الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسائل عسكرية وسياسية من دمشق وموسكو.. هل اقترب “الهجوم الكبير” على مناطق الانتشار التركي شمالي سوريا

رسائل عسكرية وسياسية من دمشق وموسكو.. هل اقترب “الهجوم الكبير” على مناطق الانتشار التركي شمالي سوريا

22.09.2021
إسماعيل جمال


إسماعيل جمال
القدس العربي
الثلاثاء 21/9/2021
إسطنبول- “القدس العربي”: منذ زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى موسكو الأسبوع الماضي يطلق الجانبان الروسي والسوري تصريحات متناسقة ورسائل عسكرية وسياسية متلاحقة ضد الوجود التركي في شمالي سوريا وسط تصعيد عسكري متواصل وتسخين للجبهات وحشود عسكرية ينذر بما يعتقد أنه “هجوم كبير” يخطط النظام السوري لشنه على مناطق انتشار الجيش التركي في شمالي سوريا بشكل عام وذلك على الرغم من الزيارة القريبة المتوقعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى موسكو.
المؤشر العسكري الأبرز، هو التصعيد التدريجي في محيط إدلب وصولاً لمناطق انتشار الجيش التركي “درع الفرات وغضن الزيتون ونبع السلام”، حيث تصاعدت تدريجياً هجمات النظام السوري والغارات الجوية الروسية في الأسابيع والأيام الماضية وركزت كما يبدو على إضعاف الخطوط الأمامية الدفاعية للمعارضة السورية وخاصة في جبل الزاوية الذي يعتقد أنه الهدف العسكري الأول للنظام السوري في أي عملية عسكرية مقبلة.
ويذكر التصعيد الأخير بسياسة النظام السوري التي ارتكزت في السنوات الأخيرة على القيام بهجوم كبير يقضم مساحات واسعة من مناطق سيطرة المعارضة السورية قبيل الانصياع للضغوط العسكرية والسياسية والبدء فوراً بالاستعداد لجولة جديدة من القتال حيث باتت المعارضة السورية محصورة في مناطق صغيرة من وسط وشمال إدلب ومناطق صغيرة متفرقة يسيطر عليها الجيش التركي شمالي سوريا.
كما يتوقع أن النظام السوري الذي يسعى بكافة الطرق لإحكام سيطرته على كافة الأراضي السورية قد تفرغ إلى درجة كبيرة لحسم مناطق المعارضة شمالاً وذلك بعدما نجح مؤخراً في اختراق درعا جنوباً بالهجمات العسكرية والاتفاق الروسي الأخير وهو ما منح النظام مساحة لتركيز جهوده في المرحلة المقبلة على هدف واحد وهو إنهاء مناطق سيطرة المعارضة والجيش التركي في الشمال.
ومن جانب آخر، يرى النظام السوري في بدايات العودة إلى النظام العربي الرسمي مجدداً فرصة للتصعيد ضد تركيا وهو ما يعتقد أنه سيزيد أسهمه في الجامعة العربية في ظل تركيز العديد من الدول العربية على قضية “التدخلات التركية” في الدول العربية ورغبة العديد من الدول العربية في استخدام النظام السوري لمهاجمة تركيا، وهي فرصة سانحة يرى النظام أنها ستمنحه أسهماً وربما تسرع في إقبال الدول العربية على إعادة التطبيع مع النظام وإعادته إلى جامعة الدول العربية، لا سيما عقب الزيارة الأخيرة لوزير دفاع النظام إلى الأردن لأول مرة منذ 10 سنوات والاجتماعات العربية مع النظام السوري التي جاءت تحت بند إيصال الغاز والكهرباء للبنان.
وفي سياق غير مفهوم، الاثنين، خرج النظام السوري بتصريح على لسان مسؤول في وزارة الخارجية يقول إن “سوريا تحتفظ بحقها الذي يكفله الدستور والقانون السوري، في الرد على الممارسات العدائية التركية ووضع حد لها”، مضيفاً: “تحمل سوريا النظام التركي كامل المسؤوليات القانونية والسياسية والمالية التي تفرضها مبادئ القانون الدولي ذات الصلة.. سوريا تدين الممارسات التركية العدائية وانتهاكاتها لأراضيها وتعتبرها عملا عدوانيا وخرقا لسيادتها واستقلالها وجزءا من السياسات العدوانية التي ينتهجها النظام التركي منذ أكثر من عشر سنوات”.
وخلال استقباله الأسد في موسكو قبل أيام، قال بوتين: “بجهودنا المشتركة وجهنا ضربة للإرهابيين، فالجيش السوري يسيطر على أكثر من 90٪ من أراضي البلاد”، مضيفا أنه “للأسف، لا تزال هناك جيوب مقاومة للإرهابيين الذين لا يسيطرون فقط على جزء من الأراضي، بل ويواصلون ترهيب المدنيين أيضا”.
وأضاف بوتين: “المشكلة الرئيسية، في رأيي، تكمن في أن القوات الأجنبية موجودة في مناطق معينة من البلاد دون قرار من الأمم المتحدة ودون إذن منكم، وهو ما يتعارض بشكل واضح مع القانون الدولي ويمنعكم من بذل أقصى الجهود لتعزيز وحدة البلاد ومن أجل المضي قدما في طريق إعادة إعمارها بوتيرة كان من الممكن تحقيقها لو كانت أراضي البلاد بأكملها تحت سيطرة الحكومة الشرعية”.من جهته، قال الأسد إن “لبعض الدول تأثيرا مدمرا على سير العملية السياسية في سوريا”، وأضاف: “مضى على العملية المشتركة لمكافحة الإرهاب حوالي 6 سنوات، حقق خلالها الجيشان العربي السوري والروسي، إنجازات كبيرة، ليس فقط من خلال تحرير الأراضي أو من خلال إعادة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم، وإنما أيضا من خلال حماية مواطنين أبرياء كثر في هذا العالم، لأن الإرهاب لا يعرف حدودا سياسية، ولا يقبل بالحدود السياسية”، وتابع بالقول: “كما تعلمون هناك عوائق لأن هناك دولا تدعم الإرهابيين، وليس لها مصلحة في أن تستمر هذه العملية بالاتجاه الذي يحقق الاستقرار في سوريا”.
هذا الخطاب الموحد والذي ركز على فكرة “محاربة الإرهاب” و”القوات الأجنبية” فهم منه أنه خطاب موجه إلى تركيا بشكل مباشر رغم عدم ذكرها بشكل علني، وما يزيد من أهمية هذه التصريحات أنها تأتي في إطار زيارة للأسد إلى موسكو وهي الزيارة التي لا تجري في سياق طبيعي وإنما ما يسميه السوريون “استدعاء” روسيا للنظام من أجل الانتقال لمرحلة جديدة من المسار العسكري والسياسي في البلاد، وفي ظل الشلل الذي يصيب المسار السياسي فإن الخشية تتزايد من مسار عسكري جديد وقريب.
ورغم الخلافات التركية الروسية الظاهرة في الملف السوري، فإن كثيرين يعولون على القمة المرتقبة بين أردوغان وبوتين في موسكو من أجل منع حصول مواجهة عسكرية جديدة وذلك عبر التوصل إلى اتفاق جديد أو آليات عملية تمنع أو تؤجل بالحد الأدنى تفجر الأوضاع العسكرية ولو لعدة أشهر جديدة، حيث أكد الكرملين في بيان له، الاثنين، أن أردوغان وبوتين سوف يبحثان بدرجة أساسية الملف السوري.