الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "جنيف" سوري.. والعقدة روسية أميركية

"جنيف" سوري.. والعقدة روسية أميركية

27.02.2017
منار الرشواني


الغد الاردنية
السبت 25/2/2017
مع كل جولة محادثات بشأن الحرب في سورية، يبرز الحديث، إعلامياً على وجه الخصوص كما سياسياً، عن مصير بشار الأسد باعتباره "العقدة" التي تعترض المضي في طريق التسوية. وإذا كان مثل هذا الرأي أو الاعتقاد صحيحاً في المرحلة الأولى من الثورة السورية، فإن الحقائق اليوم تؤكد نقيض ذلك تماماً؛ مصير بشار الأسد لا يمثل عقدة أبداً في مسار أي حل أو تسوية، فلا يعدو أن يكون أكثر من مسألة رمزية لأطراف الصراع كافة.
إذ منذ إحكام إيران ثم روسيا قبضتيهما على نظام الأسد، صار الأخير بالنسبة إلى السوريين الذين خرجوا مطالبين بالكرامة والحرية، محض رمز للاستبداد والفساد اللذين تم الدفاع عنهما بالحديد والنار على حساب سورية كلها؛ شعباً وأرضاً وسيادة. وعلى الطرف الآخر أيضاً، فإن بقاء الأسد لم يعد يتجاوز كونه الفرصة الوحيدة لادعاء النصر من قبل الشبيحة المحليين والعابرين للحدود باسم اليسار والقومية، بعد تعرّوا في دفاعهم عن قتل السوريين من ذرائع "المقاومة والممانعة" و"حماية الدولة السورية"، وحتى "التصدي للمؤامرة الكونية" في ظل استجداء لا ينتهي للتحالف مع الولايات المتحدة في أشد مراحل حكمها يمينية، وكذلك اليمين الأوروبي الفاشي الوثيق الصلة باليمين الإسرائيلي الحاكم.
ما يُفترض أن يكون بدهياً، هو أن "العقدة" الحقيقية للتسوية في سورية، تحديداً منذ التدخل العسكري الروسي المباشر، هو العلاقة الروسية-الأميركية؛ ليس بشأن سورية فقط، بل ربما أبعد منها. وهو ما أعاد التأكيد عليه بشكل واضح، عشية محادثات "جنيف 4" المنعقدة الآن، مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، عندما تساءل أمام مؤتمر ميونخ للأمن، الأسبوع الماضي، عن مدى التزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب البحث عن تسوية سياسية للنزاع في سورية، بقوله "أين هي الولايات المتحدة من كل ذلك؟ لا يمكنني أن أجيبكم، لأنني لا أعرف". وهذا هو السبب الفعلي لتخفيض دي ميستورا ذاته سقف التوقعات من جولة المفاوضات الحالية.
ليس جديداً أبداً أن موسكو تريد إقراراً أميركياً نهائياً بدورها في سورية؛ أياً كان هذا الدور. وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار "تسوية" توافق عليها واشنطن، وتفرضها على حلفائها الإقليميين.
هنا، وعلى الرغم من الاختلاف الذي يبدو جذرياً بين إدارة دونالد ترامب وإدارة باراك أوباما، فإن من القواسم المشتركة النادرة بينهما، كما يظهر، هو عدم استعجالهما التوافق مع روسيا بشأن سورية، ولا سيما في ظل التقاسم الحالي، الذي يبدو كافياً لواشنطن، للسماء والأرض السورية بين أميركا وحلفائها وروسيا وحلفائها، بمن في ذلك إسرائيل. وأهم من ذلك أن الاختلاف بين الإدارتين الأميركيتين في الموقف من إيران، قد يعقّد المسعى الروسي مع إدارة ترامب على الرغم مما يثور حول هذه الإدارة من شكوك بشأن علاقتها بموسكو؛ فهل ستتخلى الأخيرة عن إيران؟ وبشكل أدق وأصح: هل تستطيع روسيا فعلاً تحجيم الدور الإيراني الطائفي في سورية؟
لكن، ماذا لو حُلت العقدة الروسية-الأميركية؛ ما المتوقع لمضمون اتفاقهما "على سورية" (وليس بشأن سورية، وحتماً ليس لأجلها)؟ الدستور السوري "الروسي"، معززاً بتجربة الدستور العراقي "الأميركي"، يكفيان للإجابة: مأساة ممتدة.