الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  حزن الروائيين

حزن الروائيين

26.03.2019
يحيى حاج يحيى




يستطيع الروائي أن يكون شاعرا في صياغته ، وأن يكون فيلسوفا في رؤيته، وأن يكون مصلحا وواعظا في نصائحه،   وأن يكون وأن يكون ....... من خلال الموضوع وتناوله له ويستطيع أن يتحدث عن آلامنا و آمالنا دون أن يستعير آلام الآخرين وآمالهم ويسقطها على واقع مجتمعه !
ويبدو إبداعه من خلال إشعارك وأنت تقرأ مجموعةًَ قصصية ، كأنك تتابع فصول رواية ، كما يبدو في عرضه المعاناة وكأنه ينظر في مرآة نفسك .
استطاع القاص فاضل السباعي أن يصل بالحزن حدا يقربه من الموت الحقيقي بسبب فقدان الإنسان حريته و إنسانيته عندما يؤخذ بالشبهة والمشابهة ويحرم من الأمن والكفاية .
فالخوف يصبح عادة وينقلب إلى مرض كما في قصة ( يقظة بعد سبات طويل) والتهديد بالتسريح من العمل يصبح هاجسا ً وكوابيس تأتي في النوم كما في ( الحلم واليقظة ) . وقد يتنامى الخوف فيهرب الإنسان من الوهم كما في أقصوصة ( الصورة و الاسم ) إذ استطاع أحدهم أن يختفي طويلا مع أنه لم يرتكب ذنبا ً ، وحين قبض عليه خطأ أعطاهم اسما ًمخترعا ً، فإذا صاحب هذا الاسم مطلوب !! فتساءل وهم يجرونه : هل الأسماء كلها مطلوبة !
أما إذا كان صاحب قلم فإن المعاناة تكبر لأنه لا يجد مجالا لنشر فكره ، وحين يهم بالخروج لطبع إنتاجه يُستوقف لأنه خالف الأنظمة . وحتى لو أخطأ مرة و أحب كما في ( رسالة حب صغيرة ) يجد من يتدخل في شؤونه العاطفية من خلال رسائله .
وفي ( هل يعود الطائر إلى الأرض )  يكره الطغيان ويمقت الظلم فإذا سقط بيد غيره أصابته الدهشة والحيرة ؟ فهو لطول عبوديته غير قادر على اتخاذ أي موقف .
ولزيادة الأمر قتامة فقد رمز الكاتب في أكثر أقاصيصه بحروف ، إلى أسماء أبطاله ؛ ليوحي بالجو الذي تعيش فيه شخصياته ولزيادة الإيحاء بالمعاناة فقد صاغ عشر قصص بضمير الغائب وخمسا ً بضمير المتكلم ، فأظهر أن ثلثي الناس يخشون الحديث عن معاناتهم ، وأن الثلث هم الذين يبثون حزنهم بعد أن يطفح الكيل ! والأغلب بعد أن يصل بهم ( الحزن حتى الموت ) وهذا هو اسم مجموعته القصصية .