الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 25/11/2020

سوريا في الصحافة العالمية 25/11/2020

26.11.2020
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :
  • واشنطن بوست: جذوة الثورة متوهجة في درعا و"بشار الأسد" يواجه أصعب التحديات لسلطته
https://nedaa-sy.com/articles/1095
 
الصحافة الالمانية :
  • صحيفة ألمانية تهاجم بشار الأسد بسبب متحف شقيقه "باسل"
https://eldorar.com/node/157973
 
الصحافة العبرية :
  • "هآرتس": كيف استخدمت إسرائيل الحشيش كسلاح لتسميم العرب؟
http://www.alhayat-j.com/ar_page.php?id=5c41d0dy96738573Y5c41d0d
 
الصحافة الامريكية :
واشنطن بوست: جذوة الثورة متوهجة في درعا و"بشار الأسد" يواجه أصعب التحديات لسلطته
https://nedaa-sy.com/articles/1095
اندلعت أعمال عنف في الأسابيع الأخيرة في مدينة سورية إستراتيجية مع اشتباكات بين نظام الأسد ومقاتلين سابقين في الجيش الحر وسط موجة من الاغتيالات؛ ما يكشف عن الصعوبة التي يواجهها بشار الأسد في الحفاظ على سيطرته في المناطق التي يقول إنه عمل على تهدئتها.
تعتبر مدينة درعا الجنوبية الغربية مهد الثورة السورية لأنها المكان الذي اندلعت فيه أول مظاهرة مناهضة للنظام في عام 2011.
وبعد سبع سنوات، وعقب أن تحولت الاحتجاجات السلمية إلى "حرب مدمرة"، استعادت قوات النظام المدعومة من روسيا السيطرة على درعا ورفعوا العلم واستحدثوا برنامج "المصالحة" مع المقاتلين.
لكن جذوة المعارضة استمرت في التوهج في درعا، حتى عندما نقلت قوات النظام معركتها إلى جبهات أخرى وأصبحت الاضطرابات في الأسابيع الأخيرة أحدث تحدٍّ لسلطة الأسد، التي كانت تتعرض بالفعل لضغوط من أزمة اقتصادية خانقة وتزايد الخلافات داخل صفوف حلفائه التقليديين.
تصاعدت التوترات في درعا الشهر الماضي بعد أن هاجم مسلحون سيارة زعيم بارز في المعارضة استمر في التعبير عن معارضته للنظام حتى بعد استعادة قوات الأسد السيطرة على المنطقة.
قُتل القائد السابق، أدهم الكراد، وأربعة من رفاقه؛ ما أثار أسابيع من أعمال العنف، بحسب تقارير إعلامية معارضة أكدتها مراكز مراقبة ومحللون ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام قبل أسبوعين أن الأسد وافق تحت ضغط على إطلاق سراح 62 شخصاً تم اعتقالهم بسبب "حوادث في المحافظة".
لكن بعد أيام، توغلت الفرقة الرابعة التابعة للنظام، التي يرأسها شقيق الأسد ماهر، إلى جنوب درعا بحثاً عن مطلوبين؛ ما أدى إلى اشتباكات مع مقاتلين سابقين في المعارضة، قاموا لاحقاً بإغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة لمنع تقدم الجيش، وقد ذكرت وسائل إعلام معارضة بعد أيام أنه تمت مهاجمة نقطة تفتيش تابعة لمخابرات القوات الجوية في بلدة قريبة؛ ما دفع الفرقة الرابعة لمحاولة اقتحام درعا وإشعال معركة مع المقاتلين السابقين في المعارضة.
هذا الشهر، قُتل ما لا يقل عن تسعة من الثوار السابقين الذين وافقوا على الانضمام إلى نظام الأسد، وسبعة آخرين عادوا إلى الحياة المدنية، بحسب "محمد الشرع"، عضو مكتب توثيق شهداء درعا.
غالباً ما تكون المعلومات الموثوقة حول التطورات في سوريا نادرة بسبب "الضوابط الحكومية" الصارمة على وسائل الإعلام والخوف المنتشر من الدولة البوليسية.
لكن مكتب التوثيق، وهو مجموعة مراقبة مقرها بلجيكا، سعى إلى تأريخ الحصيلة المتزايدة، حيث أفاد بأن 193 من مقاتلي المعارضة السابقين الذين ألقوا أسلحتهم قُتِلوا في درعا منذ أن استعادت قوات النظام المدينة في 2018، وذكرت المجموعة أن أكثر من 200 مدني آخرين قُتِلوا، بعضهم تحت التعذيب.
وأتت الاضطرابات في درعا في وقت يواجه فيه الأسد أكبر التحديات لسلطته منذ أن ثار السوريون ضده لأول مرة في عام 2011، بما في ذلك التوترات على مدار العام الماضي داخل أسرته ومع حلفائه الروس المهيمنين.
يواجه الأسد في سوريا أصعب تحديات الحرب المستمرة منذ 9 سنوات.
كما أدى العنف في درعا إلى تآكل الصورة التي حاول الأسد تصويرها وهو يحث السوريين الذين فروا من البلاد على العودة إلى ديارهم في الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام.
لقد وعد بعدم إلحاق الأذى بالعائدين، لكن العديد من اللاجئين السوريين ما زالوا متشككين، على دراية بالتقارير التي تفيد بأن بعض الذين عادوا قد اختفوا أو ماتوا في الحجز.
وخلال مؤتمر دولي في دمشق هذا الشهر، ناقش المسؤولون في نظام الأسد الخطوات التي يتخذونها للترحيب باللاجئين العائدين وألقوا باللوم على وسائل الإعلام العربية الإقليمية في رسم صورة سلبية للغاية.
حيث قال "عبدالله الجباسيني"، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، إن "النصر العسكري المعلن للحكومة السورية والعودة لمؤسساتها لا يعني استعادة الأمن والاستقرار".. "الوضع في درعا يتعارض مع رواية عودة الدولة المثالية".
وأضاف "الجباسيني": أن حكومة الأسد لا تستمر فقط في مواجهة معارضة عنيفة، لكنها لم تظهر بعد أنها تستطيع ممارسة سيطرة حقيقية على الأراضي التي استعادتها.
وأشار إلى أن الاضطرابات المستمرة في درعا تغذيها مجموعة من العوامل، بما في ذلك المظالم التي لم يتم حلها وتصفية الحسابات، والعدد الكبير غير المعتاد من الثوار السابقين، ووفرة الأسلحة المتاحة، والغضب المحلي من وجود مقاتلين من الميليشيات الإيرانية وجماعة حزب الله اللبناني المتحالفة مع الأسد.
