزال تحتل "أراضي لبنانية" - ومزارع شبعا على وجه التحديد (أي الأراضي السورية التي تسيطر عليها إسرائيل والتي يدّعي "حزب الله" أنها لبنانية) وسبع قرى يعود وضعها المتنازع عليه إلى "الانتداب البريطاني على فلسطين" عام 1923.
يمكن لإدارة بايدن أن تحاول تشجيع "حزب الله" على الإذعان بصورة أكثر من خلال عرض دعم سليمان فرنجية، مرشح الحزب المفضل لرئاسة الجمهورية في لبنان، وهو المنصب الذي ظل شاغراً منذ ما يقرب من عامين. لكن في حين أن اختيار الرئيس هو أمر ضروري في النهاية للموافقة على اتفاق الحدود، فإن دعم فرنجية يشكل مناورة غير حكيمة لن تؤدي إلا إلى تعزيز جهود "حزب الله" المتقدمة أساساً للسيطرة على الدولة.
ووفقاً لبعض التقارير، تحاول واشنطن أيضاً تسهيل الاتفاق من خلال اقتراح ضمان رواتب الجيش اللبناني وتطوير جنوب لبنان اقتصادياً، كل ذلك على أمل تثبيط المغامرات المستقبلية لـ "حزب الله ضد إسرائيل. ومع ذلك، فمن المرجح أن يكون هذا الاحتمال غير مستساغ لدى "حزب الله"، الذي لطالما سعى إلى منع الاستثمار في لبنان من أجل إبقاء ناخبيه الشيعة معتمدين على سخائه (الانتقائي).
وتشكل الطلعات الجوية الإسرائيلية نقطة شائكة محتملة أخرى. ونظراً لفشل "اليونيفيل" الكامل في مراقبة امتثال "حزب الله" لشرط البقاء شمال الليطاني، فإن إسرائيل لا تحبذ الاعتماد على هذه المنظمة التي تتجنب النزاعات في المهمة الحيوية المتمثلة بمراقبة ما إذا كانت وحدة "الرضوان" ستبقى بعيدة عن الحدود. وتشمل الأفكار قيد الدراسة تعزيز قوة "اليونيفيل" من خلال وجود بعثة ألمانية و/أو فرنسية منفصلة للمراقبة على الأرض. لكن هذين البلدَين لطالما أبديا نفورهما من النزاعات في المنطقة، وبالتالي من غير المرجح أن تؤدي مطالبتهما بالانتشار إلى تهدئة إسرائيل. وبدلاً من ذلك، من شبه المؤكد أن يصر الجيش الإسرائيلي على مواصلة الطلعات الاستطلاعية بطائرات بدون طيار فوق جنوب لبنان بعد وقف إطلاق النار، ومن غير المرجح أن يوافق "حزب الله" على هذا الشرط.
وحتى لو تم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وتراجع "حزب الله" عن التصعيد رداً على ذلك، فقد تختار إسرائيل مواصلة المستوى الحالي من عملياتها في جنوب لبنان. فقبل ​​حرب غزة بفترة طويلة، كان "حزب الله" يثير التصعيد من خلال إطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للدبابات على إسرائيل، وإنشاء موقع عسكري صغير على الأراضي الإسرائيلية، وتفجير قنبلة على جانب الطريق بالقرب من مجيدو، من بين انتهاكات أخرى. ويبدو أن ردود إسرائيل الفاترة أدت إلى تراجع الردع وتشجيع الحزب. ولكن منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أظهرت ضربات الجيش الإسرائيلي في لبنان مستوى عالٍ من القدرة الهجومية والدفاعية، والاستهداف الاستخباراتي وجمع المعلومات الاستخبارية، والاستعداد للمخاطرة التصعيدية. باختصار، تعمل إسرائيل الآن هناك من دون قيود تُذكر، مثلما تعاملت مع التهديدات الإيرانية في سوريا طوال عقد من الزمن تقريباً. ولذلك، قد يستنتج المسؤولون الإسرائيليون أن السماح للجيش الإسرائيلي بممارسة قواعد الاشتباك الجديدة هذه في جنوب لبنان هو خيار أفضل من وضع ثقتهم في "اليونيفيل" أو الجيش اللبناني لتقييد وحدة "الرضوان" أو حماية سكان المناطق الحدودية.
