الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 15-01-2025

رسائل طائرة 15-01-2025

15.01.2025
زهير سالم



رسائل طائرة 15-01-2025

زهير سالم*
من أقوال بعض الصالحين: لو كانت لي دعوة مستجابة لخصصت بها السلطان…
اللهم آتهم من لدنك رحمة يرحمو بها عبادك، وهيئ لهم من أمرهم رشدا، يحيون به النفوس، ويبنون الخراب، ويقيمون المعوج.
اللهم أعذهم من شرور أنفسهم ومن شرور الخلق أجمعين…
يا نافخ الكير احذر يبرد الحديد…
صحيح إن الحديد بالحديد يفلح، ولكن الطرق على الحديد البارد، كثير الجهد، قليل الغنى…
ونكاد لا نسمع ولا نرى…
=======================
رسالة صوتية:
لا نريد أن تطوى الصفحة بل نريد أن تفصل وتوثق ..( وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)
https://youtu.be/0KLuYLQyWSI

=======================
نحن وأقصد أنا وأنتم .. لسنا رجال سياسة…
وخذوني بقليل من العطف والشفقة والحنان…
أصحاب الدم الحامي لا يكونون من أهل السياسة..
والإنسان- وهو لفظ في العربية يطلق على الرجل والمرأة- الذي يكون تارة جوابه في كمه، وتارة في تمه؛ لا يكون من أهل السياسة، رجل السياسة أو امرأتها، إنما يكونان لأحدهم جوابه عند أمه.. ليست أمه الرحمية، ولكن أمه التي تعلمون…
هل حفظتم يوما:
خليفة في قفص
بين وصيف وبغا
يقول ما يقال له
كما تقول الببغا
هو ذاك…
انظروا من تبقى على مقاعدكم أو مقاعدنا أو مقاعدهم..
بل انظروا إلى تكويعات سعادة السفير الجعفري وسعادة المندوب السوري في الأمم المتحدة.. هؤلاء هم رجال سياسة
أنا وأنتم بلوشي
قال لي: أتذكر فلانا الذي ظل حتى ٧/ ١٢/ ٢٠٢٤
يناكفنا ويعاكسنا دفاعا عن بشار الأسد؟؟ قلت له نعم، ما جديده؟؟
قال: نزل على رأس وفد باسمنا إلى دمشق ليبارك للعهد الجديد..
وخصص له السيد أحمد الشرع وقتا، واستقبله واحتفى…
فانفرجت أساريري وقلت لصاحبي طمأنتني: الآن أصبح أبو محمد من رجال السياسة..
فكروا فيها.. ولا تردوا علي…!!
لا تردوا عليّ، لها معنيان، أحدهما لغوي، والآخر سياسي!!
=========================
عنوان المرحلة في هذا الزمان…
نقول الحق ولا نبالي بمن قال غيره…
نبني على أساس متين، ونترك للذين يبنون على جرف بناؤهم
الناجح منا من استطاع منا أن يجمع حوله عشرة..أو أن يرصف في جدار الحقيقة كلمة..
بعض الأحباب
يطوفون.. ويطوّفون ثم يعودون إلينا: انظروا كيف فعل هذا!! انظروا كيف قال هذا!! انظروا كيف كوّع هذا!!
لا تسمعوا ولا تنظروا ولا تضيعوا أوقاتكم.. بل اعملوا ثم اعملوا ثم اعملوا..
أمر ربنا: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ).
جبلت على كدر
في المثل البلدي ألف مبخر فلا نطمع
=========================
طفل سوري تدمري يتذكر
طفل حلبي من حارة الريش في حلب
