الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 28/12/2020

سوريا في الصحافة العالمية 28/12/2020

29.12.2020
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :
  • واشنطن بوست: أزمة الخبز الطاحنة أكثر مظاهر الانهيار الاقتصادي بسوريا
https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/12/27/واشنطن-بوست-طوابير-الخبز-في-سوريا
 
الصحافة البريطانية :
  • «ميدل إيست آي»: الربيع العربي ونهاية الإسلام السياسي الذي نعرفه
https://sasapost.co/translation/arab-spring-end-political-islam/
  • "التايمز": سوريون يفرون بعدما أضرم السكان النار في مخيم المنية للاجئين
https://www.elnashra.com/news/show/1472569/التايمز:-سوريون-يفرون-بعدما-أضرم-السكان-النار-مخيم
 
الصحافة الروسية :
  • المجلس الروسي للشؤون الدولية :وجهة نظر روسيّة بالقضية السورية: نحتاج إلى حكومة مستقرة
https://www.syria.tv/وجهة-نظر-روسيّة-بالقضية-السورية-نحتاج-إلى-حكومة-مستقرة
 
الصحافة الايرانية :
  • وكالة مهر الإيرانية: تركيا تزاحم طهران وتستحوذ على فرصها الاقتصادية في سوريا
https://www.eremnews.com/economy/2299553
 
الصحافة التركية :
  • أحوال تركية :رحلة المهاجرين للهروب من الموت إلى الجحيم
https://alghad.com/رحلة-المهاجرين-للهروب-من-الموت-إلى-الج/
 
الصحافة الامريكية :
واشنطن بوست: أزمة الخبز الطاحنة أكثر مظاهر الانهيار الاقتصادي بسوريا
https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/12/27/واشنطن-بوست-طوابير-الخبز-في-سوريا
كل صباح، يستيقظ أبو محمد وابناه الكبيران لصلاة الفجر بدمشق، ثم يتناوبون على المخبز، وينتظرون 3 ساعات على الأقل، وبالكاد يصلون إلى العمل أو المدرسة، وفي كثير من الأحيان، يغيب الأولاد عن فصولهم الدراسية الأولى، وفي بعض الأحيان يتغيبون عن الدراسة اليوم بأكمله.
ورد ذلك في تقرير بصحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) قالت فيه إن أبا محمد ذكر لها في مقابلة عبر الهاتف "ذات يوم وقفت 7 ساعات. ورأيت أن عملي يتعرض للضرر.. أحتاج إلى العمل، أنا بحاجة للعيش".
وقالت الصحيفة إن أبا محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل خوفا من مضايقات الأجهزة الأمنية، هو من بين عدد متزايد بسرعة من السوريين، الذين يقبعون في صفوف لا نهاية لها على ما يبدو.
انهيار اقتصادي
وأوضحت أن أزمة الخبز ربما تكون أكثر المظاهر وضوحا وألما للانهيار الاقتصادي في سوريا، إذ شهدت كمية الخبز المدعوم، التي يمكن لمعظم العائلات شراؤها، انخفاضا بمقدار النصف أو حتى أكثر، وتضاعفت الأسعار المدعومة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على الرغم من الوعود الرسمية في الربيع بأن ارتفاع أسعار الخبز كان "خطا أحمر" لن يتم تجاوزه.
وخارج المدن الكبرى، قد يكون الحرمان أسوأ، يقول التقرير. فالرجل الفقير الذي يعيش في القرية لم يعد لديه غاز؛ لديه خشب. وقال أحد سكان مدينة طرطوس الساحلية إن السوريين يأكلون الخبز مع كل وجبة تقريبا.
واستوردت سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية ما معدله أكثر من 1.1 مليون طن من القمح، بحسب تقرير سوريا، الذي يرصد اقتصاد البلاد. وكانت جميع الواردات تقريبا من روسيا، حليف الأسد الحيوي؛ لكن انتشار فيروس كورونا دفع روسيا إلى الحد من صادرات القمح في وقت سابق من هذا العام لحماية إمداداتها المحلية. وقال مسؤول في مؤسسة الحبوب السورية هذا الشهر، إن الشركات الروسية انسحبت من 6 عقود مع سوريا؛ مما قلص إجمالي واردات القمح إلى النصف تقريبا.
تدمير قيمة الليرة
وفي الوقت نفسه، أدت الأزمة الاقتصادية المتفاقمة الناتجة عن الحرب، وسوء الإدارة، والعقوبات الأميركية، والتأثير غير المباشر للانهيار المالي في لبنان المجاور إلى تدمير قيمة الليرة السورية؛ مما جعل استيراد القمح باهظ التكلفة. كما عطلت الأزمة إنتاج وتسويق المحاصيل.
ويعد القمح تاريخيا أكبر محصول في البلاد؛ لكن الاكتفاء الذاتي لسوريا، وهو حجر الزاوية في سياسة حزب البعث منذ عقود، كان قد تقوّض بسبب الحرب والجفاف.
الأزمة الاقتصادية في سوريا تظهر أيضا في تكرر الطوابير الطويلة من السيارات على الطرق خارج محطات الوقود (مواقع التواصل الاجتماعي)
ومنذ عام 2011، تمزقت البلاد بسبب الحرب الأهلية وعانت المحافظات الثلاث الأكثر ثراء في الأراضي الزراعية -حلب والرقة والحسكة- بشدة من القتال بين الجيش السوري المدعوم من روسيا والمعارضة المسلحة.
وتم تدمير الآلات الزراعية وأصبحت طرق الشحن غير آمنة، بينما ارتفعت تكاليف الإنتاج. ووفقا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن الإنتاج المحلي، البالغ 2.2 مليون طن، ما يزال نصف متوسط ما قبل الأزمة.
العقوبات الأميركية
ولحشد المؤيدين، ألقت حكومة الأسد باللوم على الولايات المتحدة في الأزمة، مشيرة جزئيا إلى تأثير العقوبات الاقتصادية الأميركية. وقد أعاق ذلك قدرة سوريا على استيراد قطع غيار للآلات والمبيدات، كما عطل المعاملات المالية؛ مما قلل من قيمة الليرة السورية، وفاقم الأزمة الاقتصادية الأوسع. وأثرت هذه العقوبات بشدة على واردات الوقود؛ مما أدى إلى ظهور طوابير طويلة من السيارات على الطرق خارج محطات الوقود.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" (SANA) قد ألقت باللوم على الرئيس الأميركي ترامب في حرائق الغابات، التي أتت على حقول الحبوب، زاعمة أنه أمر طائرات مروحية أميركية من طراز أباتشي بحرق مجموعة من محاصيل القمح في محافظة الحسكة (الشمالية الشرقية).
يسخرون من وزير
وظهر وزير التربية والتعليم، دارم الطبّاع، في مقطع فيديو هذا الشهر في حقل به باقة قمح كبيرة، وحث الطلاب على غرس المحصول، قائلا "أنت الآن ترى أهمية حبوب القمح، عندما تقف في طابور للمخابز، وعندما تستيقظ لتناول الإفطار، وعندما تعود إلى المنزل من المدرسة".
وقوبلت تصريحاته بالسخرية عبر الإنترنت، حيث شعر النقاد بالحيرة من فكرة أن القمح ليس أكثر من نبتة منزلية.
وأشارت بعض التقارير في وسائل الإعلام الموالية للحكومة إلى عدم وجود أزمة خبز على الإطلاق. وقوبلت هذه بالغضب، إذ قال أحد سكان طرطوس، الذي تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، إنه غاضب بشكل خاص من الوزراء، الذين "يجلسون هناك يسخرون من الناس، ويعتقدون أن كل شيء على ما يرام".
المصدر : واشنطن بوست
=========================
الصحافة البريطانية :
«ميدل إيست آي»: الربيع العربي ونهاية الإسلام السياسي الذي نعرفه
https://sasapost.co/translation/arab-spring-end-political-islam/
فريق العمل
رصد الدكتور عبد الله العريان، أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون قطر، تغير طبيعة نشاط الإسلام السياسي التقليدي في السنوات الأخيرة، مرجحًا في مقال نشره موقع «ميدل إيست آي» الإخباري أن تستمر «الفكرة الإسلامية» فيما يواجه حاملو رايتها السياسية صراعًا وجوديًّا للنجاة من هجمة الأنظمة القمعية التي اشتدت ضراوتها في العقد الماضي.
واستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى الانتقادات التي تعرَّض لها راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي ورئيس حزب النهضة، على خلفية تصريحاته عقب لقائه السفير الفرنسي الشهر الماضي، والتي أعرب فيها عن تضامنه مع فرنسا والشعب الفرنسي، وأن البلدين يحاربان العدو نفسه، وهو الإرهاب.
وبعد سلسلة من الهجمات العنيفة في الآونة الأخيرة، اتخذت الحكومة الفرنسية سلسلة من الإجراءات القمعية التي استهدفت الجالية المسلمة في فرنسا، وطالبت قادتهم بتبني تعهد بدعم القيم الفرنسية وإعلان نبذهم لـ«الإسلام السياسي». وقد أثارت تلك الإجراءات الحكومية القاسية إدانات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك دعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية في عدد من البلدان المسلمة.
تحوُّل الإسلام السياسي
وأوضح الكاتب أن ما فاجأ المراقبين ليس أن مسؤولًا رفيع المستوى في المنطقة العربية يعبِّر عن مثل هذه المشاعر، بل كون هذه التصريحات تأتي على لسان القائد المؤسس لحركة عميقة الجذور في التيار الإسلامي النَّشِط الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين.
