الرئيسة \  مشاركات  \  سوريا وتركيا وراء أخطاء أوروبا المهددة بالقوميين

سوريا وتركيا وراء أخطاء أوروبا المهددة بالقوميين

29.09.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين / ‏25‏/09‏/2016
يتطلع الاوروبيون حاليا الى نتائج الاستفتاء الذي يجري حاليا بالمناطق التي يشرف عليه الصرب بالبوسنة والهرسك ، هذا الاستفتاء من اجل ان يكون يوم التاسع من كانون ثاني / يناير عيدا سنويا ، وهو عيد استقلال منطقة جمهورية / شربيشكا / بالبوسنة الذي اعلن صرب البوسنة عام 1992 قيام دويلتهم هذه داخل البوسنة . وبالرغم من تأكيد المحكمة الدستورية العليا بالبوسنة بعد شرعية الاستفتاء الا ان رئيس صرب  البوسنة عضو هيئة رئاسة البوسنة الهرسك ميلوراد دوديك رفض قرار المحكمة وامضى الاستفتاء الذي وصفه  رئيس هيئة رئاسة البوسنة  بكر عزت بيجوفيتش / نجل الرئيس علي عزت  بيجوفيتش  رحمه الله / بان دوديك يلعب بالنار بينما أكد السياسي البوسنوي صفر خليلوفيتش ان دوديك كان احد قادة جيش الصرب البوسنوي اثناء الحرب وشارك مشاركة فعالة بذبح الكثير من السملمين تحت إمرة ايليا  ميلانوفيتش .
وكانت المستشارة الالمانية قد استقبلت في وقت سابق من شهر حزيران / يونيو عام 2016 الحالي اعضاء هئية رئاسة البوسنة برئاسة بيكوفيتش وعضوية  دوديك حيث أكدوا لميركيل وقتذاك محاربتهم للنعرات القومية .
وقد أبدى وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الذي زار البوسنة مرتين خلال عام 2016 الحالي مع وزير الخارجية البريطاني السابق / قبل التغيير الحكومي الذي طرأ ببريطانيا ما بعد الاستتفاء حول البقاء بالاتحاد الاوروبي /  قلقه من ارتفاع قوة القومية بالبوسنة ، فالكروات ايضا يريدون الاعلان عن استفلال دويلة لهم في البوسنة تكون  مدينة زنيتسا ثالث اكبر المدن البوسنوية عاصمة لهم علما ان خمسين بالمائة من سكان المدينة مسلمون ، بينما يخشى الاوروبيون من ارتفاع التدين والتمسك باهداب الاسلام لدى مسلمي البوسنة ، الامر الذي طالبت زغرب الاوروبيين  مساعدتها امنيا لكبح تهديد البوسنويين المسلمين لأمنها .ويعتقد استاذ تاريخ اوروبا الحديث اولريخ فينكلر ان عدوى وصول قوة القوميين الى البلقان مصدرها القوميين بدول الاتحاد الاوروبي ، فالقومية كانت السبب الرئيسي لاندلاع الحرب العالمية الاولى ، وهو ما أكده ايضا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير ونظيره من اللوكسمبورج جان اسيلبورن اذ أعربا عن قلقهما من ارتفاع قوة القومية بالدول العضوة بالاتحاد الاوروبيفالاحزاب القومية تحكم بعض دول العضوة بالاتحاد مقل بولندا وهنغاريا والتشيك وارتفاع شعبية الحزب البديل لالمانيا واحتمال  استلام حزب جيرت فليدرير القومي الهولندي السلطة ببلاده 
الا ان هذا النعرات والتحريض على بروز القوميات في البوسنة وعموم البلقان قد اصبحت ظاهرة خطيرة بالبلقان مع ارتفاع قوة شعبية القوميين  بدول الاتحاد الاوروبي اذ يحكم القوميون بعض دول العضوة بالاتحاد مثل هنغاريا وبولندا والتشيك ومنازعة القوميين الاحزاب الشعبية على الحكم ففي النمسا يعتبر القومي النمساوي الاقوى شعبيا ومن المحتمل ان يصبح السياسي القومي نوربرت هوفر رئيسا لتلك الدولة ، والحزب القومي الفرنسي الذي ترأسه ماري لوبان يهدد الاحزاب الشعبية الاخرى بتلك الدولة اضافة الى احزاب قومية ببريطانيا وفنلندا والدانمارك وغيرها التي تسعى لالغاء عضوية بلادها من الاتحاد الاوروبي ومن حلف شمال الاطلسي / الناتو / وتشكيل قوة عسكرية خاصة بها، الامر الذي يعني عودة اوروبا ومنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى ما قبيل عام 1914 اذ استطاعت القومية الاوروبية النجاح بانشاب حرب كادت ان تهلك الحرث والنسل .
