الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 16/03/2020

رسائل طائرة 16/03/2020

16.03.2020
زهير سالم




" الأيدي المتوضئة "
رمزية أطلقها المرحوم مصطفى صادق الرافعي أديب العربية الأول في العصر الحديث  على جيل من شباب الإسلام في عصره ، نزروا أنفسهم للخدمة العامة ، وتقديم المساعدة للناس . الشباب المسلم في العالم اليوم كثير ، وهم يملؤون اليوم فجاج الأرض مقيمين في أوطانهم ومهاجرين ، وهم جميعا مدعوون اليوم  لتشكيل فرق منظمة ، على طريقة فرق الكشافة ، لتقديم المساعدة المدنية والصحية للناس . كلٌ حيث يقيم ، وفق آلية عمل تطوعي منظم ومحدد الأهداف والوسائل .
وعندما يقول الأطباء إن كبار السن هم الأكثر تضررا بالفيروس الخطير ، ثم نجد رجلا أو أمرأة محدودبي الظهر يسعون على حاجات شخصية في ظروف صعبة ؛ ندرك أنهما غاب عنهما الولد ، وغاب عنهما صانع الخير الذي يقول : يا خال ..أو ياخالة ..نحن نكفيكما ..
بالأمس في بلد أوربي ماتت امرأة مسلمة في مهجرها ، فلم تجد  جهة كافلة تتكفل عملية دفنها بأسلوب شرعي . سألت عن دور " المجلس الأوربي للافتاء " والروابط الإسلامية ، التي تكثر الأحاديث العِذاب : من يدفننا إذا متنا أيها الناس ..
ونظل نتحدث عن المجتمع الأهلي أو المجتمع  المدني في الإسلام وفي المدنية الحديثة ، فنمضغ الكثير من الكلام ، ونتحدث عن التكافل في الإسلام فنمضغ أكثر ..وإنما تشتد الحاجة إلى هذه البنى ، بالدرجة الأولى ، حين تغيب الدولة أو تعجز أو تضعف..
لا تحدثونوا كثيرا كيف انتشر الإسلام في أندونيسيا بالفتح الأخلاقي بل أروا ذلك للناس كل الناس . للعمل التطوعي الميداني  في هذه الأزمات تجلياته وميادينه ورسالته وانعكاساته . ونضّر الله امرأ رجلا أراهم من نفسه قوة .
قالت لي ابنتي التي تعيش مع زوجها هنا في لندن عبر الهاتف ، وبصوت حازم ، لم تعتد أن تخاطبني به ، لن تخرج من البيت أنت ولا أمي حتى تنفرج هذه الأزمة . وكل حاجاتكم تصلكم . شعرت أن هذا من بعض الحب والبر ..
يا شباب الإسلام ...ويا صبايا الإسلام  ..
كونوا أبناء  من لا ابن له ، المساندين لمن لا سند له ، الأعوان لمن لا عون له ..المرشدين لمن لا مرشد له . سواء كنتم في أوطانكم أو في مهاجركم ..
وهذه المساعدات لا تقتضي منكم تقديم الأموال ، بل تقديم الأمل والحنان والجهد والخدمات : الرفق والمعونة ..
وكلما اتسع الخرق اشتدت الحاجة وعظمت المسئولية ، ويقولون إن الخرق اليوم في العواصم الكبرى كبير ، فكيف هو في دمشق وحمص واللاذقية ..لهفي !!
============================
إعلام الإثارة ونشر الذعر المغالط هل هذا أوانه ؟!
ربما من المفيد أن يكون هناك مؤشر رقمي عام على عدد البشر الذين تعرضوا للإصابة بالفيروس المخيف .
وهذا العداد يشير حتى اللحظة ١٥٦ ألف إنسان حسب العدد التراكمي الذي يظل يرتفع بل توقف .ولعله ارتفع خلال أمس السبت بما يقرب من عشرة آلاف إنسان .
ولكن الإنصاف العلمي الموضوعي يقتضي من الذين يسيطرون على شبكات الاعلام ، والبرامج الحاسوبية او العادودية التي تظل تصاعدية بلا انتقاص ان تقدم رقما محددا ويوميا لعدد المصابين الساعي
بإخراج عدد الذين تماثلوا للشفاء ،
وإضافة عدد المصابين الجدد لنصير إلى ما يسمونه في علم المحاسبه " اليكون " أو الصح باقي .
فإذا كانت الصين قد سيطرت على المرض . وهي صاحبة الرقم الأكبر وتوزع المصابون عندها وهم ثمانون ألف على خانتين سالمون ناجون ومتوفون ، فيجب إخراج رقمها من " يكون " الإصابات الحالي او صح باقي الإصابات أو حصيلة الإصابات
الرئيس الفرنسي بالأمس أعلن أن ٩٨ بالمئة من الإصابات تماثلت للشفاء . إذن يجب إخراج الرقم المشار  إليه من خانة اليكون .
يجب ان يكون لدينا حصيلتان حصيلة عامة تشير إلى العدد الكلي وحصيلة وقتية تشير إلى عدد المصابين حول العالم في وقته . وهذا ما يتجاهله إعلام الإثارة وتشر الذعر .
أمر آخر في العداد التراتيبي للدول حسب عدد الإصابات فيها . وترتيبها حسب ذلك . وهذا أيضا فيه جنف كبير لأن حساب النسبة والتناسب سيعطينا ترتيبا مختلفا تماما . وربما نجد ان بلدا صغيرا مثل لبنان يمكن ان يحتل الترتيب الاول بعشرات الإصابات ، وربما تكون الصين مع كل ما جرى فيها إلى الترتيب الأخير
لتعلموا عدد السنين والحساب
============================
" ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب "
ما يظهره بعض المسلمين من حرقة وحزن وأسف وأسى لتعليق الجمع والجماعات في المساجد ، إن خرج مخرج تعظيم شعائر الله ، والحسرة على فوات تلك النعم بالمثول الجماعي بين يدي الله ؛ فذلك حسن وجميل ودليل حرقة وغيرة وإيمان وفقه..
وإن خرج ، كما صدر عن بعضهم،  مخرج الإنكار على من أمر بذلك تشريعا او فتوى او نصحا فهو مظنة الجهل والغرور .
إن الإعذار من كل أولئك  مذكور في مظانه منكتب الفقه بصور مماثلة او مقاربة لما هو عليه حال الناس اليوم ، واعتبروا أمن طريق الحج من شروط توفر الاستطاعة  .
والتثريب على الحكام عادلين كانوا او قاسطين ليس مقصدا ولا مطلبا .
وحفظ النفس وحفظ الدين مقصدان من مقاصد الشريعة متناوبان على الاولوية .
يبذل نفسه في مواقع لحماية الدين . وفِي أخرى يعطي المكره ما يعطيه في حماية النفس .
ومع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأنا أغير منه ، والله أغير مني ..
إلا أن بلاء المسلمين في هذا العصر بأقوام يظنون أنهم أغير من الله ...
وأقسطوا إن الله يحب المقسطين