الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 21/11/2020

سوريا في الصحافة العالمية 21/11/2020

22.11.2020
Admin

 

إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :
  • «ستراتفور»: كيف ستحاول إسرائيل التأثير على سياسات جو بايدن في الشرق الأوسط؟
https://sasapost.co/translation/israel-biden-middle-east-policies/
  • معهد واشنطن :بايدن لا يسعه تجاهل أردوغان، لكن باستطاعته إبقاء العلاقات الأمريكية-التركية على المسار الصحيح
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/biden-cant-avoid-erdogan-but-he-can-keep-the-u.s.-turkish-relationship-on-t
  • فورين بوليسي :روسيا تريد استبدال اللاجئين السوريين بالأموال
http://www.noonpost.com/content/38958
  • كوداستوري :"مؤتمر العودة"..اللاجئون السوريون لا يصدقون كلمة مما قالته روسيا
https://www.syria.tv/مؤتمر-العودةاللاجئون-السوريون-لا-يصدقون-كلمة-مما-قالته-روسيا
 
الصحافة البريطانية :
  • الجارديان :كيف دمّرت حروب المعلومات المضلِّلة في سوريا حياة أحد مؤسّسي “الخُوَذ البيض”؟
https://daraj.com/60128/
  • «ميدل إيست آي»: أبرز 6 نقاط ذكرها أوباما عن الشرق الأوسط في كتابه الجديد
https://sasapost.co/translation/obama-middle-east-promised-land/
  • ميدل ايست أي :حرب الولايات المتحدة المالية المطولة على حزب الله
https://nedaa-sy.com/articles/1093
 
الصحافة التركية :
  • صحيفة تايم تورك التركية: إسرائيل ضربت إيران 79 مرة
https://fatehmedia.eu/?p=187909
 
الصحافة الروسية :
  • صحيفة روسية: مسؤول بسيط يخدع "ترامب" ويخرب خططه في سوريا
https://eldorar.com/node/157836
  • مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية – بقلم الدكتور جيري فالنتا – هل صوّت بوتين لبايدن؟
https://natourcenters.com/مركز-بيغن-السادات-للدراسات-الاستراتي-186/
 
الصحافة الامريكية :
«ستراتفور»: كيف ستحاول إسرائيل التأثير على سياسات جو بايدن في الشرق الأوسط؟
https://sasapost.co/translation/israel-biden-middle-east-policies/
نشر مركز «ستراتفور» الأمريكي تقريرًا سلَّط فيه الضوء على سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في منطقة الشرق الأوسط والكيفية التي ستحاول من خلالها إسرائيل التأثير على هذه السياسات بما يتواءم مع مصالحها، أو على الأقل بما لا يتعارض مع مخططاتها في المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بعمليات ضم أراضي الضفة الغربية أو النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
وفي البداية يشير التقرير إلى أن إسرائيل ستسعى جاهدة إلى ترسيخ سياسات دونالد ترامب المؤيدة لإسرائيل في الضفة الغربية وسياساته المناهضة لإيران قبل وصول الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) القادم. ومن أجل تحقيق هذين الهدفين، ستمضي إسرائيل في المسار الأقل خطرًا من خلال التركيز على توسيع عمليات الاستيطان في الضفة الغربية، بينما تستخدم نفوذها السياسي وجهودها السرية لتقويض المفاوضات الأمريكية الإيرانية.
المصادقة العاجلة على المستوطنات
بيد أنه في حالة تعثر حكومة الوحدة الهشة في إسرائيل، فإن منافسيها من الجناح اليميني سيدفعونها إلى التفكير في إستراتيجيات أكثر تشددًا، والتي تشمل الخطوة المحتملة لضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى الاستعداد للقيام بمزيد من التحركات العسكرية والسرية أحادية الجانب ضد برنامج إيران النووي ووكلائها الإقليميين.
وأفاد التقرير أن إسرائيل تُصادِق سريعًا على المستوطنات التي بُنيت حديثًا في القدس الشرقية وتُضفي الطابع الرسمي على الأبنية غير القانونية، التي سبق بناؤها من قبل حول الضفة الغربية، لتعزيز المكاسب الإستراتيجية التي حققتها خلال الأربع سنوات الماضية.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال خطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي صدرت في يناير، قد ساعدت في تشجيع إسرائيل على القيام بمزيد من التوسع الاستيطاني. وفي حين أن بايدن قال خلال حملته الانتخابية، إنه لن يدعم عمليات ضم الأراضي الفلسطينية، لكنه لم يُوضح على نحو لا لبس فيه شكل التغييرات في السياسات التي قد تتخذها إدارته المقبلة لإيقاف مزيد من عمليات بناء المستوطنات.
مكاسب سياسية لليمين الإسرائيلي
ولفت التقرير إلى أن هيئة الأراضي الإسرائيلية (إدارة حكومية رسمية تابعة لوزارة البنى التحتية الوطنية الإسرائيلية) أعلنت في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) أنها ستمضي قدمًا في خطتها لبناء 1257 منزلًا في منطقة «جفعات همتوس» الحساسة نظرًا لقربها من القدس الشرقية.
وإلى جانب أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تُقوِّض إقامة دولة فلسطينية في المستقبل، فإنها تُوفر لإسرائيل الحماية الأمنية، وتُكرِّس لسيطرة إسرائيلية دائمة بحكم الأمر الواقع على طول الطرق السريعة والطرق التي تزود الفلسطينيين بالإمدادات.
وألمح التقرير إلى أن عدم الاستقرار السياسي داخل إسرائيل سيُؤدي إلى تفاقم المخاطر الناجمة عن زيادة عمليات ضم الأراضي في الأشهر القادمة، مع مواجهة الحكومة الإسرائيلية لضغوط متصاعدة من المستوطنين المنتمين إلى جناح اليمين الذين يتملكهم الغضب بسبب فشلها في ضم بعض أراضي الضفة الغربية كما وعدت في يوليو (تمَّوز) الماضي.
وتُرجم هذا الغضب إلى مكاسب سياسية لصالح حزب «يمينا»، وهو حزب قومي مؤيد للاستيطان يقوده نفتالي بينيت أحد المنافسين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وسيُؤدي إضعاف حكومة الوحدة المتداعية التي يقودها نتنياهو، أو حتى انهيارها إلى تعزيز القوى المؤيدة لعمليات الضم في البلاد.
وأضاف التقرير أن الانقسامات السياسية تضرب أوصال حكومة الوحدة الإسرائيلية. وإذا ما استمر الفاعِلَان الأساسيَان في هذه الانقسامات، وهما نتنياهو ووزير الدفاع بيني جانتس، في توجيه الضربات الشديدة لبعضهما البعض، فربما يُؤدي هذا الأمر إلى تآكل الثقة بالقدر الكافي الذي يُسبب انهيار الحكومة في نهاية المطاف. وتُشير استطلاعات الرأي الراهنة إلى أن نتنياهو سيُواجه منافسًا بارزًا مؤيدًا للمستوطنين والاستيطان، وهو بينيت وحزبه «يمينا» في مثل هذه الظروف.
بايدن قد يُكرر الأمر نفسه
ويخلُص التقرير إلى أن إسرائيل ستُركز على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتقويض المفاوضات الأمريكية الإيرانية في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز مكاسبها التي حققتها في عهد ترامب. وفيما يخص إيران، ستحاول إسرائيل التأثير على أي نقاشات سياسية أمريكية بشأن الوتيرة التي يُمكن بها العودة إلى المفاوضات مع طهران ونطاقها وسرعتها.
وتشعر إسرائيل بقلق شديد من أن تفعل إدارة بايدن الشيء نفسه وتجري مفاوضات لإبرام صفقة جديدة مع إيران بشأن برنامجها النووي فحسب من دون التعامل مع وكلاء إيران الإقليميين في لبنان، وسوريا، والعراق، أو تناول عداوتها مع إسرائيل أو التطرق إلى قدرة طهران على تطوير تقنيات تمهد لها الطريق للوصول إلى إنشاء منظومة أسلحة نووية.
واستشهد التقرير بمقال رأي نُشر في 13 سبتمبر (أيلول)، انتقد فيه بايدن سياسة إدارة ترامب المتشددة تجاه إيران في ظل حملتها «أقصى ضغط» (لدفع طهران نحو الجلوس حول طاولة المفاوضات للتوقيع على اتفاق نووي جديد)، بالإضافة إلى انسحاب البيت الأبيض من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسميًّا باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)» في عام 2018. وأعرب بايدن أيضًا عن انفتاحه للدخول سريعًا في الاتفاق النووي الإيراني أو خطة العمل الشاملة المشتركة إذا عادت إيران إلى الالتزام الكامل بها.
الضغط باستخدام التسريبات والمعلومات الاستخبارية
وتوقَّع التقرير أنه عندما يحدث ذلك فستضغط إسرائيل على واشنطن عبر استخدام بعض التسريبات والمعلومات الاستخباراتية السرية لتصوير إيران على أنها طرف سيء النية. وفي محاولة لربط إيران بتنظيم القاعدة، يبدو أن إسرائيل على الأرجح هي التي سربت الأنباء الأخيرة بأن أبا محمد المصري، الرجل الثاني في قيادة الجماعة الجهادية العالمية، قد اغتِيل في عملية أمريكية إسرائيلية مشتركة في أغسطس (آب). وربما تحتفظ أجهزة إسرائيل السرية والاستخباراتية بمعلومات استخبارية سرية أخرى ستسعى لتسريبها لتقويض سمعة إيران الدولية والتأثير على عملية التفاوض.
وصحيحٌ أن عددًا ليس بكثير من النواب الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، ومنهم النائب المخضرم إليوت إنجل والسيناتور الجمهورية مارثا ماكسالي، فقدوا مقاعدهم في انتخابات 2020، إلا أن الكونجرس، وخاصة مجلس الشيوخ الذي ينبغي فيه الحصول على التصديقات والموافقات على المعاهدات والاتفاقيات، لم يزل مؤيدًا لإسرائيل بصورة كبيرة. وتُعد هذه الأصوات المؤيدة لإسرائيل بمثابة إشارات تفهم منها إيران أن الاتفاق مع بايدن ربما يخضع لسيناريو عملية الانسحاب نفسها التي أجراها ترامب، ومن ثم تقويض الثقة في المفاوضات.
وأبرز التقرير أن إسرائيل كشفت علنًا، في أبريل (نيسان) 2018، عن معلومات استخباراتية بشأن ما يُطلق عليه «الأرشيف الذري» السري لطهران قبل انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهو ما ساعد على تأجيج الدعوات المطالبة بالانسحاب من الاتفاقية في الولايات المتحدة.
استفزاز إيران لتقويض سمعتها
ونوَّه التقرير إلى أن إسرائيل ستفكر أيضًا في محاولة استفزاز إيران سرًّا، أو حتى عسكريًّا، لجر إيران إلى الانتقام الذي قد يؤدي إلى تقويض سمعة طهران الدبلوماسية. لكن شن إسرائيل هجومًا مباشرًا على المنشآت النووية الإيرانية سيظل أمرًا غير وارد من دون دليل دامغ على وجود طموحات نووية وشيكة من إيران.
وللمساعَدة في الضغط على إيران من أجل التفاوض والتخلي عن برنامجها النووي، أعلنت إسرائيل في 2012 عن «خطوطها الحمراء»، ومن بينها وصول مستوى تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20٪. إلا أن إسرائيل لم تُنفِّذ الإستراتيجية نفسها علنًا هذا العام، وهو ما يُشير إلى أنها، في الوقت الراهن على أقل تقدير، لا تشعر بالقلق حتى اللحظة من التطورات النووية الإيرانية. ومع ذلك لا يُعوِّل الجناح اليميني الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، ويمكن أن يظهر بوصفه قضية سياسية إذا تعثرت حكومة الوحدة الإسرائيلية.
وفي الختام أكد التقرير أن إسرائيل نفَّذت غارات جوية في لبنان، وسوريا، والعراق، بهدف تقويض تأثير إيران العسكري الإقليمي، وكان آخرها هجوم 17 نوفمبر على القوات الإيرانية في سوريا. وأثارت بعض هذه الهجمات حفيظة إيران فأقدمت على الرد والانتقام من إسرائيل أو القوات الأمريكية أو حلفاء الولايات المتحدة مثل سفارة البحرين في العراق.
=========================
معهد واشنطن :بايدن لا يسعه تجاهل أردوغان، لكن باستطاعته إبقاء العلاقات الأمريكية-التركية على المسار الصحيح
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/biden-cant-avoid-erdogan-but-he-can-keep-the-u.s.-turkish-relationship-on-t
مايكل سينغ و سِنان أولجن
متاح أيضاً في English
"السياسة الخارجية"
17 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
عندما يتولى جو بايدن منصبه كرئيس للولايات المتحدة في أواخر كانون الثاني/يناير، لن تكون أكثر التحديات تعقيداً التي سيرثها على صعيد السياسة الخارجية من ابتكار سلفه. فبالفعل، إن مشكلة العلاقات الأمريكية-التركية وضعت الإدارات الأمريكية من كلا الحزبين في وضع صعب خلال العقدين الماضيين.
فمن رفض أنقرة السماح للقوات الأمريكية بعبور الحدود التركية-العراقية في عام 2003، إلى الخلافات الثنائية الحادة حول السياسة تجاه سوريا خلال إدارة أوباما، إلى اقتناء تركيا مؤخراً أنظمة الدفاع الجوي الروسية على الرغم من عضويتها في حلف "الناتو"، سببت العلاقة الأمريكية-التركية الصداع لسلسلة طويلة من الرؤساء الأمريكيين.
ومع ذلك، فإن التهديدات المطوّلة في المنطقة والمخاطر المتزايدة في مختلف أنحاء العالم تؤكد استمرار قيمة التعاون الأمريكي التركي لكلا البلدين، وتسلط الضوء على أهمية سعي إدارة بايدن لإنقاذ العلاقة من التدهور الحاد، والذي ازداد عمقاً خلال فترة رئاسة دونالد ترامب بسبب الخلافات حول توغل تركيا في شمال شرق سوريا ومعارضتها لاتفاقيات التطبيع العربي مع إسرائيل.
وتركيا، التي تربط بين أوروبا وآسيا، تجد نفسها أيضاً عند طرفَي التغيير الكبير الحاصل في السياسة الخارجية الأمريكية. وتنتقل إستراتيجية الولايات المتحدة بحذر بعيداً عن التركيز على مكافحة الإرهاب والجهات الفاعلة غير الحكومية وإلى التركيز على منافسة القوى العظمى، لا سيما مع روسيا والصين. واصطدمت واشنطن وأنقرة على الجبهتين في عهد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب، حيث اختلفتا حول كيفية مكافحة الإرهاب في سوريا، على سبيل المثال، وحول كيفية إدارة العلاقات مع موسكو أيضاً.
وقد لا تؤذن جائحة الفيروس التاجي بدخول عالم جديد، لكنها سرّعت العملية الانتقالية في النظام العالمي. وقد فاقمت هذه الأزمة التوترات بين الولايات المتحدة والصين وأظهرت للعديد من الدول مخاطر اعتماد سلاسل الإمدادات إلى حدّ كبير على بكين. وفي حين أن التحوّل الناتج في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في شرق آسيا واضح للعيان، إلّا أن آثاره على الاستراتيجية الأمريكية في مناطق أخرى لم تكن واضحة.
وفي الشرق الأوسط، الذي كان المحور الرئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية خلال العقود الأولى من هذا القرن، من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن تنوي تنفيذ الاستراتيجية نفسها - أي الدفاع عن مجموعة كبيرة من المصالح الأمريكية، وخاصة مكافحة الإرهاب، من خلال التدخل المباشر ودعم كبير للحلفاء - بموارد أقل، أو صياغة إستراتيجية إقليمية جديدة. فمن شأن هذه الاستراتيجية الجديدة النظر بحذر إلى قضايا الشرق الأوسط من خلال عدسة المنافسة بين القوى العظمى - وسط الحفاظ على علاقات وثيقة مع القوى المتوسطة الحجم في المنطقة ومنع تجاوزات موسكو وبكين حتى على حساب مخاوف أخرى مثل الإرهاب، كما تنبأت استراتيجية الدفاع الوطني لإدارة ترامب.
والجواب المحتمل هو قليلاً من الإثنين. ونظراً إلى الحاجة إلى تحويل الموارد نحو آسيا، ستسعى الحكومة الأمريكية بشكل متزايد إلى تفويض شركائها الإقليميين بحماية المصالح المشتركة. ومع ذلك، ستسعى أيضاً إلى تجنيد هؤلاء الشركاء في جهد أوسع لدعم نظام ومعايير عالمية ضد التحديات الجريئة المتزايدة من المنافسين من القوى العظمى.
وسيكون الدور الذي تختار تركيا أن تلعبه مهماً في أي إعادة صياغة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط - سواء لعبت هذا الدور بصورة أفضل أو أسوأ. فهي صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة، حيث يبلغ "ناتجها المحلي الإجمالي" 750 مليار دولار.
وقد أثبتت تركيا - بما يثير امتعاض واشنطن في كثير من الأحيان هذه الأيام - استعدادها لاستخدام القوة الخشنة للتأثير على ديناميكيات المنطقة. فهي تتشارك في الحدود مع إيران والعراق وسوريا، وتتجاور مع روسيا عبر البحر الأسود. لذلك فإن تركيا هي محطة منطقية على "شبكة الحزام والطريق" الخاصة بالصين. وهي في وضع يخّولها - سواء جغرافياً أو سياسياً - التأثير على استعراض روسيا لقوتها جنوباً أو على جبروت الصين غرباً.
