الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  حضن الوطن

حضن الوطن

22.02.2020
د. محمد حكمت وليد


قصيدة جميلة بعنوان "حضن الوطن" لأخينا الدكتور الشاعر محمد وليد / المراقب العام لإخوان سورية .. روح الإبداع تلامس الأوجاع
https://www.youtube.com/watch?v=kii5vlEn_3Q
 
قصيدة حضن الوطن
مذكرات سوري عاد إلى حضن الوطن
كلمات الدكتور محمد وليد

أداء وإخراج عمار الطرزي

أعودُ إليك يا وطني؟
أَيَبْسُمُ بعد ذاك الهجرِ لي زمني؟
ألي وطنٌ ألوذُ به؟
أُعَمِّرهُ بوجداني..
وأدفُنُ فيه أحزاني..
أعودُ إليه..
للحضن السماويِّ الذي بالحب يسبيني.
ومِنْ ينبوعهِ الصافي
رحيقَ الخُلد يسقيني
يغني لي كحسون..
يزقزق في شراييني
***
وَعُدتُ وكانَ لي أملٌ..
بأن أرتاحَ في داري..
وأكرمَ كل زواري..
أُقبلُ تُربَ والدتي التي رحلتْ
ولم ترحلْ عن الدارِ
ولكني رأيتُ الدار قدْ رحلتْ
فلا أهلي بَقوا فيها ولا جاري
وباب الدار مكسور...
يَئِنُ من الرياحِ الهُوج تعوي في مفاصله..
وصورةُ والدي في الأرضِ ملقاةٌ..
تَجَّمدَ دمعُها الجاري
***
سألتُ الناسَ عن عُمرٍ
فقالوا غابَ من زمنٍ ولم يَعُدِ..
فقلتُ وَأين سلمانٌ..
فقالوا صار في كندا..
مَضى بالأهل والولدِ..
فقلتُ وَأين محمودٌ..
فقالوا صارَ في الزنزانةِ العشرين..
ووالده قضى في الزنزانة الخمسين في كَمَدِ
***
وَرحتُ أزورُ مدرستي..
التي انحَفَرتْ بوجداني..
دخلتُ صفوفها..
ورأيتُ أقلامي وألواني..
حَزنْتُ لِما ألمَّ بها..
فلا شَغَبُ البناتِ هنا..
ولا صيحاتُ صبيانِ..
وتسألُ أين أولادي..
لقد رحلوا..
لِأرض الروم قد رحلوا..
لقد شردوا..
بعرضِ البحرِ قد شردوا..
ولم يجدوا..
بِأرضِ العُربِ ذاك الراعيَ الحاني
وكانوا يُنشدون بكل تحنانِ
" بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدانِ
ومن نجدٍ إلى يمنٍ
إلى مصرَ فتطوانِ "
***
لهفي عليك يا وطن
أهكذا حضن الوطنْ
 
ورُحتُ أزور حارتنا مع الإصباحْ
لعلَّ بقيةً فيها من الأصحاب والأفراحْ
فلم أر غير أشباح مع الأشباحْ
عيونُ القوم غاضبةٌ
وأرواح مُكَبَلَةٌ..
سألتُ الناسَ أين المسجد المعمورْ
أين النورُ والمصباح..
وأين مؤذنُ الحي الوقورُ.. ووجههُ الوضاحْ
فلاحتْ لي بوسطِ الحيّ مئذنةٌ..
مُحطمةُ..
إلى خَلّاَّقِها سجدتْ.. ولم تَنْهضْ..
وذئب الحي يدعو النائمينَ إلى صلاةِ الفجرِ
حتى يذكروا الفتاحْ..
**
يقولُ الذئبُ عودوا أيها الغَنَمُ
إلى حضني..
فَحِضني اليوم يبتَسمُ..
وَيسألْ بعضُ من علموا..
أسُمٌّ ذاك أم دَسَمَُ؟
رأينا الذئب حين يكون مبتسماُ..
وحينَ الذئبُ ينتقمُ
جَثامينٌ مقطعةٌ..
ونابٌ بارزٌ ودَمُ..
رأينا القتل برميلاً وصاروخاً..
وساريناً بمقدار..
لكيلا تغضبَ الأمَمُ
لهفي عليك يا وطن
أهكذا حضن الوطنْ
***
أيا رباهُ أطفالي قد احترقوا..
وشعبي تاه.. في الفلواتِ..
وانسدَّتْ به الطُرقُ
فَلَيلٌ كلهُ قلقٌ
ويومٌ كله رهقُ
وقَتلٌ بِاسمِ أهلِ البيتِ يُخْتَلقُ..
أأنتم رهطُ أهلِ البيتْ؟
أهلُ البيتِ ما عرفوا فظاعتكمْ
ولا اقترفوا جرائمكمْ
وما فجروا
وما بطروا
وما فسقوا..
***
أنا ما خُنتُ ذاكرتي..
وليست كربلاءُ اليومَ معركتي..
فأرضُ القدس في حَزَنٍ
وجُندُ الفرسِ قد صاروا ببغدادٍ
وفي شامٍ وفي يمنِ
وجندُ الروسِ في حلبٍ قدا انطلقوا..
وبالسوخوي والنابالمِ أرضُ الشام تََحترقُ..
***
جاؤوا على طلب الرئيس المؤتمن
لهفي عليك يا وطن
**
أعود اليك يا وطني؟
بإذن الله سوف أعودْ
فلي وطنٌ يناديني..
وروحي روحه يسري
هواه في شراييني
أحِنُّ إليه..
أحملهُ بوجداني
ولا أرضى له عيشاً
بإذلالٍ وحرمانِ..
أعودُ إليه.. يومَ الرَّوْعِ
أحضنُه..
وأبني فيه مدرستي..
أُقبل تُربَ والدتي..
وأُعلي فيه مئذنتي..
وأدفنُ فيه أحزاني..
ويحيا فيه إنساني.
________
إستانبول – الأحد
١٠ تشرين الثاني ٢٠١٩
١٢ ربيع الأول ١٤٤١