ويعتقد استاذ علوم حقوق الشعوب بجامعة مدينة ايرلانجن احد مؤسسي مجلس شورى حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ومؤسس معهد حقوق الانسان البرليني هاينر بيليفلد  ان ارتفاع القوميات في اوروبا يعود الى اخطاء الاوروبيين بتعاملهم مع ملف الحرب في سوريا وعلاقاتهم التي وصفها بالنفاق مع تركيا ، فالمسلمين بالبلقان ينظرون الى تركيا أم لهم فقد كان لدولة الخلافة الاسلامية العثمانية الفضل في انتعاشهم اجتماعيا واقتصاديا واصبحوا اثناء فترة الحكم الشيوعي وما بعده طبقة ينظر اليها بازدراء جراء عدم اهتمام الاتحاد الاوروبي بهم بينما يقومون بدعم نصارى البلقان ، فالحرب التي وقعت بالبوسنة كانت حربا دينية بحتة لوقوف اوروبا الغربية الى جانب الكاثوليك ووقوف الشرق الاوروبي الى جانب الارتودكس بينما لم يقف من الاوروبيين احد مع المسلمين سوى تركيا والسعودية وقطر التي قامت بمساعدتهم ماليا واقتصاديا واجتماعيا ايضا فنتيجة الاستتفاء لدى صرب البوسنة اشارة واضحة على مدى اخطاء اوروبا الغربية تجاه المسلمين .
بينما تعتقد الرئيسة الجديدة لقسم البحوث السياسية والعلمية بالجمعية الالمانية للسياسة الخارجية دانييلا شفارتسر ان تقاعس الاوروبيين انهاء ماساة الشعب السوري وعدم الاتفاق على  تجاوز ازمة اللاجئين وانتهاج الاوروبيين عنصرية دينية تجاه مسلمي البوسنة والنفاق بتعاونهم مع تركيا وراء خطر وقوع اوروبا بقبضة القوميين مشيرة ان على اوروبا الوقوف الى جاتنب الشعب السوري وتبيين لموسكو موقفهم الحازم الذي يكمن معارضتهم بمشاركة موسكو ابادة الشعب السوري وتدخلها العسكري بالشرق الاوكراني مؤكدة الى وجود ربط قوي بين الاوروبيين والشرق الاوسط فتطورات تلك المنطقة لها تأثيرها على اوروبا بشكل قوي .
ويؤكد خبير السياسة الدولية ومسئول ملف علاقات الحكومة  الالمانية مع روسيا جيرنوت ايرلر الذي كان يشغل حقيبة وزارة الدولة بالخارجية الالمانية ان اسباب بروز قوة القوميات  في اوروبا عدم وجود سياسة تضامن حقيقية للاوروبيين فاوروبا الشرقية العضوة بالاتحاد اضافة الى اليونان لها علاقات قوية مع روسيا وتقف الى بشار اسد باطنيا وتظهر العداء لسياسته ظاهريا وعلى الاوروبيين تغيير سياستهم تجاه تركيا التي تعتبر حلقة وصل بين الاسلام والمسيحية باوروبا .