توصيات في مجال السياسة العامة
إن إدارة بايدن عازمة على التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة وخفض التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل. وقد لا يكون هذا الهدف المنشود قابلاً للتحقيق، لا سيما في وقت يعتقد فيه الكثير من الإسرائيليين أن الحرب مع "حزب الله" هي مسألة وقت إذ باتت محتمة. ومع ذلك، ينبغي على واشنطن مواصلة هذه الجهود الدبلوماسية ولو لمجرد عرقلة ما هو محتم، ولكن دون تقديم تنازلات بشأن رئاسة الجمهورية اللبنانية. وينبغي لها أيضاً المساهمة في ضمان استعداد إسرائيل لمثل هذا النزاع في المستقبل من خلال تجديد ترسانة البلاد - وإذا لزم الأمر، مع النص على عدم استخدام هذه الأسلحة في الحملة على رفح. وقد يساهم تجهيز إسرائيل بشكل أفضل في تثبيط عدوان "حزب الله" على المدى القريب.
وبالتزامن مع ذلك، يجب أن تعيد واشنطن التركيز على إيجاد حلول لمشكلة المراقبة في جنوب لبنان. فقد أثبت "حزب الله" أنه سيلجأ إلى الغش في أي اتفاق من شأنه تغيير الوضع الراهن لانتشار قواته هناك، في حين أثبتت قوات "اليونيفيل" عدم فعاليتها منذ إنشائها. وفي الفترة التي تسبق تجديد تفويض هذه القوة في آب/أغسطس المقبل، ينبغي على المسؤولين الأمريكيين أن يقودوا جهود حثيثة لتغيير طريقة ممارسة "اليونيفيل" أعمالها. باختصار، يحتاج المراقبون إلى المراقبة. على سبيل المثال، يمكن لقوات "اليونيفيل" أن توافق على البدء في تحليق طائرات استطلاع بدون طيار فوق الجنوب وإتاحة مقاطع الفيديو التي تبثها للعلن. ولطالما وصف "حزب الله" الطائرات المسيّرة التابعة لقوات "اليونيفيل" بأنها "خط أحمر" - وهي إشارة مؤكدة مثلها مثل أي إشارة أخرى على أن الحزب لا يريد الكشف عن انتهاكاته "للقرار 1701".
وفي الوقت نفسه، يجب على واشنطن أن تحاول إشراك سكان جنوب لبنان والاستفادة منهم، حيث لا يجني الكثير منهم فائدة تُذكر من "حزب الله"، أو صراعه الذي لا نهاية له مع إسرائيل، أو عمليات الإخلاء التي عانوا منها لعدة أشهر. وفي هذا الصدد، يوفر وجود قوات "اليونيفيل" ميزتين فعليتين: زيادة النشاط الاقتصادي وتقليل فرص التورط في اشتباكات مسلحة مع إسرائيل. وإذا أرادت المدن الجنوبية جني هذه الفوائد، فيُتوقع منها أن تطالب بشكل استباقي بمواقع ودوريات تابعة للأمم المتحدة وترحب بها، حتى عندما يثبت أن عمليات الانتشار هذه تطفلية في بعض الأحيان. وفي أفضل الأحوال، يعرب السكان المحليون أيضاً عن عدم رغبتهم في التسامح مع نشاط الميليشيات بطرق أخرى. ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، منع سكان بلدة رميش ذات الأغلبية المسيحية قوات "حزب الله" من إطلاق الصواريخ من داخل بلدتهم.
في نهاية المطاف، قد لا يكون إصلاح قوات "اليونيفيل" ونشر الجيش اللبناني في الجنوب كافيين لمنع نشوب نزاع في المستقبل. ومع ذلك، لا تزال لدى واشنطن وإسرائيل مصلحة في تأجيل التصعيد.
