اخر تحديث
السبت-27/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ حول مسرحية تأهيل بشار .. من يؤهل من ؟ كيف ؟ ولماذا؟
حول مسرحية تأهيل بشار .. من يؤهل من ؟ كيف ؟ ولماذا؟
13.01.2019
د. محمد أحمد الزعبي
(1)
تشير كلمة (تأهيل) هنا إلى عملية مزدوجة من الفك والتركيب للشخص المعني ، لجعله من جهة راغباً في العودة إلى (أهله) ، ومن جهة أخرى مقبولاً من هؤلاء (الأهل ) بعد أن هجرهم وضل عن سبيلهم ( إذا لم أقل خانهم ) . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا وبعد مرور ثمان من السنين العجاف ، ارتكب فيها هذا الذي يريدون تأهيله اليوم عشرات المجازر الكيماوية ، ومئات المجازر غير الكيماوية ، وقتل مئات الألوف من الأطفال والنساء والشيوخ ، وغيب مثلهم في غياهب السجون ، وهجر ( بتشديد الجيم ) الملايين أقول : السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : من سيؤهل من ؟ وكيف ؟ ولماذا؟.
(2)
إن ماينبغي قوله لهؤلاء ( المؤهلين !! بكسر الهاء ) المحترمين ، هو أن كل ما قامت به عائلة الأسد (الأب والابن ) منذ عام ١٩٦٧ وحتى يومنا هذا ، كان بعلمكم ، هذا إذا لم يكن بموافقتكم ، وذلك في إطار تعاونكم ( غير المعلن ) مع الابن تحديداً ، في وقف موجة الربيع العربي التي كانت تهدد عروشكم وكراسيكم بل وجيوبكم التي كُنتُم تملؤونها بعرق العمال والفلاحين وعرق الفقراء والضعفاء من أبناء الشعوب التي كُنتُم تحكمونها بالباطل .
(3)
لقد كان تجميد عضوية نظام الأسد في جامعة الدول العربية أمراً مفروضا عليكم أيها السادة المؤهلين ( بكسر الهاء ) بعد قيام الثورة السورية ضده آذار ٢٠١١ ، وبعد أن باتت رائحة الجرائم آلتي ارتكبها بحق المدنيين والتي تم وضعها من قبل الثوار ، ومن قبل كل شرفاء العالم ، في خانة الخيانة. ( اللي بيقتل شعبو خاين ) تزكم الأنوف ، ولم يكن أمامكم سوى القبول بهذا التجميد، أو الصمت إلى أن تحين فرصة أخرى ويبدو أن سوخوي بوتين ومقام السيدة زينب قد أتاحا لكم هذه الفرصة ، وها أنتم تغتنموها لإصلاح ماأفسده الربيع العربي عليكم .
(4)
إن مهمتكم أيها المؤهلون ( بكسر الهاء ) المحترمون ( وهي مهمة بالوكالة ) في إعادة تأهيل ( أبو البراميل ) كرئيس شرعي لسورية إنما تدخل - برأينا - في إطار منحه شرعية (شكلية ) تؤهله فقط لإعطاء وجود القوات الأجنبية في سوية ، والتي استدعاها لنصرته وإنقاذه ، شرعية (شكلية بدورها ) تسمح لشرعيتهم (المزعومة) بالتعاون مع شرعيته ( المزعومة أيضاً ) لتدمير مابقي من سورية ، وقتل وتهجير من بقي من سكانها ولاسيما العرب السنة منهم (تحت مسمى مكافحة الإرهاب طبعاً !!) ، ناهيك عن مهمته الرئيسية التي ورثها عن أبيه ألا وهي حماية حدود ( إسرائيل ) والتطبيع معها ، وبالتالي التخلي عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وهو الدور المشبوه الذي لعبه الأب في لبنان عندما سمح له أمريكياً وإسرائيلياً بدخوله، وسحق المقاومة الشعبية ضد ( إسرائيل ) بجناحيها اللبناني والفلسطيني فيه عام ١٩٧٦.
