الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 28-11-2023

رسائل طائرة 28-11-2023

28.11.2023
زهير سالم




رسائل طائرة 28-11-2023
زهير سالم*
سؤال ومحاولة للجواب
وكتب أخ كريم على إحدى المجموعات المفتوحة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله صباحكم وجميع أوقاتكم بكل خير في الدارين إخواني الأعزاء الكرام:
سؤال للإستيضاح والاستفادة
في حرب ال٦٧ عمل الإعلام العربي على تصوير المعركة بأننا منتصرين وخسائر هائلة للعدو
ليتضح عكس ذلك تماماً بعد أن إنجلى غبار تلك المعركة
سؤالي هنا : كيف نجح الإعلام بخداع الشعوب
ثم نفسه سماها بالنكسة ولكأننا كنا متقدمين ثم إنتكسنا ؟
رفع المعنويات شيء وخداع الشعوب شيء آخر
فأجبته ولعلي وفقت والجواب يخصني؛ فإن لم يعجبك فأعرض عنه.
جواب
حياكم الله أخي
سؤال حقيق، وجدير بالتأمل..
ولكن بعد رصد الحقيقة…
بوصفي واحدا ممن عاشوا تلك الأيام..
وبوصفي واحدا من تلك الجماهير التي يصدر الحكم عليها..
أوضح ما يلي
 في أيام الحرب القصيرة، كنا كأفراد في مجتمع مضطرين للتعامل الايجابي مع ما يأتي به الإعلام. ولاسيما الإعلام المصري، وكثير من السوريين كانوا يتعلقون بإذاعة القاهرة، وصوت العرب أكثر..
كنت في العشرين من عمري، وكنا في عصر الترانزستور، وكنا ثلاثة أشقاء في بيت واحد، نتنازع جهاز الراديو بعضنا يريد الاستماع إلى الاعلام المصري، وبعضنا مفجوع بما تبث إذاعة لندن أو صوت واشنطن.
ما أن انتهت الحرب حتى صحا الناس.
كانت استقالة عبد الناصر لعبة محبوكة نفسيا، وكانت خيارات الناس صعبة. وكان من معاني قبول الاستقالة هو القبول بالهزيمة.
في سورية كان الأمر مختلفا
في خضم المعركة انطلق لقب "جيش ابو شحاطة" للهاربين من الحرب قد شاع.
وحكاية قائد الجبهة "أحمد المير" الذي هرب من الجبهة على حمار قد انتشرت. وتداولها الناس.
والنكتة السورية للنازحين الذين نزحوا مع بعض ماعون بيوتهم: ارجعوا ما حملتم "باعوها مفروشة" كانت جزء من القناعة.
كل الناس كانت تعلم عن البلاغ ٦٦ عن سقوط القنيطرة المبكر..
ثم لم تلبث الحقائق البشعة أن اتضحت، في كتب مثل "تحطمت الطائرات عند الفجر" وسقوط الجولان، والتي كنا نتداولها سرا ونلوك معها طعم الهزيمة..
اليوم أنا لا أرى أن يشبه المشهد بالمشهد.
ونتائج ما جرى ويجري في غزة ليس نصرا مطلقا، ولا هو هزيمة مطلقة.
هي أول حرب حقيقية أتابعها. مع أنني شاركت في حرب الثالثة والسبعين.
في حرب الثالثة والسبعين حقق الجيش السوري في الأيام الأولى انتصارا حقيقيا، ولكن لم يكن لدى القيادات الإرادة، أو القدرة على عملية تطوير الهجوم، والاستقرار في المواقع المحررة، والتمكن من الدفاع عنها..
اليوم في غزة نستطيع أن نتحدث عن نصر حقيقي للمقاومة..
يمكن أن نختلف في تقويم الكلفة العالية لهذا الانتصار.
بالنسبة للعدو وجه الخسارة أوضح وأقبح وصورتها القبيحة انعكست على كل من أيده ونصره..
الثقة بالله دين. والحزم والعزم وحسن التخطيط عقل.
ونسأل الله أن يتم على إخواننا من أهل فلسطين بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
================================
المربع..
في الحوش الحلبي القديم، يطلقون على الغرفة تبنى فوق الغرفة المربع.
يحتاج المربع لكي تصعد إليه إلى درج، ويكون أمام المربع قطعة أرض منبسطة يسميها الحلبيون النصيف، تصلح للسمر في ليالي الصيف.
المربع بإشرافه وإطلالته، تكون له نوافذ على أرض الحوش، وأخرى على الشارع، وأحيانا يمتد البناء نحو الشارع نحو متر، وتكون له واجهة خشبية مليئة بالنوافذ، هذا الامتداد الخشبي المزخرف يسميه الحلبيون: الكشك.
أحكي لكم كل هذا، لأختصر لكم هذه الحقيقة، عن شخصين يكونان في مربع واحد، يطل أحدهما من جهته على "أرض الحوش" فيرى منظرا، ويطل الآخر من جهته، ومن خلال أعواد الكشك على الشارع فيرى منظرا آخر..
وهما في مربع واحد تذكروا..
من العبث أن يحاول أحدهما إقناع الآخر، أن رؤيته هي الأصح.
كان على عامل الكهرباء عندما يريد أن يرتفع على عمودها، أن ينادي ثلاث مرات منذرا النساء في أرض الحوش: لا حدا يطلع لبرا يا جيران..
وتتسارع النسوة مثل سرب المها، كل إلى مأواها..
وتصرخ العجوز المتعبة: عطيني يشمقي يامو…
أنا من أكثر الناس تقديرا لبطولات الأبطال، ولكنني منذ خمسين سنة، أكره الذين يحرون النار بالقصبة، من بعيد..
لم يصب لهم في كل ما أصاب الناس، ولد ولا مال..
بطولات أمام الشاشات، وأخرى خلفها..
ودماء من كيس خرو ولا عاش حدا فقير
========================
في الحسابات السياسية..
لوكان العدو متأكدا أنه متمكن بإنهاء المعركة لمصلحته، وتحقيق هدفين:
إنقاذ أسراه، وكسر إرادة عدوه.
لما قبل وساطة أحد، ولما أوقف الحرب، ولما عقد الهدنة.
لو كان الصديق متأكدا أنه يستطيع أن يطاول في الحرب، وأن يقلب المقلاة على العدو، لما كان له أن يقبل الوساطة، ويسير في طريق الهدنة.
الوسطاء تمكنوا من تحقيق مصالح، أو درء مفاسد، للطرفين وعن الطرفين.
وهذه هي السياسة، وكل حديث خارج هذا الإطار هو ادعاء. ودعاية..
____________
*مدير مركز الشرق العربي