ومع ذلك، فإن ما جعل تركيا شريكاً مهماً للولايات المتحدة لفترة طويلة قد جذب انتباه روسيا والصين أيضاً. وبالفعل، بالنسبة لأي جهة فاعلة خارجية، من شأن تعاون أنقرة أن يحسّن بشكل ملحوظ قدرتها على تحقيق أهداف السياسة التي وضعتها في الشرق الأوسط. وبالنسبة لموسكو وبكين، توفّر فرصة استغلال الخلافات الحالية بين أنقرة وواشنطن لتعميق الفجوة المتزايدة داخل حلف "الناتو" جاذبية إضافية. وأحدث مثال على ذلك هو المواجهة ​​بين تركيا واليونان حول الوقود الأحفوري في شرق البحر الأبيض المتوسط، والتي أدت إلى حدوث انقسام بين أعضاء "الناتو"، بل وعرقلت جهود "الاتحاد الأوروبي" للتوصل إلى إجماع حول قضايا غير ذات صلة مثل بيلاروسيا.
ومؤخراً، كان الانجذاب متبادلاً. فبعد أن كادت تركيا تنجز صفقة للحصول على نظام رادار صيني، استلمت نظام الدفاع الجوي الروسي "أس-400" وشرعت في اختباره على الرغم من اعتراضات واشنطن، مما أثار مخاوف حادة بين جميع دول "حلف شمال الأطلسي" وتهديد حقيقي بفرض عقوبات من قبل واشنطن. ومع احتمال حدوث انكماش اقتصادي وتزايد الصعوبات في الحصول على التمويل الخارجي، تريد أنقرة جذب المزيد من الاستثمارات والتمويل الصيني.
وحتى الآن تبين أن هذا الهدف صعب التحقيق: فحصة بكين من الاستثمارات الأجنبية المباشرة قي تركيا تشكّل نسبة ضئيلة تبلغ 1 في المائة، كما لم تكن هناك سوى 960 شركة صينية من أصل 61449 شركة برأسمال أجنبي مسجل في تركيا في عام 2018. ومع ذلك، ظلت أنقرة تأمل في أن تجلب لها "مبادرة الحزام والطريق" الصينية مزيداً من رأس المال - خاصة وأن تركيا تواجه أزمة اقتصادية وسياحية متزايدة نتيجة للوباء - ولم تُظهر أي استعداد للانتباه لتحذيرات واشنطن من اعتماد تكنولوجيا الجيل الخامس من شركة "هاواوي" على سبيل المثال.
ومع ذلك، على أنقرة أن تدرك أن أي علاقة بين تركيا والصين أو روسيا لها حدودها. فسياسة الصين القمعية تجاه الأقلية التي تقطنها من شعب الإيغور - الذين يتشاركون الروابط الثقافية واللغوية مع الجماعات العرقية التركية الأخرى - لا تزال تقوّض الروابط بين الدولتين. وفي غضون ذلك، لا تزال تركيا وروسيا على خلاف حول قضايا إقليمية مثل سوريا وليبيا وأرمينيا، وهما منقسمتان بسبب انعدام الثقة الذي دام قروناً بشأن الجهود الروسية لتوسيع غلافها الأمني ​​جنوباً.
وحتى في إطار اتفاق السلام الأخير الذي توسطت فيه روسيا بشأن ناغورنو-كاراباخ، اختلفت موسكو وأنقرة حول قضية قوات حفظ السلام التركية. ولا يمكن لروسيا أو الصين تقديم المزايا الأمنية أو الاقتصادية التي حصلت عليها أنقرة جراء انخراطها الكبير مع الغرب على مر العقود - وهو اختلال توازن من المرجح أن تبرزه الجهود الصينية لاستغلال المساعدة في مجال الصحة العامة وتحويلها إلى خدمات دبلوماسية في أعقاب جائحة فيروس كورونا.
لكن هذا لا يعني أن العودة إلى الوضع السابق للشراكة الأمريكية التركية أمر ممكن. فالسياسات التركية على غرار اختبار نظام "أس-400" والتصريحات الحادة من قادة تركيا بشأن أمور مثل التطبيع مع إسرائيل دفعت واشنطن إلى التشكيك جدياً بمستقبل العلاقات مع أنقرة.
كما أدّت هذه الخطوات إلى زيادة التوترات بين تركيا وشركاء آخرين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وخاصة الإمارات والسعودية، اللتين تختلفان بشدة مع أنقرة، على المستوى الخطابي وعلى الأرض أيضاً حول نزاعات إقليمية مختلفة. ويضاف إلى هذه الديناميكية واقع أن إعادة صياغة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط قد غيّرت حسابات شركائها في المنطقة؛ وبدلاً من الاستمرار في انتظار قيام الحكومة الأمريكية بصياغة استراتيجية إقليمية جديدة، يبدو أن الشركاء الأقوى للولايات المتحدة يتصرفون بشكل متزايد بمبادرتهم الخاصة، وغالباً ما يكونون على خلاف مع بعضهم البعض - على سبيل المثال، تدعم تركيا والإمارات طرفين متناحرين في الحرب الأهلية الليبية في مواجهة الولايات المتحدة ذات الحضور الخجول وأوروبا المنقسمة. وقد يساعد انخراط الولايات المتحدة بشكل أكبر على تخفيف التوترات العربية-التركية وفتح قنوات للتواصل، لكن من غير المرجح أن يتغير النمط الأساسي السائد.
وعلى الرغم من جميع المشاكل التي تقوّض العلاقات بينهما، سيكون التعاون أفضل من الخصومة لضمان المصالح الأمريكية والتركية. وكما أن الحنين إلى التحالف الأمريكي-التركي الماضي سيكون مضللاً، كذلك الافتراض أن البديل الوحيد هو العداء. ورغم كل الخلافات الخطيرة التي تفرّق بينهما، يتشارك الأمريكيون والأتراك مصلحة في الحد من النفوذ الروسي في المنطقة، ومواجهة المغامرات الإيرانية، ومنع انتشار الأسلحة النووية والصاروخية.
ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أنه في المستقبل المنظور، حتى لو أمكن استقرار العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، ستكون هذه أكثر تعاملية مما كانت عليه في الماضي. وسيتطلب ذلك استعداداً أكبر مما هو قائم حالياً لتحديد الأولويات، والعمل على التسويات بهدوء، والتشاور مبكراً لمنع نشوء خلافات، ومنع تحوّل كل خلاف إلى تهديد وجودي للعلاقة.
وخلال السنوات التي قضاها بايدن كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكي ونائب الرئيس [أوباما]، اكتسب سمعة طيبة في العمل على التوصل إلى تسويات وراء الكواليس. وقد لا تكون المشاورات السرية مقاربة معتادة بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه الغرب، ولكن انتخاب رئيس أمريكي ديمقراطي جديد قد يمنحه مجالاً كافياً للسعي إلى إقامة علاقة مجدية وأكثر ودية مع واشنطن من شأنها أن تخدم مصالح الولايات المتحدة وتركيا على حد سواء.
 مايكل سينغ هو زميل أقدم في زمالة "لين- سويغ" والمدير الإداري لمعهد واشنطن. وقد شغل منصب مدير أقدم لشؤون الشرق الأوسط في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي في الفترة 2005-2008،. وسِنان أولجن هو رئيس مجلس إدارة "مركز الأبحاث "إدام" في إسطنبول وباحث زائر في "مركز كارنيغي أوروبا". تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع "السياسة الخارجية".
=========================
فورين بوليسي :روسيا تريد استبدال اللاجئين السوريين بالأموال
http://www.noonpost.com/content/38958
كتب بواسطة :أنشال فوهرا
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارة للكاتدرائية المريمية بدمشق، وهي إحدى أقدم الكنائس الأرثوذكسية اليونانية في العاصمة السورية، 7 كانون الثاني/ يناير 2020.
لم تكن أهداف روسيا في سوريا قائمة على الإيثار إطلاقًا، وإنما أرادت أن تحتفظ لنفسها بقاعدة عسكرية في الشرق الأوسط لحراسة مصالحها الإقليمية، وهي تسعى لإقامة مشاريع إعادة إعمار سوريا ما بعد الحرب حتى تكافئ الشركات الروسية التي دعمت الديكتاتور بشار الأسد. لقد حققت موسكو هدفها الأول، إلا أن تحقيق الهدف الثاني يبدو أصعب بكثير.
دبلوماسيا، لا تزال وجهات النظر متباينة حول إعادة إعمار سوريا. فمن جهة، يصر الغرب على ربط الأموال المخصصة لإعادة الإعمار بعملية سياسية تكون شرعية على نطاق واسع في سوريا، وإطلاق سراح الآلاف من السجناء السياسيين، وضمان أمن سائر السوريين. ومن جهة أخرى، ترغب روسيا في جعل عملية إعادة الإعمار شرطا مسبقا لعودة اللاجئين السوريين، وقد حاولت الترويج لهذه الفكرة عندما أعلنت أنه ليس بوسع اللاجئين السوريين - الذين يتجاوز تعدادهم 6 ملايين - العودة إلى وطنهم إلا عندما يبدي الغرب استعداده لدفع الأموال من أجل إعادة بناء بلدهم.
خلال الأسبوع الماضي، حاولت روسيا تحقيق رؤيتها الخاصّة بسوريا ما بعد الحرب من خلال المساهمة في تنظيم أول مؤتمر حول عودة اللاجئين في دمشق، لكن المؤتمر فشل فشلا ذريعا.
شاركت في هذا المؤتمر حوالي 20 دولة من بينها الصين والهند والإمارات، إلا أنه سرعان ما تبين أن تلك الدول كانت متواجدة هناك، إما لرغبتها في الانتفاع من ازدهار عملية إعادة الإعمار في سوريا أو لأنها ببساطة تحاول أن تعرض دعمها السياسي للأسد. وباستثناء لبنان، لم تكن أي من الدول، التي تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين السوريين، على استعداد لقبول شروط روسيا للحوار.
رفض الاتحاد الأوروبي الحضور وأصدر بيانا وصف فيه المؤتمر بأنه "سابق لأوانه"، وأضاف مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل بأنه حتى في حال رغب الجميع بعودة اللاجئين إلى ديارهم، "يجب أن تتم هذه العودة بشكل آمن وطوعي يضمن كرامتهم بما ينسجم مع المعايير التي وضعتها المفوضية العليا في الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين". وقد حضرت هيئة الأمم المتحدة هذا المؤتمر ولكن فقط بصفتها مراقبا.
أثارت المشاركة المحتشمة في هذا المؤتمر غضب روسيا، حيث عبّر المبعوث الخاص الروسي إلى سوريا، ألكساندر لافرينتيف، عن غضبه عندما تساءل الصحفيون عن السبب الذي جعل المؤتمر أقل من التوقعات بكثير، حيث أجاب صحفيا روسيا في تلك المناسبة: "إنها الضغوطات، الضغوطات" المسلّطة من قبل الولايات المتحدة. وقد حاول لافرينتيف التقرّب من الحكومة الأردنية قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر حتى تعيد النظر في قرارها، إلا أن جهوده لم تؤت أكلها.
يلوم الأردن 650 ألف لاجئ سوري، الذين يستضيفهم، في كثير من الأحيان على تدهور اقتصاد البلاد، لذلك سيسرّ كثيرا بعودتهم إلى ديارهم. كما أن عمان بحاجة ماسة إلى دعم موسكو لإبقاء الميليشيات الإيرانية الموجودة في الجنوب السوري بعيدة عن حدودها، إلا أن الأردن متحالف مع الغرب، لذا لا يمكنه أن يجبر اللاجئين على الرحيل.
تفهمت روسيا مأزق الأردن فأرسلت لافرينتيف إلى هناك في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لطمأنة السلطات الأردنية. وخلال هذه الزيارة، التقى لافرينتيف أيضا بقائد الثوار السابق أحمد العودة الذي أصبح الآن أكبر الداعمين لأمن السوريين المعارضين للنظام في شرق درعا بالقرب من الحدود السورية-الأردنية.
أصبح العودة شخصية مشهورة خلال الحرب السورية المدمرة إلى جانب العديد من الميليشيات والفصائل الثائرة في تلك المنطقة، وتلقى دعما من الغرب والإمارات خلال تواجده في مركز العمليات العسكرية في عمان خلال سنوات الحرب السورية. وفي سنة 2018، حين شعر العودة باقتراب هزيمته، وافق على المشاركة في اتفاقية مصالحة بوساطة روسية، حيث كوفئ على براغماتيته بتعيينه قائدا للكتيبة الثامنة من الفيلق الخامس الذي تدعمه موسكو في الجيش السوري. ولكن ولاءه ليس للأسد وإنما للسوريين المعارضين للنظام.
أكد مصدران في الأردن لمجلة "فورين بوليسي" أنه من بين الأسباب التي دفعت العودة لزيارة الأردن، التخفيف من قلق الأردنيين حول الخطر الأمني الذي يهدد اللاجئين في حال عودتهم إلى سوريا. وحيال هذا الشأن، علّق أبو ماهر - وهو ثائر سابق كان بين من وقّعوا على اتفاق المصالحة في درعا - قائلا: "توجه أحمد العودة إلى الأردن ليناقش مسألة عودة اللاجئين".
تُصور روسيا قادة الثوار السابقين الذين انضموا إلى الفيلق الخامس على أنهم حماة اللاجئين أثناء عودتهم للوطن، إلا أن هذه الفكرة مشحونة بالتحديات: فمنذ أن تعهدت اتفاقية المصالحة في درعا بنشر السلام بين كل الأطراف في الحرب، ظلّ النظام والمعارضة يهاجمان بعضهما بلا هوادة، وشهدت المنطقة عديد الاغتيالات.
تحول كمية الضغائن والعداوات بين المتمردين السابقين المدعومين من روسيا والجيش السوري ضد إمكانية الوصول إلى حل وسط يمكن أن يطمئن اللاجئين ويؤكد لهم أنهم لن يتعرضوا للاعتقالات العشوائية والاختفاءات القسرية والتعذيب، إذا اتخذوا قرار العودة لبلادهم. وأضاف أبو ماهر: "يحاول الروس إقناع النظام وقادتنا بمناقشة أمن اللاجئين. لكن لا يجب أن يثق أحد في نوايا النظام. إنهم يريدون قتل الجميع".
في سنة 2019، صدر تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" يفيد بأن فروع المخابرات السورية استمرت في اعتقال الناس تعسفا وإخفائهم والتحرش بهم. كان شقيق أبو سالم من بين الذين عادوا إلى درعا في تلك السنة. وبعد فترة وجيزة من عودته، وفي طريقه لوسط المدينة، قيل إن جنود النظام أوقفوه عند نقطة تفتيش، ثم قاموا باحتجازه وتعذيبه في فرع المخابرات العسكرية المحلي. في حديثه عن ذلك، قال أبو سالم: "لقد ضربوه ضربا مبرحا لدرجة أن لم يعد هناك جلد على أجزاء من جسده. أقسم أنه لم يستطع التحرك لمدة 10 أيام".
أثرت هذه القصص على صورة روسيا كضابط شرطة موثوق به في سوريا، بل وعمّقت مخاوف السوريين من النظام الذي يتهمونه بارتكاب جرائم حرب ممنهجة، من بينها الآن القبض على من ظن أن الوضع آمن وعاد للبلاد. لم تنجح هيمنة روسيا المفترضة في كبح الأسد، وينطبق الأمر ذاته على الفرقة العسكرية الموازية لها التي تضم مقاتلين سابقين، التي فشلت في تغيير طريقة عمل النظام.
لقد تم إطلاع الأردن وحلفائه في الغرب على ما يقع على الأراضي السورية من قبل نشطاء حقوقيين شجعان من سوريا والأردن ولبنان، الذين غالبا ما يعرضون أنفسهم للخطر الشخصي في سبيل ذلك. وقال درويش، أحد هؤلاء الناشطين السوريين، إنه تلقى تهديدات بالقتل لكونه مواليا للغرب، بينما تعرض اثنين من زملائه للاعتقال وفُقد أثرهما.
قبل سنتين فقط، دفع درويش مبلغ 1500 دولار لأحد المهربين ليدخل إلى لبنان، واستطاع جلب أسرته الشهر الماضي. أفاد درويش بأنه على الرغم من تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، وارتفاع نسبة الفقر بين اللاجئين بنسبة 90 بالمئة في الأشهر الأخيرة، إلا أنها تبقى أفضل من الحياة في سوريا. كما أخبرنا من إحدى ضواحي بيروت: "هنا، على الأقل، لن يهددني الجيش أو يتسبب في اختفائي. مكثت في سوريا طوال فترة الحرب، لكن عندما اقتحم الجيش منزلي للبحث عني، علمت ما هو آت".
شارك لبنان بدوره في المؤتمر، وقد تجاهلت نخبتها الحاكمة مخاوف اللاجئين من الاعتقالات العشوائية والتجنيد الإجباري في الجيش وأشكال الحرمان الأخرى التي سببتها الحرب، ولطالما رأت أن مساعدة الأمم المتحدة للاجئين السوريين في لبنان تعمل على إبطاء عودتهم.
حاليا، يستضيف لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، ورغم حملات الحكومة المباشرة وغير المباشرة لطردهم، لم يعد سوى 65 ألفا لسوريا حتى الآن. ومن جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشال عون، نقلاً عن صندوق النقد الدولي، إن وجود اللاجئين كلف بلاده 40 مليار دولار، واقترح تقديم مساعدات دولية للسوريين داخل سوريا، لأن ذلك قد "يشجعهم على العودة".
على غرار روسيا، يتوقع لبنان الاستفادة من إعادة إعمار سوريا أيضا، التي من المتوقع أن تكلف حوالي 200 مليار دولار. يسوّق لبنان لميناء طرابلس في الشمال، الذي يقع على بعد 20 ميلاً من سوريا، كمركز لوجستي لإعادة إعمار البلاد. لكن باستثناء لبنان، ليس لروسيا أي أنصار في المنطقة.