تتجاوز أهمية درعا رمزيتها كمهد للثورة، حيث تقع مدينة درعا شمال الحدود السورية مع الأردن، وللمحافظة معبر حدودي إستراتيجي، حيث إنه بعد شهرين فقط من استعادة قوات الأسد السيطرة على المدينة، أعادت تلك القوات فتح المعبر أمام كل من الناس والتجارة؛ سعياً لاستعادة طريق تجاري مربح للغاية سريعاً بعد أن تم إغلاقه لعدة سنوات.
كانت المعركة التي دامت أسابيع حول درعا شرسة بشكل استثنائي. بعد "هزيمة المعارضة"، اختار بعض الثوار حزم أمتعتهم في الحافلات الخضراء سيئة السمعة التي أرسلتها قوات الأسد لنقل المقاتلين وعائلاتهم إلى إدلب، وهي منطقة يسيطر عليها الثوار في شمال غربي سوريا.
المقاتلون الآخرون اختاروا البقاء ووافق البعض على اتفاقيات المصالحة، وانضم العديد منهم إلى "الفيلق الخامس" المرتبط بروسيا، والذي تم إنشاؤه ظاهرياً لمحاربة تنظيم الدولة.
وقد روجت وسائل الإعلام الموالية بصفقات المصالحة هذه، قائلة: إنها "تحقن الدماء وتعيد أولئك الذين ضلوا طريقهم إلى أحضان الوطن".
ولكن على عكس بعض المناطق الأخرى التي تمت استعادتها في سوريا، فإن الصفقات في درعا لم تضع حداً للمقاومة، فقد ظل العديد من قادة ومقاتلي الثوار السابقين يتحدون النظام علانية.
وكان "كراد" زعيم القوى الثورية الذي اغتيل الشهر الماضي، أحد هؤلاء القادة، حيث إنه حتى بعد سقوط المدينة، واصل الحديث عن الثورة وانتقد إيران وروسيا، أكبر داعمي الأسد وهو صاحب منشور على "فيسبوك" قال فيه بعد أن نجا من محاولة اغتيال العام الماضي: "نحن ثوار من المدينة التي هي مهد الثورة, استسلمنا للمصالحة تحت ضغط دولي ولم نتخلَّ عن قضيتنا".
بقلم   فريق الترجمة - نداء سوريا          المصدر   واشنطن بوست
=========================
الصحافة الالمانية :
صحيفة ألمانية تهاجم بشار الأسد بسبب متحف شقيقه "باسل"
https://eldorar.com/node/157973
الدرر الشامية:
وجهت صحيفة "زود دوتشه" الألمانية انتقادات لاذعة لنظام الأسد على خلفية افتتاحه متحفا يحمل اسم "باسل الأسد" في مدينة اللاذقية.
 وعبرت الصحيفة عن استنكارها واستغرابها من افتتاح رئيس النظام بشار الأسد متحفا بالملايين ، لمجرد تكريم أخيه الميت في الوقت الذي يتضور فيها الناس جوعا في مناطق سيطرته.
وأوضحت الصحيفة أنه تم افتتاح المتحف في مبنى مكسوٍ بالرخام وقبة زجاجية محاطةٍ بـ 8 آلاف متر مربع من الحدائق، مشيرة إلى كل هذه التكاليف وضعت من أجل تكريم شخص ميت في حين يعاني الأحياء من الجوع والفقر.
 وأشارت الصحيفة إلى أن افتتاح هذا المتحف أثار موجة غضب واسعة بين السوريين، لافتة إلى أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي قاموا بمشاركة صور طوابير الناس أمام افران الخبز وأمام محطات الوقود، تعبيرا عن غضبهم.
وذكرت الصحيفة أن نظام الأسد يعاني من انهيار اقتصادي بسبب الحرب التي شنها ضد شعبه منذ 9 سنوات وبسبب العقوبات الأمريكية الأخيرة مؤكدة أن 80 % من السوريين تحت خط الفقر.
 ولفتت إلى أن باسل الأسد تعمد زج صديقه عدنان قصار في السجن لأنه سبقه في أحد سباقات الخيل، حيث حُبس "القصار" لمدة 9 سنوات وتم الافراج عنه بعد وفاة "باسل"، وتساءلت الصحيفة يا ترى هل سيذكرون ذلك في المتحف؟
يذكر أن الأهالي في مناطق سيطرة نظام الأسد يعانون من الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وانقطاع بعض المواد الغذائية الأساسية من السوق، هذا الأمر ولدة حالة من الغضب والاحتقان لديهم.
=========================
الصحافة العبرية :
"هآرتس": كيف استخدمت إسرائيل الحشيش كسلاح لتسميم العرب؟
http://www.alhayat-j.com/ar_page.php?id=5c41d0dy96738573Y5c41d0d
2020-11-24 12:51:00
كتاب جديد للمؤرخ حاجي رام يسرد فيه تاريخ الحشيش في فلسطين أثناء الانتداب البريطاني، ومن ثم في إسرائيل، بدءًا من عمليات التهريب على ظهور الجِمال، ومرورًا بتجربة جابوتنسكي حول المخدرات والمنشطات، وانتهاءً بمقاهي تل أبيب التي قدَّمت لزبائنها ما هو أكثر من المخبوزات.
نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرًا للكاتب والصحافي يوسي ميلمان استعرض فيه ما جاء في كتاب المؤرخ حاجي رام الجديد «إسكار بني صهيون: تاريخ اجتماعي للحشيش من فلسطين أثناء الانتداب البريطاني إلى إسرائيل».
استهل الكاتب تقريره بالقول: في مايو (آيار) من عام 1955 أرسلت زينة هارمان، التي كانت في ذلك الوقت عضوة ضمن البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، برقية سرية مشفَّرة إلى وزارة الخارجية في القدس. ونبَّهت الدبلوماسية زينة الوزارة على الفور إلى حقيقة ما تنامى إلى عِلْمها من مصادر موثوقة من أن جامعة الدول العربية بصدد إعداد تقرير لتقديمه إلى الدورة العاشرة للأمم المتحدة المَعْنية بالمخدرات. ويزعم هذا التقرير أن إسرائيل ضالعة بعمق في تجارة المخدرات بمصر، إذ تصل المخدرات إليها من بلاد الشام، ومن ثم تعيد توجيهها إلى مصر.
وحذَّرت زينة رؤساءها في القدس من أن «الجامعة العربية تخطط للإعلان عن مذكرة حول وضع المخدرات الخطرة في الشرق الأوسط. وتزعم هذه المذكرة أننا ننشر أدوية تؤدي إلى السُكْر بغرض تقليل قوة العرب، ونحن بحاجة إلى الاستعداد لهذا الأمر».
 