(5)
إن هذا يعني أننا أمام مسرحية درامية سوداء يتبادل فيها كل من المنتج والمخرج والممثل وكاتب السيناريو الأدوار ، إخفاء للحقيقة وتضليلاً للمشاهدين . هذا مع العلم أن المسرح الذي تدور فيه أحداث هذه المسرحية ( مسرحية تأهيل بشار ) هو ليس سورية الصغرى ( الجمهورية العربية السورية ) ، وإنما هو سورية الكبرى ، التي تشتمل فيما تشمل الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) بوصفها لاعباً رئيساً في كل مستويات وأبعاد وفصول هذه المسرحية . ولاسيما في فصلها الذي نحن بصدده الآن ، ألا وهو ، محاولة إعادة تأهيل هذا الحليف الاستراتيجي لها ، وتكريسه حاكماً لسورية هو وَذُرِّيَّتِهِ الطائفية ، إلى أجل غير مسمى . إنه هذا التعاطف والتودد بين ( إسرائيل ) ونظام عائلة الأسد يبدو من حيث الشكل ، تعاطف إنسانياً بين أقليتين مضطهدتين ( بفتح الهاء ) ضد الأكثرية في سورية الكبرى ، أما من حيث المضمون ، فلا أراني بحاجة إلى إيضاحه .
(6)
ولابد من التذكير هنا ، إلى أنه عندما غزت جحافل جورج بوش الابن العراق عام ٢٠٠٣ ، كان واضحا لكل ذي بصر وبصيرة ، أن الهدف الحقيقي من هذا الغزو الإنجلو - أمريكي ، كان المجيء بمجموعة عراقية مشابهة لتلك التي وصلت إلى الحكم في دمشق عام ١٩٧٠ ، وأيضاً لتلك التي وصلت إلى الحكم في طهران عام ١٩٧٩ . وبالتالي خلق قاعدة جغرافية - تاريخية لصراع اجتماعي نوعي جديد في الوطن العربي ، يحل محل الصراع العربي - الإسرائيلي المستمر منذ ١٩٤٨ ، ألا وهو الصراع الطائفي (السني - الشيعي )، في لبوسه القومي (العربي - الفارسي)، الذي ( الصراع النوعي الجديد ) من المفروض أن يقلب الأمور في الوطن العربي رأساً على عقب لعدة عقود من الزمن ، ولاسيما بعد أن تم خلق ( داعش ) السنية ، ووضعها في مقابل ولاية الفقيه الشيعية, الأمر الذي سمح لـ ( إسرائيل ) أن تضع رجليها في ماء بارد وتتفرج على هذه المسرحيات الهزلية العربية والإسلامية .
(7)
إن الدور الذي يقوم به بعض الحكام العرب فيما بات يسمى (إعادة تأهيل بشار الأسد ) إنما هو دور بـ ( الوكالة ) ، يبدأ شكلاً بتأهيل بشار ، وينتهي عملياً بالاعتراف والتطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب كافة القضايا الوطنية والقومية العربية ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، الأمر الذي سيسمح لـ ( اسرائيل ) أن تتسلى بالتفرج على الجميع ( السنة والشيعة ) وهم يتلذذون بأكل لحوم بعضهم بعضا ، بل وتقوم بتشجيعهم على ممارسة هذا المنكر دينياً ودنيوياً ، وذلك تمهيداً للدخول في صفقة ترامب ( صفقة القرن ) لتصفية القضية الفلسطينية . إن محاولة أمريكا وروسيا وإيران ، ومعهم معظم القادة العرب ، الآباء منهم والأبناء ، إعادة تأهيل بشار الأسد ونظامه الطائفي، العسكري ، الفاشي ، وفرضه على الشعب السوري ، بالقوة ، إنما يدخل - برأينا - في إطار محاولة تنفيذ هذه (الصفقة ) والتي يقتضي تنفيذها المحافظة على جذوة الصراع الطائفي السني - الشيعي حية , وإخراجها من ( تحت الطاولة ) إلى ( فوق الطاولة ) ، إلى أن يرفع كل الناطقين بلغة الضاد الراية البيضاء .
(8)
إن مانخشاه وننبّه إليه هنا ، هو أن الوصول إلى مثل هذه النتيجة المؤسفة والمؤلمة ، قد يستلزم. - إذا ماحصل - إضافة إلى إعادة تأهيل أبي حافظ ( بشار الأسد ) ، تصفية كافة خصومه السياسيين الذين شاركوا في ثورة آذار ٢٠١١ ، إضافة إلى تصفية كل من قال ، أو لايزال يقول ( لا ) لصفقة ترامب وبوتين ، سواء أكان سنياً أو شيعياً ، وسواء أكان في فلسطين نفسها ، أو في أي مكان من الوطن العربي ، تماماً كما حصل للمرحوم صدام حسين عام ٢٠٠٣ في بغداد . هذا والله أعلم .