لاحظت ماريانا بيلينكايا، الصحافية الروسية التي غطت المؤتمر، توقف لافرينتيف في تركيا بعد المؤتمر مباشرة. وأخبرتني عبر الهاتف من العاصمة السورية أن "روسيا طلبت من دمشق دعوة تركيا. لكن موسكو تفهمت سبب عدم مشاركتها. لقد سافر لافرنتيف إلى تركيا بعدها للتأكد من أنهم لم يشعروا بالإهانة ولمناقشة عودة اللاجئين".
في سوريا، لا يستطيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التماس أي تنازلات من الأسد من شأنها إقناع الغرب بدعم مؤتمر دولي لعودة اللاجئين، مثل إلغاء التجنيد الإلزامي، وإطلاق سراح السجناء، وإتاحة سبل الوصول غير المقيد للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لكن السبب المهم الآخر الذي يحول بين السوريين والرغبة في العودة هو الأزمة الاقتصادية في سوريا، حيث لا يملك الناس ما يكفي من الطعام، وقد دُمّرت مدنهم، ولم تعد منازلهم سوى أنقاض متناثرة في مساحات شاسعة من الأراضي القاحلة.
لقد أوضحت معظم الدول أنها لا تريد إضفاء الشرعية على محاولة روسيا استغلال قضية اللاجئين لتحقيق مكاسب دبلوماسية واقتصادية. لكن هذا لا يعني أن لتلك الدول أي اقتراحات معقولة للحد من معاناة السوريين داخل البلاد أو المشتتين خارجها.
المصدر: فورين بوليسي
 
=========================
كوداستوري :"مؤتمر العودة"..اللاجئون السوريون لا يصدقون كلمة مما قالته روسيا
https://www.syria.tv/مؤتمر-العودةاللاجئون-السوريون-لا-يصدقون-كلمة-مما-قالته-روسيا
كوداستوري-ترجمة: ربى خدام الجامع
جلس محمد خارج مقهى في إسطنبول، وصوت الموسيقا الشعبية التركية يصدح من مكبر للصوت فوق رأسه، وترك كأس الشاي الذي كان يتناوله بعدما برد، وبدأ يحكي لي عن بلده سوريا، فقال: "لا أستطيع العودة إلى بلدي، فهذا مستحيل، بوسعك أن تعاقبني وترسلني إلى دولة أخرى، ولكن لا يمكنك أن تعيدني إلى بلدي، لأنني لا أستطيع أن أعيش هناك، إذ قد أفقد حياتي فيها".
ومحمد هذا الذي أصبح عمره اليوم 24 سنة ورفض الكشف إلا عن اسمه الأول لأسباب تتصل بسلامته، ترك ريف حلب الواقعة غرب البلاد في عام 2016، ومنذ ذلك الحين أصبح يقيم في تركيا بصفة لاجئ. وفي الوقت الذي ترعبه فكرة العودة إلى قريته، أعلن نظام الأسد بتوجيه من حليفته روسيا بأن الوقت قد حان لعودة 6.6 مليون نازح سوري هجروا بسبب الحرب التي امتدت لعشر سنوات إلى بلدهم.
فقد عُقد في الحادي عشر من تشرين الثاني مؤتمر دولي لعودة اللاجئين السوريين نظمته روسيا في دمشق، وكان من الواضح من خلال الدعوات التي أرسلت للدول الحليفة بأن الأهداف الرئيسية من اجتماعهم تتلخص بجمع المال من أجل إعادة الإعمار وحتى يرى العالم بأن سوريا أصبحت مستقرة اليوم ليقوم برفع العقوبات الدولية عنها.
وبالرغم من التصريحات التي دانت المؤتمر من قبل منظمات حقوقية وتنظيمات للاجئين والشتات، إلا أن 27 دولة حضرت ذلك المؤتمر.
فقد شملت الأعلام التي وضعت على المنصة في قصر الأمويين للمؤتمرات الذي يمتاز بفخامته كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، والتي تعرف جميعاً باسم دول البريكس، إلى جانب حليفة موسكو بيلاروسيا، وكذلك الجارتين العراق ولبنان، لتكون الأخيرة الدولة الوحيدة التي حضرت المؤتمر بوصفها تؤوي عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين.
أما تركيا التي تؤوي نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين مقارنة بأي مكان آخر في العالم، حيث بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين فيها 3.6 مليون شخص، فلم توجه لها الدعوة للحضور. وذلك لأن أنقرة تدعم القوات المعارضة لبشار الأسد في سوريا وبسبب حضورها العسكري القوي في شمال غربي البلاد. ولقد قاطعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذا المؤتمر، مؤكدين على أنه بموجب القانون رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي لا يمكن الحديث عن عودة اللاجئين دون تسوية سياسية للنزاع. إلا أن منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة في سوريا، السيد عمران رضا حضر ذلك المؤتمر بصفة مراقب.
وقد افتتح ميخائيل ميزينتسيف رئيس مركز إدارة الدفاع القومي الروسي فعاليات المؤتمر، حيث زعم بأن الحكومة السورية تضمن عودة آمنة للاجئين، ثم توجه إلى المجتمع الدولي مطالباً إياه: "بوقف سياسة العقوبات ضد النظام وفك تجميد الحسابات المصرفية".
وبالعودة إلى إسطنبول، يزعم محمد بأن ما قام به النظام وروسيا هو مجرد تمثيل، إذ يقول: "يريدون أن يظهروا للعالم أننا بخير وأن يقولوا: "انظروا لقد أنهينا الحرب"، لكن هذا غير صحيح. فنحن لن نكون بأمان إذا عدنا، إذ يحتمل أن نتعرض للاعتقال أو القتل".
وأضاف ذلك الشاب بأن هذا المؤتمر كان مبادرة من قبل روسيا لتعويض ما خسرته في هذا النزاع، إذ يقول: "أنفقت روسيا ملايين الدولارات في هذه الحرب، وهي اليوم تريد استعادة أموالها".
وفي خطابه في المؤتمر أنحى علي أصغر خاجي وهو مساعد رفيع لوزير الخارجية الإيراني باللائمة بالنسبة لسفك الدماء والدمار وهجرة ملايين السوريين على تدفق الإرهابيين الذين تدعمهم دول عدة، ثم أعلن عن اقتراح لإنشاء صندوق دولي من أجل إعادة الإعمار.
وفي تصريح لها قبل المؤتمر، أعلنت الجمعية السورية لكرامة المواطن، وهي حركة شعبية تطالب بالحقوق المدنية على لسان أمينها الدكتور مروان نزهان بأنه: "من الواضح أن غرض هذا المؤتمر هو محاولة تأمين الأموال من الغرب تحت ستار إعادة الإعمار وذلك لتأمين المكاسب التي تحققت من خلال الهجمات العشوائية على المدنيين ونزوحهم القسري".
وترى إيما بيلز وهي باحثة غير مقيمة لدى معهد الشرق الأوسط بأن المؤتمر لديه جدول أعمال قائم على صفقات، ولهذا تقول: "في حال عودة بعض اللاجئين، فإن هذا سيزيد من كم الأموال المخصصة لإعادة الإعمار وللإغاثة الإنسانية، ثانياً: إن ذلك يساعد على الدفع نحو فكرة التطبيع".
هذا وتعصف أزمة اقتصادية حادة بسوريا، حيث يضطر المواطنون في مناطق النظام إلى الاصطفاف ضمن طوابير طويلة ليحصلوا على احتياجاتهم اليومية من الطعام والوقود.
يعيش أحمد البالغ من العمر 31 عاماً والذي قام بتغيير اسمه لدواع أمنية، في تركيا منذ ثلاث سنوات ونصف، بعدما هرب من العنف في مدينته الأم دير الزور، ويعتقد هذا الشاب بأن ذلك المؤتمر مضيعة للوقت، إذ لا يجد شيئاً في سوريا يستحق أن يعود المرء لأجله، وهذا ما عبر عنه بالقول: "إن الشعب السوري لا يستطيع أن يعيش إذ لا يوجد هناك خبز ولا ماء ولا كهرباء، لا يوجد أي شيء، إذن كيف يمكن للأسد أن يعيد اللاجئين إذ لم يكن قادراً على مساعدة الشعب الموجود في سوريا؟"
وفي الوقت الذي يرغب فيه النظام في سوريا بعودة بعض اللاجئين ممن يملكون المال بحيث يمكنهم أن ينفقوه داخل بلدهم، ثمة مكاسب أخرى يمكن للنظام أن يحققها عبر الدفع نحو إعادة الإعمار من منطلق إنساني.
ففادي وهو شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، طلب منا استخدام اسم وهمي في الإشارة إليه، تعود أصوله إلى ريف دمشق، وقد عاش في لبنان خمس سنوات ولهذا يؤكد بأن النظام لا تهمه إلا مصلحته، وقد علق على ذلك بالقول: "سيحتفظون بالأموال المخصصة لإعادة الإعمار لأنفسهم" مشيراً بذلك إلى روسيا وإيران والنظام، ويضيف: "سيحرقون ذلك البيت، وسيحرقون سياراتنا، وسيدمرون كل شارع مررت به".
أما محمد فهو متأكد من أن روسيا ستؤمن أموال إعادة الإعمار من أجل سوريا، ولكن وحدهم المؤيدون للنظام هم من سيستفيد منها، ولذلك يقول: "قد يقومون بإصلاح بعض القرى في مناطقهم، لكن ليس في مناطقنا".
وتشرح بيلز ذلك بالقول بأن الناس الذين هربوا من القصف الذي تتعرض له المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من قبل قوات النظام ينظر إليهم على أنهم ينتمون للمعارضة ولذلك تم تجريدهم من حق الملكية، وحتى في حال اختيار مدنهم وقراهم لتدخل في عملية إعادة الإعمار سيبقى هؤلاء نازحين، وهذا ما عبرت عنه بالقول: "إن ما يعنيه وجود بعض تلك المشاريع هو عدم قبول عودة اللاجئين إلى وطنهم، لأن المناطق التي هربوا منها خلال الحرب دمرت أو تم ضمها لمشاريع أخرى يستفيد منها مؤيدو النظام".
وأشارت بيلز إلى العقبات التي قد تواجهها روسيا عند محاولتها جمع الدعم الدولي، فقالت: "من الصعب أن يفكر أحد بالاستثمار في هذه المنطقة، سواء أكان مستثمراً من القطاع الخاص أو منظمة إنسانية تحاول أن تقدم المال اللازم لإعادة الإعمار، وذلك لأننا لا نعرف إلى أين ستذهب تلك الأموال".
وترى بيلز بأن العقود التي منحت لمشاريع البنية التحتية تعطى عادة كمكافأة للأشخاص المقربين من الحكومة، ولهذا فإنها ستواصل تغذية اقتصاد الحرب.
وفي هذه الأثناء يواصل الرئيس اللبناني ميشيل عون الضغط من أجل إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بعدما ابتليت بلاده بأزمة اقتصادية وسياسية في آن واحد.
إذ قبل انعقاد ذلك المؤتمر، ذكر عون للمبعوث الخاص لروسيا إلى سوريا، أكساندر لافرينتيف بأنه: "يتطلع إلى حل سريع" لوضع اللاجئين، وأضاف أن: "اللاجئين تسببوا بخسائر كبيرة للبنان".
وحتى لو أكدت مشاركة لبنان في المؤتمر على النية للضغط من أجل عودة اللاجئين، إلا حكومة لبنان بقيت منقسمة حول هذا الشأن، إذ تقوم بعض الأحزاب التي تدعم نظام الأسد بتأييد فكرته ودوافعه لإعادة النازحين إلى بلادهم، في حين يعترف آخرون بالوقائع على الأرض ويرون بأنه من واجب لبنان حماية اللاجئين.
فقد أخبرنا فادي الذي يعيش في بيروت بأنه لم يتعرض لأي ضغوطات حتى يعود، وذلك بفضل وجود الأمم المتحدة بشكل قوي في تلك البلاد والدور الذي يلعبه اللاجئون السوريون اليوم في الاقتصاد اللبناني، وهذا ما دفعه للقول: "أشك بإمكانية حدوث عودة إجبارية من لبنان، أضف إلى ذلك أن لبنان أصبح يعتمد على العمال السوريين".
ويأمل فادي أن يتمكن من العودة إلى بلده في يوم من الأيام، شأنه في ذلك شأن ثلاثة أرباع السوريين المهجرين، إلا أنه لن يفكر بذلك إلا عندما تصبح العودة آمنة.
هذا وتواصل الأمم المتحدة الضغط من أجل قيام تسوية سياسية في سوريا تؤخذ فيها مصلحة عودة اللاجئين بعين الاعتبار، إلا أن كثيرين لا يطمئنون لفكرة وجود الأسد ضمن تلك المحادثات، وقد تم التعبير عن تلك المشاعر عبر وسم انتشر على تويتر بالعربية والإنكليزية وذلك قبل انعقاد المؤتمر وهو: لا عودة بوجود الأسد:   #No_Return_With_Assad.
ومن جهته يرى محمد بأنه لا أحد يثق بالضمانات التي قدمها النظام، ولهذا لن يعود أي أحد إلى أن يتم إلقاء القبض على الأسد ومحاكمته، إذ يخبرنا بأنه: "حتى لو أتت قوات حفظ السلام من أجل الحماية، سيقتلونك من وراء ظهورهم".
 المصدر: كوداستوري
=========================
الصحافة البريطانية :
الجارديان :كيف دمّرت حروب المعلومات المضلِّلة في سوريا حياة أحد مؤسّسي “الخُوَذ البيض”؟
https://daraj.com/60128/
ترجمة - The Guardian
نوفمبر 20, 2020
خلال السنوات التي سبقت وفاة جيمس، أصبح هو ومنظّمة "الخوذ البيض" محورَ اهتمام حملة تضليل إلكترونيّة يقودها مسؤولون سوريّون ورُوس، ويروِّج لها مدوّنون موالون للأسد وشخصيّات إعلاميّة يمينيّة متطرِّفة ...
في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، وقبل شروق الشمس مباشرة على إسطنبول، استيقظت إيمّا وينبرغ من غفوة قصيرة على صوت طرقٍ مدوٍّ متكرّر على باب بيتها الحديديّ. تحسّست إيمّا بهلعٍ المساحة الفارغة بجوارها على السرير، بعيونٍ نصف نائمة. نهضت سريعاً وارتدت سروالاً على عجلٍ، وتعثّرت بالمصباح الذي بجوار السرير أثناء ركضها إلى المطبخ المجاور لغرفة النوم. قالت إيمّا، “لم يكن جيمس موجوداً هناك. وأدركت لحظتها ما حدث”.
نامت إيمّا لفترة قصيرة بعد ليلة مضطربة. وبينما كانت تغطّ في النوم، في حدود الساعة الرابعة والنصف صباحاً، رأت زوجها ينظر إليها وهو يقف بالقرب من نافذة غرفة النوم في شقّتهما التي تقع في الدور الثالث. وبعدما استيقظت فزِعة، توجّهت إلى البقعة التي كان يقف فيها، وكان فزعها يزيد مع كلّ خطوة تخطوها. تقول إيمّا، “نظرت إلى الأسفل وقلت لنفسي: شكراً يا إلهي، جيمس ليس هنا. ثم نظرت إلى اليسار”.
كان جيمس لو ميسورييه، الذي شارك في تأسيس “الخُوَذ البيض”، المنظّمة التي تكرّس جهودها لإنقاذ المدنيّين العالقين في الحرب السوريّة، يتمدّد عارياً في الأسفل وسط العتمة. وقد التفّ مصلّون كانوا في طريقهم لأداء صلاة الفجر، في جامع “قليج علي باشا” القريب، بصمتٍ حول جثّة الأجنبيّ الممدّدة على أرضيّة الزقاق المرصوف بالحصى. وتبعثرت الضمادات والأغلفة البلاستيكيّة التي خلّفها المسعفون وراءهم في موقع الحادث.
في مكان ليس ببعيد، كانت سفن الشحن المحمَّلة ببضائع تشقّ طريقها عبر مياه البوسفور التي بدت رماديّة اللون. ووقفت نوارس على حائط تراقب المشهد، بينما واصلت جموع المتفرّجين ورجال الشرطة ازديادها. حينها بدأت شمس الخريف تتسلّل ببطءٍ فوق الأفق.
وصلت إيمّا أسفل الدرج وهي تتعثّر، وفتحت أحد البابَين الأمنيَّين، وعندما همَّت بفتح الثاني هُرِع خمسة رجال شرطة إليها. أخبرَتني إيمّا راهناً في المرّة الأولى التي تحدّثت فيها علناً عن وفاة زوجها قائلة، “سمعتُ بعدها من شخص آخَر أنّني كنت أبكي وأردِّد: لا، لا، لا. أحضرتُ بطّانيّة لأنّني كنت أريد أنْ أغطّيه. كنت أستطيع رؤيته وأنا واقفة عند الباب، لكنّهم لم يسمحوا لي بلمسه. حاولتُ إقناعهم بأخذ البطّانيّة لوضعها عليه وتغطيته، لكنّهم رفضوا أيضاً، وأجبروني على الصعود إلى الأعلى. ثم بدأت بعد ذلك أسوأ لحظة في حياتي”.
سرعان ما انتشر خبر وفاة جيمس، وأصبح محورَ حديث الأوساط السياسيّة في إسطنبول وشمال سوريا. واستيقظ الناس في لندن وموسكو -حيث كان أكثر شهرةً- على تقارير وفاته بعد ساعتين من الحادثة. اطّلع أيضاً كبارُ المسؤولين في البلدَين، بينهم بوريس جونسون شخصيّاً، على الخبر قبل إفطارهم. كان هذا خبراً عالميّاً بتداعيات واسعة النطاق. التقى بوريس جيمس خلال زيارة سابقة قام بها بوريس إلى تركيا عام 2016 عندما كان وزيراً للخارجيّة، وظلَّ داعماً لعمله من ذلك الحين.