يتذكر فجر الرحيل من ثكنة هنانو إلى سجن تدمر…
أرسلها إلي فأبكاني وسط الفرح
سأضع نصه بين أيديكم
تذكروا كل ما كتبه مؤطر بين كلمتين أذان المؤذنيين في حلب قبل الفجر
يا حي يا قيوم
يا ذا الجلال والإكرام.. يا ذا الطول والإنعام..
وبين لوحة كتب عليها سجن تدمر..
تذكروا أن اللوحة التي سأضعها بين أيديكم هي نسخة من مائة ألف أو يزيدون..
وإليكم..
عندما بدأوا يجهزوننا إلى تدمر كنا حينها في سجن ثكنة هنانو، شعرنا جميعنا بسعادة كبيرة ، فمآذنُ الفجرِ المحيطة بحارات السجن
قارلق والدلالين والصفا وأغيور وحارة الطليعة كانت قد بدأت بالتسميع لأذان الفجر ؛ أصوات عذبة وأنفاس ندية تبعث في النفس السكون والطمأنينة مغمستين بالألم والحسرة مع الشجن ( يا حي يا قيوم.. سبحان الله..سبحان الواحد الأحد..سبحان الفرد الصمد...... لا إله إلا الله.. )
و رحيل الليل في سكونه رهبة، وهجوم الفجر ينذر بقادمٍ مخيف، رجالٌ لا ترى في وجوهم إلا الغضب والشروالشرر، و في عيونهم ترى هلاكك ؛ و غلظة في القبضات، وصدأٌ في الأصوات ، تشم رائحةَالسكائر تفوح من مخمور، وبقايا نتن تعرق ودرن ماتحت الأبط، وما تحت التحت؛ وكل ذلك يشكل مزيجاً من خليط نتن يستحيلُ أن تجد لها خين تجتمع في وقت واحد سميا،
ومع كل ذلك أسلاك معدنية فجة كانوا يقيدوننا بها ( تيل ) ، كانوا يمسكوننا كالدجاج في أقفاصها، مستكبرين على ضعفنا ووهننا وقلة حيلتنا؛ ويكبلون أيدينا إلى الخلف بدلاً من القيد النظامي ، الكلبشا، وكأن القيود على المعصم لم تعد تشفي حقدهم وتروي غليلهم ، فالأسلاك أكثر آذى وأدمى وأرخص. يتابع صوت المؤذن "لا إله إلا الله" فتمتزج بعبارات فريق الجلادين القذرة و شتائمهم المختلفة من كل الطبقات ، يستحيل على كل لغاتِ العالم أن تأتي بمثلها رعونة وبذاءة وخباثة ورزيلة..
كانت عقولنا مزدحمة بالأفكار بل بالتناقضات!!مختلطة بالمفارقات ، فبقدر ما كنا فرحين بخلاصنا من سجن هنانو بقدر ما كانت سمعة السجن " تدمر " بأهواله و الأخبار التي ترد عنه تشكل مصدر قلقٍ وترقب وتربص وخوف؛ ماذا يمكن أن يكون
أنذكر أنني سألت يومها رجلا كبيرا كان طالبا جامعيا، وطبيعي أن يكون الطالب الجامعي بالنسبة لطفل في السادسة عشرة رجلا كبيرا، سألته :
 - عصام، ماذا يوجد في تدمر ؟!
فقام على رجليه وأسند بظهره إلى جدار الزنزانة مطوقاً بأصبعي السبابة والإبهام عنقه و أسدل الرأس دون أي حرف، وقتها ففهمت أنّه الموت مع الصمت، لكن رغم كل هذا كنا متفائلين فمهما يكن هناك فلن تكون تدمر مثل سجن ثكنة هنانو!! ويقطع تفكيري مرة أخرى أصوات المؤذنين:
الصلاة و السلام عليك يا سيدنا يارسول الله " و كأن المؤذن في الوقت الذي أشار فيه للسجانين أن حان موعد إركابنا وصعودنا في الباصات.