ديفيد شينكر هو "زميل أقدم في برنامج توب" في معهد واشنطن، ومدير "برنامج «روبين فاميلي» حول السياسة العربية" التابع للمعهد.
====================
الصحافة العبرية :
صحيفة عبرية: هل سيكون اغتيال زاهدي فتيل الحرب الشاملة بين إسرائيل وإيران؟
عاموس هرئيل
اغتيال حسن مهداوي (المعروف أيضاً باسم محمود رضا زاهدي) قائد “فيلق القدس” التابع لحرس الثورة الإيراني في سوريا ولبنان، المنسوب لإسرائيل، يؤدي بالمواجهة بين إسرائيل ولبنان وحزب الله إلى نقطة ذروة قياسية. ربما هذا هو الفصل الأخطر في الجبهة الشمالية منذ بدء الحرب في قطاع غزة منذ ستة أشهر تقريباً.
مهداوي هو الإيراني الأهم الذي نسب اغتياله لإسرائيل حتى الآن، القائد السابق لـ “فيلق القدس”، الجنرال قاسم سليماني، قتل في كانون الثاني 2020 في عملية اغتيال قامت بها الولايات المتحدة، والتي قيل إنها ارتكزت في جزء منها على معلومات استخبارية إسرائيلية. مهداوي (63 سنة) شخصية معروفة في سوريا ولبنان منذ ثلاثة عقود تقريباً.
حسب أقوال الدكتور شمعون شبيرا، المختص في شؤون حزب الله، فقد اعتبر مهداوي مقرباً بشكل خاص لرئيس حزب الله، حسن نصر الله، ورجل الاتصال بين نصر الله وطهران، وهو ضليع جداً في نشاطات حزب الله العملياتية. ومثل شخصيات رفيعة أخرى في “فيلق القدس”، كان ينتمي لجيل مخضرم شارك في الثورة الإسلامية في إيران في نهاية السبعينيات وفي الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات. بعد ذلك، عمل هو وأصدقاؤه في جهود نشر الثورة في أرجاء العالم العربي والإسلامي. لبنان هي الدولة الأولى التي حقق الإيرانيون فيها نجاحاً حقيقياً بفضل دعمهم لحزب الله.
لقد عرفت إيران وحزب الله عن خطة حماس لتنفيذ هجوم إرهابي قاتل في غلاف غزة، لكن رئيس حماس في القطاع يحيى السنوار لم يشركهم في الوقت المحدد لقرار الهجوم، 7 أكتوبر السنة الماضية. نشرت وكالة “رويترز” بأن قرار السنوار فاجأ إيران وأغضبها، لذا قررت عدم الاستجابة لتوقعاته وأمرت حزب الله بالاكتفاء بهجوم عسكري محدود ضد إسرائيل في بداية 8 أكتوبر. الخط الذي اتبعه حسن نصر الله، من إطلاق الصواريخ بعيدة المدى وقذائف مضادة للدروع، كان يكفي لجذب ثلاث فرق إسرائيلية إلى الحدود وإخلاء عشرات آلاف المدنيين. ولكن حزب الله حرص دائماً على عدم إشعال حرب شاملة.
بدرجة كبيرة، إسرائيل هي التي رفعت الثمن الذي جبته من أعدائها في الشمال. لا يدور الحديث فقط عن أكثر من 300 قتيل لحزب الله والمنظمات الفلسطينية بسبب الهجمات الإسرائيلية. أهداف الهجمات توسعت بالتدريج ووصلت إلى قادة كبار في “قوة الرضوان” التابعة لحزب الله، وفي حرس الثورة وفي حماس لبنان. عمق الهجمات أيضاً أخذ يزداد، كانت دمشق هدفاً حتى قبل الحرب، في إطار هجمات “المعركة بين حربين” التي وجهت بالأساس ضد جهود تعزز قوة حزب الله. ولكن سجلت في الشهر الماضي هجمات جوية في البقاع وشمال بيروت.