إسرائيل تروِّج المخدرات في الدول العربية لإضعافها!
يؤكد الكاتب على أن معلومات زينة كانت صحيحة، فبعد ذلك التحذير بوقت قصير قدَّم العميد عبد العزيز صفوت الذي ترأس مكتب مكافحة المخدرات في جامعة الدول العربية التقرير إلى لجنة الأمم المتحدة عند اجتماعها. وكما كان متوقعًا، كان التقرير يدين إسرائيل بشدة متهمًا إياها بالتورط من خلال طريقتين متشابكتين بتسميم العرب عامة، والمصريين خاصة، بالمخدرات، وكذلك الأوروبيين والأمريكيين. وكانت الطريقة المزعومة الأولى طموحة ومكلفة وتتطلب بنية تحتية وخبرة غير عادية، ولكنها ماكرة بطبيعتها. وكانت الطريقة الثانية أبسط واقتصادية أكثر.
وقد وصف صفوت الطريقة الأولى على النحو الآتي: «يبدو أن هناك بالتأكيد مصانع صغيرة في إسرائيل لتصنيع الكوكايين، والهيروين والمخدرات الصناعية، وأنه رُتِّب لتهريب هذه المخدرات إلى دول معينة في الشرق الأوسط، وأخرى في أوروبا باستخدام علامات مزيفة تحمل أسماء شركات كبرى. ورتبت إسرائيل أيضًا لتهريب المخدرات (البيضاء) إلى الولايات المتحدة بحرًا عن طريق قبرص وجنوة ومرسيليا، وجوًا بوسائل عادةً ما تصل من إسرائيل».
ورواية صفوت عن الطريقة الإسرائيلية الثانية الأكثر بساطة لنشر المخدرات في أوساط الشعوب العربية ركَّزت على الحشيش. وتقتضي هذه الطريقة من إسرائيل أن تعيد استخدام شحنات الحشيش المهربة إلى البلاد من لبنان والأردن وضبطها، ثم إعادة تهريبها إلى مصر. وزعم التقرير أن «التحقيقات التي أجريتُها، أي صفوت، كشفت أن إسرائيل لا تنوي زراعة القنَّب الهندي (نبات علاجي له تأثير مخدر يستخرج منه الحشيش) داخل البلاد، وترى أنه يكفي التعامل مع كميات الحشيش الجاهزة المهربة إليها من لبنان والأردن».
ووُجِّهت إلى إسرائيل اتهامات مماثلة في السنوات التي تلت ذلك، وكان لها صدىً في الصحافة المصرية. إذ كتبت صحيفة الأهرام اليومية أنه خلال حملة في سيناء عام 1956 أخبر مهربو الحشيش، وهم من بدو النقب على الأرجح الذين أسَرَهم الجيش المصري، المحققين أن جنودًا من الجيش الإسرائيلي سمحوا لهم بمواصلة سيرهم نحو مصر، وهم يحملون المخدرات المهربة. وبحسب الصحيفة «استخدم اليهود الآليات العسكرية لنقل الحشيش إلى الصحراء أثناء احتلال سيناء».
 
