الرئيسة \
تقارير \ حسابات تركيا تجاه المواجهة الإيرانية الإسرائيلية
حسابات تركيا تجاه المواجهة الإيرانية الإسرائيلية
17.06.2025
فراس فحام
حسابات تركيا تجاه المواجهة الإيرانية الإسرائيلية
إسطنبول - فراس فحام
المدن
الاثنين 16/6/2025
حتى ما قبل اندلاع المواجهات الأخيرة بين إيران وإسرائيل التي انطلقت في الأسبوع الثاني من شهر حزيران/ يونيو الجاري، بقي التوتر هو السائد في العلاقات التركية الإيرانية من جهة، والعلاقات التركية الإسرائيلية من جهة أخرى، مع محاولات تخفيف حدة التوتر بين أنقرة وتل أبيب فيما بدى أنه استجابة لوساطة قادها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وما إن انطلقت شرارة المواجهة الإيرانية الإسرائيلية بهجمات نفذتها الأخيرة على أراضي إيران، سارعت تركيا إلى إدانة الهجوم الإسرائيلي، رغم كل التوتر بين أنقرة وطهران، والتي وصلت في آذار/ مارس الماضي إلى استدعاء إيران للسفير التركي على خلفية تصريحات صدرت عن هاكان فيدان، لوح فيها بالتعامل مع إيران بالمثل في حال حاولت تعطيل مبادرة إلقاء حزب العمال الكردستاني للسلاح.
ملفات خلافية
كما كانت تتوقع أنقرة، فقد عملت طهران بالفعل على احتفاظ بعض تشكيلات حزب العمال الكردستاني المنتشرة في العراق بالسلاح، لأنها تخشى من تنامي نفوذ تركيا على الساحة العراقية، ومن جهة أخرى لأنها ترغب بالإبقاء على أوراق مقلقة لأنقرة، التي تعتقد طهران أنها تجاوزت مصالحها في الملف السوري بعد سقوط بشار الأسد.
لا يبدو أن طهران مرتاحة للتنسيق الإقليمي المتصاعد بين تركيا والسعودية وقطر، والذي يتحرك بهدوء لتحجيم الدور الإيراني بمباركة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تمارس من جهة أخرى ضغوطاً كبيرة على إيران من أجل تحجيم دورها الإقليمي قبل إنجاز اتفاق نووي جديد.
تنافس تركيا إيران بشكل كبير في الساحة العراقية، واستطاعت خلال عام 2024 زيادة نفوذها شمال العراق بالتنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني الذي يمسك بحكومة إقليم كردستان، ويتعاون مع أنقرة سياسياً وأمنياً ضد حزب العمال الكردستاني المتحالف مع إيران.
تنافس تركي إسرائيلي
مع انحسار النفوذ الإيراني من سوريا بعد سقوط بشار الأسد، اندفعت تركيا التي تمتلك علاقات جيدة جداً مع الإدارة السورية الجديدة للعمل على ملء الفراغ، وسعت إلى تأسيس قواعد عسكرية وسط سوريا وفي منطقة البادية للمشاركة في منع عودة ظهور داعش، بالتالي تقديم بدائل للولايات المتحدة من أجل تسهيل سحب القوات الأميركية من سوريا وإنهاء دعم تنظيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
بالمقابل، طرحت إسرائيل منذ اليوم التالي لفرار الأسد، مشروعاً مضاداً للرؤية التركية في سوريا، يقوم في جوهره على منع عودة سوريا الموحدة من خلال تقوية الأقليات العرقية والدينية وفق ما أعلن عنه وزير الخارجية جدعون ساعر، وكثفت من هجماتها على مواقع تتبع للجيش السوري الجديد، إلى أن تدخلت إدارة ترامب شهر نيسان/ أبريل الفائت، وضغطت على إسرائيل لتقليص انتهاكاتها في سوريا.
إلى وقت قريب، ظلت إسرائيل تؤكد رفضها تأسيس تركيا لأي قواعد جديدة في سوريا، على الرغم من اللقاءات الأمنية التي جمعت الطرفين في أذربيجان من أجل خفض التصعيد في سوريا، الذي وصل إلى مرحلة تشويش الطيران التركي على الإسرائيلي في أجواء شمال سوريا.
تموضع تركيا
اشتركت تركيا في الموقف مع المملكة العربية السعودية وقطر ومصر في إدانة "العدوان" الإسرائيلي على إيران، لكن لا يعني هذا الموقف بالضرورة أن هناك رغبة بالانحياز الواضح لطرف ما على حساب الآخر، وهذا التقارب في الموقف مع دول الخليج تبلور بعد المواجهات في غزة، حيث لم تعد الدول الإقليمية تخفي قلقها من ممارسات حكومة نتنياهو المتطرفة، وبالمقابل لا تستطيع الدول المذكورة أيضاً تجاوز خلافاتها الكبيرة مع إيران.
لا شك أن تركيا قلقة من وجود رغبة إسرائيل بانهيار نظام الحكم الإيراني، لأن مثل هذا السيناريو يفتح الباب أمام ظهور كيانات عرقية في إيران، وبالتالي احتمالية تكرار سيناريو شمال العراق وشمال شرق سوريا في إيران، مما سيزيد من التهديدات الأمنية لتركيا التي تسعى منذ آواخر عام 2024 لإنجاح مبادرة تهدف لإنجاز مصالحة مع المكون الكردي في تركيا، بالتوازي مع إعلان عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح.
تركيا ستكون معنية بعدم تطاير شرار الحرب إلى أراضيها من خلال نشاطات أمنية مضادة بين إيران وإسرائيل، خاصة مع النشاط الأمني الإسرائيلي الواضح على الأراضي الأذربيجانية، كما أنها ستحاول على الأرجح استغلال علاقاتها مع إدارة ترامب من أجل دفعها لوقف المواجهة عند هذا الحد دون تحقيق إسرائيل لنصر كاسح يزيد من نزعتها العدوانية، التي قد تمتد إلى الأراضي السورية، وبشكل يؤثر على الأمن القومي التركي.