اخر تحديث
السبت-20/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ ذكريات شاهد عيان
ذكريات شاهد عيان
28.02.2017
د. محمد أحمد الزعبي
1. قصة الدكتور سليم بريك. :
ينتمي الطبيب المرحوم سليم بريك موضوع هذه الفقرة ، إلى عائلة عربية مسيحية تعيش في مدينة درعا / المحطة . درس الطب في جامعة دمشق ، وعندما تخرج منها كطبيب رفض عرض أخيه الأكبر فؤاد أن يلتحق به في كندا ، التي هاجر هو إليها بعد أن خرج من سجن " الرفاق " الذين كان يعمل معهم كواحد من ضباط انقلاب الثامن من آذار عام ١٩٦٣ . لقد كان سبب رفض سليم عرض أخيه فؤاد هو أنه يريد أن يبقى في سوريا ليخدم وطنه كطبيب .
وبينما كان يمارس مهنته في أحد مستشفيات دمشق ( لاأذكر اي مستشفى ) ، جاءته ذات يوم طفلة مدماة الوجه والرأس والجسد ، لكي يقوم بمعالجتها بما هو طبيب ، ومن المعروف في مثل هذه الحالة ، أن يسأل الطبيب مريضه / مريضته عنسبب الإصابة ، وفعلاً سألها خلال معالجته لجراحها عن سبب ماحل بها ، فأجابته لقد ضربني " سيدي " الذي أعمل عنده كخادمة ، وهنا سألها : ومن هو سيدك ؟ فأجابت : إنه الملازم أول في سرايا الدفاع فلان الفلاني وهو من أحضرني بسيارته إلى هنا ، وهو ينتظرني الآن في الخارج لكي يعيدني إلى البيت معه وهنا قام الدكتور سليم بواجبه المهني ، فأخبر الجهة القضائية المختصة ، التي أرسلت إلى المستشفى ثلة من الشرطة لإلقاء القبض على الضابط وجلبه للتحقيق ، وعندما وصل رجال الشرطة وطلبوا منه مرافقتهم ، سألهم ومن الذي أخبر القاضي بالأمر ، فأجابوا طبيب اسمه سليم بريك ، وهنا هاج وماج سيادة الملازم أول واندفع إلى غرف المعالجة يبحث عن هذا السليم بريك الذي تجرأعلى إخبار الشرطة عن قضية تتعلق بواحد من عناصر " القائد " ، ولكن ممرضات المستشفى استطعن إخفاء سليم الذي تذكر الآن عرض أخيه فؤاد فندم على عدم سماعه نصيحته ، فحزم أغراضه وركب الطائرة في اليوم التالي متوجهاً إلى الحدود الكندية الأمريكية ليلتقي أخاه فؤاد هناك ، وتبدأ في حياته مرحلة جديدة ، بعيداً عن بصاطير عسكر " الرفاق " .
لقد زرته من جهتي ذات يوم في بيته في مدينة ( لاأتذكر الإسم ) الأمريكية ، وقد روى لي بنفسه الحادث الذي ذكرته أعلاه .
1. ، حكاية إحمد المصطفى العبد المجيد ( أحمد الزعبي ) ر
أرغب بالاشارة بداية إلى أنني قد غادرت سفينة البعث على مرحلتين ، الأولى كعضو في القيادة القومية وأمين عام مساعد للحزب بتاريخ ٢٦.٣.١٩٦٧ ، والثانية كوزير للإعلام مباشرة بعد حرب حزيران عام ١٩٦٧ . وما أريد أن أقوله هنا وبالعلاقة مع عنوان هذه المقالة ، هو أنني كنت في بيتي. عندما جاءني خبر وفاة المرحوم أحمد الزعبي ( تحت التعذيب ) وفي مخابرات القوى الجوية التابعة لحافظ الأسد . حين سافرت مباشرة إلى قريتي وقرية المرحوم أحمد الزعبي ( المسيفرة ) وكنت شاهد عيان لهذا الموضوع .