جيمس لو ميسورييه، من مؤسسي “الخُوَذ البيض”
منذ أواخر عام 2013، كان جيمس يساهم في تنسيق فريق من المتطوّعين في شمال غربيّ سوريا، حيث يتركّز معظم المعارضين لحكم بشّار الأسد. كانت المنطقة خارج تغطية رجال الإنقاذ المدعومين من الدولة؛ ولهذا -وبدافع اليأس- بدأ سكّان المنطقة -من مدرّسين ونجّارين ومدنيّين آخرين- تنظيم أنفسهم وتشكيل مجموعات لانتشال أفراد أسرهم وجيرانهم من تحت الأنقاض بعد القصف الجوّيّ. وقد التمَس رجال إنقاذ المساعدة من مؤسّسة “أرك” Ark الدوليّة للاستشارات الإنسانيّة في الإمارات، التي كان يعمل جيمس فيها حينذاك. وبعد عشر سنوات في الشرق الأوسط، أصيب بخيبة أمل إزاء شركات الأمن الأجنبيّة ذات الميزانيّات الضخمة، التي شعر بأنّها تعمل على إثراء المتعاقدين الأجانب أكثر من سعيها إلى تمكين السكّان المحلّيّين. وتصوَّر أنّ المنظّمات ذات القواعد الشعبيّة، التي تتشكّل من مدنيّين يعملون على أرض الواقع، يُمكن أنْ تقدم أداءً أفضل بكثير. وبدا له أنّ عمل رجال الإنقاذ السوريّين المدنيّين مثاليّ للغاية. لذا استقال من “أرك”، وأخذ فكرة المشروع معه، وانتقل للعيش في تركيا.
سرعان ما كبرت الفكرة. وبدأ جيمس، الذي كان ضابطاً في الجيش البريطانيّ خلال التسعينات، يساعد على تدريب رجال الإنقاذ المتطوعين ويؤمّن التمويل الدوليّ لِعملهم. وأسّس في مطلع عام 2014 “مؤسّسة مِيْدِي للإنقاذ” Mayday Rescue Foundation، ويعني اسمها مؤسّسة “الاستغاثة للإنقاذ”، لتدريب المدنيّين المتطوّعين وتزويدهم بالمعدّات اللازمة، وجعلها شغله الشاغل خلال آخر خمس سنوات من حياته.
 بعد فترة قصيرة تحولت الفكرة إلى منظّمة ذات اسم بارز. وبدأ المتطوعون في “الخوذ البيض” -كما باتوا يُعرَفون- استخدام الكاميرات المثبَّتة على الرأس لتسجيل ما كان يحدث على أرض الواقع. كان لصور المتطوعين السوريّين، الذين يرتدون خُوَذاً بيضاً عليها كشّافات ويضعون أقنعة واقية من الغازات، وهم يجاهدون وسط الأنقاض لإنقاذ الأرواح، وقعٌ كبير في جميع أنحاء العالم. واستطاعت مَشاهدُ الرضَّعِ الذين يُنتشَلون أحياءً من تحت أنقاض المباني المقصوفة والأطفالِ الذين يُنقَلون إلى سيّارات الإسعاف من وسط حطام المنازل المحترقة، أنْ تضع حدّاً لحالة التخاذل العامّ المحيطة بالحرب. احتفى صنّاع الأفلام والمشاهير وزعماء العالم بمجهودات “الخوذ البيض”. كانت المنظّمة، في أوجها، تُموِّل 200 فريق في مختلف أنحاء سوريا، بإجمالي 4 آلاف رجل إنقاذ ومُسعِف، مع توفير شاحنات إغاثة وسيّارات إسعاف ومعدّات حفر أيضاً.
انهالت الأموال على المنظّمة، إذ تبرَّعت بريطانيا والدنمارك وألمانيا وهولندا وقطر وكندا بمبالغ وصل مجموعها إلى 30 مليون دولار سنويّاً، عندما كانت الطائرات الروسيّة والسوريّة تقصف مئات آلاف الأشخاص في شمال غربي سوريا. فقد وصل عدد القتلى في الصراع إلى حوالى 500 ألف شخص في منتصف عام 2015. وارتفعت هذه الأرقام في أواخر العام نفسه عندما تكثّفت الغارات الجوّيّة الروسيّة. ومنذ ذلك الحين وعدد القتلى آخذ في الارتفاع.
كانت سوريا تنهار بالكامل، في كارثة عالميّة أخرى أعقبت الغزو الأميركيّ-البريطانيّ المشترَك للعراق والإخفاقات الجسيمة التي حدثت خلاله، والتي لطّخت سمعة الحكومة البريطانيّة (ودفعتها للاعتذار لاحقاً). بَدَا أنّ تمويل “الخوذ البيض” يُمثّل وسيلة مساعدة مأمونة خالية من المخاطر للدول التي لا ترغب في التدخّل عسكرياً. لذا أصبح تعاوُن الحكومة البريطانيّة مع “ميدي” من التدخّلات المعروفة القليلة التي قامت بها بريطانيا في الحرب السوريّة.
حصد عمل “الخوذ البيض” لاحقاً أوسمةً وجوائز عالميّة. ورُشِّحت المنظّمة أكثر من مرّة لنيل جائزة نوبل للسلام. وعام 2016، حصل جيمس على وسام الإمبراطوريّة البريطانيّة برتبة ضابط “لحمايته المدنيّين في سوريا”. ثمّ في العام التالي، فاز وثائقيّ “الخوذ البيض” الذي أنتجته “نتفلكس” بجائزة أوسكار. لكن مع تعاظم شهرة المنظّمة دوليّاً، اجتذبت أيضاً أعداءً أقوياء كانوا مصمِّمين على تشويه سمعتها ومطاردة مَن يقفون خلفها.
وبَينما كان خبراء الطبّ الشرعيّ يُشرِّحون جثمان جيمس، وصل مزيد من رجال الشرطة إلى مقرّ “ميدي”، الذي يقع في الطبقة الثانية من البناية التي كان جيمس يسكن فيها؛ وسرعان ما عجَّ المكان بالمسؤولين. في الدور العلويّ، الثالث، كان المحقِّقون يباشرون العمل مع إيمّا، فقد أخذوا بصماتها وعيِّنات من حمضها النوويّ، وعامَلوها كمشتبهٍ بها في جريمة قتل. في الطرف الآخَر من المدينة، حيث يقع مقرّ منظّمة “الخوذ البيض” ومكاتبها، استيقظ الموظّفون على الأخبار المروِّعة التي تتحدّث عن وفاة جيمس. وكذلك كان الحال على الإنترنت، حيث طُعِنَ في عمل المؤسّسة -وعمل جيمس نفسه- منذ اللحظة الأولى لتأسيسها.
عام 2016، حصل جيمس على وسام الإمبراطوريّة البريطانيّة برتبة ضابط “لحمايته المدنيّين في سوريا”. ثمّ في العام التالي، فاز وثائقيّ “الخوذ البيض” الذي أنتجته “نتفلكس” بجائزة أوسكار
خلال السنوات التي سبقت وفاة جيمس، أصبح هو ومنظّمة “الخوذ البيض” محورَ اهتمام حملة تضليل إلكترونيّة يقودها مسؤولون سوريّون ورُوس، ويروِّج لها مدوّنون موالون للأسد وشخصيّات إعلاميّة يمينيّة متطرِّفة ومَن يصفون أنفسهم بأنّهم معادون للإمبرياليّة. فمع اتّساع رقعة عملهم في سوريا، أصبحت المجموعة واحدة من أكثر المؤسّسات في العالم التي تتعرّض لحملات تشويه السمعة والتمحيص الدقيق.
كان الدافع وراء ذلك واضحاً. فهذه مجموعة تعمل حصراً في مناطق سوريّة تخضع لسيطرة المعارضة، وتساعد في إنقاذ ضحايا الهجمات التي ينفّذها أنصار الأسد. في الوقت ذاته، قوَّضت مشاهد عمليّات الإنقاذ سرديّة النظام وحشدت تعاطفاً إنسانيّاً كبيراً مع ضحاياه. اعتبر النظام أنّ هذه استفزازات لا تُغتفَر.
التدخل الروسي
بدءاً من أيلول/ سبتمبر 2015، عندما تدخّلت روسيا في الحرب لدعم الأسد والحيلولة دون هزيمته، وصلت الغارات الجوّيّة على الأحياء المدنيّة إلى مستويات غير مسبوقة. وأظهرت المشاهدُ الواضحة للرجال والنساء والأطفال المصابين بإصابات مروِّعة كذبَ ادّعاءات الأسد والروس أنّ حملتهم لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب وريف دمشق لا تستهدف سوى “الجماعات الإسلاميّة الإرهابيّة” والمتعاطفين معهم، بل أكّدت، مثلما تُظهِر مقاطع الفيديو المسجَّلة، أنّهم كانوا يقصفون الأحياء المدنيّة قصفاً عشوائيّاً.
سرعان ما تضخّمت حملة التضليل، وكان هدفها إثارةَ الشكوك حول منظّمة “الخوذ البيض” والصور التي تسجلها. مع تطوّر الحرب، بات شمال غربي سوريا مرتَعاً للإسلاميّين المتطرّفين العازمين على استغلال الفوضى لتدشين فكرة “الجهاد العالميّ”. استغلّ مروِّجو حملات البروباغندا الارتباكَ على أرض الواقع؛ وبعد فترة وجيزة انتشرت مزاعم على الإنترنت بأنّ “الخوذ البيض” أصبحت مخترَقة من تنظيم “القاعدة”، الذي يزعم أنّه استولى على المجموعة كوسيلة للحصول على تمويلها الأجنبيّ. انتشرت اتّهامات أيضاً بأنّ المنظّمة أسستها حكومات عقدت العزمَ على الإطاحة بحكم الأسد، وأنّ المتطوِّعين في “الخوذ البيض” كانوا “ممثِّلي أزمات” يفبركون مشاهد تمثيليّة لتشويه سمعة روسيا وسوريا.
أفسحت وسائل الإعلام الروسيّة والسوريّة المجالَ لبعض المغفّلين المُفيدين الذين يروِّجون نظريّات المؤامرة تلك على “يوتيوب” و”تويتر” ومواقعهم الشخصيّة الهامشيّة، ومنحتهم تغطية جذّابة. كان جيمس نفسه هدفاً لسلسلة شبه يوميّة من الهجمات الروسيّة التي ترعاها الدولة على التلفزيون الرسميّ ومنصّات التواصل الاجتماعيّ، والتي وُصِف خلالها بافتراءات كثيرة ملفَّقة كالإرهابيّ والجاسوس والمُتحرِّش بالأطفال ومهرِّب الأعضاء. سموه أيضاً “عميل الاستخبارات الغربيّة”، الذي يستخدِم مؤسّسة إغاثيّة وسيلة خفيّة لتغيير النظام. بل إنّ تلك الاتّهامات وصلت إلى مجلس الأمن الدوليّ خلال اجتماع مغلَق دعت إليه موسكو.
 كان الهدف هو إغراق جميع المنافذ الإعلاميّة بالأكاذيب لزعزعة الثقة في أوساط داعمي المنظّمة، بخاصّة الحكومات المانحة. وبالفعل آتَت هذه الاستراتيجيّة ثمارَها في ما يتعلّق بسمعة “الخوذ البيض” وأخلاقيّات المتطوِّعين فيها والداعمين لها ونزاهتهم. في أيلول 2018، عندما التقيتُ جيمس للمرّة الأولى، تحدَّث معي عمّا تسبِّبه له حملة التشويه تلك من إرهاق وإجهاد. ومنذ ذلك الحين أتابع قصّته عن كثب.
 خلال السنوات القليلة الماضية، اتّسمت الطبيعة الجيوسياسيّة للصراع السوريّ، وطبيعة الحرب ذاتها، بتحدّياتٍ كبيرة أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. فقد بات شمال غربيّ سوريا هو المنطقة الأكثر كثافةً سكّانيّة في البلاد بأسرها، والتمس المُهجَّرون المشرَّدون من جميع المناطق ملاذاً آمِناً لهم وسط سكّان المنطقة الأصليّين. وجدت أيضاً جماعات إسلاميّة متشدِّدة طريقَها إلى المنطقة واتّخذتها مقرّاً لها. وعلى نحو متزايد أصبح التساؤل حول مَن يسيطر على إدلب -المحافظة التي كانت “الخوذ البيض” تنتشر فيها أكثر من أيّ منطقة أخرى- يشغل الحكومات المانحة، التي طالبت بتوضيح الجهات التي تذهب مساعداتهم الماليّة إليها.
قال إيثان ويلسون، مدير البرامج السابق في “ميدي”، “أصبح الوضع على الأرض أكثر تعقيداً. فبين عامي 2017 و2019، أدّت عوامل مُجتمعة تتمثّل في النفور العالميّ المتزايد من سوريا، وحملة التضليل الروسيّة، وتزايُد سياسات اليمين المتطرِّف الانعزاليّة والارتيابيّة في الغرب، إلى التدقيق الشديد في أوضاع المؤسّسات الإغاثيّة أكثر ممّا كان الحال عليه في عامي 2015 و2016”.
طيلة عام 2019، كانت “ميدي” تتعرّض لضغوط متزايدة. فقد واجه الديبلوماسيّون الذين يتعاملون معها أسئلة كثيرة للغاية من السياسيّين تتعلّق بكيفيّة إنفاق أموالهم والجهات المستفيدة منها. أصبح من الضروريّ التدقيق في كلّ قرش من أموال المانحين، وأُثيرت مخاوف من أنّ “ميدي” لا تمتلك النظم والهياكل المناسبة لمراقبة حساباتها ومصادر تمويلها الكثيرة. وفي أواخر عام 2018، طالبت وزارة التنمية الدوليّة في بريطانيا -التي كانت وقتها الدائرة الحكوميّة المسؤولة عن إدارة المساعدات الخارجيّة- بإجراء مراجعة للحسابات، سُلّمت في حزيران/ يونيو 2019.
 في الأسبوع الأخير من حياة جيمس، تصاعدت حدّة التوتّر الذي مرّ به لسنوات. ففي السابع من تشرين الثاني، وقبل أربعة أيّام من وفاته، اجتمع مع فريق جديد من المُراجِعين في اجتماعٍ مصيريّ. وكان قد ابتعد خوفاً من أنّه بشكلٍ ما فقدَ السيطرة على “ميدي”. ففي ذهنه كان كلّ ما عمِل من أجله على وشك أنْ يُواجه تحدّيات مفاجئة وصادِمة بأساليب عصيّة على الفهم. الأسوأ من ذلك أنّ سمعةَ منظّمته، إضافةً إلى “الخوذ البيض”، بدَت على المحكّ. وقد خشِي أنْ يحكم عليه التاريخ أنّه كان الرجل الذي دمّر ميراثها، وعرَّضَ المساعدات المقدَّمة إلى السوريّين المُحاصرين للخطر. وعند وفاة جيمس، أو ما يعتقد أصدقاؤه وأسرته والشرطة التركيّة أنّه كان انتحاراً، كانت الضغوط النفسيّة التي تعرّض لها أصبحت لا تُطاق.
مثّلت حياة جيمس لو ميسورييه ووفاته قصّة إنسانٍ أصبح كبشَ الفداء ومحورَ النقد في حرب السرديّات حول الصراع السوريّ؛ فهو إنسان ساهم في بناء إحدى أبرز المجموعات خلال الحرب السورية، وأصبح من حيث لا يدري شخصيّةً محوريّة في حرب المعلومات العالميّة الدائرة على أنقاض النظام العالميّ المنهار. وهي أيضاً قصّة انهيار منظّمة أدارت إحدى أنجح محاولات التدخّل التعاوُنيّة لتقديم الدعم في الآونة الأخيرة، وتحكي أيضاً كيفيّة انهيار جيمس في أيّامه الأخيرة تحت وطأة حِملٍ من المزاعم التي ثبت لاحقاً كذبها.
حين وصل كورنيليس فريسفيك إلى إسطنبول في الأسبوع الثاني من كانون الثاني/ يناير 2020، لم تكن لديه فكرة عمّا عليه توقّعه. كان كورنيليس، المخضرَم في مجال الأعمال في هولندا، قد اشتُهر بإنقاذ الشركات الواقعة في ضوائق ماليّة. وعلى مدار مسار مهنيّ طويل في قطاع الشركات، صار كورنيليس نسخةً لقطاع التمويل من مستر وولف في فيلم “خيال رخيص” Pulp Fiction، وهو شخص يمثّل وجهة مَن يبحثون عن حلٍّ لأكثر المشكلات تعقيداً. بدَت هذه المهمّة ملائمة تماماً لكورنيليس.
استُدعِيَ هذا الهولنديّ البالغ من العمر 62 سنة لمُراجَعة حسابات “ميدي”، المؤسّسة التي لم يكن يعلم عنها شيئاً، والعاملة في مجالٍ لم يكن له اطّلاع عليه. وكما أخبرني كورنيليس، “أيّاً كانت الخلفيّة، كان الأمر ملائماً تماماً لخبراتي. فأنا أعمل في عالمٍ كلّ ما فيه واقع تحت الضغط”.