وبوصفها حركة معارضة، كانت الحركة الإسلامية لمدة طويلة في طليعة مَنْ يُدِينون قَمْع الدولة للمسلمين، سواء من حكوماتهم في الداخل أو غيرها من البلدان في مختلف أنحاء العالم. ونظرًا لأن حركة النهضة تسعى لاجتياز مرحلة التحوُّل المضطربة من معارضة محظورة إلى حزب حاكم، تثير مثل هذه التصريحات التساؤل حول ما إذا كان تولِّي حزب النهضة سلطةً سياسية قد غيَّر أيديولوجياتها وممارساتها.
ونوَّه الكاتب إلى ضرورة دراسة التأثير البعيد الأمد الذي خلَّفته أحداث العقد الأخير، الذي شهِد انطلاق الانتفاضات العربية، في إعادة تشكيل طبيعة نشاط الإسلام السياسي الذي كنَّا نعرفه، إذ أصبح من الواضح أن المهمة التقليدية التي تميَّز بها نشاط الإسلام السياسي خلال معظم نصف القرن الماضي لم تعد كما كانت.
وحلَّت سلسلة من الخيارات العالية المخاطر محل الطبيعة القديمة لنشاط الإسلام السياسي، وذلك جزئيًّا بسبب الإغراء الذي تُمْلِيه الدولة القومية وأدوات سيطرتها، ونتيجةً لذلك أضحت التحولات في الالتزامات الأخلاقية التي تُميِّز هذه الحركات تُشكِّلها إلى حد كبير الحظوظ السياسية المختلفة للحركة في كل دولة.
حقائق متغيرة
وأضاف الكاتب أن ظهور النشاط الإسلامي الشعبوي كان ظاهرة فريدة من نوعها في القرن العشرين، فقد أدَّى تراجع المؤسسات الدينية التقليدية في معظم أنحاء العالم الإسلامي، بسبب عوامل عديدة تضمَّنت الحداثة والإمبريالية، إلى ظهور مفكرين وناشطين عاديين سعَوا إلى إعادة إحياء مجتمعاتهم من خلال المعايير الأخلاقية والقيم التقليدية لعقيدتهم الإسلامية. وقد أدرك هؤلاء المفكرون مدى الحاجة إلى تكييف هذه القيم مع المعايير الاجتماعية المتغيرة، والواقع الاقتصادي والسياسي الجديد.
وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر على يد حسن البنا، الذي خلُص إلى أنه في ظل غياب القيادة القوية التي تقود المجتمع إلى الأخلاق، أصبح لِزامًا على العامة نشر المبادئ الإسلامية في مجتمعهم، وضرورة أن تبدأ الدعوة بالأسر، والمجتمعات المحلية، ثم تمتد إلى المستوى الوطني، ووجَّهت الدعوة أتباعها إلى أن يعيشوا وفق نموذج السلوك الإسلامي في كل مناحي الحياة.
ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا تطورت الحركة الإسلامية في مسارين متشابكين ومترابطين: الأول هو مسار الدعوة، الذي تجلى في الوعظ عبر الوسائل المتاحة المختلفة، وإنشاء الجمعيات الخيرية، والمدارس، وغيرها من المؤسسات الاجتماعية، التي لم تكن توفرها الدولة.
وقد نتج المسار الآخر عن اعتراف الحركة الإسلامية بأن الدعوة العامة وبناء المؤسسات غير كافيين لتعزيز رؤيتها للمجتمع، ولذلك تبنَّت الحركة برامج سياسية سعَت إلى الاندماج في مؤسسات الدولة، خاصة في ظل أنظمة استبدادية مركزية وبيروقراطية للغاية، وتنافست على قيادة الاتحادات الطلابية، والنقابات المهنية، والانتخابات البرلمانية، ما أمكنها ذلك.
وبالرغم من التزامهم المعلن بالتدرج في الإصلاح الذي بدا وكأنه قبول بهياكل الدولة القومية ومؤسساتها، كان الإسلاميون يُستبعَدون في كثير من الأحيان من الجهات السياسية، ولم يَسْلَموا من بطش أجهزة الأمن القاسية إلا قليل. وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة جزءًا لا يتجزأ من المشهد السياسي في بلدان مثل الأردن، والكويت والمغرب، وإن كانت تعمل تحت قيود شديدة.
ومن ناحية أخرى، فرضت الأنظمة الاستبدادية في دول مثل: سوريا، والعراق، وليبيا، وتونس، حظرًا شاملًا على الإسلاميين وسعَت لمَحْوِهم من المجتمع طيلة عقود. وفي كل الأحوال، وبالرغم من أن مسار الدعوة ظل ثابتًا نسبيًّا، كانت أولويات الحركة وقراراتها على الجبهة السياسية تحددها إلى حد كبير الفرص المتاحة في كل سياق وطني.
الإسلاميون والانتفاضات
وأشار الكاتب إلى أن الاحتجاجات الجماهيرية التاريخية منذ بدايتها أواخر عام 2010 في جميع أنحاء المنطقة قدَّمت للإسلاميين مخاطر وفرصًا.
فمن ناحية كانت الجماعات الإسلامية أكثر الحركات الاجتماعية تنظيمًا، وكان لديها منصة جاهزة لجذب المؤيِّدين ورؤية لمجتمع أكثر عدلًا والتزامًا بالقيم الأخلاقية، لذا كانت هذه الجماعات في الصدارة لتولي السلطة والانتقال إلى حكم أكثر تمثيلًا لفئات المجتمع. ومن ناحية أخرى، لم يكن لدى معظم الإسلاميين مؤهلات ثورية، وكانت أنشطتهم مناسبة لواقع الحكم الاستبدادي.
ويقول الكاتب: ظهر هذا التردد في القرارات التي اتخذها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي الجديد للإخوان المسلمين، والذي فضَّل اتباع نهج تدريجي إصلاحي، وليس ثوريًا، في المرحلة الانتقالية بعد مبارك. ولم تكن رئاسة محمد مرسي قصيرة الأمد تتَّسم بالتعطش للسلطة كما اتَّهمه زورًا النقاد الليبراليون واليساريون، ولكنها كانت مُصمِّمة على تجنب الصدام المباشر مع مؤسسات الدولة القوية، وفي مقدمتها الجيش.
وكرَّس الدستور الذي صاغه حزب الحرية والعدالة في أواخر عام 2012 وضعًا متميزًا للجيش المصري، وأبقاه خارج نطاق الرقابة المدنية، ولكن لم يكن ذلك كافيًا لتجنيب الإخوان المسلمين غضب الجيش مع عودة الاستبداد في أعقاب الانقلاب الدموي عام 2013، بحسب الكاتب.
المهمة مقابل الطموح
ويُشير التقرير إلى أن جماعة الإخوان واجهت حتى قبل انهيارها الذريع أزمة في التوفيق بين مُهمِّتها الاجتماعية التاريخية، وطموحاتها السياسية الصاعدة. هل ينضم أعضاء الجماعة إلى حزبها أم يمكنهم التعبير عن آرائهم داخل المشهد السياسي المتعدد الأحزاب في مصر؟ هل يمكن الاختلاف بشأن السياسة أم سيُعد ذلك انتهاكًا للالتزام بمبدأ «السمع والطاعة»؟ هل أدَّى اندفاع الإخوان للفوز بكل الانتخابات خلال المرحلة الانتقالية إلى تقديم مصالح الجماعة على مصالح البلاد؟
يقول الكاتب: إن التصدُّعات داخل الجماعة أصبحت أكثر وضوحًا مع انشقاق عدد من الشخصيات البارزة عن الجماعة، ومع الجدل العام المثار حول الطبيعة المتغيرة للنشاط الإسلامي في حقبة الثورة.
ونوَّه التقرير إلى أن حركة النهضة التونسية تعرَّضت للتساؤلات نفسها، مع أنها تعاملت معها بطريقة مختلفة تمامًا. إذ دَمَجت الحركة بقيادة الغنوشي إيمانها بالديمقراطية داخل مبادئها بوصفه الأساس لنظام سياسي سليم. وضمن التزام الحركة بالتعددية الديمقراطية تجنيبها إغراءات السلطة خلال الحقبة الهشة بعد الاستبداد.
يقول الكاتب: إن حركة النهضة أصرَّت حتى مع فوزها بأول انتخابات حرة عام 2011 على تقاسم السلطة داخل حكومة ائتلافية واستقالت بالكامل من الحكومة بعد أزمة وطنية شهدتها تونس في نهاية عام 2013، ربما خوفًا من تعرضها لواقع مماثل لما حدث في مصر. بالإضافة إلى ذلك دعمت النهضة قانونًا يحمي مسؤولي النظام السابق من المساءلة، ورفضت إدراج الشريعة باعتبارها مصدرًا للتشريع في الدستور التونسي المُعدَّل. وفصل قادة النهضة النشاط الدعوي عن السياسي رسميًّا في عام 2016. وشبَّه الغنوشي حزبه بالديمقراطيين المسيحيين في بعض الدول الأوروبية، معلنًا: «نحن ديمقراطيون مسلمون، ولا نُمثل الإسلام السياسي بعد الآن».
