الرئيسة \  مشاركات  \  خرافة العداء الايراني الامريكي

خرافة العداء الايراني الامريكي

27.07.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين /‏26‏/07‏/2015
استطاع الاعلام الامريكي والايراني  ومنذ نجاح الثورة الخمينية الاطاحة بشاه ايران السابق رضا بهلوي عام 1979 اقناع اكثر شعوب منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي واوروبا واكثر شعوب مناطق العالم الاخرى وجد عداء بين ايران والولايات المتحدة الامريكية ، فايران الخمينية حملت راية المعاداة للولايات المتحدة الامريكية تحت غطاء الاسلام وان واشنطن شيطانا كبيرا خبيثا ينتهج سياسة الاستكبار  ويريد إذلال المسلمين واحتلال بلادهم والشيطان المذكور داعما وعونا كبيرا لكيان بني صهيون مؤكدة عزمها  على محو ذلك الكيان  من خارطة منطقة الشرق الاوسط وإعادته الى اوروبا من جديد  بينما تقود واشنطن العداء لايران تحت غطاء  الحرية وحقوق الانسان وصيانته والمناداة بحرية الاعتقاد وحرية المرأة وايران دولة تنتهج سياسة الكبت وتعتبر البعبع الرئيسي ذو وجه شرير يريد القضاء من خلال امتلاكه لاسلحة نووية ذات خطر كبير على العالم واحتلاله واقامة دولة تحكم باسم الله . هكذا استطاع الاعلام الغربي والايراني اقناع ذوي القلوب الطيبة   بخطر امريكا وايران والغرب على حد سواء .
ويؤكد  المستقلون من خبراء السياسة الدولية ان العداء الامريكي الايراني الغربي  غير صحيحة تسودها المخيلة ، يعني ان واشنطن تتخيل يخيل اليها ان ايران  عدوة لها وتتخيل طهران عداوة واشنطن وتنتهج كلا العاصمتين  مقابل بعضهما البعض سياسة التكبر على بعضهما البعض ، واستطاع الاعلام والسياسة الامريكية والايرانية فرض خرافة عداوتهما لبعضهما البعض على العالم اجمع  حتى اصبح ذلك حقيقة فترى بعض شعوب العالم الاسلامي يعادي واشنطن وشعوب الغرب يعادي ايران بدون معرفة الاسباب الحقيقية وغير الحقيقية لهذا العداء .
والواقع ان واشنطن وطهران لا تعادي بعضهما البعض فواشنطن لم تمد يدها لمساعدة حليفها القوي بالشرق الاوسط شاه ايران رضا بهلوي عندما استنجد بها  على الخميني بل أكد الرئيس الامريكي وقتذاك جيمي كارتر  دعمه لمطالب الشعب الايراني  الذي يسعى للحرية ولا علاقة لواشنطن بإرادة الشعب المذكور . صحيح انه لا يوجد سفارة امريكية بطهران المغلقة أبوابها مذذ عام 1979 الا انه يوجد من يرعى مصالحها فالسفارة الالمانية وغيرها ترعى  المصالح الامريكية في طهران ولا يوجد اي مؤتمر دولي حول السياسة الدولية الاستراتيجية سواء تم انعقاده في واشنطن وغيرها من المدن الامريكية والاوروبية الا وتشارك طهران به . والعاصمتين المذكورتين متفقتان مع بعضهما البعض بعداوة دول منطقة الشرق الاوسط في مقدمتها السعودية وتركيا والحيلولة دون رؤية دماء جديدة في تلك المنطقة .
فالاتفاق حول ملف ايران النووي الذي بدأ في وقت سابق من شهر تشرين اول / اكتوبر من عام 2013 في فيينا تحت شرط  ايران عدم تدخل واشنطن وباريس ولندن عسكريا ضد نظام بشار اسد ، اسفر عن ذلك الاتفاق المبدئي موافقة طهران على انهءا ملفها النووي بالمباحثات التي جرت في لوزان السويسرية في وقت سابق من شهر آذار /مارس وانتهى بقبول ايران التوقيع على انهاء ملفها النووي بشكل نهائي في فيينا يوم 14 من تموز / يوليو عام 2015 الحالي مع اعطاء طهران فترة تصل الى خمس وعشرين عاما الاحتفاظ بالماء الثقيل الذي يذهب لتخصيب اليورانيوم والاحتفاظ بعشرة بالمائة من مخزونها اليورانيوم وتسعين بالمائة منه يتم يتخصيبه خارج ايران واعادته اليها مخصبا مقابل انهاء العقوبات الاقتصادية يعني قبول الغرب بروز ايران كدولة نووية بالشرق الاوسط .