تمّ تعيين كورنيليس في “ميدي” من قِبَل مديرها الماليّ يوهان إليفيلد بناءً على طلب المانحين. فقد أصابهم الانزعاج إثر رسالة إلكترونيّة أرسلها جيمس قُبَيل وفاته بأيّام، وفيها أثار عدداً من القضايا الماليّة التي تمّ التنبيه منها في اجتماع مع يوهان وشركة تدقيق الحسابات. في 7 كانون الثاني 2020، التقى كلٌّ من كورنيليس ويوهان في مدينة روتردام الهولنديّة، وفي 12 كانون الثاني سافَرَا إلى إسطنبول مع رجل أعمال هولنديّ آخر يُدعَى روب فان إيك. في كلا الاجتماعَين قدِّمت إلى كورنيليس سلسلة من المخاوف المتّصلة بالشؤون الماليّة لـ”ميدي”. وكانت هذه المخاوف نابعةً جزئيّاً من النتائج الأوّليّة لتقييم استشاريّ قدَّمَته إلى جيمس، في تشرين الثاني، شركةُ التدقيق الهولنديّة SMK، في ذلك الاجتماع المصيريّ قبل أربعة أيّام من وفاته، وجرى لاحقاً تلخيص التقييم في مسوَّدة مَحضَر. أثار التقييم أسئلة حول عدد المعامَلات النقديّة، وحدَّد مجالات تثير القلق في سجلّات “ميدي”. ووفقاً لكورنيليس، أثار يوهان مزيداً من الأسئلة الإضافيّة إلى جانب ما قامت شركة SMK بتغطيته.
مثّلت حياة جيمس لو ميسورييه ووفاته قصّة إنسانٍ أصبح كبشَ الفداء ومحورَ النقد في حرب السرديّات حول الصراع السوريّ
وقال كورنيليس “جلست في ذلك الاجتماع الأوّل، وعليّ القول إنّ انطباعي كان أنّ جيمس وإيمّا شخصَان سيّئان؛ وأنّ جيمس زعيم عصابة. وقد أخبرني يوهان أنّ إيمّا أنفقَت 90 ألف دولار على فستان زفافها، وأنّهما معاً أنفقَا ربع مليون دولار لاقتناء زورق بحريّ سريع، وأنّهما يقضيان شهر عسل يمتدّ عاماً كاملاً مع شراء مجوهرات اللؤلؤ وحقائب اليد؛ وكلّ هذا على حساب “ميدي”. واعتقدت أنّ أمر تدقيق الحسابات سيمثّل تحدّياً”. فيما قال يوهان في تصريح لصحيفة “الغارديان” إنّه لا يرى هذا الوصف للاجتماع معبِّراً عمّا دار فيه، وأصرّ على أنّه لم يذكر أيّ شيءٍ لم يرِد في مَحضَر شركة SMK.
ترأّس كورنيليس مجلساً للإشراف من ثلاثة أشخاص -إذْ كان معه محامٍ وفان إيك- للوصول إلى جوهر الأمر (كان جيمس في وقت وفاته يحاول نقل مقرّ “ميدي” من إسطنبول إلى أمستردام؛ ومن هنا يتّضح الرابط الهولندي). يقول كورنيليس: “كانت هناك مزاعم بوجود فوائد وأتعاب هائلة، ومزاعم بوجود مدفوعات نقديّة غير مرخَّصة، لأسباب شخصيّة، ومزاعم بوجود فروق بين الأموال التي تستلمها ميدي وتلك التي تصرفها، إضافةً إلى مزاعم حول مستحقّات ضريبيّة”.
إذا ثبتت تلك المزاعم، ستكون لها آثار مدمِّرة على “ميدي”، ومضرّة بالحكومات المانحة، التي واصلت دعمها المؤسّسة -وخصوصاً “الخوذ البيض”- حتّى أواخر 2019، على رغم المعلومات المضلِّلة التي أحاطت بعمل المجموعة.
 وقد أخبر جيمس أصدقاءه قُبَيل وفاته بمدّة قصيرة أنّ تلك المزاعم بدت كأنّها تنبع من العدم. وبَينما أوصت عمليّة تدقيق الحسابات لشهر حزيران/ يونيو 2019 -التي أُجرِيت بطلبٍ من وزارة التنمية الدوليّة في بريطانيا- بإدخال ضوابط محاسبيّة أكثر تشدّداً ونظُم حَوكمة أكثر صرامةً، ليس هناك ما يُشير إلى أنّ مستقبل “ميدي” على المحكّ. أثار اجتماع تشرين الثاني مع شركة SMK لتدقيق الحسابات أسئلة حول عمليّات السحب النقديّ والأوضاع الضريبيّة واتّفاقيّات المنح، ولكنّه لم يُصدِر أيّ نتائج رسميّة. ومع ذلك، فإنّ طبيعة القضايا التي نبّهت إليها كانت صادمة بالنسبة إلى جيمس في الصميم.
معاملة من دون حل…
ظلّت إحدى المعامَلات من دون حلّ منذ عمليّة تدقيق الحسابات لتمّوز/ يوليو، وأثارتها من جديد شركة SMK في تشرين الثاني: إذْ كان جيمس سحَبَ 50 ألف دولار من خزينة “ميدي” في تمّوز 2018، لدعم مهمّة إجلاء حوالي 400 من أعضاء فريق “الخوذ البيض” وعائلاتهم من جنوب سوريا إلى الأردن. وقد أشارت المُراجَعة التي أمرَت بها وزارة التنمية الدوليّة البريطانيّة في وقتٍ سابق من العام إلى أنّ ثمّة حاجة لتحديد ما إذا كانت تلك الأموال قد دُقّقت بشكلٍ صحيح، ويعاد الآن فحصها مرّة أخرى.
 أراد فريقا تدقيق الحسابات رؤيةَ دليلٍ ملموس. في بلدٍ منهَك مزّقته الحرب، كسوريا، حيث كلّ الأمور يحرّكها المال، فإنّ الافتقار إلى تسجيلات إلكترونيّة جعل المدرسة القديمة في ضبط الحسابات أمراً ضروريّاً. ووفقَ ما قالته نادرة السكَّر، رئيسة دائرة الامتثال في “ميدي”، أُعيدَت الأموال التي لم يستخدمها جيمس، ومقدارها 40800 دولار، ولكنْ سُجِّلَت في دفتر حسابات جعل من الصعب العثور عليها في سجلّات “ميدي”. لم يحتفظ جيمس بإيصالات المبالغ الإضافيّة، التي تشمل 9200 دولار أنفقها في الأردن، ولم يتذكّر إعادة المبلغ.
 في أواخر أيار/ مايو 2019، التقى جيمس فريقَه الماليّ لمحاولة حلّ القضيّة، وقرّر أنْ يقوم بتأريخ إيصال بتاريخٍ سابق، لتقديمه إلى مدقّقي الحسابات. أخبرتني نادرة السكَّر أنّ هذا “لم يكن غيرَ قانونيّ، ولكنّه مع ذلك كان مريباً”.
 في 8 تشرين الثاني، وبعد الاطّلاع على مسوّدة مَحضَر الاجتماع مع مدقّقي الحسابات الهولنديّين، اختار جيمس -عند مواجهة ما خشِيَ أنْ يؤدّي إلى تفكّك “ميدي”- معالجة ما بدا له فوزاً عاجلاً؛ وهو شرح الظروف الكامنة وراء سحب مبلغ 50 ألف دولار، مع اتّخاذ قرار بتأريخ إيصال بتاريخ سابق”. كتب جيمس، متجاهلاً تحفظّات زملائه، رسالةً إلكترونيّة طويلة إلى المانحين، أقرّ فيها بأنّ السجلّات المتعلّقة بمبلغ الـ50 ألف دولار تمثّل تزويراً من الناحية التقنيّة. وقد اعتقد جيمس أنّ هذه الشفافيّة -تِجاهَ ما مثّل في نهاية المطاف حالةً من الغموض في ضبط وإدارة الحسابات- قد تطمئن المانحين وتؤمن التمويل في المستقبل.
ووفقَ مصادر متعدّدة، جعل يوهان مسألة الإقرار بالخطأ حيالَ ما بدا فقدان مبلغ 50 ألف دولار أمراً محوريّاً في نقاشاته مع كورنيليس وآخرين. تمّ الإبقاء على شركة المحاسبة الجنائيّة “غرانت ثورنتون” خلال الأسبوع الذي تلا وفاة جيمس. وفي الأشهر الأربعة التالية، طالَع مراجِعُوها الرسائل الإلكترونيّة وسجلّات المحادثات الهاتفيّة، وعقدوا مقابلات مع موظّفي “ميدي”، ومنهم يوهان.
قبل “كريسماس”…
في الأسبوع الذي سبق عيد الميلاد، تلقّت إيمّا خطاباً من محاميّ “ميدي”، يتّهمونها فيه بـ”الإثراء غير المشروع مع آخرين، على حساب المؤسّسة”، مع توقيفها من منصبها في المؤسّسة كمديرة تنفيذيّة للتأثير. بدأ الخطاب بالقول إنّ “مؤسّسة ميدي للإنقاذ، ممثّلةً بعضو مجلس إدارتها، السيّد يوهان إليفيلد، قد طلبَت منّي إبلاغكم بما يلي…” كان يوهان حينها هو عضو مجلس الإدارة الوحيد. وواصَل الخطاب مشيراً إلى أنّه “في أعقاب عمليّة تحقيق أخيرة، تصاعدت شكوك خطيرة” بأنّ إيمّا سحبَت مبلغ 55 ألف دولار على ثلاث دفعات في حزيران وتمّوز 2018، ولم تقم بإعادتها.
لذا، في منتصف كانون الثاني الماضي، بدأ كورنيليس الدور الأشدّ حساسيّة من الناحية السياسيّة في حياته -وهو رئاسة المجلس الاستشاريّ لمؤسّسة ميدي للإنقاذ- غافلاً إلى حدّ كبير عن التدقيق السياسيّ الذي كان يمثّل قرعاً متواصلاً للطبول في عمل “ميدي”. فقد كانت المؤسّسة التي تموّلها حكومات، وجميعها مسؤولة أمام سياسيّيها، مؤسّسةً معقّدةً بما فيه الكفاية. أضِف إلى ذلك سلسلة من المعامَلات التي قد تكون غير منتظمة، وربّما يكون لذلك آثار على مستقبل تقديم الدعم في سوريا.
في 21 كانون الثاني، وفي وسط التحقيقات التي قادها كورنيليس وشركة “غرانت ثورنتون”، انهارت قلاع “ميدي”. وقال كورنيليس “أخبرني المانحون بشكلٍ جماعيّ أنّ أحداً منهم لن يدعم ميدي بعد ذلك. من تلك اللحظة، صار الأمر كلّه يتعلّق بخطّة إغلاق المؤسّسة”.
من أوائل الأشياء التي نظر فيها كورنيليس هو مبلغ الـ50 ألف دولار المفقود والمزاعم حول عمليّات سحب أخرى لاستخدامات شخصيّة. وقال كورنيليس “احتفظتُ بآرائي لنفسي إلى منتصف آذار/ مارس تقريباً. ثمّ بدأت التفاعل مع المانحين بصورة فرديّة”.
من حينها بدأت رؤى كورنيليس في التحوّل.
إيمّا وينبيرغ
مذ بدأت إيمّا وينبيرغ الجلوس مع جيمس تغيّرت حياتهما. ففي آذار 2016 سعت إيمّا إلى اللقاء في إسطنبول برجلٍ تعرّفت إليه مرّتين بشكلٍ وجيز في حفلات مفتوحة، ورأته إنساناً جذّاباً ذا حضور قويّ. وصلت إيّما -وهي ديبلوماسيّة بريطانيّة سابقة- إلى مكاتب “ميدي” في إسطنبول، وفي نيّتها العمل. في ذلك الحين كانت تعمل في شركة اتّصالات شمال العراق، حيث تقوم بتصميم استراتيجيّات شعبيّة لتعطيل تنظيم “داعش”، الذي كانت ينتشر في المنطقة آنذاك. كانت إيمّا تأمل بإقناع جيمس بالمساعدة في مشروع يحشد فرقاً محلّيّة لحماية المجتمعات السكنيّة المحيطة بسدّ الموصل الذي كان المهندسون يخشون انهياره.
لم تتحرّك الخطّة قيد أنملة، ولكنّ اللقاء استمرّ إلى الليل. وعن هذا اللقاء قال جيمس في أواخر 2018، “بحلول لحظة انتهائنا من احتساء زجاجة النبيذ الرابعة، أدركت أنّنا سنستمرّ معاً. كانت إيمّا الشريكة التي حلمت بها”.
انتهت زِيجَتا جيمس السابقتان بالطلاق، وصارت “ميدي” هي همه الأول. قال لي في تشرين الثاني 2018 “لقد فقدت الأمل بالحبّ”. وكان هذا شعور إيمّا أيضاً حينها؛ إذ قالت لي بعد ذلك بشهور “كنت باختصار يئستُ من “الحياة”، قُبِيل لقائي جيمس. كنا اخترنا أولوليّة الهدف على الإنجازات الشخصيّة. ثمّ كان لقاؤنا، وتغيّر كلّ شيء. عاد إلينا الأمل”.
تزوّج جيمس وإيمّا صيف 2018 في أفخم فندق في “بيوك أضه” (الجزيرة الكبيرة، إحدى جزر بحر مرمرة)، التي تبعد من إسطنبول نحو ساعتين بالعَبّارة. وقد كان رائد الصالح، رئيس منظّمة “الخوذ البيض” أحد أَشابنة جيمس. في حين سافر ممثّلون من البلدان المانحة من جميع أنحاء العالم إلى هناك لحضور حفل الزفاف؛ إضافةً إلى أصدقاء الزوجين القدامَى، ومن بينهم زملاء جيمس الضباط في الصفّ الدراسيّ عام 1993 في أكاديميّة ساندهيرست العسكريّة الملكيّة، حيث فاز بـ”وسام الملكة في الزعامة”. حُمِل العريس في أرجاء حفل الزفاف على أكتاف أصدقائه بينما كان يمسك سيفاً احتفاليّاً خاصّاً بالمراسم. وخلافاً للادّعاءات الأخيرة، ارتدت إيمّا ثوبَ زفاف بلغت قيمتُه 1795 جنيهاً إسترلينيّاً، وهو هديّة من والدتها، اشترته من متجر لبيع الملابس المستعمَلة في غرب لندن. وبعد انتهاء مراسم الزواج، استمرّ الحفل أمام المُروج المطلّة على الشاطئ في منزل العروسين القريب، حيث احتفل الأصدقاء والزملاء والعائلة حتّى ساعات الفجر الأولى.
كان الترابط والودّ بين الزوجين واضحاً لكلِّ مَن زار منزلهما المستأجَر في “بيوك أضه”، الذي جدّدته إيمّا بعناية فائقة وملأته بالأثاث والمفروشات وزيَّنته بالتحف والمنحوتات الصغيرة، التي شُحِن بعضها من لندن والبعض الآخر تمّ شراؤه من أسواق إسطنبول. فقد أصبحت حياتُهما مندمجة ومتكاملة في جميع الجوانب تقريباً، بما في ذلك إدارة المؤسّسة. فقد شغلت إيمّا مقعداً في مجلس إدارة “ميدي” في شباط/ فبراير 2018، قبل أنْ تتنحّى عن المنصب في أيار عام 2019. ومنذ ذلك الحين، أصبحت واحدة من المسؤولين التنفيذيّين في المؤسّسة.
على مدى سنوات، وحتّى في ظلّ الهجمات القاسية التي لا هوادةَ فيها من قِبَل أصحاب المصالح الخاصّة، بدا أنّ جيمس وإيمّا ومنظّمة “الخوذ البيض” كانوا قادرين على الصمود، على رغم حملات التضليل المستمرّة. يقول إليوت هيغنز، مؤسّس منظّمة “بيلينغكات” ورئيسها، وهي منظّمة صحافيّة تدير موقعاً استقصائيّاً وتُركّز في تحقيقاتها على النفوذ الروسيّ في سوريا وأماكن أخرى من العالم، “دائماً ما كانت هناك حملات تضليل، فقد أيقظ جيمس –من دون أنْ يعلم- جيشاً من الأعداء. أساس المحرِّضين كانت جماعة متطرّفة مناهضة للإمبرياليّة، كانت موجودة لفترة بمفردها، إلى أنْ دعمت روسيا هؤلاء الأشخاص، واستخدمتهم لرحلة الكذب وترويج الشائعات حول منظّمة الخوذ البيض”. وأوضح هيغنز أنّ “التعامل مع هؤلاء المنتقِدين كان صعباً، فكلّما تفاعلت معهم، زاد عدد الناس الذين يسمعون ما يقولونه”.
 قال صالح، “بالنسبة إليّ، شخصيّاً، لا أستطيع أنْ أتجاهل وطأة حملات التضليل وتأثيرها فينا جميعاً في منظّمة الخوذ البيض. لقد كرّسنا طاقاتنا لإنقاذ الأرواح وتحسين الأوضاع المعيشيّة في سوريا. إلّا أنّ هذه الأعمال الإنسانيّة تُشكِّل تهديداً على السرد الذي تتبنّاه روسيا والنظام السوريّ لما يحدث بالفعل على أرض الواقع. وُصِفنا بأنّنا إرهابيون مموَّلون من الغرب. وهذا عبء يؤثّر بنا عاطفيّاً ونفسيّاً، ويتطلّب بذلَ جهدٍ هائلٍ للتعامل معه”.
في حين بَدَا ممكناً احتواءُ حملات التضليل، إلّا أنّ المسائل المتعلّقة بالإدارة في “ميدي” بدأت تتفاقم. فقد نمت المؤسّسة بسرعة، وكانت تتعامل مع ملايين التبرعات المُقدَّمة من المانحين شهريّاً. وبحلول منتصف عام 2018، عندما بلغ التمويل من المانحين أقصاه، كان واضحاً أنّ “ميدي” تحتاج إلى إشراف ماليّ أكثر إحكاماً وصرامةً، وأنّ فريقها التنفيذيّ يحتاج إلى التوسّع. ولذا وظّف جيمس في آب/ أغسطس 2018 يوهان للمساعدة في تحقيق تلك الغاية.