اللعبة الصفرية
وأوضح التقرير أن حزب النهضة قدَّم بذلك للأحزاب الإسلامية خطة لتحقيق النجاح السياسي داخل بلادهم، من خلال تجربته المتواضعة بصفته حزبًا سياسيًّا انفصل عن قاعدته الاجتماعية وجذوره الأيديولوجية. واتَّبع حزب العدالة والتنمية المغربي مسارًا مشابهًا، إذ نأى بنفسه عن الحركة الدينية الأوسع التي دعمته عند تشكيل الحكومة في عامي 2011 و2016. والمفارقة أنه كلما زاد نجاح الإسلاميين سياسيًّا، زاد احتمال تخليهم عن أية بقايا من أيديولوجيتِهم الأساسية.
وتابع المقال بأن جماعة الإخوان المسلمين في مصر – على النقيض – تواصل الصبر على أدنى مستوىً وصلت إليه في تاريخها المشهود. وتُمثل مذبحة رابعة، التي قُتل فيها قرابة ألف مصري، رمزًا لتجدد السرد حول أن الجماعة ضحية وحول سياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها النظام العسكري للقضاء على الأسلمة. ومع إغلاق مؤسسات الإخوان في مصر وسجن قيادتها أو نفيهم، وصلت الجماعة إلى نقطة استثنائية في تطورها أسفرت عن عدد من ردود الأفعال المتضاربة.
المصالحة مع النظام؟
ولفت المقال إلى أنه على الرغم من الإخفاقات الكارثية التي عانت منها الجماعة، تعتقد قيادتها أن المسار الذي يتَّبعه نظام السيسي لا يمكن دعمه؛ لأنه سيؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد وإضعاف اقتصادها. إن المسار المفضل لقيادة الجماعة هو المصالحة، بحسب الكاتب، أملًا في تحقيق التعايش بطريقة لا تختلف عن تلك التي حددت علاقة الجماعة بنظام مبارك. وكشفت تسريبات إعلامية أن هذا القرار يلوح في الأفق بانتظام، لكن حتى الآن ليس هناك ما يُشير إلى أن السيسي يكترث بإعادة دمج المعارضة الإسلامية من جديد في المجتمع.
وشدَّد الكاتب على ضرورة تعامل قادة الإخوان الباقين مع الانشقاقات الواسعة داخل صفوف الجماعة، خاصة فصيل الشباب الذي يرفض أية مصالحة مع النظام ويدعون بدلًا عن ذلك إلى تبني مسار ثوري يُصحح أخطاء المرحلة الانتقالية بعد مبارك.
ويرى أنصار هذه الرؤية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت ضرورة تخلي الجماعة عن نظرتها التقليدية تجاه التغيير السياسي، وضرورة تبنى الروح الثورية التي احتشد حولها ملايين المصريين. إلا أن هذه الرؤية تحتاج إلى فصل التنظيم عن مهمة الجماعة الاجتماعية والسياسية الأوسع.
أما بالنسبة للفصيل الثالث الذي يتكون من أعضاء الجماعة المحبطين، فيعتقد هذا الفصيل أن المشروع الإسلامي التقليدي المرتبط بمصير الدولة القومية الحديثة محكومٌ عليه بالفشل. ويرى أن محاولة إنشاء نظام سياسي إسلامي داخل منظومة السلطة القائمة هو مسعى غير مُجْدٍ، بالنظر إلى الوضع المحفوف بالمخاطر لمعظم الدول في المنطقة. ويؤكد هذا الفصيل أن سقوط الإخوان الدراماتيكي يُمثل فرصة فريدة لاستكشاف أفكار جديدة جريئة تعالج المشكلات الجذرية كافة التي لا يعاني منها المصريون فحسب، بل كل المجتمعات بلا استثناء.
وفي ظل غياب انشغالها بالمنافسة على السلطة السياسية، يعتقد المؤيدون أن الإخوان يجب أن تنشئ مهمتها من جديد غير مثقلة بالأيديولوجية، أو مطالب السياسات الحزبية المتغيرة باستمرار.
المضي قدمًا
ويذكر المقال أن مصير الإسلاميين يقتضي تخليهم عن معتقداتهم وممارساتهم الراسخة على المدى القريب. وفي أفضل الحالات سُيعاد تشكيل مهمة الجماعات الإسلامية التقليدية على اعتبار أنها حزب سياسي كما حدث في بعض الدول.
ولا يُبشر هذا الأمر بخير – بحسب التقرير – إذ غالبًا ما تُتْرك هياكل السلطة التي تعمل من خلالها هذه الأحزاب منعزلة عن قاعدة دعمها في المجتمع، وعرضة للفساد، ومضطرة للتنازل عن الأسس الأخلاقية. وأثار دعم رئيس حزب النهضة لحملة القمع الفرنسية ضد المسلمين غضب العالم الإسلامي، لكنه لم يكن سوى حلقة جديدة في سلسلة من الأحداث، التي أدَّت إلى انشقاقات واستقالات من شخصيات حزبية أعربت عن مخاوفها بشأن تصرفات قيادة النهضة وقراراتها السياسية، خاصة الانحراف عن قيمها الأساسية.
وخلُص المقال إلى أن قوى الثورة المضادة نجحت في وقف تيار التغيير الهيكلي، وتركت القوى الإسلامية مُهمَلة لا يَأْبه لها أحد. ونظرًا لأن الديكتاتورية الصاعدة في مصر والحروب الأهلية المدمرة في سوريا، وليبيا، واليمن، تهدف إلى ترسيخ نظام استبدادي جديد، فلن يُفسَح المجال كثيرًا أمام الحركات الاجتماعية الشعبية ذات التطلعات السياسية، سواء كانت إسلامية أو غير ذلك.
واختتم الكاتب مقاله بالقول إنه مهما اختلفت الظروف جذريًّا، فإن الفصل القسري لمهمة الحركة الإسلامية الأساسية عن نشاطها السياسي سيؤدي إلى النتيجة نفسها. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا يُمثل أحدث مرحلة في تطور الإسلام السياسي بوصفه بديلًا سياسيًّا قابلًا للتطبيق أم يُنذر بزواله.
=========================
"التايمز": سوريون يفرون بعدما أضرم السكان النار في مخيم المنية للاجئين
https://www.elnashra.com/news/show/1472569/التايمز:-سوريون-يفرون-بعدما-أضرم-السكان-النار-مخيم
اشارت صحيفة التايمز في وتقرير لريتشارد سبنسر من بيروت بعنوان "سوريون يفرون بعدما أضرم السكان النار في مخيم المنية للاجئين" الى ان مئات اللاجئين السوريين فروا من مخيم في شمال لبنان بعد أن أضرم السكان المحليون النار فيه.
ولفت الكاتب الى أن شجارا نشب ليلة السبت بين مجموعة من الرجال السوريين وعائلة لبنانية، على ما يبدو حول الأجور، على الرغم من ورود تقارير أيضًا عن اعتراض الرجال على مضايقة امرأة لاجئة.
واكد أحمد القصير، وهو صحفي سوري زار المخيم، للصحيفة الى ان "رجلا من هذه العائلة جاء ليطلب بعض العمال، لكن الرجال رفضوا لأن العديد منهم عوملوا معاملة سيئة عندما طلبوا أجرهم".
وأضاف القصير: "الرجل اللبناني تشاجر مع صاحب متجر في المخيم، وعاد أفراد عائلته لاحقًا، وكان أحدهم على الأقل مسلحًا"، لافتا الى أن "النيران اضرمت في المخيم وأحرقته لمدة أربع ساعات".
وشدد الكاتب على إن لبنان رفض السماح بمخيمات دائمة للاجئين، مضيفا: " وبدلاً من ذلك، استأجر السوريون ووكالات الإغاثة أراضٍ من عائلات محلية"، لافتا الى أن "المخيم الواقع في المنية شمال طرابلس يقيم فيه 375 شخصا وله رصيف بحري، تنطلق منه القوارب إلى قبرص".
========================
الصحافة الروسية :
المجلس الروسي للشؤون الدولية :وجهة نظر روسيّة بالقضية السورية: نحتاج إلى حكومة مستقرة
https://www.syria.tv/وجهة-نظر-روسيّة-بالقضية-السورية-نحتاج-إلى-حكومة-مستقرة
المجلس الروسي للشؤون الدولية- ترجمة: ربى خدام الجامع
نشر المجلس الروسي للشؤون الدولية بالشراكة مع معهد الدراسات الإيرانية- اليوروآسيوية ورقة بحثية تتناول نقاط الخلاف والاتفاق بين طهران وموسكو في سوريا، وتسلط الضوء على العلاقة المركبة للطرفين والتي لم ترقَ إلى درجة الشراكة الاستراتيجية الحقيقية بحسب وصف معدي البحث.
ويقدم موقع تلفزيون سوريا ترجمة البحث على أجزاء دون التدخل في تحريره لنقل وجهة نظر "خبراء" البلدين في الملف السوري كما هي.
الجزء الثالث:
بعد مرور ثماني سنوات على المرحلة العسكرية الفعلية، يتجه النزاع السوري نحو المرحلة السياسية. ففي الوقت الذي انحسرت فيه شدة العمليات العسكرية وأصبح نطاقها محدوداً، مايزال خطر التصعيد العسكري في إدلب وشرق الفرات قائماً. وبصرف النظر عن هذا الخطر، هنالك العديد من العوامل التي تجعل عملية نشر الاستقرار والقيام بعملية مصالحة وطنية في سوريا غاية في الصعوبة، ويأتي على رأسها العقوبات الأميركية والأوروبية، وغياب التمويل اللازم لعملية إعادة الإعمار، وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في هذه الدولة، والتوتر بين إيران والولايات المتحدة وكذلك بين تركيا والولايات المتحدة، وعدم القيام بإصلاحات سياسية وعسكرية/أمنية بوسعها أن تساعد على قيام مصالحة وطنية، وظهور كوفيد-19 وغير ذلك من الأمور والعوامل الأخرى. كما أن المواقف التي سيضمنها الفاعلون الإقليميون والدوليون والمحليون عند تسوية النزاع السوري في نهاية المطاف لابد وأن تؤثر وبشكل كبير على هندسة وتشكيل بنية أمنية جديدة في المنطقة.