إن توقفي عند هذه الحادثة التي قارب عمرها على النصف قرن ، إنما يعود لتقديري أن كثيراً من المواطنين السوريين ، ومن ضمنهم الكثير من أعضاء حزب البعث نفسه يجهلون تفاصيلها وذلك بسبب التعتيم الإعلامي الكامل عليه ، كونه يعود إلى فترة ماقبل انقلاب حافظ الأسد على حركة ٢٣ شباط ١٩٦٦ ، ولأن مسألة الموت تحت التعذيب كان حتى ذلك التاريخ من الكبائر السياسية في سوريا التي يقتضي طمسها والسكوت عليها . إن قصة المرحوم أحمد المصطفى هي ( إذا لم تخني الذاكرة ) كما يلي :
أحمد مواطن عربي سوري من قرية المسيفرة كان عضو اً في الحزب الشيوعي السوري ( قبل التشرذم ) ، كان يتقدم باستمرار للحصول على وظيفة يعتاش منها ، غير أن ( الشعبة السياسية ) كانت له بالمرصاد ، وكانت ترفض الموافقة على توظيفه بحجة شيوعيته ، وعندما أصبحت وزيرا للإعلام في حكومة يوسف زعين عام ١٩٦٦ قمت فورا بتوظيفه في مؤسسة سانا التي كان يرأسها يومئذ المرحوم حسين العودات . وفيما علمته لاحقا أن هناك قريبان له من قرية المسيفرة كانا يؤديان " خدمة العلم " في مدينة دمشق فكانا يزورانه في بعض المناسبات ، وبلدات في عطلة نهاية الأسبوع ، فاعتبرت مخابرات القوى الجوية ( محمد الخولي ) أن الأمر يتعلق بخلية شيوعية داخل الجيش ، فاعتقلت الثلاثة ، وقامت بواجبات استضافتهم المعروفة والتي وصلت هذه المرة حد موت المرحوم أحمد المصطفى ( تحت التعذيب !!) . لقد تم تسليم الجثة إلى الشرطة العسكرية بدرعا ، وكانت موضوعة داخل ( تابوت ) كتب عليه " الشهيد أحمد الزعبي " والادعاء بأنه قد استشهد في فلسطين ، بينما كان يقوم بواجبه الوطني هناك . اتصلت الشرطة العسكرية بوالد " الشهيد !!" وطلبت منه أن يحضر إلى درعا لاستلام الجثة . عندما علمت من جهتي بالخبر سارعت بالذهاب إلى قريتي المسيفرة ، ( تبعد ٢٠ كم فقط عن مدينة درعا ) لآجد الأهالي قد تجمعوا بالمئات في باحة دار ( ابو أحمد ) ، وهم يتشوطون غضبا ، ويرفضون حفر القبر قبل أن يشاهدوا الضحية ويعرفوا السبب الحقيقي للوفاة . أقنعت من جهتي العم " أبو أحمد " بضرورة أن نذهب إلى درعا ونستلم الجثة . وبالفعل ذهبت وإياه بسيارة خاصة إلى درعا ، واستلمنا التابوت من الشرطة . العسكرية وقد كتب عليه ( باللمسخرة ) " الشهيد أحمد الزعبي " وسلمونا مع التابوت تقريراً طبيا موقعاً من الدكتور عبد الرزاق الشيشكلي يثبت أن أحمد قد استشهد في فلسطين ( باللمسخرة مرة أخرى ) ، لقد كانت الكذبة مفضوحة بالنسبة لي كوني أعرف أن الدكتور عبد الرزاق الشيشكلي لم يكن يومها في سوريا آصلاً ، وجاءت معنا سيارة شرطة عسكرية إلى القرية لمنع أهل الضحية أو أهالي القرية من فتح التابوت ومشاهدة آثار التعذيب . واقع الحال لم يحل وجود بضعة أفراد من الشرطة العسكرية من اندفاع أهل القرية إلى التابوت وكسره ليروا بداخله جسداً غابت معالمه تحت وطأة التعذيب ، فأغلقوا التابوت بسرعة من هول مارأوا ، ( كنت أقف مع المئات خار مضافة أبي أحمد حيث التابوت ) وقام بعدها أهل القرية بحفر القبر ، وسارت خلف التابوت جنازة مهيبة المسموع فيها هو " لاإلاه إلا الله " أما المخفي ( غير المسموع ) فهو بالتأكيد أعظم .
في اليوم التالي للدفن ، شاهدت في جريدة الحزب الشيوعي نعياً لأحمد الزعبي وتنديداً بالطريقة التي قتل فيها ، ولكن الجريدة الشيوعية قد تجاهلت أن النقيب مصطفى السمانة مات بدوره بنفس اليوم وبنفس الطريقة ولكن بتهممة أخرى هي الانتماء إلى بعث العراق . ، سافرت فورا إلى دمشق وذهبت إلى بيت الأستاذ خالد بكداش ( أبو عمار ) وقلت له : يبدو أنكم ياأبا عمار ضد تعذيب الشيوعيين فقط ، ولستم ضد التعذيب من حيث المبدأ ، فسألني كيف ؟ فقلت له : أنت تعلم أن النقيب مصطفى السماني قد مات تحت التعذيب أيضاً وبنفس اليوم الذي مات في أحمد ولكن جريد تكم ( طريق الشعب ) لم تنع وتذكر إلا أحمد الزعبي باعتباره شيوعياً وتجاهلت الآخر ! . فقال لي " الحق معك " وسوف نقوم بتلافي هذه الخطيئة ، وفعلا قامت الجريدة في اليوم التالي بنعي النقيب مصطفى السمانة .
ذهبت بعدها مباشرة إلى أحد الأصدقاء ( إليا شديد ) الذي كان يشغل مديرا لإحدى الشركات الصغيرة التي قمنا بتأميمها (!) فآخبرته بقصة أحمد الزعبي ، وقلت له : يجب أن تطرحوا هذه القضية ( الموت تحت التعذيب ) في منظماتكم الحزبية ، وكان جوابه لي ، أن أخرج باكيت سجائر " بول مول " من درج مكتبه الفخم ، وقال لي : رفيق محمد أنتم من أوصلنا إلى هذا ( وأشار بيده إلى باكيت البول مول ) وبات من الصعب علينا التخلي عنه ، ولذلك فلن أطرح الموضوع في فرقتي الحزبية (!!). أدركت حينها أن سرطان " الإنتهازية " قد بدأيتفشى في جسم الحزب .
بعد بضعة أ سابيع زارني رجل دين في بيتي ، وطلب مني المساعدة في معرفة مصير ألشخصين الآخرين اللذين اعتقلا مع ابن عمهما آحمد . اتصلت بمصطفى رستم ( كان عضواً في القيادة القطرية والمسؤول عن التنظيم الحزبي العسكري فيها ) ورغبت إليه أن يستفسر عن مصير هذين الشابين ، فطلب مهلة يومين ، أعلمني بعد مرورهما أن الشابين مازالا على قيد الحياة وهما في أحد السجون ، فآخبرت الشيخ بهذا الخبر الذي وصلني من مصطفى رستم .