لم تتحمل إسرائيل المسؤولية علناً عن الهجوم، وإن لم ينجح وزير المالية سموتريتش في ضبط نفسه فنشر تلميحاً في حسابه في “اكس”. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي نشر فيلماً قصيراً لرئيس الأركان هرتسي هليفي أثناء زيارته لقيادة المنطقة الشمالية، وجاء أنه صادق على خطط عملياتية. في الهجوم نفسه، وفي مبنى قريب من السفارة الإيرانية في دمشق، قتل أيضاً عدد من الشخصيات الإيرانية الرفيعة. وحسب التقارير، أحد القتلى هو نائب مهداوي، وآخر هو رئيس مكتبه. هددت إيران في بيان رسمي برد “حاد ومباشر وقاس” على عملية الاغتيال التي نسبتها لإسرائيل.
عملية القصف في دمشق جاءت بعد ليلة أطلقت فيها مليشيا شيعية في العراق، ممولة من إيران، مسيّرة نحو قاعدة بحرية في إيلات. لم يتم اعتراض هذه المسيرة، وسبب انفجارها بأضرار في أحد مباني القاعدة، التي ترسو قربها عدة سفن تابعة لسلاح البحرية، منها سفينة ساعر 6. تصعب معرفة ما إذا كانت عملية الاغتيال رسالة مباشرة من إسرائيل موجهة لهذه العملية الإيرانية. لكن من الواضح أن فيها رسالة محسوبة: بدأت إيران تدفع ثمناً متزايداً بسبب مشاركتها في الهجمات ضد إسرائيل، التي تنفذها بواسطة مبعوثيها. لا حصانة لها من هجمات مضادة. ونشرت وسائل إعلام أمس صورة قديمة من الأرشيف ظهرت فيها شخصيات رفيعة في حرس الثورة مع رؤساء حزب الله، من بينهم رئيس الحزب حسن نصر الله. عدد كبير ممن ظهروا في الصورة، من بينهم مهداوي، لم يعودوا على قيد الحياة. ربما هذه الصورة تملأ نصر الله غضباً؛ وقد تجعله يظهر قدراً من الحذر.
أطلق حزب الله في الحقيقة آلاف القذائف والصواريخ المضادة للدروع نحو إسرائيل منذ 7 أكتوبر، لكنه حذر جداً في اختيار الأهداف. أطلق صواريخ دقيقة مضادة للدروع على بلدات خط الحدود، كما أطلق صواريخ غير دقيقة بعيدة المدى جنوباً، على الأغلب ليس أبعد من صفد. حتى أول أمس، لم يتم إطلاق سلاح دقيق إلى عمق أراضي إسرائيل. السؤال هو: هل سيقرر حسن نصر الله وأسياده الإيرانيون أن المطلوب الآن هو رسالة مختلفة، وسيزيدون شدة الرد؟ خطوة كهذه ستقصر الطريق نحو اندلاع الحرب.
يجب الانتباه إلى رد أمريكا على التطورات الأخيرة عندما يأتي. الرئيس الأمريكي، بايدن، عني بإرسال تأييد مباشر لإسرائيل بعد أن ثار شك في بداية حرب غزة بأن إيران وحزب الله سينضمان لحماس بكامل القوة، طهران وبيروت استوعبتا هذه الرسالة جيداً. وهكذا حرصت جهات رفيعة في الإدارة الأمريكية على بث هذه الرسالة. هؤلاء بذلوا جهوداً للتوضيح بأن الولايات المتحدة لن تدعم بعمى انجرار إسرائيل إلى حرب شاملة في لبنان. الحل الذي سيمكن من عودة سكان الجليل إلى بيوتهم يمر من ناحية واشنطن فقط بالاتفاق السياسي. يمكن الافتراض أن الأمريكيين سيبذلون الآن الجهود لمنع تدهور آخر في الشمال، الذي قد يورطهم مع إيران بشكل مباشر. حتى الآن لم تظهر الولايات المتحدة أي موقف متصلب تجاه إيران، بل بحثت عن مساومة لتأخير تقدم النظام نحو إنتاج القنبلة النووية.
====================