الجزء الأول: روسيا وإيران في سوريا وما بعدها: التحديات المقبلة
الجزء الثاني: وجهة نظر إيرانية بالقضية السورية: الحل في أستانا
ولهذا تبحث هذه الدراسة في التحديات والأخطار التي ماتزال قائمة في سوريا وكيف يؤثر كل ذلك على روسيا وسياستها، كما تناقش هذه الدراسة أفق التسوية السياسية السورية وعملية إعادة الإعمار فيها، وما هو مأمول من موسكو لتعزيز دورها في البنية الأمنية الجديدة للمنطقة، وشراكتها مع إيران وتركيا.
أهم التحديات والأخطار
بالرغم من دخول النزاع في سوريا مرحلته النهائية وتحوله نحو المجال السياسي، إلا أنه ماتزال هناك عقبات تقف في طريق استكمال المرحلة العسكرية. فاليوم تظهر قضيتان رئيسيتان بالنسبة للمجال العسكري، أولهما أن محافظة إدلب تخضع بشكل كبير لسيطرة جماعة تحرير الشام، ولجماعات متطرفة أصولية مثل حراس الدين، إلى جانب الجيش التركي. ثانياً: تخضع المناطق الواقعة شرق الفرات لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الكرد وتتلقى الدعم من قبل الجيش الأميركي، إلى جانب منطقة التنف على الحدود مع الأردن والتي تحتلها القوات الأميركية. ويمكن أن نلخص هذه القضية بوجود القوات الأجنبية في سوريا، وعليه يصبح وجود القوات التركية والأميركية غير قانوني في سوريا. وعلاوة على ذلك، هنالك القضية التي تتصل بالغارات الإسرائيلية على أهداف إيرانية أو موالية لإيران في الداخل السوري، وسببها تزايد الوجود العسكري الإيراني في سوريا.
أما من الناحية السياسية، فهناك ثلاثة تحديات كبرى، أولها عدم قدرة اللجنة الدستورية السورية على البدء بعمل بناء يدفع نحو عملية سياسية في سوريا، ويعود ذلك لعدم إبداء كل من دمشق ومعارضتها لأن نوع من أنواع المرونة. أما التحدي الثاني فيتمثل بغياب أي تقدم في عملية المصالحة بجنوب سوريا وتجميد المحادثات بين الكرد ودمشق. ويتلخص التحدي الثالث بغياب عملية إعادة إعمار شاملة من شأنها المساهمة في نشر الاستقرار في البلاد على المستوى الاقتصادي والسياسي. لذا، ودون التوصل إلى حل وسط مناسب مع كل تلك الأمور والقضايا بين كل الأطراف المعنية، يصبح التحرك بشكل أكبر نحو تسوية النزاع ونشر الاستقرار في سوريا ضرباً من المستحيل.
ولهذا تواجه روسيا في سوريا التحديات الخطيرة والكبيرة التالية:
الوصول إلى اتفاق خاص بالمرحلة النهائية مع تركيا في إدلب وشمال سوريا التي تحتلها القوات التركية بحكم الأمر الواقع، إلى جانب الاتفاق الخاص بالمناطق الواقعة شرق الفرات والتي يسيطر عليها الكرد، والسعي للمحافظة على ذلك الاتفاق.
البدء بعملية إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد لسابق عهده في سوريا بالتعاون مع الدول العربية في المنطقة التي تدخلت بهذا الملف (وكذلك بالتعاون مع الدول الأوروبية في أحسن الأحوال).
المحافظة على الوضع الراهن على الأقل، أو العمل لإيجاد أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول سوريا في أحسن الأحوال وذلك لدفعها لرفع أو تخفيف العقوبات ولإطلاق عملية إعادة الإعمار.
تفعيل العملية السياسية والمصالحة داخل سوريا ويشمل ذلك الكرد السوريين.
ضمان تنسيق العمل بين دمشق وطهران دون تخريب مبادرات موسكو ومشاريعها مثل عمل اللجنة الدستورية.
تحويل النجاح العسكري إلى عوائد اقتصادية ومكاسب سياسية.
إلى أن يتم تحقيق هذه الأهداف، ستواصل موسكو استثمارها في سوريا دون أن تحصل على أية فوائد اقتصادية حقيقية ودون أن تلوح فرصة لعرض وإظهار قصة النجاح التي حققتها أمام العالم كله. وبعيداً عن كل ذلك، تعمل المشكلات العسكرية التي لم يتم التوصل إلى حل بشأنها في كل من إدلب وشرق الفرات على زيادة التصعيد بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة والكرد، وإيران ودمشق، كونها تتعارض مع مصالح موسكو.
إن التحدي الاستراتيجي بالنسبة لروسيا اليوم يتمثل بإيجاد طريقة لتحويل نجاحها العسكري في سوريا إلى نجاح سياسي واقتصادي في هذه الدولة وفي المنطقة عموماً. إذ يبدو هذا الهدف بعيداً عن الواقع دون عقد اتفاقية شاملة مع العناصر الفاعلة الكبرى التي تدخلت هي أيضاً في هذا الملف.
الجمود في إدلب
لقد تبين بأن اتفاقية إدلب التي أبرمتها روسيا مع تركيا في أيلول 2018 لا يمكن تطبيقها بشكل عملي وذلك مع فشل تركيا في فصل "الإرهابيين" عن المعارضة المعتدلة. وبالنتيجة، ومع نهاية عام 2019، سيطرت هيئة تحرير الشام على ما يزيد على 90% من مساحة إدلب (ولكن في عام 2020 ضعفت سيطرتها عليها بسبب الاقتتال الداخلي وخروج جماعة حراس الدين من بين صفوفها). بل حتى البروتوكول الملحق الذي تم التوقيع عليه في الخامس من آذار عام 2020، قد فشل حتى اليوم بتنفيذ ما تنص عليه البنود الأساسية للاتفاق، فلم يتم إنشاء منطقة آمنة بعمق 20 كلم على طول طريق إم4 الدولي حتى الآن، وذلك لأن الطريق غير آمن، ولم يفتح أمام عبور المدنين، إلى جانب وجود الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة العازلة جنوب طريق إم4 والذي من المفترض أن يسيطر عليه الجيش السوري (قوات النظام) الذي تدعمه روسيا، بالإضافة إلى تعرض البنية العسكرية السورية والروسية إلى هجمات مستمرة من قبل المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، ويشمل ذلك الهجمات المتكررة على الدوريات العسكرية المشتركة بين روسيا وتركيا، لذا فإن هذه المسألة قدمت المبرر لموسكو ودمشق للقيام بعمليات عسكرية محدودة تستهدف "الجماعات الإرهابية" في جنوب إدلب على مدار مدة تجاوزت السنة. وفي الوقت ذاته لا تسعى روسيا للقيام بعمل عسكري واسع النطاق في إدلب، لأن ذلك من شأنه أن يزيد التوتر مع تركيا.
وبفضل اتفاقية إدلب التي أبرمها بوتين وأردوغان في 5 من آذار 2020 في موسكو، وضعت روسيا وتركيا قواعد الاشتباك في إدلب، والتي سمحت لهما حتى الآن بتجنب أي تصعيد كبير مثل الذي حصل في خريف عام 2019، وشتاء عام 2020. إذ لحسن الحظ، اكتشف الطرفان طريقة لتجنب تلك المخاطر، بالرغم من أنها غير مستبعدة بشكل نهائي.
وبالنسبة لتركيا، فإنها أيضاً تعارض فكرة القيام بعمل عسكري واسع النطاق في إدلب، لأن ذلك سيدمر العلاقات مع روسيا وسيتسبب بظهور موجة جديدة من اللاجئين السوريين الذين سيعبرون الحدود التركية. وفي الوقت ذاته، فإن تركيا غير مستعدة لحل مشكلة هيئة تحرير الشام وغيرها من العناصر المتطرفة في إدلب، وهذا يعني بصورة أساسية عدم تنفيذ اتفاق الخامس من آذار مع روسيا. إذ منذ بدء عام 2020، قامت تركيا بحشد 15-20 ألف جندي في محافظة إدلب وأكثر من 5 آلاف وحدة عتاد عسكري، وهذا يكفي لحل مشكلة "الإرهابيين" هناك. إلا أن أنقرة ماتزال غير راغبة بالقيام بذلك، كونها ترغب بحفظ نفوذ أكبر من موسكو واستخدام إدلب كورقة للمساومة في الصفقات التي تتصل بشمال شرق سوريا وليبيا. والأهم من ذلك أن أنقرة وبحكم الأمر الواقع قامت بضم شمالي إدلب، إذ ابتداء من شهر أيار/حزيران من عام 2020 أصبحت الليرة التركية العملة الرئيسية في تلك المنطقة، كما أخذت تركيا تستثمر في عملية إعادة إعمار المنطقة، وكذلك في المساعدات الإنسانية وفي تطوير البنية التحتية هناك طوال أشهر، لذا من الصعب أن نصدق بأنها يمكن أن تتخلى عن هذه المنطقة بسهولة.
