رسائل طائرة 27-11-2023

رسائل طائرة 27-11-2023

زهير سالم*
حديث صحيح وفقه عقيم..
أما الحديث الصحيح فقوله صلى الله عليه وسلم في حديث من رواية سيدنا صهيب الرومي، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
عن صُهَيْبٍ رَضِيَ الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤمِن، إنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، وليس ذاكَ لأَحدٍ إلَّا للمُؤمِن، إنْ أَصابَتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكان خيرًا له، وإنْ أَصابَتهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فكان خيرًا له).
والحديث صحيح، ونحمد الله على نعمائه، فيما كتب لنا، على كل حال. من كل أمرنا..
وأما الفقه العقيم فهو فقه بعضهم، ومادام المسلم يتقلب، بين خيرين، وبين نعمتين، وبين أجرين؛ فليس عليه أن يرهق نفسه بالتقدير والتدبير أولا، ولا بالاعتبار واقتناص الدروس ثانيا. والخمسة أخت الطمسة. وتعجبون!! ووالله ما زلت أسمع مثل هذا الفقه في مقررات بعض المدعين؛ منذ وعيتُ، خمسين سنة بل ستين سنة. وكانوا يترنمون فيتمايل المحمل:
لا تدبر لك أمرا.. فأولو التدبير هلكى
سلم الأمر إلينا.. تجدنا أولى بك منكا
=======================
حول محاكم التفتيش..
خطأ تاريخي يورث خطأ استراتيجيا في بنية تفكير بعض الناس…
التفتيش عن قلوب الناس ونياتهم، وعقائدهم ظل مهمة في المجتمعات التي يحكمها الكهنوت.
حديث: هلا شققت على قلبه، كان قمينا بالتأسيس لحياة إسلامية رشيدة، في ظل شريعة الاسلام.
يتناول كثير من المسلمين عنوان "محاكم التفتيش" على أنه العنوان للمحاكم الكاثوليكية التي أنشئت في إسبانيا إبان الانكسار الاسلامي، لمتابعة عقائد المسلمين واليهود، والتأكد من تحولهم أو من ردتهم.
في الحقيقة إن عنوان محاكم التفتيش أبعد في التاريخ، وأكثر اتساعا، وأعمق أثرا، وله مراحل في تاريخ التحول المسيحي، وإن كان أبرزه ما أسسه البابا غريغوري التاسع.
نشطت محاكم التفتيش بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر.
وكان أبرز ضحاياها أحرار الفكر من المسيحيين ثم من المخالفين من غيرهم.
يشار إلى ملايين الضحايا من المسيحيين أنفسهم.
انتبهوا كل الذين كانوا يعادون الكهنة يعتبرون معادين للدين ولله وللمسيح في عرف محاكم التفتيتش التي صادرت حكم الله!!
لم يكن فولتير ملحدا ولكن الإشاعة عنه في كل كتب الفكر كذلك، وكم يعتز الملاحدة بمثله، مع أنه الأوضح إيمانا..
هذه الركيزة الاستراتيجية في تمييز الهرطقي عن العقلي. يجعل العقلاء أقدر على توصيف مصافهم.
ربما يجب أن أصمت حتى لا …
لماذا يحكمنا هذا الاضطراب، ويسود فينا هذا اللغط؟!!
===========================
درس في الرئاسة والكياسة والسياسة…
وبعد أن عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، وصارت غنائم معركة هوازن بين يديه، طفق يوزعها في سهم المؤلفة قلوبهم، بين رجال القبائل العربية، وسادة البادية من تميم ونحوها..
تحدث بعض المسلمين بما تحدثوا به، ولا سيما من الأنصار، فقد شعروا أن الرسول الكريم قد انتصر، وأنه لم يعد بحاجة إلى نصرتهم، فقالوا قالتهم التي روتها كتب السيرة.
وجاء سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثه بحديث قومه، وهو سيدهم؛ فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت ما تقول يا سعد؟؟ فقال سعد صريحا غير موارب: ما أنا إلا رجل من قومي، يعني أنه يقول بقولهم…
ثم أقف بكم هنا عند الرواية، ومن أحب أن يتابعها فليلتمسها في كتب السيرة، فإن شأنها في توضيح العلاقة بين سيدنا رسول الله وبين أصحابه السابقين من المهاجرين والأنصار عظيم..
وإنما أردت أن أتكئ على قول سيدنا سعد: وما أنا إلا رجل من قومي!! وفي رواية: وهل أنا إلا رجل من قومي؟!!
لأقرر ذلك في حديث الأنين يلهج به فريق من السوريين فيما يدور اليوم بين الناس وقد طار أمر بعض الناس من الحنين والأنين إلى الخنين!!
مهما كان ما يقوله بعضنا حقا، ومهما يكن باعثه ومدخله ومخرجه؛ فإن الحق الذي كان يفحمنا ويقحمنا به أصدقاؤنا العلمانيون منذ نصف قرن؛ أن بحيرة السياسة قذرة ونتنة وأنها لا تليق بأصحاب الثياب البيض..قد استحق في بعض المواطن على ما يبدو
في مواقف كثيرة أحاول أن أتذكر هذا القول، وإلى أي مدى كان أصحابه فيه صادقين..؟؟!!
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
عند التقلب، في أنيابها العطــــب
ألستم تقررون أن طريق السياسة مليء بالمطبات وبالمنعطفات، وبالالتواءات.
لانت ملامسها عند التقلب…
شيء مثل الملح في الطعام..
____________
*مدير مركز الشرق العربي