إسرائيل تنفي.. المخدرات تُزرع في إسرائيل للاستخدام الشخصي فقط
وبدورهم نفى ممثلو إسرائيل المزاعم المصرية بقوة. وقالت وزار الخارجية في بيان لها استند على معلومات من الشرطة الإسرائيلية: «إن القنَّب كان يُزرع في إسرائيل بكميات قليلة». وأضاف البيان: «وثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا الحشيش مخصص للاستخدام الشخصي فقط، ولم يُهرَّب أي حشيش زُرِع في إسرائيل إلى الخارج على الإطلاق».
ويستدرك الكاتب قائلًا: ومع أن الشرطة الإسرائيلية اكتشفت عام 1954 أن الحشيش كان يُزرع في مخيمات عبور مختلفة في أنحاء البلاد، إلا أن الادِّعاء بعدم تهريب الحشيش إلى الخارج كان كذبة وجزءًا من الحرب الدعائية التي دارت بين إسرائيل ومصر. وكانت هناك كميات كبيرة لا يستهان بها تُهرَّب من لبنان عبر إسرائيل لتصل إلى مصر، التي كانت في ذلك الوقت أكبر وأخطر عدو للدولة اليهودية.
ويشير الكاتب قائلًا: تَظهَر هذه الوثائق التي اقتبستُها في هذا المقال، وغيرها كثير، في كتاب جديد ورائع للمؤرخ حاجي رام من قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة بن جوريون في مدينة بئر السبع. وقد ركَّزت أبحاث رام لسنوات على إيران، وأوضحت كتبه ومقالاته أنه خبير في هذا المجال. ولا يوجد سبب واضح لتحويل بوصلة اهتمامه لدراسة الحشيش في فلسطين أثناء الانتداب البريطاني عليها ومن ثم في إسرائيل. وعلى أية حال تُعد النتيجة التي جاءت بعنوان «إسكار بني صهيون: تاريخ اجتماعي للحشيش من فلسطين أثناء الانتداب البريطاني إلى إسرائيل» من طباعة جامعة ستانفورد عملًا أصيلًا وفريدًا من نوعه.
يوضح البروفيسور رام قائلًا: «قررتُ أن أكتب عن ذلك منذ حوالي 10 سنوات عندما رأيتُ بطريق المصادفة كثيرًا من المؤلفات البحثية حول تواريخ مختلفة عن المخدرات، والحشيش، والأفيون، والكوكايين، وكذلك التبغ والقهوة، كل ذلك في أماكن وحِقَب مختلفة». وتابع: «لقد أمْعَنتْ تلك الدراسات النظر في تاريخ المخدرات باعتباره جزءًا من عوالم أكبر تتصل بالسياسات العابرة للحدود والاقتصاد والثقافة، والتي لا يمكن دراستها على نحو كافٍ إذا ميَّزنا الدولة باعتبارها الفئة الحصرية للتحليل. وانجذبتُ على الفور إلى دراسة هذا الموضوع».
تاريخ حديث نسبيًّا للمخدرات في فلسطين وإسرائيل
يشير التقرير إلى أن رام اكتشف من خلال دراساته أنه مع أننا نعرف كثيرًا عن تاريخ المخدرات، وبخاصة الحشيش والأفيون في أجزاء أخرى من الإمبراطورية البريطانية، لا سيما الهند ومصر، إلا أننا نعرف القليل جدًّا عنها في فلسطين وإسرائيل. «يتناول كتابي التحوُّل من فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني إلى دولة إسرائيل في الخمسينات والستينات من القرن الماضي من منظور تجارة الحشيش باعتباره سلعة غير مشروعة تُهرَّب عبر الحدود، وتُتداول، وتُستهلك، وتُنظَّم، ويُختلف عليها اختلافًا لا نهاية له، وباعتباره أيضًا شاشة يَعرِض عليها البشر رغباتهم وقلقهم الطبقي والعِرْقي والجنساني».
يوضح التقرير أن رام أشار إلى أن الحشيش بدأ يصل إلى فلسطين أثناء الانتداب البريطاني عليها بكميات تجارية في العشرينات من القرن الماضي فقط، وعلى نحو أكثر تحديدًا في الثلاثينات من ذلك القرن. ويؤكد رام أن «تاريخ الحشيش في فلسطين وإسرائيل فريد من نوعه، ولكنه يتمتع بأوجه تشابه مع تاريخ المخدرات في أماكن أخرى أيضًا». وفي حين أنه «كان استخدام القنَّب في عديد من الأماكن بالدول العربية، والإيرانية، وتركيا العثمانية في الشرق الأوسط منتشرًا بالفعل في العصور الوسطى، وعلى أبعد تقدير في أوائل العصر الحديث، يُعد استخدام الحشيش في فلسطين وإسرائيل ظاهرة حديثة نسبيًّا.
لقد بدأ استخدام الحشيش بالفعل على نحو فعَّال بعد اتخاذ تدابير عالمية غير مسبوقة للسيطرة على تعاطي المخدرات والإتجار بها في جميع أنحاء العالم. ووضع هذا التطور حدًا لمسار تهريب الحشيش من اليونان إلى مصر. وللتعويض عن انقطاع إمدادات الحشيش من اليونان، تحول مستهلكو المخدرات المصريون إلى المورِّدين من سوريا ولبنان. ونتيجةً لذلك تحوَّلت فلسطين أثناء الانتداب البريطاني عليها إلى حلقة وصل مركزية بين سلاسل السلع المخدِّرة التي امتدت من لبنان في الشمال إلى مصر في الجنوب».
 
ماذا عن طريقة التهريب؟
يقول البروفيسور رام: «كانت خطوط السكك الحديدية التي أنشأتها سلطات الانتداب في البلاد من أهم طرق تهريب الحشيش. وفي عام 1942 امتد الخط الذي يربط مدينة القنطرة المصرية الواقعة على قناة السويس بمدينة حيفا إلى مدينتي بيروت وطرابلس اللبنانيتين. وتشعب الخط ومر عبر مدينتي اللد ويافا، وكان قريبًا من المركز الحضري الكبير لتل أبيب – يافا».
ويصور رام في كتابه عددًا من عمليات تهريب الحشيش التي جرت ببراعة، ومرَّت عبر فلسطين الواقعة تحت الانتداب في طريقها إلى مصر. على سبيل المثال: هناك وصف مضحك لحادث محرج تعرَّض له جورج أمبروز لويد المفوض السامي البريطاني في مصر عام 1929. إذ إنه في طريق عودته من زيارة إلى دمشق، عثر على 24 حزمة من الحشيش في عربة القطار الخاصة به. وبحسب تقرير نشرته صحيفة «دافار» العبرية، كان المشتبه بهم الأساسيون «حرَّاسًا وخَدَمًا مصريين» – موظفين في شركة السكك الحديدية.
 