بالإضافة إلى قيام محاولات مؤخراً لإعادة تصنيف هيئة تحرير الشام وذلك عبر صرف الانتباه عنها والتركيز على جماعة أكثر تطرفاً وهي حراس الدين التي فكت ارتباطها بهيئة تحرير الشام في عام 2018، على أمل أن تقوم العناصر الأكثر تطرفاً في هيئة تحرير الشام بالانضمام أخيراً إلى حراس الدين، مما يجعل الأولى أكثر اعتدالاً بحيث يمكن أن تندمج أخيراً بين صفوف المعارضة السورية الموالية لتركيا والتي تعتبر جزءاً من العملية السياسية. وبالرغم من أن روسيا عارضت بكل صراحة إعادة تصنيف "الإرهابيين"، إلا أن هذه العملية تمثل فرصة سانحة أمام موسكو حتى تواصل مساومتها لأنقرة فيما يتصل بشمال شرق سوريا والقضية الكردية.
يمكن القول إن الوضع في إدلب قد وصل إلى مرحلة الجمود عملياً وبصورة أساسية، إذ ترغب روسيا وكذلك النظام السوري باستعادة إدلب وخاصة طريق إم4 الدولي، مع تجنب قيام عملية عسكرية واسعة النطاق، وذلك لأن فتح طريق إم4 سيعيد ربط حلب باللاذقية وشرق سوريا، وهذا بحد ذاته ضروري ولازم لعودة الأنشطة الاقتصادية والتجارية في هذه الدولة لسابق عهدها.
وبحسب ما ذكره مسؤول روسي رفيع تحدث إلينا شريطة عدم الكشف عن هويته، فإن خطة موسكو كانت تقوم على استعادة السيطرة على طريقي إم4 وإم5 الدوليين، لإغلاق ما تبقى من مناطق في إدلب وتحويلها إلى مشكلة تركية.
وفي الوقت ذاته، دفعت الهجمات العسكرية المتكررة الذي تنطلق من المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في إدلب على مناطق تسيطر عليها دمشق وعلى أهداف عسكرية روسية، كلها دفعت موسكو للرد باستخدام القوة. إذ بالرغم من أن روسيا لا تسعى لخلق أي توتر مع أنقرة كونها شريكاً مهماً في عملية أستانا (والتي لابد وأن تفقد الكثير من شرعيتها في حال خروج تركيا منها)، ولأنها تسيطر على جزء كبير ومهم من المعارضة السورية والفصائل المسلحة، كما أنها ماتزال تجري محادثات مع الولايات المتحدة بخصوص المناطق التي يسيطر عليها الكرد، فضلاً عن أن العلاقات الثنائية بين روسيا وتركيا التي تتطور يوماً بعد يوم (إذ تم تنفيذ مشاريع مهمة مثل خط الغاز التركي المعروف باسم ستريم، إلى جانب بناء مصنع أكويو للطاقة النووية، وتسليم منظومة إس-400).
ثم إن النزاعين في سوريا وليبيا أصبحا متلازمين منذ السنة الماضية، ولهذا أصبحت السياسة التركية اليوم في إدلب السورية أو في شمال شرق سوريا مرهونة بتطورات الأمور في ليبيا، حيث تلعب روسيا دوراً مهماً هي أيضاً، ولهذا السبب لم تتحول إدلب إلى مجرد قضية منفصلة عن النزاع السوري، بل تحولت إلى قضية تتصل بشرق الفرات وليبيا، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من ضبط النفس لابد لموسكو وأنقرة أن تلتزما به لضمان عدم تصعيد الوضع، بما يسمح لكلا الطرفين بلعب دور أكبر في هذا السياق.
وبالنسبة لتركيا، فإنها تريد أن تحافظ على نفوذها في إدلب حتى تتمكن من استخدامها كورقة للمساومة في عقد اتفاق مع موسكو ودمشق حول القضايا التي تتصل بكرد سوريا أو حول ليبيا. وفي النهاية يبدو الوضع وكأن كلا الطرفين يختبر حدود الآخر، بما يجعل الأمور تقف بشكل متوازن على شفير التصعيد. فرفض أنقرة لاتخاذ خطوات عملية في إدلب نجم عنه وضع متقلقل في منطقتي تل رفعت ومنبج بشمال حلب، وظهور مناطق يسيطر عليها الكرد وتوسع نفوذهم نحو شرق الفرات والتقارب بينهم وبين الولايات المتحدة.
إذ بحسب ما ذكره دبلوماسيون روس رفيعو المستوى، مايزال خيار عقد اتفاقية مبادلة بين موسكو وأنقرة حول إدلب ومنبج وشمال شرق سوريا مطروحاً على الطاولة.
وهكذا أصبح كل ما يقال اليوم هو إنه من غير المرجح قيام مواجهة كبيرة بين روسيا وتركيا من أجل إدلب. وفي الوقت ذاته، يتطلب التنفيذ العملي لاتفاق 5 من آذار حول إدلب الالتزام بنهج حذر وحازم من قبل روسيا.
الوضع المتقلقل في شرق الفرات
من التحديات الكبرى التي تواجه روسيا في سوريا الوجود الأميركي في المناطق التي يسيطر عليها الكرد بالقرب من شرق الفرات. إذ بالرغم من إعلان الولايات المتحدة في كانون الأول من عام 2018 عن سحبها لكامل قواتها من سوريا، إلا أن هذه الخطوات لم تتخذ على الإطلاق، بل إن الولايات المتحدة استبقت عدداً محدوداً من قواتها في المنطقة الشرقية بسوريا حتى يقوم هؤلاء بحراسة حقول النفط التي تخضع لسيطرة قسد. وبذلك ضربت واشنطن ثلاثة عصافير بحجر واحد، حيث يعمل الجيش الأميركي هناك كقوة ردع ضد أي هجوم عسكري تركي ضد قسد، وضد توسع قوات النظام أي ضد سيطرة روسيا على المنطقة الشرقية في البلاد، وضد الوجود الإيراني المتزايد.
فالواقع المتمثل بوجود الكثير من القوى الخارجية والمحلية على الأرض في المنطقة الشرقية في سوريا، وهي إيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة، والجيش السوري، والكرد، والقبائل العربية، يجعل من هذه المنطقة الأكثر تعقيداً في الملف السوري. إذ حتى الآن لم تتمكن كل هذه القوى الفاعلة الكبرى من تغيير الوضع الراهن في تلك المنطقة لصالح أي منها، وهذا ما يجعل فكرة القيام بأي عملية ضمن هذه البيئة أمراً غاية في الصعوبة أمام الجميع.
لا أحد يدري إلى أي مدى ستلتزم الولايات المتحدة بشكل جدي بدورها كقوة ردع بالنسبة لكل الأطراف الأخرى في سوريا. إذ حتى الآن تتلخص المخاوف الكبرى لواشنطن في سوريا بضمان تأمين الكرد، ومنع تركيا والنظام السوري من القيام بعمليات عسكرية ضد الكرد، وإبقاء إيران تحت السيطرة، وتحويل سوريا إلى عبء بالنسبة لروسيا. وهذا يثقل على كل الأطراف بشكل طبيعي، لاسيما بالنسبة للأتراك، الذين يعتبرون قوات وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على قسد بمثابة تنظيم إرهابي يشكل خطراً على أمن تركيا. إذ إن الدعم الأميركي الذي يقدم للكرد ورفض الولايات المتحدة تنفيذ كل ما طلبته تركيا منها بخصوصهم، وضع أنقرة في موقف شائك، فهي لا تريد أن تقوم بعملية عسكرية واسعة النطاق ضد قسد لأسباب وجيهة، كما أن أنقرة تبحث عن حل يحفظ ماء وجهها ويسمح لها بمعالجة القضية الكردية بشكل فعال دون أن ينفر ذلك الولايات المتحدة منها أكثر. ويرى البعض بأنه ماتزال خلافات حادة قائمة بين تركيا والولايات المتحدة، وهذه الخلافات تعيق قيام تسوية فعالة بينهما في شمال شرق سوريا، وهذا يضر بالسياسة الروسية هناك بشكل طبيعي.
وثمة قضية مهمة أخرى في مناطق شرق الفرات تصدرت الواجهة قبل سنة وهي خطر عودة تنظيم الدولة، فلقد استغل فلول تنظيم الدولة الخلافات والتوتر القائم بين العناصر الفاعلة فقاموا بشن هجمات عقدت بيئة العمليات بشكل أكبر.
واليوم يبدو أن كلاً من روسيا وتركيا والولايات المتحدة ليس لديهم جميعاً خطة ثابتة حول ما سيفعلونه في سوريا، ناهيك عن عدم توصلهم إلى اتفاق بشأنها. ولهذا يتسبب الوضع المتقلقل في إدلب والدور التخريبي الذي تلعبه الولايات المتحدة في مناطق قسد بتعقيد التحركات التركية-الروسية في سوريا. إذ بالرغم من أن المحادثات بين الجيشين الروسي والتركي حول إدلب وشرق الفرات ماتزال جارية، إلا أنها لا يمكنها إلا أن تبقي الوضع الراهن على حاله. كما أن الصفقات الروسية والتركية مع الولايات المتحدة حول المنطقة الشرقية في سوريا لم تأت بنتيجة جوهرية. وذلك لأن سوريا ليست أولوية بالنسبة للولايات المتحدة في الوقت الراهن على أية حال، ومن غير المحتمل أن تصبح أولوية بالنسبة لإدارة بايدن، مما يضعف الأمل بتحقيق أي تقدم في هذا الملف.