بَيْدَ أنّ المشكلات ظلّت قائمة. فقد حدث تأخير في تقديم تقارير المنح، وكانت هناك صعوبات بشأن توريد المعدّات إلى منظّمة “الخوذ البيض” وسداد المدفوعات للمورِّدين. إضافةً إلى ذلك، كانت رواتب المسؤولين التنفيذيّين في “ميدي” أعلى من المعايير المهنيّة المعمول بها في هذا المجال. غير أنّ مصدراً مطّلعاً على تفاصيل تقرير المحاسبة الجنائيّة الذي صدر عن شركة “غرانت ثورنتون” بعد وفاة جيمس، قال “لم تكن الرواتب مرتفعة أكثر من المعدَّل الطبيعيّ. فقد كانت الأرقام مقبولة، ولكنّها مع ذلك زادت الطين بلّة. فقد كانوا يستخدمون برنامج “مايكروسوفت إكسل” لإدارة الشؤون الماليّة لمنظّمة غير حكوميّة تتجاوز قيمة تعاملاتها ملايين الدولارات”. وأضاف: “لم يسبق لهم قطّ أنْ أجروا عمليّات ختاميّة دوريّة للحسابات، أي التحقّق من الأصول والاستحقاقات والالتزامات الماليّة شهريّاً، حتى نهاية عام 2018”.
“وُصِفنا بأنّنا إرهابيون مموَّلون من الغرب. وهذا عبء يؤثّر بنا عاطفيّاً ونفسيّاً، ويتطلّب بذلَ جهدٍ هائلٍ للتعامل معه”
تراكمت أيضاً ضغوط أخرى. فقد بات العمل في تركيا محفوفاً بالمخاطر ومشحوناً بالتوتّر، لا سيَّما بعدما أصبحت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان أقلَّ تساهلاً مع المنظّمات الأجنبيّة غير الحكوميّة، فاضطَرَّ بعضَها إلى الإغلاق. ومع أنّ أنقرة أيَّدَت المعارضة المناهِضة للأسد، فإنّ تعاطفها صار على المحكّ بعد فشل تلك المعارضة في تنظيم صفوفها، وتضاؤل قدرتها على تحمّل نحو 3 ملايين لاجئ سوريّ على أراضيها؛ الأمر الذي صاحب تضاؤل الآمال في انتهاء الحرب.
 بحلول تشرين الثاني 2019، كان جيمس منهَكاً ومتعباً عاطفيّاً ونفسيّاً. فقد أصبح الاجتماع مع مُدقّقي الحسابات الهولنديّين دافعاً للانهيار. وأخبرني في ذلك الوقت قائلاً، “لقد كانت أيّاماً عصيبة للغاية، يبدو أنّها نهايتنا، بل وربما نهاية ميدي أيضاً”.
وقفت إيمّا مكتوفة الأيدي بلا حول ولا قوّة، ترقُب زوجها وهو ينهار. عبّرت عن تلك الفترة قائلةً، “لقد تعرّض كلانا لضغوط شديدة لفترة طويلة. فقد كانت المخاطر جسيمة للغاية، وازدادت بيئة العمل خطورةً يوماً بعد يوم. وشعرنا وكأنّنا نحاول حماية أنفسنا وتفادي وابل من الرصاص مصوّب نحونا، ولكننا كنّا قلقين دوماً من تلك الرصاصة التي قد تصيبنا في نهاية المطاف”.
في اليوم التالي، التقت نادرة السكَّر، رئيسة دائرة الامتثال في “ميدي”، جيمس. وقالت، “بَدَا شديد التوتّر. وفي يوم الجمعة 8 تشرين الثاني 2019، عقدنا كلّنا اجتماعاً، وفي نهايته عانقني، وقال لي: لقد استمتعت حقّاً بالعمل معك. لقد شعرت بقشعريرة حينها، وينتابني الشعور ذاته الآن عندما أفكّر في ما حدث”.
في الأسابيع التي تلت وفاة زوجها عزلت إيمّا -التي كانت قيد الإقامة الجبريّة آنذاك- نفسَها في بيتهما. كانت صور جيمس معلَّقة في كلّ مكان. وصارت الأرضيّات الخشبيّة التي كانت أصوات صريرُها تعلو تحت أقدام الأصدقاء والضيوف صامتة. وظلّت مائدة العشاء الطويلة خاوية، وتمدّد كلبُ الزوجين المسِنّ من سلالة “جيرمن شيبرد” على سجّادة عتيقة. وعلَت في المنزل أصداءُ ما ألَمَّ بالزوجين من خسارة فادحة.
ومع أنّ إيمّا لا تزال رسميّاً واحدةً من المشتبه بهم في وفاة جيمس، فقد سُمِح لها بمغادرة تركيا لحضور جنازته التي أقيمت في كنيسة صغيرة في مقاطعة سَري الإنكليزيّة بالقرب من منزل العائلة في 27 كانون الأول/ ديسمبر 2019. وقد أُحرقت جثّته، وتحتفظ برفاته معها. وفي أواخر كانون الثاني 2020، بعد عودتها إلى تركيا، تلقّت إيمّا مكالمة من محاميها التركيّ، الذي أبلغها بأنّها لم تعد قيد التحقيقات بتهمة القتل، وأنّ لديها مطلق الحرّيّة بالمغادرة نهائيّاً. جمعت إيمّا أغراضَ المنزل وحزمت أمتعتها وانتقلت إلى أمستردام، حيث تعيش هناك محاوِلةً استجماعَ قواها والتأقلم على الوضع الجديد.
تحدّثت إيمّا خلال مقابلة من منزلها الجديد، بينما تحيط بها ذكريات الحياة التي بَنَياها سويّاً، وقالت: “لقد وجدت في جيمس كلَّ ما كنت أتوق إليه دوماً. ألهمني، وجعلني أقهْقِه من الضحك من كلِّ قلبي، وجعلني أؤمن بأنّه ليس هناك مستحيل، وجعلني أشعر بأنّني محبوبة للغاية، لدرجة شعرت حينها بأنّني لن أكون وحيدة مرّة أخرى أبداً. فقد تركت نزاهته وحماسته وإيمانه العميق بقوّة شجاعة الإنسان وهذا المجال، بصمةً فريدة في كلِّ الذين عرفهم. والآثار المترتّبة على وفاته لا يُمكن قياسها ولا حتّى الحديث عنها”.
وأردفت، “العالم يعاني من أزمة أمل، إذ تتعرّض دوماً آمالنا بأنْ يقوم الشخص العاديّ بأعمال بطوليّة باسلة، وأنْ يتمكّن من إحداث فارق عميق، للهجوم من قِبَل قوى مظلِمة وقويّة. إلّا أنّ جيمس واجَه هذه القوى من دون وَجَل مراراً وتكراراً في سبيل ما كان يؤمن بأنّه الصواب”.
بينما كانت إيمّا تحاول أنْ تبدأ حياتها من جديد، حقّق كورنيليس تقدُّماً في التحقيقات حول الشؤون الماليّة الخاصّة بمؤسّسة “ميدي”، وبحلول منتصف شهر آذار، بدأ يشكّك في قصص الاحتيال والتربّح والاِغتناء التي سمعها عندما وصل إلى إسطنبول أوَّل مرّة. وقال، “لقد بات من الواضح تدريجاً أنّ هذه الادّعاءات لا يُمكن أنْ تكون صحيحة”.
من أوائل الأشياء التي نظر فيها كورنيليس هو مبلغ الـ50 ألف دولار المفقود والمزاعم حول عمليّات سحب أخرى لاستخدامات شخصيّة.
 وأضاف، “لم يكن بوسعنا أنْ نجد قرشاً واحداً صُرِف لم يكن له ما يبرِّره أو لا يُمكن تفسيره. لقد تغيَّر انطباعي عن جيمس وإيمّا تغيُّراً جذريّاً. وفي نهاية المطاف، كان من الواضح عدم تورّط إيمّا أو جيمس أو أيٍّ من الموظفين في اختلاس المال. بدأت أنظر إلى الوضع بصورة مختلفة تماماً. ففي البداية كنت أظنّ أنّه زعيم عصابة يسعى إلى الإثراء بأساليب مشينة، ولكن اتّضح لي أنّه شخص أُكِنُّ له التقدير والاحترام حقّاً”.
تقرير المحاسبة الجنائية
تأكّدت وجهة نظر كورنيليس من خلال النتائج التي توصّل إليها تقرير المحاسبة الجنائيّة الذي قدَّمته شركة “غرانت ثورنتون” في أيار 2020، والذي لم يجِد أيَّ دليل على اختلاس الأموال. ووفقاً لما جاء في ملخّص التقرير، فإنّ “الاستنتاج الرئيسيّ الذي توصّلنا إليه من خلال تحقيقنا بشأن المعاملات المُشار إليها يجعلنا نعتقد أنّه لا يوجد دليل على تبديد الأموال أو اختلاسها. لقد تمكّنا في معظم الأحيان من دحض المخالفات المزعومة. وعلى وجه التحديد، كانت عمليات السحب النقديّ التي قام بها جيمس لي ميسورييه وإيمّا وينبرغ مُبرَّرة ومصادر إنفاقها معلومة. ويبدو أنّ الأحداث التي اكتنفت سحب 50 ألف دولار من صندوق الطوارئ كانت نتيجة لسوء فهم واضح”.
بيد أنّ التقرير أشار أيضاً إلى وجود “ثغرات كبيرة في التنظيم الإداريّ وبيئة الرقابة الداخليّة في ميدي”، وحدّد “معاملات نقديّة كبيرة لم تُسجَّل (بالكامل) في السجلّات النقديّة و/أو دفتر الحسابات العام”. وأضاف التقرير أنّه نظراً إلى أنّ بيئة العمل في “ميدي” كانت “غير رسميّة”، وكانت ناقشات عدة تُجرَى أحياناً “شفهيّاً وعبر تطبيق واتساب”، فإنّ مدقّقي الحسابات “اضطُرّوا إلى إعادة تنظيم عدد من الأحداث الماليّة وتعذّر عليهم التأكّد في مثل هذه الحالات”. وإجمالاً، من المؤكّد أنّ إدارة الحسابات في “ميدي” كانت رديئة وغير مطابقة للمواصفات، إلّا أنّ مدقّقي الحسابات لم يجدوا شيئاً يدعم أيّاً من الادّعاءات الخطيرة التي تقدَّم ذكرها. وقال يوهان إنّ تقرير “غرانت ثورنتون” أثبت عدم وجود أدلّة كافية للوصول إلى استنتاجات قاطعة.
حين طُلب من وزارة الخارجيّة وشؤون الكومنولث البريطانيّة في آب الردّ على نتائج تقرير “غرانت ثورنتون”، بعد أسابيع من التأخير، قدَّمت البيان التالي: “لقد أوقفت حكومة المملكة المتّحدة اتّفاقات التمويل المُبرَمة مع “ميدي”، ولم يجد تحقيقٌ مستقلّ أيَّ دليل على الاحتيال أو تبديد أموال المملكة المتّحدة. وتفخر المملكة المتّحدة بدعمها منظّمة “الخوذ البيض” وأنشطتها في مجال البحث والإنقاذ في سوريا التي أسفرت عن إنقاذ مئات آلاف الأرواح”. منذ بداية الشراكة مع “ميدي”، تولّى الكثير من وزراء الخارجيّة هذا المنصب. إلّا أنّ أولئك الذين شغلوا المنصب في السنوات الأخيرة كانوا أقلَّ استعداداً للاستثمار في مهمات بريطانيا في سوريا مقارنةً بأسلافهم، وهو الواقع الذي انعكس في هذا البيان المهدّئ والوقت الذي لزم لإعداده.
 بحلول آب، انتهى عقد يوهان مع “ميدي”. لكنّه أشار إلى أنّه مُقيَّد باتفاقيّة الالتزام بالسرّيّة وعدم إفشاء المعلومات، ورفض التعليق على ما قال إنّها آراء شخصيّة وسرد للأحداث من منظور الأشخاص الذين تمت مقابلتهم. وقال إنّه رفضَ تقديم المزيد من التعليقات لأنّ صحيفة “الغارديان” لم تسمح له بقراءة المقالة كاملةً قبل نشرها.
في الشهر نفسه، أعلنت “ميدي” إفلاسَها وحُلّت رسميّاً. ومن ناحية أخرى، تمكّنت منظّمة “الخوذ البيض” من الحصول على تمويل مباشر من الولايات المتّحدة وكندا والكثير من الحكومات الأوروبّيّة، ولا تزال تواصل عملها. قال صالح، “نحن ممتنّون للدعم والتدريب اللذين قدَّمتهما لنا ميدي وشركاؤنا على مرّ السنين. لقد ساعدونا في النموّ والتطوّر لنصبح منظّمة قويّة ومُستدامة، وهذا يعني أنّنا الآن في وضع يُمكّننا من الشراكة مع الجهات المانحة الدوليّة”.
في سوريا، أصبح الصراع خامداً، بعدما قدَّمت روسيا وإيران الدعم للأسد ليتمكّن من تحقيق الانتصار في ساحات القتال، وسمحت له بأنْ يدَّعي لنفسه نصراً فادحَ الثمن. ولكن لا تزال إدلب خارج سيطرته، وسكّانُها ما زالوا محاصرين داخل منطقة مستهدَفة من جميع الجهات، وتتعرّض للقصف بواسطة الطائرات الحربيّة، ومهدَّدة من المجموعات المسلّحة المتنافسة على الأرض. وما زال أكثر من نصف عدد سكّان البلاد قبل الحرب مشرَّدين داخليّاً، أو يعيشون في مخيمات عبر حدود الدول المجاورة.
قال المصدر المطّلع على تقرير “غرانت ثورنتون”، “لم أرَ أبداً في حياتي حدثاً تعرّض فيه كثر من الذين حاولوا فعل الخير إلى مثل هذا الدمار. فقد انتهى الأمر بكلِّ شيء يمسّ هذا الصراع إلى الهلاك”.
=========================
«ميدل إيست آي»: أبرز 6 نقاط ذكرها أوباما عن الشرق الأوسط في كتابه الجديد
https://sasapost.co/translation/obama-middle-east-promised-land/
نشر موقع ميدل إيست آي تحليلًا لـ أليكس ماكدونالد، مراسل الموقع المهتم بتغطية الصراعات الاجتماعية والأيديولوجية في منطقة الشرق الأوسط، ناقش فيه الجزء الأول من مذكرات الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما. ولفت الكاتب إلى أن الرئيس السابق يناقش في مذكراته، التي خرجت للنور مؤخرًا، الضغوط التي يمارسها اللوبي الإسرائيلي عليه، وهجوم البحرين على الحركة المؤيدة للديمقراطية، وتقلبات الاقتران بـ12 زوجة.
يستهل الكاتب تحليله بالقول: أصدر الرئيس الأمريكي السابق الجزء الأول من مذكراته الرئاسية، التي تؤرخ للفترة المبكرة من حياته التي قضاها في عالم السياسة، وترشُّحه لعضوية الكونجرس في البداية، ثم ترشُّحه للرئاسة بعد ذلك، والسنوات المضطربة القليلة الأولى التي قضاها في البيت الأبيض.
ويلفت الكاتب إلى أن الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، تغيَّر تغيُّرًا جذريًا أثناء مدة رئاسة أوباما، التي شهدت ابتداءً انتفاضات الربيع العربي في عام 2011، واندلاع صراعات في سوريا وليبيا واليمن، وظهور تنظيم الدولة.
ومن هذا المُنطلَق، يصحب موقع ميدل إيست آي القراء في جولة داخل كتاب «أرض الميعاد»، بحثًا عن أي تفاصيل جديدة مثيرة للاهتمام عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يضيف الكاتب: بينما كان أوباما ينظم حملته الانتخابية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة الأمريكية في عامي 2007 و2008، وجد أوباما نفسه مُستهدَفًا من جانب مجموعات الضغط الإسرائيلية التي نظرت إليه باعتباره لا يقدِّم دعمًا كافيًا لتل أبيب.
وكتب أوباما: «كنت هدفًا لبعض هذه الحملات أثناء حملتي الانتخابية، وذكر مؤيدون يهود أنهم اضطروا إلى دفع هذه المزاعم التي تُثار في معابدهم وعبر رسائل البريد الإلكتروني، وهي مزاعم تفيد بأنني غير مؤيدٍ بما يكفي، أو حتى معادٍ، لإسرائيل».
وتابع: «لم يُرجِعوا سبب هذه الحملات التشويهية إلى أي موقف معين اتخذته (كان موقفي المتعلق بدعم حل الدولتين ومعارضة المستوطنات الإسرائيلية متطابقًا مع موقف المرشحين الآخرين)، بل إلى إعرابي عن قلقي بشأن الفلسطينيين العاديين، وعقدي صداقة مع بعض نُقَّاد السياسة الإسرائيلية، من بينهم ناشط وعالم في شؤون الشرق الأوسط يُدعى رشيد خالدي، والحقيقة كما قال ابن [رودس] صراحة «أنت رجل أسود وتحمل اسمًا مسلمًا، وعشت في الحي نفسه الذي كان يعيش فيه لويس فرخان، وذهبت إلى كنيسة جيرميا رايت».
وأضاف أن نفوذ اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة (إيباك) كان نفوذًا كبيرًا وصل إلى درجة أن الذين «ينتقدون السياسة الإسرائيلية علانية يعرِّضون أنفسهم لخطورة الوصم بأنهم «مناهضون لإسرائيل» (وربما معادون للسامية) ويواجهون خصمًا مُموَّلًا تمويلًا جيدًا في الانتخابات المقبلة».
بايدن يعارض عملية مقتل بن لادن
ويؤكد الكاتب أن جو بايدن، نائب الرئيس باراك أوباما آنذاك ورئيس الولايات المتحدة المُنتَخَب حاليًا، أعلن معارضته للعملية التي استهدفت مقتل أسامة بن لادن، زعيم القاعدة، في عام 2011 في باكستان.