عالم تهريب المخدرات: حنكة وجرأة وقسوة
يشير الكاتب إلى أن الحنكة والجرأة في عمليات التهريب كانت أحيانًا مصحوبة بالقسوة أيضًا. وفي ذلك الوقت، كما هو الحال الآن، كانت الطريقة الشائعة هي استخدام قوافل الإبل.
وتشير تقارير بريطانية إلى قيام مهربين من قطاع غزة بوضع الحشيش في اسطوانات من الصفيح وإجبار الإبل على ابتلاعها. وبعد أن تعبر القافلة الحدود وتصل إلى ملاذ آمن، تُذبح الإبل وتُفتح بطونها ليتسنى إخراج أسطوانات المخدرات منها. وكما أشار راسل باشا، المسؤول البريطاني البارز في مصر في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، والذي كان مسؤولًا عن مكافحة المخدرات في البلاد، كانت الخسارة التي يتكبدها المهربون من ذبح الإبل ضئيلة مقارنةً بالربح الذي يحققونه من بيع المخدرات.
وطبقًا لسجلات شرطة الانتداب، كان يمر حوالي 35 ألف بعير سنويًّا عبر معبر القنطرة الجمركي بعد عبور سيناء. وسرعان ما اكتشفت السلطات البريطانية هذا النمط من العمل، وبدأت جهودًا منهجية للتعامل معه. وعلى هذا الأساس ركَّبوا في الأربعينات من القرن الماضي أجهزة تعمل بالأشعة السينية في القنطرة من أجل الفحص العشوائي للإبل التي كانت تعبر الحدود.
 
الزراعة والتهريب عبر البحر
يشير الكاتب إلى أنه في حالاتٍ أخرى، ومن أجل تقليص المسافة التي يتعين اجتيازها، بدأت عصابات المهربين بزراعة الحشيش في الحقول المحيطة بمدينتي طولكرم وجنين، وفي الضفة الغربية المحتلة اليوم. وكانت هناك حيلة أخرى لتهريب المخدرات عن طريق البحر من موانئ في لبنان (مثل: بيروت وصيدا) عبر منطقة رأس الناقورة إلى عكا وحيفا، وحتى إلى أماكن أبعد مثل غزة والعريش. وردًا على ذلك أنشأت الشرطة قوة خفر سواحل صغيرة، كانت مواردها ضئيلة وغير فعَّالة إلى حد كبير.
 
وردًا على سؤال من الصحافي يشير إلى أن جهود شرطة الانتداب لاحتواء تلك الظاهرة باءت بالفشل إلى حد كبير، يجيب البروفيسور رام: «هذا صحيح. كانت شرطة الانتداب مشغولة بعدد من المهام المُلِحة، وميزانيتها محدودة. ونتيجةً لذلك كانت قوة الشرطة شبه عاجزة في جهودها لوقف الإمدادات والتجارة الضخمة في الحشيش التي تعبر فلسطين في طريقها إلى مصر».
ويوضح الكاتب أنه في وقت مبكر من عام 1922 أشار دوجلاس داف، قائد شرطة الموانئ في فلسطين، إلى أن المهربين «ليس لهم كُبَراء يمكن التفاوض معهم.. ولا يخافون من الله، ولا من البشر، ويفعلون أي شيء من أجل كَسْب بضعة قروش». وأيَّده في ذلك كلود سكودامور جارفيس، حاكم سيناء البريطاني آنذاك، قائلًا في يأس: «إن وقف تهريب الحشيش يشبه إلى حد ما محاولة سد مجرى مائي بحاجز طيني – بمجرد أن تسد ثقبًا واحدًا تدخل عليك المياه من ثقبٍ آخر».
 
من سوريا ولبنان إلى مصر
وجد تقرير صادر عن شرطة فلسطين عام 1947 أن «الحشيش والأفيون هما المخدران الرئيسان اللذان يُهرَّبان على نحو غير قانوني عبر فلسطين وصولًا إلى مصر، وفي معظم الحالات يأتي الحشيش من سوريا ولبنان». وبالإضافة إلى عدم احترام الحدود، لم يكن المهربون مقيدين بدين أو جنسية. ولم يقتصر الأمر على العرب فحسب، بل شارك أيضًا يونانيون، وإيطاليون، وبلغاريون، وقبارصة، على سبيل المثال لا الحصر، في تهريب المواد المحظورة، وأحيانًا شارك في ذلك جنود وضباط بريطانيون متمركزون في قواعد عسكرية في فلسطين ومصر.
ومن وقت لآخر كما تشهد التقارير الرسمية والصحافية، تورَّطت أسماءٌ لها صلات بعصابات يهودية في عمليات تهريب المخدرات، على سبيل المثال: ديفيد شاماي، وتيودور شاميت، وألكسندر رودينتسكي. وانضم بعضهم إلى عصابات عربية وتعاون معها. وهنا وهناك، ذكرت التقارير أيضًا أن يهودًا خدموا في الجيش البريطاني بمصر كانوا ممن اشتركوا في تهريب المخدرات أو بيعها.
 
من هم المستهلكون في فلسطين؟
يقول رام: «تمثلت إحدى نتائج طريق التجارة الجديد من لبنان وسوريا إلى مصر في ارتفاع كبير في استهلاك المخدرات بين الطبقة العاملة الحضرية من العرب في فلسطين، مما يؤكد أن التجاور والألفة والتوافر غالبًا ما تلعب دورًا في ذلك. وهكذا حلَّقت في الثلاثينات من القرن الماضي سحابة كثيفة من دخان الحشيش المُحترِق فوق يافا، وحيفا، والقدس، وعكا، ونابلس، وطبريا، والرملة، واللد، وحتى فوق تل أبيب، أول مدينة عبرية».
 
 
هل تستهلك تل أبيب الحشيش أيضًا؟
ويستطرد رام مؤكدًا: «نعم. قُدِّم الحشيش للزبائن في المقاهي، بدايةً من ثلاثينات القرن الماضي، وكان ذلك أولًا في المدن العربية أو المختلطة مثل حيفا، وعكا، ونابلس. وتشير الأوصاف في الصحافة والوثائق الرسمية إلى المقاهي التي كان يرتادها عرب من الطبقة الدنيا. لكنني وجدتُ أيضًا أدلة على أنه منذ الحرب العالمية الثانية كانت المقاهي في قلب تل أبيب تقدم الحشيش للزبائن اليهود، على الرغم من أن تعاطي المخدرات في المجتمع اليهودي كان ضئيلًا ونادرًا جدًّا».
 