ومن الواضح بأن كل الأطراف المعنية بحاجة للتوصل إلى اتفاق بشأن المناطق التي يسيطر عليها الكرد، بيد أن الجميع يحاول أن يخمن شكل ونوع تلك الاتفاقية، وستبقى هذه المهمة إحدى أكثر المهام التي تنطوي على تحديات كبيرة بالنسبة لكل العناصر الفاعلة التي تدخلت بهذا الملف طوال الأشهر القادمة.
اللجنة الدستورية
مضى على تشكيل اللجنة الدستورية السورية أكثر من سنة غير أنها لم تحقق أي تقدم حقيقي على المسار السياسي، ويستثنى من ذلك الاجتماعات العديدة التي عقدت في جنيف. إن عدم قدرة هذه اللجنة على القيام بمهامها يعتبر عقبة كبرى أمام دفع العملية السياسية نحو الأمام والمضي بها قدماً بما أن صياغة دستور جديد للبلاد يعتبر من القضايا الأساسية التي لابد من حلها. كما أن دمشق ظلت ترفض القبول باللجنة الدستورية وبالمعارضة طوال فترة طويلة، إلا أن الوضع تغير خلال السنة الماضية، عندما أصبحت دمشق تعاني تحت وطأة ضغوطات اجتماعية واقتصادية ومالية وإنسانية كثيرة ترتبت على تسع سنوات من الحرب، ناهيك عن العقوبات الغربية القاسية، وقد تفاقمت كل تلك الأمور بسبب الأزمات الأخيرة التي ظهرت في لبنان فضلاً عن انتشار جائحة كوفيد-19. كل ذلك من المحتمل أن يجعل دمشق ألين وأميل للقبول بالتسويات. كما أن الوضع الإقليمي يتغير هو أيضاً، وقد أدى ذلك لقيام مصالحة جزئية بين الإمارات وسوريا، ويعود أحد أسباب تلك المصالحة لتنامي النفوذ التركي في سوريا وبين صفوف المعارضة السورية. إذ بوسع الإمارات والسعودية التأثير على جزء من المعارضة السورية في تلك اللجنة بهدف الحد منالنفوذ التركي الذي دفعهم للتقارب مع دمشق بشكل تلقائي. ويرى البعض بأن الأسد قد يبدي اهتماماً أكبر بالعملية السياسية، ولابد للضغوطات التي تمارسها موسكو أن تلعب دوراً في جعل السلطات السورية أكثر رغبة بالتفاوض.
 وفي الوقت ذاته، تفتقر اللجنة الدستورية إلى مشاركة كل الأطراف، بما أن تركيا تعارض بشدة مشاركة الكرد فيها. إذ بالرغم من أن تشكيل اللجنة الدستورية يعتبر بداية طيبة على أية حال، إلا أنه من الصعب أن نتخيل أنها ستتمكن من التوصل إلى حل سياسي شامل ودائم لتلك البلاد بمفردها، إذ دون معالجة القضية الكردية إما عبر إشراك الكرد باللجنة أو عبر عقد اتفاق بينهم وبين دمشق، لابد وأن تكون كل محاولات إطلاق عملية سياسية دائمة ومستمرة في سوريا محكومة بالفشل.
وإنه لتحد كبير بالنسبة لروسيا أن تجعل العملية السياسية شاملة وناجحة في نهاية الأمر، فقد حاولت موسكو خلال تحركاتها الأخيرة أن تردم الهوة بين الجناح السياسي لقسد، والذي يمثله مجلس سوريا الديمقراطي، وبعض جماعات المعارضة السورية المقربة من موسكو، والتي يمكن أن تسمح بإحياء المحادثات بين الكرد ودمشق وأن ترسل إشارة واضحة لتركيا بأن الكرد لا يمكن إقصاؤهم من التسوية السياسية. ولكن على أية حال، مايزال الطريق طويلاً، ومايزال كل ذلك يقف كتحد كبير ومهم جداً.
عملية إعادة الإعمار
تعتبر عملية إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد السوري، وإعادة بناء القوى العسكرية والأمنية وغيرها من المؤسسات، ورفع العقوبات الأميركية، واستقطاب الأموال الأجنبية، وإيجاد السبيل الأنسب لقيام مصالحة وطنية من أهم القضايا التي تواجهها روسيا في سوريا. وهنا يحق للمرء أن يتساءل لماذا ترغب روسيا بالاهتمام بكل هذه المشكلات بالغة التعقيد ولم لا تترك الأمر للسوريين حتى يقرروا ذلك، ورداً على ذلك السؤال نقول: هنالك أسباب مهمة عديدة تدفع روسيا للقيام بذلك.
أولها إنه من الضروري بالنسبة لروسيا استعراض قصة نجاحها أمام العالم، بما يعكس فشل النهج الغربي في النزاعات التي قامت في العراق وليبيا وأفغانستان واليمن وغيرها.
ثانياً، لقد استثمرت روسيا الكثير في سوريا، لذا لابد لها من جني الفوائد الاقتصادية وذلك على شكل عقود مختلفة، مع تمكين وصولها إلى الموارد، وفسح المجال لها للتنقيب عن النفط الصخري والغاز قبالة الساحل السوري. وللاستفادة من كل ذلك، تحتاج موسكو أن تعود سوريا إلى سابق عهدها على المستوى الاقتصادي.
لتحويل وجودها العسكري والاقتصادي في هذه الدولة إلى أصول وليس لعبء، تحتاج موسكو لوجود حكومة مستقرة، ومؤسسات فاعلة، بما أن ذلك يمنع البلاد من الانزلاق والعودة إلى حالة الفوضى. ويمكن لذلك أن يتحقق في حال خضعت الحكومة والأجهزة العسكرية والأمنية إلى تغييرات معينة.
ثالثاً: لقد قامت روسيا بتأمين قاعدتين عسكريتين في سوريا، وتحديداً في اللاذقية وطرطوس، ولهذا ستحتفظ بوجود لها هناك على الأقل خلال الخمسين سنة القادمة. ولتحويل وجودها العسكري والاقتصادي في هذه الدولة إلى أصول وليس لعبء، تحتاج موسكو لوجود حكومة مستقرة، ومؤسسات فاعلة، بما أن ذلك يمنع البلاد من الانزلاق والعودة إلى حالة الفوضى. ويمكن لذلك أن يتحقق في حال خضعت الحكومة والأجهزة العسكرية والأمنية إلى تغييرات معينة، وكذلك في حال رفع العقوبات الأميركية، وانطلاق عملية إعادة الإعمار الاقتصادية بمشاركة الدول المانحة.
وطوال الأشهر الماضية، كانت روسيا تحاول إقناع الشركاء الأوروبيين بالتعاون معها لإعادة اللاجئين ولإطلاق عملية إعادة الإعمار الاقتصادية. إذ إن الأوروبيين غير راغبين حتى الآن بالتعاون معها في هذه القضايا دون قيام دمشق بإصلاحات سياسية، ومخاوفهم مشروعة بكل تأكيد، إذ لا توجد ضمانات لقيام حياة طبيعية في حال عودة اللاجئين إلى بلدهم، كما أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يمكن أن يحفزهم على العودة بات مزرياً، ناهيك عن المساعدات الإنسانية المحدودة والإشكالية التي يمكن أن تصلهم. وقد يتعرض اللاجئون للاضطهاد أو قد يتم اعتقالهم بكل بساطة في حال عودتهم. إذ بحسب ما ذكره السيد أمين عواد مدير المكتب الإقليمي في منطقة شرق المتوسط التابع للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والذي ألقى خطاباً في مؤتمر الأمن الدولي الذي عقد بموسكو في عام 2019، فإن 80% من 5.5 ملايين لاجئ سوري يرغب بالعودة بمجرد أن تتم تلبية تلك الشروط، ويشمل ذلك تأمين سكن لهم وفرص عمل، وتأمين أمنهم وسلامتهم على المستوى الشخصي والقانوني. فيما أعرب 12% منهم عن استعداده للعودة إلى سوريا على الفور. كما أن هنالك الكثير من حالات الاعتقال والاضطهاد والتجنيد الإجباري في الجيش ومصادرة الأملاك وغيرها وكلها موثقة. وهذه المخاوف ومصادر القلق المشروعة هي التي دفعت دول الاتحاد الأوروبي لرهن أي تعاون مع روسيا والسلطات السورية بتحسين الظروف أمام عودة اللاجئين وبتنفيذ دمشق لإصلاحات.
بيد أن ذلك خلق عقبة كبيرة أمام موسكو في محاولتها إقناع الشركاء الأوروبيين بفكرة التعاون. إذ بالإضافة لكل ما سبق، أصبح الاتحاد الأوروبي اليوم مشغولاً بمشاكله الداخلية، لذا فإن القضايا التي تتصل بسياسته الخارجية وبالتحديد بالشرق الأوسط وسوريا، لم تعد تحتل موقع الصدارة ضمن سلم أولوياته. بيد أن تدهور الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي في سوريا قد يهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة، وهذا لابد وأن يدفع روسيا ودمشق والاتحاد الأوروبي إلى تغيير مواقفهم، ليصبح كل منهم أميل لتقديم تنازلات حتى يلتقي الجميع عند نقطة في منتصف الطريق، أو ليتفقوا على الأقل حول قضية حساسة مثل تسليم المساعدات الإنسانية. إذ منذ تموز 2020، لم يعد بوسع المساعدات الأممية أن تصل إلى سوريا إلا عبر معبر حدودي واحد ظل مفتوحاً أمامها، ألا وهو معبر باب الهوى، والذي سيتم إغلاقه على الأرجح في تموز من عام 2021. ولهذا ينبغي لروسيا والاتحاد الأوروبي أن يتعاونا سوية على خلق آلية ضبط مشتركة لضمان وضع شروط شفافة بالنسبة لعملية تسليم المساعدات الإنسانية وتوزيعها في مختلف أنحاء سوريا. ويمكن لذلك أن يتحول لأول خطوة على طريق بناء الثقة بينهما والذي قد يؤدي بدوره إلى قيام المزيد من التعاون حول سوريا بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.