وكتب أوباما أن بايدن «عارض الغارة، زاعمًا أنه في ظل تداعيات الإخفاق الوخيمة، يجب أن أُرجئ أي قرار إلى أن تتيقن أجهزة الاستخبارات من وجود بن لادن في المكان الذي حددته هذه الأجهزة الاستخباراتية».
وجاء نقد مماثل من بايدن في وقتٍ سابقٍ خلال حملة أوباما لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي، إذ أوضح أنه إذا تمكَّن من تحديد موقع بن لادن داخل الأراضي الباكستانية، وكانت الحكومة الباكستانية «غير مستعدة أو غير قادرة على إلقاء القبض عليه أو قتْلِه، فإنه سيكون مستعدًا لإطلاق الغارة».
وكتب أوباما: «أشعل البيان الذي أدليت به فتيل غضب الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) في واشنطن، إذ رأى كلٌ من جو بايدن، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وجون ماكين، المرشح الجمهوري للرئاسة، أنني لم أكن مستعدًا لتولِّى منصب رئيس الولايات المتحدة».
علاقة وثيقة مع السعودية أم الدفاع عن الديمقراطية في البحرين؟
ويشير الكاتب إلى أنه عندما كتب أوباما عن انتفاضة الربيع العربي في البحرين، عندما ضغطت حركة كبيرة مؤيدة للديمقراطية من أجل الإصلاح في المملكة الخليجية الصغيرة، ذكر الرئيس الأمريكي السابق أن المخاطرة بإفساد العلاقات مع السعودية أو الإمارات أو البحرين شكَّلت معضلة كبيرة، لدرجة عرقلة اتخاذ موقف حازم ضد التدخل العسكري السعودي.
ودفع أوباما بأن العلاقات الوثيقة مع حكومة البحرين يمكن أن تسمح للولايات المتحدة بـ«الضغط من وراء ستار» من أجل الإصلاحات. وكتب أوباما: «ومع ذلك، نظرت المؤسسة الحاكمة في البحرين إلى المُحتجِّين على أنهم أعداء يتأثرون بنفوذ إيراني ويجب احتواؤهم.
وأضاف: «في إطار التنسيق مع السعوديين والإماراتيين، كان النظام البحريني سيجبرنا على اتخاذ قرار، وكان الجميع يدرك أنه عندما تحتدم الأمور، لا يمكننا تحمُّل المجازفة بموقفنا الاستراتيجي في الشرق الأوسط من خلال قطع العلاقات مع ثلاثة بلدان خليجية.
وأردف الكاتب قائلًا: حذَّر ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد أوباما، في لقاء جمعهما، من الإفراط في دعم الحركات المؤيدة للديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة، إثر إدلاء الرئيس الأمريكي ببيان يطالب حسني مبارك، الرئيس المصري، بالتنحي استجابة للاحتجاجات.
وأوضح أوباما أن محمد بن زايد قال له: «الرسالة العلنية لا تؤثر في مبارك، كما ترى، ولكنَّها تؤثر في المنطقة، مشيرًا إلى أنه إذا انهارت مصر واستولى الإخوان المسلمون على مقاليد الحكم، سيسقط ثمانية زعماء عرب آخرين، وهذا هو سبب انتقاده لبياني».
وأضاف ابن زايد: «هذا يُظهر أن الولايات المتحدة ليست حليفًا يمكننا الاعتماد عليه على المدى الطويل».
واستدرك أوباما قائلًا: «كان صوته هادئًا وباردًا. وأدركت أن الأمر ليس مجرد طلب استغاثة بقدر كونه تحذيرًا. ومهما حدث لمبارك، لم يكن لدى النظام القديم أي نية للتنازل عن السلطة بدون مقاومة».
يصف أوباما المناقشات التي أجراها مع كبار مستشاريه عن كيفية مواجهة تهديدات معمر القذافي، الرئيس الليبي، بسحق قوى المعارضة في مدينة بنغازي.
يقول أوباما: «حسنًا، لست مستعدًا بعد لاتخاذ قرار. ولكن بناءً على ما أسمعه، هناك شيء واحد لن نفعله، وهو أننا لن نشارك في بعض المناطق التي يطبق فيها حظر غير فعال للطيران، وبالتالي لن تحقق هدفنا».
وأضاف: «أخبرت الفريق المعني بأننا سنجتمع مجددًا في غضون ساعتين، وبحلول ذلك الوقت كنت أتوقع أن أسمع خيارات حقيقية لما سيؤول إليه التدخل الفعَّال، بما في ذلك تحليل التكاليف والموارد البشرية والمخاطر التي ينطوي عليها هذا التدخل.
وتابع: «إما أن ننجز هذا الأمر على نحو صحيح أو أن نتوقف عن التظاهر بأننا جادِّين بشأن إنقاذ بنغازي لمجرد أننا نريد أن نشعر بأننا أفضل حالًا».
ويفسر أوباما قراره النهائي بشن ضربات جوية ضد القذافي، بأنه خشي أن يفرض الزعيم الراحل حصارًا على بنغازي، قائلًا: «في أفضل الأحوال، سيندلع صراع، وربما حتى حربًا أهلية شاملة. وفي أسوأ الأحوال، سيتعرض عشرات الآلاف أو أكثر من الليبيين إلى الجوع والتعذيب أو القتل. وفي هذه اللحظة، على الأقل، ربما أكون الشخص الوحيد في العالم الذي يمكنه منع حدوث ذلك».
ناقش أوباما والعاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله، على مأدبة عشاء في الرياض، المشكلات التي ينطوي عليها تعدد الزوجات.
يقول أوباما: «سألني الملك عن عائلتي، ووصفت له كيف تتأقلم ميشيل وابنتاي في البيت الأبيض. وأوضح لي أنه متزوج من اثنتي عشرة زوجة، مع أن تقارير إعلامية تُقدِّر عدد زوجاته بـ30 زوجة، وأن لديه أربعين ولدًا وعشرات الأحفاد وأبناء الأحفاد».
فرد عليه أوباما: «آمل ألَّا تمانع في سؤالي، جلالة الملك، ولكن كيف تستطيع الإبحار في هذا الخضم المزدحم بالزوجات الاثني عشر؟».
وأجاب الملك وهو يهُز رأسه ضجرًا: «بطريقة سيئة للغاية، فعادة ما تكون إحداهن غيورة عن باقي الزوجات. الأمر أكثر تعقيدًا من سياسات الشرق الأوسط».
=========================
ميدل ايست أي :حرب الولايات المتحدة المالية المطولة على حزب الله
https://nedaa-sy.com/articles/1093
ترجمة - نداء سوريا
على مدى العقدين الماضيين كان لبنان يخضع لتدقيق شديد من وزارة الخزانة الأمريكية لاحتمال غسل الأموال أو تمويل المنظمات الإرهابية التي حددتها الولايات المتحدة.
وقد أدى ذلك إلى قيام بنكين بإغلاق أبوابهما وحظر استخدام Paypal وغيرها من مشغلي الدفع والكثير من الضغط على البنوك للامتثال للمعايير الدولية.
قال وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية في نشرة Money Laundering Bulletin البريطانية: "كان لبنان دائماً تحت الأضواء لأن حزب الله موجود فيه".
فرضت الولايات المتحدة التي تعتبر حزب الله منظمة إرهابية هذا الشهر عقوبات على المزيد من أعضاء حزب الله والأعمال التجارية المزعومة.
لكن في سابقة لوزارة الخزانة الأمريكية والتي ركزت على كبح العمليات المالية لحزب الله على مر السنين أكثر من ملاحقة السياسيين اللبنانيين الفاسدين فرضت عقوبات على جبران باسيل وزير الخارجية السابق ورئيس التيار الوطني الحر الذي يحتل أكبر كتلة في البرلمان.
يُنظر إلى هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها مرتبطة بعلاقات باسيل بحزب الله.
تأتي هذه التحركات وسط استخدام متزايد للعقوبات من قِبَل الولايات المتحدة ضد الحكومات والأحزاب السياسية التي تعارضها من خطط تكثيف العقوبات على إيران إلى العقوبات ضد النظام السوري وفنزويلا وكوريا الشمالية والصين.
يوجد في الولايات المتحدة حالياً قانونان يستهدفان حزب الله: قانون منع التمويل الدولي لحزب الله (HIFPA) لعام 2015، وقانون تعديل منع التمويل الدولي لحزب الله (HIFPA 2) لعام 2018.
تم اقتراح مشروع قانون جديد في سبتمبر/ أيلول لوقف أنشطة غسيل الأموال التابعة لمنظمة حزب الله الإرهابية المدعومة من إيران في جميع أنحاء العالم، وخاصة في لبنان وأمريكا اللاتينية".
يأتي القانون المقترح على الرغم من النطاق الدولي لمشروعي القانون السابقين والشكوك حول اتهامات بتورط حزب الله في تجارة المخدرات في أمريكا الجنوبية.
"لا أعتقد أن أياً من القانونين ناجح" كما قال المحامي علي زبيب الشريك الإداري في مؤسسة Zbeeb Law & Associates في بيروت، وأضاف "بعد مرور خمس سنوات أثبت حزب الله أنه يعمل على قنوات مصرفية وتمويل موازية أو قنوات مالية موازية لأنهم خارج القطاع المصرفي اللبناني".
هدف أمريكي رئيسي
كان حزب الله هدفاً أمريكياً أساسياً منذ تأسيسه في أعقاب الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.
وجاءت العقوبات الأخيرة لعضوين في المجلس المركزي لحزب الله، وفقاً لوزير الخارجية مايك بومبيو "تحتفل الولايات المتحدة بالذكرى السابعة والثلاثين لهجوم حزب الله الشنيع على ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت".
في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة استخدمت واشنطن إجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل متزايد فيما وصف بالحرب المالية.
تم تعزيز توصيات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول؛ حيث وضعت مجموعة العمل المالي (FATF) التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معايير للمؤسسات المالية لمتابعة أو المخاطرة بالانفصال عن النظام المصرفي الدولي.
وصف توم كيتنغ مدير مركز دراسات الجرائم المالية والأمن في مركز أبحاث RUSI مجموعة العمل المالي في عام 2018 بأنها "أقوى منظمة لم يسمع بها معظم الناس من قبل".
في عام 2011 استخدمت الولايات المتحدة تشريعات مكافحة غسل الأموال لاستهداف البنك اللبناني الكندي (LCB) لكونه بنك "قلق رئيسي بشأن غسيل الأموال" بسبب تسهيل تمويل حزب الله.
أُجبر البنك على الإغلاق واستقر خارج المحكمة في الولايات المتحدة مقابل 102 مليون دولار، ولم يتم الكشف علناً عن أي دليل على غسل أموال لصالح حزب الله.
قال مصرفي لبناني طلب عدم الكشف عن هويته: إن إغلاق البنك المركزي اللبناني تسبب في إصابة البنوك اللبنانية "بجنون العظمة" من تكرار حالات اتهامها بغسل الأموال.
لا يوجد مفر
على عكس البنوك في أماكن أخرى من العالم التي تم اتهامها من قِبَل وزارة الخزانة الأمريكية لخرقها لوائح مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب -من غسيل أموال HSBC لعصابات المخدرات المكسيكية إلى البنك العربي الأردني المتهم بتمويل حركة حماس الفلسطينية- لم يتمكن البنك اللبناني من دفع غرامة والعودة إلى العمل كالمعتاد.
قال المصرفي: إن البنوك اللبنانية تخضع لمثل هذا التدقيق لدرجة أنها سترسل إدارة يغلب عليها الطابع المسيحي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للاجتماع مع البنوك الأمريكية ووزارة الخزانة الأمريكية لمحاولة تعويض الانطباع بوجود أي تعاطف مع المسلمين الشيعة وحزب الله.
ومن بين 60 بنكاً لبنانياً هناك أربعة بنوك فقط مملوكة في الغالب للشيعة والباقي مملوك للسنة والمسيحيين مع بعض البنوك المرتبطة بالدروز.
قال جوزيف ضاهر المحاضر في جامعة لوزان في سويسرا ومؤلف كتاب حزب الله: الاقتصاد السياسي لحزب الله: "إن الفصيل الشيعي من البرجوازية لم يكن حاضراً بالفعل في النظام المصرفي".
"منذ تسعينيات القرن الماضي ازدادت قوة البرجوازية الشيعية في معظم الجمعيات ولكن ليس في جمعية مصارف لبنان؛ حيث وصل الفصيل السني بشكل أساسي إلى مستوى الفصيل المسيحي، وخاصة الموارنة".
شهد العام الماضي اختفاء أكبر بنك شيعي، وهو Jammal Trust Bank (JTB) من القطاع المالي بعد اتهامات مماثلة لـLCB وعاقبته الولايات المتحدة بسبب تمويله لحزب الله.
جاءت هذه الخطوة في أعقاب دعوى قضائية رُفعت ضد 11 مصرفاً لبنانياً بما في ذلك بنك JTB في أوائل عام 2019 من قِبَل شركة المحاماة الأمريكية أوسين والتي تمثل أكثر من 350 عائلة على صلة بحوالي 1000 جندي أمريكي قُتلوا أو أصيبوا بجروح بسبب عبوات ناسفة "من تصميم حزب الله" في العراق، وهذه القضية لا تزال مستمرة.
قال المصرفي اللبناني الذي يعمل في أحد البنوك المشاركة في الدعوى: "يمكن أن يكون الأمر مثل قضية البنك العربي قبل بضع سنوات؛ حيث كنا ندفع فقط غرامة".
تأثير الضربة القاضية
كان لتسليط الولايات المتحدة الضوء على حزب الله تأثيرات شديدة على اللبنانيين الشيعة فبعد قانون HIFPA في عام 2015 زودت الولايات المتحدة البنوك اللبنانية بـ99 اسماً تريد إغلاق حساباتها.
رداً على ذلك أغلقت البنوك اللبنانية آلاف الحسابات بينما كانت تنحرف للخلف لإظهار التزامها بالإملاءات الأمريكية.
تسبب قانون HIFPA 2 في مشاكل على المستوى السيادي مع عدم تمكن أعضاء حزب الله في البرلمان من الدفع بالدولار الأمريكي.
كان الحل هو الدفع بالليرة اللبنانية حتى أن البنوك الصغيرة فكرت في وقف جميع المعاملات بالدولار واستخدام الليرة فقط، لكن مصرف لبنان (BDL) البنك المركزي عارض مثل هذه التحركات.
بينما تم إخراج حزب الله من النظام المالي، فإن الحزب الشيعي المهيمن الآخر حركة أمل بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يواجه نفس التدقيق من الولايات المتحدة.
وبحسب ما ورد كانت واشنطن تدرس اتخاذ إجراءات ضد بري ودائرته المقربة من أجل العلاقات مع حزب الله وإيران في عام 2019، لكن لم يتحقق شيء.
كان من المحير دائماً سبب تجاهل الولايات المتحدة لعلاقة أمل الإستراتيجية مع حزب الله.
ولعبت "أمل" دور الصوت البرلماني لحزب الله عندما كانوا في المعارضة (حتى 2005) وقاتلت إلى جانب حزب الله في حرب يوليو/ تموز 2006 ضد إسرائيل.
يشير المحللون إلى أن "أمل" قد عوملت على أنها الجناح غير الإرهابي لحزب الله والذي يمكن للولايات المتحدة التعامل معه دبلوماسياً؛ ما يعكس موقف المملكة المتحدة من حزب الله حتى فبراير/ شباط 2019 عندما اعتبرت كلا الجناحين السياسي والعسكري منظمة إرهابية والاتحاد الأوروبي حتى عام 2013.
لعبة اللوم
اعترف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بأن العقوبات أثرت على الحزب لكنه صوّرها أيضاً على أنها هجوم على جميع الشيعة اللبنانيين ما يقرب من ثلث السكان.
وحاولت جهات سياسية ومصارف أخرى استخدام العقوبات الأمريكية ضد حزب الله وتسليط الضوء على القطاع المالي ككل كسبب لمشاكل لبنان الاقتصادية والمالية.
بسبب عدم الاستقرار في المنطقة والحرب في سوريا، ألقى الناس باللوم على حزب الله، كما أُلقي باللوم على الحزب في الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، على الرغم من عدم قدرته على العمل في القطاع المالي وليس في الحكومة عندما كانت الليرة مربوطة بالدولار الأمريكي، أو التورط في الإجراءات المالية لمصرف لبنان التي ساهمت في الأزمة الحالية.
بقلم   فريق الترجمة          المصدر   ميدل إيست آي
=========================
الصحافة التركية :
صحيفة تايم تورك التركية: إسرائيل ضربت إيران 79 مرة
https://fatehmedia.eu/?p=187909
قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف نظام الأسد والأهداف العسكرية الإيرانية قرب مطار دمشق في سوريا. كما أصابت مستودعات وأنظمة الدفاع الجوي التابعة لفيلق القدس في الهجوم. وفي تصاعد هجماتها على إيران منذ 2018، نظمت إسرائيل 79 غارة جوية في غضون عامين. يشار إلى أن طهران لم ترد على هذه التفجيرات التي راح ضحيتها 497 شخصا.
شن الجيش الإسرائيلي ضربات جوية على أهداف عسكرية تابعة لنظام بشار الأسد وفيلق القدس التابع لجيش الحرس الثوري الإيراني في سوريا. يذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية أصابت 8 أهداف عسكرية بينها مستودع وأنظمة دفاع جوي لنظام الأسد وفيلق القدس. وزعم أن الهجوم الجوي استهدف عددا كبيرا من المتفجرات على الجانب الإسرائيلي من الحدود السورية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيحاي أدرعي إن القصف استهدف معسكرا يستخدم كمقر رئيسي للقوات الإيرانية بالقرب من مطار دمشق الدولي وموقع كبار المسؤولين الإيرانيين في جنوب شرق دمشق. من جهة أخرى، أعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا)، التابعة لحكومة الأسد، مقتل 3 من المليشيات وإصابة واحد في الهجوم.