يقول الكاتب متوجهًا بالحديث إلى رام: هذا غريب بعض الشيء؛ لأنك في الكتاب تقتبس من قصيدة مدح شهوانية لزئيف جابوتينسكي بعنوان «حشيش»: «في عذابات البهجة/ أحوم بين «الموت والقيامة»/ موجات من رجع صدى النحاس الذي يُقرع/ تنساب مثل شلال هادر من قمة كنيسة/ تنحسر روحي وقوة جسدي كلها تتلاشى/ يستغرق عقلي في التفكير، وتجافي النومَ عيناي/ جلجلة الأجراس/ مثل جملة مدوية تتردد في أذني/ نار فضية تحرقني ولم أمْسَسها/ وفي أحضان حورية بلا ملامح/ يسحبني حلم الخزي العاري/ إلى مهد العذاب/ وفي الجنون المسكر/ يأمرني: «تعال – فأُسرِع إليه».
ويلاحظ البروفيسور رام: «في الواقع، هذه قصيدة مثيرة للاهتمام على نحو خاص؛ لأن من كتبها هو مؤسس الصهيونية التنقيحية، ومؤسس عدد من المنظمات اليهودية المسلحة في فلسطين. لكن علينا أن نتذكر أن جابوتينسكي لم يكن مجرد قائد، وخطيب، وجندي، بل كان أيضًا كاتبًا وشاعرًا. ومن الواضح أنه كتب هذه القصيدة عام 1901 عندما كان طالبًا يدرس القانون في جامعة سابينزا في روما. (وُلِد جابوتينسكي في عام 1880). ويمكن للمرء أن يستخلص من القصيدة أنها تصف تجربة شخصية ذات تأثير نفسي لشاب في أوروبا في ذلك الوقت. لكن هذه لم تكن التجربة التكوينية الواسعة الانتشار لليهود في أوروبا أو لليهود في فلسطين. وعلى العكس من ذلك كانوا يتجنبون المخدرات عمومًا بسبب دلالاتها الاستشراقية».
 
ما دلالة ذلك؟
يوضح البروفيسور رام قائلًا: «إن الانتشاء من المخدرات كان يُعد مخالفًا للقيم الصهيونية، ولا يتوافق توافقًا جيدًا مع الروح التطهيرية للصهيونية، التي مجدت الطهارة، والريادة الزهدية، و«العمل العبري»، والعمل في الأرض. وكان من المفترض أن يتحمل اليهودي الجديد مسؤولية مصير الأمة، وإذا استسلم للملذات والإباحية الجنسية، فقد يتجاهل واجباته الوطنية.
من هنا نبع الامتناع عن تدخين الحشيش خوفًا من الاندماج المفرط في الشرق. وامتنعت الغالبية العظمى من ييشوف (الطائفة اليهودية في فلسطين قبل عام 1948) عن استخدام الحشيش؛ لأنه كان يُنظر إليه على أنه مادة غريبة – أي عربية – يمكن أن تؤدي إلى أن يُنْسَب المشروع الصهيوني إلى الشرق»؛ أي إضفاء سمات المجتمعات الشرقية عليه.
ويكتب رام أن النفور الصهيوني من الحشيش، معتمدًا أيضًا على دراسة أجراها الدكتور أوفري إيلاني، ارتبط أيضًا بتهديد مُتصوَّر للمفهوم الذكوري «لليهودي الجديد». لهذا السبب، كانت أوكار تدخين الحشيش، والمقاهي، وبيوت الدعارة، حيث يمكن للعرب التواصل مع بعضهم البعض والاختلاط الاجتماعي أثناء تدخين الحشيش، تُعد تهديدًا وطنيًّا وسياسيًّا. ولم يكن من قبيل المصادفة أن تُصنَّف هذه المؤسسات أيضًا على أنها أماكن للممارسات الجنسية الفاسقة والمريبة، ولاسيما الممارسات الجنسية المثلية.
 
المخدرات والأمن القومي
لكن النفور المزعوم من المخدرات توقف عندما تعلق الأمر بالأمن القومي. ووفقًا لوثائق شاي (Shai)، ذراع الاستخبارات، ومكافحة الجاسوسية التابع لـ«الهاجاناه»، وهي جيش الطائفة اليهودية في فلسطين ما قبل الاستقلال، كانت التنظيمات المسلحة المنشقة – إرجون وليحي (المعروفة على نحو أكثر باسم شتيرن) – اللتان لم تستجيبان لسياسة القيادة الرسمية، ضالعتَيْن في عمليات تهريب المخدرات.
 
وكان لدى شاي ملفات شخصية عن أفراد هذه المنظمات، وبعضها يذكر أسماء الأعضاء الذين يتاجرون في الحشيش لتمويل أنشطتهم. وذكر تقرير في صحيفة «معاريف» في 11 مايو 1948، قبل ثلاثة أيام من إعلان إسرائيل استقلالها، أن «المنظمات الصهيونية هرَّبت أسلحة من لبنان وسوريا» بمساعدة الأموال التي حصلت عليها من صفقات الحشيش. وقبل ذلك بثلاث سنوات، ذكرت صحيفة «هتسوفيه» التابعة للحركة القومية الدينية، أن عصابة عسكرية يهودية (إشارة إلى إرجون أو ليحي) اعتُقلت في مصر بتهمة «تهريب الحشيش والأفيون على نطاق واسع».
وبحسب معلومات أخرى، لتأمين المجهود الحربي اليهودي للتنظيمات السرية عام 1945، كان الحشيش يُهرَّب في طائرة تطير بين مصر وفلسطين. وفي عام 1964 أورد الصحافي أفييزر جولان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» شائعات مفادها أن «المنظمة الصهيونية شبه العسكرية إرجون ضالعة في تهريب الحشيش إلى مصر لتمويل حربها».
 