  ينبغي على موسكو أن تستعين بدبلوماسيتها وبالمسار الثاني لقنوات التواصل حتى تبقى في تواصل دائم مع الشركاء الأوروبيين والسوريين، وهي تحاول إيجاد الحلول والتسويات ومقارنة مصادر القلق بالنسبة للاتحاد الأوروبي ودمشق، فهذا سيتيح لها أن تعرف إلى أي درجة يبدي الأطراف استعدادهم لخفض سقف مطالبهم والقبول بشيء أقل مما يطلبونه في الوقت الحالي. إذ تجد موسكو اليوم نفسها في موقف محرج، فقد كان الأجدر بها أن تحد من النفوذ الممارس على دمشق، في الوقت الذي يرى فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والقوى الإقليمية بأنها ترفض أن تمارس ضغوطات على الأسد، هكذا بكل بساطة.
وحالياً يبدو أن موسكو تركز على استقطاب الدول العربية، لاسيما الخليجية منها، نحو مشروع إعادة إعمار سوريا، إذ بالرغم من أن العملية معقدة إلى حد ما، إلا أنها شهدت تطورات إيجابية، منها إعادة فتح سفارتي الإمارات والبحرين في دمشق، ومنتدى الأعمال الذي شاركت فيه سوريا والإمارات في أبوظبي، وزيارة علي مملوك أرفع استشاري أمني لدى بشار الأسد للرياض في أواخر عام 2018. إذ إن ذلك أكد رغبة القوى الخليجية في ضمان مصالحها ونفوذها في سوريا. وبالرغم من أن السعودية ماتزال تعارض فكرة المشاركة بشكل علني وصريح في عملية إعادة إعمار سوريا بل حتى في إعادة دمج سوريا ضمن العائلة العربية، إلا أنها تدرك ضرورة الحد من خسائرها وضمان شيء من النفوذ لها في تلك البلاد. وعلاوة على ذلك، تبدي كل من السعودية والإمارات مخاوفهما تجاه تعاظم النفوذين الإيراني والتركي في المنطقة، وترغب كل منهما بإبقاء هذين النفوذين تحت السيطرة في سوريا. وهكذا، وعبر الاستعانة بأدواتهما المالية والمشاركة في عملية إعادة الإعمار، يمكن لهاتين الدولتين ألا تفسحا سوى هامش ضيق لإيران وتركيا في سوريا، وذلك ضمن المجال الاقتصادي.
  كما أن رفع العقوبات الأميركية، وخاصة قانون قيصر، عن سوريا يعتبر أحد أهم القضايا التي أثرت بشكل كبير على مشاركة الجميع في عملية إعادة إعمار سوريا، ويشمل ذلك دول الخليج والاتحاد الأوروبي.
هندسة بنية أمنية إقليمية جديدة
منذ عام 2011 بدأت عملية التحول الكبرى في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسير على قدم وساق. ولهذا لابد وأن تلعب القضية السورية وطريقة تسويتها دوراً مهماً في تحديد البنية الأمنية الجديدة للشرق الأوسط والتي بدأت ملامحها تظهر اليوم، وذلك لأن كل العناصر الفاعلة الكبرى الإقليمية والدولية منها، أي تركيا وإيران والعراق والسعودية وروسيا والولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل والأردن ولبنان، كلها تدخلت في السياق السوري بطريقة أو بأخرى. كما أن نتائج الحرب السورية والصراع على النفوذ والسلطة بين العناصر الفاعلة التي تدخلت في هذا الملف سترسم ملامح المنظومة الأمنية التي تشكلت حديثاً في هذه المنطقة. ويتفق الكثير من الباحثين على أن العمليات التي شابها الاضطراب والتشوش والتي نشهدها اليوم في عموم الشرق الأوسط تعتبر خير دليل على قرب ولادة نظام عالمي جديد.
وبالرغم من أن روسيا اختارت تعزيز علاقاتها مع العناصر الفاعلة الإقليمية التي تتمتع بإمكانيات وقدرة أكبر على التأثير في الوضع القائم على الأرض، إلا أن الأساس المنطقي الذي تقوم عليه سياستها الإقليمية يعتمد على تجنب المبالغة في التدخل بشكل فعلي في المنطقة، والذي يترتب عليه كلفة عالية جداً. إذ يرى كثيرون بأن روسيا استعانت بالقوة الخشنة في الغالب الأعم لتحقيق أهدافها في سوريا. إلا أن موسكو بحاجة للخروج بصيغة يمكنها من خلالها تحويل تلك النجاحات إلى عوائد اقتصادية ونفوذ سياسي في كامل المنطقة على المدى البعيد. فإذا تمكنت روسيا من تحقيق النجاح في هذا المضمار، فلابد وأن تضمن لنفسها لعب دور مؤثر في البنية الأمنية الإقليمية التي بدأت تظهر منذ فترة قريبة.
=========================
الصحافة الايرانية :
وكالة مهر الإيرانية: تركيا تزاحم طهران وتستحوذ على فرصها الاقتصادية في سوريا
https://www.eremnews.com/economy/2299553
المصدر: مجدي عمر – إرم نيوز
سلط تقرير إخباري إيراني، اليوم الأحد، الضوء على الحضور الاقتصادي لطهران في دمشق، مؤكدا تراجع النفوذ الاقتصادي الإيراني في سوريا مقابل النفوذ التركي، رغم التوافق السياسي بين طهران ودمشق.
وجاء في تقرير لوكالة أنباء ”مهر“ الإيرانية، أن ”الرئيس السوري بشار الأسد اقترح على كبار المسؤولين الإيرانيين منذ عدة سنوات، وتحديدا منتصف عام 2014، بالاستثمار في مشروعات إعادة إعمار سوريا بالتعاون مع شركات القطاع الخاص الإيراني“.
وأضاف التقرير الإيراني، الذي جاء بعنوان: ”هل فقدنا فرصة المشاركة في إعادة إعمار سوريا؟“ أن ”إيران وسوريا شكلتا لجنة مشتركة لبحث كيفية الاستثمار الإيراني في سوريا، كما وقع البلدان اتفاقيات تعاون مشتركة في قطاعات عدة، أبرزها: المساكن، البنى التحتية، العلاقات المصرفية، وتطوير المناطق الحرة“.
وأكد التقرير أن ”الاتفاقيات المبرمة بين طهران ودمشق في إطار إعادة إعمار سوريا لم تتحقق على أرض الواقع حتى الآن، ولم نشهد أي إقدام لتنفيذ أية مشروعات، وخاصة في ظل وجود عوائق تتمثل في صعوبة نقل الأموال والمواد الأساسية، وحتى القوى البشرية“.
وعقد التقرير مقارنة بين الحضور الاقتصادي الإيراني والتركي في سوريا، حيث كشف أن ”الصادرات التركية لسوريا في عام واحد عادلت نصف صادرات إيران إلى دمشق في 10 سنوات، إذ بلغ مجموع الصادرات الإيرانية في الفترة (2009-2019) حوالي 2.5 مليار دولار، بينما وصل حجم الصادرات التركية لسوريا في عام 2018 فقط إلى مليار و350 مليون دولار“.
ووصف التقرير الإيراني الحضور التركي في سوريا، بأن ”داعم الإرهابيين يتصدر الصادرات لسوريا“، مضيفا أن ”تركيا لا تدعم جماعات إرهابية في سوريا فحسب، بل تحتل كذلك أجزاء من الأراضي السورية، وتسيطر على مكاسب اقتصادية بلغت نحو 1.7 مليار دولار من مجموع الواردات السورية لعام 2019“.
وعلق تقرير الوكالة الإيرانية على تراجع الحضور الاقتصادي لطهران في سوريا، قائلا: ”وفق تقديرات الخبراء، فإن الإيرانيين أثبتوا عجزهم عن الاستحواذ على الأسواق السورية، رغم الزيارات المتكررة لوفود رفيعة المستوى من طهران إلى دمشق“.
ونوه إلى أن ”فشل مشروع تشييد خط سكك حديدية يربط بين شملجة والبصرة واللاذقية، يُمثل واحدة من المشكلات الأساسية للمصدرين الإيرانيين إلى سوريا؛ الأمر الذي ساعد تركيا على استغلال الحدود المشتركة مع سوريا؛ لكي تسيطر على جزء هام من الأسواق السورية“.
=========================
الصحافة التركية :
أحوال تركية :رحلة المهاجرين للهروب من الموت إلى الجحيم
https://alghad.com/رحلة-المهاجرين-للهروب-من-الموت-إلى-الج/
روجدة أوغوز – (أحوال تركية) 14/12/2020
يسافر المهاجرون عبر الجبال لأيام أثناء عبورهم الحدود الإيرانية-التركية. والكثيرون ممن يقومون بهذه الرحلة يصفونها بأنها رحلة “الهروب من الجحيم”، لينتهي بهم الأمر إلى جحيم آخر. وقد سمعنا جميعا عن القوارب التي تغرق في بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط.