بعد ضرب أهداف إيرانية في سوريا منذ 2011، زادت إسرائيل من هذه الهجمات منذ 2018. نفذ الجيش الإسرائيلي 79 غارة جوية على القوات المدعومة من إيران منذ بداية 2018 وحتى سبتمبر 2020. وفي هذه الهجمات، تم تدمير أكثر من 250 هدفًا، بما في ذلك المباني والترسانات والمقرات والمركبات العسكرية.
مرة أخرى، بحسب البيانات، قتل في هذه الهجمات 497 شخصا من حزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية وجنود النظام. وبلغ عدد المدنيين الذين فقدوا أرواحهم في العمليات الجوية 12 و3 نساء و3 أطفال. يشار إلى أن القوات الإيرانية المتواجدة في سوريا لم ترد بأي وقت على كل هذه الهجمات.
 
المصدر: صحيفة تايم تورك التركية
ترجمة مركز الاعلام
=========================
الصحافة الروسية :
صحيفة روسية: مسؤول بسيط يخدع "ترامب" ويخرب خططه في سوريا
https://eldorar.com/node/157836
الدرر الشامية:
نشرت صحيفة "فزغلياد" مقالًا للكاتب الروسي يفغيني كروتيكوف، تحت عنوان "خطط ترامب السورية خرّبها مسؤول بسيط بالخداع"، انتقد فيه تعامل المسؤولين الأمريكيين مع الرئيس الأمريكي فيما يخص سوريا.
وقال "كروتيكوف" في مقاله إن القائد العام لأقوى جيش في العالم يمكن أن يتعرض للكذب وجهًا لوجه دون عقاب، هذا هو بالضبط الاستنتاج الذي يتأتى عن الاعتراف المثير للدبلوماسي الأمريكي جيمس جيفري.
وذكرت الصحيفة أن "جيفري" كذب على الرئيس "ترامب" ومارس التضليل فيما يخص عدد الجنود الأمريكيين في سوريا، مشيرة إلى أن "جيفري" اعترف بذلك في تصريح لصحيفة "ون ديفنس".
ورجحت الصحيفة أنه قد يكون في سوريا الآن بين 900 و1000 جندي أمريكي، أي أن هذا العدد يفوق العدد الذي كان يصرح به "جيفري" للرئيس "ترامب" بنحو خمس مرات.
واعتبرت الصحيفة أن هنالك خلل في إدارة أمريكا نظرًا لاكتشاف ممارسة بعض المسؤولين والمستشارين الخداع تجاه الرئيس دونالد ترامب بهدف إفشال مخططاته.
يذكر أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السابق "جيمس جيفري" صرح لموقع أمريكي بقوله" "لقد لعبنا دائمًا مع قيادتنا... حتى لا نعطيها معلومات دقيقة عن عدد القوات الموجودة لدينا في سوريا".
=========================
الصحافة العبرية :
تقدير إسرائيلي: الفرصة سانحة للضغط على إيران بسوريا
https://arabi21.com/story/1316242/تقدير-إسرائيلي-الفرصة-سانحة-للضغط-على-إيران-بسوريا
عربي21- أحمد صقر# الجمعة، 20 نوفمبر 2020 07:57 م بتوقيت غرينتش0
رجحت تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلي، أن الوقت الحالي ملائم للعمل ضد قوات إيران المتواجدة في سوريا؛ بفعل الضائقة التي تعاني منها إيران على إثر إجراءات إدارة الرئيس الأمريكي منتهي الولاية، دونالد ترامب.
اغتيال سليماني
وأوضح الخبير والضابط الإسرائيلي السابق تال ليف-رام، في مقال بصحيفة "معاريف" العبرية، أن "جهاز الأمن الإسرائيلي يشخص فرصة في الفترة القريبة، باعتبارها فترة مواتية لتشديد الضغوط على القوات الإيرانية في سوريا".
ولفت إلى أن التقدير الإسرائيلي، يرجح أن "إيران لن تخرج من سوريا دون تدخل سياسي من الولايات المتحدة وروسيا واستئناف الحوار حول المسألة، ولكن يسود الاعتقاد في إسرائيل بأن هناك فرصة الآن، حيث يلوح في الخلفية دعم أمريكي هام وملموس".
ومع الأزمة الاقتصادية والاستراتيجية التي تعصف بإيران، سجل جهاز الأمن الإسرائيلي "تباطؤا في تمركز القوات الإيرانية في سوريا خلال السنة الأخيرة، وهذا الاتجاه تعزز بعد اغتيال قاسم سليماني على يد القوات الأمريكية"، بحسب ليف-رام الذي نوه إلى أن جيش الاحتلال زعم أن "الوحدة "840" التابعة لـ"قوة القدس" الإيرانية، هي من يقف خلف زرع العبوات الناسفة التي اكتشفت هذا الأسبوع في هضبة الجولان، وكذلك في الحدث السابق في آب/ أغسطس الماضي، حيث تم القضاء على 4 عناصر وضعوا عبوات قرب الجدار".
ويقدر جيش الاحتلال، أن "إيران بعيدة عن الأهداف التي وضعتها لنفسها في سوريا، من الناحية العسكرية والمدنية على حد سواء".
وذكر الخبير، أن هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا هذا الأسبوع، "جاءت كرد على زرع العبوات المكتشفة، وهدفت إلى تمرير رسالة للإيرانيين بأن تل أبيب ستواصل العمل ضد أي هدف يرتبط بتمركز قواتها في المنطقة، إضافة لرسالة إلى سوريا التي توفر الغطاء للإيرانيين للعمل ضد المصالح الإسرائيلية، وهي تضغط في صالح إخراج قوات إيرانية من مناطق معينة في سوريا".
 وخلال الفترة التي تسبق دخول المرشح الأمريكي الفائز جو بايدن إلى البيت الأبيض، يسود الاعتقاد لدى الأجهزة الإسرائيلية بأن "إيران ستكون حذرة في تلك الفترة، ولن تنفذ عمليات دراماتيكية في سياق عسكري أو في السلاح النووي".
وأشار إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التي أكد فيها أن الإدارة الأمريكية لن تخفف الضغط على طهران، بحجة أنها "توفر الغطاء الرسمي للإرهاب في كل العالم".
نتنياهو المخرب
وفي سياق متصل، أكد الكاتب الإسرائيلي حيمي شليف، في مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية، أن قرار الرئيس الأمريكي الخاسر دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، "تبين في هذا الأسبوع أنه فشل ذريع، سواء بالنسبة للرئيس أو بالنسبة للإدارة، وبالأساس بالنسبة لبنيامين نتنياهو نفسه (رئيس حكومة الاحتلال)".
وبين أن هناك علاقة عكسية تماما بين الصورة التي بناها نتنياهو لنفسه كـ"سيد إيران"، وبين سلسلة الفرص التي فوتها وإخفاقاته الفعلية، وبدلا من التعاون مع إدارة باراك أوباما والتأثير بشكل مباشر على الاتفاق النووي، فضل نتنياهو إثارة الغضب والخروج بشكل محموم ضد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بدونه، وتجاهل الرأي الأكثر إيجابية لمعظم الخبراء في العالم، وضخم عيوب الاتفاق.
ومع تشديد السياسة الأمريكية التي تتمثل بـ"الضغط بالحد الأعلى"، رجح شليف، أن "طهران لن تنحرف عن مسارها خلال الفترة القصيرة التي بقيت لحين دخول بايدن إلى البيت الأبيض".ونبه الكاتب إلى أن "نتنياهو أدرك هذا الأسبوع أن الأمر قد انتهى، وترامب في طريقه إلى الخارج، ومخزون اليورانيوم المخصب الموجود لدى الإيرانيين هو أكثر مما كان عند التوقيع على الاتفاق الأصلي قبل خمس سنوات"، معتقدا أن "بايدن سيسر بالتعاون مع نتنياهو، حتى في بلورة إعادة صياغة الاتفاق النووي مع إيران، ولكن فقط عندما يقتنع بأن نتنياهو يسعى للتوصل إلى اتفاق محسن وليس إلى التخريب".
=========================
مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية – بقلم الدكتور جيري فالنتا – هل صوّت بوتين لبايدن؟
https://natourcenters.com/مركز-بيغن-السادات-للدراسات-الاستراتي-186/
ملخص تنفيذي :
بعد أربع سنوات من دعم دونالد ترامب ، حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كسب ود جو بايدن قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لقد فعل ذلك على الرغم من خطاب بايدن الحاد المناهض لروسيا ووسط اتهام الديمقراطيين لمدة أربع سنوات بأن ترامب تواطأ مع روسيا (حيث أطلق بايدن نفسه على ترامب لقب “جرو بوتين” ). لن يسمح بوتين أبدًا بتفضيل زعيم على آخر لتجاوز المصالح الوطنية الروسية ، وهذه المصالح هي التي ستملي منهجه الدبلوماسي على الرئيس بايدن.
قال فلاديمير بوتين مرارا إن الكرملين سيعمل مع أي رئيس أمريكي. ومع ذلك ، خلال انتخابات عام 2016 ، كانت الصحافة الروسية معادية لمنافس دونالد ترامب ، هيلاري كلينتون ، حتى يوم الانتخابات. لم يكن هذا مفاجئًا تمامًا ، حيث أيد مستشارها مايك موريل ، القائم بأعمال المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية ، دعوة كلينتون لقتل الروس والإيرانيين في سوريا في مقابلة في أغسطس 2016. وقال إنه يجب على إيران وروسيا ” دفع الثمن” ”  لتدخلهم ، وفي ظل إدارة كلينتون كانت الولايات المتحدة ستسلح مجموعات المقاومة الصديقة وتصدر تعليماتها بقتل الأفراد الإيرانيين والروس داخل البلاد.
من ناحية أخرى ، فضل ترامب وقف تصعيد التدخل العسكري الأمريكي فيما اعتبره حروبًا لا معنى لها في سوريا وأفغانستان. بشكل عام ، اقترح ترامب سياسات أكثر ودية تجاه روسيا من هيلاري. من الطبيعي أنه كان يحظى بدعم بوتين.
يبدو أن ترامب فسر علاقته مع بوتين بسذاجة على أنها دعم غير مشروط ، بل إنه حاول التخلص من هذا الافتراض الخاطئ في انتخابات 2020. قال في إحدى خطاباته: ” إنه يحبني وأنا أحبه “.
ومع ذلك ، في حديثه في اجتماع نادي فالداي للمناقشة عبر مكالمة جماعية عبر الفيديو في 22 أكتوبر 2020 ، اختلف بوتين مع ترامب في أن نجل بايدن ، هانتر ، متورط في مشروع إجرامي في أوكرانيا. قال: “نعم ، كان [هانتر بايدن] في أوكرانيا أو ربما لا يزال لديه عمل ، لا أعرف. لا يهمنا. إنها تهم الأمريكيين والأوكرانيين. … نعم ، كان لديه شركة واحدة على الأقل … وحكمًا على كل شيء كان يكسب أموالًا جيدة. لا أرى أي شيء إجرامي في هذا ؛ على الأقل لا نعرف أي شيء عن هذا [كونه مجرمًا] “.
من الواضح أن تبرئة بوتين لبايدن شككت في الفرضية القائلة بأن روسيا تدعم دونالد ترامب دون قيد أو شرط. في اليوم السابق ، في 21 أكتوبر 2020 ، أشار بوتين أيضًا إلى أنه لأسباب أيديولوجية لم يكن معاديًا لبايدن أو الديمقراطيين. وقال إنه على العكس من ذلك ، يوجد أساس أيديولوجي للتعاون الروسي مع الديمقراطيين:
أولاً ، الحزب الديمقراطي أقرب تقليديًا إلى ما يسمى بالقيم الليبرالية ، أقرب إلى أفكار الديمقراطية الاجتماعية ، مقارنة بأوروبا. وقد نشأ الحزب الشيوعي من البيئة الاجتماعية الديمقراطية. بعبارة أخرى ، يمكن اعتبار ذلك أساسًا أيديولوجيًا  لتطوير الاتصالات مع الممثل الديمقراطي. … بعد كل شيء ، كنت عضوًا في الحزب الشيوعي السوفيتي لما يقرب من 20 عامًا … كنت أؤمن بأفكار الحزب. ما زلت أحب العديد من هذه القيم اليسارية. المساواة والأخوة. ما هو السيئ فيهم؟ في الواقع هم أقرب إلى القيم المسيحية.
كان هذا تصريحًا رائعًا لبوتين ، القائد الذي أدان مرارًا “البلاشفة الكفرة” في بلده ، وكذلك الثورة البلشفية. لم ينبذ الرئيس الروسي الشيوعية في روسيا فحسب ، بل إنه يؤيد ويدعم الكنيسة المسيحية الأرثوذكسية. يرتدي صليب والدته ، ويظهر لزوار داشا حول مصلى خاص به ، ويدعم أتباعه في الدين ، كما فعل القياصرة.
إن سذاجة ترامب بشأن بوتين ليست فريدة بأي حال من الأحوال بين قادة الولايات المتحدة. عندما سأله الصحفيون عما إذا كان الرئيس جورج بوش يثق في بوتين ، أجاب بشكل شهير: “نعم ، نظرت إلى عيني الرجل. وجدته صريحًا جدًا وجديرًا بالثقة . … تمكنت من الشعور بروحه. رجل ملتزم بشدة ببلده ومصالح بلاده “.
حصل على الجزء الثاني بشكل صحيح. ومع ذلك ، كان لوزير دفاع بوش روبرت جيتس وجهة نظر مختلفة. نظر في عيني بوتين ورأى “قاتل حجر بارد”.
هناك أيضًا “إعادة ضبط” عاطفية للوزيرة هيلاري كلينتون سيئة الحظ لعلاقة الولايات المتحدة مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في عام 2009 ، عندما تساءلت الولايات المتحدة عن تأثير التدخل العسكري الروسي في جورجيا قبل عام. لم يطفئ “المغفرة” شهية بوتين لأوكرانيا.
وساذجة مماثلة كانت تأكيد الرئيس أوباما في 25 آذار / مارس 2012 للزعيم الروسي دميتري ميدفيديف ، لتمريره إلى بوتين ، بأن “هذه هي آخر انتخابات لي. بعد انتخابي سيكون لدي المزيد من المرونة “. هذا التأكيد الذي تم تسجيله بالصدفة على ميكروفون ساخن ، ألمح إلى تنازلات محتملة للروس بعد الانتخابات – وهو موقف رائع يجب اتخاذه في غياب أي تفكير استراتيجي جاد بشأن الدفاع الصاروخي. لسوء الحظ ، ساهم تردد أوباما السابق في فرض الخطوط الحمراء في سوريا ضد استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في قرار موسكو في عام 2015 بالتدخل في سوريا.
لقد كرر الكثيرون اقتباس ونستون تشرشل الشهير ، “لا يمكنني أن أتوقع لكم عمل روسيا. إنه لغز ، ملفوف في لغز ، داخل لغز “. لكن قلة فقط استشهدوا بالجزء الثاني من الاقتباس: “ربما يوجد مفتاح. هذا المفتاح هو المصلحة الوطنية الروسية “.
في مقابلة تلفزيونية في 10 أكتوبر ، بدا أن بوتين يؤكد ذلك. ” لا أصدقاء في السياسة الكبيرة ، ” قال، وهذا يعني المصالح الوطنية هي ما يهم بالنسبة له أكثر من غيرها. كان هذا المبدأ أيضًا دليله عند التحدث بحذر ولكن بوضوح عن العلاقات المحتملة مع بايدن ، حتى باستخدام الحجج الأيديولوجية الميكافيلية لتعزيز قضيته من أجل علاقات أفضل مع الفائز المحتمل في الانتخابات الأمريكية.
يجب أن يكون محللو بوتين في مجلس الشؤون الدولية الروسي (RIAC) التابع لوزارة الخارجية قد خلصوا إلى أن أجهزة الاستخبارات التي تقدم تقارير من الولايات المتحدة كانت تدعم الرجل الخطأ ، حيث سيكون الفائز المحتمل هو بايدن. وهكذا أعدت سكرتارية بوتين مسودتين لمقابلتين لوسائل الإعلام الروسية: أحدهما يدافع عن ابن بايدن في تعاملاته التجارية الأوكرانية ، والآخر يدافع عن الإيديولوجيا. كما صدرت تعليمات للصحافة الروسية بالامتناع عن دعمها القوي السابق لترامب. يبدو أن البيت الأبيض قد فوت بعض المقاطع المتعلقة بهذا الموضوع.
إذا تم تنصيب بايدن الرئيس القادم للولايات المتحدة ، كما يبدو مرجحًا ، فتوقع مبادرات دبلوماسية جديدة من بوتين تجاه الرئيس الجديد. يتعين على صانعي السياسة الأمريكيين التخلي عن سذاجة القادة السابقين بشأن بوتين. إنه زعيم ماكر تعامل مع أربعة رؤساء أمريكيين. تؤكد جميع وجوهه العديدة الشعار الأساسي للمصالح الوطنية الروسية على الإعجاب الشخصي أو الكراهية للقادة الأجانب. وسيتعاون معهم ويبرم اتفاقات معهم عندما يكون ذلك في المصلحة الوطنية الروسية. بعد كل شيء – “لا يوجد أصدقاء في السياسة الكبيرة”.
*الدكتور جيري فالنتا ، الأستاذ السابق ومنسق الدراسات السوفيتية وأوروبا الشرقية في كلية الدراسات العليا للبحرية الأمريكية .
=========================