 
الحشيش في القمة
وذكر الكاتب أن المخاوف من أن تعاطي المخدرات قد يُلوِّث المجتمع اليهودي ويُفسدُه تلاشت عقب إقامة دولة إسرائيل وبعدما وضعت حرب الاستقلال أوزارها. وأعربت السلطات الرسمية الناشئة عن تفاؤلها بأن إغلاق الحدود مع الدول المجاورة وقطع الرابط الجغرافي بين لبنان ومصر سيحول دون استمرار تهريب الحشيش وغيره من العقاقير المخدرة عبر الطرق السابقة.
وتباهى تقرير أصدرته شرطة إسرائيل في عام 1948 قائلًا: «كانت أرض إسرائيل، في السابق، ممرًا رئيسًا لتدفق المخدرات الخطرة… وكانت الغالبية الساحقة من المهربين والزبائن من العرب. وبسبب قطع العلاقات مع الدول المجاورة، لم تعد إسرائيل سوقًا مفتوحًا أمام تهريب المخدرات الخطرة».
 
بيد أن حالة التفاؤل هذه تحولت إلى حالة من التشاؤم، في غضون مدة وجيزة. واستُخدِمت الطرق القديمة مجددًا عن طريق البحر والبر. وبلغ العداء بين إسرائيل وجيرانها آفاقًا جديدة، لكن ذلك لم يمنع تجار المخدرات من الاستمرار في عبور الحدود.
وألمح الكاتب إلى أن موجات الهجرة اليهودية من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدَّت إلى تنامي مخاوف انتشار تناول الحشيش. إذ كان بعض المهاجرين يتناولون الحشيش في بلدانهم الأصلية وجلبوا معهم هذا السلوك إلى إسرائيل. واكتسب آخرون، من الجيلين الأول والثاني من المهاجرين الشرقيين (ويُقصد بهم اليهود القادمون من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، هذا السلوك في إسرائيل نتيجةً للتمييز العنصري ضدهم وتهميشهم في المجتمع اليهودي؛ حيث كانوا يقطنون مخيمات المرور العابر والمدن النائية والفقيرة.
 
 
بين المهاجرين والمخدرات
ونتيجةً لذلك – بحسب الكاتب – أصبحت المخدرات «أزمة» يهودية، في حين كان يُنظر إليها في السابق على أنها بالأساس «مشكلة» عربية. وامتزجت هذه الظروف مع تعامل مؤسسات الأشكناز مع القادمين الجدد بمزيد من الازدراء، وكانوا ينظرون إليهم باعتبارهم مُتخلفين وبدائيين على أية حال. وأدَّى الجمع بين المخدرات واليهود الشرقيين إلى زيادة كثافة القوالب النمطية، والاستشراق، والتجريم الذي عانى من ويلاته المجتمع في إسرائيل.
وأضاف الباحث حاجي رام قائلًا: من هذا المنطلق، لم تكن الصلة، التي نُسجت خيوطها بين المخدرات ومجتمع المهاجرين في إسرائيل، تختلف كثيرًا عما كان من الممكن ملاحظته في دول أخرى. إذ ارتبط تعاطي الماريجوانا في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ارتباطًا أساسيًّا بالمهاجرين المكسيكيين والسود القاطنين للمناطق العمرانية، الذين تخشاهم الطبقة الوسطى من ذوي البشرة البيضاء.
 
خوفًا من تفشي وباء الحشيش والمخدرات
وبخلاف ذلك، يقول رام: «كان استخدام القنَّب ومشتقاته منتشرًا على نطاق واسع حول العالم بين الفئات المهمشة الذليلة، وبعد ذلك بين الطبقات العاملة، بل والأكثر من ذلك ارتُبط تعاطيه بالمشرق ذي النزعة الهمجية والمتخلفة كما يقال. ولذلك، نُسِب إلى هذه المادة اكتساب سمات قذرة ودنيئة، بل شيطانية، وقيل إن بعض من آثارها النفسية الإصابة بالجنون، وممارسة العنف، والإجرام إلى جانب النشاط الجنسي المفرط، بما في ذلك الشذوذ الجنسي. وبمعنى آخر أُقحِمت مادة القنَّب، في إسرائيل، كما في أماكن أخرى، في عدد من التأثيرات والأعباء الثقافية، والسياسية، والعِرْقية، والعنصرية، من دون أية صلة بالمادة نفسها ولا بآثارها النفسية بالتأكيد».
 
ويرى الكاتب أن قراءة الفصل السادس «اليهود الشرقيين ومخاطر تدخين الحشيش» من الكتاب يكفي لاستيعاب وصمة العار التي حاولت مؤسسة الأشكناز ربطها بمن دونها من الآخرين. ونتيجةً لذلك حلَّ اليهود الشرقيون، في التقارير الحكومية الرسمية والصحافة آنذاك، محل العرب في سياق تناول الحشيش وازدراء مؤسسة الأشكناز لهم.
 
 
وصم المهاجرين بكل قبيح
وذكر تقرير شرطة إسرائيل عام 1951 أن «هناك ثمة عناصر إجرامية اخترقت موجات الهجرة الهائلة»، وأضاف التقرير: «وصل عددٌ كبير من المهاجرين من دول فقيرة لم تكن ثقافتها وتركيبتها السياسية مستقرة وانضموا إلى الفئات الأدنى مرتبة أو ترعرعوا على القهر والإذلال». وكانت مؤسسة الأشكناز تنظر إلى اليهود القادمين من الشرق وتعاطيهم للمخدرات على أنه قد يجلب إلى إسرائيل «نظامًا من الفوضى». ووُصِف تعاطيهم للحشيش على أنه «وباء»، كأن تعاطي المخدرات يشبه مرضًا يمكن أن يتفشى بسهولة بين اليهود الأشكناز من ذوي البشرة البيضاء.
ونوَّه الكاتب إلى أن الاشمئزاز المعلن عنه من تعاطي المخدرات لم يمنع أجهزة الأمن الإسرائيلية من استخدام المخدرات لتحقيق مآربهم الخاصة. إن العلاقة بين أجهزة المخابرات والمخدرات ذات طابع عالمي. إذ أفادت شهادات في وسائل الإعلام ومن الوثائق الرسمية بأن «وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)»، و«المخابرات البريطانية الأجنبية (MI6)»، و«جهاز الاستخبارات السوفيتية (KGB)»، والجنرالات السوريين في لبنان، والعسكريين في بورما، إلى جانب أجهزة استخبارات أخرى، يتاجرون في المخدرات، أو يتجاهلون وجود مثل هذه التجارة إذا ما اعتقدوا أن هذا سيساعدهم على تحقيق أغراضهم. كما تقوم المنظمات الإرهابية والسرية، مثل حركة طالبان في أفغانستان، والجيش الجمهوري الأيرلندي في أيرلندا الشمالية، وحزب الله في لبنان، برعاية المخدرات ومعالجتها ونشرها لتأمين أنشطتهم.
ومن نافلة القول أن نشير إلى الادعاءات القائلة إن أجهزة المخابرات تنشر المخدرات في بعض الدول لتوريط أعدائها وإيذائهم وإضعاف مجتمعاتهم وقواتهم العسكرية. وقدَّم هاري جيه أنسلينجر، مؤسس المكتب الفيدرالي الأمريكي للمخدرات ومفوضه الأول (1930-1962)، مثل هذه الادعاءات. إذ اتهم أنسلينجر اليابان، قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها أيضًا، بالترويج لتعاطي المخدرات ليس فقط من أجل جني الأرباح ولكن لإفساد مواطني دول الحلفاء في المقام الأول. وقدَّم أنسلينجر ادعاءات مماثلة في خمسينات القرن الماضي وخلال الحرب الباردة، ضد الصين الشيوعية لتحل محل اليابان في قفص الاتهام لأنها تروج لتعاطي المخدرات.
 