في حزيران (يونيو) من هذا العام، غرق زورق في بحيرة “وان” الواقعة بالقرب من الحدود الشرقية لتركيا. والتفت البعض، بعد هذه الحادثة التي أودت بحياة 60 مهاجرا، نحو محافظة “وان” للحظة، لكن الاهتمام الإعلامي لم يدم. وتم دفن القتلى في مقبرة “يني شهير”، وتقول الإشاعات أن هناك العديد من المهاجرين الذين لا يمكن تمييز قبورهم.
وهذه قصة واحدة فقط من العديد من القصص التي تحدث قبل رحلة عبور غرب تركيا -قبل أن يصل المهاجرون إلى إسطنبول أو إزمير أو أدرنة للعبور غربا إلى أوروبا.
يبدأ المهاجرون رحلتهم في محافظة وان: أولاً إلى مدينة تشالدران الحدودية، ثم عاصمة المحافظة، ومنطقة أدرميت، ومنطقة جيفاش، وبؤرة بلابان الاستيطانية. وينتهي بهم المطاف في تاتفان، وهي مدينة تقع على الشاطئ الغربي لبحيرة وان، في محافظة بتليس المجاورة.
كانت محطة الحافلات القديمة في تاتفان موطنا للعديد من المهاجرين من إيران وأفغانستان وباكستان وبنغلاديش في السنوات الخمس الماضية. ولكن الآن، تنتظر جميع شركات الحافلات إنشاء المحطة الجديدة، لذلك لا يوجد أي عمل في المنطقة هذه الأيام.
يجلس المهاجرون في ساحة مغبرة محاطة بالمباني الشاهقة. الجو بارد وصاخب. وينقسم المهاجرون في مجموعات من الأصدقاء أو العائلات. ويعملون ببيع الماء والخبز. البعض منهم يمكنهم التحدث قليلاً باللغة الإنكليزية، والقليل من اللغة التركية.
اسم محمد الحقيقي هو حافظ، لكنه يستخدم اسم محمد في تركيا. ويتحدث محمد التركية بشكل جيد. مهنته الأصلية هي مهندس تعدين، لكنه يعمل في مزرعة ماشية في مقاطعة أنطاليا الجنوبية منذ خمس سنوات. ويقضي كل فترات الراحة في دراسة اللغة التركية.
قال محمد لي بصوت مرتجف من الغضب: “أفغانستان عظيمة للأثرياء. لكنها مروعة للفقراء مثلنا. لا يوجد شيء لنا. لقد درست وتخرجت ولا يوجد عمل”.
يعيش محمد في تاتفان لأنها كانت أسهل لعودته إلى أفغانستان حيث تمكن من إحضار عائلته. وهم ينامون في الشارع منذ أسبوع بعد أن ساروا لمدة أربعة أيام للوصول إلى تاتفان من وان، ومكثوا في الجبال لمدة ليلتين حيث كان الثلج يتساقط عليهم. وهم الآن يخططون لركوب الحافلة إلى أنطاليا.
ستكلفهم كل تذكرة 1.000 ليرة (130 دولارا)؛ وعادة ما يكون ثمنها 200 ليرة (25 دولارا). وقد دفعت الأسرة مسبقا للمهربين 950 دولارا للوصول إلى تاتفان. وتستغرق الرحلة في الظروف العادية يوما كاملا تقريبا بالحافلة.
يقول محمد: “لدي في العادة جواز سفر. وقد سافرت بالطائرة إلى إيران أيضا. ولكن لا توجد رحلات جوية من إيران إلى هنا بسبب فيروس كورونا”. ولم يكن المهاجرون الأفغان في تاتفان يساعدون بعضهم بعضا. ويقول محمد: “كل شخص لديه مشاكله الخاصة”.
هناك البعض ممن لم تكن لديهم وظائف، وبعضهم لم تكن أسرهم معهم، وبعضهم فروا من طالبان، وآخرون فروا من شيء آخر. وأضاف محمد: “الجميع هنا يعيشون مأساة حقيقية”.
كان محمد قادرا على العمل وكان سعيدا لكونه مهاجرا في تركيا. ويقول: “الأمر جيد بالنسبة لي. لا أعرف كيف هي الأمور بالنسبة للآخرين”.
بطبيعة الحال، هناك آخرون لم يحالفهم الحظ. لم يكن لديهم تعليم محمد أو فهمه للعالم. كانوا مرتبكين وقلقين وصامتين. وقد ساروا لأيام، فقط لينتهي بهم الأمر إلى التعرض للسرقة في المكان الذي استقروا فيه؛ كان هناك الكثير من الناس الذين يريدون خداعهم.
كان مضيف الحافلة، يونس، البالغ من العمر 17 عاما غاضبا من المعاملة التي يتعرضون لها. قال لي: “إنهم يسرقون هؤلاء الفقراء”. وقال أن الأغنياء والفقراء في تاتفان يتبرعون أحيانا بالطعام والملابس للمهاجرين. وأخبرني المهاجرون أنهم لم يروا شيئا يحدث أبداً من هذا القبيل، لكن يونس أصر على أن هذا يحدث. كان من السهل على محمد، وهو تركماني، أن يعمل راعياً في محافظة قونية الوسطى، وأن يجد عملاً عندما جاء إلى تركيا لأول مرة لأنه يتحدث التركية. ورفض صاحب بعض قطعان الماشية التي كان يرعاها محمد أن يدفع له، مما أدى إلى حدوث شجار سلّم الرجل على إثره محمداً إلى السلطات. وتم ترحيله إلى أفغانستان، لكنه عاد هذه المرة مع ابنته وابنه.
وصلت الأسرة إلى تركيا مرة أخرى منذ 21 يوما؛ واستغرقم السفر ثمانية أيام من وان إلى تاتفان. وكان محمد يحاول العودة إلى قونية لمواصلة العمل كراع. ويقول: “لدي بعض الأصدقاء هناك”.
ولكن، ماذا لو لم يدفع له أصحاب العمل ماله مرة أخرى؟ كان رده: “الله عز وجل قادر على كل شيء”. ويقول كثيرون غيره نفس الشيء: الله قادر على كل شيء. وكانت المساجد من أهم الأماكن التي تشكل ملاذاً وملجأ للمهاجرين. وأخبرني القرويون في تاتفان أن الذئاب قتلت ما لا يقل عن 10 مهاجرين أثناء رحلاتهم البرية في الشتاء الماضي. وقال أحدهم أنه رأى ذلك يحدث أمام عينيه. ولم أجد أي أخبار عن هذه الأحداث في أي مكان، لكني لا أعتقد أنهم يكذبون.
رافقتُ مجموعة من 17 مهاجراً أفغانياً في رحلتهم من وان إلى تاتفان. لم يقولوا لي شيئا، وتمتموا لبعضهم البعض فقط وهم يسيرون في خطوات سريعة. وقد اعتادت مجموعات مثل مجموعتهم عبور البحيرة، ولكن منذ حادثة الزورق هذا الصيف، بدأوا في سلوك الطريق الجبلي بعد بؤرة بالابان الاستيطانية لتجنب مواجهة سلطات إنفاذ القانون.
كان بينهم متهربون من التجنيد، فضلا عن المهاجرين لأسباب اقتصادية واللاجئين السياسيين. كان طلاب الجامعات والقرويون يغادرون قريتهم للمرة الأولى. وكلهم يتشاركون نفس المشاكل والمصير. ووضعوا جميعًا حياتهم في أيدي المهربين الذين أخذوا أموالهم التي استغرق تجميعها شهورا.
قد نعتقد أنه سيكون من الصعب الاتصال بالمهربين. لكن الأمر، لسوء الحظ، ليس كذلك. يلتقي المهاجرون أولاً مع المهربين في إيران. وفي تاريخ محدد مسبقًا، يتم إحضار مجموعات من 50 شخصًا على الأقل إلى الحدود التركية الإيرانية. وفي معظم الأوقات، تتغاضى السلطات من كلا الجانبين –مقابل دفع ثمن ذلك بالطبع.
تسير المجموعات لأيام باتجاه مدينة وان من تشالدران، أو أحيانًا من دوغوبيازيت، إلى محافظة أغري المجاورة، وفي مرحلة ما على طول الطريق، تأتي مجموعة أخرى من المهربين لتتولى الأمور وتستلم من المهربين السابقين عبر الحدود. وتجري تعبئة المهاجرين مثل السردين في شاحنات أو حافلات صغيرة بعد إزالة المقاعد منها ليتم نقلهم إلى منازل آمنة في وان.
يمكثون في هذه البيوت الآمنة لعدة أيام، حتى يأتي مهربون آخرون لأخذهم. وقد لقي العشرات من المهاجرين مصرعهم على طول هذه المسارات، وغالبًا ما لا يتم تسجيل وفاتهم مطلقًا، أو تسجل الشرطة هذه الحوادث على أنها حوادث مرور.
عند حلول الليل، يتم نقل المهاجرين إلى بحيرة وان للعبور إلى تاتفان. وبعد بضعة أيام من الانتظار في محطة حافلات تاتفان، يتم نقلهم غربًا بالسيارات. وفي بعض الأحيان لا تأتي السيارات. وفي مثل هذه الحالات، يحاول المهاجرون الحصول على أوراق من مديرية الهجرة حتى يتمكنوا من السفر عبر الحدود.
*صحفية تركية، اعتقلت في 2016 على خلفية نشاطها الصحفي. تعمل حاليًا كصحفية مستقلة وتدرس الإعلام ونظم الاتصال في جامعة اسطنبول.
=======================