الرئيسة \  مشاركات  \  جراحُ السياسة : بعضّها يَجمع .. وبعضُها يفرّق !

جراحُ السياسة : بعضّها يَجمع .. وبعضُها يفرّق !

15.08.2020
عبدالله عيسى السلامة




قال الشاعر:
بُورك الجُرحُ الذي ضَمّ على   شَملهِ ، أشتاتَ شَعبٍ مُغضَبِ !
هذه سياسة العقلاء ! 
قال تعالى : (كلّ حزبٍ  بِما لدَيهم  فرحون) ، وهذه سياسة الحمقى، التي يَنظر كلّ فرد فيها ، وكلّ حزب ، إلى الآخرين ، بمنظار الحقد والثأر والخوف .. قائلاً ، في نفسه ، ولمَن حوله : هذا الفريقُ ، جرحني ذات يوم.. وهذا فيه فلان ، الذي لا أحبّه.. وذاك يقوده  فلان ، الذي لا أثق به !
فما الذي يَجمع الناس ويفرّقهم ؟ أهي السياسات ، التي تُحسب بطرائق مختلفة ؟ أم هي العقول ، التي تَضع للسياسات ، طرائق نافعة للحساب ، تَجمع ولا تفرّق ؟
سياسات : الأنانية ، والمصالح الضيّقة ، والحسابات المرتجَلة .. تفرّق الناس ، وتدفع كلّ فئة منهم ، إلى التقوقع ، والانحباس داخل صناديق ، أو أقفاص ، لايرون العالم، إلا ّمن خلالها ، بعدسات ضيّقة ، لايَرى منها أصحابُها ، إلاّ أنفسَهم ، ومَن يواليهم، ويؤيّدهم ، ويصفّق لهم !
والسياسات الجادّة ، الرشيدة العميقة ، ذات العدسات الواسعة ، التي يرى المرءُ منها العالم ، ومكانَه في العالم ، وحجم مصلحته فيه ، وحجم القوّة التي يحقّق بها مصلحته العاجلة ، ويستشرف مصالحه الآجلة .. هذه هي السياسات ، التي تَصنع أمماً ، عَبرَ أحزاب ، أو قبائل ، أو تحالفات ..! 
وهذه السياسة تحتاج إلى عقول ، كعقل ذلك ، الذي قال عنه الشاعر:
الألمَعيُّ ، الذي يَظنّ بك الظَنّ ؛ كأنْ قد رأى وقد سَمِعا !
وهذه  تحتاج رجالاً ، كالرجال الذين قال عنهم الشاعر:
لايَصلـح الناسُ فوضى، لاسراةَ لهمْ     ولا سَراةَ ، إذا جُهّالهمْ سادُوا
تُهدى الأمورُ بأهلِ الرأي، ماصَلَحتْ     فإنْ تولّتْ، فبالأشرارِ تَنقادُ !