شروط الاتفاقية تمت لوضع حد لعزم  السعودية وتركيا وقطر لوضع حد وقف بسط ايران لنفوذها بمنطقة الشرق الاوسط والخليج العربي والعالم الاسلامي برمته  وحاجة واشنطن الملحة لطهران التي استطاعت زمن شاه ايران ان تكون عصا امريكا بالمنطقة ونجحت بتلك المهنة اذ لا بد لواشنطن وموسكو من شرطي يضرب بعصاه كل حركة وطنية اسلامية  تقع بدول وسط آسيا والقوقاز والشرق الاوسط ودعم حكومة العسكر بمصر التي تحمل عصا امريكا والغرب لضرب اي بادرة ربيع عربي آخر يهب على تونس وليبيا والجزاءر وغيرهما من جديد .
لقد امتدح الرئيس الامريكي باراك اوباما ايران بخطاباته الاخيرة متغاضيا عن السعودية وقطر وتركيا ايضا ،  التي تعتبر حليفا استراتيجيا لحلف شمال الاطلسي / الناتو / فهو قد أعلن اهمية ايران كشريك استراتيجي لواشنطن بالمنطقة المذكورة اذ تستطيع المساهمة باستتباب الامن من جديد بتلك المنطقة الموضوعة على كف عفريت منذ اكثر منذ ما يقارب المائة عام واستطاعت تلك الدولة مساهمتها باتمام مشروع سايكس بيكو الذي يرى بتقسيم منطق الشرق الاوسط الى دويلات كثيرة وقف طموحات شعوبها بإعادة مجد  المسلمين من جديد ، بينما وصف اوباما بخطاباته المتكررة التي جاءت بعد اتفاق لوزان / سويسرا / المبدئي  والاتفاق النهائي الذي تم في فيينا دول الخليج بالأوباش والثقة بهم تعتبر مستحيلة.
العلاقات الامريكية الايرانية كانت دائما قوية ، وهذا ما أشارت اليه وزيرتا خارجية الادارة الامريكية سابقا هيلاري كلينتون ومادلين اولبرايت والحالي جون كيري اذ لا تستطيع واشنطن الحفاظ على استراتيجيتها ومصالحها بالمنطقة دون دعم ايران لها .
ويرى سفير المانيا سابقا بالسعودية وسوريا والكويت وبعض دول الخليج العربي جيرهارد فولدا / 85 عاما / ان فتور العلاقات التي تشوب بين الرياض وطهران بشكل مخيف يعود الى دعم واشنطن المطلق لطهران بسياستها التي تنتهجها في سوريا والعراق والبحرين واليمن فطهران تدعم بشار اسد للبقاء بدمشق فانهيار نظام اسد يعني بداية النهاية لنفوذها  بمنطقة الشرق الاوسط ، فمرشد الخمينيين احمد خامنئي اكد باهمية انهاء العقوبات الاقتصادية ضد بلاده اذ ستساهم بدعم احتجاجات البحرين وبقاء بشار اسد وحصول حوثيي ايران باليمن على مساعدات انسانية تنهي سياسة القهر التي يعانون منها ، كما أكد على ذلك مستشاره وزير الخارجية السابق علي ولايتي مؤخرا بأن ليس للسعودية الحق بالدفاع عن اليمن بصفتها عمقا استراتيجيا لها بتلك الدولة ، علما ان ايران ليس لها حدود مع اليمن . واعتبر فولدا  اتفاقية انهاء ملف ايران النووي الذي تم في فيينا نهاية مسرحية ساخرة استمرت لاكثر من ثلاث شعر عاما .
ويؤكد السفير السعودي السابق في بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية الامير تركي الفيصل الذي يرأس مركز الملك فيصل للدراسات الاسلامية بمقابلة أجرتها معه مجلة شبيغل في وقت سابق من شهر حزيران / يونيو من عام 2015 الحالي حرص الحكومة السعودية على علاقات متوازنة مع ايران الا ان حدة العداء الايراني ضد السعودية  ارتفعت نبرته منذ استلام  حسن روحاني رئاسة بلاده بالرغم من تصريحاته التي أشار  اليها مرات عديدة حرصه على علاقات قوية مع الرياض بينما لم تصل حدة العداء للسعودية زمن الرئيس السابق محمود احمدي نجاد الذي يعتبر بالنسبة للغرب متشددا .
ريما يكون الاتفاق النووي والعلاقات القوية بين الولايات المتحدة الامريكية وايران احد المؤامرات على الاسلام والمسلمين ، صحيح ان ايران اعتنقت الاسلام وكان اسلامها صحيحا بالرغم من دخنه ، فقد كان معظم الشعب الايراني من اهل السنة والجماعة ولكن عندما استولى الصفويون على مقاليد فارس وغيروا اسمها الى ايران وقاموا بتشييع اهلها بالقوة اصبحت ايران طابورا خامسا يحمي مصالح الغرب بالشرق الاوسط والعالم الاسلامي ،  والتاريخ السلامي مليء بخيبة الامل من الدولة المذكورة .