 
الحشيش يصعد إلى أعلى قمة السياسة المصرية
وأفاد الكاتب أن هذه النغمة من الخطابات ترددت أصداؤها في إسرائيل في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي. إذ صوَّرت الصحافة الإسرائيلية مصر على أنها دولة خُدِّر شعبها (أي أن هناك من سعى لنشر المخدرات بين أفراد الشعب المصري)، وأن تعاطي المخدرات في مصر لم يقتصر على الفقراء والتجار في الأسواق، أو في محلات الحلويات فحسب، بل وصل إلى أعلى المستويات حتى بلغ رأس الدولة؛ الرئيس جمال عبد الناصر.
 
وبعد بضع سنوات، ذكر ملف التقييم النفسي االذي أعدَّه شمعون شامير، الأكاديمي والدبلوماسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في تقرير لقسم الأبحاث في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، أن الرئيس الراحل أنور السادات كان يتناول للحشيش أيضًا.
ويرى الكاتب أن الادعاءات القائلة إن حجم تناول الحشيش في مصر، بحسب التقديرات في عام 1955 وصل إلى 8 ملايين مواطن، أو نحو ثلث شعب مصر آنذاك، أسدت معروفًا إلى آلة الدعاية الإسرائيلية، التي كانت تصوِّر مصر بوصفها دولة متخلفة في حين أن هذا يعزز من معنويات الشعب الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، أعربت المخابرات العسكرية تحت قيادة الجنرال حاييم هرتسوغ، عن قلقها لأن الحشيش وغيره من العقاقير المخدرة المتوفرة بكثرة في مصر ولبنان يمكن أن تجد طريقها إلى إسرائيل بسهولة أيضًا. ولن يؤدي ذلك إلى إفساد المجتمع الإسرائيلي وتقويض أخلاقه ومعنوياته فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى إضعاف جيش الدفاع الإسرائيلي وإعاقة قدراته القتالية.
واستشهد الكاتب بما أشار إليه رام في كتابه أنه لم يكن مستغربًا أن تتهم مصر الجيش الإسرائيلي بأنه متورط رسميًّا في تهريب المخدرات إلى الدول العربية بوجه عام، وإلى مصر بوجه خاص، من أجل إضعاف الشعوب العربية وتقويضِها.
 
شهادات تثبت تورط إسرائيل
وفي ختام التقرير سأل الكاتب حاجي رام: هل يمكنك أن تصدق مزاعم الجنرال المصري عبد العزيز صفوت وغيره في مصر بأن إسرائيل تُدير عمليات تهريب المخدرات مؤسسيًّا إلى الدول العربية؟
وهذا ما أجاب عنه رام قائلًا: «لا أعرف. ولكنني لا أستبعد ذلك، خاصة عندما نطالع تقارير نشرتها مصادر إسرائيلية تزعم أن إسرائيل حاولت تسميم آبار المياه في مصر وتطوير فيروسات ضد العرب الفلسطينيين في عكا عام 1948، والتقرير الذي أعدَّه تيد كروس عن ضابط في الاستخبارات الإسرائيلية عمل في مصر في المدة بين عامي 1948 و1950 وكان يُموِّل نشاطه عبر تهريب الحشيش والتجارة فيه».
وتابع رام قائلًا: «كما أن شهادة شمشون مشبيتس، أحد مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية والتي وجدتُها في أرشيف منظمة الهاجاناه العسكرية الصهيونية، تُعد مادة جيدة تستحق الدراسة. وفي شهادته، قال مشبيتس إن المنظمة طرحت فكرة تهريب الحشيش لتمويل إمداد الهاجاناه بالأسلحة، لكن المقترح أُرجئ إلى أجلٍ غير مسمى في نهاية المطاف. ولأنني لم أعثر على مزيد من الشهادات، فلا يُمكن معرفة ما إذا تبنى البعض هذه الفكرة أو استخدموا هذه الأساليب فيما بعد، بسبب الضيق والحاجة، سواء قبل عام 1948 أو بعد ذلك».
وأضاف رام: «فضلًا عن التقارير اللاحقة، من السبعينيات والثمانينيات، التي تزعم أن ضباطًا إسرائيليين، ومنهم مسؤولين في الاستخبارات، متورطون في تهريب المخدرات من لبنان. وعندما نستعرض تصرفات المخابرات الإسرائيلية، فمن المحتمل تصديق كثير من الأمور التي ارتكبوها وأنكروا فعلها أو رفضوا الاعتراف بها فيما بعد، لأنهم كانوا يشعرون بالخجل من أفعالهم ولا يُريدون أن يعلم الجمهور عنها شيئًا».
=======================