خرجنا مطأطئي الهامات مثنين الظهور.. وراح الجلادون يسوقوننا عبر زوايا السجن وممراته نحو ساحة مخيفة حيث كانت تنتظرنا الحافلة.
كان صوت المؤذن أبو عدنان فارس يودعنا.. كانت كل أغيور تعرفه فلقد نشأنا ووعينا على صوته حيث بيتنا في حارة الريش وهي حارةٌ ملاصقةٌ لثكنة هنانو و لطالما كنا في أيام الإبتدائية نخرج في حصص الرياضة لنلعبَ في ساحات متاحة في مقبرة "جبل العظام" المجاورة لتلك الثكنة ، لم يخطر ببالي يومها - وأنا طفلٌ لم يتجاوز العاشرة ومازلت طفلاً حتى الآن ١٦ سنة وسالت نفسي هل أنا رجل ؟! لو لم أكن رجلا فكيف أسجن؟ وكيف أقيد بهذا القيد الثخين؟؟ وإذا كان قدري أن أكون رجلا في سجن الطفولة فلألعب دور الرجولة كما يستحق، كنت أحاول إقناع نفسي!! وأجبتُني بشيئ من العجب والفخر والزهو والغرور:
 لو لم أكن رجلاً ما وصلت إلى هنا، أعارض وأجاهد وأهتف للحرية ضد طاغية يرعد ويزبد في البلد وأتابع الخواطر :
ماكنت وأنا طفل ألهو بجوار هذه الثكنة أن في فيها مسلخاً ينتظرني ويتربص بي عندما سأبلغ السادسة عشر ، تذكرت رفاق طفولتي في المدرسة و الحارة، ثم تذكرت أمي و أبي والجيران ، تذكرت كل التفاصيل ونحن نصعد الحافلة، وتنهمر دمعة من العين وتسيلُ على الخد حزينةً على فراق هذه المدينة.
وينتهى الأذان وأنا غارقٌ في بحر الألمِ والذلّ تتعثر بي الإهانات…
وانطلق بنا الباص ورؤوسنا تحت مساند الكراسي ..
و داعاً يا حلب .. لعلها اللحظات الأخيرة التي نعيشها معاً لعلنا لا نلتقي- ياغالية ياحبيبة- بعد اليوم ، وداعاً يا ساحات الشرف والبطولة ومواطن الشباب الأوفياء وفجأةً ينطلق لساني اللهم إني أستودعك حلب اللهم احفظها للأجيال من بعدنا ولا تفجعنا بها و تنهمرُ دموعي بكاءً على فراق مدينتي حلب. بل على أمي وأبي وإخوتي وأخواتيي، بل على رفاق مدرستي ولداتي، بل على أذان المؤذنين عند السحر.. البكاء في قاموسنا عيب على الرجال،، وأنا إنما أبكي حزنا على صوت الأذان..
كان الفجر قد لاح وأقبل الصباح ، يسأل شرطيٌ أحد الركاب السجناء ، وكان من بيت جبقجي :
- بماذا تفكر ولا ، م ن ي ا .... كان ذاك شيخا ابن ستين و .... ؟ وكأن الشاب كان يفكر ويحدث نفسه مثلي، فأجابه : سيدي جعنا، أفكر في الفطور !!
فيرد عليه الوغد لا تخف، ولاتقلق فطوركم جاهز ينتظركم الآن ، ستفطرون عما قريب
الإ...... مع الخ ر. ا، ( ومعذرة من بذاءة ، والقائمة مليانة بكل ما تشتهون وترغبون، ثم يكمل
- لك بحضي لنخليكم تكرهوا الساعة اللي جابكتم أمهاتكم على ها الدنيا ، ونمت بعدهااااا نمت... كأنها تلك العبارة كانت جرعة البنج الذي لفني
- ما قدر الله كان ولا اعتراض ولم أستيقظ إلا أمام لوحةٍ كتب عليها :
سجن تدمر العسكري.
وانزلوا يا عرصات وسط سيلٍ من اللكمات والضربات والركلات….
من مذكرات طفل تدمر
"شيئ من الأمس*
____________
*مدير مركز الشرق العربي