رسائل طائرة 01/09/2020

الدونية العقلية ...
أخطر ما تعيشه الأمم والمجتمعات والشعوب والجماعات والأفراد حالة الدونية العقلية . انخفاض مستوى القدرة على إعمال العقل وفق قواعده الأولية ، بدهياته ومسلماته وقوانينه ونظرياته . وقد وضع الأقدمون علما خاصا بذلك سموه علم المنطق . وألف اليونان ثم المسلمون الكثير من المؤلفات تحت هذا العنوان .
محاورات أفلاطون كانت عملية تدريبية على التفكير السليم . معيار العلم ، ومحك النظر في المنطق للإمام الغزالي وغيرهما كثير من الكتب التي تضبط في حديثنا الكلمات ، حتى ابن تيمية الذي حاول نقض علم المنطق الأرسطي كانت له قواعده واستنتاجته ..
الدونية العقلية، لا ترتبط بقلة علم ولا قلة ثقافة كما يظن البعض ، فكم نتابع أشخاصا يحملون أرقى الشهادات ، ويحفظون الكثير من العلوم والمتون ثم تجد حجاجهم أقرب إلى السذاجة ولا أريد أن أستعمل لفظا آخر . وكم عايشنا من رجال شبه أميين كانت عقولهم تزن الجبال رزانة ..وربما هكذا كان حال العرب يوم اختارهم الله لحمل دعوته ونشر دينه . وكان في كل موطن يدعوهم للتعقل والتفكر وحسن التدبر ..
حين نتابع الأحاديث اليوم على كثير من صفحات المعرفة الحديثة والتي كشفت الكثير من عوار المجتمعات والشعوب ولاسيما مجتمعاتنا ، والأخص من الأخص الأخص منا ، نشعر أننا أمام كارثة حقيقة تفسر عمق ما نحن فيه من كارثة ومن بلاء ..
وأقتل شيء فيما نعانيه الغرور ..
الغرور الذي دلّى به إبليس أبوينا من الجنة وما يزال يفعل فعله فينا حتى يكاد العاقل يقول : إن الصمت بالحر أولى وأجمل ، ويتفهم في هذا الضباب صمت العقلاء حتى تركوا الديار خرابا بلقعا ...
من واجبي أيضا أن أخشى على نفسي ما أخشاه على الآخرين .
زهير سالم